البحث في هذه المسألة.
تارة: بحسب الأصل.
و أخرى: بحسب الإطلاقات، و العمومات.
و ثالثة: بحسب الأدلة الخاصة.
أما الأولى: فيكفي أصالة عدم اعتبار شيء، و عدم اشتراط لفظ خاص بعد كون اللفظ الصادر مفيدا للمعنى المقصود، كما أوضحناه غير مرة في الإيقاعات و العقود13، فلا مجرى لاستصحاب بقاء النكاح ما لم يجمع بين اللفظين،
لوجود الإطلاقات، و العمومات في البين، و هي حاكمة على الاستصحاب كما ثبت في محله.
و أما الثانية: فمقتضى الإطلاقات، و العمومات- كما مر- كفاية اللفظ المفيد للمعنى، لصدق الإطلاق و العموم قهرا على اللفظ الظاهر في المعنى المفهوم، الذي هو الخلع فيقول: «خلعتك»، و لا يعتبر أزيد من ذلك في اعتبار الكلام عند الخاص و العام.
و أما الأخير: فمقتضى النصوص المستفيضة كفاية الخلع عن الطلاق.
منها: قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «عدة المختلعة عدة المطلّقة و خلعها طلاقها، و هي تجزي من غير أن يسمّى طلاقا»14، و هو صحيح سندا، و صريح متنا، و حمله على التقية مخالف للأصل من غير دليل يدل عليه.
و منها: صحيح ابن بزيع قال: «سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن المرأة تبارئ زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع، هل تبين منه بذلك، أو هي امرأته ما لم يتبعها بالطلاق؟ فقال: تبين منه و إن شاءت أن يرد إليها ما أخذ منها و تكون امرأته فعلت، فقلت: إنه قد روي أنه لا تبين منه حتى يتبعها بطلاق، قال عليه السّلام: ليس ذلك إذا خلعا، فقلت: تبين منه؟ قال: نعم»15.
و منها: صحيح سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام: «قلت له: أرأيت إن هو طلّقها بعد ما خلعها، أ يجوز؟ قال عليه السّلام: و لم يطلّقها و قد كفاه الخلع؟ و لو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقها»16.
و منها: صحيح محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام: «المختلعة التي تقول لزوجها: اخلعني و أنا أعطيتك ما أخذت منك، فقال: لا يحل له أن يأخذ منها شيئا حتى تقول: و اللّه لا أبر لك قسما و لا أطيع لك أمرا و لآذنن في بيتك بغير إذنك و لأوطئن فراشك غيرك، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلّمها حل له ما أخذ منها، و كانت تطليقة بغير طلاق يتبعها، و كانت بائنا بذلك، و كان خاطبا من
الخطاب»17، إلى غير ذلك من النصوص، و فيها الصحاح كما مر.
و لكن في خبر موسى قال: «قال علي عليه السّلام: المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في العدة»18، و هذا الحديث ضعيف سندا، و مهجور عند الأصحاب لم ينسب العمل به، إلا إلى الشيخ و ابني زهرة و إدريس. إذا فالصحيح وقوع الخلع بكل من لفظي الخلع و الطلاق مجردا كل منهما عن الآخر أو منضما.