1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الزكاة
  10. /
  11. المقدمة
التي وجوبها من ضروريات الدّين (۱)، و منكره مع العلم به كافر، بل في جملة من الأخبار: إنّ مانع الزكاة كافر (۲). و يشترط في وجوبها أمور:

الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السّلام على أشرف خلقه محمّد و آله الطّيّبين الطّاهرين.

الزكاة: قرين الصلاة في القرآن الكريم فيما يقرب من ثلاثين آية قال تعالى:

أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ۱. بل هو كذلك في جميع الشرائع الإلهية، قال تعالى حكاية عن عيسى‏ وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا۲.

و الزكاة من جملة الصدقات التي تطابقت الأدلة الأربعة على رجحانها و يكفي من الكتاب العزيز قوله تعالى‏ أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ‏۳، و قوله تعالى‏ وَ أَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً4.

و من السنة نصوص متواترة بين الفريقين، منها قوله (صلّى اللّه عليه و آله):

«خير مال المرء و ذخائره الصدقة»٥و قول عليّ (عليه السلام): «إذا أملقتم فتاجروا اللَّه بالصدقة» ٦ و غير ذلك من الأخبار. و قد أجمع المسلمون بل العقلاء على حسنها.

و من العقل: حكمه القطعي بحسن مساعدة الفقراء، و إنّ التعاون بين البشر و توجه الأغنياء إلى الفقراء و الاهتمام بسدّ فقرهم و حاجتهم من أهم الأمور النظامية البشرية التي تحكم الفطرة العقلية بلزومه و رعايته مهما أمكن، و لا بد و أن تهتم الشرائع السماوية بذلك اهتماما بليغا، فإنّ الاجتماع البشري لا يتم إلا بأمرين مهمين يتقوّمان بالمال.

أحدهما: عطف الأغنياء على الفقراء و تموينهم بما يحتاجونه و سدّ خلتهم، و قد بذل الشارع وسعه في ذلك بكلّ ما أمكنه من إيجاب الصدقات و الكفارات و نحوهما.

و ثانيهما: ما يحفظ به دماؤهم و أعراضهم و أموالهم و بلادهم، و المال الذي يصرف في ذلك يجي‏ء من بينهم و يصرف في مصالحهم، و قد اصطلح على هذا القسم من المال بالخراج، و المقاسمة، و الجزية.

و الحقوق التي جعلها اللَّه تعالى في أموال الأغنياء كثيرة شرحها أبو عبد اللَّه (عليه السلام) في موثق سماعة.

«و لكن اللَّه عزّ و جلّ فرض في أموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة، فقال عزّ و جلّ:

وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ‏ .. فالحق المعلوم غير الزكاة، و هو شي‏ء يفرضه الرجل على نفسه في ماله يجب عليه أن يفرضه على قدر طاقته و سعة ماله فيؤدي الذي فرض على نفسه إن شاء في كل يوم، و إن شاء في كل جمعة، و إن شاء في كل شهر، و قد قال اللَّه عزّ و جلّ أيضا أَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً و هذا غير الزكاة، و قد قال اللَّه عزّ و جلّ أيضا يُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً، و الماعون أيضا و هو القرض يقرضه، و المتاع يعيره، و المعروف يصنعه. و مما فرض اللَّه عزّ و جلّ أيضا في المال من غير الزكاة قوله عزّ و جلّ‏ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ‏، و من أدى ما فرض اللَّه عليه فقد قضى ما عليه، و أدّى شكر ما أنعم اللَّه عليه في ماله إذا هو حمده على ما أنعم اللَّه عليه فيه مما فضّله به من السعة على غيره، و لما وفّقه لأداء ما فرض اللَّه عزّ و جلّ عليه و أعانه عليه»۷.

و لكن مقتضى الأصل و الإجماع، و السيرة القطعية، بل الضرورة الدينية عدم وجوب شي‏ء ابتداء غير الزكاة و الخمس، خصوصا بعد ملاحظة ما ورد من النصوص في فرض الزكاة، «و إنّه لو علم عدم سدّ حاجة الفقراء لافترض عليهم غيرها». نعم لا ريب في تأكد استحباب ما ورد في الموثق المذكور و غيره من الأخبار الكثيرة.

و الزكاة: في اصطلاح الكتاب و السنة- و منه اصطلاح الفقهاء-: ما يجب في‏ أموال خاصة بشروط مخصوصة، و يناسب ذلك معناه اللغوي أيضا. لأنّها في اللغة إما بمعنى الطهارة، أو النمو. و إخراج الزكاة يطهّر المال عن الأوساخ و الأقذار المعنوية. كما أنّه يوجب النموّ أي البركة و حلّية الاستفادة منه في وجوه المعيشة. قال الصادق (عليه السلام): «و لو أنّ الناس أدّوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير» ۸. و قال (عليه السلام) أيضا: «ما من طير يصاد إلا بتركه التسبيح، و ما من مال يصاب إلا بترك الزكاة»۹. و تصح نسبة الطهارة إلى فاعل الزكاة، لأنّ إخراجها يطهّر النفس عن رذيلة البخل و الشّح و ينميها إلى ذروة فضيلة الجود و السخاء، و يمكن إضافتهما إلى المجتمع لأنّها توجب طهارة مجمع الأغنياء و الفقراء عن التنافر و البغضاء و نموهم في مجتمع واحد مهتمين بعضهم بشؤون بعض، و هذا من أقوى موجبات التآلف و التناصر فيما بينهم، و لذا ورد في عقاب تارك الزكاة ما تبهر منه العقول، ففي الصحيح عن أبي عبد اللَّه عليه السلام:

«ما من ذي مال- إبل أو غنم أو بقر- يمنع زكاة ماله إلا حبسه اللَّه عزّ و جلّ بقاع قرقر- أي الأرض السهلة المستوية- تطؤه كل ذات ظلف بظلفها، و تنهشه كل ذات ناب بنابها، و ما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع زكاتها إلا طوّقه اللَّه تعالى ريعة (مرتفع) أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة» ۱۰.

و الجزء الأول من هذا الحديث يدل على حشر الحيوانات الذي هو مورد البحث عند الحكماء. و الجزء الثاني يمكن أن يحمل على أنّ هذا يطوق ثقله هذا المقدار، أو غيره من المحامل الممكنة. أعاذنا اللَّه و المسلمين من عقوبات تارك الزكاة. ثمَّ إنّه قد أطلق على الزكاة أنّها أوساخ الناس، و يأتي نقل الحديث و شرحه في فصل أوصاف المستحقين للزكاة إن شاء اللَّه تعالى.

لما تقدم من الآيات الشريفة و السنة المباركة.

فعن الصادق (عليه السلام)- في وصية النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) لعليّ (عليه السلام)- «يا علي كفر باللَّه العظيم من هذه الأمة عشرة: و عدّ منهم مانع الزكاة. ثمَّ قال: يا عليّ ثمانية لا يقبل اللَّه تعالى منهم الصلاة و عدّ منهم مانع الزكاة.

ثمَّ قال: يا عليّ من منع قيراطا من زكاة ماله فليس بمؤمن و لا بمسلم و لا كرامة- الحديث-»۱۱.

و عنه (عليه السلام): «من منع قيراطا من الزكاة فليمت إن شاء يهوديا، أو نصرانيا» ۱۲و نحوهما غيرهما.

و لا بد من حمل مثل هذه الأخبار إما على الجحود و الاستحلال، أو على بعض مراتب الكفر مثل قوله (عليه السلام): «أما الرشاء في الحكم فهو الكفر باللَّه العظيم»۱۳، مع أنّ الكفر المطلق لا يناسب جملة مما ذكر في خبر الوصية ۱4 كما لا يخفى، مضافا إلى قصور مستنده.

الأول: البلوغ (۳)، فلا تجب على غير البالغ في تمام الحول- فيما يعتبر فيه الحول- و لا على من كان غير بالغ في بعضه (٤) فيعتبر ابتداء الحول من حين البلوغ (٥).و أما ما لا يعتبر فيه الحول من الغلات الأربع، فالمناط البلوغ قبل وقت التعلق، و هو انعقاد الحب و صدق الاسم على ما سيأتي (٦).

أما في النقدين، فللأصل، و الإجماع، و إطلاق النصوص المستفيضة المشتملة على قولهم (عليهم السلام): «ليس على مال اليتيم زكاة»۱٥، أو «لا زكاة على مال اليتيم»۱٦.

و المذكور فيها و إن كان هو اليتيم إلا أنّه تحقق الإجماع هنا على عدم الفرق بينه و بين مطلق الصغير، مع أنّ ذكر اليتيم من باب الغالب حيث يكون له مال انتقل إليه من أبيه. هذا مع أنّه قد ذكر الصغير في موثق يونس بن يعقوب: «أرسلت إلى أبي عبد اللَّه (عليه السلام): إنّ لي إخوة صغارا فمتى تجب على أموالهم الزكاة؟ قال (عليه السلام): إذا وجب عليهم الصلاة وجب عليهم الزكاة»۱۷ و يأتي في [مسألة ۱] خبر محمد بن فضيل عن الرضا عليه السلام أيضا.

و يمكن أن يستفاد من خبر ابن حمران إطلاق اليتيم على مطلق الصغير، فعن أبي جعفر (عليه السلام): «الجارية إذا تزوجت و دخل بها و لها تسع سنين ذهب عنها اليتم و دفع إليها مالها- إلى أن قال- و الغلام لا يجوز أمره في الشراء و البيع، و لا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة، أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك»۱۸. و لكن فيه تأمل، فإن الظاهر منه كون اليتم غير الصغر.

ثمَّ إنّ هذه الأخبار ظاهرة في نفي الحكم الوضعيّ و التكليفيّ معا و لا ريب في شمول إطلاقها للنقدين، فلا إشكال فيهما من هذه الجهة في البين.

و أما حديث رفع القلم عن الصبيّ حتى يحتلم‏ ۱۹ فلا إشكال في شموله لنفي الحكم التكليفي بخلاف الحكم الوضعي، إذ لا منافاة بين الثبوت في ماله و تكليف الوليّ، أو تكليفه بعد البلوغ بالإخراج كسائر الديون المتعلقة به، هذا بالنسبة إلى زكاة النقدين.

و أما الغلات و المواشي، فالمشهور عدم الوجوب فيها أيضا، و عليه أعاظم القدماء و كافة المتأخرين. و نسب إلى أصحابنا تارة: و إلى الإمامية أخرى: و يدل عليه‏- مضافا إلى الأصل، و الإطلاقات الدالة على أنّه «لا زكاة في مال اليتيم» أو «ليس في مال اليتيم زكاة» التي تقدم بعضها الشاملة بإطلاقها لجميع ما تتعلق به الزكاة في الشريعة نقدا كان، أو ماشيا، أو غلة،- خصوص موثق أبي بصير عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «ليس في مال اليتيم زكاة، و ليس عليه صلاة، و ليس على جميع غلاته- من نخل، أو زرع، أو غلة- زكاة. و إن بلغ اليتيم فليس عليه لما مضى زكاة، و لا عليه لما يستقبل حتى يدرك، فإذا أدرك كانت عليه زكاة واحدة، و كان عليه مثل ما على غيره من الناس»۲۰.

و أشكل عليه‏ أولا بأنّه ظاهر في نفي الوجوب لا الوضع بقرينة قوله (عليه السلام): «و ليس عليه صلاة». و «فيه» أنّ كلا منهما جملة مستقلة لا ربط لأحدهما بالأخرى، و الجملات التالية ظاهرة في نفي الوضع و التكليف معا.

و ثانيا: بأنّ قوله (عليه السلام): «و إن بلغ اليتيم فليس عليه لما مضى زكاة» مجمل فلا بد من رده إلى أهله. (و فيه) أنّه لا إجمال فيه فإنّ المعنى: و إن بلغ اليتيم في أثناء الحول فليس عليه لما مضى من الحول زكاة و لا لما يستقبل منه زكاة حتى يدرك تمام الحول، فإذا أدرك تمام الحول كان عليه زكاة واحدة و يكون عليه مثل ما على الناس بناء على أنّ لفظ (ثمَّ)- كما رواه الكليني‏ ۲۱ في قوله (عليه السلام): «ثمَّ كان عليه»- بمعنى الواو، و قد نقله الشيخ بالواو، فلا وجه للحكم بالإجمال.

