(مسألة ۱): الخلع: هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها (۱)، فهو قسم من الطلاق. و يعتبر فيه جميع شروط الطلاق المتقدمة (۲)، و يزيد عليها بأنه يعتبر فيه كراهة الزوجة لزوجها خاصة (۳)، فإن كانت الكراهة من الطرفين كان مباراة (٤)، و إن كان من طرف الزوج خاصة لم يكن خلعا و لا مباراة (٥).

مادة [خ ل ع‏] تأتي بمعنى النزع لغة و عرفا و شرعا، حيث إن كل واحد من الزوجين لباس للآخر، كما في الكتاب الكريم قال تعالى‏ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ‏1، و ذكرنا في التفسير ما يتعلق بهذا التعبير القرآني‏2 فكأن الزوجة تنتزع هذا اللباس من نفسها بسؤالها الطلاق، فليس المعنى الشرعي مخالفا للمعنى اللغوي و العرفي، بل الجامع القريب واحد بينهما، و المخالعة تستعمل بينهما لأجل هذه الجهة.

و الخلع اسم مصدر، و المصدر بالفتح كالغسل و الغسل.

ثمَّ إن الطلاق باعتبار الكراهة بين الزوجين على أقسام:

الأول‏: أن تكون الكراهة الموجبة له من الزوج فقط، و هو الطلاق المعهود المعروف الذي مر أحكامه و شرائطه.

الثاني‏: ما إذا كانت الكراهة من الزوجة فتفدى فداء لتخلع نفسها عن زوجها، و هذا هو المسمّى بالخلع كما مر.

الثالث‏: ما إذا كانت الكراهة من الطرفين، و هذا هو المسمّى بالمباراة، فيبرأ كل منهما عن الآخر مع بذل فدية منها لذلك على ما يأتي التفصيل.

و هو الحق كما هو المشهور المنصور، و قد عرف بتعاريف أخرى ذكرها الفقهاء في المطولات.

و يدل على شرعيته الكتاب المبين، و إجماع المسلمين، و نصوص كثيرة بين الفريقين قال تعالى‏ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ‏3، و ذكرنا في التفسير في البحث الدلالي للآية الشريفة الوجه في التعبير بالفداء4، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في قصة جميلة بنت عبد اللّه بن أبيّ:

«أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس، و كان يحبها و تبغضه، فقالت: يا رسول اللّه لا أنا و لا ثابت لا يجمع رأسي و رأسه شي‏ء، و اللّه ما أعيب عليه في دين و لا خلق و لكني أكره الكفر في الإسلام ما أطيقه بغضا، إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة، فإذا هو أشدّهم سودا و أقصرهم قامة، و أقبحهم وجها، فنزلت الآية و كان قد أصدقها حديقة، فقال ثابت: يا رسول اللّه مرها فلترد عليّ الحديقة التي أعطيتها [ترد الحديقة] فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما تقولين؟

قالت: نعم و أزيده، فقال صلّى اللّه عليه و آله: لا، حديقته فقط، فاختلعت منه بها، و كان ذلك أول خلع في الإسلام»5.

و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «إذا قالت المرأة لزوجها: جملة لا أطيع لك أمرا، مفسرا و غير مفسر، حلّ له ما أخذ منها، و ليس له عليها رجعة»6 إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي تمر عليك في ضمن البحث.

لفرض أنه فرد من مطلق الطلاق، فتشمله أدلة اعتبار شروطه لا محالة، مضافا إلى الإجماع و النصوص، منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «لا طلاق، و لا خلع، و لا مباراة، و لا خيار، إلا على طهر من غير جماع»7، و عن محمد بن مسلم أيضا في صحيحه: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا اختلاع إلا على طهر من غير جماع»8.

هذا إذا كانت مدخولا بها، غير يائسة، و لا صغيرة، على ما تقدم التفصيل في الطلاق.

و في معتبرة حمران عن الصادق عليه السّلام قال: «لا يكون خلع، و لا تخيير، و لا مباراة، إلا على طهر من المرأة من غير جماع، و شاهدين يعرفان الرجل، و يريان المرأة و يحضران التخيير، و إقرار المرأة أنها على طهر من غير جماع يوم خيّرها»9 إلى غير ذلك من الروايات.

إجماعا، و كتابا- كما تقدم- و سنة، ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «لا يحلّ خلعها حتى تقول لزوجها: و اللّه لا أبر لك قسما، و لا أطيع لك أمرا، و لا اغتسل لك من جنابة، و لأوطئن فراشك، و لآذنن عليك بغير

إذنك، و قد كان الناس يرخصون فيما دون هذا، فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها حل له ما أخذ منها»10، و قريب منه غيره إلى غير ذلك من الروايات كما تقدم بعضها، و سيأتي البحث في تحديد مقدار الكراهة.

للكتاب، و السنة، و الإجماع. أما الكتاب، فظاهر قوله تعالى‏ وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما11. و من السنة قوله عليه السّلام في موثق سماعة: «فيكره كل واحد منهما صاحبه»12

و هو صحيح أيضا للكتاب، و السنة، و الإجماع، و تقدم جملة منها في كتاب الطلاق، فراجع.

(مسألة ۲): الظاهر وقوع الخلع بكل من لفظي الخلع و الطلاق مجردا كل منهما عن الآخر أو منضما (٦)، فبعد ما أنشأت الزوجة بذل الفدية ليخلعها مثلا يجوز أن يقول: (خلعتك على كذا) أو (أنت مختلعة (۷) على كذا) و يكتفي به. أو يتبعه بقوله: (فأنت طالق على كذا) أو يقول (أنت طالق على كذا) و يكتفي به أو يتبعه بقوله: (فأنت مختلعة على كذا) (۸).

البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى‏: بحسب الإطلاقات، و العمومات.

و ثالثة: بحسب الأدلة الخاصة.

أما الأولى: فيكفي أصالة عدم اعتبار شي‏ء، و عدم اشتراط لفظ خاص بعد كون اللفظ الصادر مفيدا للمعنى المقصود، كما أوضحناه غير مرة في الإيقاعات و العقود13، فلا مجرى لاستصحاب بقاء النكاح ما لم يجمع بين اللفظين،

لوجود الإطلاقات، و العمومات في البين، و هي حاكمة على الاستصحاب كما ثبت في محله.

و أما الثانية: فمقتضى الإطلاقات، و العمومات- كما مر- كفاية اللفظ المفيد للمعنى، لصدق الإطلاق و العموم قهرا على اللفظ الظاهر في المعنى المفهوم، الذي هو الخلع فيقول: «خلعتك»، و لا يعتبر أزيد من ذلك في اعتبار الكلام عند الخاص و العام.

و أما الأخير: فمقتضى النصوص المستفيضة كفاية الخلع عن الطلاق.

منها: قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «عدة المختلعة عدة المطلّقة و خلعها طلاقها، و هي تجزي من غير أن يسمّى طلاقا»14، و هو صحيح سندا، و صريح متنا، و حمله على التقية مخالف للأصل من غير دليل يدل عليه.

و منها: صحيح ابن بزيع قال: «سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن المرأة تبارئ زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع، هل تبين منه بذلك، أو هي امرأته ما لم يتبعها بالطلاق؟ فقال: تبين منه و إن شاءت أن يرد إليها ما أخذ منها و تكون امرأته فعلت، فقلت: إنه قد روي أنه لا تبين منه حتى يتبعها بطلاق، قال عليه السّلام: ليس ذلك إذا خلعا، فقلت: تبين منه؟ قال: نعم»15.

