1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
  10. /
  11. المقدمة
و ما ورد في الحث على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و فضلهما في الكتاب و السنة أكثر من أن يحصى (۱).

و هما بمعناهما العرفي وقعا موردا لأحكام كثيرة في الكتاب و السنة إلا أنّ المعروف لا بد و أن يكون معروفا شرعيا- لا كل معروف و إن نهى عنه الشارع- و كذا المنكر فلا وجه لإتعاب النفس في تعريف المعروف و المنكر و إيكالهما إلى أذهان المتشرعة أولى من ذلك.

ثمَّ إنّه قد ورد في الترغيب إليهما في الكتاب و السنة- كما سيأتي- ما يبهر منه العقول و لا اختصاص لهما بشريعة الإسلام بل حدوث كل شريعة و بقائها متقوّم بهما.

قال تعالى‏ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ۱، و قال تعالى‏ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ۲، إلى غير ذلك مما و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا تزال أمتي بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر، و تعاونوا على البر، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت عنهم البركات، و سلط بعضهم على بعض، و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء»۳.

و قال أبو جعفر عليه السّلام: «إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر سبيل الأنبياء و منهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، و تأمن المذاهب، و تحل المكاسب، و ترد المظالم، و تعمر الأرض، و ينتصف من الأعداء، و يستقيم الأمر»4.

و عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «لتأمرنّ بالمعروف، و لتنهنّ عن المنكر أو ليستعملنّ عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم»٥، إلى غير ذلك من الأخبار.

(مسألة ۱): الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجبان (۲) ذكره تعالى في كتابه الكريم.كفائيان (۳)، و المعروف يشمل الواجب و المندوب بل كل ما هو حسن عقلا،فيجب بالنسبة إلى الواجب، و يندب بالنسبة إلى المندوب و يحسن في غيرهما (٤).

بالأدلة الثلاثة:

فمن الكتاب قوله تعالى‏ وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏٦، و ما تقدم من الآيات.

و من الإجماع إجماع المسلمين على اختلاف مذاهبهم.

و من النصوص نصوص متواترة بين الفريقين:

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجبان على من أمكنه ذلك و لم يخف على نفسه و على أصحابه»۷.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم عن الصادق عليه السّلام: قال: «أيّها الناس مروا بالمعروف و انهوا عن المنكر فإنّ الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر لم يقربا أجلا و لم يباعدا رزقا»۸.

و عن أبي جعفر عليه السّلام: «بئس القوم قوم يعيبون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر»۹.

و عن الصادق عليه السّلام: «ويل لقوم لا يدينون اللّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر»۱۰.

و يظهر من هذين الخبرين و من غيرهما أنّ ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر من الكبائر لأنّه مما أوعد اللّه عليه النار و كل ما أوعد اللّه عليه النار يكون من الكبائر.

و يمكن الاستدلال عليه بالدليل العقلي أيضا بدعوى: أنّ في ترك مثل هذا الأمر الذي تقام به الفرائض و ما يقوم به الدّين و الدنيا يحتمل بل يقطع بالعقاب فيحكم العقل بالإتيان به فيكون مثل سائر الواجبات النظامية التي يحكم العقل بالإتيان بها بل المقام أولى لأنّ فيه حفظ نظام الدّين و الدنيا فاصل وجوبهما ثابت بالأدلة الأربعة.

للسيرة، و لظواهر الأدلة مثل ما تقدم من قوله تعالى‏ وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، و خبر مسعدة ابن صدقة قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أ واجب هو على الأمة جميعا؟ فقال عليه السّلام، لا، فقيل له: و لم؟ قال: إنّما هو على القويّ المطاع العالم بالمعروف من المنكر لا على الضعيف الذي لا يتهدى سبيلا إلى أيّ من أيّ يقول من الحق إلى الباطل، و الدليل على ذلك كتاب اللّه عزّ و جلّ قوله‏ وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فهذا خاص غير عام، كما قال اللّه عزّ و جلّ‏ إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ‏ يقول: مطيعا للّه عزّ و جلّ، و ليس على من يعلم ذلك في هذه الهدنة من حرج إذا كان لا قوة له و لا عدد و لا طاعة، قال مسعدة: و سمعت أبا عبد اللّه يقول و سئل عن الحديث الذي جاء عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّ أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر ما معناه؟ قال عليه السّلام: هذا على أن يأمره بعد معرفته و هو مع ذلك يقبل منه و إلا فلا»۱۱.

و المنساق مما ورد في الجهاد و الحدود و التعزيرات، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و نحوها من النظاميات الكفائية بحسب مرتكزات الناس مطلقا إلا أن يعرض عنوان خارجيّ يدل على العينية. و لا وجه للتمسك بأصالة العينية، و ظواهر الأدلة مع هذه القرينة المحفوفة بها المانعة عن استفادة العينية، مع أنّ الكل متفقون على سقوط الأمر بقيام البعض.

