1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الحدود و التعزيرات
  10. /
  11. الفصل الأول في موجب حدّ شرب المسكر
(مسألة ۱): يجب الحدّ على من تناول المسكر و منه الفقاع (۱)، و إن لم يتحقق سكر بالتناول (۲).

أصل الحكم مسلّم إجماعا، و نصوصا مستفيضة بل متواترة، كما أن المرجع في المسكر و السكر هو المتعارف، و في مورد الشك في تناول المسكر مع عدم أصل موضوعي في البين يدرأ الحد بالشبهة، كما مر.

و لكن لفظ «التناول» ورد في كلمات الفقهاء و مورد إجماعهم، فيشمل مطلق التناول، سواء كان شربا مستقلا أو بالخلط منه و المزج بغيره، و هو مناسب لكثرة التشديدات الواردة في الشريعة فيما هو مادة الفساد و أم الخبائث، و قولهم عليهم السّلام: «قليلها و كثيرها حرام»۱.

و تقدم ما يتعلق بالفقاع موضوعا و حكما في أحكام النجاسات من كتاب الطهارة۲، ففي صحيح محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «سألته عن الفقاع؟ فقال: هو خمر، و فيه حدّ شارب الخمر»۳، و مثله غيره.

لدوران الحكم في الفقاع على مجرد المسمّى. و في مطلق المسكر على أن ما أسكر كثيره حرم قليله، مع مسلّمية الحكم لدى الفقهاء، و إن ورد في بعض الأخبار لفظ «الشرب» كما يأتي فهو من باب الغالب لا التقييد، مع حكومة قوله عليه السّلام: «ما أسكر كثيره فقليله حرام»4، و قريب منه غيره على مثل هذه الأخبار.

(مسألة ۲): يشترط أن يكون المتناول بالغا عاقلا مختارا (۳)، عالما بالحكم و الموضوع، أو أحدهما (٤)، مع عدم كونه معذورا في جهله (٥).

لأنها من الشرائط العامة لكل تكليف فضلا عن الحدود، و قد مر دليل اعتبارها مكررا فلا وجه للإعادة٥، فلا حدّ على الصبي و المجنون، كما مر.

أما اشتراط العلم بالحكم فيدل عليه مضافا إلى الإجماع، قول الصادق عليه السّلام في موثق ابن بكير: «شرب رجل الخمر على عهد أبي بكر فرفع إلى أبي بكر فقال له: أ شربت خمرا؟ قال: نعم، قال: و لم و هي محرمة؟ فقال له الرجل: إني أسلمت و حسن إسلامي، و منزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر و يستحلّون، و لو علمت أنها حرام اجتنبتها، فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال: ما تقول في أمر هذا الرجل؟ فقال عمر: معضلة و ليس لها إلا أبو الحسن، فقال أبو بكر: ادع لنا عليا، فقال عمر: يؤتى الحكم في بيته، فقاما و الرجل معهما و من حضرهما من الناس حتى أتوا أمير المؤمنين عليه السّلام، فأخبراه بقصة الرجل و قصّ الرجل قصته فقال: ابعثوا معه من يدور به على مجالس المهاجرين و الأنصار من كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه، ففعلوا ذلك به فلم يشهد عليه أحد بأنه‏ قرأ عليه آية التحريم، فخلّى سبيله، فقال له: إن شربت بعد هذا أقمنا عليك الحدّ»٦.

و في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «لو أن رجلا دخل في الإسلام و أقرّ به ثمَّ شرب الخمر و زنى و أكل الربا و لم يتبين له شي‏ء من الحلال و الحرام، لم أقم عليه الحدّ إذا كان جاهلا»۷.

و يدل على اعتبار العلم بالموضوع إجماع المسلمين، بل ضرورة الدين، و موثق ابن بكير المتقدم بالفحوى.

لعمومات الأدلة الدالة على الحرمة الشاملة لصورتي العلم و الجهل، إلا في صورة العذر المقبول شرعا، و أما مع عدم القبول فلا وجه للعذر.

(مسألة ۳): لا فرق في المسكر بين جميع أنواعه سواء اتخذ من العنب المسمّى بالخمر، أو التمر أي النبيذ، أو الزبيب أي: النقيع، أو العسل أي: البتع، أو الشعير أي: المزر، أو الذرة أو الحنطة أو غيرهما و سواء اتخذ من شي‏ء واحد أو شيئين أو أشياء مختلفة (٦).

كل ذلك لإطلاق الأدلة، و إجماع فقهاء الملة، و ما تقدم من النص في كتاب الطهارة۸.

(مسألة ٤): العصير الزبيبي أو التمري مع الإسكار ملحق بالخمر في الحدّ (۷)، و مع عدمه لا يلحق به (۸)، و كذا العصير العنبي قبل ذهاب ثلثيه (۹).

لتحقق الموضوع، فيلحقه الحكم حرمة و حدّا، و في صحيح الكناني.

عن الصادق عليه السّلام: «كل مسكر من الأشربة يجب فيه كما يجب في الخمر من الحدّ»۹، إلى غير ذلك من الأخبار.

لعدم الموضوع للحدّ و الحرمة رأسا.

تقدم التفصيل في كتاب الطهارة۱۰، و قلنا: لو كان فيه الإسكار تحقق موضوع الحدّ و مع عدمه لا حدّ فيه.

(مسألة ٥): لا فرق في تناول المسكر الموجب للحدّ بين الكثير و القليل و الممتزج بغيره و ما لا مزج فيه (۱۰).

للإطلاق، و الاتفاق، الشامل لكل منهما، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «الحدّ في الخمر أن يشرب منها قليلا أو كثيرا»۱۱.

