بناء على أنّ بدلية الاستغفار عن الكفارة ما دامية لا دائمية، و لكنه لا وجه له:
أما أولا: فلكونه خلاف إطلاق الأدلة.
و ثانيا: فلأنّه خلاف التسهيل و التيسير الذي بنيت عليه الشريعة، مع ابتناء حق اللَّه تعالى على التخفيف كما هو معلوم، و صرّح به في الجواهر.
و ثالثا: فلأنّ الاستغفار هنا كالاستغفار في سائر الموارد، فكما أنّه فيها
مسقط لأصل الذنب دائما بحيث لا يعود فكذلك في المقام.
إن قيل: نعم، و لكن حيث إنّ وجوب الكفارة لا يكون فوريا فالعجز الذي هو موجب للانتقال إلى الاستغفار يكون كذلك أيضا، مع أنّه روى عمار عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفارة فليستغفر ربه، و ينوي أن لا يعود قبل أن يواقع، ثمَّ ليواقع و قد أجزأ ذلك عنه من الكفارة. فإذا وجد السبيل إلى ما يكفّر يوما من الأيّام فليكفر»4۹.
و الظاهر عدم الفرق بينه و بين سائر الكفارات، مضافا إلى ما حقق في محله من عدم جواز البدار في الأبدال الاضطرارية.
يقال: لا ريب في أنّ وجوب الكفارة موسع كما يأتي في [مسألة ۲۲]، و لكن لا ملازمة بين كون وجوب الكفارة موسعا و كون العجز أيضا كذلك، بل يجوز أن يكون العجز حين إرادة الامتثال علة تامة للانتقال إلى البدل تسهيلا و امتنانا على الأمة و لو حصل التمكن بعده، و يشهد له إطلاق أدلة العجز في الكفارات المرتبة خصوصا مثل موثق ابن عمار عن أبي إبراهيم (عليه السلام):
«سألته عن كفارة اليمين في قوله: «فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام» ما حدّ من لم يجد؟ و إنّ الرجل ليسأل في كفّه و هو يجد؟ فقال (عليه السلام): إذا لم يكن عنده فضل عن قوت عياله فهو ممن لا يجد»٥۰.
فإنّ ظهوره في العجز حين إرادة الامتثال مما لا ينكر، و كذا صحيح ابن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) في حديث الظهار قال: «فإن صام، فأصاب مالا فليمض الذي ابتدأ فيه»٥۱.
و ظهوره في العجز حين إرادة الامتثال واضح أيضا و هو و إن كان معارضا بغيره كخبر ابن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام): «في رجل صام شهرا من كفارة الظهار ثمَّ وجد نسمة قال (عليه السلام): يعتقها و لا يعتد بصومه»٥۲
و لكن يمكن حمل المعارض على الندب جمعا.
و كذا حمل ما تقدم من قوله (عليه السلام) في موثق عمار: «فإذا وجد السبيل إلى ما يكفر يوما من الأيام فليكفر» فإنّه يمكن حمله على الندب أيضا.
و أما قياس المقام على الأبدال الاضطرارية. فهو مخدوش، لظهور الاتفاق على صحة الاستغفار مع عدم التمكن حين الاستغفار عن الخصال.
إنّما الكلام في أنّه لو حصل التمكن بعده هل تجب الكفارة حينئذ؟ و ظاهر إطلاقات أدلة المقام هو السقوط مطلقا إلا ما ورد في الظهار و هو محمول على الندب، و لا وجه للاستصحاب مع هذه الإطلاقات.
إن قيل: كفارة التخيير أو الترتيب مشتملة على حق الناس و لا معنى لسقوط حق الناس بمجرد العجز عنه، و لو فرض السقوط، فهو سقوط ما دامي لا دائمي.
يقال: حق الناس الذي لا يسقط بمجرد العجز إنّما هو الحق الثابت المنجز المستقر، لا ما كان موكولا إلى اختيار المكلف و كان لعجزه و تمكنه دخلا فيه.
فرع: العجز عن خصال الكفارة تارة: دقيّ عقليّ. و أخرى: عرفيّ أبدي. و ثالثة: عرفي بمعنى عدم الزيادة على احتياجاته العرفية حين إرادة الامتثال، و مقتضى الإطلاقات، و سهولة الشريعة كفاية الأخير. و قد اختار ذلك صاحب الجواهر في الكفارات فراجع.
و على ذلك يمكن القول بعدم وجوب الكفارة على من ليس له شيء زائد على مئونة سنته.