و منها: صحيح سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام: «قلت له: أرأيت إن هو طلّقها بعد ما خلعها، أ يجوز؟ قال عليه السّلام: و لم يطلّقها و قد كفاه الخلع؟ و لو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقها»16.

و منها: صحيح محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام: «المختلعة التي تقول لزوجها: اخلعني و أنا أعطيتك ما أخذت منك، فقال: لا يحل له أن يأخذ منها شيئا حتى تقول: و اللّه لا أبر لك قسما و لا أطيع لك أمرا و لآذنن في بيتك بغير إذنك و لأوطئن فراشك غيرك، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلّمها حل له ما أخذ منها، و كانت تطليقة بغير طلاق يتبعها، و كانت بائنا بذلك، و كان خاطبا من‏

الخطاب»17، إلى غير ذلك من النصوص، و فيها الصحاح كما مر.

و لكن في خبر موسى قال: «قال علي عليه السّلام: المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في العدة»18، و هذا الحديث ضعيف سندا، و مهجور عند الأصحاب لم ينسب العمل به، إلا إلى الشيخ و ابني زهرة و إدريس. إذا فالصحيح وقوع الخلع بكل من لفظي الخلع و الطلاق مجردا كل منهما عن الآخر أو منضما.

نسب كسر اللام في (مختلعة) إلى كشف اللثام و فتحها إلى الكفاية، و في الجواهر: «الأولى هو الأولى»، و الوجه في الجميع الإطلاق، و العموم الشاملان لكل منهما. و وجه الأولوية أن اللفظ على الفتح مثل المطلّقة (بالفتح)، و لا يقع الطلاق بالمطلّقة (بالكسر)، فلا يقع بالمختلعة كذلك، و هو احتياط حسن لا بأس به.

كل ذلك لما عرفت من الاجتزاء منضما أو مجردا.

نعم، لا يقع الخلع بالكنايات، مثل: فاسختك أو فاديتك، و غيرهما للإجماع، و لما مر في الطلاق من الأصل و النص.

(مسألة ۳): الخلع و إن كان قسما من الطلاق (۹)، و هو من الإيقاعات إلا أنه يشبه العقود في الاحتياج إلى طرفين و إنشاءين (۱۰)، بذل شي‏ء من طرف الزوجة ليطلّقها الزوج، و إنشاء الطلاق من طرف الزوج بما بذلت (۱۱)، و يقع ذلك على نحوين (۱۲): الأول: أن يقدم البذل من طرفها (۱۳) على أن يطلّقها فيطلّقها على ما بذلت. الثاني: أن يبتدئ الزوج بالطلاق مصرّحا بذكر العوض فتقبل الزوجة بعده (۱٤)، و الأحوط أن يكون الترتيب على النحو الأول، بل هذا الاحتياط لا يترك (۱٥).

للإجماع، و لما تقدم من النصوص، مثل قوله عليه السّلام: «الخلع و المبارأة تطليقة بائن، و هو خاطب من الخطاب»19، و قوله عليه السّلام: «خلعها طلاقها»20، إلى‏

غير ذلك خلافا للشيخ، فقال: إنه فسخ. و يمكن حمل كلامه بالنسبة إلى المهر المعين خارجا الذي تفدي، و إلا فصريح النصوص أنه طلاق كما عرفت.

إجماعا، و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «المختلعة التي تقول لزوجها: اخلعني و أنا أعطيك ما أخذت منك، فقال:

لا يحل له أن يأخذ منها شيئا حتى تقول: و اللّه لا أبرّ لك قسما و لا أطيع لك أمرا و لآذنن في بيتك بغير إذنك، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلّمها حل له ما أخذ منها»21.

و منها: صحيح أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: (إذا خلع الرجل امرأته فهي واحدة بائنة، و هو خاطب من الخطاب، و لا يحل له أن يخلعها حتى تكون هي التي تطلب ذلك منه، من غير أن يضربها، و حتى تقول: لا أبر لك قسما و لا أغتسل لك من جنابة و لأدخلن بيتك من تكره و لأوطئن فراشك و لا أقيم حدود اللّه فإذا كان هذا منها فقد طاب له ما أخذ منها»22.

و تطابقت على هذا المعنى النصوص المتقدمة، و الفتوى.

لصدق طلاق الخلع على القسمين، يشملهما الإطلاق و العموم و الإجماع. و لا ينافيه اشتمال غالب النصوص على الأول، لأن ذلك من باب المثال و الغالب لا التقييد.

و هذا هو المنساق من ظواهر النصوص المتقدمة، و الفتاوى.

لأنه خلع لغة و عرفا و شرعا، فتشمله الأدلة الواردة فيه.

جمودا على ظواهر النصوص، و خروجا عن خلاف من قال ببطلان غيره، و إن كان لا دليل على هذا الجمود من عقل أو نقل بعد كفاية الظهور العرفي في المعنى المقصود.

(مسألة ٤): يعتبر في المختلعة الشرائط العامة (۱٦)، و عدم الحجر عليها (۱۷).

من البلوغ و العقل و الاختيار، لأن الخلع من حيث البذل يجري عليه أحكام المعاوضة، و إن كان من حيث الطلاق إيقاعا.

لأن طلاق الخلع من حيث ذات الطلاق و إن كان إيقاعا و هو قائم بالزوج، و لكن من حيث بذل الفدية يجري عليه حكم العقد، فيعتبر فيه عدم الحجر على تفصيل مر في كتاب الحجر23، فلا وجه للإعادة و التكرار.

(مسألة ٥): يعتبر في صحة الخلع عدم الفصل بين إنشاء البذل و الطلاق بما يخل بالفورية العرفية (۱۸)، فلو أخل بها بطل الخلع (۱۹)، و لم يستحق الزوج العوض (۲۰)، و لكن لم يبطل الطلاق (۲۱)، و وقع رجعيا مع فرض اجتماع شرائطه، و إلا كان بائنا (۲۲).

للإجماع على اعتبار الفورية العرفية في المعاوضات، و المفروض أن المقام منها من هذه الجهة.

لتركب الخلع من جهتين، جهة المعاوضة و جهة الطلاق، فتبطل الجهة الأولى لفقد شرطها، و تبقى الجهة الثانية بحالها.

لأن ذلك من لوازم بطلان الخلع، كما هو واضح.

للأصل، و الإطلاق- كما مر- و انحلال الموضوع إلى أمرين: أحدهما أخذ العوض، و الثاني الطلاق، فيكون من تعدد المطلوب، و في مثله لا يستلزم بطلان الأول بطلان الثاني.

نعم، لو أحرز التقييد الحقيقي و وحدة المطلوب بأن يكون إنشاء الطلاق مقيد بصحة العوض، لا وجه حينئذ لصحة الطلاق. و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات.

لتحقق المقتضي- و هو اجتماع شرائط الطلاق الرجعي أو البائن- و فقد المانع، فلا بد من ترتب الأثر، إلا إذا كان إنشاء الطلاق مقيدا لصحة الطلاق كما تقدم.

