1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصوم
  10. /
  11. فصل أقسام الصّوم أربعة
واجب، و ندب، و مكروه- كراهة عبادة- (۱) و محظور (۲).

لا ريب في تقوم العبادية بالرجحان الذاتيّ عقلا، و عرفا، و شرعا فلا بد من فرض مرجوحية العبادات المكروهة أن تكون المرجوحية في غير مرتبة الذات إما بحملها على أقلية الثواب، أو بالإضافة إلى العوارض و الملازمات الخارجية غير المنافية لرجحان أصل الذات و لا محذور في ذلك، فإنّ الدرة النفيسة إذا تلوثت بالقذارات لا يضرّ ذلك بمقام ذات الدرة و نفاسة نفسها.

فليس فيها حينئذ رجحان ذاتيّ أصلا و يكون قصد العبادية تشريعا محرما. نعم، يصح اتصافه بالرجحان الاقتضائي التعليقي كما في جميع العبادات التي تعلق النهي بذاتها كصلاة الحائض- مثلا- فيصح تصوير العبادة المحرّمة بهذا النحو.

و بعبارة أخرى: التسمية بالعبادة في هذه الموارد تعليقية اقتضائية لا أن تكون فعلية و إلا فلا وجه لها هذا بناء على الصحيح، و أما بناء على الأعمّ فالأمر واضح.

و الواجب أقسام: صوم شهر رمضان، و صوم الكفارة، و صوم القضاء، و صوم بدل الهدي في حج التمتع، و صوم النذر و العهد و اليمين، و الملتزم بشرط، أو إجارة، و صوم اليوم الثالث‏ من أيّام الاعتكاف (۳).

و ما وجب على وليّ الميت كما مر، و تقدم أدلة وجوب بعضها، و يأتي دليل وجوب البقية في محلها، فلا وجه لذكرها في المقام، مع ما يأتي من التفصيل في مستقبل الكلام.

أما الواجب فقد مرّ جملة منه، و أما المندوب منه‏ فأقسام‏ منها: ما لا يختص بسبب مخصوص و لا زمان معيّن كصوم أيّام السنة عدا ما استثني من العيدين و أيّام التشريق لمن كان بمنى- فقد وردت الأخبار الكثيرة في فضله من حيث هو، و محبوبيته، و فوائده و يكفي فيه ما ورد في الحديث القدسيّ: «الصوم لي و أنا أجازي به» (٤) و ما ورد من «أنّ الصّوم جنّة من النار» و أنّ «نوم‏ الصّائم عبادة، و صمته تسبيح، و عمله متقبّل، و دعاءه مستجاب»: و نعم ما قال بعض العلماء: من أنّه لو لم يكن في الصّوم الا الارتقاء عن حضيض حظوظ النفس البهيمية إلى ذروة التشبه بالملائكة الروحانية لكفى به فضلا و منقبة و شرفا. و منها: ما يختص بسبب مخصوص و هي كثيرة مذكورة في كتب الأدعية. و منها: ما يختص بوقت معيّن و هو في مواضع.

و المراد بقوله تعالى: «أنا أجزي به»۱ حيث إنّ الصوم يوجب صفاء العقل، و سقوط الشهوات الحيوانية، و لأنه أمر خفيّ لا يعلمه إلا اللَّه تعالى، فلذلك استحق هذه الخصيصة هذا بناء على قراءة لفظ «أجزي به» بصيغة المتكلم.

و أما بناء على قراءته بصيغة الماضي المجهول، فله معنى آخر دقيق، كما لا يخفى على أهله. هذا في غير شهر رمضان.

و أما في شهر رمضان فقد ورد في فضل صومه ما ابتهرت منه العقول- كما تقدم من الروايات التي- منها ما قال النبي (صلّى اللَّه عليه و آله): «ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب اللَّه تبارك و تعالى له سبع خصال- أولها: يذوب الحرام من جسده. و الثانية: يقرب من رحمة اللَّه عزّ و جل.

و الثالثة: يكون قد كفر خطيئة آدم أبيه. و الرابعة: يهوّن اللَّه عليه سكرات الموت. و الخامسة: أمان من الجوع و العطش يوم القيامة. و السادسة:

يعطيه اللَّه براءة من النار. و السابعة: يطعمه اللَّه من طيبات الجنة»۲.

ثمَّ إنّه لشهر رمضان فضائل كثيرة:

الأول: أنّ فيه نزل جميع الكتب السماوية من التوراة، و الإنجيل، و القرآن، قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): «نزلت التوراة في ست مضين من شهر رمضان، و نزل الإنجيل في اثنتي عشرة مضت من شهر رمضان، و نزل الزبور في ثماني عشرة مضت من شهر رمضان، و نزل الفرقان في ليلة القدرة»۳.

و قال (عليه السلام) أيضا: «غرة الشهور شهر اللَّه عز ذكره و هو شهر رمضان، و قلب شهر رمضان ليلة القدر، و نزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان، فاستقبل الشهر بالقرآن»4.

و يمكن الجمع بينهما بتعدد النزول، أو بالإجمال و التفصيل أو بالنزول إلى سماء الدنيا ثمَّ منها إلى النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله)، أو بالتبعيض في النزول بأن نزل بعضه في وقت، و بعضه الآخر في وقت آخر أو بغير ذلك.

الثاني: أنّ فيه تفتح أبواب الجنان و تغلّ فيه الشياطين، قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): «شهر رمضان، شهر مبارك، شهر فرض اللَّه عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنان و تغلّ فيه الشياطين»٥.

الثالث: أنّ للَّه عز و جل في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء و طلقاء من النار، قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): «إنّ للَّه عزّ و جل في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء و طلقاء إلا من أفطر على مسكر، فإذا كان في آخر ليلة منه أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه»٦.

الرابع: و هو أهمّها أنّ فيه ليلة القدر التي هي «خير من ألف شهر».

