1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الزكاة
  10. /
  11. فصل في بقية أحكام الزكاة
و فيه مسائل:
الأولى الأفضل- بل الأحوط- نقل الزكاة إلى الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة، لا سيّما إذا طلبها- لأنّه أعرف بمواقعها، لكن الأقوى عدم وجوبه (۱) فيجوز للمالك مباشرة- أو بالاستنابة و التوكيل (۲)- تفريقها على الفقراء و صرفها في مصارفها. نعم، لو طلبها الفقيه على وجه الإيجاب- بأن يكون هناك ما يقتضي وجوب صرفها في مصرف بحسب الخصوصيات الموجبة لذلك شرعا، و كان مقلّدا له- يجب عليه الدفع إليه، من حيث إنّه تكليفه الشرعي (۳)، لا لمجرد طلبه، و إن كان أحوط كما ذكرنا (٤) بخلاف ما إذا طلبها الإمام عليه السلام في زمان الحضور، فإنّه يجب الدافع إليه بمجرّد طلبه، من حيث وجوب طاعته في كل ما يأمر (٥).

على المشهور، للنصوص الكثيرة الواردة في الأبواب المتفرقة، و أصالة البراءة، و إطلاقات الأدلة، و السيرة القطعية. و في الجواهر: «أنّه من الضروريات بين العلماء».

و عن جمع وجوب الدفع إلى الفقيه الجامع للشرائط، لإجماع الخلاف و لأنّه أبصر بمواقعها، و لقوله تعالى‏ خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها۱ فيكون في زمن الغيبة للفقيه الجامع للشرائط و لكن الأول مردود بذهاب المشهور إلى الخلاف. و الثاني لا كلية له. و الأخير في مقام أصل التشريع فقط، فلا إطلاق له يشمل جميع أحكام الحكم المشروع مع أنّه في مورد بسط اليد فلا يشمل غيره و يشهد له خبر جابر: «أقبل رجل إلى الباقر (عليه السلام) و أنا حاضر فقال: رحمك اللَّه اقبض منّي هذه الخمسمائة درهم فضعها في موضعها فإنّها زكاة مالي، فقال (عليه السلام): بل خذها أنت فضعها في جيرانك و الأيتام و المساكين، و في إخوانك من المسلمين. إنّما يكون هذا إذا قام قائمنا (عليه السلام)، فإنّه يقسم بالسوية، و يعدل في خلق الرّحمن، البرّ و الفاجر»۲.

و لا بأس بالإشارة الإجمالية إلى ولاية الفقيه الجامع للشرائط و إن أشرنا إليها في كتاب البيع- عند بيان ولاية الأب و الجد- و في كتاب القضاء و سائر الموارد المناسبة. فنقول:

لا ريب عند جميع المسلمين في أنّ له الولاية على الإفتاء و القضاء، بل جميع المسلمين يعتقدون في زعمائهم الدينيين ذلك فهي بالنسبة إليهم من الفطريات لا من النظريات التي تحتاج إلى الإثبات. إنّما البحث في ولايته العامة بالنسبة إلى كل ما كانت ولايته للنبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) و خلفائه المعصومين، فالفقيه الجامع للشرائط بمنزلتهم- إلا ما اختصوا به من خواص النبوة، و الإمامة.

و الولاية العامة كجباية الصدقات و صرفها، و التصرف فيما يتعلق بالقصر، و نصب الأئمة للجمعة و الجماعة، و إقامة الحدود، و تجنيد الجنود، و الدعوة إلى الإسلام، و تنظيم أمور البلاد و الأنام إلى غير ذلك مما لا يحصى.

و يمكن الاستدلال على هذا التعميم بالأدلة الأربعة: فمن الكتاب قوله تعالى‏ يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى‏ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ‏۳ فيستفاد من ذيلها أنّ المناط في الخلافة الحكم بالحق و ترك متابعة الهوى، و بعد ثبوت نصبه من قبل المعصوم تشمله الآية الكريمة قطعا، و كذا قوله تعالى‏ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ‏4 لأنّه بعد نصبه للفتوى و القضاء يصير من أولي الأمر، فيشمله إطلاق الآية، و لا معنى للولاية إلا هذا النحو من الإطلاق. و توهم: أنّها حينئذ تختص بخصوص الفتوى و الحكم تخصيص في إطلاق الآية من غير مخصص.

و من العقل أنّ ما ثبت للإمام من حيث رئاسته الكبرى، و زعامته البشرية من الأمور التي يرجع فيها المرؤوسون إلى رئيسهم بالفطرة في كل مذهب و ملة حفظا للنظام و تحفظا على النفوس، و الأعراض إما أن تعطل بعده، أو تكون لشخص‏ خاص غير الفقيه الجامع لشرائط، أو يكون جميع الناس فيه شرع سواء، أو يكون لخصوص الفقيه الجامع للشرائط.

و الكل باطل غير الأخير، إذ الأول: تعطيل لأحكام كثيرة من غير وجه، و هو قبيح. و الثاني: يحتاج إلى دليل على التعيين، و هو مفقود بل شددوا النكير على الرجوع إلى غيرهم. و الثالث: هرج و مرج و هو أقبح من الأول، فيتعيّن الأخير.

و توهم: أنّ الولاية العامة على جميع الأمور تتوقف على الخبروية في جملة كثير من الموضوعات، و الإمام (عليه السلام) ليس من أهلها فضلا عن الفقيه. (ساقط):

لأنّ الولاية التدبيرية و التنظيمية لأمور الخلق و شؤونهم الدنيوية و الأخروية التي سنبحث عنها أعمّ من المباشرة و التسبيب بأهل الخبرة من كل شي‏ء، كما كان ذلك عادة نبينا الأعظم، و خلفائه و سائر أنبياء اللَّه تعالى، و الولاية الشخصية التدبيرية المنزلية متقوّمة بالأعمّ من المباشرة و التسبيب، فكيف بالولاية التدبيرية العامة، و يشهد لما قلناه الوجدان فنرى أنّ جميع أهل الأديان السماوية يتبادر في أذهانهم عند تنظيم المهمات النوعية و الشخصية- جزئيّة و كليّة- أن يستندوا فيه إلى الوحي السماويّ، لأنّه المعتمد عليه في الإتقان و الاستحكام و ليس النظر في ذلك محصورا على خصوص بيان الأحكام و فصل الخصومات فقط، بل كل ما له دخل في نظم الجامعة البشرية نظما فرديا و نوعيا. نعم، حيث غلب الجور على الزمان و أهله يركنون إلى الظالمين بطبيعتهم الثانوية لا بفطرتهم الأولية فإنّها مقتضية للتوجه إلى اللَّه تعالى و وسائط فيضه التكويني و التشريعي ما لم تمنعه الموانع التي لا تحصى، إذ الفطرة محفوفة بالموانع بحيث كادت أن تذهب بأصل اقتضاء المقتضي عنها.

و تفصيل هذا البحث يحتاج إلى بسط الكلام في جهات لا مجال للتعرض لها.

و يشهد به الاعتبار أيضا، لأنّه بعد ما وجب أن يسدّ باب الظلم و الجور، و يستأصل الظالمين و الجائرين، و الأمة في نهاية الاحتياج إلى من يدبر شؤونهم المالية و النفسية و العرضية، و ينظم بلادهم و يجمع شتاتهم في كل ما يتعلق بهم تدبيرا و نظما إلهيّا بما سنه و قننه النبيّ الأعظم (صلّى اللَّه عليه و آله) فعلى من يجب أن يتصدّى لذلك، أ فهل يتوهم أن يكون هذا المنصب لغير الفقيه الجامع للشرائط المخالف لهواه و المطيع لأمر مولاه؟!! و الظاهر أنّ التشكيك في ذلك من التشكيك في البديهات.