(مسألة ٦): يجوز أن يكون البذل و الطلاق بمباشرة الزوجين أو بتوكيلهما الغير أو بالاختلاف (۲۳)، و يجوز أن يوكّلا شخصا واحدا ليبذل عنها و يطلق عنه (۲٤)، بل الظاهر أنه يجوز لكل منهما أن يوكّل الآخر فيما هو من طرفه، فيكون أصيلا فيما يرجع إليه و وكيلا فيما يرجع إلى الآخر (۲٥).

للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

لما مر في سابقة من الأصل، و الإطلاق، و الاتفاق. و الانصراف هنا لو فرض فهو بدوي لا اعتبار به.

لشمول الإطلاق لهذه الصورة أيضا، و لا عبرة بالانصراف البدوي، كما مر في علم الأصول.

(مسألة ۷): يصح التوكيل في الخلع في جميع ما يتعلق به من شرط العوض و تعيينه و قبضه و إيقاع الطلاق، و من المرأة في جميع ما يتعلق بها من استدعاء الطلاق و تقدير العوض و تسليمه (۲٦).

كل ذلك لإطلاق دليل الوكالة- كما تقدم في كتاب الوكالة- في كل شي‏ء إلا ما خرج بالدليل، و لا دليل على خروج بعض ذلك في المقام، فيشملها إطلاق الدليل بلا كلام.

  1. سورة البقرة: 187.
  2. راجع مواهب الرحمن في تفسير القرآن ج: 3 صفحة: 79 ط- 3 بغداد.
  3. سورة البقرة: 229.
  4. راجع المجلد الرابع من مواهب الرحمن صفحة: 20 ط 2 بيروت.
  5. تفسير الكشاف و الرازي في تفسير آية 229 من سورة البقرة. و راجع تفسيرنا مواهب الرحمن ج: 4 صفحة: 24.
  6. الوسائل باب: 1 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 1.
  7. الوسائل باب: 6 من أبواب الخلع و المبارأة.
  8. الوسائل باب: 6 من أبواب الخلع و المبارأة.
  9. الوسائل باب: 6 من أبواب الخلع و المبارأة.
  10. الوسائل باب: 1 من أبواب الخلع الحديث: 3.
  11. سورة النساء: 35.
  12. الوسائل باب: 8 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 3.
  13. راجع ج: 16 صفحة: 215.
  14. الوسائل باب: 3 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 4.
  15. الوسائل باب: 3 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 9.
  16. الوسائل باب: 3 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 8.
  17. الوسائل باب: 3 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 3.
  18. الوسائل باب: 3 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 1.
  19. الوسائل باب: 5 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 2.
  20. الوسائل باب: 10 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 1.
  21. الوسائل باب: 1 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 4.
  22. الوسائل باب: 1 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 6.
  23. راجع ج: 21 صفحة: 154.
(مسألة ۸): إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجين، فإما أن تبدأ الزوجة و تقول: (بذلت لك- أو أعطيتك- ما عليك من المهر- أو الشي‏ء الفلاني- لتطلّقني) فيقول فورا: (أنت طالق- أو مختلعة «بكسر اللام»- على ما بذلت أو على ما أعطيت) (۲۷)، و إما أن يبتدئ الزوج بعد ما تواطئا على الطلاق بعوض فيقول: (أنت طالق- أو مختلعة- بكذا أو على كذا) فتقول فورا: (قبلت أو رضيت) (۲۸)، و إن وقع من وكيلين يقول وكيل الزوجة مخاطبا لوكيل الزوج: (من قبل موكّلتي فلانة بذلت لموكّلك ما عليه من المهر أو المبلغ الفلاني ليخلعها و ليطلّقها)، فيقول وكيل الزوج فورا: (زوجة موكلي طالق على ما بذلت)، أو يقول: (عن قبل موكّلي خلعت موكّلتك على ما بذلت). و إن وقع من وكيل أحدهما مع الآخر كوكيل الزوجة مع الزوج يقول وكيلها مخاطبا للزوج: (عن قبل موكّلتي فلانة- أو زوجتك- بذلت لك ما عليك من المهر أو الشي‏ء الفلاني على أن تطلقها) فيقول الزوج فورا: (هي- أو زوجتي- طالق على ما بذلت) أو يبتدئ الزوج مخاطبا لوكيلها: (موكّلتك- أو زوجتي- فلانة طالق على كذا) فيقول: (عن قبل موكّلتي قبلت ذلك) و إن وقع ممن كان وكيلا عن الطرفين يقول: (عن قبل موكّلتي فلانة بذلت لموكلي فلان الشي‏ء الفلاني ليطلّقها) ثمَّ يقول فورا: (زوجة موكّلي طالق على ما بذلت) أو يبتدئ من طرف الزوج و يقول: (زوجة موكّلي طالق على الشي‏ء الفلاني) ثمَّ يقول من طرف الزوجة: (عن قبل موكلتي قبلت) (۲۹)، لو فرض أن الزوجة وكّلت الزوج في البذل يقول (عن قبل موكّلتي زوجتي بذلت لنفسي كذا لأطلقها) ثمَّ يقول فورا (هي طالق على ما بذلت) (۳۰).

تقدم أن الخلع و إن كان إيقاعا من حيث إضافته إلى الزوج، لكنه عقد من حيث توقفه على بذل المرأة الفداء و قبول الزوج ذلك، فيترتب عليه أحكام كل منهما، فلا بد من تصدي كل منهما أو وكيلهما لذلك.

لما مر من كونه عقدا، و كل عقد متقوم بالإيجاب و القبول، كما هو معلوم.

لفرض أن الطلاق بيده، و هذا القسم من الطلاق متقوّم بالفدية، فيجري عليه من هذه الجهة حكم العقد، بلا فرق بين تقدم إيجاب المرأة من حيث تقوّمه ببذل الفدية، أو تقدم قول الزوج من حيث تقوّمه بالفدية.

لصحة جريان الوكالة فيها بالنسبة إلى جهة كونه عقدا، و جهة كونه إيقاعا، كما يصح اختلاف الجهة الأولى بأن يكون من أحد الطرفين وكيلا، و الآخر أصيلا. كل ذلك للإطلاق و الاتفاق.

لصحة أن يوكل أحد طرفي العقد الآخر في إنشائه.

(مسألة ۹): يعتبر في الوكيل الشرائط العامة (۳۱).

لما مر في كتاب الوكالة من اعتبارها في كل عاقد مطلقا، سواء كان أصيلا أم وكيلا على تفصيل تقدم هناك.

(مسألة ۱۰): يعتبر في إنشائها للبذل تحقق قصدها به (۳۲).

لما تقدم في كتاب البيع من تقوّم العقود بقصد الإنشاء، كما يعتبر فيه جميع ما مر فيها، من اعتبار الجزم، و عدم التعليق، و نحوهما.

(مسألة ۱۱): يجوز أن يكون البذل من طرف الزوجة باستدعائه الطلاق (۳۳) من الزوج بعوض معلوم بأن تقول له: (طلقني أو اخلعني بكذا) فيقول فورا: (أنت طالق أو مختلعة بكذا) فيتم الخلع (۳٤)، و الأحوط اتباعه بالقبول منها (۳٥) بأن تقول بعد ذلك (قبلت).

للإطلاق، و الاتفاق، و ظواهر النصوص المتقدمة.

