1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب إحياء الموات و المشتركات
  10. /
  11. الفصل الثاني في المشتركات
و هي الطرق و الشوارع و المساجد و المدارس و الربط و المياه و المعادن (155).
(مسألة ۱): الطريق نوعان نافذ و غير نافذ فالأول- و هو المسمى بالشارع العام- فهو محبوس على كافة الأنام و الناس فيه شرع سواء (156)، ليس لأحد إحياؤه و الاختصاص به و لا التصرف في أرضه ببناء دكّة أو حائط أو حفر بئر أو نهر أو غرس شجر أو غير ذلك (157)، و إن لم يضر بالمارة (158) نعم، الظاهر أنه يجوز أن يحفر فيه بالوعة ليجتمع فيها ماء المطر و غيره لكونها من مصالحه (159)، و مرافقه، لكن مع سدّها في غير أوقات الحاجة حفظا للمستطرقين و المارة بل الظاهر جواز حفر سرداب تحته (160)، إذا أحكم الأساس و السقف بحيث يؤمن معه من النقض و الخسف، و أما التصرف في فضائه بإخراج روشن أو جناح أو بناء ساباط أو فتح باب أو نصب ميزاب و نحو ذلك فلا إشكال في جوازه (161)، إذا لم يضر بالمارة و ليس لأحد منعه حتى من يقابل داره داره (162)، كما مر في كتاب الصلح. و أما الثاني: أعني الطريق غير النافذ المسمّى بالسكة المرفوعة و قد يطلق عليه الدريبة، و هو الذي لا يسلك منه إلى طريق آخر أو مباح بل أحيط بثلاث جوانبه الدور و الحيطان و الجدران فهو ملك لأرباب الدور التي أبوابها مفتوحة إليه (163)، دون من كان حائط داره إليه من غير أن يكون بابها إليه (16٤)، فيكون هو كسائر الأملاك المشتركة (165)، يجوز لأربابه سده و تقسيمه بينهم و إدخال كل منهم حصته في داره (166)، و لا يجوز لأحد من غيرهم بل و لا منهم أن يتصرف فيه و لا في فضائه إلا بإذن الجميع و رضاهم (167).
(مسألة ۲): الظاهر أن أرباب الدور المفتوحة في الدريبة كلهم مشتركون فيها من رأسها إلى صدرها (168)، حتى أنه إذا كانت في صدرها فضلة لم يفتح إليها باب اشترك الجميع فيها (169)، فلا يجوز لأحد منهم إخراج جناح أو روشن أو بناء ساباط أو حفر بالوعة أو سرداب و لا نصب ميزاب و غير ذلك في أي موضع منها إلا بإذن الجميع (170). نعم، لكل منهم حق الاستطراق إلى داره من أي موضع من جداره، فلكل منهم فتح باب آخر ادخل من بابه الأول أو أسبق مع سد الباب الأول و عدمه (171).
(مسألة ۳): ليس لمن كان حائط داره إلى الدريبة فتح باب إليها إلا بإذن أربابها (172). نعم، له فتح ثقبة و شباك إليها و ليس لهم منعه لكونه تصرفا في جداره لا في ملكهم، و هل له فتح باب إليها لا للاستطراق بل لمجرد الاستضاءة و دخول الهواء؟ فيه إشكال (173).
(مسألة ٤): يجوز لكل من أرباب الدريبة الجلوس فيها و الاستطراق و التردد منها إلى داره بنفسه و ما يتعلق به من عياله و دوابه و أضيافه و عائديه و زائريه، و كذا وضع الحطب و نحوه فيها لإدخاله في الدار و وضع الأحمال و الأثقال عند إدخالها و إخراجها من دون إذن الشركاء (17٤)، بل و إن كان فيهم القصر و المولّى عليهم من دون رعاية المساواة مع الباقين (175).
(مسألة ٥): الشوارع و الطرق العامة و إن كانت معدّة لاستطراق عامة الناس و منفعتها الأصلية التردد فيها بالذهاب و الإياب إلا أنه يجوز لكل أحد الانتفاع بها بغير ذلك من جلوس أو نوم أو صلاة، و غيرها بشرط أن لا يتضرر بها أحد و لم يزاحم المستطرقين و لم يتضيق على المارة (176).
