للإجماع على ذلك كله، و هذا هو المأنوس بمذاق الشرع و كمال رفقة في الأمور و هو المنساق من الأدلة، إذ المراد من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر البعث و الحمل على ذلك بإيجاد المعروف خارجا و التجنب عن المنكر كذلك، و حمل تارك المعروف على الفعل و فاعل المنكر على الترك لا يحصل إلا بما قلناه.
و أما ما ورد في تفسير قوله تعالى قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً۳۷ مما ظاهره كفاية القول فقط من قول الصادق عليه السّلام في خبر عبد الأعلى مولى آل سام:
«جلس رجل من المسلمين يبكي و قال: أنا عجزت عن نفسي و كلفت أهلي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك و تنهاهم عما تنهى عنه نفسك»۳۸.
و في خبر أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «كيف نقي أهلنا؟
قال عليه السّلام تأمرونهم و تنهونهم»۳۹.
و في خبره الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «قلت: كيف أقيهم؟ قال: تأمرهم بما أمر اللّه و تنهاهم عما نهاهم اللّه فإن أطاعوك فقد وقيتهم و إن عصوك كنت قد قضيت ما عليك»4۰.
إلى غير ذلك من الأخبار فلا بد من تقييدها بغيرها كقوله عليه السّلام: «ما جعل اللّه بسط اللسان و كف اليد و لكن جعلهما يبسطان معا و يكفان معا»4۱.
ثمَّ إنّه يعتبر في الضرب أن لا يكون موجبا للجرح و القتل و إلا فيتوقف على إذن الحاكم الشرعي الجامع للشرائط المبسوط اليد إجماعا.
و أما ما يظهر منه جواز القتل و الضرب مطلقا فلا بد من حمله على تصدّي نفس الإمام عليه السّلام أو على ثبوت إذن خاص منه كخبر عبد الرحمن قال: «إني سمعت عليّا عليه السّلام يقول يوم لقينا أهل الشام: أيّها المؤمنون إنّه من رأي عدوانا يعمل به و منكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم و برئ، و من أنكره بلسانه فقد أجر و هو أفضل من صاحبه، و من أنكره بالسيف لتكون كلمة اللّه العليا و كلمة الظالمين السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى و قام على الطريق و نوّر في قلبه اليقين»4۲.
و قول الباقر عليه السّلام في خبر جابر: «أنكروا بقلوبكم، و الفظوا بألسنتكم، و صكوا بها جباههم و لا تخافوا في اللّه لومة لائم»4۳، يمكن حملهما على تحقق بسط اليد، و عدم الأثر للمراتب السابقة.