أما اعتبار الفورية، فلظهور اتفاقهم على جريان حكم المعاوضة عليه، و تقدم اعتبار الفورية فيها، فتعتبر في المقام أيضا، و يشهد للمعاوضة قول علي عليه السّلام: «لكل مطلّقة متعة، إلا المختلعة فإنها اشترت نفسها»1.

و أما تمامية الخلع حينئذ، فلوجود المقتضي و فقد المانع، فلا بد من ترتب الأثر حينئذ.

جمودا على كونه من المعاوضة، و هي تحتاج إلى القبول، فالمقام يكون كذلك.

و فيه: أنه يمكن أن يكون إنشاؤها بمنزلة القبول المقدم على ما هو بمنزلة الإيجاب، و تقدم في محله‏2 جواز التقديم، خصوصا إذا لم يكن بلفظ القبول.

(مسألة ۱۲): يشترط في تحقق الخلع بذل الفداء عوضا عن الطلاق (۳٦)، و يجوز الفداء بكل متمول من عين أو دين أو منفعة قلّ أو كثر (۳۷). و إن زاد عن المهر المسمّى (۳۸)، فإن كان عينا حاضرة يكفي فيها المشاهدة (۳۹)، و إن كان كليا في الذمة أو غائبا ذكر جنسه و وصفه و قدره (٤۰)، فلو جعل الفداء ألفا و لم يذكر المراد فسد الخلع (٤۱). و يصح جعل الفداء إرضاع ولده لكن مشروطا بتعيين المدة (٤۲) و إذا جعل كليا في ذمتها يجوز جعله حالا و مؤجلا مع تعيين الأجل بما لا إجمال فيه (٤۳).

نصوصا تقدم بعضها، بل ضرورة من الفقه لتقوّم الخلع بذلك، و مع انتفائه فلا موضوع له أصلا، قال أبو جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: (لا يكون) الخلع حتى تقول: لا أطيع لك أمرا، و لا أبر لك قسما، و لا أقيم لك حدا، فخذ مني و طلقني، فإذا قالت فقد حل له أن يخلعها بما تراضيا عليه من قليل أو كثير»3.

للإطلاق، و الاتفاق الشاملين لذلك كله، ففي صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «فإذا قالت ذلك فقد حلّ له أن يأخذ منها جميع ما أعطاها و كل ما قدر عليه مما تعطيه من مالها، فإن تراضيا على ذلك على طهر بشهود، فقد بانت منه بواحدة، و هو خاطب من الخطاب»4، و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «فقد حلّ له أن يخلعها بما تراضيا عليه من قليل أو كثير»5، و عن الصادق عليه السّلام: «حلّ له أن يأخذ منها ما وجد»6، إلى غير ذلك من الروايات الشاملة للمقام.

للأصل، و الاتفاق، و خصوص قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة:

«المبارأة يؤخذ منها دون الصداق، و المختلعة يؤخذ منها ما شئت، أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر»7، و قريب منه غيره كما مر.

كما في عوض كل ما يبذل بإزائه العوض.

للإجماع، و لقطع منشأ النزاع، و ما يوجب إثارة الخصومة، و لا يعتبر أزيد من ذلك مما ذكروه في المعاوضات الحقيقية، للأصل، و الإطلاق، بل الاتفاق على عدم اعتبار تلك الخصوصيات.

لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء الشرط، مضافا إلى ظهور إجماعهم عليه، و المتيقن منه ما إذا لم يرجع إلى التعيين عرفا، و التراضي به مقارنا له، و إلا

فتشمله إطلاقات الصحة، و كذا لو لم تكن قرينة في البين على التعيين.

أما صحة جعل الفداء بالإرضاع، فللأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

و أما التعيين فلدفع موضوع النزاع و الخصومة، و كذا الغرر مهما أمكن، و كذا الكلام في الحضانة.

أما الأول فلإطلاق الأدلة كما تقدم، و أما الأخير فلما مر غير مرة من جريان أحكام العوض عليه، و منها عدم الغرر و الإجمال، بل يصح تعليق الفداء بمجي‏ء الحاج، أو ظهور الثمرة، للأصل و الإطلاقات، بعد الشك في شمول جميع شرائط العوض بالنسبة إلى ذلك.

(مسألة ۱۳): يصح بذل الفداء منها و من وكيلها، بأن يبذل وكالة عنها من مالها الموجود أو من مال في ذمتها (٤٤)، و هل يصح ممن يضمنه في ذمته بإذنها فيرجع إليها بعد البذل بأن تقول لشخص: (اطلب من زوجي أن يطلقني بألف درهم مثلا عليك و بعد ما دفعتها إليه ارجع إليّ) ففعل ذلك و طلّقها الزوج على ذلك؟ وجهان بل قولان لا يخلو أولهما من رجحان (٤٥). نعم، الظاهر أنه لا يصح من المتبرع الذي يبذل من ماله من دون رجوع إليها (٤٦) فلو قالت الزوجة لزوجها: (طلّقني على دار زيد أو ألف في ذمته) فطلّقها على ذلك و قد أذن زيد في ذلك أو أجاز بعد ذلك لم يصح الخلع، و كذا لو وكّلت زيدا على أن يطلب من زوجها أن يطلقها على ذلك فطلقها على ذلك (٤۷).

لشمول إطلاق الأدلة لجميع ذلك.

لصدق الخلع عرفا، فتشمله الإطلاقات قهرا.

و وجه المنع احتمال الانصراف عن هذه الصورة، و لكنه من الانصرافات البدوية غير المعتبرة. أو انه لا بد في المعاوضة من كون العوض من أحد الطرفين فقط لا من الخارج.

و فيه: أنه لم نقل بذلك في المعاوضات الحقيقية. فضلا عن مثل المقام،

الذي ليس منها بل أشبهه بالصلح الإسقاطي. أو لأصالة عدم تحقق الطلاق.

و فيه: أنها صحيحة لو لم تشمله الإطلاقات.

لأصالة بقاء النكاح.

و دعوى: ظهور الأدلة في كون الفداء منها مباشرة أو تسبيبا، و المقام ليس منهما فيبطل.

مخدوشة: بما لا يخفى لتحقق التسبيب إلا أن يكون إجماع معتبر في البين، و هو أول الدعوى.

لفرض أن الفداء وقع من المتبرع في الصورتين، و تقدم بطلانه.

ثمَّ هل يصح الطلاق لو اتبع بالخلع؟ وجهان: من صحة التفكيك بينهما فيصح، و من أن المفروض تبعية الطلاق لما هو فاسد، فيكون باطلا إلا إذا كان بحيث قصد الطلاق مستقلا، و كان الفداء من قبيل الداعي، فلا يضر تخلفه و فساده.

(مسألة ۱٤): إذا قال أبوها: طلقها و أنت برئ من صداقها و كانت بالغة رشيدة فطلّقها صح الطلاق (٤۸) و كان رجعيا (٤۹) و لم تبرأ ذمته بذلك ما لم تبرئ (۵۰)، و لم يلزم عليها الإبراء (۵۱)، و لا يضمنه الأب (۵۲).

لوقوعه عن أهله و في محله، كما هو المفروض من جامعية الطلاق للشرائط و فقد الموانع، و تقدم صحة وقوع الطلاق بلفظ الخلع أيضا.