و تظهر الثمرة في وجوب قيام الكل ابتداء. فمن يقول بالعينية يقول بالوجوب، و من يقول بالكفائية يكتفي بقيام البعض. هذا مع عدم العلم بكفاية قيام البعض، و أما معه فلا وجه لقيام الكل و ربما يستنكر ذلك عرفا.

ثمَّ إنّه يسمّى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بالحسبة أيضا و هي من الاحتساب بمعنى الأجر و الثواب، و قد اصطلح بعض في كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بكتاب الحسبة، و أدخل فيه الحدود و التعزيرات و نحوهما.

الأمور النظامية التي علم برضاء الشارع بإتيانها و ترغيبه إليها، و لكنّه يحتمل اشتراطها بإذن الحاكم الشرعي و هي كثيرة جدّا، و يحتمل في اعتبار إذنه توقف أصل الصدور عليه فلا يصح بدونه و أن يكون إحراز إتيانه جامعا للشرائط متوقفا عليه فتصح لو أتى بها أحد جامعا للشرائط و إن كان بدون إذنه ما لم تترتب عليه مفسدة، و قد اخترنا في بعض المباحث الثاني و يأتي التفصيل في المواضع المناسبة كالقضاء إن شاء اللّه تعالى.

و قد اصطلح الفقهاء بالأمور الحسبية في جملة من إجازاتهم، و هي:

لتسالم الكل على انقسام المعروف إلى ما ذكر، و إطلاق الأمر بالمعروف و عمومه و الترغيب إليه بالسنة شتّى يشمل الجميع، فالأمر مستعمل في أصل الوجوب و الاستحباب، و مطلق الرجحان بالنسبة إلى المندوب و ما هو حسن عقلا يستفاد من القرائن الخارجية خصوصا مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله: «الدال على الخير كفاعله»۱۲.

و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «من أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو دل على خير أو أشار به فهو شريك، و من أمر بسوء أو دل عليه أو أشار به فهو شريك»۱۳.

و عنه عليه السّلام: «لا يتكلم الرجل بكلمة حق يؤخذ بها إلا كان له مثل أجر من أخذ بها و لا يتكلم بكلمة ضلال يؤخذ بها إلا كان عليه مثل وزر من أخذ بها»۱4.

(مسألة ۲): ينبغي أن يكون الأمر بالمعروف بالنسبة إلى المندوبات بكمال الرفق حتى لا يوجب الانزجار عنها أو عن غيرها (٥).

لخبر عمار بن أبي الأحوص- الذي يشهد متنه لصدقه- قال: «قلت‏ لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ عندنا قوما يتولّون أمير المؤمنين عليه السّلام و يفضلونه على الناس كلهم و ليس يصفون من نصف من فضلكم أ نتولّاهم؟ فقال لي: نعم في الجملة، أ ليس عند اللّه ما لم يكن عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عند اللّه ما ليس لنا، و عندنا ما ليس عندكم، و عندكم ما ليس عند غيركم؟ إنّ اللّه وضع الإسلام على سبعة أسهم: على الصبر و الصدق و اليقين و الرضا و الوفاء و العلم و الحلم، ثمَّ قسّم ذلك بين الناس، فمن جعل فيه هذه السبعة الأسهم فهو كامل محتمل ثمَّ قسّم لبعض الناس السهم، و لبعضهم سهمين، و لبعض الثلاثة الأسهم و لبعض الأربعة الأسهم، و لبعض الخمسة الأسهم، و لبعض الستة الأسهم و لبعض السبعة الأسهم، فلا تحملوا على صاحب السهم سهمين، و لا على صاحب السهمين ثلاثة أسهم، و لا على صاحب الثلاثة أربعة أسهم، و لا على صاحب الأربعة خمسة أسهم، و لا على صاحب الخمسة ستة، و لا على صاحب الستة سبعة أسهم، فتثقلوهم و تنفّروهم و لكن ترفّقوا بهم و سهّلوا لهم المدخل، و سأضرب لك مثلا تعتبر به.

إنّه كان رجل مسلم و كان له جار كافر، و كان الكافر يرافق المؤمن فلم يزل يزين له الإسلام حتى أسلم فغدا عليه المؤمن فاستخرجه من منزله فذهب به إلى المسجد ليصلي مع الفجر جماعة فلما صلّى قال له: لو قعدنا نذكر اللّه حتى تطلع الشمس فقعد معه فقال له: لو تعلمت القرآن إلى أن تزول الشمس و صمت اليوم كان أفضل، فقعد معه و صام حتى صلّى الظهر و العصر فقال له: لو صبرت حتى تصلي المغرب و العشاء الآخرة كان أفضل، فقعد معه حتى صلّى المغرب و العشاء الآخرة ثمَّ نهضا، و قد بلغ مجهوده و حمل عليه ما لا يطيق، فلما كان من الغد غدا عليه و هو يريد مثل ما صنع بالأمس فدق عليه بابه ثمَّ قال له: اخرج حتى نذهب إلى المسجد، فأجابه أن انصرف عنّي فإنّ هذا دين شديد لا أطيقه فلا تخرقوا بهم، أما علمت أنّ إمارة بني أمية كانت بالسيف و العسف و الجور، و أنّ إمامتنا بالرفق و التألّف و الوقار و التقية و حسن الخلطة و الورع و الاجتهاد فرغّبوا الناس في دينكم و في ما أنتم فيه»۱٥.

