1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الحجر

المنع و التضييق في الجملة متحقق في جميع مشتقات هذه المادة- ح- ج- ر- سواء استعملت في الحرام كما في قوله تعالى‏ وَ يَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً۱، أي حراما محرّما لأن الحرام يمنع المكلف عن ارتكابه، أو في العقل كما في قوله تعالى‏ هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ۲، لأن العقل يمنع الإنسان عن ارتكاب القبائح أو في غيرهما، فهو متضمن للمنع في الجملة لغة و شرعا و عرفا فليس للفقيه اصطلاح جديد فيه بل هو بالمعنى اللغوي و العرفي موضوع بحث الفقهاء.

ثمَّ ان سلب النفوذ في موارد الحجر معلوم و اما سلب أصل الأهلية مطلقا فيحتاج إلى دليل يدل عليه، فإذا ليس كل محجور عليه مسلوب العبارة و الإرادة مطلقا.

و هو في الأصل بمعنى المنع (۱)، و شرعا كون الشخص ممنوعا في‏ الشرع عن التصرف في ماله (۲)، بسبب من الأسباب و هي كثيرة (۳)، نذكر منها ما هو العمدة و هي ستة: الأول: الصغر. الثاني: الجنون. الثالث: السفه. الرابع: الفلس. الخامس: مرض الموت. السادس: الرق.

كما عرفت آنفا. ثمَّ إن الحجر في الجملة على قسمين:

الأول: من يحجر عليه لحق نفسه.

الثاني: من يحجر عليه لحق غيره.

فالأول الصبي و المجنون و السفيه، و الثاني أقسام منها المفلس و غيره.

فيكون الحجر في الاصطلاح من احدى مصاديق مطلق المنع الذي يستعمل فيه لفظ الحجر.

متفرقة في الأبواب المختلفة كالرهن و الارتداد و الكتابة، و قد ذكرنا في البيع بعضها فراجع.

الأول: الصغر (مسألة ۱): الصغر- و هو الذي لم يبلغ حد البلوغ محجور عليه شرعا لا تنفذ تصرفاته في أمواله (٤)، ببيع و صلح و هبة و إقراض و إيداع و اعارة و غيرها، و إن كانت في غاية الغبطة و الصلاح (٥)، بل لا يجدي في‏ الصحة إذن الولي سابقا و لا إجازته لا حقا عند المشهور (٦).

كتابا كقوله تعالى‏ وَ ابْتَلُوا الْيَتامى‏ حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ‏۳ و ذكرنا في التفسير معنى الآية المباركة و ما يتعلق بالابتلاء و الرشد4، و سنة، و إجماعا من الفقهاء بل العقلاء في الجملة، و يمكن الاستدلال بدليل العقل أيضا لأن في تصرف الصبي معرضية قريبة للفساد و الإفساد و التضييع و العقل يحكم بقبح ذلك كله، أما الأخبار ففي خبر ابن حمران عن أبي جعفر عليه السّلام: «الجارية إذا تزوجت و دخل بها و لها تسع سنين ذهب عنها اليتم، و دفع إليها مالها و جاز أمرها في الشراء و البيع، و الغلام لا يجوز أمره في الشراء و البيع و لا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك»٥، و في خبر هشام عن الصادق عليه السّلام: انقطاع يتم اليتيم بالاحتلام و هو أشده و إن احتلم و لم يونس منه رشده و كان سفيها، أو ضعيفا فليمسك عنه وليه ماله»٦، و في خبر عيص بن القاسم عنه عليه السّلام أيضا: «سألته عن اليتيمة متى يدفع إليها مالها؟ قال عليه السّلام: إذا علمت أنها لا تفسد و لا تضيع»۷، إلى غير ذلك من الأخبار.

لإطلاق الأدلة الشامل لجميع ذلك.

لذهابهم إلى أن قصد الصبي كالعدم، و تمسكوا لذلك بقوله عليه السّلام:

«عمد الصبي خطأ»۸، و تقدم في أول كتاب البيع ما ينفع المقام.