و أما الأخبار فهي متواترة المضمون إجمالا:

منها: قوله (عليه السلام) في مقبولة ابن حنظلة- في حديث-: «فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخف بحكم اللَّه و علينا رد، و الراد علينا الراد على اللَّه»٥ و ذكر الحكم من باب المناسبة لمورد السؤال لا الخصوصية.

و المنساق من الحديث تنزيل من نظر في حلالهم و حرامهم منزلة أنفسهم (عليهم السلام) إلا ما خرج بالدليل.

و منها: قوله (عليه السلام): «اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا و حرامنا فإنّي قد جعلته عليكم قاضيا»٦ و إطلاق جعل القضاوة يشمل جميع لوازمها و ملزوماتها العرفية كالولاية و شؤونها.

و منها: التوقيع الشريف: «و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواه حديثنا، فإنّهم حجتي عليكم و أنا حجة اللَّه- الحديث-»۷.

و إطلاق الحجية يقتضي التنزيل من كل جهة، كما أنّ إطلاق الحوادث يشمل جميع الحوادث التي تحتاج إليها الأمة في شؤونهم الدينية و الدنيوية التي يرجع فيها المرؤوس إلى الرئيس.

و منها: قوله (عليه السلام) في شأن محمد بن عثمان العمري: «فإنّه ثقتي و كتابه كتابي»۸.

فإطلاق التنزيل يشمل الجميع بعد حمل الكتاب على مجرّد المثال و قصور الظروف عن ذكر غيره، مع أنّ إطلاق الكتاب يشمل جميع ما كتب من شؤون الولاية التدبيرية.

و منها: قوله (عليه السلام) في صحيح جميل بن دراج: «أمناء اللَّه على حلاله و حرامه لو لا هؤلاء انقطعت آثار النبوة و اندرست»۹.

و من أهمّ آثار النبوة- و الأمانة على الحلال و الحرام- الولاية التدبيرية في أمور العباد و البلاد و ليس المراد مجرّد نقل الحديث، فإنّه يصح عن كل عاميّ ثقة- رجلا كان أو امرأة، و لا يحتاج إلى هذه التجليلات الكثيرة. نعم، نقل الحديث أيضا داخل في العموم، بل كان الأهم في تلك العصور التي كانت أيدي العدل مقبوضة من كل جهة، و يشهد له قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «لو لا زرارة و نظراؤه لظننت أنّ أحاديث أبي (عليه السلام) ستذهب»۱۰.

و منها: قوله (عليه السلام): «هؤلاء حفاظ الدّين و أمناء أبي (عليه السلام) على حلال اللَّه و حرامه»۱۱.

و لا ريب في أنّ حفظ الدّين بالعمل به مقصود الأنبياء و المرسلين خصوصا خاتم النبيين، و حفظ الدّين بالعمل بالنسبة إلى الفقيه الجامع للشرائط عبارة أخرى عن إعمال ولايته.

و منها: قوله (عليه السلام): «بهم يكشف اللَّه كل بدعة، ينفون عن هذا الدّين انتحال المبطلين و تأويل الغالين، ثمَّ بكى، فقلت: من هم؟ فقال (عليه السلام): من عليهم صلوات اللَّه و عليهم رحمته أحياء و أمواتا: بريد العجلي، و أبو بصير، و زرارة، و محمد بن مسلم»۱۲.

و يستفاد من إطلاقه ثبوت الولاية، فإذا كان مثل هذه الأخبار دالا على الاستيمان في الأحكام تدل على الاستيمان في موضوعاتها بالأولى، و لا معنى للولاية إلا ذلك.

و منها: قوله (صلّى اللَّه عليه و آله): «يحمل هذا الدّين في كل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين، و تحريف الغالين و انتحال الجاهلين»۱۳.

و هو ظاهر في التنزيل أي: تنزيل الفقيه الجامع للشرائط منزلة الإمام و لا معنى للولاية إلا ذلك.

و منها: قوله (عليه السلام): «قال اللَّه تعالى‏ وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً- فنحن و اللَّه القرى التي بارك فيها، و أنتم القرى الظاهرة»۱4.

فإنّه ظاهر في عموم التنزيل.

و منها: قوله (عليه السلام): «فاصمدا في دينكما على كل من في حبنا، و كل كثير القدم في أمرنا، فإنّهما كافوكما إن شاء اللَّه تعالى»۱٥.

و الجملتان الأخيرتان لا موضوعية لهما، بل كناية عن الإحاطة بحلالهم و حرامهم و النظر فيهما و هذه الرواية أيضا شاهد للتنزيل.

و منها: قوله (صلّى اللَّه عليه و آله): «اللهم ارحم خلفائي- ثلاثا- قيل: يا رسول اللَّه و من خلفاؤك؟ قال (صلّى اللَّه عليه و آله): الذين يأتون بعدي يروون حديثي و سنتي»۱٦.

فإطلاق الخلافة يشمل الولاية، و ذكر رواية الحديث من باب الغالب لا التخصيص، و إلا فالرواية المعتبرة تصدر عن كل أمين- رجلا كان أو امرأة- و لا يحتاج ذلك إلى إطلاق الخلافة.

و احتمال: أنّ المراد بالخلافة، و قوله: «أمناء اللَّه على حلاله و حرامه» خصوص المعصومين (باطل) بالنسبة إلى سياق هذه الأخبار، لأنّ الصادق (عليه السلام) أطلق أمناء اللَّه على حلاله و حرامه بالنسبة إلى أصحابه فيما مرّ من الحديث.

و قال في الجواهر في كتاب الزكاة- و ما أحسن ما قال رضوان اللَّه تعالى عليه-:

«إطلاق أدلة حكومته خصوصا رواية النصب التي وردت عن صاحب الأمر (عليه السلام) يصيّره من أولي الأمر الذين أوجب اللَّه علينا طاعتهم. نعم، من المعلوم اختصاصه في كل مما له في الشرع مدخلية حكما أو موضوعا، و دعوى اختصاص ولايته بالأحكام الشرعية يدفعها معلومية توليه كثيرا من الأمور التي لا ترجع‏ للأحكام، كحفظه لمال الأطفال و المجانين و الغائبين و غير ذلك مما هو محرّر في محله و يمكن تحصيل الإجماع عليه من الفقهاء، فإنّهم لا يزالون يذكرون ولايته في مقامات عديدة لا دليل عليها سوى إطلاق الذي ذكرناه المؤيد بمسيس الحاجة إلى ذلك أشدّ من مسيسها في الأحكام الشرعية» و قال (رحمه اللَّه) في كتاب الخمس ما يقرب من ذلك. و قد تعرّضنا في كتاب البيع، و كتاب القضاء و الحدود لما يناسب المقام.

و من الإجماع إجماع المسلمين في الجملة و إن وقع الخلاف في بعض الخصوصيات و الجهات، و لكنه لا يضرّ بأصل الإجماع كما لا يخفى على من راجع كتب الفريقين و لكن مع ذلك كله الأمر خطير جدّا. و قد نسب بعض مشايخنا۱۷ إلى شيخنا البهائي، و المحقق الثاني أنّهما قالا: «إنّ التلبس بالزعامة العامة قد يلازم سقوط مخالفة الهوى، فيلزم من فرض ثبوت هذه الولاية عدمها» و لعل السرّ في سكوت قدماء الفقهاء عن تفصيل الكلام كان لأجل التفاتهم إلى جملة من الأمور مع إمكان المناقشة في بعض ما استدللنا به.