(مسألة ۳): المنكر يشمل المحرّمات و المكروهات، فيجب بالنسبة إلى الأولى، و يستحب بالنسبة إلى الأخيرة (٦).

لعين ما تقدم في المعروف من غير فرق بينهما في ذلك فالدليل فيهما واحد.

(مسألة ٤): يشترط في وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أمور: الأول: أن يكون الآمر بالمعروف و الناهي عن المنكر عالما بأنّه معروف أو منكر (۷).الثاني: احتمال التأثير فلو اطمأنّ بعدم التأثير لا يجب (۸) و لكن لو ترتب عليه مصلحة أخرى ملزمة يجب من تلك الجهة (۹). نعم، لا إشكال في أصل الجواز (۱۰) بل الرجحان حتى مع الاطمئنان بعدم الأثر ان لم تترتب عليه المفسدة (۱۱)، و لا فرق في احتمال ترتب الأثر بين أن يكون حاليا أو استقباليا (۱۲). الثالث: أن يكون الفاعل للمنكر و التارك للواجب مصرّا على ذلك أيضا (۱۳).الرابع: أن لا يكون فيهما مضرّة بالنسبة إليه أو إلى ماله أو عرضه، أو إلى أحد من المسلمين في الحال أو المآل (۱٤)، و يكفي فيه مجرد الخوف المعتد به عند العقلاء (۱٥) و لا فرق بين أن يكون الخوف على نفسه أو على أحد من المسلمين (۱٦). الخامس: أن لا يكون التارك للمعروف و الآتي للمنكر معذورا و الا فلا يجبان (۱۷)، كما في المسائل الخلافية الاجتهادية (۱۸).

لتقوم الأمر و النهي عرفا- و عند العقلاء- بالعلم بمفادهما، مضافا إلى الإجماع، و النص قال الصادق عليه السّلام في خبر مسعدة- المتقدم-: «إنّما هو على القوىّ المطاع العالم بالمعروف من المنكر لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلا»۱٦.

و لأنّ ذلك هو المنساق من الأدلة عرفا و يشهد له العرف و الاعتبار أيضا، فيكون أصل الوجوب مشروطا بالعلم فلا يجب على الجاهل مطلقا.

و نسب إلى الشهيد الثاني، و الكركي احتمال أنّ الوجوب مطلقا فيجب تحصيل العلم بهما ثمَّ الإتيان بهما كما في الصلاة- مثلا- بالنسبة إلى الطهارة و القبلة و نحوهما من الشرائط.

و فيه: أنّه مخالف للسيرة و الإجماع، و المنساق من أدلة وجوبهما، فأصالة الإطلاق في الوجوب محكومة بها و لا وجه للتمسك بالأصل معها فالمرجع حينئذ أصالة البراءة عن الوجوب مع الشك فيه لأنّ الشك في أصل التكليف مع فقد الشرط.

لأصالة البراءة بعد انصراف الأدلة عن صورة الاطمئنان بعدم الأثر فيكون الوجوب لغوا حينئذ إن لم تكن مصلحة أخرى له في البين مع إمكان دعوى ظهور الأدلة أيضا فيما إذا احتمل التأثير ظهورا عرفيا بمناسبة الحكم و الموضوع و هي احتمال تحقق العمل بالمعروف و الترك في المنكر. نعم، لو كان المدار على التأكيد في إتمام الحجة كان للوجوب وجه حتى مع العلم بعدم الأثر. قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «إنّ أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر على ان يأمره بعد معرفته و هو مع ذلك يقبل منه و إلا فلا»۱۷.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «إنّما يؤمر بالمعروف و ينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ أو جاهل فيتعلم، فأما صاحب سوط أو سيف فلا»۱۸.

و عنه عليه السّلام أيضا: «لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه قيل له و كيف ذلك؟

قال عليه السّلام: يتعرّض لما لا يطيق»۱۹.

و عنه عليه السّلام: «ما يمنعكم إذا بلغكم عمّا تكرهون و ما يدخل علينا به الأذى.

أن تأتوه فتؤنبوه و تعذلوه و تقولوا له قولا بليغا قلت: جعلت فداك إذا لا يقبلون منا قال: اهجروهم و اجتنبوا مجالسهم»۲۰.