(مسألة ٦): لا فرق في الجلوس غير المضر بين ما كان للاستراحة أو النزهة و بين ما كان للحرفة و المعاملة إذا جلس في الرحاب و المواضع المتسعة لئلا يتضيق على المارة، فلو جلس فيها بأي غرض من الأغراض لم يكن لأحد إزعاجه (177).
(مسألة ۷): لو جلس في موضع من الطريق ثمَّ قام عنه، فإن كان جلوس استراحة و نحوها بطل حقه (178)، فجاز لغيره الجلوس فيه، و كذا إن كان لحرفة و معاملة و قام بعد استيفاء غرضه و عدم نية العود (179)، فلو عاد إليه بعد أن جلس في مجلسه غيره لم يكن له دفعه (180)، و أما لو قام قبل استيفاء غرضه ناويا للعود فإن بقي منه فيه متاع أو رحل أو بساط فالظاهر بقاء حقه (181)، و إن لم يكن منه فيه شي‏ء ففي بقاء حقه بمجرد نية العود إشكال فلا يترك الاحتياط (182).
(مسألة ۸): كما أن موضع الجلوس حق للجالس للمعاملة، فلا يجوز مزاحمته كذا ما حوله قدر ما يحتاج إليه لوضع متاعه و وقوف المعاملين‏ فيه، بل ليس لغيره أن يقعد حيث يمنع من رؤية متاعه أو وصول المعاملين إليه (183).
(مسألة ۹): يجوز للجالس للمعاملة أن يضلّل على موضع جلوسه بما لا يضر بالمارة بثوب أو بارية و نحوهما (18٤)، و ليس له بناء دكة و نحوها فيها (185).
(مسألة ۱۰): إذا جلس في موضع من الطريق للمعاملة في يوم فسبقه‏ في يوم آخر شخص آخر و أخذ مكانه كان الثاني أحق به (186)، فليس للأول إزعاجه (187).
(مسألة ۱۱): إنما يصير الموضع شارعا عاما بأمور (188): أحدها: بكثرة التردد و الاستطراق و مرور القوافل في أرض الموات كالجادات الحاصلة في البراري و القفار التي يسلك فيها من بلاد إلى بلاد (189). الثاني: أن يجعل إنسان ملكه شارعا و سبّله تسبيلا دائميا لسلوك عامة الناس و سلك فيه بعض الناس فإنه يصير بذلك طريقا عاما و لم يكن للمسبل الرجوع بعد ذلك (190). الثالث: أن يحيي جماعة أرضا مواتا قرية أو بلدة و يتركوا مسلكا نافذا بين الدور و المساكن و يفتحوا إليه الأبواب (191)، و المراد بكونه نافذا أن يكون له مدخل و مخرج يدخل فيه الناس من جانب و يخرجون من جانب آخر إلى جادة عامة أو أرض موات.
(مسألة ۱۲): لا حريم للشارع العام (192)، لو وقع بين الأملاك، فلو كانت بين الأملاك قطعة أرض موات عرضها ثلاثة أو أربعة أذرع مثلا و استطرقها الناس حتى صارت جادة لم يجب على الملّاك توسيعها و إن تضيّقت على المارة، و كذا لو سبّل شخص في وسط ملكه أو من طرف ملكه المجاور لملك غيره ثلاثة أو أربعة أذرع مثلا للشارع (193)، و أما لو كان الشارع محدودا بالموات بطرفيه أو أحد طرفيه فكان له الحريم- و هو المقدار الذي يوجب إحياؤه- نقص الشارع عن سبعة أذرع (19٤)، فلو حدث بسبب الاستطراق شارع في وسط الموات جاز إحياء طرفيه إلى حد يبقى له سبعة أذرع و لا يتجاوز عن هذا الحد (195)، و كذا لو كان لأحد في وسط المباح ملك عرضه أربعة أذرع مثلا فسبّله شارعا لا يجوز إحياء طرفيه بما لم يبق للطريق سبعة أذرع (196)، و لو كان في أحد طرفي الشارع أرض مملوكة و في الطرف الآخر أرض موات كان الحريم من طرف الموات (197)، بل لو كان طريق بين الموات و سبق شخص و أحيا أحد طرفيه الى حد الطريق اختص الحريم بالطرف الآخر (198)، فلا يجوز لآخر الإحياء إلى حد لا يبقى للطريق سبعة أذرع (199)، فلو بنى بناء مجاورا لذلك الحد الزم هو بهدمه و تبعيده دون المحيي الأول (200).
