1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب القضاء
  10. /
  11. في تعارض اليدين و البينتين‏
(مسألة ۱): إذا تعارضت اليد الفعلية مع اليد السابقة أو الملكية السابقة تقدم اليد الفعلية (۱)، فلو كانت عند زيد فعلا و كانت سابقا تحت يد عمرو أو كانت من ممتلكاته يحكم بأنه لزيد (۲)، و على عمرو إن ادعاها إقامة البينة و مع عدمها فله الحلف على زيد (۳).

لأنها دليل معتبر شرعا و عرفا، ما لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف، و المفروض عدمها إذ ليس في البين إلا استصحاب بقاء حكم اليد السابقة، و هو باطل، لما ثبت في الأصول من تقدم اليد على الاستصحاب مطلقا. نعم لو أقام ذو اليد السابقة بينة على أن صاحب الفعلية أخذ العين عنه غصبا أو إجارة أو عارية، تقبل بينته و يسقط اعتبار اليد الفعلية، لأن البينة مقدمة على اليد.

لما مر من حجية اليد الفعلية بلا معارض لها في البين.

إما إقامة البينة على عمرو، فلأنه يكون مدعيا لما في يد زيد، و أما مع عدمها يكون له الحلف على زيد، فلقاعدة: «البينة على المدعي و اليمين على من أنكر».

(مسألة ۲): لو أقر ذو اليد الفعلية بأن ما في يده كان لذي اليد السابقة و انتقل إليه بناقل شرعي لا تقبل دعواه في النقل إلا بالبينة و مع عدمها يحلف المنكر على بطلان دعواه و تسقط يده عن الاعتبار (٤).

لأنه مقر له، و مدع لانتقال ما في اليد إليه من مالكه، فلا تقبل هذه الدعوى منه إلا بإقامة البينة، و المنكر موجود فعلا، و مع عدمها يحلف المنكر و تسقط اليد عن الاعتبار، لأن ظاهر قوله ان يده إنما تكون لهذه الجهة فقط، و سقوطه بالحلف يلازم سقوط يده أيضا.

(مسألة ۳): إذا تعارضت البينات في شي‏ء واحد يعمل فيها بالمرجحات المعتبرة (٥)، و مع فقدها ينصّف إن كان في يدهما أو لم يكن يد عليه أو كان في يد ثالث (٦) و لكن الأحوط التصالح و التراضي مطلقا (۷)، و إن كان في يد أحدهما و قلنا بترجيح اليد الداخلة يكون له (۸)، و إلا فيصير كما لا يد عليه، و المورد يختلف باختلاف الخصوصيات و القرائن التي لا بد من إحاطة الحاكم الحاضر للخصومة بها (۹).

لأنها المرتكزة في الأذهان، و يدور عليها الخبران المتعارضان، و الظاهر عدم الخصوصية فيهما، بل من باب أنهما طريقان لإحراز الواقع، مع أن بعض المرجحات ورد في أخبار المقام أيضا۱، و الظاهر بل المقطوع به أنه من باب المثال، فراجع ما ذكرناه في كتابنا (تهذيب الأصول) فلا وجه للتكرار هنا.

لما مر سابقا من عدم الترجيح بلا مرجح بعد قصور شمول أدلة القرعة في المقام، لأنها لا بد في مورد جريانها من الانجبار بعمل الأصحاب، و هو غير معلوم في المقام، مع أنه ورد التنصيف في المقام، كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى، و في الأول- أي إذا كان الشي‏ء في يدهما- يصير بينة كل منهما خارجة بالنسبة إلى يد الآخر، فيرجح من هذه الجهة أو بينة كل منهما لما في يده، و كذا في الصورة الأخيرة ان قلنا بالترجيح حتى مثل ذلك، و لكنه مشكل.

ثمَّ إن المقام من إحدى المسائل التي اختلفت فيها الروايات، و لأجل ذلك اختلفت الأقوال حتى أنهاها بعضهم إلى تسعة بل أزيد، و لعل سر اختلاف الروايات أن المورد يختلف باختلاف القرائن الخارجية الموجبة للاطمئنان، و لم يبينها الإمام عليه السلام لمصالح، مع انه ليس بيان خصوصيات الموضوع من شأنه عليه السلام.