لأن طلاق الخلع غير متقوم بالعوض في ذاته و حقيقته، بحيث لو بطل العوض لبطل أصل الطلاق كما في المعاوضات الحقيقية، و إن كان الباعث‏

عليه هو العوض لكنه غير المعاوضة الحقيقية، بل المنساق من الروايات كونه رجعيا، فإن ذات طلاق الخلع رجعي، و المانع عن الرجوع البذل، و عدم رجوعها فيه، فإذا انتفى أصل الفداء لا موضوع لكونه بائنا، كما إذا صح الفداء و لكنها رجعت فيه، و لا بد من تقييد ذلك بما إذا كان المورد قابلا للرجعي، و أما إن كان المورد من موارد البائن، فلا وجه لكونه رجعيا حينئذ.

لأصالة بقاء المال في ذمته ما لم يبرئه صاحب المال.

لأصالة عدم وجوب الإبراء عليها.

لأصالة عدم الضمان على الأب، لعدم حصول سببه بوجه من الوجوه.

(مسألة ۱٥): لو جعلت الفداء مال الغير أو ما لا يملكه المسلم- كالخمر- مع العلم بذلك بطل البذل (۵۳) فبطل الخلع و كان الطلاق رجعيا (٥٤)، و أما لو جعلته مال الغير مع الجهل بأنه مال الغير فالمشهور صحة الخلع و ضمانها للمثل أو القيمة (۵۵)، و فيه تأمل (۵۶).

لأنه تصرف في مال الغير، و هو باطل بالأدلة الأربعة كما تقدم في كتاب الغصب، فلا وجه للإعادة هنا، كما أن النقل و الانتقال باطل في الخمر إجماعا، و نصا، كما تقدم في بيع النجس‏8.

أما بطلان الخلع، فلفرض تقوم صحته بصحة الفداء، فلا موضوع لصحة الخلع مع بطلان الفداء.

و أما كون الطلاق رجعيا فلما مر في المسألة السابقة من غير فرق، فلا وجه للتكرار مرة أخرى.

خلاصة ما قالوا في وجه ذلك: أن المقصود كله في الشخصيات إنما هو مالية المال، و ذكر الشخص طريق إليها، بل يمكن أن يكون الشخصية و المالية من باب تعدد المطلوب، فزوال الأولى لا يستلزم زوال الثانية، فإذا امتنع الشخص عقلا أو شرعا ينتقل إلى المالية، و هي المثل أو القيمة لتحقق المالية التي هي المقصود الأصلي فيهما أيضا، فلم ينقص من أصل التعويض الحقيقي شي‏ء فضلا عما هو في معنى التعويض- كما في المقام- و ليس من حقيقته.

لعدم اختصاص الحكم الواقعي بالعلم و الجهل، فإذا كان الضمان بالمثل أو القيمة موافقا للقاعدة على ما قلناه في صورة الجهل، فليكن في صورة العلم أيضا كذلك، مع أنهم لا يقولون به.

(مسألة ۱٦): يشترط في الخلع أن تكون الزوجة كارهة للزوج (۵۷). من دون عكس كما مر (۵۸)، و الأحوط أن تكون الكراهة شديدة بحيث يخاف من قولها أو فعلها أو غيرهما الخروج عن الطاعة و الوقوع في المعصية (۵۹).

إجماعا، و نصوصا، منها ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «المختلعة التي تقول لزوجها: اخلعني و أنا أعطيك ما أخذت منك، فقال:

لا يحل له أن يأخذ منها شيئا حتى تقول: و اللّه لا أبر لك قسما و لا أطيع لك أمرا و لآذنن في بيتك بغير إذنك، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلمها حل له ما أخذ منها»9.

و في موثق سماعة قال: «سألته عن المختلعة؟ قال: لا يحل لزوجها أن يخلعها حتى تقول: لا أبر لك قسما، و لا أقيم حدود اللّه فيك، و لا اغتسل لك من جنابة، و لأوطئن فراشك و أدخلن بيتك من تكره، من غير أن تعلم هذا و لا يتكلمونهم، و تكون هي التي تقول ذلك»10، إلى غير ذلك من الأخبار كما تقدم بعضها.

تقدم في أول كتاب الخلع أن كراهة الزوج لها لا توجب الخلع، و إن أوجبت المبارأة إن كانت الكراهة منها أيضا.

لأصالة عدم ترتب الأثر، و لقوله تعالى‏ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ‏11.

و وجه الترديد احتمال أن تكون الآية المباركة واردة في مقام بيان حكمة التشريع النوعي، لا تحديد موضوع الكراهة منها.

لكنه مشكل، كما يظهر من الأخبار الواردة في بيانها، و قد تقدم بعضها.

ثمَّ إن المدار على الكراهة الشديدة سواء أبرزتها بالقول أو بالفعل، و حيث أن الأخير لا دلالة فيه إلا بأن تفعل المخالفة لزوجها صريحة، فالمدار على تحقق خوف عدم إقامة حدوده تعالى فيما بينهما، سواء علم من قولها أو فعلها أو غيرهما.

(مسألة ۱۷): الظاهر أنه لا فرق بين أن تكون الكراهة المشترطة في الخلع ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج- كقبح منظره و سوء خلقه و فقره و غير ذلك- و بين أن تكون ناشئة من بعض العوارض مثل وجود الضرة و عدم إيفاء الزوج بعض الحقوق المستحبة أو الواجبة كالقسم و النفقة (۶۰). نعم، إن كانت الكراهة و طلب المفارقة من جهة إيذاء الزوج لها بالسب و الشتم و الضرب و نحوها، فتريد تخليص نفسها منه فبذلت شيئا ليطلقها فطلقها لم يتحقق الخلع و حرم عليه ما يأخذه منها (۶۱)، و لكن الطلاق صح رجعيا (۶۲).

كل ذلك لظهور الإطلاق- كما مر- و الاتفاق.

كتابا، و سنة، و إجماعا.

أما الكتاب، فقوله تعالى‏ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ‏12. فنهى جل شأنه عن العضل- أي: الشدة- مع حصول التراضي بينهما.

و أما السنة، فعن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في المعتبر: «و من أجبر بامرأة حتى تفتدي منه نفسها لم يرض اللّه له بعقوبة دون النار، لأن اللّه يغضب للمرأة كما يغضب لليتيم»13. كما ورد عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة»14.

و أما الإجماع، فهو من المسلمين.

أما الصحة، فلوقوعه عن أهله و في محله، فتشمله العمومات و الإطلاقات. و أما كونه رجعيا فلأصالة الرجعة في الطلاق، كما مر في كتاب الطلاق، إلا إذا كان المورد بائنا فيكون بائنا حينئذ.

(مسألة ۱۸): لو طلّقها بعوض مع عدم الكراهة و كون الأخلاق ملتئمة لم يصح الخلع (۶۳)، و لم يملك العوض (۶٤) و لكن صح الطلاق، فإن كان مورده الرجعي كان رجعيا و إلا كان بائنا (۶۵).

لأنه حينئذ من القضايا المنتفية بانتفاء الموضوع، و تقدم أن الخلع متقوم بالكراهة.

لعدم سببية لملكيته، لانحصار السببية في الخلع، و المفروض بطلانه.

لما مر في المسألة السابقة، فلا حاجة إلى التكرار بعد ذلك.

(مسألة ۱۹): طلاق الخلع بائن (۶۶)، لا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة فيما بذلت، و لها الرجوع فيه ما دامت في العدة، فإذا رجعت كان له الرجوع إليها (۶۷).

إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح ابن بزيع عن مولانا الرضا عليه السّلام:

«تبين منه، و إن شاءت أن يرد إليها ما أخذ منها و تكون امرأته فعلت»15.

و عن الصادق عليه السّلام في صحيح عبد اللّه بن سنان: «لا رجعة للزوج على المختلعة و لا على المبارأة إلا أن يبدو للمرأة فيرد عليها ما أخذ منها»16.

و في موثق أبي العباس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أيضا: «المختلعة إن رجعت في شي‏ء من الصلح يقول: لأرجعن في بضعك»17. فيترتب عليه جميع أحكام الطلاق البائن من عدم النفقة و غيره ما لم ترجع كما مر.

إجماعا، و نصوصا تقدم بعضها. ثمَّ إن أقسام الطلاق ثلاثة:

الأول‏: أن يكون الطلاق بائنا مطلقا.

الثاني‏: أن يكون رجعيا كذلك، و تقدم تفصيلهما في أول الطلاق.

الثالث‏: أن يكون بائنا من طرف الزوج، لكنه يصير رجعيا بواسطة رجوع المرأة في الفدية. و هذا هو طلاق الخلع و المبارأة، فهما برزخ بين البائن الفعلي و الرجعي الاقتضائي.

و هل الأصل في الطلاق مطلقا أن يكون رجعيا إلا ما خرج بالدليل أو يكون بالعكس، يمكن أن يقال: إن مقتضى الأصل اللفظي، و هو إطلاق قوله‏

تعالى‏ وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ‏18 بعد صدق الموضوع عرفا، هو الأول، بل يمكن أن يقال إنه مقتضى الأصل العملي أيضا، لأن قطع العلقة بين الزوجين له مراتب مختلفة، و أقل مرتبتها معلومة، و نشك في تحقق المرتبة القصوى- أي:

البائن- فيرجع إلى أصالة عدم تحققها.

إن قيل: إن مقتضى الأصل عدم صحة الرجوع إلا مع إحراز الموضوع، فيكون مقتضى الأصل حينئذ كون الطلاق بائنا.

يقال: موضوع عدم الرجوع، إحراز البينونة المطلقة و انقطاع العصمة، و هو غير محرز، فيكون المقام بالنسبة إلى هذا الأصل من الشك في أصل الموضوع، مضافا إلى أن إطلاق الآية المباركة وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ‏ بعد صدق الموضوع عرفا، يقتضي جواز الرجوع حتى في مورد الشك أيضا.

(مسألة ۲۰): الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بإمكان رجوعه بعد رجوعها (۶۸)، فلو لم يجز له الرجوع كالمطلقة ثلاثا و كما إذا كانت المختلعة ممن ليست لها عدة- كاليائسة و الصغيرة و غير المدخول بها- لم يكن لها الرجوع في البذل (۶۹)، بل لا يبعد عدم صحة رجوعها فيما بذلت مع فرض عدم علمه بذلك إلى انقضاء محل رجوعه، فلو رجعت عند نفسها و لم يطلع عليه الزوج حتى انقضت العدة لا أثر لرجوعها (۷۰).

البحث في المقام من جهتين.

الأولى: هل يختص طلاق الخلع بخصوص الطلاق الرجعي، أو يعم البائن أيضا؟ مقتضى الإطلاق و الاتفاق هو الثاني، فيجري طلاق الخلع في جميع أقسام طلاق البائن أيضا، فلا موضوع للرجعة في كل منهما حينئذ.

الثانية: يستفاد من الأخبار الملازمة بين صحة رجوعها في البذل و صحة رجوعه في النكاح، فلو لم يمكن الثاني لا يصح الأول، مثل ما تقدم من قول مولانا الرضا عليه السّلام في الصحيح: «تبين منه، و إن شاءت أن يرد إليها ما أخذ منها و تكون امرأته فعلت»19، و قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «و إن‏

ارتجعت في شي‏ء مما أعطيتني، فأنا أملك ببضعك»20، مضافا إلى قاعدة نفي الضرر، و الأصل و العرف، و الاعتبار يشهد بذلك أيضا، فيكون رجوعها بالفداء منوطا بإمكان رجوعه إلى النكاح بعد رجوعها إلى الفداء.

لما مر من الملازمة بين صحة الرجوعين.

لأن المنساق من الأدلة الدالة على جواز رجوع الزوج إنما هو صورة بذلها مع التفات الزوج إليه، و مع عدم التفاته إليه لا يبقى موضوع لرجوعه حينئذ.

و توهم: التمسك بالإطلاق.

مخدوش: مع هذا الانسباق من المجموع، و كذا إذا تزوج الزوج بأخت المختلعة، أو كانت رابعة فخلعها و تزوج ببديلها.

(مسألة ۲۱): لو رجعت المرأة إلى الفداء فللزوج حينئذ حق الرجوع كما مر، فهل يصير الطلاق رجعيا بمجرد رجوعها و يترتب عليه آثاره- من وجوب النفقة و التوارث و غيرهما- و إن لم يرجع الزوج إلى النكاح بعد أو لا؟ وجهان الأوجه هو الأول (۷۱).

لما أثبتنا سابقا من أصالة الرجعية في كل طلاق، ما لم يدل دليل على الخروج، و خرج به خصوص زمان عدم رجوعها في الفداء- فما دامت لم ترجع إلى الفداء فهي بائنة- و بقي الباقي تحت هذا الأصل.

و منه: يظهر عدم صحة التمسك باستصحاب إنشاء الطلاق بائنا لعدم إحراز المستصحب بوجه، فإنه كان ما داميا لا دائميا، مع إطلاق قولهم عليهم السّلام في أخبار الخلع كما مر: «و تكون امرأته»، أو «فأنا أملك ببضعك»، إلى غير ذلك من التعبيرات التي يستفاد منها ترتب أحكام الطلاق الرجعي بعد رجوعها و قبل رجوعه، كما هو المفروض و اللّه العالم.

(مسألة ۲۲): لو أنشأ الرجوع جاهلا برجوعها في الفداء فصادف سبق رجوعها صح رجوعه (۷۲).

لفرض وجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الإطلاقات بلا مدافع، و تقدم أنه لا يعتبر في الرجوع قصد عنوانه، بل يكفي قصد ذات الفعل.

(مسألة ۲۳): لو خالعها و شرط الرجوع في الخلع لم يصح (۷۳). و كذا لم يصح الطلاق إن لم يعقبه به (۷٤).

لأن الشرط مخالف للشرع، كما مر من أن طلاق الخلع بائن إلا إذا رجع إلى التعليق في الشرط، بأن يكون مراده إن رجعت فيما بذلت أرجع في النكاح.

لفرض وحدتهما، فبطلان أحدهما يستلزم بطلان الآخر، و أما لو عقبه بالطلاق، فيمكن القول بصحة الطلاق حينئذ للتفكيك بينهما، و إن بطلان الخاص لا يستلزم بطلان أصل العام، كما مر في الأصول.

(مسألة ۲٤): لو اتفقا في الكمية و اختلفا في الجنس أو بالعكس يقدم قول المرأة فيهما مع يمينها (۷۵)، و كذا لو اختلفا في المراد و اتفقا في القدر (۷۶).

