قد تعرض الفقهاء في المقام لمن له ولاية البيع، و المراد بها في المعاوضات من له السلطة على المعاوضة و المبادلة شرعا، سواء كان بنفسه لنفسه كولاية كل مالك على ما يتعلق بملكه، أو كان بنفسه على غيره كالأب و الجد و الحاكم الشرعي. أو من غيره على غيره كولاية الوكيل بالنسبة إلى مورد وكالته.
ثمَّ ان الولاية بجميع فروعها و مشتقاتها تتضمن معنى السلطة و الاستيلاء و الأولوية و نحو ذلك، و مقتضى الأصل عدم تعدد الوضع مع إمكان إرجاع جميع ما ذكره أهل اللغة في معاني هذه المادة إلى جامع قريب عرفي، و لو فرض اختلاف بعد ذلك في البين فيصح أن يكون ذلك من اختلاف دواعي الاستعمال في الجامع القريب العرفي، هذا في جملة كثيرة مما ذكر في معاني هذه المادة. و أما في جملة منها فلا بد من القول بالاشتراك اللفظي و لا مجال للبحث عن أكثر من هذا، و لا بد من بيان أمور.
الأول:، مقتضى الأصل العملي و الأدلة الاجتهادية، مثل قوله عليه السّلام: «لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيب نفسه»۱، و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «الطلاق بيد من أخذ بالساق»۲، و أدلة سائر المسببات المتوقفة على أسباب خاصة عدم الولاية لأحد على أحد في نفسه أو ماله أو عرضه إلا بدليل قطعي صريح، و هذا الأصل نظير أصالة عدم الحجية و الاعتبار التي أثبتوها بالأدلة الأربعة، بل الشك في ثبوت الولاية يكفي في عدم ثبوتها.
الثاني: الولاية إما ذاتية عامة تكوينية و تشريعية معا فوق ما نتعقله من معنى الولاية، و هي مختصة بالقيوم المطلق على كل شيء و هو اللّه جل جلاله بإجماع جميع الأنبياء و المرسلين و الفقهاء و الحكماء المتألهين و العرفاء الشامخين، بل جميع المليين من الناس أجمعين، و قد اثبت ذلك جميع علماء الملل و أديان السماوية بأدلة عقلية و نقلية، و لا معنى للقيوم الذي هو أم الأسماء الإلهية إلا هذا و التفصيل يطلب من غير المقام.
و أما غيرية إفاضية، و هي مختصة بإفاضة اللّه تعالى على من يشاء من عباده بما يشاء كيفية و كمية، تكوينية كانت أو تشريعية و هي مختصة بالأنبياء و المرسلين و في رأسهم سيدنا خاتم الأنبياء صلّى اللّه عليه و آله و خلفائه المعصومين عليهم السّلام، فقد أفاض لهم اللّه تعالى من الولايتين بما شاء و أراد عز و جل، و طريق إثبات ذلك ما تواتر عنهم من المعاجز في التكوينيات و بيان الأحكام في التشريعيات مع أن هذا البحث ساقط عن أصله، لأن وجوب إطاعتهم في التشريعيات من الضروريات، و كذا وجوب الاعتقاد بقدرتهم على الاعجاز في الجملة، و لا دليل من عقل أو نقل على وجوب الاعتقاد بأكثر من ذلك حتى تترتب على البحث ثمرة عملية و يصرف الوقت فيما ليست فيه ثمرة عملية بل و لا علمية.
الثالث: دلت الأدلة الأربعة على أن النبي صلّى اللّه عليه و آله أولى بأمته من أنفسهم.
فمن الكتاب: قوله تعالى النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ۳.
و من السنة: ما استفاض عنه صلّى اللّه عليه و آله من طرق الفريقين «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه»4، و ما يقرب من هذا التعبير.
و من الإجماع: إجماع جميع المسلمين.