و ثالثا: بمعارضته بالعمومات و الإطلاقات الدالة على وجوب الزكاة في الأنواع الثلاثة ۲۲ فإنّها ثبتت الزكاة فيها و لو كانت مال اليتيم، و مثل الموثق ينفيها و بعد التساقط يرجع إلى عمومات تشريع أصل الزكاة من الآيات- كقوله تعالى‏ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ* ۲۳- و الروايات كقوله (عليه السلام) «إنّ اللَّه عزّ و جلّ فرض‏ للفقراء في أموال الأغنياء فريضة و هي الزكاة» ۲4. (و فيه): أنّه لا وجه لتوهم المعارضة بين الخاص و العام، و المقيد و المطلق، و ما دل على نفي الزكاة عن مال الصغير مخصص للعمومات و مقيد للإطلاقات كأدلة نفيها عما دون النصاب و ما لا يحل عليه الحول- كما سيأتي.

و رابعا: بقول الصادق (عليه السلام) في الصحيح: «ليس على مال اليتيم في الدّين و المال الصامت شي‏ء، فأما الغلات فعليها الصدقة واجبة» ۲٥ و بإجماع الخلاف على وجوبها فيها. (و فيه): أنّ الإجماع موهون بوضوح الخلاف و كثرة الخلاف، و أما الصحيح فأسقطه عن الاعتبار مخالفته للمشهور و موافقته للجمهور، لخبر الهاشمي عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «كان أبي (عليه السلام) يخالف الناس في مال اليتيم ليس عليه زكاة» ۲٦.

و على هذا يكون الحمل على الندب أيضا خلاف الاحتياط من جهة التصرف في مال الصغير من دون ملزم شرعيّ، فلا وجه للندب فضلا عن الوجوب.

لظهور الأدلة في اعتبار شرط الوجوب في تمام الحول، فيما يعتبر فيه الحول كما يأتي في سائر الشروط:

فما عن صاحب الذخيرة من أنّه لا منافاة بين عدم الوجوب قبل البلوغ و الوجوب بعده لما مضى عليه (مخدوش): بأنّه إن أراد (رحمه اللَّه) ذلك في مقام مجرّد الاحتمال ثبوتا فله وجه. و أما إن كان مراده ذلك بحسب الاستظهار من الأدلة الواصلة إلينا فهو خلاف ظاهرها عرفا.

لأنّ المنساق من الأدلة أنّ حكم الزكاة وضعا و تكليفا بشرائطها يتعلق‏ بالمالك الجامع لشرائط التكليف في تمام الحول، و حلوله عليه كذلك. و كفاية مضيّ الحول قبل البلوغ تماما أو بعضا يحتاج إلى دليل و هو مفقود، بل مقتضى الأصل عدم الوجوب بعد ظهور الأدلة في استمرار الشرائط من أول الحول إلى آخره مما يعتبر فيه الحول. نعم، لو كان عدم البلوغ يسيرا جدّا بحيث يتسامح فيه العرف لا يضرّ بالوجوب حينئذ، لصدق مضيّ الحول على ماله جامعا للشرائط عرفا، كما إذا ملك النصاب و بعد ملكه له بزمان يسير- كاليوم مثلا- بلغ ثمَّ مضى عليه الحول، فإنّ هذا المقدار من الزمان يتسامح فيه عرفا كما يأتي في اشتراط السوم و عدم كون الأنعام عوامل، فإنّ جميع هذه الشروط لا بد و أن يساق في مساق واحد.

و بالجملة: لا فرق بين جميع الشرائط من البلوغ، و العقل، و السوم و عدم كون الأنعام عوامل فيما يتعلق بالحول، و يأتي التفصيل في زكاة الأنعام، كما يأتي في اعتبار العقل و أنّ الجنون الأدواري مانع عن تعلق الزكاة لو كان ذلك في أثناء الحول.

لوجود المقتضي حينئذ للوجوب و فقد المانع عنه، فتشمله الأدلة قهرا و يأتي في [مسألة ۱] من (فصل زكاة الغلات) و في المسألة الخامسة بعض ما ينفع المقام.

الثاني: العقل فلا زكاة في مال المجنون في تمام الحول (۷)، أو بعضه‏ و لو أدوارا (۸)، بل قيل: إنّ عروض الجنون آنا ما يقطع الحول، لكنّه مشكل بل لا بد من صدق اسم المجنون و أنّه لم يكن في تمام الحول عاقلا، و الجنون آنا ما- بل ساعة و أزيد- لا يضرّ لصدق كونه عاقلا (۹).

لظهور النص، و الإجماع، و قصوره عن تعلق الخطاب به وضعا أو تكليفا، و في صحيح ابن الحجاج قال: «قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام): امرأة من أهلنا مختلطة، أ عليها زكاة؟ فقال (عليه السلام): إن كان عمل به فعليها زكاة، و إن لم يعمل به فلا»۲۷.

و قوله (عليه السلام): «فعليها زكاة» أي: على من اتجر به فيكون الإطلاق من باب المجاز و العناية، بقرينة خبر موسى بن بكير، قال: «سألت أبا الحسن (عليه‏ السلام) عن امرأة مصابة و لها مال في يد أختها هل عليها زكاة؟ قال (عليه السلام):

إن كان أخوها يتجر به فعليه زكاة» ۲۸.

و يأتي في [مسألة ۲] ما يتعلق بالمقام. نعم دل الدليل على صحة تعلق بعض الوضعيات كالجنابة- مثلا.

لأنّ المنساق من الأدلة اعتبار استمرار الشروط في تمام الحول فيما يعتبر فيه الحول.

إذ لم يرد تحديد شرعيّ في ذلك، فلا بد من مراجعة العرف، و الظاهر صحة صدق العاقل في الحول بحسب الأنظار العرفية على من جنّ في أثناء الحول بساعة، أو ساعتين، أو ثلاث ساعات- مثلا- إذ ليس المناط الصدق الدقيّ الحقيقيّ العقليّ، و استمرار الشروط بالدقة العقليّة حتى ينافي مثل ذلك الاستمرار و مع الشك في تحقق الشرط، فالمرجع أصالة البراءة و لا يصح التمسك بالعمومات، لأنّه من التمسك بالدليل في الموضوع المردد.

الثالث: الحرية، فلا زكاة على العبد و إن قلنا بملكه من غير فرق بين القن، و المدبر، و أمّ الولد، و المكاتب المشروط، و المطلق الذي لم يؤد شيئا من مال الكتابة (۱۰).و أما المبعّض فيجب عليه إذا بلغ ما يتوزع على بعضه الحر النصاب (1۱).

كل ذلك لإطلاق النصوص، و معقد الإجماع. قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: «ليس في مال المملوك شي‏ء و لو كان له ألف ألف، و لو احتاج لم يعط من الزكاة شيئا»۲۹، و عنه (عليه السلام) أيضا: «قلت له: مملوك‏ في يده مال أ عليه زكاة؟ قال (عليه السلام): لا، قلت: فعلى سيده؟ فقال (عليه السلام): لا، لأنّه لم يصل إلى السيد، و ليس هو للملوك»۳۰، و مثله غيره.

و أما خبر قرب الإسناد «ليس على المملوك زكاة إلا بإذن مواليه»۳۱ فيمكن حمله على الندب مع كونه بإذن المولى، مضافا إلى هجره لدى الأصحاب.

ثمَّ إنّهم اختلفوا في المملوك هل يمكن أن يملك أو لا؟ و أطالوا البحث في ذلك و اضطربت و تشتت أقوالهم كما لا يخفي على من راجع المفصّلات، و لا ثمرة عملية له في هذه العصور، لانتفاء موضوع المملوك رأسا- بل لا ثمرة له في المقام أصلا، لعدم وجوب الزكاة على المملوك تعبدا و لو ملك فضلا عما إذ لم يملك- و لكن العمومات و الإطلاقات- كأدلة حيازة المباحات و المعاوضات، و مثل ما تقدم من صحيح ابن سنان- و كذا صحيح ابن عمار قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): ما تقول في رجل يهب لعبده ألف درهم أو أقل أو أكثر ..» ۳۲. ظاهر بل نص في أنّه يملك.

و ما يظهر منه العدم- كما سيأتي في محله- محمول على الحجر عن التصرف، فكأنّه ليس بمالك، إذ لا أثر للملك إلا صحة التصرف، فالمنفيّ آثار الملك المتقوّم بها عرفا و المثبت ذاته الذي لا أثر له إلا شرعا، فهو من هذه الجهة كالصغير، و المجنون في أنّهما يملكان و لكنهما محجوران عن التصرف و هذا هو مفاد الأدلة بعد رد بعضها إلى بعض ثمَّ الحكم بالمتحصّل منها.

لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الأدلة لا محالة، مضافا إلى ظهور الاتفاق عليه.

الرابع: أن يكون مالكا، فلا تجب قبل تحقق الملكية (1۲)، كالموهوب‏ قبل القبض، و الموصى به قبل القبول، أو قبل القبض و كذا في القرض لا تجب إلا بعد القبض (۱۳).

للنصوص، و الإجماع منها قول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في الصحيح:

«إنّما الزكاة على صاحب المال»۳۳، و مثله مكاتبة ابن مهزيار: «لا تجب عليه الزكاة إلّا في ماله»۳4 و يأتي في المسائل التالية بعض الأخبار الدالة عليه أيضا، و تقتضيه قاعدة العدل و الإنصاف المعتبرة في المقام، بالإجماع و النصوص الواردة في كيفية جباية الزكاة و تخريصها على المالك.

توقف الملكية في الهبة، و القرض على القبض مما لا إشكال فيه. و أما في الوصية فلا يتوقف على القبض بلا إشكال. و في التوقف على قبول الموصى إليه أيضا تأمل، لاحتمال أن يكون رده مانعا لا أن يكون قبول شرطا، فتكون الوصية التمليكية من الإيقاعات لا من العقود و يأتي التفصيل في محله.

الخامس: تمام التمكن من التصرف (۱٤)، فلا تجب في المال الذي لا يتمكن المالك من التصرف فيه- بأن كان غائبا و لم يكن في يده، و لا في يد وكيله‏ – و لا في المسروق، و المغصوب، و المحجور، و المدفون في مكان منسيّ، و لا في المرهون، و لا في الموقوف، و لا في المنذور للتصدق به و المدار في التمكن على العرف. و مع الشك يعمل بالحالة السابقة (۱٥) و مع عدم العلم بها، فالأحوط الإخراج (۱٦).

للإجماع، و النصوص قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: «لا صدقة على الدّين، و لا على المال الغائب عنك حتى يقع في يديك»۳٥.

و في موثق ابن عمار قال: «سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن الرجل يكون له الولد، فيغيب بعض ولده فلا يدري أين هو، و مات الرجل، كيف يصنع بميراث الغائب من أبيه؟ قال (عليه السلام): يعزل حتى يجي‏ء. قلت: فعلى ماله زكاة؟

قال: لا حتى يجي‏ء، قلت: فإذا هو جاء أ يزكيه؟ فقال: لا حتى يحول عليه الحول في يده»۳٦، و في خبر آخر عنه (عليه السلام) أيضا: «حتى يحول عليه الحول و هو عنده»۳۷.

و في خبر ابن سدير الصيرفي: «قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في رجل كان له مال، فانطلق به فدفنه في موضع، فلما حال عليه الحول ذهب ليخرجه من موضعه، فاحتفر الموضع الذي ظنّ أنّ المال فيه مدفون فلم يصبه، فمكث بعد ذلك ثلاث سنين، ثمَّ إنّه احتفر الموضع الذي من جوانبه كلها فوقع على المال بعينه، كيف يزكيه؟ قال (عليه السلام): يزكيه لسنة واحدة، لأنّه كان غائبا عنه و إن كان احتسبه»۳۸.