و لا بأس بالتعرض لبعض ما يتعلق بها.

الأول: لا ريب في أصل ثبوته كتابا، و سنة متواترة بين الفريقين، و إجماعا بين المسلمين، و أنّها باقية إلى يوم القيامة بإجماع الإمامية، و نصوصهم المستفيضة. قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): «لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن»۷.

الثاني: تنزل فيها الملائكة كتابا و سنة متواترة، و تنزل بكل ما للَّه تعالى تقدير بالنسبة إلى عبادة من العزّة و الذلة، و الغنى، و الفقر، و الصحة، و القسم، و الموت، و الحياة، و السفر إلى غير ذلك من قضائه و تقديره بالنسبة إلى عبادة. و تنزل التقديرات على الإمام المعصوم في كل زمان. فليلة القدر و الإمام المعصوم، و القرآن متلازمون و مع رفع أحدها يرفع الآخران، و ذلك لا يكون إلا قبل قيام الساعة بزمان يسير. قال (عليه السلام): «و حينئذ ترفع الحجة»۸، و قال الصادق (عليه السلام): «إنّ آخر من يموت الإمام»۹.

أقول: بدء البشر بالحجة و هو آدم (عليه السلام) و تختم بموت الحجة و لا يعلمه إلا اللَّه تعالى و ذلك كله لئلا يكون للناس على اللَّه حجة و تكون الحجة للَّه تعالى على الخلق.

الثالث: أنّها واحدة أو متعددة؟ ليلة القضاء الحتمي الذي لا يرد و لا يبدل، و الإبرام الذي لا بداء فيه واحدة لا محالة: و يمكن التعدد بحسب مراتب التقدير و مراتب القضاء و لا مانع فيه ثبوتا و إثباتا، و بذلك يجمع بين الروايات‏۱۰ فراجع، فإنّ هذه المباحث لا تناسب المقام.

الخامس: مما أوجب زيادة الفضل لشهر رمضان وقوع أعظم الفتوحات الإسلامية النبوية فيه و هو فتح بدر يوم السابع عشر فيه الذي ضبط تفصيله في جميع التواريخ الإسلامية. إلى غير ذلك من فضائل هذا الشهر التي تعرض لها

الفريقان فيما كتبوا في هذا الشهر بالخصوص و لنشر إلى بعض ما قلناه:

الصّوم جنّة من العذاب‏ و هو نجاة نشأة الحساب‏
تقرّب من حضرة الرّحيم‏ تشبه بالملك الكريم‏
يقرّب النّفس إلى المعارف‏ يعرفه وجدان كلّ عارف‏
يربطها بالملكوت الأعلى‏ بل جبروت صار منه أولى‏
ينوّر القلوب بالعرفان‏ يهدي إلى حقائق القرآن‏
يريهم مراتب التّنزيل‏ يكشف عنهم شبه التّأويل‏
ليس لأجرهم به حدود و لا جزاء صبرهم معدود
بل أجرهم يعطى بلا نهاية لظاهر الحديث و الرّواية
لقد تجلّى مبدأ المبادي‏ في مظهر الصوّام من عبادي‏
أنفاسهم تسبيح ذات الباري‏ و نومهم عبادة الجبّار
لهم نشاط ساعة الإفطار و آخر عند لقي القهّار
و النّور نور اللَّه في جبينهم‏ و السّرّ سرّ اللَّه في حنينهم‏
يخصّهم زمرة أملاك السّما تبرّكا بما لديهم من دعا
فأمسكوا عن شهوات النّفس‏ توافكم نعماء ذات القدس‏
و استدركوا ما فات من أعمار و امتثلوا لعالم الأسرار
و اغتنموا الصّوم ففيه احترزا عن كلّ مكروه يرى يوم الجزا
هذا الصّيام هو كفّ الشّهوة فكيف صومكم بكفّ الخطرة
عن غير ذات الأحد القيّوم‏ المهيمن العظيم و الدّيموم‏
و لازموا أحكام ما للصّائم‏ لتخرجوا عن رتبة البهائم‏
و الصّوم سلّم إلى السّلامة في النّشأة الدّنيا و في القيامة
منها: و هو آكدها (٥) صوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر فقد ورد أنّه «يعادل صوم الدهر، و يذهب بوحر الصدر» و أفضل كيفياته ما عن المشهور، و يدل عليه جملة من الأخبار و هو: أن يصوم أوّل خميس من الشهر و آخر خميس منه و أول أربعاء في العشر الثاني و من تركه يستحب له قضاؤه (٦)، و مع العجز عن صومه لكبر و نحوه يستحب أن‏ يتصدّق عن كلّ يوم بمد من طعام أو بدرهم (۷).

و في الجواهر: «أنّه دون الوجوب بيسير» و تدل عليه روايات متواترة منها: صحيح حماد عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) على صيام ثلاثة أيام في الشهر، و قال: يعدلن صوم الدّهر، و يذهبن بوحر الصدر»۱۱. و الوحر: الوسوسة، و الحقد، و الغضب، و الغيظ، و في موثق زرارة قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): بما جرت السنة من الصوم؟ فقال (عليه السلام):

ثلاثة أيام من كل شهر: الخميس في العشر الأول، و الأربعاء في العشر الأوسط، و الخميس في العشر الآخر، قال: فقلت: هذا جميع ما جرت به السنة في الصوم؟ قال (عليه السلام): نعم»۱۲.

للإجماع، و النص. قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «و لا يقضي شيئا من صوم التطوع إلا الثلاثة الأيام التي كان يصومها في كل شهر»۱۳. و إن‏ كان الفوت لعذر من سفر، أو مرض، أو نحوهما يمكن أن يقال: بعدم تأكد استحباب القضاء مع بقاء أصل الاستحباب، لانصراف التأكيد عن هذه الصورة.