لأصالة جواز الوكالة، و الاستنابة في كل شي‏ء إلا ما خرج بالدليل، و قد صرّح به في الجواهر في كتاب الوكالة، و أرسله المحقق- (رحمه اللَّه) في كتاب وكالة الشرائع- إرسال المسلّمات، و تقتضيه السيرة في الجملة، و مقتضى المرتكزات اعتبار الوثوق و الاطمئنان في الوكيل، و يظهر ذلك من جملة من النصوص:

كموثق سعيد: «الرجل يعطي الزكاة يقسمها في أصحابه، أ يأخذ منها شيئا؟

قال (عليه السلام): نعم»۱۸.

و يظهر من موثق ابن يقطين: «إن كان ثقة فمره أن يضعها في مواضعها، و إن لم يكن ثقة فخذها أنت وضعها في مواضعها»۱۹.

و تدل عليه النصوص المشتملة على لفظ أداء الزكاة و هي كثيرة سواء اشتملت على هذا اللفظ، أو المشتقات منه و هي ظاهرة في الأعمّ من المباشرة و التسبيب كما في أداء الدّين.

طلب الحاكم الشرعي للصدقات على أقسام:

الأول: يطلبها لأن تكون في يده لمصلحة مقتضية لذلك.

الثاني: لأن يصرفها في مصرف خاص بالمباشرة.

الثالث: يطلبها لأن يصرفها في مصرف خاص أعمّ من المباشرة أو التسبيب.

و كل منها تارة على وجه الفتوى، و أخرى: على وجه الحكم، و لا يجب الإيصال إليه في صورتي الطلب، لأن يصرفها في مصرف خاص أعمّ من المباشرة سواء كان على وجه الحكم أم لا، للأصل، فيجوز للمالك صرفها بنفسه في ذلك المصرف لفرض أنّ الطلب كان للصرف في مصرف خاص من دون المباشرة، و الحكم و الفتوى طريق محض للصرف فيه، و لكن الظاهر تحقق الإثم في مخالفة الحكم و إن برئت ذمة المالك مع الصرف في المصرف الخاص و يجب الإيصال إليه في بقية الصور، إلا أنّه إذا كان على وجه الحكم يعم الجميع، و إن كان على وجه الفتوى يختص بمقلديه.

و جزم به في الجواهر، لعموم ما دلّ على حكومته، و ولايته، و خبر النصب‏۲۰ الوارد عن وليّ الأمر (عليه السلام) المستفاد منه أنّه كنفس الإمام (عليه السلام).

و أشكل عليه: بأنّ المنساق مما دل على حكومته و ولايته و نصبه عنه (عليه‏ السلام) إنّما هو المنازعات و الخصومات، و ما يرجع فيه النوع إلى رئيسهم بالفطرة و الشك في ذلك يكفي في عدم سقوط ولاية المالك و عدم الولاية عليه.

(و فيه)- أولا: أنّ حكم الصدقات الواجبة و مصرفها أيضا مما يرجع فيه الناس بفطرتهم إلى رؤساء مذهبهم، فيشملها جميع تلك الأدلة.

و ثانيا: أنّ الاهتمام بأموال الفقراء و جمعها من الأغنياء و صرفها في مصارفها من أهمّ الأمور لا بد و أن يهتم بها الشرع، و يصح دعوى أنّ ذلك هو المتيقن من مجموع الأدلة.

و ثالثا: لنا أن نقول: إنّ الأدلة ظاهرة في العموم إلا ما خرج بالدليل و إلا يلزم الإلقاء في الحيرة في هذا الأمر العام البلوى للأمة في الشريعة الأبدية.

و أما ما عن الأصبهاني في شرحه على اللمعة من عدم الظفر بالقول بوجوب الدفع مع الطلب، فلا اعتبار به، لأنّه ليس من الإجماع على الخلاف حتى يقيد به ما قلناه، فكم من قول لم يظفر على القائل به من السلف و شاع بين المحققين الخلف و كذا العكس.

و خلاصة الكلام: إنّ الطلب إما من الإمام (عليه السلام)، أو من الحاكم الشرعي في زمن الغيبة، أو من الفقير بنفسه. و يجب الدفع في الأول و كذا في الثاني يجب إنفاذ حكمه إن كان بنحو الحكم، و يجب على مقلديه إن كان بنحو الفتوى و لا يجب شي‏ء في غير ذلك، للأصل، و عموم ما دلّ على ولاية المالك.

فروع- (الأول): لو حكم حاكم شرعيّ بوجوب الدفع إليه، و حكم حاكم شرعيّ آخر بوجوب الدفع إليه يتخيّر المالك مع تساويهما من جميع الجهات.

(الثاني): لو حكم حاكم بوجوب الدفع إليه و أفتى آخر بوجوب الدفع إليه يقدم احكم حتى للمقلد و الآخر لما يأتي في كتاب القضاء من أنّ الحكم ينقض الفتوى.

(الثالث): لو علم المالك أنّ الحاكم الشرعيّ يصرف الزكاة فيما لا فائدة فيه و يعلم الحاكم بالفائدة، فهل يجوز للمالك إعطاؤه الزكاة أو لا؟ وجهان.

(الرابع): لو اختل بعض الشرائط في الحاكم و ما أخذه من الزكاة كان موجودا عنده تسقط ولايته عليه و يرجع إليه المالك.

(الخامس): لو مات الحاكم الشرعي و الزكاة أو سائر الحقوق في يده لا يرثها ورثته، لأنّها لا تصير ملك الحاكم بالقبض، بل له ولاية الصرف فقط و قد سقطت ولايته بموته.

بالأدلة الثلاثة، بل الأربعة في الجملة كما هو واضح.

الثانية: لا يجب البسط على الأصناف الثمانية (٦) بل يجوز التخصيص ببعضها، كما لا يجب في كل صنف البسط على أفراده إن تعددت- و لا مراعاة أقلّ الجمع الذي هو الثلاثة بل يجوز تخصيصها بشخص واحد من صنف واحد (۷). لكن يستحب البسط (۸) على الأصناف مع سعتها و وجودهم بل‏ يستحب مراعاة الجماعة- التي أقلّها ثلاثة- في كل صنف منهم، حتى ابن السبيل و سبيل اللَّه (۹) لكن هذا مع عدم مزاحمة جهة أخرى مقتضية للتخصيص (۱۰).

للأصل، و الاتفاق بعد كون الأصناف من مجرّد المصرف، و للسيرة القطعية، و النصوص الكثيرة:

منها: قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في صحيح الهاشمي: «كان رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي، و صدقة أهل الحضر في أهل الحضر، و لا يقسّمها بينهم بالسوية و إنّما يقسّمها على قدر ما يحصرها منهم و ما يرى و ليس عليه في ذلك شي‏ء مؤقت موظف، و إنّما يصنع ذلك ما يرى على قدر من يحضرها منهم»۲۱.

و عنه (عليه السلام) أيضا- في تفسير آية الصدقات-: «إن جعلتها فيهم جميعا، و إن جعلتها لواحد أجزأك»۲۲ إلى غير ذلك من الروايات.

للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق.

أرسل ذلك إرسال المسلّمات، و يقتضيه محبوبية تعميم الفائدة مهما أمكن.