لأصالة عدم ثبوت غير ما تدعيها إلا إذا أقام الرجل البينة على دعواه.

و أما اليمين فلأجل قطع الخصومة، مضافا إلى الإجماع.

و احتمال التحالف في البين و إن أمكن بدويا و لكنه لا وجه له، لأن المقام ليس من المعاوضات الحقيقية حتى يجري فيه جميع أحكامها، بل هو إيقاع مشوب بالفداء كما تقدم.

ظهر وجهه مما تقدم.

(مسألة ۲٥): إذا اتفقا في الطلاق و اختلفا في الاختلاع فأنكرته المرأة و ادعاه الرجل، قدّم قول المرأة مع يمينها (۷۷).

لأن قولها موافق للأصل فيقدّم كما مر، و أما اليمين فلأجل قطع النزاع و الخصومة.

(مسألة ۲۶): لو اختلفا في الرجوع فادعى الرجل رجوعها بالفداء و أنكرت يقدّم قولها مع اليمين (۷۸).

لأصالة عدم رجوعها، فلا مورد حينئذ لدعوى الصحة في رجوع الزوج، و أما اليمين فلما مر مضافا إلى الإجماع.

(مسألة ۲۷): يكفي في الكراهة الموجبة للخلع مجرد دعواها ذلك و فداؤها للطلاق و لا يتوقف على إثباتها لدى الحاكم الشرعي (۷۹).

لإطلاقات الأدلة، و عموماتها، و عدم مقيد و مخصص لها في البين، و كون الطلاق مطلقا بيد من أخذ بالساق. فما عن بعض من التوقف لا دليل عليه، و ما ذكروه في وجه لم يثبت من طرقنا.

(مسألة ۲۸): المبارأة قسم من الطلاق (۸۰)، فيعتبر فيها جميع شروطه المتقدمة (۸۱)، و يعتبر فيها ما يشترط في الخلع من الفدية و الكراهة، فهي كالخلع طلاق بعوض ما تبذله المرأة (۸۲). و تقع بلفظ الطلاق مجردا (۸۳) بأن يقول الزوج بعد ما بذلت المرأة له شيئا ليطلّقها: (أنت طالق على ما بذلت) و بلفظ (بارئتك) متبعا بلفظ الطلاق (۸٤) بأن يقول الزوج: (بارئتك على كذا فأنت طالق) و لا يقع بلفظ بارئتك مجردا (۸۵).

لظاهر النص، و الاتفاق، و أن المبارأة بمعنى المفارقة، و هي من الفراق الذي هو الطلاق، فكما أن البيع له أقسام يعمها عنوان البيع كما تقدم، فكذا الطلاق.

للإجماع، و ظاهر النصوص، منها قوله عليه السّلام: «المبارأة تطليقة بائن و ليس فيها رجعة»21، و في صحيح حمران قال: «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يتحدث قال: المبارأة تبين من ساعتها من غير طلاق و لا ميراث بينهما، لأن العصمة منها قد بانت ساعة كان ذلك منها و من الزوج»22، و في صحيح زرارة: «المبارئة بمنزلة المختلعة»23، إلى غير ذلك من النصوص.

للنص، و قد أرسلوا ذلك إرسال المسلّمات الفقهية، كما أرسلوا قولهم «أنها ضرب من الخلع» كذلك أيضا، و يكفي ذلك في حصول الاطمئنان بالحكم كما اكتفوا به، بل المبارأة داخلة في حقيقة الخلع من جهة تحقق الفدية من الزوجة و إن اشتملت على خصوصية زائدة، و هي نفرة الزوج أيضا، و لكنها لا توجب التباين الفردي كما هو واضح.

لفرض أن المبارأة طلاق مع تنافر الزوجين، فيشملها إطلاق ما دل على كفاية الطلاق في تحققها بلا شبهة في البين. و تقدم في الخلع كفاية الطلاق فيه مجردا أيضا، و المبارأة فرد منه، هذا مع ظهور إجماعهم على الحكم في المقام.

للإطلاق، و الاتفاق كما تقدم في الخلع ذلك أيضا.

للإجماع، و لكن ظاهر جملة من النصوص حصول الفرقة و إن لم‏

يتبع بالطلاق، منها قول الصادق عليه السّلام في موثق جميل بن دراج: «المبارأة تكون من غير أن يتبعها الطلاق»24، و منها ما تقدم في صحيح حمران: «المبارأة تبين من ساعتها من غير طلاق»، فلم تخرج المسألة عن التمام، بل زيدت عليها الغمة و الظلام، فمنهم من قدم الإجماع على النص بدعوى الهجران، و منهم من عكس ذلك، و منهم من جعل أصل النزاع لفظيا، فقال: إن من يقول بالاكتفاء، يقول به فيما إذا كان لفظ المبارأة ظاهرا في الطلاق عرفا، فلا بد من الاكتفاء به قهرا لحجية الظهور شرعا. و ما يظهر منه العدم إنما هو فيما إذا لم يكن لفظ المبارأة له الظهور الفعلي في الفراق، فلا بد و أن يتبع حينئذ بالطلاق.

و لكن مقتضى الأصل بقاء الزوجية إلا مع دليل قاطع على الفرقة، و هو ما ادعي عليه الإجماع. و اللّه العالم.

(مسألة ۲۹): المبارأة و إن كانت كالخلع (۸۶) لكنها تفارقه بأمور ثلاثة (۸۷): أحدها: أنها تترتب على كراهة كل من الزوجين لصاحبه (۸۸) بخلاف الخلع فإنه يترتب على كراهة الزوجة خاصة كما مر (۸۹). ثانيها: أنه يشترط فيها أن لا يكون الفداء أكثر من مهرها (۹۰)، بل الأحوط أن يكون أقل منه (۹۱) بخلاف الخلع فإنه فيه على ما تراضيا به ساوى المهر أو زاد عليه أو نقص عنه (۹۲). ثالثها: أنه إذا وقعت بلفظ (بارئت) يجب فيها اتباعه بالطلاق بقوله: (فأنت- أو هي- طالق) (۹۳) بخلاف الخلع، إذ يجوز أن يوقعه بلفظ (الخلع) مجردا كما مر، و إن قيل فيه أيضا بوجوب اتباعه بالطلاق لكن الأقوى خلافه كما مر (۹٤).

لأنها طلاق بالفدية، و الخلع أيضا كذلك، مضافا إلى الإجماع، و إطلاق قول الصادق عليه السّلام في معتبرة داود بن سرحان: «و المختلعة بمنزلة المبارئة»25، و قوله عليه السّلام أيضا: «المبارئة بمنزلة المختلعة»26.

دل عليها أدلة خاصة، و الحصر فيها شرعي استقرائي.

إجماعا، و نصوصا، منها ما عن الصادق عليه السّلام في موثق سماعة: «سألته عن المبارأة كيف هي؟ فقال: يكون للمرأة شي‏ء على زوجها من مهر أو من غيره، و يكون قد أعطاها بعضه، فيكره كل واحد منهما صاحبه، فتقول المرأة لزوجها: ما أخذت منك فهو لي، و ما بقي عليك فهو لك، و أبارئك، فيقول‏

الرجل لها: فإن أنت رجعت في شي‏ء مما تركت فأنا أحق ببضعك»27.

و مر ما يتعلق به من النص و الإجماع‏28.