لنصوص مستفيضة، فعن عيص بن القاسم قال: «سألته عمن لم يصم الثلاثة الأيام من كل شهر و هو يشتد عليه الصيام، هل فيه فداء؟

قال (عليه السلام): مدّ من طعام كل يوم»۱4، و عن عمر بن يزيد قال:

«قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): إنّ الصوم يشتد عليّ، فقال لي: لدرهم تصدق به أفضل من صيام يوم، ثمَّ قال (عليه السلام): و ما أحب أن تدعه»۱٥.

فروع- (الأول): مقتضى بعض الأخبار إجزاء صوم ثلاثة أيام من كل شهر مطلقا، و أنّ الكيفية المعهودة من باب تعدد المطلوب. قال أبو بصير:

«سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام): عن صوم السنة، فقال (عليه السلام):

صيام ثلاثة أيام من كل شهر: الخميس، و الأربعاء، و الخميس يذهب ببلابل القلب. و حرّ الصدور إن شاء الاثنين و الأربعاء و الخميس، و إن شاء صام في كل عشرة يوما، فإنّ ذلك ثلاثون حسنة، و إن أحب أن يزيد على ذلك فليزد»۱٦.

و عن عمار بن موسى عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) قال: «سألته عن الرجل تكون عليه من الثلاثة أيام الشهر، هل يصلح له أن يؤخرها أو يصومها في آخر الشهر؟ فقال (عليه السلام): لا بأس، فقلت: يصومها متوالية أو يفرق بينها؟ قال: ما أحب، إن شاء متوالية، و إن شاء فرق بينها»۱۷.

و في الجواهر: «و حمل ذلك على خصوص القضاء لا داعي إليه».

أقول: و يظهر التعميم من التعليلات الواردة في أنّ هذا الصوم تعادل صوم الدهر من قولهم (عليه السلام) يقول عزّ و جل‏ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها۱۸، فيكون بمنزلة من صام تمام الشهر، مع أنّه قد جرت سيرة الفقهاء على حمل القيود الواردة في المندوبات على تعدد المطلوب إلا إذا دل دليل على الخلاف، و لا دليل كذلك في المقام.

(الثاني): يصح تأخيرها اختيارا من الصيف إلى الشتاء إجماعا، و نصّا، فعن أبي حمزة قال: «قلت لأبي جعفر (عليه السلام): صوم ثلاثة أيام في الشهر أؤخره في الصيف إلى الشتاء، فإنّي أجده أهون عليّ؟

فقال (عليه السلام): نعم، فأحفظها»۱۹. و يستفاد من قوله: «أهون عليّ» أنّ في كل مورد يكون أهون لا بأس بالتأخير.

(الثالث): لو كان في أول الشهر خميسان يتأكد استحباب الصوم في أولهما، و كذا لو كان في آخر الشهر خميسان يتأكد استحباب الصوم في آخرها، لقول الصادق (عليه السلام): «فصم آخرهما فإنّه أفضل»۲۰.

(الرابع): لو صادف هذه الأيّام أياما استحب صومها أو وجب، فقصدهما يثاب عليهما.

(الخامس): لا يبعد أن يقال: بحصول امتثال الأمر بصوم هذه الأيام لو صامها و لو بقصد صوم آخر و لم يقصدها فإنّ المنساق من الأدلة تحقق طبيعة الصوم في هذه الأيام بأيّ عنوان كان، فيكون مثل صوم الاعتكاف، و صلاة الهدية في المسجد، فراجع و تأمل.

و منها: صوم أيّام البيض من كلّ شهر و هي الثالث عشر، و الرابع عشر، و الخامس عشر على الأصح (۸) المشهور، و عن العماني: أنّها الثلاثة المتقدمة.

بل عند العلماء كافة، كما عن العلامة في التذكرة، لما ورد عن النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) في قضية قبول توبة آدم (عليه السلام) في هذه الأيام۲۱، و سئل رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): «عن صوم أيام البيض، فقال (عليه السلام): صيام مقبول غير مردود»۲۲. و لا دليل على ما نسب إلى العماني، بل هو مخالف لوجه التسمية، كما لا يخفى، و كذا ما نسب إلى الصدوق من أنها منسوخة بصوم الأربعاء بين الخميسين، لأنّه مخالف للأصل و الإجماع.

و منها: صوم يوم مولد النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) و هو السابع عشر من ربيع الأول على الأصح (۹) و عن الكليني (رحمه اللَّه): إنّه الثاني عشر منه.

لجملة من الأخبار منها: ما عن أبي الحسن عليّ بن محمد (عليه السلام): «أن الأيّام التي تصام فيهنّ أربع: منها: يوم مولد النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) يوم السابع من شهر ربيع الأول»۲۳. و ما نسب إلى الكليني لم يظهر له دليل، مع أنّه موافق للجمهور، فلعله صدر ذلك منه (رحمه اللَّه) تقية.

و منها: صوم يوم الغدير (۱۰) و هو الثامن عشر من ذي الحجة.

لجملة من الأخبار منها: قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «صوم يوم غدير خم كفارة ستين سنة»۲4.

و منها: صوم يوم مبعث النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) (۱۱) و هو السابع و العشرون من رجب.

لجملة من الأخبار. قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): «لا تدع صيام يوم سبعة و عشرين من رجب، فإنّه هو اليوم الذي أنزلت فيه النبوة على محمد (صلّى اللَّه عليه و آله) و ثوابه مثل ستين شهرا لكم»۲٥.

و منها: يوم دحو الأرض (۱۲) من تحت الكعبة و هو: اليوم الخامس و العشرون من ذي القعدة.

لجملة من الأخبار، منها ما عن أبي الحسن الأول (عليه السلام): «و في خمسة و عشرين من ذي القعدة وضع البيت- إلى أن قال- فمن صام ذلك اليوم كتب اللَّه له صيام ستين شهرا»۲٦، و في بعض الأخبار: «فمن صام ذلك اليوم كان كفارة سبعين سنة»۲۷، و قد ورد عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): «ليلة خمس و عشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم (عليه السلام)، و ولد فيها عيسى بن مريم»۲۸.