و من العقل: انه صلّى اللّه عليه و آله أعلمهم بمصالحهم و مفاسدهم شخصيا و نوعيا، و لا يرضى لهم إلا بما فيه صلاحهم و نجاحهم، بخلاف نفس الإنسان حيث إنه قد يرد نفسه في مهالك عظيمة في الدنيا و الآخرة، و لا اختصاص لهذه الأولوية بنبينا الأعظم، بل كل نبي أولى بأمته من نفوسهم، بل يجري ذلك في العالم الرباني الداعي إلى اللّه و الحاكي قولا و عملا عنه تعالى فهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم فضلا عن النبي المعصوم المؤيد بالتأييدات السماوية فما معنى هذه الأولوية التي تطابقت عليها الأدلة؟! فهل المراد بها التسلط المطلق على نفوس الناس و أعراضهم و أموالهم بكل ما شاء و أراد، فيجوز له أن يستخدم الناس جبرا عليهم بلا أجرة المثل، و ان ينكح المرأة المزوجة قهرا على زوجها، و إن ينكح الفتاة البكر بدون اذن منها و من وليها، و إن يأخذ أموال الناس بلا إذنهم و رضائهم؟!! حاشا أنبياء اللّه و سيدهم عن هذه الأولوية التي تستنكرها الطباع و تنفر عنها النفوس، بل لا يليق باللّه تعالى أن يرضى بهذه الأولوية لخاتم أنبيائه و لسفرائه، و قد روى عنه صلّى اللّه عليه و آله الفريقان: «من ترك مالا فلورثته، و من ترك دينا أو ضياعا فعلي و إليّ»٥، و قال أبو الحسن عليه السّلام: «فصار صلّى اللّه عليه و آله بذلك أولى بالمؤمنين من أنفسهم»٦، فالمراد بهذه الأولوية ولاية العناية و التدبير و الإصلاح مع حفظ جميع القوانين العقلية و الشرعية بواجباتها و محرماتها و مندوباتها و مكروهاتها و مباحاتها، فأصل جعل الأولوية انما يكون لحفظ القوانين و تنظيمها كما يقال الطبيب أولى بالمريض من نفسه، و المعلم أولى بالمتعلم من نفسه، و المعمار المهندس الخبير أولى بهندسة الدار من صاحبها، إلى غير ذلك مما هو شائع كثير و هذه الأولوية فطرية عقلية لا أن يكون من التعبديات الشرعية، فالحكم بها مطباق للعقول السليمة و الفطرة المستقيمة.
نعم، لو تصرف المعصوم عليه السّلام في مال أحد، أو في نفسه، أو في عرضه يكشف ذلك عن وجود مجوز شرعي في البين و ان كنا لا نعلمه.
انما الكلام انه مع إحراز عدم المجوز الشرعي في البين بوجه من الوجوه هل لهم الولاية على التصرف أيضا أولا؟ و حيث ان المسألة غير ابتلائية لا وجه للتفصيل بل لعل بعض التفصيلات من سوء الأدب. و تظهر الثمرة فيما إذا قلنا بثبوت هذه الولاية للفقيه أيضا و لكنه لا ثمرة له أيضا، لأنه على فرض ثبوت هذه الولاية له ما لم يقطع بمجوز شرعي لا يتصرف، فلا ثمرة في البين أصلا.
ان قيل: فما معنى ما ورد من الأرض كلها لهم۷، و الناس عبيد لهم و هذا ينافي ما قلت في معنى الأولوية.
يقال: معنى مملوكية الأرض، و كذا الناس لا بد اما ان يراد المملوكية من سنخ مملوكية الموجودات للّه تعالى و مالكيته لما سواه التي لا تنافي الملكية الإضافية للناس بالنسبة إلى ما يملكون، أو يراد بها الأنفال و المراد بمملوكية الناس ملك الطاعة لا ملك الذات كما فسرت به في بعض الروايات۸، و قد أشرنا إلى بعض ذلك في كتاب الخمس فراجع.
فتلخص: أن الأولوية التدبيرية للناس ثابتة للنبي صلّى اللّه عليه و آله و خلفائه المعصومين بالأدلة الأربعة في جميع ما له دخل في الإسلام حدوثا و بقاء نوعيا، و شخصيا للمسلمين دعوة إلى الإسلام و بيانا للأحكام و إنفاذا لها، و عقوبة على تركها، و تنظيما للبلاد، و بث ما هو صلاح العباد في شؤونهم الاجتماعية و الشخصية، و لا معنى للحكومة الإلهية التي بعث بها النبي صلّى اللّه عليه و آله إلا ذلك و في كل ذلك يكون النبي صلّى اللّه عليه و آله و خلفائه المعصومون أولى بالمؤمنين من أنفسهم لفرض انه يختار في جميع ذلك ما هو الأصلح لهم في دينهم و في دنياهم.