(مسألة ۱۳): إذا استأجم الطريق أو انقطعت عنه المارة زال حكمه بل ارتفع موضوعه و عنوانه (201)، فجاز لكل أحد إحياؤه كالموات (202) من غير فرق في صورة انقطاع المارة بين أن يكون ذلك لعدم وجودهم أو بمنع قاهر إياهم أو لهجرهم إياه و استطراقهم غيره أو بسبب آخر (203).
(مسألة ۱٤): لو زاد عرض الطريق المسلوك عن سبعة أذرع فأما المسبّل فلا يجوز لأحد أخذ ما زاد عليها و إحياؤه و تملكه قطعا (20٤)، و أما غيره ففي جواز إحياء الزائد و عدمه وجهان، أوجههما التفصيل بين الحاجة إليه لكثرة المارة فالثاني و عدمها لقلتهم فالأول (205).
من المشتركات المسجد (206)، و هو المكان المعد لتعبد المتعبدين و صلاة المصلين (207)، و هو من مرافق المسلمين يشترك فيه عامتهم و هم شرع سواء في الانتفاع به (208)، إلا بما لا يناسبه و نهى الشرع عنه كمكث الجنب فيه و نحوه (209).
(مسألة ۱٥): من سبق إلى مكان من المسجد لصلاة أو عبادة أو قراءة قرآن أو دعاء بل و تدريس أو وعظ أو إفتاء و غيرها (210)، كان أحق به، و ليس لأحد إزعاجه (211)، سواء توافق السابق مع المسبوق في الغرض‏ أو تخالفا فيه فليس لأحد بأي غرض كان (212)، مزاحمة من سبق الى مكان منه بأي غرض كان. نعم، لا يبعد تقدم الصلاة جماعة أو فرادى على غيرها من الأغراض (213)، فلو كان جلوس السابق لغرض القراءة أو الدعاء أو التدريس و أراد أحد أن يصلي في ذلك المكان جماعة أو فرادى يجب عليه تخلية المكان له (21٤). نعم، ينبغي تقييد ذلك بما إذا لم يكن اختيار مريد الصلاة في ذلك المكان لمجرد الاقتراح (215)، بل كان إما لانحصار محل الصلاة فيه أو لغرض راجح ديني كالالتحاق بصفوف الجماعة و نحوه هذا و لكن أصل المسألة لا تخلو من إشكال (216)، فيما إذا كان جلوس السابق لغرض‏ العبادة كالدعاء و القراءة (217)، لا لمجرد النزهة و الاستراحة (218)، فلا ينبغي فيه ترك الاحتياط للمسبوق بعدم المزاحمة و للسابق بتخلية المكان له (219)، و الظاهر تسوية الصلاة فرادى مع الصلاة جماعة فلا أولوية للثانية على الأولى (220)، فمن سبق إلى مكان للصلاة منفردا فليس لمريد الصلاة جماعة إزعاجه لها و إن كان الأولى له تخلية المكان له إذا وجد مكان آخر له و لا يكون مناعا للخير عن أخيه.
(مسألة ۱٦): لو قام الجالس السابق و فارق المكان رافعا يده منه معرضا عنه بطل حقه و إن بقي رحله (221)، فلو عاد إليه و قد أخذه غيره كان هو الأولى (222)، و ليس له إزعاجه و إن كان ناويا للعود فإن كان رحله باقيا بقي حقه بلا إشكال (223)، و إلا ففيه إشكال (22٤)، و الأحوط شديدا مراعاة حقه (225)، خصوصا إذا كان خروجه لضرورة كتجديد طهارة أو إزالة نجاسة أو قضاء حاجة و نحوها (226).
(مسألة ۱۷): الظاهر أن وضع الرحل مقدمة للجلوس كالجلوس في إفادة الأولوية (227)، لكن إذا كان ذلك بمثل فرش سجادة و نحوها مما يشغل مقدار مكان الصلاة أو معظمه لا بمثل وضع تربة أو سبحة أو مسواك و شبهها (228).
(مسألة ۱۸): يعتبر أن لا يكون بين وضع الرحل و مجيئه طول زمان بحيث يستلزم تعطيل المكان (229)، و إلا لم يفد حقا فجاز لغيره أخذ المكان قبل مجيئه (230)، و رفع رحله و الصلاة مكانه إذا شغل المحل‏ بحيث لا يمكن الصلاة فيه إلا برفعه (231)، و الظاهر أنه يضمنه الرافع إلى أن يوصله إلى صاحبه (232)، و كذا الحال فيما لو فارق المكان معرضا عنه مع بقاء رحله فيه (233).
