لأنهما ليسا من الحقيقة الشرعية، و لا الموضوعات المستنبطة، حتى يرجع فيهما إلى الشارع، أو الفقهاء، بل من العرفيات الدائرة في جميع الملل و الأديان، و كانت الخصومة و الدعوى و توابعهما، و الفصل بين المتخاصمين، موجودة قبل الإسلام، فورد الإسلام عليها، لا أنها وردت من الإسلام حتى يؤخذ مفهومها منه، بل لا يقال بذلك في العبادات فضلا عن غيرها.
و أصل الدعوى مأخوذ من الدعاء، و هو بمعنى الطلب، و تختلف باختلاف الخصوصيات و الجهات، فما عرّف الفقهاء المدعي من أنه: «لو ترك ترك»، أو «يدعي خلاف الأصل»، أو «من يكون في مقام إثبات أمر على غيره»، فإن رجع إلى العرف فهو المعوّل، و إلا فلا تعويل على قول الفقهاء في ذلك، كما اعترف بذلك جمع من الفقهاء- منهم صاحب الجواهر- و لا ثمرة علمية بل و لا عملية، معتنى بها في نقل التعاريف و تزييفها.