ثمَّ إنه لا ريب في وجوب إطاعة النبي صلّى اللّه عليه و آله و الإمام فيما يبلغ عن اللّه تعالى لاستقلال العقل بوجوب اطاعته تعالى من باب وجوب شكر المنعم.
و أما لو كان أمر النبي صلّى اللّه عليه و آله أو الإمام شخصيا بحيث لا يرجع إلى اللّه تعالى فهل تجب الإطاعة أيضا؟ الظاهر ذلك لكونهم وسائط الفيوضات المعنوية و الظاهرية فتشملهم ما دل على وجوب شكر المنعم، و لكن يظهر من الآية الكريمة قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى۹، إنهم أسقطوا حقوقهم فلا تبقى ثمرة مهمة لهذا البحث أصلا.
الرابع: لا ريب في ان للفقيه الجامع للشرائط منصب الفتوى فيما يحتاج إليه العامي، و منصب فصل الخصومة بما يراه حقا في المرافعات و الدليل عليه- مضافا إلى ما تعرضنا له من الأخبار في الاجتهاد و التقليد و القضاء- ما ارتكز في الأذهان من الرجوع إلى أهل الخبرة، و لا ريب في انه من أهل الخبرة و لذا لا اختصاص لثبوت المنصبين بعلماء دين الإسلام، بل هما ثابتتان لعلماء جميع الأديان عند المتدينين بها، لما مر من الارتكاز في نفوسهم و حكم فطرتهم بذلك.
و هل يثبت للفقيه الجامع للشرائط ما ثبت للمعصوم عليه السّلام من الولاية على المسلمين في جميع ما له دخل في شؤونهم الإسلامية مما تقدم التعرض لبعضه، أو ليس له إلا منصبي الإفتاء و القضاء؟ قولان و الظاهر ان هذه النزاع على طوله و تفصيله صغروي لا ان يكون كبرويا كما يظهر من أدلة الطرفين و النقض و الإبرام الوارد منهم في البين، لأن المراد بالفقيه الذي يكون مورد البحث في المقام من استجمع ما ذكرناه من الصفات في كتاب الجهاد۱۰، و ما سنشير إلى بعضها في كتاب القضاء، فإذا وجد من اتصف بتلك الصفات تنطبق عليه الولاية المطلقة قهرا شاء أو لم يشاء.
و بعبارة أخرى لو تحقق ما تقدم من الصفات في شخص يصير كأنه الإمام عليه السّلام بعد استقرار إمامته الظاهرية، و لا يكفى تحقق بعض ما سبق من الصفات لثبوت مثل هذا الولاية فلمجموعها من حيث المجموع دخل في تحققها.
نعم، مع وجود بعضها و تيسر الأسباب يجوز له التصدي فيما تيسر، بل قد يجب ذلك و لكن لا ربط له بالولاية المطلقة التي هي مورد البحث، فجواز التصدي أو وجوبه أعم مما يبحث عنه في المقام، و مقتضى الأصل عدم هذه الولاية المبحوثة عنها إلا في المتيقن من مورد ثبوتها و هو الذي قلناه و يتم مقام الإثبات قهرا بعد ثبوت المقتضى و فقد المانع، و ليس لمثل صاحب الحدائق قصر ولاية مثل هذا الشخص على خصوص الإفتاء و القضاء فإنه خلاف ما يرتضيه الناس بالنسبة إليه.
ثمَّ إنه قد استدل على ثبوت الولاية له بوجوه.
الأول: أن تنظيم تلك الأمور التي تكون مورد الولاية العامة و الخلافة العظمى مطلوب للّه تعالى إلى يوم القيامة أو لا؟
و الثاني باطل: لما ورد الأمر بها و الترغيب و التحريض إليها، و على الأول أما أن يكون المنقمص لها كل من استولى عليها و لو من الظلمة و هو باطل بالضرورة، أو يكون هو شخص خاص ذات منصبي الإفتاء و القضاء و هذا هو المتعين و هو المطلوب.