(مسألة ۱۹): المشاهد كالمساجد في جميع ما ذكر من الأحكام (23٤)، فإن المسلمين فيها شرع سواء، سواء العاكف فيها و الباد و المجاور لها و المتحمل إليها من بعد البلاد و من سبق إلى مكان منها لزيارة أو صلاة أو دعاء أو قراءة كان أحق و أولى به و ليس لأحد إزعاجه، و هل للزيارة أولوية على غيرها كالصلاة في المسجد بالنسبة إلى غيرها، لو قلنا بأولويتها لا يخلو من وجه لكنه غير وجيه كأولوية من جاء إليها من البلاد البعيدة بالنسبة إلى المجاورين و إن كان ينبغي لهم مراعاتهم و حكم مفارقة المكان و وضع الرحل و بقائه كما سبق في المساجد (235).
من المشتركات المدارس بالنسبة إلى طالبي العلم (236)، أو الطائفة الخاصة منهم.
(مسألة ۲۰): إذا خصّ الواقف المدارس بصنف خاص (237)، كما إذا خصها بصنف العرب أو العجم أو طالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه مثلا، فهي بالنسبة إلى مستحقي السكنى بها كالمساجد، فمن يسبق إلى سكنى حجرة منها فهو أحق بها (238)، ما لم يفارقها معرضا عنها (239)، و إن طالت مدة السكنى إلا إذا اشترط الواقف له مدة معيّنة (240) ثلاث سنين مثلا فيلزمه الخروج بعد انقضائها بلا مهلة و إن لم‏ يؤمر به (241)، أو شرط اتصافه بصفة فزالت عنه تلك الصفة (242)، كما إذا شرط كونه مشغولا بالتحصيل أو التدريس فطرأ عليه العجز لمرض أو هرم و نحو ذلك.
(مسألة ۲۱): لا يبطل حق الساكن بالخروج لحاجة معتادة كشراء مأكول أو مشروب أو كسوة و نحوها قطعا و إن لم يترك رحله و لا يلزم تخليف أحد مكانه (243)، بل و لا بالأسفار المتعارفة المعتادة كالرواح للزيارة أو لتحصيل المعاش أو للمعالجة مع نية العود و بقاء متاعه و رحله (2٤٤)، ما لم تطل المدة إلى حدّ لم يصدق معه السكنى و الإقامة عرفا (245)، و لم يشترط الواقف لذلك مدة معينة كما إذا شرط أن لا يكون خروجه أزيد من شهر أو شهرين مثلا فيبطل حقه لو تعدى زمن خروجه عن تلك المدة (246).
(مسألة ۲۲): من أقام في حجرة منها ممن يستحق السكنى بها له أن يمنع من أن يشاركه غيره إذا كان المسكن معدا لواحد إما بحسب‏ قابلية المحل أو بسبب شرط الواقف (247)، و لو أعدّ لما فوقه لم يكن له منع غيره (248)، إلا إذا بلغ العدد الذي أعد له فللسكنة منع الزائد (249).
(مسألة ۲۳): يلحق بالمدارس الربط و هي: المواضع المبنية لسكنى الفقراء و الملحوظ فيها غالبا الغرباء (250)، فمن سبق منهم إلى إقامة بيت منها كان أحق به و ليس لأحد إزعاجه و الكلام في مقدار حقه و ما به يبطل حقه و جواز منع الشريك و عدمه فيها كما سبق في المدارس (251).
من المشتركات المياه و المراد بها مياه الشطوط و الأنهار الكبار كدجلة و الفرات و النيل، و الصغار التي لم يجرها أحد بل جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج و كذلك العيون المنفجرة من الجبال أو في أراضي الموات و المياه المجتمعة في الوهاد من نزول الأمطار فإن الناس في جميع ذلك شرع سواء (252)، و من حاز منها شيئا بآنية أو مصنع أو حوض و نحوها ملكه (253)، و جرى عليه أحكام الملك من غير فرق بين المسلم و الكافر (25٤).