(مسألة ۲): كما أن الصبي محجور عليه بالنسبة إلى ماله كذلك محجور عليه بالنسبة إلى ذمته، فلا يصح منه الاقتراض و لا البيع و الشراء في الذمة بالسلم و النسيئة و إن كانت مدة الأداء مصادفة لزمان بلوغه، و كذلك بالنسبة إلى نفسه، فلا ينفذ منه التزويج، و لا الطلاق و لا إجارة نفسه، و لا جعل نفسه عاملا في المضاربة أو المزارعة أو المساقاة و غير ذلك (۷). نعم، يجوز له حيازة المباحات (۸)، بالاحتطاب و الاحتشاش و نحوهما و يملكها بالنية (۹)، بل و كذا يملك الجعل في الجعالة بعمله (۱۰)، و إن لم يأذن له الولي فيهما (۱۱).

كل ذلك للإطلاق و الاتفاق و تصريحهم بأن قصد الصبي كالعدم في العقود و الإيقاعات مطلقا، و سيأتي مزيد بيان في كتابي النكاح و الطلاق.

لأنها من قبيل الأسباب التوليدية لحصول الملك لمن حاز و ليست من العقود و لا الإيقاعات.

أي: نية التملك لأصالة عدم حصول الملكية إلا بذلك و يكفي فيها النية الإجمالية الارتكازية المنبعثة عن قصد نفس الحيازة، لأن حيازة المباحات لا تكون غالبا إلا لأجل تملكها، و لا دليل على اعتبار أزيد من هذا المقدار من النية.

و ما يقال: من أنه لا وجه لاعتبار نية الصبي و قصده كما هو المشهور.

مردود: بأن القصد المنفي إنما هو قصده لإنشاء العقد أو الإيقاع لا مطلق القصد كقصده لأفعاله الإرادية الاختيارية كمشية و قيامه و قعوده و حركاته‏

و سكناته، و ما ورد من أن «عمد الصبي خطأ»۹، إنما هو تنزيل حكمي شرعي لمصالح كثيرة لا أن يكون أمرا حقيقيا خارجيا بحيث لم يتصف أفعاله بالعمد أصلا.

لأنها أيضا من قبيل الأسباب التوليدية.

لأن ما هو من قبيل الأسباب لا وجه لإناطتها بالإذن كالنجاسة الحاصلة للصبي بملاقاة النجاسة، و الطهارة الحاصلة له بالغسل بالماء.

(مسألة ۳): يعرف البلوغ (۱۲)، في الذكر و الأنثى بأحد أمور ثلاثة: الأول: نبات الشعر الخشن على العانة (۱۳)، و لا اعتبار بالزغب‏ و الشعر الضعيف (۱٤). الثاني: خروج المني (۱٥)، سواء خرج يقظة أو نوما بجماع أو احتلام أو غيرهما (۱٦). الثالث: السنّ، و هو في الذكر إكمال خمس عشرة سنة هلالية، و في الأنثى تسع سنين (۱۷). كذلك (۱۸).

البلوغ حالة طبيعية تكوينية كالصباوة و الشيخوخة و الهرم جعلها اللّه في الإنسان بل في مطلق الحيوان الذي له توالد و تناسل إبقاء للنوع، و يحدث لعروض تلك الحالة التمايل الجنسي، و ليس البلوغ أمرا تعبديا و لا من الحقيقة الشرعية و لا يختص أصله بملة دون أخرى و لا بحيوان دون آخر كسائر الحالات الطبيعية العارضة للحيوان.

نعم، يمكن اختلاف علاماته في الإنسان باختلاف المذاهب و الأديان، و هو أعم من اختلاف الذات و الحقيقة، و ما وصل إلينا من الشريعة في العلامات القطعية و ما ذكره غيرنا غايتها إنها ظنية و لا اعتبار بها، بل مقتضى الأصل عدم الاعتبار.

إجماعا و نصوصا من الفريقين‏۱۰، فعن الصادق عليه السّلام: «الغلام إذا زوّجه أبوه و لم يدرك كان الخيار له إذا أدرك و بلغ خمس عشرة سنة أو شعر في وجهه أو ينبت في عانته»۱۱، و ما ورد عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام: «أن‏

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عرضهم يومئذ على العانات فمن وجده أنبت قبله، و من لم يجده أنبت ألحقه بالذراري»۱۲، و النصوص و ان اختصت بالذكر إلا انه قام الإجماع على عدم الفرق في هذه العلامة بين الذكر و الأنثى، فدليل التعميم في الحقيقة مختص بالإجماع، كما أن اعتبار الخشونة أيضا كذلك، إذ لم نجد لفظها فيما وصل إلينا من النصوص، كما أن ما يظهر منه كفاية نبات الشعر على الوجه كقوله عليه السّلام فيما تقدم: «أو شعر في وجهه» محمول أو مطروح.

