1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب القضاء
  10. /
  11. الفصل الثامن في أقسام وصول حكم قاض إلى قاض آخر
(مسألة ۱): لا يعتبر حكم الحاكم و لا أثر له إلا بالإنشاء لفظا، فلا عبرة بالإنشاء كتبا (۱)، فلو كتب حاكم إلى حاكم آخر الحكم و أراد الإنشاء بالكتابة لا يجوز للثاني إنفاذه (۲)، حتى مع علمه بأن الكتابة له و علم بقصده أيضا (۳).

للأصل، و الإجماع، و النص، فعن علي عليه السلام في خبر السكوني: «أنه كان لا يجيز كتاب قاض إلى قاض في حد و لا غيره، حتى ولّيت بنوا أمية فأجازوا بالبينات»۱، و مثله غيره.

لأنه باطل، و لا يجوز إنفاذ الباطل بالضرورة.

لإطلاق ما مر من الدليل الشامل لهذه الصورة أيضا، و لكن في إطلاق الحكم تأمل، لأنه يمكن أن يقال إن المتيقن من إجماعهم و المنصرف من النص- على فرض اعتباره- غير صورة اليقين بحكمه بكل جهة.

(مسألة ۲): وصول حكم الحاكم بعد تحقق إنشائه خارجا إلى حاكم آخر إما بالكتابة أو القول. أما الأولى:- بأن يكتب إلى حاكم آخر حكمه- فلا عبرة بها و إن علم أن الكتابة منه (٤) أما الثاني .. فتارة: يكون شهادة على إنشائه السابق فقط.. و أخرى: يكون بحضور الثاني. و ثالثة: يكون بالبينة. ففي الاولى: لا يقبل إلا بشهادة عادل آخر (٥)، و أولى بذلك ما إذا قال ثبت عندي كذا (٦). و في الثانية: (۷) يجب إنفاذه و إن كان خارجا عن المقام موضوعا (۸). و أما الثالثة: فيجب الإنفاذ على الحاكم الآخر (۹)، و كذا إن علم حكم الحاكم بالتواتر أو إقرار المتخاصمين أو القرائن القطعية (۱۰).

لما مر من الأصل، و الإجماع، و النص، و قلنا إن في إطلاقه تأمل.

أما عدم قبول قول نفسه، فللأصل بعد عدم دليل يدل عليه من عقل أو نقل. و أما القبول مع ضم شاهد آخر، فلما دلّ على اعتبار البينة و قبولها الشامل بعمومه و إطلاقه للمقام أيضا.

لعدم كونه حكما حتى يجب إنفاذه، و يحرم ردّه بل هو إخبار عن موضوع خارجي، ربما يكتفى فيه بقول الثقة أيضا، كما في جملة من الموضوعات الخارجية.

أي ما إذا كان الحاكم الثاني حاضرا في مجلس حكم الحاكم الأول عند إنشائه.

أما خروجه الموضوعي عن المقام، لأن إنشاء الحكم لدى الحاكم الثاني شي‏ء، و إيصال الحكم المنشأ إليه شي‏ء آخر، و هما موضوعان مختلفان لغة و عرفا و شرعا. و أما وجوب إنفاذه، فلما دلّ على وجوب إنفاذ حكم الحاكم الجامع للشرائط، الشامل بعمومه و إطلاقه للمقام أيضا.

لحجية البينة شرعا، الشامل عموم حجيتها للمقام أيضا.

لحجية التواتر الموجب للقطع عند العقلاء، و كذا القرائن المعتبرة الموجبة للعلم، و تقدم في كتاب الإقرار أيضا حجيته، إذا صدر من أهله و في محله.

(مسألة ۳): كل حاكم جامع للشرائط إذا حكم بحكم كذلك يجب إنفاذه و يحرم رده (۱۱)، سواء وصل ذلك إلى الحاكم الثاني أو لا (۱۲)، و لا أثر للوصول إلى الحاكم الثاني في ذلك (۱۳)، و إنما يظهر أثره في إبلاغ حكم الحاكم الأول إلى الأطراف لو كان بسط يد الحاكم الثاني أكثر من الأول، أو في التأكيد و التثبت و نحوها (۱٤).

إجماعا من المسلمين، و نصوصا منهم، منها قول أبي عبد اللَّه عليه السلام:

«.. فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه، فإنما استخف بحكم اللَّه، و علينا رد، و الرادّ علينا الرادّ على اللَّه، و هو على حد الشرك باللَّه»۲.

لإطلاق الأدلة، و عمومها الشامل لكل منهما، مضافا إلى الإجماع.

للأصل، و ظهور الإطلاق، و الاتفاق، إلا في موارد تأتي إليها الإشارة.

لأنه بعد ترتب وجوب الإنفاذ و حرمة الرد على إنشاء حكم الأول، لا بد من وجود أثر للإنهاء إلى الثاني، و أثره إما تقوية الحكم إن كان الثاني أقوى من الأول عند الناس، أو نشره في الأطراف إن كان أبسط يدا من الأول، أو إجبار الناس على العمل به إن كان أقدر، أو غير ذلك مما يتصور.

(مسألة ٤): يجب الإنفاذ- على ما مر- مطلقا (۱٥)، إلا في الثبوت بالبينة فلا ينفذ بها من هذه الجهة (۱٦)، و أما من حيث أقامه الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيجوز الإنفاذ بها أيضا (۱۷)، و يعتبر في البينة هنا كل ما يعتبر في سائر الموارد (۱۸)، من الشرائط و شهودها بأن الحاكم حكم بذلك (۱۹)، و يكفي علمهما بذلك (۲۰).