أما الأخبار الواردة في المقام فأقسام:

الأول‏: قول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل يأتي القوم فيدعي دارا في أيديهم و يقيم البينة و يقيم الذي في يده الدار البينة أنه ورثها عن أبيه، و لا يدري كيف كان أمرها؟ قال:

أكثرهم بينة يستحلف و تدفع إليه، و ذكر أن عليا عليه السلام أتاه قوم يختصمون في بغلة، فقامت البينة لهؤلاء أنهم أنتجوها على مذودهم. و لم يبيعوا و لم يهبوا [و قامت البينة لهؤلاء بمثل ذلك‏] فقضى عليه السلام بها لأكثرهم بينة و استحلفهم»۲.

الثاني‏: خبر إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام: «إن رجلين اختصما إلى أمير المؤمنين عليه السلام في دابة في أيديهما، و أقام كل واحد منهما البينة أنها نتجت عنده، فأحلفهما علي عليه السلام فحلف أحدهما و أبى الآخر أن يحلف، فقضى بها للحالف، فقيل له: فلو لم تكن في يد واحد منهما و أقاما البينة؟ فقال: أحلفهما، فأيهما حلف و نكل الآخر جعلتها للحالف، فإن حلفا جميعا جعلتها بينهما نصفين. قيل: فإن كانت في يد أحدهما و أقاما جميعا البينة؟ قال: اقضى بها للحالف الذي هي في يده»۳.

الثالث‏: خبر غياث عنه عليه السلام أيضا: «أن أمير المؤمنين عليه السلام اختصم إليه رجلان في دابة، كلاهما أقاما البينة أنه أنتجها، فقضى بها للذي هي في يده، و قال: لو لم يكن في يده جعلتها بينهما نصفين»۱۸، و قريب منه خبر جابر عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم‏۴.

الرابع‏: خبر منصور قال: «قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: رجل في يده شاة فجاء رجل فادعاها، فأقام البينة العدول أنها ولدت عنده و لم يبع و لم يهب، فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: حقها للمدعي و لا اقبل من الذي في يده بينة، لأن اللَّه عزّ و جل إنما أمر أن تطلب البينة من المدعي، فإن كانت له بينة و إلا فيمين الذي هو في يده، هكذا أمر اللَّه عزّ و جل»۵.

الخامس‏: ما في المرسل عن علي عليه السلام: «في البينتين تختلفان في الشي‏ء الواحد، يدعيه الرجلان أنه يقرع بينهما فيه إذا عدلت بينة كل واحد منهما، و ليس في أيديهما، و أما إذا كان في أيديهما فهو فيما بينهما نصفان، و إن كان في يد أحدهما فالبينة فيه على المدعي و اليمين على المدعى عليه»۶.

السادس‏: صحيح الحلبي قال: «سئل أبو عبد اللَّه عليه السلام عن رجلين شهدا على أمر، و جاء آخران فشهدا على غير ذلك فاختلفوا؟ قال عليه السلام: يقرع بينهم فأيهم قرع فعليه اليمين، و هو أولى بالحق»۷.

السابع‏: موثق سماعة۸، قال: «إن رجلين اختصما إلى علي عليه السلام في دابة، فزعم كل واحد منهما أنها نتجت على مذوده، و أقام كل واحد منهما بينة سواء في العدد، فأقرع بينهما سهمين فعلم السهمين، ثمَّ قال: (اللهم رب السماوات السبع و رب الأرضين السبع و رب العرش العظيم، عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم أيهما كان صاحب الدابة، و هو أولى بها، فأسألك أن يقرع و يخرج سهمه)، فخرج سهم أحدهما فقضى له بها»، و قريب منه خبر ابن سنان عنه أيضا۹.

الثامن‏: خبر تميم: «أن رجلين ادعيا بعيرا فأقام كل واحد منهما بينة فجعله أمير المؤمنين عليه السلام بينهما»۱۰.

التاسع‏: الرضوي: «فإذا ادعى رجل على رجل عقارا أو حيوانا أو غيره، و أقام بذلك بينة، و أقام الذي في يده شاهدين، فإن الحكم فيه أن يخرج الشي‏ء من يد مالكه الى المدعي، لأن البينة عليه»۱۱.