الثاني: أن ما ثبت للنبي صلّى اللّه عليه و آله و الإمام عليه السّلام من حيث الزعامة الكبرى و الزعيم الديني من الأمور الفطرية التي يرجع فيها كل ذي ملة و نحلة إلى رئيسهم الدين فهذه سيرة عقلائية في جميع الأعصار و الدهور و هي متبعة في الشريعة الإسلامية إلا مع وجود دليل خاص على الردع و لا رادع عنها في البين، فتشملها إطلاقات الأدلة و عموماتها.
و أشكل عليه. تارة: بأصالة عدم الولاية و عدم ترتب الأثر.
و أخرى: بأن بعض تلك الأمور منوط بولاية غيره كمورد ولاية الأب و الجد. أو بنظر غيره لكونه أبصر بها منه كما هو معلوم في جملة كثيرة من العرفيات.
و الكل باطل. أما الأولى: فلأنه لا وجه للأصل مع السيرة القطعية و إن غصب جملة من مواردها الظلمة و الكل يعترفون بأنهم غصبوا المنصب.
و أما الثانية: فلأن تلك الموارد خرجت بالدليل و لا منافاة بينه و بين أصل السيرة العامة، لأنها كالعام يصلح للتخصيص.
و أما الأخير فلأن لهذا الزعيم الروحي بصراء و خبراء يصدرون عن رأيه و أمره و لا منافاة بين الزعامة الكبرى و مثل هذه الأمور كما هو واضح.
الثالث: ما ثبت للإمام عليه السّلام من الولاية إنما هو لأجل كونه ملجأ الخلق و ملاذهم و مرجع شؤونهم الدينية، و لا موضوعية للعصمة من حيث هي في ذلك كله و إنما هي بالنسبة إلى هذه الأمور طريقية للاستيمان و وضع الأشياء في مواضعها و ان كانت معتبرة من حيث الموضوعية في الإمامة، فللعصمة حيثيتان حيثية كونها من أعلى كمالات النفس الإنسانية، و حيثية كونها موجبا لتنظيم الأمور على طبق الوظيفة الشرعية و موجبا سكون النفس إليها، و الجهة الأخيرة هي مناط الولاية و هذه الحيثية موجودة في الفقيه العدل الجامع للشرائط المخالف لهواه فيثبت له ما كان لهم عليهم السّلام من الولاية أيضا.
الرابع: بعد سد باب ولاية الجور و الظلم بالكلية، فإن انسد باب ولاية الفقيه الجامع للشرائط يكون تضييقا على الشيعة و أي تضييق أشد منه.
الخامس: ان أمير المؤمنين عليه السّلام أعطى مثل هذه الولاية لمحمد ابن أبي بكر و مالك الأشتر، و لا ريب في أن الفقيه الجامع للشرائط أرفع منهما قدرا و أجل شأنا فلا بد من ثبوتها له بالفحوى، قال صاحب الجواهر في كتاب الزكاة و نعم ما قال: «إطلاق أدلة حكومته خصوصا رواية النصب التي وردت عن صاحب الأمر روحي له الفداء يصيّره من أولى الأمر الذي أوجب اللّه علينا طاعتهم.
نعم، من المعلوم اختصاصه بكل ماله في الشرع مدخلية حكما أو موضوعا.
و دعوى: اختصاص ولاية بالأحكام الشرعية يدفعها معلومية كثير من الأمور التي لا ترجع إلى الأحكام، كحفظه لمال الأطفال و المجانين و الغائبين و غير ذلك مما هو محرر في محله، و يمكن تحصيل الإجماع عليه من الفقهاء فإنهم لا يزالون يذكرون ولايته في مقامات عديدة لا دليل عليها سوى الإطلاق الذي ذكرناه المؤيد بمسيس الحاجة إلى ذلك أشد من مسيسها في الأحكام الشرعية»، و قال في كتاب الخمس أيضا ما يقرب منه.