سواء كان في حقوق اللَّه تعالى، أم حقوق الناس، لعموم الدليل الشامل لكل منهما.

لدعوى الإجماع من الفقهاء، و سيرتهم العملية على التفرقة بينهما من هذه الجهة.

لإطلاق أدلة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و عمومها الشامل لهذه الصورة.

لعموم أدلة اعتبار تلك الشرائط، و إطلاقها الشامل للمقام و غيره.

للأصل، و الإطلاق، و الإجماع.

كما في سائر الموارد، لأن للعلم حجية ذاتية، و تشمله جميع الأدلة.

(مسألة ٥): لو أخبر الحاكم الأول بخصوصيات المتخاصمين و تمام جهاتهما و تمام ما يتعلق بمجلس الحكم و شرائط تحققه إلى حاكم آخر لا يكفي إلا بضم بينة أخرى تشهد كذلك (۲۱).

لأصالة عدم الاعتبار إلا ما خرج بالدليل، و لم يخرج منه إلا البينة.

نعم لو حصل العلم للحاكم للحاكم الثاني بحكم الأول من هذه الجهات و الخصوصيات، فله العمل بعلمه، و يمكن أن يجمع بين الكلمات بذلك، فراجعها تجدها متشتتة و مختلفة.

(مسألة ٦): لا فرق فيما مر بين ثبوت الحكم لدى الحاكم الأول بالحلف أو بالبينة أو بشاهد واحد و يمين و لا بين حكمه على الحاضر و الغائب (۲۲)، و لا بد في الجميع من ضبط تمام الخصوصيات و الجهات الجزئية و إيصالها إلى الحاكم الثاني (۲۳).

لإطلاق الأدلة، و عمومها الشامل لجميع ما يتصور من الفروض في المقام، من غير دليل على الخلاف.

لفرض أنه كمرآة يحكي عن الأول، و كأنه وقعت المخاصمة لدى الثاني بجميع الجهات و الخصوصيات، كما في نقل جميع القضايا التي تترتب‏ عليها الآثار على جميع أجزائها و جزئياتها.

(مسألة ۷): يجب على الحاكم الثاني إيقاف الحكم لو لم يتضح له الأمر و لو بجزئي من جزئياتها (۲٤)، فلا بد له من استبانته لجميع ذلك بحجة معتبرة (۲٥).

لأنه مع عدم الاتضاح يكون من الحكم بغير ما أنزل اللَّه تعالى، و هو محرم بالأدلة الأربعة، كما تقدم.

لاعتبار ذلك في تنفيذ كل حكم إلهي، عقلا و نقلا.

(مسألة ۸): لا فرق فيما مر بين بقاء الحاكم الأول على حياته أو موته و لا بين بقاء كل الشرائط و بين زوال بعضها لعروض جنون أو نسيان (۲٦). نعم لو ظهر فسق الحاكم الأول بعد إنشاء الحكم جامعا للشرائط حين الإنشاء فالأحوط للحاكم الثاني استئناف النظر (۲۷).

للعموم، و الإطلاق، و الأصل، الدال كل ذلك على اعتبار الحكم بعد صدوره جامعا للشرائط، فيجب تنفيذه، و يحرم نقضه إلا أن يعلم أن الحكم كان لمصلحة وقتية لا دائمية.

لما نسب إلى جمع من بطلان أصل الحكم بظهور الفسق، و لكن لا دليل لهم من عقل، أو نقل، بل ظاهر الأصل، و العموم، و الإطلاق على الخلاف، إلا إذا ثبت أن ثبوت الفسق كان حين إنشاء الحكم، و حينئذ لا فرق بينه و بين سائر الموانع. لو ثبت كونها حين الإنشاء.

(مسألة ۹): لو أقرّ المدعى عليه عند الحاكم الثاني بأنه المحكوم عليه و هو المشهود عليه ألزمه الحاكم (۲۸)، و لو أنكر و كان شهادة الشهود على عينه لم يسمع إنكاره و الزم به (۲۹)، و كذا لو شهد الشهود بالأوصاف الملازمة له عند العرف بحيث يوجب حصول الاطمئنان العادي به (۳۰)، و إن لم يكن من هذا و لا ذاك يقبل قوله بيمينه و على المدعي إقامة البينة بأنه هو (۳۱).

لوجود المقتضي لذلك بإقراره، و فقد المانع عنه، فلا بد له من إلزامه به.

للإجماع، و لأنه إنكار بعد تمامية الحجة من كل جهة على الثبوت، إلا إذا رجع قوله إلى جرح الشهود، فلا بد له حينئذ من إثبات الجرح في الشهود حين الشهادة.

لظهور الإجماع، و حجية الظواهر الموجبة للاطمئنان عند العقلاء، ما لم يعلم الخلاف.

أما أن القول قوله بيمينه، فلفرض عدم ثبوت ذلك بالنسبة إليه بعد، فمقتضى الأصل عدم كونه هو المشهود عليه، فيقبل قوله باليمين، و أما أن على المدعي إقامة البينة، فلأصالة عدم قبول كل دعوى إلا بحجة معتبرة، و إن استظهر من القرائن أن الحكم كان على المتهم، يبطل الحكم من أصله لذلك، كما مر.

  1. الوسائل: باب ۲۸ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۱.
  2. الوسائل: باب ۱۱ من أبواب صفات القاضي الحديث:
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"