إلى غير ذلك من الأخبار الظاهرة في اعتبار احتمال الأثر احتمالا معتدا به عرفا.

لفرض وجود المصلحة الملزمة الموجبة للوجوب و لكنّه خارج عن مورد البحث.

للأصل و الجمود على بعض الإطلاقات‏۲۱.

لأنّ إظهار الحق و إذاعته راجح على كل حال و في تمام الأحوال لكن مع عدم مفسدة في البين.

لإطلاق الأدلة الشامل لكل منهما.

للإجماع، و لأنّه المتيقن من الأدلة فيكون المرجع في غيره أصالة البراءة، بل قد يحرم إن انطبق عليه عنوان التوبيخ و التعبير على الذنب و إشاعة الفاحشة.

ثمَّ إنّ الإصرار. تارة: محرز بالوجدان.

و أخرى‏: بأمارة معتبرة.

و رابعة: مشكوك.

و لا ريب في وجود موضوعهما في الأولين كما لا ريب في عدمه في الثالثة، و مقتضى أصالة البراءة و قاعدة الصحة، و ظهور حال المسلم عدم الوجوب في الأخيرة أيضا.

و ثالثة: محرز عدمه بالعلم أو الأمارة المعتبرة.

نصّا، و إجماعا قال الرضا عليه السّلام في خبر ابن شاذان: «الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجبان إذا أمكن و لم يكن خيفة على النفس»۲۲.

و عن الصادق عليه السّلام في خبر مسعدة: «و ليس على من يعلم ذلك في هذه الهدنة من حرج إذا كان لا قوّة و لا عدد و لا طاعة»۲۳.

و عنه عليه السّلام أيضا: «من تعرّض لسلطان جائر فأصابته بليّة لم يؤجر عليها و لم يرزق الصبر عليها»۲4، و يدل عليه أيضا قاعدة نفي الضرر و الحرج و سهولة الشريعة.

و احتمال التعارض بينها و بين أدلة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا وجه له، لأنّ مثل هذه الأدلة حاكمة على الإطلاقات و العمومات فلا وجه لتوهم التعارض ثمَّ ملاحظة الترجيح بينها.

و أما قول الباقر عليه السّلام في خبر ابن عصمة: «يكون في آخر الزمان قوم ينبع فيهم قوم مراؤن فينفرون و ينسكون حدثاء سفهاء لا يوجبون أمرا بمعروف و لا نهيا عن منكر إلّا إذا آمنوا الضرر يطلبون لأنفسهم الرخص و المعاذير- إلى أن‏ قال- هنالك يتم غضب اللّه عليهم فيعمهم بعقوبة»۲٥ فمحمول على طائفة خاصة من الناس يدعون العلم و ليسوا بعالمين و لا مقتدين بعالم في أعمالهم.

لأنّه المدار في غالب الأحكام في شرع الإسلام ما لم يدل دليل على الخلاف مضافا الى قاعدة نفي الضرر و الحرج كما تقدم.

لظهور الاتفاق على التعميم هذا مضافا إلى إطلاق بعض ما مرّ من الأخبار۲٦.

لانتفاء موضوع الوجوب حينئذ، لأنّ موضوعه إنّما هو تحقق الإصرار على الإثم في ترك المعروف أو فعل المنكر و لا إثم مع العذر.

مثل ما إذا كان الشي‏ء غير معروف عند أحد- اجتهادا أو تقليدا- و كان معروفا عند آخر- كذلك- و تركه الأول فلا مورد لوجوب الأمر بالمعروف، لما تقدم آنفا و هكذا في المنكر و ستأتي فروع اخرى تتعلق بذلك.

ثمَّ إنّه قد نسب إلى بعض العلماء اعتبار شرط آخر و هو: أن يكون الآمر بالمعروف و الناهي عن المنكر عاملا بما يأمر و تاركا لما ينهى عنه، لقوله تعالى:

أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ‏۲۷، و قوله تعالى‏ لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ‏۲۸، و كذا قوله تعالى‏ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ‏۲۹.

و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر محمد بن أبي عمير: «إنّما يأمر بالمعروف و ينهي عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال: عامل بما يؤمر به، تارك لما ينهى عنه، عادل فيما يأمر، عادل فيما ينهى، رفيق فيما يأمر، رفيق فيما ينهى»۳۰.

و فيه: أنّها إما في مقام الترغيب إلى العمل بالمعروف و المنكر كالآيات المتقدمة. أو في مقام بيان المرتبة الكاملة من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كالإمام المعصوم عليه السّلام و من تابعه متابعة عملية من كل جهات لا قولية فقط، فلا ربط لها بالمقام.

(مسألة ٥): لو شك في تحقق بعض شرائط الوجوب- المتقدمة فلا يجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر (۱۹).