قطعا و إجماعا فيهما.

كتابا قال تعالى‏ وَ ابْتَلُوا الْيَتامى‏ حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ‏۱۳، و قال تعالى أيضا وَ إِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا۱4، و سنة مستفيضة بين الفريقين فعن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم»۱٥، و قوله صلّى اللّه عليه و آله لمعاذ: «خذ من كل حالم دينارا»۱٦، و عن الصادق عليه السّلام: «انقطاع يتم اليتيم الاحتلام و هو أشده»۱۷، و في وصية النبي صلّى اللّه عليه و آله: «يا علي لا يتم بعد احتلام»۱۸، و عنه عليه السّلام: «على الصبي إذا احتلم الصيام»۱۹، إلى غير ذلك من الأخبار، و إجماعا من المسلمين، و الأنثى كالذكر في ذلك للإطلاق و الاتفاق.

لإطلاق الأخبار و معاقد الإجماعات الشامل لجميع ذلك، و لا بد و أن يكون ذلك فيما يمكن عادة، فلو كان على خلاف العادة كما إذا كان فيما دون التسعة في الأنثى و دون العشرة في الذكر يشكل الحكم بكونه بلوغا كما عن بعض الفقهاء، و لكن الأحوط ترتب آثار البلوغ عملا بالإطلاق إلا إذا علم بعدم كونه منيا، و لا فرق في هاتين العلامتين بين الذكر و الأنثى إجماعا و لإطلاق الأدلة.

إجماعا، و نصوصا منها صحيح ابن محبوب عن عبد العزيز عن حمزة بن حمران قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام متى يجب على الغلام أن يؤخذ بالحدود التامة و يقام عليه و يؤخذ بها؟ فقال عليه السّلام: إذا خرج عن اليتيم و أدرك، قلت: فلذلك حد يعرف؟ فقال عليه السّلام: إذا احتلم أو بلغ خمس عشرة سنة أو أشعر أو أنبت قبل ذلك أقيمت عليه الحدود التامة و أخذ بها و أخذت له، قلت:

فالجارية متى تجب عليها الحدود التامة و تؤخذ بها و تؤخذ لها؟ قال عليه السّلام: إن الجارية ليست مثل الغلام، إن الجارية إذا تزوجت و دخل بها و لها تسع سنين ذهب عنها اليتم و دفع إليها مالها و جاز أمرها في الشراء و البيع و أقيمت عليها الحدود التامة و أخذ لها و بها، و الغلام لا يجوز أمره في الشراء و البيع و لا يخرج من اليتيم حتى يبلغ خمس عشرة سنة أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك»۲۰.

و هذا الصحيح من محكمات أخبار الباب و مبيناتها و مما يشهد متنه بصحة سنده كما لا يخفى على أهله، و لا بد من رد غيره اليه أو طرحه عند المعارضة، و مقتضى الأصل و الإجماع و المنساق من الأدلة هو إكمال خمسة

عشر سنة في الذكر و تسع سنين في الأنثى كما في سائر الأخبار المشتملة على العدد في جميع الموارد، إذ المنساق منها عرفا هو إكمال العدد، فلا وجه لباقي الأقوال من كفاية إكمال الأربع عشر كما نسب إلى ابن الجنيد أو الدخول في الخمس عشر كما حكى عن بعض و لم يعرف القائل به و احتمل اتحاده مع قول ابن الجنيد، أو الدخول في الأربع عشر كما نسب إلى السيوري و غيره أو ثلاث عشر سنة تمسكا ببعض الأخبار كخبر أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام: «قلت له:

جعلت فداك في كم تجري الأحكام على الصبيان؟ قال في ثلاث عشرة و أربع عشرة قلت: فإنه لم يحتلم فيها، قال: و إن كان لم يحتلم فإن الأحكام تجري عليه»۲۱، لقصور كل ذلك عن معارضة ما هو المشهور، مع إمكان الحمل على صورة تحقق الإنبات أو الاحتلام أو مجاز الأول و المشارفة فيما إذا كان التحديد بالأقل من خمسة عشر.