جمودا على العبارات المشتملة على لفظ الجمع كعبارة الشرائع في غير ابن السبيل، و سبيل اللَّه، و لما ورد في تفسير القمي فيهما، فعبّر عن ابن السبيل بأبناء الطريق، و عن سبيل اللَّه بقوم يخرجون إلى الجهاد۲۳ بناء على كفاية مثل ذلك في الاستحباب من باب المسامحة فيه، مع أنّ تفريق الخير خير.

لأنّ الأهمية تزاحم الوجوب فكيف بالمندوب.

الثالثة: يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب بمقدار فضله (۱۱). كما أنّه يستحب ترجيح الأقارب و تفضيلهم على الأجانب (۱۲) و أهل الفقه و العقل على غيرهم (۱۳)، و من لا يسأل من الفقراء على أهل‏ السؤال (۱٤). و يستحب صرف صدقة المواشي إلى أهل التجمل من الفقراء (۱٥). لكن هذه جهات موجبة للترجيح في حدّ نفسها و قد يعارضها- أو يزاحمها- مرجحات أخرى فينبغي حينئذ ملاحظة الأهمّ و الأرجح (۱٦).

لقول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في خبر ابن عجلان: «إنّي ربما قسمت الشي‏ء بين أصحابي أصلهم به، فكيف أعطيهم؟ قال (عليه السلام): أعطهم على الهجرة في الدّين، و الفقه، و العقل»۲4 و يقتضيه المرتكزات أيضا.

كما في خبر ابن عمار عن أبي الحسن موسى (عليه السلام): «قلت له:

لي قرابة أنفق على بعضهم، و أفضّل بعضهم على بعض، فيأتيني إبان الزكاة أ فأعطيهم منها؟ قال (عليه السلام) مستحقون لها؟ قلت: نعم، قال (عليه السلام): هم أفضل من غيرهم، أعطهم»۲٥، و النبويّ «أي الصدقة أفضل؟ فقال (عليه السلام): على ذي الرّحم الكاشح»۲٦، و لأنّه يشتمل على فضل صلة الرحم أيضا.

تقدم ما يتعلق به في قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام).

لقول أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «يفضل الذي لا يسأل على الذي يسأل»۲۷.

لقول الصادق (عليه السلام): «إنّ صدقة الخف و الظلف تدفع إلى المتجملين من المسلمين، و أما صدقة الذهب و الفضة و ما كيل بالقفيز مما أخرجت الأرض فللفقراء المدقعين»۲۸.

لأنّ تقديم الأهم و الأرجح على غيرهما من الفطريات و هي كالقرينة المحفوفة بالمطلقات و يمكن الاختلاف بحسب الأزمنة و الأمكنة، و الأشخاص و سائر الخصوصيات.

الرابعة: الإجهار بدفع الزكاة أفضل من الإسرار به بخلاف الصدقات المندوبة، فإنّ الأفضل فيها الإعطاء سرّا (۱۷).

لنصوص كثيرة:

منها: قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «كل ما فرض اللَّه عليك فإعلانه أفضل من أسراره، و كل ما كان تطوعا فإسراره أفضل من إعلانه. و لو أنّ رجلا يحمل زكاة ماله على عاتقه فقسّمها علانية كان ذلك حسنا جميلا»۲۹.

الخامسة: إذا قال المالك: «أخرجت زكاة مالي» أو «لم يتعلق بمالي شي‏ء» قبل قوله، بلا بيّنة، و لا يمين (۱۸) ما لم يعلم كذبه (۱۹)، و مع التهمة لا بأس بالتفحص و التفتيش عنه (۲۰).

للنص، و الإجماع قال عليّ (عليه السلام) لمصدقه: «إذا أتيت على ربّ‏ المال فقل تصدّق- رحمك اللَّه- مما أعطاك اللَّه، فإن ولى عنك، فلا تراجعه»۳۰ و نحوه غيره، و يقتضيه دليل ولاية المالك أيضا الظاهر في أمانته.

فيرى فيه الحاكم الشرعيّ رأيه حينئذ، فقد يمكنه جبره و قد لا يمكن ذلك.

لأصالة الإباحة و اهتماما بحق الفقراء، و لا ينافيه ما تقدم من الأخبار لظهورها في غير هذه الصورة.

السادسة: يجوز عزل الزكاة و تعيينها في مال مخصوص (۲۱) و إن كان من غير الجنس الذي تعلقت به (۲۲) من غير فرق بين وجود المستحق و عدمه على الأصح (۲۳) و إن كان الأحوط الاقتصار على الصورة الثانية (۲٤). و حينئذ فتكون في يده أمانة لا يضمنها إلا بالتعدّي أو التفريط (۲٥) و لا يجوز تبديلها بعد العزل (۲٦).

لاقتضاء ولاية المالك و أمانته الشرعية، لذلك قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام) في الموثق: «إذا حال الحول، فأخرجها من مالك لا تخلطها بشي‏ء ثمَّ أعطها كيف شئت»۳۱. و قد تقدم في [مسألة ۳٤] من (فصل زكاة الغلات) فراجع.

لإطلاق ما دل على جواز دفع البدل الشامل للعزل أيضا، و قد أفتى به جمع منهم الشهيدان.

لإطلاق أدلة العزل الشامل لهذه الصورة أيضا، و لأنّه نحو إرفاق بالمالك، و قد جرت عادة الشارع على الإرفاق به مهما أمكنه، و في صحيح ابن سنان:

«الرجل يخرج زكاته، فيقسم بعضها و يبقي بعضا يلتمس لها المواضع، فيكون بين أوله و آخره ثلاثة أشهر قال (عليه السلام): لا بأس»۳۲.

و في موثق يونس: «قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام) زكاتي تحلّ عليّ في شهر أ يصلح لي أن أحبس شيئا منها مخافة أن يجيئني من يسألني، فقال (عليه السلام): إذا حال عليها الحول فأخرجها من مالك»۳۳.

و قال في الجواهر: «لا ينكر ظهور هذه النصوص في مشروعية العزل و حصول فائدته مع وجود المستحق و لو من جهة الإطلاق، بل كاد يكون صريح بعضها.

نعم، الغالب أنّه مع وجود المستحق يدفع إليه و لا يعزل و لا يصلح ذلك لتقييد المطلقات، فيكون تعيين الزكاة تارة بقبض الحاكم الشرعي. و أخرى بقبض المستحق. و ثالثة: بالعزل. فما عن جمع من الاختصاص بالأولين كأنّه اجتهاد في مقابل النص».

لما قاله في الجواهر: «لاستفاضة عبارات الأصحاب على اعتبار عدم المستحق خاصة في العزل، و في الضمان و في النقل و غيره لكن الإنصاف عدم خلوّه عن البحث و النظر».

للنص، و الإجماع من كل من قال بالعزل، فعن ابن جعفر: «سألته عن الزكاة تجب عليّ في مواضع لا يمكنني أن أؤديها قال (عليه السلام): اعزلها فإن اتجرت بها فأنت لها ضامن و لها الربح، و إن نويت في حال ما عزلتها من غير أن تشتغلها في تجارة فليس عليك شي‏ء، فإن لم تعزلها فاتجرت بها في جملة مالك فلها تقسيطها من الربح و لا وضيعة عليها»۳4 ثمَّ إن العزل من فروع ولاية المالك فهو مطابق للقاعدة مع أنّه قد ورد فيه النص في زكاة المال و زكاة الفطرة كما يأتي إن شاء اللَّه تعالى.