و منها: يوم عرفة لمن لا يضعفه الصّوم عن الدّعاء (۱۳).

لقول الصادق (عليه السلام): «صوم يوم التروية كفارة سنة، و يوم عرفة كفارة سنتين»۲۹، و عن محمد بن مسلم قال: «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن صوم يوم عرفة، فقال (عليه السلام): من قوي عليه فحسن إن لم يمنعك من الدعاء، فإنّه يوم دعاء و مسألة فصمه و إن خشيت أن تضعف عن ذلك فلا تصمه»۳۰.

و يمكن أن يحمل عليه ما ورد من عدم صوم بعض الأئمة (عليهم السلام)۳۱ أو عن بيان أصل الترخيص، كما في بعض الأخبار۳۲ إذ لا دليل من‏

عقل أو نقل يدل على أنّه لا بد لكل إمام أن يأتي بكل مندوب. هذا إذا ثبت الهلال شرعا، و إلا فالمسألة من دوران الأمر بين الندب و الحرمة.

و منها: يوم المباهلة (۱٤) و هو الرابع و العشرون من ذي الحجة.

على المشهور بين الأصحاب و لم أجد نصّا يدل عليه عاجلا، و كفى بالشهرة وجها بعد كون الحكم مبنيا على التسامح و بعد كونه من أشرف الأيام.

و منها: كلّ خميس و جمعة معا أو الجمعة فقط (۱٥).

أما الخميس فلما يستفاد من الأخبار من أنّه يوم عرض الأعمال‏۳۳ فينبغي أن يكون العبد صائما.

و أما الجمعة، فلقول أبي الحسن الرضا (عليه السلام): «من صام يوم الجمعة صبرا و احتسابا أعطي ثواب صيام عشرة أيام غر زهر لا تشاكل أيام الدنيا»۳4.

و منها: أول ذي الحجة بل كلّ يوم من التسع فيه (۱٦).

لقول موسى بن جعفر (عليه السلام): «من صام أول يوم من العشر عشر ذي الحجة كتب اللَّه له صوم ثمانين شهرا- فإن صام التسع كتب اللَّه عزّ و جل له صوم الدّهر»۳٥.

و منها: يوم النيروز (۱۷).

لقول الصادق (عليه السلام) في يوم النيروز: «إذا كان يوم النيروز

فاغتسل و البس أنظف ثيابك، و تطيّب بأطيب طيبك، و تكون ذلك اليوم صائما»۳٦.

و منها: صوم رجب و شعبان كلا أو بعضا و لو يوما من كلّ منهما (۱۸).

لقاعدة الميسور في هذا الفضل العظيم، و قد ورد في فضل صومها ما تبهر منه العقول فراجع الوسائل و غيرها خصوصا ما كتب في فضل الأشهر الثلاثة من العامة و الخاصة، و ادعى في الجواهر: «ضرورة الدّين على الرجحان»، بل عن بعض العامة الوجوب في الجملة.

و قال‏ الباقر (عليه السلام): «من صام من رجب يوما واحدا من أوله أو وسطه أو آخره أوجب اللَّه له الجنة، و جعله معنا في درجتنا يوم القيامة»۳۷.

و عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): «كان رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) يكثر الصيام في شعبان- إلى أن قال- و كان يقول: شعبان شهري، و هو أفضل الشهور بعد شهر رمضان، فمن صام فيه يوما كنت شفيعه يوم القيامة»۳۸.

و منها: أول يوم من المحرّم و ثالثة و سابعه (۱۹).

أما أوله: فلما عن الريان بن شبيب قال: «دخلت على الرضا (عليه السلام) في أول يوم من المحرّم، فقال لي: صائم أنت يا ابن شبيب؟ فقلت: لا، فقال: إنّ هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا (عليه السلام) ربّه فقال: «ربّ هب لي من لدنك ذرية طيبة إنّك سميع الدعاء» فاستجاب اللَّه له، و أمر الملائكة فنادت زكريا و هو قائم يصلي في المحراب: «إنّ اللَّه يبشرك بيحيى»، فمن صام هذا اليوم ثمَّ دعا اللَّه عزّ و جل‏ استجاب اللَّه له، كما استجاب لزكريا- الحديث-»۳۹.

و أما ثالثة، فللنبوي: «من صام اليوم الثالث من المحرم استجيبت دعوته»، و في بعض التواريخ إنّه يوم خرج فيه يوسف من السجن.

و أما السابع فلم أجد له دليلا فيما تفحصت عاجلا. نعم، ذكره في الجواهر و في نجاة العباد، و ذخيرة المعاد و لم يذكر له دليل، و في المروي عن ابن عباس: «إذا أصبحت من تاسعة فأصبح صائما»، و عن الصادق (عليه السلام): إنّ عليا (عليه السلام) قال: صوموا، العاشوراء، التاسع و العاشر، فإنه يكفر ذنوب سنة». و لكنّهما كما ترى في التاسع لا السابع، مع معارضته في العاشر بغيره‏، و إمكان الحمل على التقية.

و منها: التاسع و العشرون من ذي القعدة (۲۰).

لما روي أنّه يوم إنزال الكعبة، و أنّ صيامه يكون كفّارة سبعين سنة كما تقدم.

و منها: صوم ستة أيّام (۲۱) بعد عيد الفطر بثلاثة أيّام أحدها العيد (۲۲).

لقول السجاد (عليه السلام): «أما الصوم الذي يكون صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة و الخميس و الاثنين، و صوم البيض، و صوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان، و صوم يوم عرفة، و يوم عاشوراء، فكل ذلك صاحبه فيه بالخيار إن شاء صام و إن شاء أفطر»44 و الأولى أن يأتي بالستة رجاء.