العاشر: خبر زرارة: «رجل شهد له رجلان، بأن له عند رجل خمسين درهما، و جاء آخران فشهدا أن له عنده مائة درهم و كلهم شهدوا في موقف، قال عليه السلام: أقرع بينهم ثمَّ استحلف الذين أصابتهم القرعة باللَّه إنهم يشهدون بالحق»۱۲.

الحادي عشر: خبر العطار: «في رجل كانت له امرأة، فجاء رجل بشهود شهدوا أن هذه المرأة امرأة فلان، و جاء آخران فشهدا أنهما امرأة فلان، فاعتدل الشهود و عدلوا، قال عليه السلام: يقرع بين الشهود فمن خرج اسمه فهو المحق، و هو أولى بها»۱۳.

الثاني عشر: خبر السكوني عن الصادق عن آبائه عليهم السلام: «أن عليا عليه السلام قضى في رجلين ادعيا بغلة، فأقام أحدهما شاهدين و الآخر خمسة، فقال عليه السلام: لصاحب الخمسة خمسة أسهم، و لصاحب الشاهدين سهمين»۱۴.

الثالث عشر: ما عن الصادق عليه السلام في خبر الثقفي: «في رجل ادعى على امرأة أنه تزوجها بولي و شهود، و أنكرت المرأة ذلك، فأقامت أخت هذه المرأة على رجل آخر البينة أنه تزوجها بولي و شهود، و لم يوقتا وقتا، أن البينة بينة الزوج، و لا تقبل بينة المرأة، لأن الزوج قد استحق بضع هذه المرأة و تريد أختها فساد النكاح، فلا تصدق و لا تقبل بينتها إلا بوقت قبل وقتها أو دخول بها»۱۵.

إلى غير ذلك من الأخبار، و لا وجه للعمل بكل واحد من هذه الأخبار مع قطع النظر عن جميعها، بل لا بد من رد بعضها إلى بعض، و مطلقاتها إلى مقيداتها، و متشابهاتها إلى محكماتها، و طرح نادرها و ضعافها، ثمَّ الأخذ بالمتحصل من الجميع، كما هو الشأن في جميع الأخبار المتعارضة الواردة في موارد كثيرة من الفقه، و يمكن حمل اختلاف هذه الأخبار على اختلاف‏ الخصوصيات بالموضوع التي لا يضبطها ضابطة كلية، و حينئذ تسقط هذه الأخبار عن الاستدلال في كل مورد. و لا بد أولا من بيان أمور:

الأول‏: قد بينا في الأصول أن التعارض بين الأمارة- بيّنة كانت أو غيرها- لا يوجب سقوطها مطلقا، بل هي باقية على الحجية الاقتضائية في نفي الثالث و إعمال المرجحات، و إنما الساقط هي الحجية الفعلية فقط في مورد المعارضة، فالفعلية بالمعارضة ساقطة لا الواقعية الاقتضائية.

الثاني‏: اصطلحوا على البينة تارة: بالداخلية، و هي بينة ذي اليد المتشبثة بها، و الخارجية أخرى: و هي غير المتشبثة بها، و المشهور بين الفقهاء أنه عند تعارض البينة الداخلية و الخارجية، تقدم البينة الخارجية و تلغى البينة الداخلية، و ادعوا على ذلك الإجماع، و تمسكوا بخبر منصور عن الصادق عليه السلام: «رجل في يده شاة فجاء رجل فادعاها، فأقام البينة العدول أنها ولدت عنده و لم يهب و لم يبع، و جاء الذي في يده بالبينة مثلهم عدول أنها ولدت عنده و لم يهب و لم يبع، فقال عليه السلام: حقها للمدعي، و لا أقبل من الذي في يده بينة، لأن اللَّه تعالى أمر أن يطلب البينة من المدعي، فإن كانت له بينة و إلا فيمين الذي هو في يده، هكذا أمر اللَّه عزّ و جل»۳۱، و ما يدل على تقديم بينة الداخل‏۱۶، محمول أو مطروح.

الثالث‏: الترجيح في الأمارات المتعارضة- بينة كانت أو غيرها- في الجملة من الفطريات العقلائية في شؤونهم العرفية و الاجتماعية، فما ورد في ترجيح الأخبار المتعارضة- كما بيناه في الأصول- و البينات المتعارضة كما في المقام ليس أمرا تعبديا، بل من العرفيات الدائرة بين أهل العرف، و منه يعلم صحة التعدي من المرجحات المنصوصة إلى كل ما يراه ثقات أهل الخبرة مرجحا، و يعتمد عليه في الترجيح.