(مسألة ۲٤): مياه العيون و الآبار و القنوات التي حفرها أحد في ملكه‏ أو في الموات بقصد تملك مائها هي ملك للحافر (255)، كسائر الأملاك لا يجوز لأحد أخذها و التصرف فيها إلا بإذن المالك و ينتقل إلى غيره بالنواقل الشرعية قهرية كانت كالإرث أو اختيارية كالبيع و الصلح و الهبة و غيرها (256).
(مسألة ۲٥): إذا شق نهرا من ماء مباح كالشط و نحوه ملك ما يدخل فيه من الماء (257)، و يجري عليه أحكام الملك كالماء المحوز في آنية و نحوها و تتبع ملكية الماء ملكية النهر (258)، فإن كان النهر لواحد ملك الماء بالتمام و إن كان لجماعة ملك منهم من الماء بمقدار حصته من ذلك النهر فإن كان لواحد نصفه و لآخر ثلثه و لثالث سدسه ملكوا الماء بتلك النسبة و هكذا (259)، و لا يتبع مقدار استحقاق الماء مقدار الأراضي التي‏ تسقى منه (260)، فلو كان النهر مشتركا بين ثلاثة أشخاص بالتساوي كان لكل منهم ثلث الماء و إن كانت الأراضي التي تسقى منه لأحدهم ألف جريب و لآخر جريب و لآخر نصف جريب يصرفان ما زاد على احتياج أرضهما فيما شاءا (261)، بل لو كان لأحدهما رحى يدور به و لم يكن له أرض أصلا يساوي مع كل من شريكيه في استحقاق الماء (262).
(مسألة ۲۶): إنما يملك النهر المتصل بالمباح إما بحفره في أرض مملوكة (263)، و إما بحفره في الموات بقصد إحيائه نهرا مع نية تملكه إلى أن أوصله بالمباح كما مر في إحياء الموات (26٤) فإن كان الحافر واحدا ملكه بالتمام و إن كان جماعة كان بينهم على قدر ما عملوا و اتفقوا فمع التساوي بالتساوي و مع التفاوت بالتفاوت (265).
(مسألة ۲۷): لما كان الماء الذي يفيضه النهر المشترك بين جماعة مشتركا بينهم كان حكمه حكم سائر الأموال المشتركة (266)، فلا يجوز لكل واحد منهم التصرف فيه و أخذه و السقاية به إلا بإذن باقي الشركاء (267)، فإن لم يكن بينهم تعاسر و يبيح كل منهم سائر شركائه أن يقضي منه حاجته في كل وقت و زمان فلا بحث (268)، و إن وقع بينهم تعاسر فإن تراضوا بالتناوب و المهاياة بحسب الساعات أو الأيام أو الأسابيع مثلا فهو (269)، و إلا فلا محيص من تقسيمه بينهم بحسب الأجزاء (270)، بأن توضع على فم النهر خشبة أو صخرة أو حديدة ذات ثقب متساوية السعة حتى يتساوى الماء الجاري فيها، و يجعل لكل منهم من الثقب بمقدار حصته و يجري كل منهم ما يجري في الثقبة المختصة به في سابقيه تختص به، فإذا كان بين ثلاثة و سهامهم متساوية فإن كانت الثقب ثلاث متساوية جعلت لكل منهم ثقبة و إن كانت ستا جعلت لكل منهم ثقبتان و إن كانت سهامهم متفاوتة يجعل الثقب على أقلهم سهما، فإذا كان لأحدهم نصفه و لآخر ثلثه و لثالث سدسه جعلت الثقوب ستا ثلاث منها لذي النصف و اثنتان لذي الثلث و واحدة لذي السدس و هكذا، و بعد ما أفرزت حصة كل منهم من الماء يصنع بمائه ما شاء إن شاء استعمله في‏ الاستقاء أو في غيره و إن شاء باعه أو إباحة لغيره (271).
(مسألة ۲۸): الظاهر أن القسمة بحسب الأجزاء قسمة إجبار (272)، إذا طلبها أحد الشركاء يجبر الممتنع منهم عليها (273)، و هي لازمة ليس لأحدهم الرجوع عنها بعد وقوعها (27٤)، و أما المهاياة فهي موقوفة على التراضي و ليست بلازمة (275)، فلبعضهم الرجوع عنها حتى فيما إذا استوفى تمام نوبته و لم يستوف الآخر نوبته (276)، و إن ضمن حينئذ مقدار ما استوفاه بالقيمة (277).