لقول أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «لا صيام بعد الأضحى ثلاثة أيام و لا بعد الفطر ثلاثة أيام إنّها أيام أكل و شرب» و المراد دخول الفطر و الأضحى، فيشمل نفسهما أيضا.

و منها: يوم النّصف من جمادى الأولى (۲۳).

ذكره في النجاة، و الذخيرة و لم أجد نصا يدل عليه عاجلا، و لعله لأجل الشكر، لأنّه يوم فتح البصرة على يد أمير المؤمنين (عليه السلام).

(مسألة ۱): لا يجب إتمام صوم التطوّع بالشروع فيه، بل يجوز له الإفطار إلى الغروب و إن كان يكره بعد الزوال (۲٤).

أما الأول، فيدل عليه- مضافا إلى الأصل، و الإجماع- قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «صوم النافلة لك أن تفطر ما بينك و بين الليل متى ما شئت به». و أما الأخير، فلقول عليّ (عليه السلام): «الصائم تطوعا بالخيار ما بينه و بين نصف النهار، فإذا انتصف فقد وجب الصوم» المحمول على كراهة الإفطار بعد الزوال جمعا، و إجماعا.

(مسألة ۲): يستحب للصائم تطوّعا قطع الصّوم إذا دعاه أخوه المؤمن إلى الطّعام (۲٥)، بل قيل بكراهته حينئذ (۲٦). و أما المكروه منه بمعنى: قلة الثواب (۲۷): ففي مواضع أيضا منها: صوم عاشورا (۲۸)، و منها: صوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدّعاء الذي هو أفضل من الصّوم، و كذا مع الشك في هلال ذي الحجة (۲۹) خوفا من أن يكون يوم العيد. و منها: صوم الضيف‏ بدون إذن مضيفه، و الأحوط تركه مع نهيه، بل الأحوط تركه مع عدم إذنه أيضا (۳۰).

إجماعا، و نصوصا منها قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام):

«لإفطارك في منزل أخيك المسلم أفضل من صيامك سبعين ضعفا أو تسعين ضعفا»، و عن أبي جعفر (عليه السلام): «من نوى الصوم ثمَّ دخل على أخيه، فسأله أن يفطره عنده فليفطر و ليدخل عليه السرور، فإنّه يحتسب له بذلك اليوم عشرة أيام».

و مقتضى إطلاقها عدم الفرق بين المندوب و الواجب الموسع كما هو ظاهر المحقق (رحمه اللَّه) و غيره إلا أن يدّعى انصرافها عن الواجب.

كما عن المحقق، و الفاضل، و الشهيد، و في المدارك و غيره الاعتراف بعدم وقوفهم فيها على نصّ. و قد يستدل بقول الصادق (عليه السلام): «إذا دخلت منزل أخيك، فليس لك معه أمر»٥۰، و بقوله (عليه السلام) أيضا: «إذا قال لك أخوك كل و أنت صائم فكل و لا تلجئه إلى أن يقسم عليك»٥۱.

و استدل أيضا بفتوى مثل المحقق (رحمه اللَّه) بناء على التسامح في الكراهة حتى بهذا القدر و له وجه. و يمكن القول بالاختلاف: باختلاف الأشخاص و الحالات، فيكره بالنسبة إلى بعض الأشخاص و الحالات دون بعض.

أو سائر ما قيل في توجيه العبادات المكروهة كالمزاحمة بما هو أفضل منه و نحوها.

لقول أبي جعفر (عليه السلام): «أ فصوم يكون في ذلك اليوم؟

كلا و ربّ البيت الحرام ما هو يوم صوم، و ما هو إلا يوم حزن دخلت على أهل السماء و الأرض»٥۲، و ما ورد في فضل صومه‏٥۳ إما محمول على الإمساك حزنا إلى العصر لا بقصد الصوم المعهود، أو على التقية.

لقول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في خبر سدير في صوم يوم عرفة «إنّه يوم دعاء و مسألة و أتخوف أن يضعفني عن الدعاء و أكره أن أصومه، و أتخوّف أن يكون يوم عرفة يوم أضحى و ليس بيوم صوم»٥4.

لخبر الزهري: «و الضيف لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه»٥٥ و عن النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) في وصيته لعليّ (عليه السلام): «و لا يصوم الضيف تطوعا إلا بإذن صاحبه»٥٦.

و عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): إذا دخل رجل بلدة فهو ضيف على من بها من أهل دينه حتى يرحل عنهم، و لا ينبغي للضيف أن يصوم إلا بإذنهم لئلا يعملوا له الشي‏ء، فيفسد عليهم- الحديث-»٥۷.

و عنه (صلّى اللَّه عليه و آله) أيضا: «من فقه الضيف أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه- إلى أن قال (صلّى اللَّه عليه و آله)- و إلا كان الضيف جاهلا»٥۸ و ظهور هذه الأخبار في الكراهة مما لا ينكر مع قصور سندها عن إثبات التحريم، و دعوى الإجماع على الكراهة.

و عن جمع منهم الشيخان إطلاق النهي عن صومه بدون الإذن. و يمكن حمله على الكراهة أيضا، و لكن عن المحقق في المعتبر، و الحليّ، و العلامة أنّه لا يصح و ادعى في المعتبر الإجماع عليه، و لكنه خالف نفسه في الشرائع فقال: «إنّه يبطل مع النهي لا أن يعتبر في صحته الإذن» و لا دليل لهم على شي‏ء من ذلك إلا ما تقدم من الخبر، و دعوى الإجماع غير المعتبر، و العرف‏ و الاعتبار يشهد بالكراهة أيضا.

نعم، لو ترتب عليه محرّم من إيذاء أو نحو ذلك يمكن القول بالحرمة حينئذ، لتعنون نفس الصوم حينئذ بالعنوان المحرّم.