لأصالة البراءة بعد عدم صحة التمسك بالإطلاقات، لأجل الشك في الموضوع، بل هناك قاعدة لا بد من التنبيه عليها و هي:

قاعدة حرمة إيذاء المؤمن و إضراره نفسا و مالا إلا ما خرج بالدليل القطعي، و مدرك هذه الأدلة الأربعة:

فمن العقل حكمه الجزمي البتي بقبح الظلم و الإيذاء، و الإيذاء ظلم.

و من الإجماع إجماع المسلمين، بل العقلاء.

و من الكتاب آيات كثيرة:

منها: قوله تعالى‏ وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً۳۱.

و من السنة ما تكون فوق التواتر بين الفريقين بالسنة شتى ففي الكافي عن الصادق عليه السّلام: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد من المؤذون لأوليائي فيقوم قوم‏ ليس على وجوههم لحم فيقال هؤلاء الذين آذوا المؤمنين و نصبوا لهم» و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر محمد بن أبي عمير: «إنّما يأمر بالمعروف و عاندوهم و عنفوهم في دينهم ثمَّ يؤمر بهم إلى جهنم»۳۲.

و عن الباقر عليه السّلام: «لا تؤذي المؤمن و لا تجهل على الجاهل»۳۳.

و في النبوي المعروف: «إنّ اللّه يعذّب الذين يعذبون الناس في الدنيا»۳4، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة، و قد أرسل صاحب الجواهر هذه القاعدة إرسال المسلّمات.

و على هذا تكون موارد الشك في جواز الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر حراما إن ترتب عليهما الأذية و الإضرار فلا بد من ملاحظة هذه الجهة و للإيذاء و الإضرار مراتب متفاوتة جدّا، و مقتضى الأدلة حرمة جميع مراتبهما.

نعم، مع اجتماع شرائط جواز الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ينتفي موضوع الحرمة كما في جميع موارد إقامة الحدود و التعزيرات.

(مسألة ٦): لإنكار المنكر مراتب: الأولى: إظهار الانزجار القلبي و الكراهة القلبية. الثانية: الإظهار بالقول و اللسان. الثالثة: باليد و الفعل (۲۰).و لكل من هذه المراتب الثلاثة مراتب متفاوتة أيضا الأيسر فالأيسر، و لا تصل النوبة إلى كل لاحق من حصول المقصود بالسابق (۲۱)، فيجب دفع المنكر بالقلب أولا بإظهار الكراهة، و إن لم ينفع ذلك انتقل إلى الإعراض و اقتصر على الأيسر فالأيسر و إن لم ينفع ذلك انتقل إلى اللسان مع مراعاة الأيسر من القول فالأيسر و لو لم ينفع ذلك انتقل إلى الضرب (۲۲).

إجماعا، و نصوصا، بل وجدانا بالنسبة إلى المراتب الثلاثة قال الباقر عليه السّلام في خبر جابر: «فأنكروا بقلوبكم، و الفظوا بألسنتكم و صكوا بها جباههم و لا تخافوا في اللّه لومة لائم، فإن اتعظوا و إلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم‏ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ‏ أولئك لهم عذاب أليم هناك فجاهدوهم بأبدانكم و أبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا و لا باغين مالا و لا مرتدين بالظلم ظفرا حتى يفيؤا إلى أمر اللّه و يمضوا على طاعته»۳٥، و عن عليّ عليه السّلام: «من ترك إنكار المنكر بقلبه و لسانه فهو ميت بين الأحياء»۳٦، إلى غير ذلك من الأخبار مما يستفاد منها المراتب الثلاثة.

ثمَّ إنّ الإنكار القلبيّ يتصوّر على وجوه:

الأوّل‏: مجرد الاعتقاد بحرمة المحرّمات، كالاعتقاد بوجوب الواجبات إجمالا.

الثاني‏: الاعتقاد بأصل وجوب النهي عن المنكر و الأمر بالمعروف و ليس كل منهما من النهي عن المنكر و الأمر بالمعروف في شي‏ء.

الثالث‏: إظهار الكراهة القلبية عن العصاة بكل طريق يكون مظهرا لها، و مراد الفقهاء بالإنكار القلبي ذلك دون الوجهين الأولين.

لظهور مجموع الأدلة في ذلك، مضافا إلى الاتفاق عليه، و لقاعدة حرمة إيذاء المؤمن و إضراره- التي تطابقت الأدلة الأربعة عليها- المقتصر في الخروج عنها على خصوص الأيسر فالأيسر.

للإجماع على ذلك كله، و هذا هو المأنوس بمذاق الشرع و كمال‏ رفقة في الأمور و هو المنساق من الأدلة، إذ المراد من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر البعث و الحمل على ذلك بإيجاد المعروف خارجا و التجنب عن المنكر كذلك، و حمل تارك المعروف على الفعل و فاعل المنكر على الترك لا يحصل إلا بما قلناه.