(مسألة ۲۹): إذا اجتمعت أملاك على ماء مباح من عين أو واد أو نهر و نحوها بأن أحياها أشخاص عليه ليسقوها منه بواسطة السواقي أو الدّوالي أو النواعير أو المكائن المتداولة في هذه الأعصار كان للجميع حق السقي منه (278)، فليس لأحد أن يشق نهرا فوقها يقبض الماء كله أو ينقصه عن مقدار احتياج تلك الأملاك (279)، و حينئذ فإن و في الماء لسقي الجميع من دون مزاحمة في البين فهو (280)، و إن لم يف و وقع بين أربابها في التقدم و التأخر التشاح و التعاسر يقدم الأسبق فالأسبق في الإحياء إن علم السابق (281)، و إلا يقدم الأعلى فالأعلى و الأقرب فالأقرب إلى فوهة الماء و أصله فيقضي الأعلى حاجته ثمَّ يرسله لمن يليه و هكذا (282).
(مسألة ۳۰): الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط و نحوها إذا وقع التعاسر بين أربابها- بأن كان الشط لا يفي في زمان واحد بإملاء جميع تلك الأنهار- كان حالها كحال اجتماع الأملاك على الماء المباح المتقدم في المسألة السابقة، فالأحق ما كان شقه أسبق ثمَّ الأسبق و إن لم يعلم الأسبق فالمدار على الأعلى فالأعلى فيقبض الأعلى ما يسعه ثمَّ ما يليه و هكذا (283).
(مسألة ۳1): لو احتاج النهر المملوك المشترك بين جماعة إلى تنقية أو حفر أو إصلاح أو سدّ خرق و نحو ذلك فإن أقدم الجميع على ذلك كانت المؤنة على الجميع بنسبة ملكهم للنهر (28٤)، سواء كان إقدامهم بالاختيار أو بالإجبار من حاكم قاهر جائر أو بإلزام من الشرع (285)، كما إذا كان مشتركا بين المولّى عليهم و رأى الولي المصلحة الملزمة في تعميره مثلا، و إن لم يقدم إلا البعض لم يجبر الممتنع (286)، و ليس للمقدمين مطالبته بحصته من المؤنة (287)، ما لم يكن إقدامهم بالتماس منه و تعهده ببذل حصته (288). نعم، لو كان النهر مشتركا بين القاصر و غيره و كان إقدام غير القاصر متوقفا على مشاركة القاصر إما لعدم اقتداره بدونه أو لغير ذلك وجب على ولي القاصر مراعاة للمصلحة تشريكه في التعمير و بذل المؤنة من ماله بمقدار حصته (289).
(مسألة ۳2): من المشتركات الكلأ النابت في الأرض فإنه تابع للأرض عينا أو منفعة أو هما معا فمع وجود مالك فعلي في البين ليس لأحد حق رعية (290)، و إن لم تكن الأرض ملكا لأحد مطلقا تكون الكلأ كالأرض في أن جميع الناس فيه شرع سواء (291).
(مسألة ۳3): يملك الكلأ بالحيازة كما تملك سائر المباحات (292).
(مسألة ۳٤): لا فرق في النباتات بين ما ترعاها الأغنام أو ما يدّخرها الأطباء للأدوية و العقاقير (293).
مسألة (۳٥): إذا حاز شخص مرعى أو كانت الأرض ملكا لأحد فنبت فيها كلأ أو نباتات طبيعية لا يجوز للغير الاستفادة منها بالرعي أو بغيره إلّا بإذنه (29٤).
(مسألة ۳6): من المشتركات النار، و المراد بها إما البراكين النارية أو النار التي تورّى، فإذا ورى أحد حطبه- مثلا- من نار غيره مع عدم تصرف في ملكه يجوز ذلك (295).
من المشتركات المعادن و هي إما ظاهرة و هي ما لا يحتاج في استخراجها و الوصول إليها إلى عمل و مئونة- كالملح و القير و الكبريت و الموميا و الكحل و كذا النفط إذا لم يحتج في استخراجه إلى الحفر و العمل- و إما باطنة (296)، و هي ما لا تظهر إلا بالعمل و العلاج كالذهب و الفضة و النحاس و الرصاص و كذا النفط إذا احتاج في استخراجه إلى حفر آبار كما هو المعمول غالبا في هذه الأعصار.