و منها: صوم الولد بدون إذن والده (۳۱)، بل الأحوط تركه خصوصا مع النّهي (۳۲)، بل يحرم إذا كان إيذاء له من حيث شفقته عليه (۳۳)، و الظاهر جريان الحكم في ولد الولد بالنسبة إلى الجدّ (۳٤)، و الأولى مراعاة إذن الوالدة و مع كونه إيذاء لها يحرم كما في الوالد (۳٥).

لقول رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): «من بر الولد أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن أبويه- إلى أن قال (صلّى اللَّه عليه و آله)- و إلا كان الولد عاقا»٥۹.

عن جمع منهم: العلامة، و الشهيد، و الفخر عدم الصحة، لظاهر الخبر. و فيه: أنّ للعقوق مراتب و لا دليل على كونه بجميع مراتبه حراما، و في الحديث: «أدنى العقوق- أن يقول لهما- أف»٦۰، مع أنّ العقوق في الخبر إنّما هو بالنسبة إلى ترك البر لا الإيذاء، و كونه حراما أول الدعوى.

لأنّ حرمة إيذائهما لا ريب فيها، بل يحرم إيذاء كل مؤمن، فكيف بالوالدين.

لإطلاق الأب بالنسبة إليه أيضا لو لا دعوى الانصراف إلى الولد فقط.

أما مع الإيذاء فلا ريب في الحرمة. و أما مع العدم، فمقتضى إطلاق قوله (صلّى اللَّه عليه و آله): «أبويه» ذلك أيضا إلا أن يقال: إنّ‏ المقصود به خصوص الوالد كما هو صريح عنوان المحقق في الشرائع.

و أما المحظور منه: ففي مواضع أيضا: أحدها: صوم العيدين الفطر و الأضحى (۳٦)، و إن كان عن كفارة القتل في أشهر الحرم و القول بجوازه للقاتل شاذ و الرواية الدالة عليه ضعيفة سندا و دلالة (۳۷). الثاني: صوم أيّام التشريق و هي: الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر من ذي الحجة، لمن كان بمنى و لا فرق على الأقوى بين الناسك و غيره (۳۸). الثالث: صوم يوم الشك في أنّه من شعبان، أو رمضان بنية أنّه من رمضان و أما بنية أنّه من شعبان، فلا مانع منه كما مرّ (۳۹). الرابع: صوم وفاء نذر المعصية بأن ينذر الصّوم إذا تمكن من الحرام الفلاني، أو إذا ترك الواجب الفلاني يقصد بذلك الشكر على تيسّره (٤۰) و أما إذا كان بقصد الزّجر عنه فلا بأس به (٤۱). نعم، يلحق بالأول في الحرمة ما إذا نذر الصّوم زجرا عن طاعة صدرت عنه، أو عن معصية تركها. الخامس: صوم الصّمت بأن ينوي في صومه السكوت عن الكلام في تمام النهار أو بعضه يجعله في نيته من قيود صومه (٤۲)، و أما إذا لم يجعله قيدا و إن صمت، فلا بأس به (٤۳)، بل و إن كان في حال النية بانيا على ذلك إذا لم يجعل الكلام جزءا من المفطرات و تركه قيدا في صومه. السادس: صوم الوصال و هو: صوم يوم و ليلة إلى السحر أو صوم يومين بلا إفطار في البين (٤٤)، و أما لو أخر الإفطار إلى السحر أو إلى الليلة الثانية مع عدم قصد جعل تركه جزءا من الصوم، فلا بأس به و إن كان الأحوط عدم التأخير إلى السحر مطلقا (٤٥). السابع: صوم الزوجة مع المزاحمة لحق الزّوج (٤٦) و الأحوط تركه بلا إذن منه (٤۷)، بل لا يترك الاحتياط مع نهيه عنه و إن لم يكن مزاحما لحقه (٤۸). الثامن: صوم المملوك مع المزاحمة لحق المولى، و الأحوط تركه من دون إذنه، بل لا يترك الاحتياط مع نهيه (٤۹). التاسع: صوم الولد مع كونه موجبا لتألم الوالدين و أذيتهما (٥۰). العاشر: صوم المريض و من كان يضرّه الصّوم. الحادي عشر: صوم المسافر إلا في الصور المستثناة على ما مرّ (٥۱). الثاني عشر: صوم الدّهر حتّى العيدين على ما في الخبر (٥۲) و إن كان يمكن أن يكون من حيث اشتماله عليهما لا لكونه صوم الدّهر من حيث هو (٥۳).

بإجماع المسلمين و المتواترة من نصوص المعصومين (عليهم السلام) و ما لا ملاك فيه و لا خطاب كيف يتصور فيه الصحة؟! خصوصا مع النهي الفعلي عنه، و إطلاق الصوم عليه اقتضائيّ تعليقيّ لا أن يكون فعليا.

أما القائل فهو الشيخ، و أما الخبر فهو عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «رجل قتل رجلا في الحرم قال (عليه السلام):

عليه دية و ثلث و يصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم و يعتق رقبة و يطعم ستين مسكينا قال قلت: يدخل في هذا شي‏ء قال: و ما يدخل؟ قلت: العيدان و أيام التشريق قال (عليه السلام): يصوم فإنّه حق لزمه»٦۱، و مخالفته للإجماع، و النصوص المستفيضة جعله من الشاذ الذي أمرنا بطرحه مع إجمال قوله (عليه السلام): «يصوم ..».

لإطلاق جملة من الأخبار منها: قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام):

«نهى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) عن صوم ستة أيام العيدين و أيام التشريق، و اليوم يشك فيه من رمضان»٦۲ و يأتي التفصيل في محله.

راجع [مسألة ۱٦] من أول كتاب الصوم.

إجماعا، و اعتبارا، و نصّا قال (عليه السلام): «و صوم نذر المعصية حرام»٦۳.

و يسمّى هذا نذر الزجر و لا إشكال في صحته، و لكنّه على قسمين:

الأول: الزجر عن ترك الطاعة أو فعل المعصية و هو صحيح.