و أما ما ورد في تفسير قوله تعالى‏ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً۳۷ مما ظاهره كفاية القول فقط من قول الصادق عليه السّلام في خبر عبد الأعلى مولى آل سام:

«جلس رجل من المسلمين يبكي و قال: أنا عجزت عن نفسي و كلفت أهلي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك و تنهاهم عما تنهى عنه نفسك»۳۸.

و في خبر أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «كيف نقي أهلنا؟

قال عليه السّلام تأمرونهم و تنهونهم»۳۹.

و في خبره الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «قلت: كيف أقيهم؟ قال: تأمرهم بما أمر اللّه و تنهاهم عما نهاهم اللّه فإن أطاعوك فقد وقيتهم و إن عصوك كنت قد قضيت ما عليك».

إلى غير ذلك من الأخبار فلا بد من تقييدها بغيرها كقوله عليه السّلام: «ما جعل اللّه بسط اللسان و كف اليد و لكن جعلهما يبسطان معا و يكفان معا».

ثمَّ إنّه يعتبر في الضرب أن لا يكون موجبا للجرح و القتل و إلا فيتوقف على إذن الحاكم الشرعي الجامع للشرائط المبسوط اليد إجماعا.

و أما ما يظهر منه جواز القتل و الضرب مطلقا فلا بد من حمله على تصدّي نفس الإمام عليه السّلام أو على ثبوت إذن خاص منه كخبر عبد الرحمن قال: «إني سمعت عليّا عليه السّلام يقول يوم لقينا أهل الشام: أيّها المؤمنون إنّه من رأي عدوانا يعمل به و منكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم و برئ، و من أنكره بلسانه فقد أجر و هو أفضل من صاحبه، و من أنكره بالسيف لتكون كلمة اللّه العليا و كلمة الظالمين السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى و قام على الطريق و نوّر في قلبه اليقين».

و قول الباقر عليه السّلام في خبر جابر: «أنكروا بقلوبكم، و الفظوا بألسنتكم، و صكوا بها جباههم و لا تخافوا في اللّه لومة لائم»، يمكن حملهما على تحقق بسط اليد، و عدم الأثر للمراتب السابقة.

(مسألة ۷): أعظم مراتب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أشدّها تأثيرا خصوصا بالنسبة إلى العلماء هو أن يلبس رداء المعروف- واجبه و مندوبه- و ينزع رداء المنكر محرّمه و مكروهة و يحلي نفسه بالأخلاق الكريمة الفاضلة و يتخلّى عن الأخلاق الذميمة و هذا هو أشدّ تأثيرا من سائر المراتب خصوصا إذا أكمل ذلك بالمواعظ الحسنة و الترغيب و الترهيب وفق اللّه جميع الناس- خصوصا العلماء- لذلك (۲۳).

إجماعا من الفقهاء بل العقلاء وجدانا، و نصوصا كثيرة قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: «صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي، و إذا فسدا فسدت أمتي، قيل: يا رسول اللّه و من هما؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: الفقهاء و الأمراء»44.

و قال عليّ عليه السّلام: «زلة العالم كانكسار السفينة تغرق و تغرق»، إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة.

(مسألة ۸): لا يجوز إقامة الحدود إلا للإمام مع بسط يده أو من نصبه الإمام عليه السّلام لذلك خاصة (۲٤)، و يجوز للفقهاء الجامعين للشرائط في عصر الغيبة أيضا مع الأمن من الضرر (۲٥)، و يجب على الناس مساعدتهم على ذلك (۲٦).

إجماعا من الإمامية بل المسلمين، و لظواهر النصوص التي يأتي‏ التعرض لها في كتاب الحدود إن شاء اللّه تعالى، مع أنّه يلزم الفساد بإيكال ذلك إلى عامة الناس و سوادهم.

على المشهور بل المجمع عليه لإطلاق قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في المقبولة: «انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فلترضوا به حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما بحكم اللّه استخف و علينا رد و الراد علينا راد على اللّه تعالى و هو على حدّ الشرك باللّه عزّ و جل».

و كذا قوله عليه السّلام في مقبول أبي خديجة: «إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور لكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم، فإنّي قد جعلته قاضيا فتحاكموا عليه».

و قول الحجة «عجل اللّه تعالى فرجه الشريف»: «و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواه حديثنا فإنّهم حجتي عليكم و أنا حجة اللّه»، إذ المنساق من الجميع أنّ الشؤون الدينية التي تكون للإمام و يجوز له عليه السّلام إيكالها إلى نوابه الخاصة يتصدّى لها نائب الغيبة مع تحقق الشرائط.

إجماعا من المسلمين، و لأنّه من أهمّ موارد المساعدة لإقامة شعائر الدّين، و يصح التمسك بإطلاقات أدلة إقامة الحدود و عموماتها خرج منها العاميّ و بقي الفقيه الجامع للشرائط فلا مخصّص و مقيّد في البين، و يشهد له ما دل على أنّهم ورثة الأنبياء، و أنّه لو لا العلماء لما عرف الحق من الباطل‏٥۰.