و المراد من الغيبة عدم التمكن من التصرف، و عن زرارة: «في رجل ماله عنه غائب لا يقدر على أخذه قال (عليه السلام): فلا زكاة عليه حتى يخرج، فإذا خرج زكّاه لعام واحد، فإن كان يدعه متعمدا و هو يقدر على أخذه فعليه الزكاة لكل ما مرّ به من السنين»۳۹؟ و مثلها غيرها.

و هذه التعبيرات بمنزلة العلّة لعدم الزكاة و هي عبارة عن التسلط و التمكن من التصرف الذي عبّر به الفقهاء (رحمهم اللَّه)، و مقتضى الأصل، و قاعدة العدل و الإنصاف على ما مرّ عدم الوجوب أيضا. فلا وجه لما يقال: إنّها وردت في موارد خاصة و لا كلية لها، لأنّ ذيل الأخبار يفيد العموم و الكلية، و إن كان السؤال في موارد خاصة، و المناط على عموم الجواب لا خصوص السؤال كما هو كذلك في جميع الأخبار الواردة في بيان الأحكام المسبوقة بالسؤال.

ثمَّ إنّ عدم التمكن من التصرف تارة: لعدم الملكية و قد مرّ اعتبارها في الشرط الرابع. و اخرى: للمانع و هو إما عرفي، أو شرعي، و المناط في الأول الصدق العرفي و هو يختلف باختلاف الموارد و الأشخاص، و في الأخير لو ورد الدليل، فلا بد من اتباعه، و الأربعة الأولى المذكورة في المتن من العرفيات، فالمعوّل فيها إنّما هو العرف، و يختلف حكم العرف باختلاف الموارد و الأشخاص و الخصوصيات فربّ مال مسروق يتمكن مالكه من أخذه من السارق بأن يكون المالك قويا و السارق ضعيفا، و كذا في المغصوب، و رب مسروق و مغصوب يكون بالعكس، و كذا الكلام في المجحور و المدفون. و الثلاثة الأخيرة من الشرعيات و المعتمد فيها الأدلة.

ثمَّ إنّه لا ريب في تحقق الحكم التكليفيّ و هو وجوب الوفاء في مورد النذر، و من لوازمه العرفية وجوب حفظ المنذور و حرمة إتلافه إن تعلق بعين مخصوصة، و قد اختلفوا في أنّه هل يملكها المنذور له بمجرد النذر أم لا يملكها، بل يحصل له مجرّد الحق فقط، أو لا هذا و لا ذاك، بل ليس في البين إلّا مجرّد الحكم التكليفيّ للناذر فقط. ذهب إلى كل منها فريق، و مقتضى الأصل بقاء الملك على ملك مالكه و عدم حصول الملكية لغيره، كما أنّ مقتضى المرتكزات بين الناس حصول حق في الجملة للمنذور له في العين المنذورة، و هل هذا الحق من الحقوق المجاملية فقط- كحق الضيف بالنسبة إلى ما يوضع لديه من طعام و الفاكهة و نحوهما- أو يكون حقا أقوى من ذلك بحيث يستنكر العرف تصرف الناذر فيه و يخطئونه إن تصرف، و يرون تصرفه مخالفة لنذره، و لو أخذه المنذور له بدون اطلاع الناذر لا يحكمون بأنّه سرقه، بل يقولون إنّه أخذ حقه، وجهان بل قولان: أقواهما الأخير، فلا تجب الزكاة حينئذ هذا بالنسبة إلى حق المنذور في العين.

و أما حق اللَّه تعالى، فيتردد بين أن يكون نحو ملكية خاصة أو من مجرد الحق، أو من مجرّد الإضافة إليه تعالى التي تكفي فيها أدنى مناسبة في الجملة و هو وجوب صرف العين في مورد النذر قربة إلى اللَّه تعالى، و تجزي هذه المناسبة في الإضافة إليه تعالى و لا يحتاج إلى القول بالملكية و لا الحقية. و قول الناذر للَّه عليّ كذا لا يدل على أزيد من هذه الإضافة و الاختصاص، و مقتضى الأصل عدم ثبوت الملكية و الحق.

و خلاصة العهود و النذور ترجع إلى أنّ الشخص يجعل نفسه مسؤولا عند اللَّه عزّ و جلّ في الترك إن تعلقت بالفعل، و في الفعل إن تعلقت بالترك. و يأتي بعض الكلام في غير المقام إن شاء اللَّه تعالى.

الشك في التمكن من التصرف و عدمه تارة لشبهة مفهومية. و أخرى لشبهة موضوعية: و الأخيرة تارة مع العلم بالحالة السابقة، و اخرى مع عدمه.

و المرجع في الأولى إنّما هو العام، لأنّ المخصص إن كان مجملا مفهوما و تردد بين الأقلّ و الأكثر يرجع في غير مورد تعيين التخصيص إلى العام كما في المقام، فإنّ لعدم التمكن من التصرف أفراد معلومة و فرد مشكوك و الشك فيه يستلزم الشك في أصل التخصيص، فيرجع فيه إلى العام بلا كلام.

و في الثاني يرجع إلى الحالة السابقة، لتمامية أركان الاستصحاب.

و في الأخير لا بد من التفحص ثمَّ العمل بما ظهر، و مع استقرار الشك، فالمرجع البراءة، لأنّ الشك حينئذ في أصل التكليف.

بل الأحوط التفحص ثمَّ العمل بما ظهر، و مع استقرار الشك يرجع إلى البراءة و وجه الاحتياط في التفحص أنّ الشبهة لها معرضية عرفية للوقوع في المخالفة و كل ما كان كذلك يجب فيه الفحص إلا أن يدل دليل على الخلاف و لا دليل عليه في المقام. و قد اختلفت الكلمات في نظائر هذا الفرع، فمن مفت بعدم الاحتياط، و منهم من احتاط وجوبا، و منهم من احتاط ندبا، مع أنّه ليس في البين نص خاص، بل لا بد و أن يبتني جميع ذلك على أنّه هل يجب في الشبهات الموضوعية الفحص أو لا؟ و قد ذكرنا القاعدة الكلية في ذلك في الأصول، فراجع.

السادس: النصاب كما سيأتي تفصيله.
(مسألة ۱): يستحب للوليّ الشرعيّ إخراج الزكاة في غلات غير البالغ (۱۷) يتيما كان أم لا، ذكرا كان أم أنثى- (۱۸) دون‏ النقدين (۱۹) و في استحباب إخراجها من مواشيه إشكال و الأحوط الترك (۲۰). نعم، إذا اتجر الولي بماله‏ يستحب إخراج زكاته أيضا (۲۱) و لا يدخل الحمل في غير البالغ (۲۲)، فلا يستحب إخراج زكاة غلاته و مال تجارته و المتولي لإخراج الزكاة هو الوليّ (۲۳) و مع غيبته يتولاه الحاكم الشرعي (۲٤) و لو تعدد الوليّ جاز لكل منهم ذلك (۲٥)، و من سبق نفذ عمله (۲٦) و لو تشاحوا في الإخراج و عدمه قدم من يريد الإخراج (۲۷). و لو لم يؤد الوليّ إلى أن بلغ المولّى عليه، فالظاهر ثبوت الاستحباب بالنسبة إليه (۲۸).

نسب الاستحباب إلى جمع منهم الشهيدين، و العلامة، و المحقق الثاني، بل أصل الرجحان متفق عليه بين الكل، لأنّهم بين قائل بالوجوب و قائل بالندب و مستندهم في ذلك صحيح ابن مسلم عن الصادقين (عليهما السلام): «ليس على مال اليتيم في الدّين و المال الصامت شي‏ء، فأما الغلات فعليها الصدقة واجبة».

فمن قال بالوجوب أخذ بظاهره، و من قال بالندب حمله عليه، جمعا بينه و بين المطلقات الآبية عن التقييد و قد مرّ بعضها و منها صحيح يونس قال: «أرسلت إلى أبي عبد اللَّه (عليه السلام) إنّ لي إخوة صغارا، فمتى تجب على أموالهم الزكاة؟ قال:

إذا وجب عليهم الصلاة وجب عليهم الزكاة قلت: فما لم تجب عليهم الصلاة؟ قال:

إذا اتجر به فزكه»، فإنّ سياقها آب عن التقييد، و مقتضى ما تقدم- من خبر الهاشميّ‏، و اشتهار الزكاة في مال الصغير بين العامة- حمل صحيح ابن مسلم على التقية، فلا يبقى دليل على الندب حينئذ أصلا، لأنّ ما سيق مساق التقية لا يستفاد منه الندب، إذ الرشد في خلافهم، خصوصا مع ملاحظة ما ورد من حرمة التصرف في مال الصغير و التأكيد الأكيد فيها. و منه يظهر أنّ اتفاقهم على الرجحان لا وجه له إن كان مستندا إلى ما بأيدينا من النصوص.

للإطلاق الشامل لهم بناء على ثبوت الاستحباب و قد مرّ الإشكال فيه.

ثمَّ إنّه يمكن أن يكون الخطاب باستحباب الإخراج- على فرض ثبوته- متوجها أولا و بالذات إلى الوليّ، كما نسب ذلك إلى المشهور، لأنّه تصرف ماليّ، فيكون هو المخاطب به حينئذ، و لكن يشمل الثواب لكل منهما، لأنّه تفضل، و تفضلاته تعالى عامة شاملة للمباشر للصدقات و من تكون منه الصدقة، و في الحديث: «من تصدق بصدقة عن رجل إلى مسكين كان له مثل أجره و لو تداولها أربعون ألف إنسان ثمَّ وصلت إلى المسكين كان لهم أجر كامل و ما عند اللَّه خير و أبقى للذين اتقوا و أحسنوا لو كنتم تعلمون»44.

و عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «لو جرى المعروف على ثمانين كفّا لأوجروا كلهم من غير أن ينقص صاحبه من أجره شيئا».

و عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «المعطون ثلاثة: اللَّه ربّ العالمين، و صاحب المال، و الذي يجري على يديه»، و مثله عن أبي جعفر (عليه السلام).

كما أنّه يمكن أن يكون الخطاب متوجها إلى الصغير نفسه، كاستحباب الحج للصبيّ المميّز كما يأتي في (فصل شرائط حجة الإسلام)، بل استحباب جميع المستحبات له لعموم أدلّتها و إطلاقاتها له بلا مخصص و مقيد في البين و يكون الوليّ متصديا للإخراج فقط، و قد مرّ مرارا صحة توجه الخطابات له، و لا ملازمة بين سقوط التكاليف الإلزامية بالنسبة إليه، لحديث الرفع‏ و سقوط غير الإلزاميات، فتشمله جميع التكاليف المندوبة، و المكروهة، بل الواجبة و المحرّمة أيضا و لكن لا عقاب عليه للمخالفة فيهما، فيقصد الوليّ الأمر المتوجه إلى الصغير من حيث توقف امتثاله على إذنه.

للأصل، و الاتفاق، و الإطلاقات الدالة على أنّه ليس في مال اليتيم شي‏ء على ما تقدم.

وجه الإشكال أنّ دليل الاستحباب منحصر بعدم القول بالفصل بين غلاته و مواشيه. و تقدم الإشكال في الغلات التي هي مورد النص فكيف بالمواشي التي‏ لا نصّ فيها، و عدم القول بالفصل لا اعتبار به ما لم يكن من الإجماع المعتبر و هو مشكل في المقام، مع معارضته لحرمة التصرف في مال الصغير و قد مرّ الاحتياط فيما ورد فيه النص فكيف بما لا نصّ فيه.

الأخبار مستفيضة منها: صحيح ابن مسلم قال: «قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام) هل على مال اليتيم زكاة؟ قال (عليه السلام): لا إلا أن يتجر به أو تعمل به»، و خبر ابن الفضيل قال: «سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن صبية صغار لهم مال بيد أبيهم أو أخيهم هل يجب على مالهم زكاة؟ فقال (عليه السلام): لا يجب في مالهم زكاة حتى يعمل به، فإذا عمل به وجبت الزكاة، فأما إذا كان موقوفا فلا زكاة عليه»٥۰ و نحوهما غيرهما مما هو كثير. و هذه الأخبار تحتمل وجوها:

الأول: الأخذ بظاهرها من الوجوب (و فيه): أنّه مع مخالفته للمشهور مخالف للمستفيضة الدالة على استحباب الزكاة في مال التجارة الآبية عن التخصيص بأخبار المقام.