الثاني: الزجر عن فعل الطاعة، أو ترك المعصية و هو باطل كما يأتي في محله و منه يظهر حكم ما يأتي في المتن.

إجماعا، و اعتبارا، و نصّا قال (عليه السلام): «و صوم نذر المعصية حرام»٦۳.

لأنّه المتيقن مما دل على بطلان صيام الصمت من الإجماع و الأخبار قال (عليه السلام): «لا صمت يوما إلى الليل»٦4، و قوله (عليه السلام): «صوم الصّمت حرام»٦٥، فلا وجه حينئذ لما يقال:

من أنّ النهي تعلق بما هو خارج عن حقيقة الصّوم فلا وجه للبطلان، لأنّه مع أخذه قيدا مقوّما للصّوم تعلق النّهي بذات الصّوم حينئذ.

لتحقق قصد أصل الصّوم منه حينئذ و يكون ما وقع منه من الصّمت خارجا غير دخيل في حقيقة الصّمت و إن كان بانيا عليه إذ البناء عليه أعمّ من جعله من مقوّمات الصّوم و دخيلا في ذاته.

إجماعا. و نصّا قال (عليه السلام) في صحيح زرارة: «صوم الوصال حرام»٦٦، و في صحيح ابن حازم: «لا وصال في صيام»٦۷، و في صحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام): «الوصال في الصّيام أن يجعل عشاءه سحوره»٦۸، و قال (عليه السلام): «الواصل في الصّيام يصوم يوما و ليلة- و يفطر في السحر»٦۹، و في خبر سليمان عن أبيه عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «أنّه سأله عن صوم شعبان و رمضان لا يفصل بينهما قال (عليه السلام): «إذا أفطر من الليل فهو فصل، و إنّما قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): لا وصال في صيام يعني: لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير إفطار»۷۰ فيكون كل منهما حراما.

هذا إذا جعل ذلك قيدا في الصّوم كما مرّ في صوم الصّمت. و لو لم يكن بنحو التقييد فلا دليل على البطلان، بل مقتضى الأصل عدمه، لأنّ المتيقن من الإجماع إنّما هو إذا كان ذلك بنحو القيد فقط، و أما ما ورد من أن النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): «كان يواصل، فقيل له في ذلك، فقال: إنّي لست كأحدكم إنّي أظلّ عند ربّي فيطعمني و يسقيني»۷۱، فهو طور غير طور التكاليف الظاهرية، و يمكن أن يكون ذلك من مختصاته كما أن قوله (صلّى اللَّه عليه و آله): «يطعمني و يسقيني» يكون مختصّا به.

جمودا على إطلاق قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في صحيح الحلبي- المتقدم-: «الوصال في الصّيام أن يجعل عشاءه سحوره».

نصّا، و إجماعا قال (عليه السلام): «ليس للمرأة أن تصوم تطوّعا إلا بإذن زوجها»۷۲ و المتيقن منهما إنّما هو صورة المزاحمة.

بدعوى: استفادة سبق الإذن مما مر من الحديث، و لكنه‏ مخدوش‏ أولا: بأنّ الزوج ليس مالكا لجميع منافعها مطلقا حتى يتوقف استيفاؤها لها على إذنه.

و ثانيا: بما رواه ابن جعفر عن أخيه (عليه السلام): «سألته عن المرأة تصوم تطوعا بغير إذن زوجها؟ قال (عليه السلام): لا بأس»۷۳ المحمول على صورة عدم المزاحمة جمعا و إجماعا.

لكونه مظنّة الإجماع كما في الجواهر.

إجماعا، و نصّا في الأول قال (عليه السلام): «لا يصوم العبد

تطوعا إلا بإذن مولاه»۷4، و يحتمل شمول الإطلاق لصورة عدم المزاحمة أيضا، فيكون تركه أحوط، و مع سبق النهي و عدم المزاحمة تكون الحرمة مظنة الإجماع.

لأنّه المعلوم من مورد وجوب إطاعتهما و حرمة مخالفتهما.

تقدم ما يتعلق بهما في (فصل شرائط صحة الصوم) فراجع.

قال عليّ بن الحسين (عليهما السلام) في خبر الزهري: «صوم الدّهر حرام»۷٥، و في وصية النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) لعليّ (عليه السلام) قال: «و صوم الدّهر حرام»۷٦، و عن زرارة قال: «سألت أبا عبد اللَّه عن صوم الدّهر فقال (عليه السلام): لم نزل نكرهه»۷۷ و ظاهره- كما في المستند- أنّ حرمته لاشتماله على العيدين فلا يحرم بدون صومهما.

يشهد له موثق سماعة عن صوم الدّهر فقال (عليه السلام):

«لا بأس أن يصوم يوما و يفطر يوما»۷۸.

(مسألة ۳): يستحب الإمساك تأدبا في شهر رمضان و إن لم يكن صوما في مواضع (٥٤). أحدها: المسافر إذا ورد أهله أو محل الإقامة بعد الزوال مطلقا، أو قبله، و قد أفطر، و أما إذا ورد قبله و لم يفطر، فقد مرّ أنّه يجب عليه الصّوم. الثاني: المريض إذا برئ في أثناء النّهار و قد أفطر، و كذا لو لم يفطر إذا كان بعد الزوال، بل قبله أيضا على ما مرّ من عدم صحة صومه، و إن كان الأحوط تجديد النية و الإتمام ثمَّ القضاء. الثالث: الحائض و النفساء إذا طهرتا في أثناء النهار. الرابع: الكافر إذا أسلم في أثناء النهار أتى بالمفطر أم لا. الخامس: الصبيّ إذا بلغ في أثناء النّهار. السادس: المجنون و المغمى عليه إذا أفاقا في أثنائه. تمَّ كتاب الصوم‏

على المشهور المدعى عليه الإجماع، و يجمعها خبر الزهري عن عليّ بن الحسين (عليه السلام): «أما صوم التأديب: بأن يؤخذ الصبيّ إذا راهق بالصوم تأديبا بفرض، كل من أفطر لعلة في أول النهار ثمَّ قوي بعد ذلك أمر بالإمساك بقية يومه تأدبا و ليس بفرض، و كذا المسافر إذا أكل من أول النهار ثمَّ قدم أهله أمر بالإمساك بقية يومه تأديبا و ليس بفرض، و كذلك الحائض إذا طهرت أمسكت بقية يومها»۷۹ و تقدم ما يتعلق بالمقام في (فصل شرائط صحة الصوم و وجوبه) فراجع، و المنساق منه صوم شهر رمضان. هذا مضافا إلى ظهور إجماعهم على استحباب الإمساك في هذه الموارد.