و قال في الجواهر في ذيل كلامه في إثبات ولاية الفقيه: «بأنّ الضرورة قاضية بذلك في قبض الحقوق العامة و الولايات و نحوها بعد تشديدهم في النهي عن الرجوع إلى قضاة الجور و علمائهم و حكامهم، بعد علمهم بكثرة شيعتهم في جميع الأطراف طول الزمان و بغير ذلك مما يظهر بأدنى تأمل في النصوص- إلى أن قال رحمه اللّه-: فالمسألة من الواضحات التي لا تحتاج إلى أدلة».

أقول: مقتضى العرف و العادة في جميع المذاهب و الأديان و الملل و النحل أن يكون لعالمهم القائم مقام إمامهم أو نبيّهم جميع ما كان للإمام و النبيّ من الشؤون الدينية و المناصب مطلقا إلا ما خرج بالدليل و بحسب هذا الارتكاز يترغب الناس من العلماء صدور الكرامة و المعجزة أيضا.

إن قيل: فما الوجه في النصوص المشتملة على أنّ الحدود للإمام عليه السّلام فإنّها ظاهرة الاختصاص به عليه السّلام؟

يقال: إنّ المراد به إنّما هو الجعل الأولىّ، فإنّه عليه السّلام هو الذي جعله له هذا المنصب أولا ثمَّ هو يجعله لمن يقوم مقامه في العلم و العمل كالفتوى و القضاوة مثلا.

(مسألة ۹): للفقيه الجامع للشرائط الإذن في مجرد إقامة الحدود لغيره من أفراد المؤمنين مع وجود المقتضي و فقد الموانع (۲۷) و لو أقام أحد من المؤمنين حدّا على شخص بدون الإذن من الحاكم الشرعي مع ثبوت‏ الموضوع شرعا لديه ثمَّ استجاز من الحاكم الشرعيّ صح (۲۸).

لأنّ الظاهر أنّ نظره شرط لا أن يكون لمباشرته موضوعية خاصة.

لأنّ المسألة من صغريات جريان الفضولية في مثل هذه الأمور و قد مر أنّها مطابقة للقاعدة إلا ما خرج بالدليل.

(مسألة ۱۰): لو ثبت موضوع الحدّ عند حاكم شرعيّ و ثبت عدمه عند حاكم شرعيّ آخر يشكل الحكم بثبوت الحدّ (۲۹).

لاحتمال أن يكون مثل هذه الموارد داخلا في عموم قوله عليه السّلام:

«ادرؤا الحدود بالشبهات»٥۱، مع أنّه بعد تعارض مدرك الحكمين لا يبقى مدرك معتبر للحكم فيرجع إلى أصالة احترام النفوس و عدم التعرض لها و يأتي في الحدود بعض ما يرتبط في المقام إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة ۱۱): لو اضطره السلطان إلى إقامة حدّ جاز له إجابته (۳۰) ما لم يكن قتل نفس ظلما (۳۱).

لأنّه: «ما من شي‏ء حرّمه اللّه إلا و قد أحلّه لمن اضطر إليه»٥۲، و تدل عليه مضافا إلى الإجماع عمومات أدلّة التقية التي تكرّر ذكرها في هذا الكتاب.

نصّا، و إجماعا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «إنّما جعلت التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية»٥۳.

و الظاهر أنّ المراد به قتل النفس فلا يشمل مطلق الجرح، و في بعض العبارات «لا تقية في مثل النفوس».

(مسألة ۱۲): يجوز لكل أحد إقامة الحدّ الثابت شرعا و لو كان قتلا- لو كان مجبورا على ذلك (۳۲).

للإجماع، و إطلاق أدلة الاضطرار و التقية بلا مخصص و لا مقيد في البين، و المفروض أنّ القتل ثابت شرعا فلا يشمله قوله عليه السّلام: «فإذا بلغ الدم فلا تقية»٥4 لاختصاصه بما إذا كان ظلما و عدوانا.

(مسألة ۱۳): لو تولى أحد من الإمامية من طرف الجائر و كان قادرا بذلك على إقامة الحدود يجوز له إقامتها بعد الاستيذان من الحاكم الشرعي (۳۳).

لوجود المقتضي حينئذ و فقد المانع، و يجوز للحاكم الشرعي أن يوكله في إقامتها عنه.

(مسألة ۱٤): للمالك إقامة الحدّ على مملوكه بعد ثبوته و علمه بخصوصياته (۳٤)، و الأحوط الاستيذان من الحاكم الشرعي (۳٥)، كما أنّ الأحوط في الوالد و الزوج عدم إقامتهما الحدّ على الولد الزوجة إلا بعد الاستيذان منه (۳٦).