الثاني: الحمل على التقية (و فيه): أنّه بعيد بعد عمل المشهور بها و تظافر الأخبار الظاهرة في أنّها لبيان الحكم الواقعي.

الثالث: الحمل على الندب جمعا بين جميع الأخبار الواردة في المقام و ما ورد في زكاة مال التجارة، بحمل هذه الأخبار على الندب بل و إجماعا أيضا إذ لم ينقل الوجوب إلا عن المقنعة و في ظهوره في الوجوب الاصطلاحي إشكال، بل منع لأنّ بعض عبارات القدماء تعرضها الإجمال من جملة من الجهات كما لا يخفى على من راجع، كتبهم فراجع المطولات.

ثمَّ إن الاتجار بمال الصغير على أقسام:

الأول: أن يكون قد اقترضه الوليّ لنفسه مع تحقق شرائط صحة الاقتراض ثمَّ اتجر به لنفسه، و لا إشكال في استحباب الزكاة على الوليّ، لما يأتي من استحباب الزكاة في مطلق مال التجارة و لا ربط لهذا القسم بالمقام.

الثاني: أن يتجر بمال الصغير للصغير ولاية عليه و على ماله، و لا ريب في شمول الأخبار لهذا القسم، فيستحب للوليّ إخراج الزكاة من مال الصغير حينئذ.

الثالث: أن يأذن الوليّ للصغير في الاتجار بماله و كان بمنزلة الآلة بين الوليّ و الطرف و حكمه حكم القسم الثاني.

الرابع: أن يستقرض الوليّ مال الصبيّ مع عدم تحقق شرائط الاستقراض من الملاءة و غيرها و لا ريب في كون الربح للصغير حينئذ، لعدم خروج ماله عن ملكه، فتشمله قاعدة «تبعية النّماء للمال» و هي من القواعد النظامية العقلائية، و أجمع عليها الفقهاء، و يكون الخسران على الوليّ لعدم الإذن فيه- لا من المالك، لعدم اعتبار إذنه، و لا من الشارع، لفقد شرط التصرف- و حينئذ فإن قلنا: إنّ الزكاة في هذا القسم نحو خسران على مال الصغير يكون على الوليّ، و لم تثبت قاعدة «من كان الربح له كان الخسران عليه» بنحو يشمل المقام. و إن قلنا بانصراف الخسران عن مثل الزكاة، لأنّها توجب الثواب و حفظ المال، فلا وجه لأن يعدّ من الخسران، و مقتضى الجمود على الإطلاقات كون الزكاة على الصغير.

الخامس: أن يتجر به الفضوليّ و يجيزه الوليّ و تجري الأقسام الأربعة في هذا القسم فراجع و تأمل و إن لم يجر عليه حكم القسم الرابع.

للأصل، و الإجماع، و ظواهر الأدلة، إذ المنساق منها عرفا إنّما هو الانفصال، مضافا إلى أصالة عدم جواز التصرف في مال الغير إلا ما دل عليه الدليل بالخصوص.

لأنّ ذلك من فروع ولايته الشرعية.

لأنّ ذلك من الأمور الحسبية و له الولاية فيها كما ثبت في محله.

لوجود المقتضي و فقد المانع في كل منهم، فيصح عن كل منهم لا محالة.

لأنّ معنى الولاية نفوذ العمل، فالعمل صدر عن أهله و في محلّه، فينتفي موضوع عمل الباقين قهرا. ثمَّ إنّ مورد التعدد كما يفرض في الأب و الجدّ للأب و إن علا يفرض للقيم المتعدّد من أحدهما مع فقدهما أيضا.

لمكان ولايته و نفوذ عمله، فلا يبقى مورد لنظر الآخر نفيا أو إثباتا و هذا هو معنى التقديم يعني: أنّه لو أخرج ليس لرأي الآخر حينئذ أثر. و أما قبل الإخراج، فيقدم أرجح النظرين، و مع التساوي يقدم رأي من يريد الإخراج من جهة جلب الثواب.

لأصالة بقاء خطاب الزكاة- وضعا و تكليفا- و مباشرة الوليّ كانت ما دامية و من باب الاستباق إلى الخير، لا أن تكون قيدا في أصل الجعل و التشريع بحيث ينتفي بانتفائه.

و احتمال أنّ التكليف مختص بالوليّ خطابا و ملاكا، فلا وجه لتكليف اليتيم به بعد بلوغه. ساقط رأسا، لأنّ الوليّ مكلف من حيث الولاية لا الموضوعية.

(مسألة ۲): يستحب للوليّ الشرعيّ إخراج زكاة مال التجارة للمجنون (۲۹) دون غيره، من النقدين‏ كان أو من غيرهما (۳۰).

لصحيح ابن الحجاج قال: «قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام): امرأة من أهلنا مختلطة أ عليها زكاة؟ فقال (عليه السلام): إن كان عمل به فعليها زكاة و إن‏ لم يعمل به فلا»٥۱، و قريب منه خبر موسى بن بكير قال: «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن امرأة مصابة و لها مال في يد أخيها هل عليه زكاة؟

قال: إن كان أخوها يتجر به فعليه زكاة»٥۲ و قد اعتمد عليها المشهور أيضا.

للأصل بعد فقد الدليل، و بطلان القياس على الصغير.

(مسألة ۳): الأظهر وجوب الزكاة على المغمى عليه في أثناء الحول، و كذا السكران، فالإغماء و السكر لا يقطعان الحول فيما يعتبر فيه، و لا ينافيان الوجوب إذا عرضا حال التعلق (۳۱) في الغلات.

لأنّ المستفاد من الأدلة أنّ الزكاة من الوضعيات غير المنوطة بفعلية الخطاب إلا إذا دل دليل على الخلاف، كما ورد في الصغير و المجنون. و قياسهما عليهما باطل، بل مع الفارق بحسب الأنظار العرفية، فلا وجه لما عن جمع من سقوطها عن المغمى عليه و السكران، لأنّه مخالف لظواهر الإطلاقات و العمومات. هذا إذا كان الإغماء و السكر في زمان قليل.

و أما إذا كان كثيرا و استوعب كل منهما أياما كثيرة فيما يعتبر فيه الحول، أو استغرق وقت التعلق فيما لا يعتبر ذلك، فيشكل الوجوب حينئذ، لعدم القابلية للخطاب حينئذ و أيّ فرق بينه و بين الإغماء المستوعب للوقت في الصلاة حيث يوجب سقوط القضاء، و الإغماء الحاصل في اليوم الصوميّ حيث يسقط التكليف به كما مرّ كل ذلك في محله، فكما أنّه إذا كان العمل و العلوفة أياما كثيرة، فإنّ ذلك يقطع الحول، فكذا في المقام بلا فرق بينهما من هذه الجهة، و بذلك يمكن أن يجمع بين القولين فمن قال بالسقوط أي: فيما إذا كثر و طال. و من قال بالعدم أي: فيما إذا قلّ و قصر.

(مسألة ٤): كما لا تجب الزكاة على العبد كذا لا تجب على سيده فيما ملكه، على المختار من كونه مالكا. و أما على القول بعدم ملكه، فيجب عليه‏ مع التمكن العرفي من التصرف فيه (۳۲).

أما عدم وجوب الزكاة على العبد، فلأجل عدم الحرية- كما تقدم- سواء قلنا بملكه أم لا، لأنّ الحرية شرط مستقل لا ربط لها بالملكية.

و أما الوجوب على سيده فيما ملكه فلا وجه له حتى مع التمكن من التصرف فيه، لزوال الملكية عن السيد بتمليكه لعبده إلا أن يقال: إنّ هذا النحو من التمليك لا يوجب زوال الملكية رأسا، و مع الشك فيه يستصحب بقاؤها.

(و فيه): أنّه لا وجه للاستصحاب للقطع بتحقق التمليك و معناه الإخراج عن الملك، فكيف يحكم بكونه ملكا للسيد مع اعترافه بإخراجه عن ملكه هذا بناء- على أن العبد يملك كما هو الحق. و أما بناء على العدم، فلا أثر لتمليك السيد لعبده و يكون تمليكه كتمليكه إلى بعض حيواناته.

(مسألة ٥): لو شك حين البلوغ في مجي‏ء وقت التعلق (۳۳) من صدق الاسم و عدمه- أو علم تاريخ البلوغ و شك في سبق زمان التعلق و تأخره ففي وجوب الإخراج إشكال، لأنّ أصالة التأخر لا تثبت البلوغ حال التعلق، و لكن الأحوط الإخراج. و أما إذا شك حين التعلق في البلوغ و عدمه، أو علم زمان التعلق و شك في سبق البلوغ و تأخره أو جهل التاريخين فالأصل عدم‏ الوجوب، و أما مع الشك في العقل (۳٤) فإن كان مسبوقا بالجنون و كان الشك في حدوث العقل قبل التعلق أو بعده فالحال كما ذكرنا في البلوغ من التفصيل، و إن كان مسبوقا بالعقل، فمع العلم بزمان التعلق و الشك في زمان حدوث الجنون فالظاهر الوجوب، و مع العلم بزمان حدوث الجنون و الشك في سبق التعلق و تأخره فالأصل عدم الوجوب و كذا مع الجهل بالتاريخين، كما أنّ مع الجهل بالحالة السابقة و أنّها الجنون أو العقل كذلك.

الأقسام المتصورة فيها ستة:

الأول: ما ذكره بقوله: «لو شك حين البلوغ في مجي‏ء وقت التعلق من صدق الاسم و عدمه» يعني: أنّه يعلم ببلوغه و يشك في حدوث تكليف الزكاة بمجي‏ء وقت التعلق و عدم حدوثه بعدم مجيئه بعد، و لا ريب في عدم جواز التمسك بالأصول اللفظية في هذه الصورة و جميع الصور المذكورة في المتن، لأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، فلا بد من التمسك بالأصول العملية، و مقتضى أصالة عدم المجي‏ء عدم وجوبها، و مع هذا الأصل الموضوعيّ لا تصل النوبة إلى الأصل الحكميّ أي: أصالة البراءة، لما ثبت في محله من تقدم الأصول الموضوعية على الأصول الحكمية.

الثاني: ما ذكره بقوله: «أو علم تاريخ البلوغ و شك في سبق زمان التعلق و تأخره» و حيث إنّ الأصل الموضوعيّ لا يجري في هذا القسم لأنّ أصالة عدم التعلق لا أثر لها إلا إذا ثبت بها كون التعلق بعد البلوغ، و حينئذ تكون من الأصول المثبتة التي لا اعتبار بها، فتصل النوبة لا محالة إلى الأصل الحكميّ و هو أصالة البراءة عن وجوب الزكاة، و لعل وجه الاحتياط للخروج عن خلاف من قال باعتبار أصالة تأخر الحادث مطلقا بناء على كونها أصلا مستقلا في حدّ نفسه و لو لم يرجع إلى الاستصحاب و لكنّه مردود كما ثبت في محله من أنّ الأصول المعتبرة محدودة و لا دليل على كون أصالة تأخر الحادث أصلا مستقلا من عقل، أو نقل، بل لا بد و أن ترجع الى الاستصحاب. و قد ظهر من ذلك المناقشة في قوله (رحمه اللّه): «لا تثبت البلوغ حال التعلق» و حق العبارة أن يقال: لا يثبت التعلق حال البلوغ، لأنّ الكلام في جريان الأصل في التعلق دون البلوغ.

الثالث: ما ذكره بقوله: «و أما إذا شك حين التعلق في البلوغ و عدمه» و هذا القسم عبارة عن احتمال حدوث كل منهما مقارنا فقط مع الآخر في زمان خاص، و حيث إنّ الأصل الموضوعيّ في كل منهما يجري و يسقط بالمعارضة، فتصل النوبة إلى أصالة البراءة، فلا تجب الزكاة، مع أنّه لا بدّ من إحراز تحقق شرط الوجوب قبل التعلق و لا تكفي المقارنة و هو غير محرز في المقام، فلا تجب من هذه الجهة أيضا، و على فرض كفاية المقارنة لا تثبت بالأصل من جهة الإثبات.