السادس: ان عقيدة الإمامية ان الفقيه الجامع للشرائط يقوم مقام الإمام في كل ماله من المناصب و الجهات إلا مختصات الإمامة كالعصمة و نحوها.
السابع: إطلاقات الأدلة الواردة لتقرير مرتكزات الناس مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله:
«اللهم ارحم خلفائي ثلاثا قيل و من خلفاؤك يا رسول اللّه؟ قال الذين يأتون بعدي و يروون حديثي و سنتي»۱۱، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «ان العلماء أمناء»۱۲، و قوله عليه السّلام: «مجاري الأمور بيد العلماء الامناء باللّه على حلاله و حرامه»۱۳، و قوله عليه السّلام: «فإني قد جعلته عليكم حاكما»۱4، و قوله عليه السّلام: «فإني قد جعلته عليكم قاضيا»۱٥، و قول الحجة: «فإنهم حجتي عليكم و أنا حجة اللّه»۱٦، و قوله (عجّل اللّه فرجه الشريف): «أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواه أحاديثنا»۱۷ إلى غير ذلك مما ورد عنهم، فأن المنساق من إطلاق الخلفاء و الامناء و الحجة و الرجوع في الحوادث الواقعة إنما هو التنزيل منزلة النفس من كل جهة إلا ما خرج بالدليل.
و احتمال ان المراد خصوص بيان الأحكام و فصل الخصومة. مخالف لهذا الاهتمام البليغ الذي اهتم به الأئمة عليهم السّلام، و بالجملة الفطرة تحكم بأنه إذا انقطع يد الرئيس عن رعيته ظاهرا و جعل شخصا نائبا منابه تعم النيابة جميع ما للرئيس من الجهات و المناصب إلا ما دل الدليل على التخصيص و الخروج.
ان قيل: ان الدليل على التخصيص أصالة عدم الولاية و الحجية إلا في المتيقن و هو الإفتاء و الحكومة.
يقال: لا وجه للأخذ بالمتيقن مع ظهور الإطلاق و ما تقدم من الأدلة.
نعم، لو بني على التشكيك، لنا ان نشكك حتى في الضروريات، و لم أر تشكيك في الإطلاقات في كلمات القدماء فيما تفحصت عاجلا و إنما حدث ذلك عن بعض متأخر المتأخرين.
و لكن مع ذلك كله موارد تشخيص الولاية في غير المتقين منها في هذه الازمان مشكل جدا فلا بد من التأمل التام. و حيث لا ثمرة في البحث فلا وجه للتفصيل بأكثر من ذلك لأن هذه الولاية الكلية منوطة ببسط اليد من كل جهة و هو كان مفقودا في إمام الأصل عليه السّلام فضلا عن نائبه.
نعم، فيما يتمكن منه و تبسط يده فيه فله الولاية إن كان نظره ثبوتها له.
الخامس: التصرف في الأمور.
تارة: تكليف مباشري للرئيس.
و أخرى: منوط بإذنه من أي شخص صدر.
و ثالثة: تكليف شخصي بالنسبة إلى كل أحد.
و رابعة: يشك في انه من أي الأقسام و لا إشكال في حكم غير الأخير منها إما هو فإن كان من المصالح و لم تكن فيه مفسدة يجوز لكل أحد تصديه، لإطلاق قوله تعالى فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ*۱۸، و قوله عليه السّلام: «كل معروف صدقة»۱۹، و قوله عليه السّلام: «اللّه في عون المؤمن ما دام المؤمن في عون أخيه»۲۰، إلى غير ذلك من الأدلة المرغبة إلى مثل هذه الأمور، و إن كانت فيه مفسدة فلا بد فيه من مراجعة الحاكم الشرعي.
السادس: ما كان منوطا بإذن الفقيه و نظره و لم يكن فقيه في البين يجوز للمؤمنين القيام به، لفرض أن أصله مطلوب و مرغوب إليه من الشارع و القطع ببقاء التكليف و عدم سقوطه، و الإذن فيه من الفقيه شرط اختياري و يسقط مع عدم التمكن منه و تفصيل المقام سيأتي في ضمن المسائل الآتية.