نسب ذلك إلى المشهور، و استدل عليه بجملة من النصوص، منها قول الصادق عليه السّلام في موثق أبي بصير في حديث المبارأة: «و لا يحلّ لزوجها أن يأخذ منها إلا المهر فما دونه»29، و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام:

«المبارأة يؤخذ منها دون الصداق، و المختلعة يؤخذ منها ما شئت، أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر، و إنما صارت المبارئة يؤخذ منها دون الصداق، و المختلعة يؤخذ منها ما شاء؛ لأن المختلعة تعتدي في الكلام و تكلم بما لا يحلّ لها»30.

نسب ذلك إلى جمع، لقول أبي جعفر فيما مر: «المبارأة يؤخذ منها دون الصداق، و المختلعة يؤخذ منها ما شئت، أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر»، و حيث أنه لا تقاوم قاعدة السلطنة- الثابتة بالعقل و النقل‏31– للمرأة على مهرها تماما أو بعضا، فلا بد من حمله على مطلق الرجحان، و الاحتياط في أخذ الزوج أقل ما دفعته من تمام المهر، كما يحمل صحيح أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «إلا المهر فما دونه»32 على ذلك و اللّه العالم.

) مر ما يتعلق بذلك، فلا وجه للإعادة و التكرار.

للأصل، و ظهور الإجماع، و الاتفاق.

و أما قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح حمران: «المبارأة تبين من ساعتها من غير طلاق و لا ميراث بينهما، لأن العصمة منها قد بانت»33، و مثله غيره محمول على استيناف الطلاق مجددا.

و تقدم ما يتعلق به، فراجع.

(مسألة ۳۰): طلاق المبارأة بائن كالخلع ليس للزوج فيه رجوع إلا أن ترجع الزوجة في الفدية قبل انقضاء العدة، فله الرجوع حينئذ إليها كما تقدم في الخلع (۹۵).

للإجماع، و النصوص في كل ذلك. منها: قول الصادق عليه السّلام في معتبرة جميل بن دراج: «المبارأة تطليقة بائن و ليس فيها رجعة»34، و قوله عليه السّلام: «فيكره كل واحد منهما صاحبه فتقول المرأة لزوجها: ما أخذت منك فهو لي، و ما بقي عليك فهو لك و أبارئك، فيقول الرجل لها: فإن أنت رجعت في شي‏ء مما تركت فأنا أحق ببضعك»35، و تقدم في صحيح حمران عن أبي جعفر عليه السّلام: «المبارأة

تبين من ساعتها من غير طلاق و لا ميراث، لأن العصمة منها قد بانت ساعة كان ذلك منها و من الزوج»36.

(مسألة ۳۱): هل تجري المبارأة في الفسخ فيما إذا كان جائزا أو يختص بالطلاق، وجهان (۹۶)، و كذا في الخلع (۹۷).

من أن كلا من الطلاق و الفداء برضا الطرفين، فيكون مطابقا للقاعدة إعطاء و أخذا إن كان الفداء بعنوان إيجاد الداعي، لإزالة قيد النكاح، و ذلك يتحقق في الفسخ.

و من أن المنساق من الأدلة خصوص الطلاق فقط، ففي مورد الشك يستصحب بقاء النكاح.

يجري فيه ما مر آنفا من غير فرق.

(مسألة ۳۲): تعتد المبارئة و المختلعة حيث شاءت و لا نفقة لها عليه فيها (۹۸)،و يجوز للزوج تزويج أخت كل منهما أو الخامسة (۹۹).

لفرض أن الطلاق بائن، فلا يترتب عليه أحكام الطلاق الرجعي من السكنى و النفقة كما مر.

نعم، لو رجعت إلى الفداء و لم يرجع الزوج ينقلب الطلاق رجعيا، فيلحقه أحكامه، و تعتد حينئذ في بيت زوجها على ما تقدم و تستحق النفقة، و عليه يحمل ما عن الصادق عليه السّلام في موثق أبي بصير: «عدّة المبارئة، و المختلعة، و المخيرة، عدة المطلقة، و يعتددن في بيوت أزواجهن»37، و عنه عليه السّلام أيضا في موثق داود بن سرحان: «المختلعة عدتها عدة المطلقة و تعتد في بيتها»38، و مثله غيره مع إعراض المشهور عن إطلاقها، و أنها محمولة، و في موثق رفاعة: «أنه‏

سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن المختلعة إلها سكنى و نفقة؟ قال: لا سكنى لها و لا نفقة»39. هذا و اللّه العالم بالحقائق.

لما عرفت من أن الطلاق بائن، مضافا إلى موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن رجل اختلعت منه امرأته أ يحل له أن يخطب أختها من قبل أن تنقضي عدة المختلعة؟ قال: نعم، قد برئت عصمتها و ليس له عليها رجعة»40، و تقدم أن المبارئة بمنزلة المختلعة.

  1. الوسائل باب: 11 من أبواب الخلع و المبارأة.
  2. تقدم في ج: 16 صفحة: 216.
  3. الوسائل باب: 4 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 5.
  4. الوسائل باب: 7 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 4.
  5. الوسائل باب: 4 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 5 و 6 و 1.
  6. الوسائل باب: 4 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 6.
  7. الوسائل باب: 4 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 1.
  8. راجع ج: 16 صفحة: 38.
  9. الوسائل باب: 1 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 4.
  10. الوسائل باب: 1 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 5.
  11. سورة البقرة: 229.
  12. سورة البقرة: 232.
  13. الوسائل باب: 2 من أبواب الخلع.
  14. الوسائل باب: 2 من أبواب الخلع.
  15. الوسائل باب: 3 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 9.
  16. الوسائل باب: 7 من أبواب الخلع الحديث: 4.
  17. الوسائل باب: 7 من أبواب الخلع الحديث: 3.
  18. سورة البقرة: 228.
  19. الوسائل باب: 7 من أبواب الخلع الحديث: 2.
  20. الوسائل باب: 7 من أبواب الخلع الحديث: 4.
  21. الوسائل باب: 9 من أبواب الخلع و المبارأة.
  22. الوسائل باب: 9 من أبواب الخلع و المبارأة.
  23. الوسائل باب: 10 من أبواب الخلع الحديث: 4.
  24. الوسائل باب: 9 من أبواب الخلع الحديث: 4.
  25. الوسائل باب: 10 من أبواب الخلع الحديث: 2.
  26. الوسائل باب: 10 من أبواب الخلع الحديث: 4.
  27. الوسائل باب: 8 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 3.
  28. تقدم في صفحة: 194.
  29. الوسائل باب: 4 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 1.
  30. الوسائل باب: 4 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 4.
  31. البحار ج: 2 صفحة: 272 الطبعة الحديثة.
  32. الوسائل باب: 8 من أبواب الخلع الحديث: 4.
  33. الوسائل باب: 9 من أبواب الخلع الحديث: 4.
  34. الوسائل باب: 9 من أبواب الخلع الحديث: 4.
  35. الوسائل باب: 8 من أبواب الخلع الحديث: 3.
  36. الوسائل باب: 9 من أبواب الخلع الحديث: 3.
  37. الوسائل باب: 10 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 5.
  38. الوسائل باب: 10 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 2.
  39. الوسائل باب: 13 من أبواب الخلع.
  40. الوسائل باب: 12 من أبواب الخلع.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"