(مسألة ۳7): المعادن الظاهرة تملك بالحيازة لا بالإحياء (297)، فمن أخذ منها شيئا ملك ما أخذه قليلا كان أو كثيرا و إن كان زائدا على ما يعتاد لمثله و على مقدار حاجته (298)، و يبقى الباقي مما لم يأخذه على الاشتراك (299)، و لا يختص بالسابق في الأخذ (300)، و ليس له أن يحوز مقدارا أوجب الضيق و المضارة على الناس (301). و أما الباطنة فهي تملك بالإحياء (302)، بأن ينهى العمل و النقب و الحفر إلى أن يبلغ نيلها (303)، فيكون حالها حال الآبار المحفورة في الموات لأجل استنباط الماء، و قد مر أنها تملك بحفرها حتى يبلغ الماء و يملك بتبعها الماء و لو عمل فيها عملا لم يبلغ به نيلها كان تحجيرا أفاد الأحقية و الأولوية دون الملكية (30٤).
(مسألة ۳8): إذا شرع في إحياء معدن ثمَّ أهمله و عطّله أجبر على إتمام العمل أو رفع يده عنه و لو أبدى عذرا أنظر بمقدار زوال عذره ثمَّ الزم على أحد الأمرين كما سبق ذلك كله في إحياء الموات (305).
(مسألة ۳9): لو أحيا أرضا مزرعا أو مسكنا مثلا فظهر فيها معدن ملكه تبعا لها سواء كان عالما به (306)، حين إحيائها أم لا.
(مسألة ٤۰): لو قال ربّ المعدن لآخر: «اعمل فيه و لك نصف الخارج مثلا» بطل إن كان بعنوان الإجارة و صح لو كان بعنوان الجعالة (307).
و هي: ما أقطعه الإمام عليه السّلام من الأرض لشخص و هو جائز (308)، و تكون من حيث الكمّية و الكيفية تابعة لنظر من يقطعها (309)، فهي من سنخ الهدية و العطية يجري عليها أحكامها (310).
(مسألة ٤1): القطيعة لا تفيد الملكية و إنما تفيد حق الاختصاص (311).
(مسألة ٤2): جواز القطيعة بالنسبة إلى الحاكم الشرعي الجامع للشرائط محل إشكال (312).
(مسألة ٤3): بناء على جوازها للحاكم الشرعي تختص القطيعة بالموات من الأرض فلا تصح في غيرها (313).
(مسألة ٤٤): يعتبر في المقطع له أن يكون قادرا على الإحياء (31٤).
الفصل الثالث في الأحكام العامة للمشتركات تقدم بعضها في ضمن المسائل السابقة و هنا مسائل: (مسألة ۱): ثبوت الحق الشخصي للمحيي في موارد الإحياء بشرائطه و للمحيز في مورد حيازة المشتركات بشرائطها مسلّم (315)، و أما الحق النوعي- بأن يستولي أحد على الموات ليفرقها على أشخاص كثيرة يحيونها الأشخاص و يكون اختيار الأرض بيد المستولي- ممنوع (316).
(مسألة ۲): لا فرق في ثبوت الأحقية للسابق في المشتركات بين ما لم يقصد السابق إليها مدة أصلا أو قصد مدة معينة (317).
(مسألة ۳): لا يصح إيقاع العقد على مثل مورد التحجير قبل التحجير (318).
(مسألة ٤): لا فرق في جواز الاستفادة من المشتركات بين المسلم و غيره (319)، كما لا فرق فيها بين أن يكون في بلاد الإسلام أو في بلاد الكفر (320).
(مسألة ٥): لو شك في تصرف خاص أنه يجوز في المشتركات كالتصرف في بعض الشوارع العامة- أو لا؟ لا يجوز ذلك التصرف إلا مع إحراز الجواز بوجه معتبر (321).
(مسألة ٦): الأثريات التي توجد في المشتركات كما في الموات من الأرض- تابعة لملكية الأرض (322).
(مسألة ۷): لو علم بأن الأرض كانت لها مالك في العهود القديمة لكنهم بادوا و انقرضوا و لو بورّاثهم يجري عليها حكم الموات (323).
(مسألة ۸): إذا جعل المسبّل أطراف الشارع العام لخصوص المشاة- مثلا- ليس لأحد المرور عليها راكبا بأي مركب كان (32٤).
(مسألة ۹): لو تعارضت المصلحة الاستطراقية النوعية في الشوارع العامة مع مصلحة نوعية أخرى تقدم الأولى (325).