الرابع‏: بعد تحقق الترجيح في إحدى البيّنتين يعمل بها، لإطلاق ما دل‏ على حجية البينة، و لا يحتاج إلى التحليف حينئذ، فما في بعض الأخبار من الاحتياج إليه‏۱۷، لا بد من حمله على الندب أو طرحه.

الخامس‏: الظاهر شمول حكم تعارض البيّنتين لما إذا كان مورده عينا أو دينا أو حقا، و إن كان مورد جملة من الأخبار هو الأول- كما عرفت- و لكن المعلوم أنه من باب الغالب لا الخصوصية.

السادس‏: الفرق بين التعارض في المقام. و ما ورد في الأخبار المتعارضة، أن الثاني بعد التكافؤ من كل جهة ورد فيه التخيير، بخلاف المقام إذ لم يحتمل أحد تخيير الحاكم بل لا بد من الرجوع إلى القرعة حينئذ أو التنصيف، بحسب الخصوصيات المحفوفة بالمقام، أو مما يفيض اللَّه تعالى علم الفراسة لمن يشاء.

لما عرفت من كثرة الاختلاف في الأدلة.

لكونها مرجحة حينئذ على غيرها.

لأن الحاضر يرى ما لا يراه الغائب، كما هو المرتكز في الأذهان.

(مسألة ٤): لو شهدت إحدى البينتين بالملك الفعلي و الأخرى بالملك سابقا مع عدم تضمن شهادتها للملك الفعلي، تقدم البينة على الملك الفعلي (۱۰)، و لو تضمنت شهادة السابق أو الأسبق للملك الفعلي أيضا يعمل بالقرائن الموجبة للاطمئنان بتقديم إحداهما (۱۱).

لوجود المقتضي و عدم المانع، بعد فرض عدم تضمن شهادة السابق‏ للملكية الفعلية.

لفرض انحصار الأمر في حصول الظن الاجتهادي الفقهي في ذلك، و نسب إلى المشهور تقديم الأسبق لسبقه، و هو على إطلاقه مشكل، و أما صحيح عبد اللَّه بن سنان عن علي عليه السلام: «كان إذا اختصم إليه الخصمان في جارية، فزعم أحدهما أنه اشتراها، و زعم الآخر أنه أنتجها، فكانا إذا أقاما البينة جميعا، قضى بها للذي أنتجت عنده»۱۸، فهو من القرينة على ترجيح بينة المنتج، لأن الإنتاج قرينة عرفية على تقديم بينة المنتج. و مع عدم وجود القرينة يحكم بالقرعة، و الاحتياط في التصالح و التراضي.

(مسألة ٥): إذا ادعى شيئا لا يد لأحد عليه، و أقام بينة عند حاكم فحكم له و ادعاه شخص آخر و أقام بينة عند حاكم آخر فحكم له، لا بد حينئذ من تجديد أصل المرافعة عند أحدهما- أو عند حاكم آخر- مع بيان التفصيل (۱۲).

لعدم تحقق فصل الخصومة بعد، و لا بد من الاستئناف حينئذ.

(مسألة ٦): لا فرق في تعارض البينات بين أن يكون التخاصم بين اثنين أو أكثر، و تكون لكل واحد منهم بينة (۱۳).

لجريان جميع ما تقدم فيها، فلا وجه للإعادة بالتكرار.

  1. الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم ۱ و ٥ و غيرهما.
  2. الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۱.
  3. الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم.
  4. الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم.
  5.  سنن البيهقي ج: ۱۰ صفحة: ۲٥٦.
  6.  الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۱4.
  7.  مستدرك الوسائل: باب ۱۰ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۱.
  8.  الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۱۱.
  9.  الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۱۲.
  10.  الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۱٥.
  11. الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: 4.
  12.  مستدرك الوسائل: باب: ۱۰ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۳.
  13.  الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۷.
  14.  الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۸.
  15.  الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۱۰.
  16.  الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۱۳.
  17.  الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۱4.
  18.  الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ٥ و ۳.
  19. الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۲.
  20.  الوسائل: باب ۱۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۱٥.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"