على المشهور، لأنّه من شؤون ولايته، و للنبوي: «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم»٥٥، و خبر ابن مصعب: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جارية لي زنت أحدّها؟ قال عليه السّلام: نعم، و لكن في سرّ، فإنّي أخاف عليك السلطان»٥٦.

و خبر ابن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام: «سأله عن رجل هل يصلح له أن يضرب مملوكه في الذنب يذنبه قال عليه السّلام: يضربه على قدر ذنبه إن زنى جلده، و إن كان غير ذلك فعلى قدر ذنبه السوط أو السوطين و شبهه و لا يفرّط في العقوبة»٥۷.

و الكل قابل للخدشة لأنّ شمول ولايته لمثل ذلك ممنوع، و النبويّ قاصر سندا و الأخيرين يمكن حملهما على تحقق الإذن من الإمام عليه السّلام.

ظهر وجه الاحتياط مما سبق.

لأصالة عدم ثبوت هذا الحق و إن ذهب جمع منهم الشهيد رحمه اللّه إلى أنّ لهما ذلك مطلقا و لا دليل لهم يصح الاعتماد عليه إلا دعوى أنّ ذلك من فروع حقهما، و لجواز ضربهما للتأديب فيجوز ذلك أيضا.

و الأول عين الدعوى، و الأخير قياس و يأتي في الحدود ما ينفع المقام إن شاء اللّه تعالى.

  1. سورة آل عمران: ۱۰٦.
  2. سورة الحج: 4۲.
  3. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱۸ و ٦ و 4.
  4. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱۸ و ٦ و 4.
  5. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱۸ و ٦ و 4.
  6. سورة آل عمران: ۱۰۰.
  7. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۲۲ و ۲4 و ۲ و ۱
  8. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۲۲ و ۲4 و ۲ و ۱
  9. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۲۲ و ۲4 و ۲ و ۱
  10. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۲۲ و ۲4 و ۲ و ۱
  11. الوسائل باب: ۲ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  12. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱۹ و ۲۱.
  13. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱۹ و ۲۱.
  14. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الأمر و النهي حديث: 4.
  15. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الأمر و النهي حديث: ۹.
  16. الوسائل باب: ۲ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  17. الوسائل باب: ۲ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  18. الوسائل باب: ۲ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۲.
  19. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  20. الوسائل باب: ۷ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۳.
  21. تقدّمت في خاتمة كتاب الجهاد.
  22. الوسائل باب: ۲ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  23. الوسائل باب: ۲ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۳.
  24. الوسائل باب: ۲ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۸.
  25. الوسائل باب: ۲ من أبواب الأمر و النهي حديث: ٦.
  26. تقدم في صفحة: ۱4۸
  27. سورة البقرة: 44.
  28. سورة الصف: ۲- ۳.
  29. سورة الصف: ۲- ۳.
  30. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۳.
  31. سورة الأحزاب: ٥۸.
  32. راجع تفسير الصافي ج: ۲ صفحة: ۳٦٦ و في الوسائل باب: ۱4٥ من أبواب العشرة.
  33. راجع تفسير الصافي ج: ۲ صفحة: ۳٦٦ و في الوسائل باب: ۱4٥ من أبواب العشرة.
  34. سنن أبي داود باب: ۳۱ من أبواب الخراج و الأمارة حديث: ۳۰4٥.
  35. الوسائل باب: ۳ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  36. الوسائل باب: ۳ من أبواب الأمر و النهي حديث: 4.
  37. سورة التحريم: ٦
  38. الوسائل باب: ۹ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱ و ۲ و ۳.
  39. الوسائل باب: ۹ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱ و ۲ و ۳.
  40. الوسائل باب: ۹ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱ و ۲ و ۳.
  41. الوسائل باب: ۳ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۲.
  42. الوسائل باب: ۳ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۸ و ۱.
  43. الوسائل باب: ۳ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۸ و ۱.
  44. البحار ج: ۲ باب: ۱۱ من أبواب كتاب العلم حديث: ۱۰ و ۳۹ ط: طهران.
  45. البحار ج: ۲ باب: ۱۱ من أبواب كتاب العلم حديث: ۱۰ و ۳۹ ط: طهران.
  46. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ۱.
  47. الوسائل باب: ۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ٥
  48. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ۹.
  49. الوسائل باب: ۸ من أبواب صفات القاضي حديث: ۲.
  50. مستدرك الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ۳۰.
  51. الوسائل باب: ۲4 من أبواب مقدمات الحدود و أحكامها حديث: 4.
  52. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ٦( كتاب الصلاة).
  53. الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الأمر و النهي الحديث: ۲.
  54. الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱
  55. مستدرك الوسائل باب: ۲۷ من أبواب مقدمات الحدود حديث: ۲.
  56. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب مقدمات الحدود حديث: ٦.
  57. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب مقدمات الحدود حديث: ۸.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"