لما دل على اعتبار البينة من الإطلاق، و الاتفاق كما مر في كتاب القضاء۱.
(مسألة ۱): يثبت شرب المسكر بشهادة عدلين (۱)، و لا تقبل شهادة النساء فيه لا منفردات و لا منضمات (۲).
للأصل بعد عدم دليل الخلاف، و مر في كتاب الشهادة بعض الكلام۲.
(مسألة ۲): تكفي الشهادة بنحو الإطلاق (۳)، و لو أطلق أحدهما و قيد الثاني يثبت الحدّ أيضا (٤).و أما لو اختلفا في الخصوصيات مثل إن قال أحدهما: شرب الخمر، و قال الآخر: إنه شرب الفقاع، أو اختلفا في زمان الشرب أو مكانه أو حالاته لا يثبت الحدّ (٥).
لصدق الشهادة على تناول المسكر- و إن لم يعين نوعه- لغة و عرفا، و شرعا، فيتبعه الحكم قهرا.
لعدم ثبوت التنافي في المحاورات بين المطلق و المقيد، فيصدق عرفا شهادة عدلين مع عدم تكاذب في البين، فلو قال أحدهما: شرب المسكر، و قال الآخر: شرب الخمر، فيثبت الحدّ، لعدم التنافي و التكاذب في البين.
للأصل، و لا أقل من تحقق الشبهة الدارئة للحدّ، فلو قال أحدهما:
شرب الخمر في الصبح، و قال الآخر: إنه شرب في العصر، و قال أحدهما: إنه شرب في البيت، و قال الآخر: شرب في الشارع، أو قال أحدهما: شرب عامدا و ملتفتا، و قال الآخر: شرب مكرها أو مضطرا أو جاهلا، و غير ذلك من الاختلاف، لا يثبت الحدّ كما عرفت.
(مسألة ۳): يثبت الحدّ بالإقرار مرتين بشرب المسكر (٦)، و يشترط في المقر البلوغ و العقل و القصد و الاختيار (۷)، و الحرية (۸).
لعموم ما دلّ على اعتبار الإقرار كما تقدم، و مقتضاه كفاية المرة، و قد تقدم وجه اعتبار المرتين غير مرة في نظائر المقام۳، فلا وجه للتكرار.
هذه الشرائط من الشرائط العامة لكل إقرار، و تقدم أدلتها في كتاب الإقرار و غيره، فلا اعتبار بإقرار فاقد الاختيار، كما عن علي عليه السّلام: «من أقر عند تجريد أو حبس أو تخويف، فلا حدّ عليه»4، مضافا إلى الإجماع على ما تقدم.
لأن إقرار المملوك إقرار في حق الغير، فلا يسمع.
(مسألة ٤): يعتبر في الإقرار أن لا يقترن بما يحتمل معه جواز الشرب كالتداوي أو الجهل أو الإكراه (۹).
لأن كل ذلك مما يوجب الجواز و رفع الحرمة، فكيف يثبت به الحدّ.
(مسألة ٥): لو أقر بالشرب ثمَّ أنكر فلا أثر لإنكاره (۱۰).
نصا، و إجماعا، فعن الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إذا أقر الرجل على نفسه بحدّ أو فرية ثمَّ جحد، جلد»٥، و قريب منه غيره، و تقتضيه قاعدة:
«عدم سماع الإنكار، بعد الإقرار»، و تقدم في كتاب الإقرار بأن من أقر بشيء ثمَّ عقبه بما يضاده و ينافيه، يؤخذ بإقراره٦. نعم لو ظهر من إنكاره قرائن معتبرة أن إقراره لم يكن لبيان الواقع، يسقط الحدّ حينئذ، لعدم ثبوته ظاهرا. و اللّه العالم.
(مسألة ٦): لو أقر بنحو الإطلاق و كانت في البين قرينة معتبرة دالة على أنه كان للعذر لا يثبت الحدّ (۱۱)، و كذا لو أقر بنحو الإطلاق ثمَّ ادعى العذر المقبول و أمكن ذلك فيه (۱۲).
لفرض اعتبار القرينة شرعا فيقيد بها الإطلاق، فتكون كالقرينة المحتفة به.
لأنه أيضا كالقرينة التي يقيد بها الإطلاق، و لا أقل من الشبهة الدارئة للحدّ.
(مسألة ۷): لا يكفي في ثبوت الحد النكهة و الرائحة (۱۳).
لأنهما أعمان من كون الشرب عن علم و عمد و اختيار، لاحتمال كونه عن جهل أو إكراه أو عذر، و كذا في التحليل بواسطة الآلات الحديثة في الدم و غيره.
(مسألة ۸): إذا قامت البينة على الشرب فلا أثر لإنكار الشرب (۱٤).
لفرض ثبوته بالحجة الشرعية المعتبرة.
(مسألة ۹): لو أراد أن يشرب المسكر لعذر شرعي لا يتجاهر في شربه، فلو تجاهر عزّره الحاكم الشرعي (۱٥).
لأن في التجاهر به إغراء للغير، فللحاكم الشرعي أن يعزّره بما يشاء، و يمنع عن التجاهر به.
- تقدم في ج: ۲۷ صفحة: ۸۸- ۹۸.
- راجع ج: ۲۷ صفحة: ۱۹4 و ۱۹٦.
- راجع ج: ۲۷ صفحة: ۳۱۸ و هنا صفحة ۲۳.
- الوسائل: باب ۷ من أبواب حد السرقة: ۲.
- الوسائل: باب ۱۲ من أبواب مقدمات الحدود: ۲.
- راجع المجلد الواحد و العشرين صفحة: ۲44.