(مسألة ۱۰): لو سبق اثنان إلى محل في المشتركات و لم يمكن الجمع يقرع بينهما (326).
(مسألة ۱۱): لو اتخذ المسجد ظلما و جعله محلا أو مسكنا أو غيرهما لا يخرج عن المسجدية و يجري عليه أحكامها (327).
(مسألة ۱۲): يحرم إلقاء المعاثر و المزالق في الشوارع و الطرق مع تضرر العابرين (328)، و كذا إلقاء الزبالة و جعلها مزبلة بما لا تجري به‏ العادة المتعارفة (329).
(مسألة ۱۳): ليس لأحد أن يوقف مركوبه في أي محل شاء و أراد في الشوارع و الطرق العامة إلا إذا أحرز أن ذلك لا يضر بالعابرين (330).
(مسألة ۱٤): يجري حكم ضمان المال و النفس فيما يتلف بالمراكب في الطرق و الشوارع العامة مباشريا كان التلف أو تسبيبيا و يجري أحكام القصاص من العمد و الخطأ المحض و شبهه و غيرها من الأحكام (331).
(مسألة ۱٥): يكره التردد في الأسواق و الشوارع العامة المزدحمة (332).
  1. سنن البيهقي باب ما لا يجوز إقطاعه من المعادن صفحة: 150.
  2. الوسائل باب: 5 من أبواب إحياء الموات الحديث: 1.
  3. الوسائل باب: 17 من أبواب آداب التجارة.
  4. راجع صفحة: 240.
  5. الوسائل باب: 1 من أبواب إحياء الموات الحديث: 7.
  6. الوسائل باب: 1 من أبواب إحياء الموات الحديث: 8.
  7. راجع صفحة: 240.
  8. نهج البلاغة: الخطبة الأولى.
  9. راجع ج: 22 صفحة: 84.
  10. تقدم في ج: 17 صفحة: 32.
  11. سنن البيهقي ج: 6 صفحة: 154.
  12. الوسائل باب: 15 من أبواب أحكام الصلح ج: 13.
  13. الوسائل باب: 15 من أبواب الصلح الحديث: 1.
  14. الوسائل باب: 27 من أبواب عقد البيع الحديث: 3.
  15. الوسائل باب: 27 من أبواب عقد البيع الحديث: 4.
  16. الوسائل باب: 17 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1.
  17. راجع الوسائل باب: 12 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 8 و 9.
  18. الوسائل باب: 12 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 2.
  19. الوسائل باب: 28 من أبواب فعل المعروف.
  20. سنن البيهقي ج: 6 صفحة: 151.
  21. تقدم في صفحة: 272.
  22. مستدرك الوسائل باب: 4 من أبواب إحياء الموات و في سنن البيهقي ج: 6 صفحة: 150 باب ما لا يجوز اقطاعه.
  23. سنن البيهقي ج: 6 صفحة: 142.
  24. راجع ج: 20 صفحة: 42.
  25. تقدم في صفحة: 255.
  26. راجع ج: 16 صفحة: 231- 233.
  27. مستدرك الوسائل باب: 4 من أبواب إحياء الموات و تقدم في صفحة: 255.
  28. مستدرك الوسائل باب: 4 من أبواب إحياء الموات و تقدم في صفحة: 255.
  29. سورة الزلزلة: 2.
  30. سورة الزلزلة: 5.
  31. مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب إحياء الموات الحديث: 4.
  32. سورة البقرة: 29، و راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 1 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
  33. الوسائل باب: 5 من أبواب إحياء الموات الحديث: 2.
  34. الوسائل باب: 1 من أبواب الأنفال الحديث: 20.
  35. الوسائل باب: 1 من أبواب الأنفال الحديث: 1.
  36. الوسائل باب: 1 من أبواب الأنفال الحديث: 10 و 12.
  37. معجم البلدان للحموي ج: 3 صفحة: 701 ط لا يبسك.
  38. سنن البيهقي ج: 6 صفحة: 144.
  39. الوسائل باب: 60 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1.
  40. بحار الأنوار ج: 13 صفحة: 186 ط كمپاني.
(مسألة ۹): لو نسي الإحرام و لم يذكر حتى أتى بجميع الأعمال من الحج أو العمرة- فالأقوى صحة عمله (٦٦).و كذا لو تركه جهلا حتى أتى بالجميع (٦۷).
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"