و أما إطلاق قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «إذا أخرجها من ماله فذهبت و لم يسمها لأحد فقد برأ منها»۳٥، و إطلاق قول أبي جعفر (عليه السلام): «إذا أخرج‏ الرجل الزكاة من ماله ثمَّ سماها لقوم فضاعت أو أرسل إليهم فضاعت فلا شي‏ء عليه»۳٦، فلا بد و أن يقيد بالمستفيضة الدالة على الضمان بالتأخير مع وجود المستحق و يجب تقييد إطلاق المتن به أيضا، و تقدم منه الفتوى بذلك في [مسألة ۳٤] من آخر زكاة الغلات، و لعل مراده هنا بالتفريط ما يشمل ذلك أيضا.

لأنّه وقع بإذن وليّ الفقراء، فيجري عليه حكم المقبوض لهم، فلا وجه لما عن شارح الروضة من منع الخروج عن ملك المالك بالعزل. ثمَّ إنّه يجوز للحاكم الشرعيّ الإذن في التبديل إن رأى المصلحة في ذلك.

السابعة: إذا اتجر بمجموع النصاب قبل أداء الزكاة كان الربح للفقير (۲۷) بالنسبة و الخسارة عليه (۲۸) و كذا لو اتجر بما عزله و عينه للزكاة (۲۹).

هذا الفرع من فروع كيفية تعلق الزكاة بالعين، و تقدم البحث عنه في [مسألة ۳۱ و ۳۳] من مسائل زكاة الأنعام فراجع. و ما مرّ آنفا من خبر ابن جعفر و إن كان ظاهرا في كون الربح للفقير، و لكن قصور سنده يمنع عن الاعتماد عليه.

بلا إشكال فيه، لأنّ مجرد تعلق حق الفقير بالمال لا يوجب كون الخسارة عليه، مع كون الملك للمالك، و الربح و الخسارة تابع له عرفا و لا يدور مدار الحق المتعلق به كما في حق الرهانة و نحوه.

لما تقدم من أنّ المعزول يصير ملكا للفقير، فيصير تصرف المالك فيه فضوليا، فيجري عليه جميع أحكامه من كون الربح للمالك مع الإجازة و الخسارة على الفضولي، و الظاهر أنّه ليس للحاكم الشرعي إجازة البيع مع الخسارة، لكونها ضررا على الفقراء إلا مع وجود مصلحة أهمّ منه، و كذا ليس للفقير إجازته مطلقا، لعدم ولايته على الفقراء، و إنّما له حق أخذ الزكاة مع اجتماع الشرائط.

الثامنة: تجب الوصية بأداء ما عليه من الزكاة إذا أدركته الوفاة قبله‏ و كذا الخمس و سائر الحقوق الواجبة (۳۰) و لو كان الوارث مستحقا جاز احتسابه عليه (۳۱)، و لكن يستحب دفع شي‏ء منه إلى غيره (۳۲).

لسيرة المتشرعة، و إجماع الإمامية، بل الضرورة الفقهية، و تقتضيه قاعدة المقدمية، و ما ورد في المال الذي مات صاحبه و لم يعلم له وارث من قوله (عليه السلام): «ثمَّ توصي بها، فإن جاء طالبها .. و إلا فهي كسبيل مالك»۳۷، و نحوه مما ورد في اللقطة۳۸، و تقدم في أحكام الأموات بعض الكلام، و يأتي في كتاب الوصية ما ينفع المقام.

للنص، و الإجماع، فعن عليّ بن يقطين: «قلت لأبي الحسن (عليه السلام): رجل مات و عليه زكاة، و أوصى أن يقضي عنه الزكاة، و ولده محاويج إن دفعوها أضرّ ذلك بهم ضررا شديدا، فقال (عليه السلام): يخرجونها، فيعودوا بها على أنفسهم، و يخرجون منها شيئا فيدفع إلى غيرهم»۳۹، و تقتضيه الإطلاقات و العمومات أيضا إن كان من الأداء من وليّ أمر الميت.

لما تقدم في خبر ابن يقطين.

التاسعة: يجوز أن يعدل بالزكاة إلى غير من حضره من الفقراء (۳۳) خصوصا مع المرجحات، و إن كانوا مطالبين (۳٤). نعم، الأفضل حينئذ الدفع‏ إليهم من باب استحباب قضاء حاجة المؤمن إلا إذا زاحمه ما هو أرجح.

لقول أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «ليس عليه في ذلك شي‏ء موقت موظف»، و يدل عليه الأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

للأصل، و الإطلاق، و ما دل على ولاية المالك على الإخراج، و إطلاق ما تقدم من قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) و لا دليل على التعيين بطلب بعض الفقراء بل مقتضى الأصل، و الإطلاق عدمه.

العاشرة: لا إشكال في جواز نقل الزكاة من بلده إلى غيره، مع عدم وجود المستحق فيه (۳٥). بل يجب ذلك إذا لم يكن مرجوّ الوجود بعد ذلك، و لم يتمكن من الصرف في سائر المصارف (۳٦). و مئونة النقل حينئذ من الزكاة (۳۷) و أما مع كونه مرجوّ الوجود فيتخيّر بين النقل و الحفظ (۳۸) إلى أن يوجد. و إذا تلفت بالنقل لم يضمن (۳۹) مع عدم الرجاء، و عدم التمكن من الصرف في سائر المصارف. و أما معها فالأحوط الضمان (٤۰) و لا فرق في النقل بين أن يكون إلى‏ البلد القريب أو البعيد مع الاشتراك في ظنّ السلامة (٤۱). و إن كان الأولى‏ التفريق في القريب ما لم يكن مرجح للبعيد (٤۲).

لجملة من النصوص:

منها: صحيح ضريس: «سأل المدائني أبا جعفر (عليه السلام) فقال: إنّ لنا زكاة نخرجها من أموالنا، ففي من نضعها؟ فقال (عليه السلام): في أهل ولايتك فقلت: إنّي في بلاد ليس فيه أحد من أوليائك فقال (عليه السلام): ابعث بها إلى بلدهم تدفع إليهم، و لا تدفعها إلى قوم إن دعوتهم غدا إلى أمر لم يجيبوك، و كان و اللَّه الذبح»، و يدل عليه الأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق.

لظاهر ما تقدم من صحيح ضريس، و خبر الحداد عن العبد الصالح (عليه السلام): «قلت له: الرجل منا يكون في أرض منقطعة، كيف يصنع بزكاة ماله؟ قال (عليه السلام): يضعها في إخوانه و أهل ولايته. فقلت فإن لم يحضره منهم فيها أحد قال (عليه السلام): يبعث بها إليهم».

و ظهور الاتفاق على عدم جواز تعطيل الحقوق مطلقا إلا لعذر شرعيّ و لدوران الأمر حينئذ بين التعطيل و الصرف، و مقتضى المرتكزات تقدم الثاني.

و احتمال أن يكون صحيح ضريس، و خبر ابن الحداد في مقام بيان المنع عن الإعطاء لغير الشيعة و لا يستفاد منه غير ذلك، أو في مقام توهم الحظر، أو في مقام الإرشاد، كلها خلاف الظاهر.

لأصالة البراءة عن كونها على المالك، و لأنّ النقل إنّما هو لمصلحة الفقراء فلا بد و أن تكون المؤنة عليهم.

للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق، و عدم دليل على تعين أحدهما حينئذ.