  1. الوسائل باب: ۱ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۱٥.
  2. الوسائل باب: ۱ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 4.
  3. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱٦.
  4. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۸.
  5. الوسائل باب: ۱ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۱٥.
  6. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ۹.
  7. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: ٥.
  8. الوافي باب: ۳ من أبواب الاضطرار إلى الحجة.
  9. الوافي باب: ۳ من أبواب الاضطرار إلى الحجة.
  10. راجع الوسائل باب: ۳۲ و ۳۳ من أبواب أحكام شهر رمضان.
  11. الوسائل باب: ۷ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۱.
  12. الوسائل باب: ۷ من أبواب الصوم المندوب حديث: ٦.
  13. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۲.
  14. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۱.
  15. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۳.
  16. الوسائل باب: ۷ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۲۳.
  17. الوسائل باب: ۹ من أبواب الصوم المندوب حديث: 4.
  18. الوسائل باب: ۷ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۱۹ و ۲۱ و غيره.
  19. الوسائل باب: ۹ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۱.
  20. الوسائل باب: ۷ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۳.
  21. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۱.
  22. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الصوم المندوب حديث: 4.
  23. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۱.
  24. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الصوم المندوب حديث: ٥.
  25. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۱.
  26. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الصوم المندوب حديث: 4.
  27. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۲.
  28. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۱.
  29. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۱۱.
  30. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الصوم المندوب حديث: 4.
  31. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الصوم المندوب حديث: ٦.
  32. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۹ و ۱۳.
  33. الوسائل باب: ۷ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۸ و ۱۱.
  34. الوسائل باب: ٥ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۲.
  35. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۲ و ۳.
  36. الوسائل باب: ۲4 من أبواب الصوم المندوب حديث: ۱.
  37. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب الصوم المندوب حديث: ٥.
  38. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۱۲.
  39. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۲.
  40. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۹.
  41. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۱۰.
  42. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۲.
  43. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب الصوم المندوب حديث: 4 و غيره.
  44. الوسائل باب: ٥ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۱.
  45. الوسائل باب: ۳ من أبواب صوم المحرم و المكروه حديث: ۱.
  46. الوسائل باب: 4 من أبواب وجوب الصوم و نيته و حديث: ۹.
  47. الوسائل باب: 4 من أبواب وجوب الصوم و نيته و حديث: ۱۱.
  48. الوسائل باب: ۸ من أبواب آداب الصائم حديث: ٦.
  49. الوسائل باب: ۸ من أبواب آداب الصائم حديث: ۱.
  50. الوسائل باب: ۸ من أبواب آداب الصائم حديث: ۱4.
  51. الوسائل باب: ۸ من أبواب آداب الصائم حديث: ۱۱.
  52. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۲.
  53. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب الصوم المندوب.
  54. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الصوم المندوب حديث: ٦.
  55. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صوم المحرّم و المكروه حديث: ۱.
  56. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صوم المحرّم و المكروه حديث: 4.
  57. الوسائل باب: ۹ من أبواب صوم المحرّم و المكروه حديث: ۱.
  58. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صوم المحرّم و المكروه حديث: ۲.
  59. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الصوم المحرّم و المكروه حديث: ۲.
  60. الوسائل باب: ۱۰4 من أبواب أحكام الأولاد حديث: ۲.
  61. الوسائل باب: ۸ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ۷.
  62. الوسائل باب: ۱ من أبواب الصوم المحرّم و المكروه حديث: ۷.
  63. الوسائل باب: ٦ من أبواب الصوم المحرّم و المكروه حديث: ۱.
  64. الوسائل باب: ٥ من أبواب الصّوم المحرّم و المكروه حديث: ۱.
  65. الوسائل باب: ٥ من أبواب الصّوم المحرّم و المكروه حديث: ۲.
  66. الوسائل باب: 4 من أبواب الصّوم المحرّم و المكروه حديث: ٦.
  67. الوسائل باب: 4 من أبواب الصّوم المحرّم و المكروه حديث: ۲.
  68. الوسائل باب: ۳ من أبواب الصّوم المحرّم و المكروه حديث: ۷.
  69. الوسائل باب: ۳ من أبواب الصّوم المحرّم و المكروه حديث: ۹.
  70. الوسائل باب: ۳ من أبواب الصّوم المحرّم و المكروه حديث: ۱۰.
  71. الوسائل باب: ۳ من أبواب الصّوم المحرّم و المكروه حديث: 4.
  72. الوسائل باب: ۸ من أبواب الصّوم المحرّم و المكروه حديث: ۱.
  73. الوسائل باب: ۸ من أبواب الصوم المحرّم و المكروه حديث: ٥.
  74. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الصوم المحرّم و المكروه حديث: 4.
  75. الوسائل باب: ۷ من أبواب الصوم المحرّم و المكروه حديث: ۲.
  76. الوسائل باب: ۷ من أبواب الصوم المحرّم و المكروه حديث: ۳.
  77. الوسائل باب: ۷ من أبواب الصوم المحرّم و المكروه حديث: 4.
  78. الوسائل باب: ۷ من أبواب الصوم المحرّم و المكروه حديث: ٥.
  79. راجع الوسائل باب: ۲۳ و باب: ۲۸ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۱.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"