الرابع: ما ذكره بقوله: «لو علم زمان التعلق و شك في سبق البلوغ و تأخره» و مقتضى عدم تحقق البلوغ قبل التعلق عدم وجوبها و هو مقتضى أصالة البراءة أيضا.

الخامس: ما ذكره بقوله: «أو جهل التاريخين» و حيث إنّ الأصل الموضوعي يجري و يسقط بالمعارضة و تصل النوبة إلى الأصل الحكمي، و مقتضى أصالة البراءة عدم الوجوب.

السادس: العلم بزمان حدوث كل منهما، و حكمه معلوم، فمع العلم بسبق البلوغ على التعلق تجب و في العكس لا تجب.

فتلخص مما ذكر: أنّه لا تجب عليه الزكاة في جميع الصور المتقدمة إلا في صورة واحدة و هي القسم السادس.

الأقسام هنا ستة أيضا:

الأول: سبق الجنون ثمَّ حصول الإفاقة و التعلق و الشك في التقدم و التأخر بينهما، و مقتضى أصالة عدم التعلق- في زمان العقل، و أصالة عدم تحقق شرط الوجوب في زمان الشك- عدم الوجوب.

الثاني: سبق العقل و العلم بزمان التعلق و الشك في حدوث الجنون قبله أو بعده، و مقتضى استصحاب بقاء العقل إلى حين التعلق هو الوجوب، مضافا إلى أصالة السلامة التي هي من الأصول العقلائية.

الثالث: سبق العقل مع العلم بزمان حدوث الجنون و الشك في حدوث التعلق قبله أو بعده، و مقتضى أصالة عدم حدوث موجب التعلق حين العقل عدم الوجوب، و لا ينفع استصحاب بقاء العقل إلى حين التعلق، لعدم إحراز اتصال زمان اليقين بالشك فيه بالنسبة إلى الحادث المجهول. نعم، إن جرت أصالة السلامة في المقام تجب الزكاة، لإحراز الشرط بها إلى زمان التعلق.

الرابع: الجهل بتاريخ حدوث الجنون و تاريخ حدوث التعلق رأسا مع عدم العلم بالحالة السابقة، و مقتضى أصالة البراءة عدم الوجوب بعد عدم جريان الأصول الموضوعية، للتعارض، أو لعدم المقتضي إلا أن يتمسك بأصالة السلامة، فيجب حينئذ.

الخامس: الشك في حدوثهما متقارنين فقط مع عدم العلم بالحالة السابقة، و مقتضى أصالة البراءة عدم الوجوب إلا أن يتمسك بأصالة السلامة.

السادس: العلم بالتاريخين تفصيلا و حكمه معلوم.

ثمَّ إنّه لا يخفى أنّ أصالة السلامة و إن كانت من الأصول العقلائية و المعتبرة إلا أنّ المتيقن من مورد جريانها ما إذا تسالموا على جريانها فيه، و أما مع الشك في تسالمهم عليه، فيشكل التمسك بها حينئذ.

(مسألة ٦): ثبوت الخيار للبائع و نحوه لا يمنع من تعلق الزكاة (۳٥) إذا كان في تمام الحول، و لا يعتبر ابتداء الحول من حين انقضاء زمانه، بناء على المختار من عدم منع الخيار من التصرف، فلو اشترى نصابا من الغنم أو الإبل مثلا و كان للبائع الخيار، جرى في الحول من حين العقد لا من حين انقضائه (۳٦).

يأتي في أحكام الخيار أنّ الملكية تحصل بمجرد العقد، و اللزوم متوقف على انقضاء الخيار و أنه يجوز لمن له الخيار التصرف في مورد الخيار فالمقتضي لتعلق الزكاة- و هو الملكية- موجود و المانع عنه- و هو عدم التمكن من التصرف- مفقود، فتجب لا محالة.

لوجود المقتضي- و هو الملكية من حين العقد- و فقد المانع،- إن تمكن من التصرف. نعم، لو كانت في البين قرينة معتبرة على الالتزام بعدم التصرف لا تجب حينئذ، لعدم التمكن من التصرف.

(مسألة ۷): إذا كانت الأعيان الزكوية مشتركة بين اثنين أو أزيد يعتبر بلوغ النصاب في حصة كل واحد (۳۷) فلا تجب في النصاب الواحد إذا كان مشتركا.

لما تقدم من اعتبار الملكية و لا ملكية لكل واحد من الشركاء في حصة الآخر و يأتي بعض ما يتعلق بالمقام في [مسألة ۳] من (فصل زكاة الأنعام)، و [مسألة ۲۹] من الختام.

(مسألة ۸): لا فرق في عدم وجوب الزكاة في العين الموقوفة بين أن يكون الوقف عاما أو خاصا (۳۸). و لا تجب في نماء الوقف العام (۳۹) و أما في نماء الوقف الخاص فتجب على كل من بلغت حصته حدّ النصاب (٤۰).

لعدم الملكية بالنسبة إلى العين الموقوفة في الوقف العام، و عدم التمكن من التصرف فيها في الوقف الخاص، مضافا إلى ظهور الإجماع في عدم الزكاة في كل منهما بالنسبة إلى العين.

إن كان الوقف وقف منفعة بأن وقفت العين لتكون منافعها للموقوف عليهم، فيستوفونها مباشرة أو تسبيبا، فالظاهر أنّهم يملكون المنافع ملكا طلقا، فيتعلق بها الزكاة بعد القبض مع تحقق سائر الشرائط للعمومات و الإطلاقات من غير فرق بين الوقف الخاص- كالوقف على الذرية- أو العام- كالوقف على الفقراء أو الفقهاء، و إن كان الوقف وقف انتفاع، فلا زكاة لعدم الملكية لا في العين و لا في المنفعة و إنّما يكون لهم حق الانتفاع فقط، فلا موضوع لوجوب الزكاة أصلا.

لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الأدلة قهرا.

فرع:- لا زكاة في بيت المال سواء كان قليلا أم كثيرا، لأنّها إما من الصدقات أو من غيرها، و على الأول يكون مالكها نوع المستحقين بناء على ملكهم لها بنحو الإشاعة، و لا يتمكنون من التصرف إلا بعد القبض، فلا زكاة حينئذ إلا بعد القبض مع تحقق سائر الشرائط، و بناء على عدم الملك و إنما لهم مجرّد الحق فقط فلا موضوع للزكاة أصلا، و على الأخير فلا ملك لأحد في البين و إنما يكون لوليّ الأمر حق صرفها في المصارف الخاصة.

(مسألة ۹): إذا تمكن من تخليص المغصوب أو المسروق أو المحجور- بالاستعانة بالغير أو البينة أو نحو ذلك- بسهولة فالأحوط إخراج زكاتها (٤۱) و كذا لو مكنه الغاصب من التصرف فيه، مع بقاء يده عليه، أو تمكن من أخذه سرقة بل و كذا لو أمكن تخليصه ببعضه، مع فرض انحصار طريق التخليص بذلك أبدا، و كذا في المرهون إن أمكنه فكه بسهولة (٤۲).

لا وجه للترديد، لأنّه مع صدق التمكن من التصرف عرفا يجب، و مع عدم الصدق لا يجب سواء صدق العدم أو شك فيه كما يأتي التفصيل في الفرع الثاني.

المناط- في صدق التمكن من التصرف، و التعبيرات الواردة في النصوص،- كقوله (عليه السلام): «عنده»، أو «في يده»، أو «يقع في يده» أو نحو ذلك- على الصدق العرفي، فمع الصدق العرفي تجب، و مع عدمه لا تجب، و أما مع الشك، فإن كان مسبوقا بالتمكن تجب، و مع عدم العلم بالحالة السابقة و استقرار الشك بالفحص و اليأس لا تجب، إذ المرجع حينئذ أصالة البراءة بعد عدم جواز التمسك بالأدلة، لأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية و الظاهر اختلاف ذلك كلّه باختلاف الأشخاص و الموارد و الحالات، و المناط كله على صدق تسلطه و اقتداره على التصرف فيه فعلا عرفا، فربّ شخص يصدق عليه ذلك، و ربّ شخص لا يصدق، بل يمكن أن يصدق ذلك على شخص واحد في حالة، و لا يصدق عليه في حالة أخرى.

و يمكن أن يجعل هذا النزاع لفظيا، و يدل على ما قلناه خبر زرارة: «فإن كان يدعه متعمدا و هو يقدر على أخذه فعليه الزكاة لكل ما مرّ به من السنين»٥۳ و نحوه غيره.

(مسألة ۱۰): إذا أمكنه استيفاء الدّين بسهولة و لم يفعل لم يجب عليه إخراج زكاته بل و إن أراد المديون الوفاء و لم يستوف اختيارا، مسامحة أو فرارا من الزكاة (٤۳) و الفرق بينه و بين ما ذكر من المغصوب و نحوه. أنّ الملكية حاصلة في المغصوب و نحوه، بخلاف الدّين فإنّه لا يدخل في ملكه إلا بعد قبضه (٤٤).

للنص، و الإجماع، و لعدم الملكية إلا بعد القبض، قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام) في الصحيح: «لا صدقة على الدّين و لا على المال الغائب عنك حتى يقع في يدك»٥4، و عن ابن جعفر عن أخيه (عليه السلام) «عن الدّين يكون على القوم‏ المياسير إذا شاء قبضه صاحبه، هل عليه زكاة؟ قال (عليه السلام): لا، حتى يقبضه و يحول عليه الحول»٥٥.

و موثق إسحاق: «قلت لأبي إبراهيم (عليه السلام): الدّين عليه زكاة؟ قال (عليه السلام): لا حتى يقبضه. قلت: فإذا قبضه أ يزكيه؟ قال (عليه السلام): لا حتى يحول عليه الحول في يده»٥٦.

و ما يظهر منه الوجوب محمول على الندب بقرينة غيره كصحيح إسماعيل بن عبد الخالق: «سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) أ على الدّين زكاة؟ قال (عليه السلام): لا، إلا أن تفرّ به‏٥۷، و عنه (عليه السلام) أيضا: «ليس في الدّين زكاة إلا أن يكون صاحب الدّين هو الذي يؤخره، فإذا كان لا يقدر على أخذه فليس عليه زكاة حتى يقبضه»٥۸ و قريب منه غيره.

هذا مع أنّ الزكاة تتعلق بالعين كما يأتي، و الدّين في الذمة ما لم يقبض و لو عمدا، فما نسب إلى المقنعة، و المبسوط، و السيد من الوجوب لا وجه له.

للنصوص، و الإجماع، و الإطلاقات و العمومات، الدالة على وجوب الزكاة، و في صحيح يعقوب ابن شعيب: «سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عن الرجل يقرض المال للرجل السنة و السنتين و الثلاث أو ما شاء اللَّه على من الزكاة، على المقترض أو على المستقرض؟ فقال (عليه السلام): على المستقرض، لأنّ له نفعه‏ و عليه زكاته»٥۹ و عن زرارة: «قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام): رجل دفع إلى رجل مالا قرضا على من زكاته على المقرض أو على- المقترض؟ قال (عليه السلام): لا، بل زكاتها إن كانت موضوعة عنده حولا على المقترض»٦۰.

(مسألة ۱۱): زكاة القرض على المقترض بعد قبضه لا المقرض، فلو اقترض نصابا من أحد الأعيان الزكوية و بقي عنده سنة وجب عليه الزكاة.نعم، يصح أن يؤدي المقرض عنه تبرعا، بل يصح تبرع الأجنبي (٤٥) أيضا. و الأحوط الاستيذان من المقترض (٤٦) في التبرع عنه و إن كان الأقوى عدم‏ اعتباره (٤۷). و لو شرط في عقد القرض أن يكون زكاته على المقرض، فإن قصد أن يكون خطاب الزكاة متوجها إليه لم يصح، و إن كان المقصود أن يؤدي عنه صح (٤۸).

لأنّ التبرع بتفريغ ذمة الغير عما اشتغلت به نحو إحسان و قيام بحقوق الأخوة الإيمانية، و مقتضى المرتكزات حسنه و رجحانه إلا أن يدل دليل على المنع و لا دليل عليه إلا ما دلّ على أنّه لا تصح النيابة عن الحيّ في العبادات الواجبة.