و في موثق إسحاق بن عمار: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل شرب حسوة خمر؟ قال ثمانين جلدة، قليلها و كثيرها حرام»۱۲، و تقدم قوله عليه السّلام: «ما أسكر كثيره فقليله حرام»۱۳.

و المستفاد من هذه الأدلة أن الحكم مرتب على ذات الطبيعة كيف ما تحققت في الخارج، و هذا هو الذي يقتضيه كثرة تشديد الشريعة في هذه الطبيعة الخبيثة.

و لكن امتزاج الخمر بغيره على أقسام:

الأول‏: استهلاك غير الخمر فيه، و بقاء الإسكار، و لا ريب في الحرمة و النجاسة و الحدّ، لبقاء الموضوع، فتترتب عليه جميع الأحكام لا محالة.

الثاني‏: استهلاك الخمر في الغير، و بقاء الإسكار، و هو مثل الأول للإطلاق، و الاتفاق.

الثالث‏: عين هذه الصورة مع عدم الإسكار، و لا ريب في النجاسة و الحرمة، و في ثبوت الحدّ إشكال، لاحتمال انصراف الأدلة عنه، فيدرء الحدّ للشبهة، و لكن ثبوته هو المعروف بين الفقهاء، بل مورد دعوى بعضهم الاتفاق، و هو المأنوس من مذاق الشرع مما ورد فيه من التشديدات الأكيدة، كما تقدم في كتاب الأطعمة و الأشربة۱4.

(مسألة ٦): لو اضطر إلى تناول المسكر للخلاص عن الهلاك مع الانحصار فيه لا حدّ عليه و كذا لو أكره عليه كذلك (۱۱).

لحديث الرفع في كل منهما۱٥، و ظهور الإجماع.

(مسألة ۷): لو شرب المسكر مع علمه بحرمته فعليه الحدّ و إن جهل بإيجابه للحدّ (۱۲)، بخلاف ما إذا شرب مائعا بزعم أنه غير مسكر فبان مسكرا فإنه لا حدّ عليه (۱۳)، و أما لو علم أنه مسكر و زعم أن ما يوجب الحدّ ما أسكر بالفعل فشرب قليله و لم يسكر فإن عليه الحدّ (۱٤).

لإطلاق الأدلة الشامل لهذه الصورة أيضا، خرج منه صورة الجهل بالحكم التكليفي، و بقي الباقي.

لأنه من الجهل بالموضوع حين الارتكاب، و تقدم أنه لا حدّ فيه بين إن اعتقد حلية المشروب أو حرمته، من غير جهة السكر فيه، لأن المناط في ثبوت الحدّ العلم بمسكرية المشروب، لا العلم بحرمته و لو من غير جهة السكر.

لشمول الإطلاق و الاتفاق لهذه الصورة أيضا.

(مسألة ۸): لا فرق في إيجاب الحدّ بين أن يشرب الخمر مستقلا أو يبتلعها بواسطة شي‏ء آخر (۱٥).

للإطلاق الشامل للجميع. و ذكر الشرب الوارد في الروايات انما هو من باب الغالب و المثال، خصوصا في تلك الأزمنة التي لم يكن غيره معهودا، و في صحيح سليمان بن خالد: «كان أمير المؤمنين عليه السّلام يجلد في النبيذ المسكر ثمانين، كما يضرب في الخمر»۱٦، فلو جعل الخمر في مثل الكبسولة و بلعها أو استعملها بتزريقها في الجوف بالآلات المستحدثة، يجرى عليه الحدّ إن تحققت سائر الشرائط.

(مسألة ۹): لو حصل السكر بغير الشرب من شم أو مسح المسكر بالبدن أو غيرهما فلا ريب في حرمته، و هل يوجب الحدّ كما في شرب المسكر؟ فيه إشكال (۱٦)، نعم للحاكم الشرعي التعزير بما يراه (۱۷).

لأن المنساق من الأدلة الشرب، أو إدخال المسكر في الجوف كما عممناه، و أما التعميم بغير ذلك- كما في فرض المسألة- فيكفي في درء الحدّ ثبوت الشبهة. و من تحقق المعلول و هو السكر، فلا بد و أن يترتب عليه جميع آثاره التي منها الحدّ فيجري عليه الحد.

لأن ذلك من المنكرات، و للحاكم الشرعي إن يعزّر مرتكبيها، كما تقدم‏۱۷.

  1. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المسكر: ۱.
  2. راجع المجلد الأول صفحة: 4۰۹ و 4۱۲.
  3. الوسائل: باب ۱۳ من أبواب حد المسكر: ۱.
  4. الوسائل: باب ۱ من أبواب الأشربة المحرمة: ٥.
  5. تقدم في صفحة: ۱4.
  6. الوسائل: باب ۱۰ من أبواب حد المسكر.
  7. الوسائل: باب ۱4 من أبواب مقدمات الحدود: ۱.
  8. راجع المجلد الأول صفحة: ۳۹۲.
  9. الوسائل: باب ۷ من أبواب حد المسكر: ۱.
  10. راجع المجلد الأول صفحة: ۳۹۸.
  11. الوسائل: باب 4 من أبواب حد المسكر: ۳.
  12. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المسكر: ۱.
  13. تقدم في صفحة: ۳۹.
  14. راجع ج: ۲۳ صفحة: ۱٦٥.
  15. الوسائل: باب ٥٦ من أبواب جهاد النفس الحديث: ۱.
  16. الوسائل: باب ۱۱ من أبواب حد المسكر: ۱۳.
  17. تقدم في صفحة: ۳٥.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"