للنص، و الإجماع، ففي صحيح ابن مسلم: «قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام): رجل بعث بزكاة ماله لتقسم فضاعت هل عليه ضمانها حتى تقسم؟ فقال (عليه السلام): إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها إليه فهو لها ضامن حتى يدفعها و إن لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمان، لأنّها قد خرجت من يده».

و في صحيح زرارة: «قلت: فإن لم يجد لها أهلا ففسدت و تغيّرت، أ يضمنها؟

فقال (عليه السلام): لا، و لكن إذا عرف لها أهلا فعطبت أو فسدت، فهو لها ضامن حتى يخرجها»44، و تقتضيه كثرة إرفاق الشارع بالملاك أيضا، و ثبوت أمانته و ولايته.

لاحتمال شمول النصوص الدالة على الضمان لصورة التمكن من الصرف في سائر المصارف، و صورة رجاء وجود الفقير أيضا، فيثبت الضمان حينئذ. و لعل وجه تردده (قدّس سرّه) احتمال اختصاص الضمان بصورة إمكان الصرف فعلا و مع ذلك نقل و لم يصرف جمودا على قوله (عليه السلام) في صحيح ابن مسلم: «إذ وجد لها موضعا فلم يدفعها إليه فهو لها ضامن» و قوله (عليه السلام) في صحيح زرارة: «إذا عرف لها أهلا فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن».

و فيه: أنّ الوجدان و المعرفة تطلقان تارة على الفعليّ منهما من كل جهة و أخرى: على المعرضية العرفية لهما، و المنساق منهما في المقام هو الأخير لبناء المتشرعة على التأمل و التثبت في الجملة في إعطاء صدقاتهم الواجبة حتى يصيبوا المصرف‏ الواقعيّ، فصورة الرجاء أيضا داخلة في عدم جواز النقل إن كان رجاء متعارفا.

نعم، هنا بحث آخر و هو أنّ التمكن و عدمه هل يلحظ بالنسبة إلى خصوص الأداء إلى الفقير فقط، أو تلحظان بالنسبة إلى جميع المصارف فهو في عرض واحد بالنسبة إليهما، قد يقال بالأول، لأنّه الأصل بالنسبة إلى مصرف الزكاة، و لأنّه المنساق من صحيحي ابن مسلم و زرارة و حينئذ فلو لم يتمكن من الدفع إلى الفقير و تمكن من الصرف في سائر المصارف و نقلها و تلفت لم يضمن.

و فيه: أنّ مقتضى إطلاق الأدلة- خصوصا الآية المباركة- كون الجميع في عرض واحد، و الأصل في الصدقات رفع الحاجة شخصية كانت أو نوعية، و الصحيحان لا ظهور لهما في التمكن من الأداء إلى الفقير، لاشتمال الأول على قوله (عليه السلام):

«فإن وجد لها موضعا فلم يدفعها إليه فهو لها ضامن»، و الثاني على قوله (عليه السلام): «فإن لم يجد لها أهلا ففسدت و تغيّرت أ يضمنها؟ فقال (عليه السلام): لا» و لا ريب في شمول الأول لجميع المصارف، لصدق الموضع عليها كما يصدق الأهل أيضا. و على هذا فلو لم يتمكن من الأداء إلى الفقير و تمكن من الصرف في سائر المصارف و نقلها و تلفت يضمن.

ثمَّ إنّه تارة: لا يتمكن من الأداء و لا من الصرف في سائر المصارف و ليس له رجاء ذلك أيضا فلا إشكال في عدم الضمان لو تلف بالنقل، و أخرى: يكون بعكس ذلك و لا إشكال في الضمان لو تلف بالنقل. و ثالثة: لا يتمكن من الأداء و لا من الصرف في سائر المصارف، و لكن يكون له رجاء ذلك، و الظاهر الضمان حينئذ لو تلف بالنقل، و رابعة: لا يتمكن من الأداء و ليس له رجاء ذلك، و لكن يتمكن من الصرف في سائر المصارف، و مقتضى الجمود على الأدلة عدم الضمان لو تلف بالنقل، و لكن الأحوط الضمان كما في المتن.

للإطلاق، و ظهور الاتفاق.

أما أولوية التفريق في التقريب، فلأنّ الجوار و القرب من المرجحات عرفا في عامة الصدقات مع قلة مئونة النّقل في النقل إلى القريب فتزداد حصة الفقراء في الجملة. و أما النقل إلى البعيد مع وجود المرجح فيه، فدليله واضح لا يحتاج إلى البيان.

الحادية عشر: الأقوى جواز النقل إلى البلد الآخر و لو مع وجود المستحق في البلد (٤۳). و إن كان الأحوط عدمه كما أفتى به جماعة (٤٤) و لكن‏ ظاهر الإجزاء لو نقل على هذا القول أيضا (٤٥). و ظاهر القائلين بعدم الجواز وجوب التقسيم في بلدها لا في أهلها، فيجوز الدفع في بلدها إلى الغرباء و ابن السبيل (٤٦) و على القولين إذا تلفت بالنقل يضمن. كما أنّ مئونة النقل عليه (٤۷) لا من الزكاة و لو كان النقل بإذن الفقيه لم يضمن (٤۸). و إن كان مع وجود المستحق في البلد، و كذا- بل و أولى منه- لو وكله في قبضها عنه بالولاية العامة، ثمَّ أذن له في نقلها.

نسب ذلك إلى أكثر المتأخرين، لإطلاق جملة من الأخبار منها صحيح هشام عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): في الرجل يعطي الزكاة يقسّمها أ له أن يخرج الشي‏ء منها من البلدة التي هو فيها إلى غيرها؟ فقال (عليه السلام): لا بأس»، و قريب منه صحيح أحمد بن حمزة: «سألت أبا الحسن الثالث (عليه السلام): عن الرجل يخرج زكاته من بلد إلى بلد آخر و يصرفها في إخوانه، فهل يجوز ذلك؟ فقال (عليه السلام): نعم»، و تقتضيه الإطلاقات و العمومات، و إطلاق ولاية المالك.

نسبه في الحدائق إلى المشهور. و استدل له تارة: بالإجماع المحكي عن التذكرة. (و فيه): أنّه موهون جدّا لمخالفة حاكيه له في جملة من كتبه.

و أخرى: بأنّه مناف للفورية. (و فيه): منعها صغرى و كبرى. و ثالثة: بأنّ النقل معرض للخطر. (و فيه): أنّه ممنوع، مع أنّه متدارك بالضمان و لا وجه لتوهم الخطر في هذه العصور في الحوالات الرائجة في الأمصار و المصارف الدائرة بين الناس.

و رابعة: بما اشتمل من الأخبار على أنّه لا تحلّ صدقة المهاجرين للأعراب، و بالعكس، و أنّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): «كان يقسم صدقة أهل البوادي‏ فيهم، و صدقة أهل الحضر فيهم» (و فيه): أنّه محمول على الندب، بما مرّ من قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) من نفي التوقيت و التوظيف‏، و لنصب العمال و الجباة في الأطراف، مع أنّ جميع ما ذكر على فرض التمامية معارض بما مرّ مما يدل على الجواز كصحيح هشام و غيره.

للإجماع، و تحقق الامتثال الموجب للإجزاء، و يظهر من قوله (عليه السلام) فيما تقدم- في صحيح ابن مسلم: «فهو لها ضامن حتى يدفعها»- أنّ الضمان ما داميّ لا أن يكون دائميا، فلو حصل الدفع إلى المستحق، فلا وجه للضمان حينئذ.