و فيه: أنّ المنساق منه العباديات المحضة دون مثل الزكاة التي تغلب عليها جهة المالية و حق الناس، و مع الشك لا يصح التمسك به، لأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، كما لا يصح التمسك بأصالة بقاء اشتغال الذمة، للعمومات الدالة على حسن الإحسان إلى الإخوان، و البرّ، و الصلة في التصدق بالنسبة إلى الأحياء و الأموات، و في صحيح ابن حازم عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «في رجل استقرض مالا، فحال عليه الحول و هو عنده قال (عليه السلام): إن كان الذي أقرضه يؤدي زكاته فلا زكاة عليه، و إن كان لا يؤدي أدى المستقرض»٦۱.

و المنساق من مثل هذا الصحيح- الذي سيق مساق التسهيل و التيسير، و الترغيب إلى الإحسان- أنّ الذي أقرضه من باب المثال لا الخصوصية فيشمل الأجنبيّ أيضا.

و عن الشهيد لزومه، لأنّ الزكاة عبادة لصاحب المال، فلا بد من إضافتها إليه مباشرة أو تسبيبا و الإذن من التسبيب، فلا بد من تحققه بعد عدم المباشرة.

و فيه: أنّ الإضافة تحصل بقصد المتبرع، مضافا إلى إطلاق صحيح ابن حازم، و لا فرق في ذلك كلّه بين تعلق الزكاة بالعين كما هو المشهور بيننا، أو بالذمة كما نسب إلى غيرنا.

للأصل، و إطلاق صحيح ابن حازم، و لا وجه للتمسك بقاعدة الاشتغال، لأنّه يسقط الحق بالأداء خصوصا إن كان إلى الحاكم الشرعيّ فيكون كما إذا تبرع أحد بأداء الدّين الذي عليه الرهن إلى المرتهن فتفرغ الذمة و يسقط حق الرهانة، فلا يبقى موضوع للقاعدة فكذا في المقام.

ثمَّ إنّه على فرض عدم اعتبار إذنه هل يكون منعه مانعا أو لا؟ وجهان و صريح جمع منهم سيدنا الأستاذ في كتاب الدّين عدم المنع، بل يجب على الدائن القبول، و في الفرق بين الزكاة و الدّين من هذه الجهة تأمل. نعم، لو كانت في البين منة لا تتحمل عادة وجب الاستيذان، و يكون المنع مانعا حينئذ و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات.

لأنّ الشرط على الأول يكون خلاف الكتاب و السنة، فيسقط عن الاعتبار بخلافه على الأخير و لكن لا تبرأ ذمته بمجرّد الشرط، بل بالأداء خارجا.

و بعد كون الحكم مطابقا للقاعدة لا نحتاج إلى حديث و إن ورد صحيح ابن سنان:

«قال سمعت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) يقول: باع أبي من هشام بن عبد الملك أرضا بكذا و كذا ألف دينار، و اشترط عليه زكاة ذلك المال عشر سنين»٦۲.

و في صحيح الحلبي عنه (عليه السلام): «باع أبي أرضا من سليمان بن عبد الملك بمال، فاشترط عليه في بيعه أن يزكي هذا المال من عنده لست سنين»٦۳.

و قد يتوهم: سقوط الشرط حتى على الأخير، لأنّ اشتراط ثبوتها على غير المالك، أو في غير المال الزكويّ خلاف الكتاب و السنة، مع أنّه من شرط النيابة عن الحيّ و هو أيضا لا يجوز، مضافا إلى أنّ شرط الزيادة في القرض من الربا المحرّم.

و الكل باطل: أما الأولان، فلما دل على عدم وجوب المباشرة في الأداء، و كفاية التسبيب فيه، و لما دل على عدم وجوب الأداء من نفس متعلق الزكاة، بل يجوز من غيره أيضا. و أما الثالث، فلظهور النص و الفتوى في كفاية النيابة و التبرع في الزكاة.

و أما الأخير: فلأنّ الرباء المحرم ما إذا كان الشرط على المقترض للمقرض لا العكس.

(مسألة ۱۲): إذا نذر التصدق بالعين الزكوية، فإن كان مطلقا غير موقت و لا معلقا على شرط لم تجب الزكاة فيها، و إن لم تخرج عن ملكه بذلك، لعدم التمكن من التصرف فيها (٤۹)، سواء تعلق بتمام النصاب أو بعضه (۵۰). نعم، لو كان النذر بعد تعلق الزكاة وجب إخراجها أولا ثمَّ الوفاء بالنذر (۵۱) و إن كان موقتا بما قبل الحول و وفى بالنذر فكذلك لا تجب الزكاة إذا لم يبق بعد ذلك مقدار النصاب (۵۲)، و كذا إذا لم يف به و قلنا بوجوب القضاء- بل مطلقا- لانقطاع الحول بالعصيان (۵۳). نعم، إذا مضى عليه الحول من حين العصيان وجبت على القول بعدم وجوب القضاء (٥٤). و كذا إن كان موقتا بما بعد الحول، فإنّ تعلق النذر به مانع عن التصرف فيه (۵۵) و أما إن كان معلقا على شرط، فإن حصل المعلق عليه قبل تمام الحول لم تجب (۵۶)، و إن حصل بعده وجبت (۵۷)، و إن حصل مقارنا لتمام الحول ففيه إشكال و وجوه، ثالثها: التخيير بين تقديم أيّهما شاء، و رابعها: القرعة (۵۸).

لا ريب في تحقق الحكم التكليفي بوجوب الوفاء بالنذر لما دل على وجوب الوفاء به، و مقتضى المرتكزات من الناذرين و غيرهم ثبوت حق في الجملة للمنذور له، و جهة اختصاص للَّه تعالى بالنسبة إلى المنذور و هذا الحق و ذاك الحكم التكليفي يقتضي عدم إتلافه و حفظه عن التلف، و أنّ إتلافه يعدّ لدى المتشرعة من المنكرات، بل و لدى غيرهم أيضا و هذا عبارة أخرى عن عدم التمكن من التصرف المانع عن تعلق الزكاة.

إن لم تكن البقية بقدر نصاب الزكاة و الا فتجب.

مقتضى إطلاق الدليلين و إمكان الجمع بين الحقين إعطاء الزكاة من القيمة، لما يأتي من جوازه و لو مع التمكن من الأداء من العين، و الوفاء بالنذر من العين.

لانتفاء موضوع وجوب الزكاة حينئذ.

بل بنفس النذر، لعدم التمكن من التصرف من هذه الجهة، فلا يجري في الحول حينئذ كما يأتي بعد ذلك عند قوله (رحمه اللَّه): «إن كان موقتا بما بعد الحول».

لوجود المقتضي لوجوب الزكاة و هو الملكية، و فقد المانع و هو عدم التمكن من التصرف، لأنّ لازم عدم وجوب القضاء من العين جواز التصرف فيها.

و قد تقدم في الشرط الخامس اشتراط تمام التمكن من التصرف.

لانقطاع الحول بعروض عدم التمكن من التصرف.

بدعوى: أنّه لا مانع فيه قبل حصول الشرط، إذ لا تكليف بوجوب الوفاء فعلا حتى يكون مانعا عنه. و فيه: أنّ مجرد تحقق النذر بشي‏ء شرعا و لو كان مشروطا يوجب حفظ متعلقه مقدمة للوفاء به. إذ نرى المتشرعة إذا نذروا- إن شفى اللَّه تعالى مريضهم أن يتصدّقوا بمال معيّن خارجي- فإنّهم يحفظونه عن التلف و لا يقدمون على الإتلاف قبل حصول الشرط التماسا لحصول الشرط ثمَّ الوفاء بنذرهم، و الأدلة وردت على طبق هذه المرتكزات و هي مانعة عن تعلق الزكاة، فلا موضوع للتزاحم و التعارض حتى يبحث عنهما في المقام.

وجه سقوط الزكاة، و وجوب الوفاء بالنذر، عدم صدق التمكن من التصرف في تمام الحول عرفا، فيكون كما لو حصل النذر في أثناء الحول.

و وجه وجوب الزكاة صدق التمكن من التصرف في تمام الحول بناء على المسامحة العرفية. و فيه: أنّه لا دليل على اغتفار هذه المسامحة بعد ظهور الأدلة في اعتبار التمكن من التصرف في تمام الحول.

و وجه التخيير أنّه إما من التزاحم، فيتحقق التخيير العقلي، أو من التعارض، فالشرعيّ منه. و فيه: أنّه لا وجه للأول، لتوقفه على إحراز تمامية الملاك في كل واحد من المتزاحمين و لم يحرز ذلك، لأنّه مع صدق التمكن من التصرف لا ملاك لوجوب الوفاء بالنذر، و مع عدمه لا ملاك لوجوب الزكاة كما لا وجه للثاني، لأنّه من المتباينين لا العامين من وجه كما في المقام، فإنّ حكمه التساقط و الرجوع إلى ما لا يخالفهما و هو هنا إما صرف المقدار في مجمع العنوانين أو إعطاء الزكاة من القيمة و الوفاء بالنذر من العين، و يمكن القول به في المقام بناء على كفاية المسامحة العرفية في الجملة في صدق التمكن في الحول. و بذلك ينفي موضوع التخيير العقلي أيضا، لأنّه فيما إذا لم يمكن الجمع بين الخطابين في الامتثال و هنا يمكن ذلك فيكون هذا وجها خامسا لم يذكر في المتن، و لكنه مبنيّ على المسامحة العرفية في صدق التمكن من التصرف. و هو مشكل.

و أما وجه القرعة، فلأنها لكل أمر مشكل و المقام منها. و فيه: أن العمل بها يحتاج إلى الانجبار بفتوى الأصحاب و هو مفقود في المقام.

و تلخيص الكلام: إن في النذر المطلق في أثناء الحول، و الموقت فيه، و الموقت بما بعد الحول، و المشروط الحاصل شرطه في أثناء الحول، و المشروط الحاصل شرطه بعد تمام الحول لا تجب الزكاة في هذه الأقسام الخمسة، لعدم التمكن من التصرف، و إن كان النذر المطلق بعد تعلق الزكاة أو كان مشروطا و حصل الشرط مقارنا لتعلقها تجب الزكاة فيهما لوجود المقتضى لوجوبها و فقد المانع عنه. هذا كله في نذر الفعل.

و أما نذر النتيجة فالكلام تارة في مورده: و أخرى في صحته: و ثالثة: في أثره في المقام.

أما الأول: فيمكن أن يقال: إنّ مورده ليس جميع الأمور المحتاجة إلى أسباب خاصة في الشريعة من العقود و الإيقاعات و المعاملات، لأنّه يستنكر عند المتشرعة أن يقول أحد لامرأة: للَّه عليّ أن تكوني زوجتي، أو تقول المرأة: للَّه عليّ أن أكون زوجة لزيد، أو يقول أحد: للَّه عليّ أن يكون هذا مبيعا لعمرو أو نحو ذلك. و لم يعهد مثل هذه التعبيرات من أحد لا قديما و لا حديثا و إنّما تكون هذه احتمالات فرضها العلماء توسعة للبحث، فليس مورده إلا العباديات و الصدقات و التبرعيات المحضة و ترك المحرّمات، كما هو مورد النذور الفعلية غالبا- كأن يقول للَّه عليّ أن يكون هذا المال للفقراء، أو لزيد أو يقول للَّه عليّ أن أكون تاركا للغيبة، أو لشرب الخمر. نعم، لنا أن نفرض البحث من حيث التعميم أيضا كما يظهر ذلك من إطلاق الكلمات.

و أما الثاني: فالإشكال المعروف في نذر النتيجة أنّ أدلة النذر لا تقتضي ترتب الآثار التي رتبها الشارع على أسباب خاصة من البيع، و النكاح، و الطلاق و نحوها، فمقتضى الأصل عدم الترتب إلا أن يدل عليه دليل و هو مفقود. و لا وقع لهذا الإشكال بالنسبة إلى ما اخترناه من اختصاص مورد نذر النتيجة بموارد خاصة، و قد نسب في المدارك جعل المال صدقة، أو ضحايا إلى قطع الأصحاب، و أرسل- في عتق الجواهر قوله: «نعم، لو نذر كونه للَّه خرج عن ملكه و وجب التصدق به»- إرسال المسلّمات فراجع. نعم، جعل (رحمه اللَّه) كون المال لزيد مورد النزاع، و الظاهر أنّ مراده ما إذا كان بعنوان الهبة و نحوها لا بعنوان الصدقة لزيد قربة إلى اللَّه تعالى. هذا و أما بناء على التعميم فلا جواب عن الإشكال، لأنّ الشك في مشروعية مورد النذر يكفي في عدم جواز التمسك بإطلاقاته و عموماته، لأنّه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

إن قيل: في مثل الصدقات، و التبرعات، و ترك المحرّمات و نحوها مما قلت فيها بالجواز تكون الشبهة مصداقية أيضا، فلا يصح التمسك بعموم النذر (يقال): لا شبهة في البين، لعدم تفرقة العرف و المتشرعة بينها من هذه الجهة، مع أنّ جملة مما ذكر يمكن إرجاعه إلى نذر الفعل أيضا.

و قد يستشكل على صحة نذر النتيجة بأنّ معنى النذر تمليك المنذور للَّه تعالى و لا تعرض له بالنسبة إلى الصدقة، أو التبرع، أو الأمر الآخر.

(و فيه) أولا: أنّه لا دليل على كون النذر تمليك للَّه تعالى من عقل أو نقل و إنّما استظهر ذلك من لفظ (اللام) في «للَّه عليّ» و هو يستعمل في مطلق الإضافة التي‏ يكفي فيها أدنى المناسبة كما في قول هذا الخيط للعباء، و هذه المكينة للسيارة. نعم، للإضافة مراتب كثيرة بعض مراتبها الملكية.

و ثانيا: أنّهما متلازمان فجعل التمليك للَّه تعالى ملازم للصدقة و التبرع الكذائي في نفس الناذر، و عرف المتشرعة و تفصيل الكلام موكول إلى محل آخر و يأتي في أحكام الشروط بعض الكلام.

و أما الثالث: فلا ريب في منعه عن الزكاة بناء على صحته إما لزوال الملكية، أو لعدم التمكن من التصرف.

(مسألة ۱۳): لو استطاع الحج بالنصاب، فإن تمَّ الحول قبل سير القافلة و التمكن من الذهاب وجبت الزكاة أولا (۵۹) فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراجها وجب، و إلا فلا، و إن كان مضى الحول متأخرا عن سير القافلة وجب الحج و سقط وجوب الزكاة (۶۰). نعم، لو عصى و لم يحج وجبت بعد تمام الحول (۶۱) و لو تقارن خروج القافلة مع تمام الحول وجبت الزكاة أولا لتعلقها بالعين، بخلاف الحج (۶۲).

لفعلية وجوب الزكاة، فيكون مانعا عن تحقق الاستطاعة، كما أنّ الدّين مانع عنها، و لا ربط لهذه المسألة بمسألة جواز تفويت الاستطاعة و عدمه، لأنّ موضوع بحث التفويت إنّما هو بعد حصول الاستطاعة، و في المقام لا تحصل الاستطاعة أصلا حتى يبحث عن التفويت و عدمه.

ثمَّ إنّه ليس لسير القافلة في الأدلة عين و لا أثر و المناط كله قبل إقدام المتعارف على تهيئة مقدمات المسير من الجواز، و المقاولة مع الحملدارية و نحو ذلك و هذا يختلف في هذه العصور اختلافا فاحشا بحسب الخصوصيات. فقد تسير القافلة بعد مضيّ أيام من شهر ذي الحجة، و قد تسير قبل ذلك بقليل أو كثير و يأتي التفصيل في محله.

لأنّه بعد صرف بعض النصاب أو تمامه في الحج لا يبقى موضوع للزكاة حتى تجب، فتسقط لا محالة، و كذا لو لم يصرف و توقف الحج على حفظه، فإنّه تسقط الزكاة من جهة عدم التمكن من التصرف فيه.

لكشف العصيان عن عدم وجوب حفظ المال، فيكون المقتضي لوجوب‏ الزكاة و هو الملكية موجودا و المانع عنه مفقودا، لانكشاف عدم وجوب حفظ المال واقعا. هذا بناء على المقدمة الموصلة، إذ لا وجوب للمقدمة أصلا مع عدم الإتيان بذيها و لو عصيانا. و أما بناء على وجوب مطلق المقدمة و لو لم توصل، فلا تجب الزكاة لوجوب حفظ المال حينئذ مطلقا، فلا يتمكن من التصرف فيه و تسقط الزكاة من هذه الجهة. نعم، إن أمكنه الحج من مال آخر تجب الزكاة مطلقا بلا فرق بين المقدمة الموصلة و غيرها، لعدم وجوب حفظ هذا النصاب حينئذ على كل تقدير.

لأنّ التعلق بالعين يكشف عن أهمية وجوب الزكاة التي اجتمع فيها حق الناس و حق اللَّه عن الحج فلا يجب حفظ النصاب له، فالمقتضي لوجوب الزكاة موجود و المانع عنه مفقود، فتجب لا محالة.

(مسألة ۱٤): لو مضت سنتان أو أزيد على ما لم يتمكن من التصرف فيه بأن كان مدفونا و لم يعرف مكانه، أو غائبا أو نحو ذلك (۶۳) ثمَّ تمكن منه‏ استحب زكاته لسنة (6٤)، بل يقوى استحبابها لمضيّ سنة واحدة أيضا (65).

لما ادعي عليه من الإجماع، و مدرك التعميم بالنسبة إلى كل ما لا يتمكن من التصرف فيه منحصر بالإجماع لو تمَّ، و لكنه مشكل، لاشتمال أكثر الفتاوى- كالنص- على الغائب و المدفون، و قد تقدم في خبري زرارة و ابن سدير٦4.

إلا أن يقال: إنّ ذكرهما من باب المثال لا الخصوصية، فيستفاد التعميم من الجمع لا محالة، و يشهد له ذكر المغصوب، و الضال، و نحوهما في بعض الكلمات، و يمكن استفادة التعميم أيضا من قوله (عليه السلام): «حتى يحول عليه الحول و هو عنده»٦٥، لأنّ المنساق منه أنّ المناط صدق كونه عنده و لا خصوصية للغائب.

ثمَّ إنّه ذكر مدّة الغيبة في خبر رفاعة خمس سنين، فعنه: «الرجل يغيب عنه ماله خمس سنين، ثمَّ يأتيه فلا يرد رأس المال، كم يزكيه؟ قال (عليه السلام): سنة واحدة»٦٦.

و في خبر سدير «ثلاث سنين»، و في خبر زرارة «لكل ما مر به من السنين» و الأخير شامل لسنتين، بل لسنة واحدة أيضا، فيحمل الثلاث و الخمس على مجرّد المثال لا الخصوصية.

لخبر سدير، و زرارة- المتقدمان- ففي الأول «يزكيه لسنة واحدة» و في الآخر «زكاه لعام واحد» المحمول كل منهما على الندب جمعا و إجماعا.

لإطلاق خبر زرارة، و لكنّه مشكل جمودا على لفظ الجمع الذي أقلّه اثنان إلا أن يقال: إنّ معنى قوله (عليه السلام): «لكل ما مرّ به من السنين» أي: لكل سنة مرّت به، و لكن لا يستحب التعدد إجماعا و إنّما استحب زكاة واحدة فقط، فيشمل الحديث السنة الواحدة أيضا، مع أنّ الاستحباب مبنيّ على المسامحة، فيشمل السنة الواحدة أيضا، لأنّها من مجرّد التصدق المطلوب على كل حال و استقرب ذلك في الجواهر فراجع.

(مسألة ۱٥): إذا عرض عدم التمكن من التصرف بعد تعلق الزكاة أو بعد مضيّ الحول متمكنا فقد استقر الوجوب فيجب الأداء (66) إذا تمكن بعد ذلك، و إلا فإن كان مقصّرا يكون ضامنا، و إلا فلا (67).

لثبوت المقتضي للوجوب و فقد المانع عنه، فتشمله الأدلة لا محالة.

أما الضمان مع التقصير، فيدل عليه- مضافا إلى ظهور الإجماع و ما دلّ على ضمان الأمين مع التفريط- جملة من الأخبار منها صحيح ابن مسلم: «رجل بعث بزكاة ماله لتقسم فضاعت، هل عليه ضمانها حتى تقسم؟ فقال (عليه السلام): إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها إليه فهو لها ضامن حتّى يدفعها، و إن لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها، فليس عليه ضمان، لأنّها قد خرجت من يده»٦۷، و في خبر زرارة: «سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عن رجل بعث إليه أخ له زكاته ليقسمها فضاعت فقال (عليه السلام): ليس على الرسول، و لا على المؤدي ضمان، قلت: فإن لم يجد لها أهلا ففسدت و تغيّرت أ يضمنها؟ فقال (عليه السلام): لا، و لكن إذا عرف لها أهلا فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن حتى يخرجها»٦۸.

و أما عدم الضمان مع عدم التقصير، فللأصل، و ظهور الإجماع و ما تقدم من صحيح ابن مسلم.

(مسألة ۱٦): الكافر تجب عليه الزكاة (68)، لكن لا تصح منه إذا أدّاها (69). نعم، للإمام (عليه السلام) أو نائبه أخذها منه قهرا (70) و لو كان قد أتلفها فله أخذ عوضها منه (71).

على المشهور المدعى عليه الإجماع، لعموم أدلة التكاليف الشامل له أيضا، و مرجع هذا النزاع إلى أنّ التكاليف بالنسبة إلى الكفار هل يكون أصل تشريعها مشروطة شرعا بالإيمان- كاشتراط الحج بالاستطاعة مثلا؟ أو أنّها مطلقة بالنسبة إليهم- كإطلاقها بالنسبة إلينا-؟ مقتضى الأصل عدم التقييد، كما هو الشأن في كل قيد شك فيه بالنسبة إلى كل حكم من الأحكام. نعم، صحة خصوص العبادات واجبة كانت أو مندوبة مشروطة بالإيمان على إشكال في مثل التبرعات، و الصدقات المندوبة، و الخيرات و نحوها، بل الظاهر عدم اعتبار الإيمان في صحتها و ترتيب الأجر عليها في الجملة، و يدل على تكليف الكفار بالزكاة خصوص قوله تعالى‏ وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ٦۹، و قوله تعالى‏ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ‏۷۰ و احتمال أنّ المراد بها غير الزكاة المعهودة خلاف ظاهر الإطلاق.

كما أنّ الإشكال بأنّ الآية مكية و الزكاة إنّما شرعت في المدينة (مدفوع) بأنّ الآية في مقام الإخبار عن الحكم الواقعيّ سواء كان مشروعا حين نزول الآية أم سيشرع بعد ذلك و إنّما قدمت مقدمة لإظهار تشريعه بعد ذلك.

و أما الإشكال على تكليف الكفار بالفروع مطلقا بصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع الخلق؟ فقال (عليه السلام): إنّ اللَّه بعث محمدا إلى الناس أجمعين رسولا و حجة اللَّه على جميع خلقه في أرضه فمن آمن باللَّه و بمحمد رسول اللَّه و اتبعه و صدقه، فإنّ معرفة الإمام منا واجبة عليه، و من لم يؤمن باللَّه و برسوله و لم يتبعه و لم يصدقه و يعرف حقهما، فكيف تجب عليهم معرفة الإمام؟!!»۷۱. فباطل، لأنّ غاية ما يدل عليه هذا الصحيح هو أنّ معرفة الإمام (عليه السلام) متأخرة رتبة عن معرفة اللَّه و رسوله. و أما أنّ الكفار ليسوا بمكلفين بالفروع قبل إسلامهم فلا يدل عليه.

ثمَّ إنّه ليس المقام مما ورد فيه مطلق و قيد، فيدور أمر القيد بين رجوعه إلى الهيئة أو المادة، فيرجع إلى الهيئة، فتصير النتيجة أنّ أصل وجوب التكاليف الفرعية و تشريعها مشروط بالإسلام، لما فيه:

أولا: من أنّ أصل هذا البحث ساقط، للملازمة بين الهيئة و المادة في التحقق، و إنّما التفكيك يكون في فرض العقل، و الفروض العقلية ليست مناطا للأحكام الشرعية.