للإطلاق، و ظهور الاتفاق، و القطع بأنّه ليس المراد بعدم جواز النقل وجوب إعطاء الزكاة لمن تولد في محلّ الزكاة، بل المراد صرفها في محلّها سواء كان الآخذ منها أم من غيرها، و تشهد لذلك السيرة المستمرة على إعطائها لأهل العلم المجتمعين في الأماكن المقدّسة من المحال البعيدة عن محلّ الزكاة.

أما الضمان، فللنص، و الإجماع، و أما كون المؤنة عليه، فلعدم كون النقل من مصالح الزكاة، فلا موجب لكونها على الزكاة.

لكون النقل حينئذ من مصالح الزكاة، فلا وجه للضمان كما لو أذن الإمام‏ (عليه السلام) في ذلك. و منه يعلم حكم ما لو وكله في القبض و وجه الأولوية تحقق القبض من وليّ الفقراء و فراغ ذمة المالك، فلا أثر للنقل بالنسبة إلى المالك حينئذ بالمرة.

فرع: يجري جميع ما تقدم فيما يصرف- في الحوالة و نحوها- من طرق النقل و الإيصال.

الثانية عشر: لو كان له مال في بلد الزكاة، أو نقل مالا له من بلد الزكاة إلى بلد آخر، جاز احتسابه زكاة عمّا عليه في بلده و لو مع وجود المستحق فيه. و كذا لو كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه زكاة و ليس شي‏ء من هذه من النقل الذي هو محل الخلاف في جوازه و عدمه فلا إشكال في شي‏ء منها (٤۹).

أما عدم كون ذلك كلّه من النقل، فلحكم العرف بذلك، لأنّ النقل أمر عرفيّ، و المراد به لدى المتعارف نقل العين من محلّ إلى محلّ آخر، و مثله الحوالة في المصارف المتعارفة، فإنّها من نقل العين عرفا أيضا.

و أما الموارد المذكورة في هذه المسألة فلا أقلّ من الشك في كون ذلك من النقل فلا تشمله الأدلة المانعة عنه على فرض تماميتها، لأنّه حينئذ من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية. و أما عدم الإشكال في شي‏ء منها، فللأصل، و الإطلاق بعد الشك في شمول الأدلة المانعة لها.

الثالثة عشر: لو كان المال الذي فيه الزكاة في بلد آخر غير بلده، جاز له نقلها إليه مع الضمان لو تلف (۵۰) و لكن الأفضل صرفها في بلد المال (۵۱).

تقدم في المسألة الحادية عشر ما ينفع المقام فراجع.

عند العلماء كافة كما في المدارك و الظاهر كفاية ذلك في الاستحباب بناء على المسامحة فيه.

الرابعة عشر: إذا قبض الفقيه الزكاة بعنوان الولاية العامة برئت ذمة المالك (۵۲)، و إن تلفت عنده- بتفريط (۵۳) أو بدونه- أو أعطى لغير المستحق اشتباها (٥٤).

لأنّ قبضه من باب الولاية على الفقراء كالوصول إليهم، فلا وجه للضمان حينئذ و قد تقدم التفصيل في [مسألة ۱۳] من (فصل أصناف المستحقين).

هذا إذا لم يعلم به المالك، فيكون الضمان مع التفريط على الفقيه حينئذ مع براءة ذمة المالك. و أما إن علم به فمقتضى قاعدة الاشتغال عدم براءة ذمته و صحة رجوعه إلى الفقيه، و الظاهر سقوط ولايته بالتفريط.

مع عدم التقصير في المقدمات و إلا فيضمن الفقيه، و مع علم المالك به لا تبرأ ذمته.

الخامسة عشر: إذا احتاجت الزكاة إلى كيل أو وزن كانت أجرة الكيال و الوزان على المالك لا من الزكاة (۵۵).

لكونها من مقدمات تسليم الحق إلى أهله الواجب على المالك كما في كل حق يتوقف تسليمه إلى أهله على بذل مال في المعاوضات و غيرها كأجرة كيل المبيع مثلا، فما نسب إلى المبسوط من أنّها على الزكاة، لأصالة براءة ذمة المالك عنها لا وجه له مع أنّه (رحمه اللَّه) لا يقول به في أجرة كيل المبيع و وزنه و الظاهر اتفاقهم على أنّها على البائع مع اتحادها للمقام في كون كل منهما من مقدمات التسليم الواجب.

و دعوى: أنّ الواجب في المقام عدم الحبس فقط لا التسليم (فاسدة) جدّا كما لا يخفى على من راجع ظواهر الأدلة و تأمل فيها.

السادسة عشر: إذا تعدد سبب الاستحقاق في شخص واحد كأن يكون فقيرا و عاملا و غارما- مثلا- جاز أن يعطى بكل سبب نصيبا (۵۶).

لظهور الإطلاق الشامل لحالتي الانفراد و الاجتماع. و دعوى تبادر الأولى من الأدلة كما عن صاحب الحدائق بلا شاهد، بل لا يصغى إليه كما في الجواهر.

السابعة عشر: المملوك الذي يشتري من الزكاة إذا مات و لا وارث له‏ ورثه أرباب الزكاة، دون الإمام (عليه السلام) (۵۷) و لكن الأحوط صرفه في الفقراء فقط (۵۸).

على المشهور المدعى عليه الإجماع قال أبو الحسن (عليه السلام) في الصحيح: «ميراثه لأهل الزكاة، لأنّه اشترى بسهمهم»، و في موثق عبيد: «سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد لها موضعا يدفع إليه، فنظر إلى مملوك يباع بثمن فيمن يزيد، فاشتراه بتلك الألف دراهم التي أخرجها من زكاته- فأعتقه-، هل يجوز ذلك؟ قال: نعم، لا بأس بتلك قلت: فإنّه لما أن أعتق و صار حرّا اتجر و احترف فأصاب مالا كثيرا، ثمَّ مات و ليس له وارث فمن يرثه إذا لم يكن له وارث؟ قال (عليه السلام): يرث الفقراء المؤمنون الذين يستحقون الزكاة، لأنّه إنّما اشترى بمالهم»٥۰.

فما عن جماعة أنّه للإمام من الاجتهاد في مقابل النص.

لأنّهم الأصل في تشريع الزكاة، و لظاهر ما تقدم من الصحيح و الموثق و إن أمكن حمله على الغالب.

الثامنة عشر: قد عرفت سابقا أنّه لا يجب الاقتصار في دفع الزكاة على مئونة السنة، بل يجوز دفع ما يزيد على غناه إذا أعطي دفعة، فلا حدّ لأكثر ما يدفع إليه و إن كان الأحوط الاقتصار على قدر الكفاف، خصوصا في المحترف الذي لا تكفيه حرفته. نعم، لو أعطي تدريجا فبلغ مقدار مئونة السنة حرم عليه أخذ ما زاد للإنفاق (۵۹). و الأقوى أنّه لا حدّ لها في طرف القلة أيضا، من غير فرق بين زكاة النقدين و غيرهما (۶۰) و لكن الأحوط عدم النقصان عما في النصاب‏ الأول من الفضة في الفضة و هو خمس دراهم (6۱)، و عما في النصاب الأول من الذهب في الذهب، و هو نصف دينار، بل الأحوط مراعاة مقدار ذلك من غير النقدين أيضا و أحوط من ذلك (6۲) مراعاة ما في أول النصاب من كل جنس ففي الغنم و الإبل لا يكون أقلّ من شاة، و في البقر لا يكون أقلّ من تبيع‏ و هكذا في الغلات يعطى ما يجب في أول حدّ النصاب.