و ثانيا: أنّه على فرض صحته إنّما يجري فيما إذا كان هناك قيد ثابت متحقق بالفعل لا ما إذا لم يكن كذلك و كان من مجرّد التخيل و القول بلا دليل. هذا مع أنّ خطاب الزكاة من سنخ خطاب الوضع و هو غير مختص بالمسلمين، مع أنّ الإسلام عبارة عن القول و العمل، كما في جملة من الأخبار۷۲، فنفس أدلة وجوب الإسلام يتضمن وجوب الفرعيات عليه و لكن مترتبا كترتب المشروط على الشرط، و الأجزاء الأخيرة على الجزء الأول.

ثمَّ إنّ حديث الجبّ لا يجري فيما كان من حقوق الناس، بل مقتضى بعض الأخبار عدم جريانه في الحدود أيضا۷۳، مع أنّ حديث الجبّ لا يعمل بإطلاقه إلا فيما عمل به الأصحاب. و قد تقدم الكلام في حديث الجبّ‏۷4 مفصّلا.

لأنّها عبادة و لا تصح العبادات من الكافر مطلقا إجماعا.

لأنّ من أهمّ الأمور الحسبية التي يجب القيام بها على الإمام و نائبه إنّما هو أخذ حقوق الفقراء عمن استولى عليها و لهما الولاية على مثل هذه الحقوق أخذا، و جمعا، و إعطاء و غير ذلك مما يتعلق بها، بل لا معنى لقيام الأمور الحسبية، و تنظيم أمور الرعية إلا إحقاق الحقوق و أخذ الحق ممن عليه و صرفه فيمن له. و يأتي في المسائل الآتية و فروع الختام بعض ما يناسب المقام.

لتحقق ضمانه لها بالإتلاف. و حيث يمتنع عن الأداء فالحاكم يأخذ منه قهرا، لأنّه وليّ الممتنع.

و القول بالعدم مع الإتلاف كما نسب إلى جمع منهم الفاضلان، و الشهيدان، بل إلى المشهور لعدم تمكنه من الأداء فلا وجه لضمانه، فلا موضوع لأخذ الزكاة منه (مردود): أولا بأنّه متمكن من الأداء بأن يسلم ثمَّ يؤدي، و التمكن مع الواسطة تمكن أيضا. و ثانيا: بأنّ التمكن من الأداء شرط في الضمان بالتلف لا الإتلاف الذي يكفي فيه عموم قاعدة (اليد) تمكن من الأداء أم لم يتمكن.

و ثالثا: بعد كون الأخذ تكليف الحاكم الشرعي يسقط البحث عن قدرة الكافر على الأداء و عدم قدرته عليه، فلا يبقى مجال لتطويل البحث في المقام كما عن بعض مشايخنا العظام و تبعه غيره.

(مسألة ۱۷): لو أسلم الكافر بعد ما وجبت عليه الزكاة سقطت عنه (72).و إن كانت العين موجودة (73)، فإنّ الإسلام يجبّ ما قبله.

على المشهور المدعى عليه الإجماع، لحديث الجبّ: «الإسلام يجب ما قبله»۷٥.

و أشكل على الحديث‏ أولا: بضعف السند.

و فيه: أنّه من المشهورات بين العامة و الخاصة و اعتمدوا عليه في موارد كثيرة من الفقه، مع أنّه مطابق للمرتكزات العقلائية في جميع الملل. و الأديان، لأنّ كل من ترك دينا و أخذ دينا آخر لا يؤاخذه الدّين اللاحق بما فعل في دينه السابق فكيف بشرع الإسلام المبنيّ على التسهيل و الامتنان.

و ثانيا: باختصاصه بخصوص قضاء الصلاة فلا يشمل غيرها.

و فيه: أنّه من المرغبات إلى الإسلام و التسهيلات لمن دخل فيه، و مقتضى ذلك سقوط مثل الزكاة أيضا، بل هي أولى بالسقوط فإنّه لو طولب بزكاة ما مضى من عمره في زمان كفره لنفر عن الإسلام مع ما عليه عامة الناس من شدّة العلاقة بالماليات.

و لنا أن نقول: إنا لا نأخذ بعموم الحديث إلا فيما انجبر بعمل الأصحاب، و قد انجبر في الزكاة بالإجماع كما مرّ مرارا.

و ثالثا: بأنّه من الأدلة الامتنانية، و سقوط الزكاة عنه خلاف الامتنان على الفقراء.

و فيه: أنّه لا يلزم في الامتنانيات أن تكون امتنانية من كل جهة، مع أنّه يمكن تدارك ما لم يصل إلى الفقراء بمصالح كثيرة تكون أهمّ منه بمراتب. منها تكثير عدد المسلمين، و زيادة شوكتهم و قوتهم، بل و ثروتهم، لأنّ الكافر المليّ إذا أسلم تؤخذ منه الزكاة بعد إسلامه، فتصرف على الفقراء و سائر المصارف. و بهذا يجبر ما فات من سقوط الزكاة عنهم في زمان كفرهم.

و رابعا: بأنّ العمل بعموم الحديث مستلزم لتخصيص الأكثر.

و فيه: أنّه لا يعمل به إلا فيما اعتمد عليه الأصحاب و انجبر كما تقدم.

و خامسا: أنّه معارض بما ورد في المخالف إذا استبصر من وجوب الزكاة عليه‏۷٦.

و فيه: أنّه لا وجه للتعارض، لاختلاف الموضوع.

و سادسا: أنّه قيل: إنّ الحديث ورد لبيان أنّ الشريعة الإسلامية ناسخة لجميع الشرائع، فلا ربط له بالمقام.

و فيه: أنّه خلاف ظهوره و إن كان أحد محتملاته.

للجمود على إطلاق قوله (عليه السلام): «الإسلام يجب ما قبله»، الشامل لصورة وجود العين و لكنه مشكل، لظهور قوله (عليه السلام): «ما قبله» فيما لا أثر له فعلا، فمقتضى الأصل بقاء الوجوب و وجوب الإخراج، و يأتي منه (رحمه اللَّه) في خمس المعادن اعتبار عدم بقاء العين.

لكن يمكن أن يقال: إنّ سيرة النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) و خلفائه لم تكن على أخذ الزكاة من الكفار بعد إسلامهم مع بقاء العين في أيديهم إما قطعا، أو استصحابا و أنّ الحكم كان ابتلائيا بينهم، فمن هذه الجهة يمكن التفريق بين المقام و بين الخمس.

ثمَّ إنّه قد أشكل على المقام: بأنّه لا وجه لتكليف الكفار بالفروع، إذ لا تصح منهم في حال الكفر و يسقط بعد الإسلام، فأيّ فائدة في التكليف.

و فيه: أنّه يصح أخذ الحاكم الشرعيّ منه حال كفره، و يصح عقابه عليها لو مات كافرا و لم يؤخذ منه.

(مسألة ۱۸): إذا اشترى المسلم من الكافر تمام النصاب (7٤) بعد تعلق الزكاة وجب عليه إخراجها.

لإطلاق الأدلة، و عدم تحقق المسقط لها و لا اختصاص لها بتمام النصاب، بل يجري في بعضه أيضا، كما لا اختصاص له بخصوص الشراء، بل يجري في مطلق الانتقالات. و يأتي ما ينفع المقام في [مسألة ۳۱] من (فصل زكاة الغلات).

  1. سورة البقرة: 4۳.
  2. سورة مريم: ۳۱.
  3. سورة التوبة: ۱۰4.
  4. سورة الحديد: ۱۸.
  5. الوسائل باب: ۱ من أبواب الصدقة- كتاب الزكاة- حديث: ۱4.
  6. الوسائل باب: ۱ من أبواب الصدقة- كتاب الزكاة- حديث: ۲۰.
  7. الوسائل باب: ۷ من أبواب ما تجب فيه الزكاة حديث: ۲.
  8. الوسائل باب: ۱ من أبواب ما تجب فيه الزكاة حديث: ۲.
  9. الوسائل باب: ۳ من أبواب ما تجب فيه الزكاة حديث: ۲۰.
  10. الوسائل باب: ۳ من أبواب ما تجب فيه الزكاة حديث: ۱.
  11. الوسائل باب: 4 من أبواب ما تجب فيه الزكاة حديث: ۷.
  12. الوسائل باب: 4 من أبواب ما تجب فيه الزكاة حديث: ٥.
  13. الوسائل باب: ٥ من أبواب ما يكتسب به حديث: ۲.
  14. راجع تمام الوصية في الوسائل باب: ۷ من أبواب وجوب الحج حديث: ۳.
  15. الوسائل باب: ۱ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۳.
  16. الوسائل باب: ۱ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: 4.
  17. الوسائل باب: ۱ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ٥.
  18. الوسائل باب: ۱4 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: ۱.
  19. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۳.
  20. الوسائل باب: ۱ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۱۱.
  21. الوسائل باب: ۱ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۳.
  22. راجع الوسائل باب: ۸ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.
  23. سورة النور: ٥٦.
  24. الوسائل باب: ۱ من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه حديث: ۱۰.
  25. الوسائل باب: ۱ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۲.
  26. الوسائل باب: ۱ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۹.
  27. الوسائل باب: ۳ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۱.
  28. الوسائل باب: ۳ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۲.
  29. الوسائل باب: 4 من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۱.
  30. الوسائل باب: 4 من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: 4.
  31. الوسائل باب: 4 من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۲.
  32. الوسائل باب: 4 من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ٦.
  33. الوسائل باب: ۹ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۱.
  34. الوسائل باب: ۹ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۲.
  35. الوسائل باب: ٥ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ٦.
  36. الوسائل باب: ٥ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۲.
  37. الوسائل باب: ٥ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۳.
  38. الوسائل باب: ٥ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۱.
  39. الوسائل باب: ٥ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۷.
  40. الوسائل باب: ۱ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۲.
  41. الوسائل باب: ۱ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ٥.
  42. الوسائل باب: ۱ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۹.
  43. راجع الوسائل باب: ۷ من أبواب ما يكتسب به و باب: ۱4 من أبواب عقد البيع.
  44. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب الصدقة حديث: ۳.
  45. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب الصدقة حديث: ۱.
  46. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب الصدقة حديث: 4.
  47. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب الصدقة حديث: ٥.
  48. الوسائل باب: ۳۷ من أبواب قواطع الصلاة حديث: ۲.
  49. الوسائل باب: ۲ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۱.
  50. الوسائل باب: ۲ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: 4.
  51. الوسائل باب: ۳ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۱.
  52. الوسائل باب: ۳ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۲.
  53. الوسائل باب: ٥ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۷.
  54. الوسائل باب: ٥ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ٦.
  55. الوسائل باب: ٦ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۱٥.
  56. الوسائل باب: ٦ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۳.
  57. الوسائل باب: ٦ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۱۳.
  58. الوسائل باب: ٦ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۷.
  59. الوسائل باب: ۷ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ٥.
  60. الوسائل باب: ۷ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۱.
  61. الوسائل باب: ۷ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۲.
  62. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب زكاة الذهب و الفضة حديث: ۱.
  63. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب زكاة الذهب و الفضة حديث: ۲.
  64. الوسائل باب: ٥ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۱ و ۷.
  65. الوسائل باب: ٥ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: ۳.
  66. الوسائل باب: ٥ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث: 4.
  67. الوسائل باب: ۳۹ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  68. الوسائل باب: ۳۹ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  69. سورة فصلت: ٦- ۷.
  70. سورة المدثر: 4۳- 44.
  71. سبق الكلام حول الرواية في ج ۷ صفحة: ۲۸۹.
  72. راجع أصول الكافي ج: ۲ صفحة: ۲۷ ط: طهران.
  73. راجع باب: ۲۹ و غيره من أبواب مقدمات الحدود.
  74. راجع مهذب الأحكام ج: ۷ صفحة: ۲۸۸ الطبعة الرابعة.
  75. راجع مهذب الأحكام ج: ۷ صفحة: ۲۸۸ الطبعة الرابعة.
  76. الوسائل باب: ۳۱ من أبواب مقدمة العبادات.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"