تقدم ما يتعلق بهذه الفروع في أول (فصل أصناف المستحقين) فراجع.

كما عن جمع كثير من الفقهاء- منهم السيد، و الشهيدان، و الحلي- للأصل، و الإطلاق، و ما ورد من أنّه ليس في الزكاة: «شي‏ء موقت موظف»٥۱.

و صحيح محمد بن عبد الجبار: «إنّ بعض أصحابنا كتب- على يدي أحمد بن إسحاق- إلى عليّ بن محمد العسكري (عليه السلام): أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين و الثلاثة؟ فكتب: افعل إن شاء اللَّه تعالى»٥۲.

نسب وجوب ذلك إلى جمع- منهم الصدوقان، و الشيخ، و المحقق (رحمه اللَّه)- لصحيح أبي ولاد: «لا يعطى أحد من الزكاة أقل من خمسة دراهم، و هو أقل ما فرض اللَّه عزّ و جل من الزكاة في أموال المسلمين فلا تعطوا أحدا من الزكاة أقلّ من خمسة دراهم فصاعدا»٥۳، و في خبر ابن بكير: «لا يجوز أن يدفع من الزكاة أقلّ من خمسة دراهم، فإنّها أقلّ من الزكاة»٥4. و لكن حملهما على الكراهة جمعا بينهما و بين ما تقدم من أقرب طرق الجمع لو فرض ظهورهما في الحكم التعبدي الشرعي لا الإرشاد إلى التأدب العرفي.

ثمَّ إنّ المذكور فيهما خمسة دراهم، و مقتضى الجمود في الحكم المخالف للأصل، و الإطلاق الاقتصار عليها و لا يبعد التعدّي إلى أول نصاب الذهب لتساويهما غالبا في الأزمنة القديمة. و أما التعدّي إلى أول سائر النصب، فيحتاج إلى دليل و هو مفقود. إلا أن يقال: إنّ ذكر خمسة دراهم من باب المثال لكل ما يجب في أول كل نصاب و فيه ما لا يخفى.

ظهر مما مرّ وجه الاحتياط، و أنّه لا دليل عليه.

التاسعة عشر: يستحب للفقيه أو العامل أو الفقير الذي يأخذ الزكاة الدعاء للمالك، بل هو الأحوط (۶۳) بالنسبة إلى الفقيه الذي يقبض بالولاية العامة (6٤).

خروجا عن خلاف من أوجبه.

يشهد لاستحباب الدعاء مطلقا ما ورد من الترغيب إليه خصوصا بالنسبة إلى الإخوان‏٥٥ و سيّما إن أوجب التأليف و كان جزاء للإحسان، و تعضده الآية الكريمة خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ‏٥٦ و أما ما قد يقال: بوجوبه بالنسبة إلى الفقيه، فلا دليل عليه و إن استدل عليه تارة: بالتأسي (و فيه): أنّه أعمّ من الوجوب.

و أخرى: بأصالة الاشتراك بين النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) و نوابه في الأحكام (و فيه): أنّه لا أصل لهذا الأصل في المقام يصح الاعتماد عليه.

و ثالثة: بأنّه لطف و هو واجب (و فيه): أنّه لا دليل على كلية الكبرى من عقل أو نقل، فدعوى الوجوب بلا شاهد، بل الأصل ينفيه.

العشرون: يكره لربّ المال طلب تملك ما أخرجه في الصدقة الواجبة و المندوبة (65). نعم، لو أراد الفقير بيعه- بعد تقويمه عند من أراد- كان المالك أحقّ به من غيره، و لا كراهة (66) و كذا لو كان جزءا من حيوان لا يمكن للفقير الانتفاع به، و لا يشتريه غير المالك. أو يحصل للمالك ضرر بشراء الغير، فإنّه تزول الكراهة حينئذ أيضا (67) كما أنّه لا بأس بإبقائه في ملكه إذا عاد إليه بميراث و شبهه من المملكات القهرية (68).

للنص، و الإجماع، قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): «إذا تصدق الرجل بصدقة لم يحل له أن يشتريها، و لا يستوهبها، و لا يستردها إلا في ميراث»٥۷.

و قريب منه غيره‏٥۸ المحمول على الكراهة جمعا، و إجماعا و قال (عليه السلام) أيضا: «إذا أخرجها- يعني الشاة- فليقسّمها فيمن يريد، فإذا قامت على ثمن، فإن‏ أرادها صاحبها، فهو أحق بها»٥۹.

لما تقدم من قوله (عليه السلام): «فهو أحقّ بها» الظاهر في نفي الكراهة أصلا.

إجماعا- كما في المنتهى- و لصحة دعوى انصراف النصوص الدالة على الكراهة عنها كما لا يخفى.

إجماعا- كما في المعتبر- و لصحة دعوى انصراف النصوص عن المملكات القهرية، و إمكان حمل قوله (عليه السلام): «إلا في ميراث» على المثال لمطلق المملكات القهرية و اللَّه تعالى هو العالم.

  1. سورة التوبة: ۱۰۳.
  2. الوسائل باب: ۳٦ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  3. سورة ص: ۲٦.
  4. سورة النساء: ٥۹.
  5. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ۱.
  6. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ٦.
  7. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ۹.
  8. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ۱4.
  9. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث:.
  10. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ۱٦.
  11. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ۲۱.
  12. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ۲٥.
  13. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: 4۳.
  14. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: 4٦.
  15. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: 4٥.
  16. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ۷.
  17. هو المرحوم آية اللَّه العظمى المحقق الشيخ محمد حسين الغروي الأصبهاني.
  18. الوسائل باب: 4۰ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  19. الوسائل باب: ۳٥ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  20. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ۹.
  21. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  22. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ٥.
  23. الوسائل باب: ۱ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۷.
  24. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ٦.
  25. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۲.
  26. تقدم في صفحة: ۲۳۳.
  27. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  28. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  29. الوسائل باب: ٥4 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  30. الوسائل باب: ٥٥ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۲.
  31. الوسائل باب: ٥۲ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۲.
  32. الوسائل باب: ٥۳ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  33. الوسائل باب: ٥۲ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۲.
  34. الوسائل باب: ٥۲ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۳.
  35. الوسائل باب: ۳۹ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 4.
  36. الوسائل باب: ۳۹ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۳.
  37. الوسائل باب: 4 من أبواب إرث من لا وارث له حديث: ۷.
  38. راجع الوسائل باب: ۲ من أبواب اللقطة حديث: ۱۰ و ۱۲ و غيرهما.
  39. الوسائل باب: ۱4 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ٥.
  40. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  41. الوسائل باب: ٥ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۳.
  42. الوسائل باب: ٥ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۷.
  43. الوسائل باب: ۳۹ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱
  44. الوسائل باب: ۳۹ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۲
  45. الوسائل باب: ۳۷ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  46. الوسائل باب: ۳۷ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 4.
  47. الوسائل باب: ۳۸ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۲.
  48. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  49. الوسائل باب: 4۳ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۲.
  50. الوسائل باب: 4۳ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۳.
  51. تقدم في صفحة: ۲٥۲.
  52. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  53. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۲.
  54. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 4.
  55. راجع ج: ۷ صفحة: ۱4۰- ۱٥۸.
  56. سورة التوبة: ۱۰۳.
  57. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الوقوف و الصدقات حديث: ۱.
  58. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الوقوف و الصدقات حديث: ٥.
  59. الوسائل باب: ۱4 من أبواب زكاة الأنعام حديث: ۳.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"