و أما خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «لا يدخل بالجارية حتى يأتي لها تسع سنين أو عشر سنين»۲۲، و مثله خبر أبي بصير فلا وجه لجعله للتحديد في هذا الأمر العام البلوى لأن الترديد ينافي التحديد كما هو معلوم فلا بد من حمله على العوارض الخارجية من تحمل بعض الجواري للدخول بها في تسع سنين و بعضها لعدم تحمل ذلك إلا بعده، مع أنه لا يعارض أخبار التسع‏۲۳، لفرض كونه مثبتا و لا تعارض بين المثبتين و إنما التعارض في ذكر العشرة و هو محمول على ما قلناه.

و بالجملة: اختلاف نفوس الذكور في الاحتلام و الإنبات، و اختلاف الإناث في تحمل الدخول و عدمه أوجب أن تكون العلامة من الموضوعات‏ التشكيكية بالنسبة إلى التحديد الزماني و السني.

ثمَّ إن المنساق من الأدلة و الفتاوي أن لكل واحد من هذه العلامات الثلاثة موضوعية خاصة، فلو تقدم أحدها على الآخرين يتحقق البلوغ بما تقدم و تكون البقية كاشفا عن تحققه سابقا كما هو شأن جميع العلامات المتعددة التي تجعل لكل شي‏ء شرعا أو عرفا.

نعم، السبب للبلوغ في الواقع واحد و هو وصول النفس إلى حدوث التمايل الجنسي فيها و الثلاثة المذكورة في الشرع علامات كشف الشرع عنها.

هذا بالنسبة إلى أصل البلوغ الشرعي للرجل و المرأة من حيث تعلق الواجبات و المحرمات بهما غير القابلة للتغيير و التبديل.

و أما بالنسبة إلى الجهات الخارجية فيمكن للحاكم الشرعي تحديدها بوقت معين بحسب ما تقتضيه المصلحة، كما إذا حدد في التصدي للمعاملات الكلية الخطرة لمن بلغ سبعة عشر سنة مثلا، و هذا ليس تحديد في أصل البلوغ بل تحديد لموضوع حكم تقتضيه المصلحة لذلك.

لأن المنساق من الأدلة الهلالية كما تقدم غير مرة.

(مسألة ٤): لا يكفي البلوغ في زوال الحجر عن الصبي، بل لا بد معه من الرشد و عدم السفه بالمعنى الذي سنبينه (۱۹).

للأصل، و الإجماع، و قوله تعالى‏ وَ ابْتَلُوا الْيَتامى‏ حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ‏۲4، و النصوص منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «انقطاع يتم اليتيم بالاحتلام و هو أشده و إن احتلم و لم يؤنس منه رشده و كان سفيها أو ضعيفا فليمسك عنه وليه ماله»۲٥، و المراد بالولي الأب و الجد و يتم الكلام في وصيهما بالقول بعدم الفصل، و يأتي في السفه ما ينفع المقام.

(مسألة ٥): ولاية التصرف في مال الطفل و النظر في مصالحه و شؤونه لأبيه وجده لأبيه (۲۰)، و مع فقدهما للقيم من أحدهما، و هو الذي أوصى أحدهما بأن يكون ناظرا في أمره (۲۱)، و مع فقد الوصي تكون الولاية و النظر للحاكم الشرعي (۲۲)، و أما الأم و الجد للأم و الأخ فضلا عن الأعمام و الأخوال فلا ولاية لهم عليه بحال (۲۳). نعم، الظاهر ثبوتها لعدول المؤمنين مع فقد الحاكم (۲٤).

إجماعا بل ضرورة من الفقه، و تدل عليه نصوص مختلفة في الأبواب المتفرقة منها قوله صلّى اللّه عليه و آله لرجل: «أنت و مالك لأبيك»۲٦، الشامل للجد أيضا، و منها ما ورد في نكاح الصغيرة «ليس لها مع أبيها أمر»۲۷، و غيره من الأخبار على ما يأتي التفصيل في كتاب النكاح.

لقاعدة: «أن كل ما جاز فعله حال الحياة جازت الوصية به بعد الممات إلا ما خرج بالدليل»، و لا دليل على الخروج في المقام مضافا إلى الإجماع و السيرة المستمرة بين المتشرعة.

لأن ذلك من أهم الأمور الحسبية التي لا بد له من قيامه بها مضافا إلى الإجماع على أنه ولي من لا ولي له.

للأصل، و الإجماع، و اختصاص أدلة الولاية عليه بمن ذكر، و سيأتي في النكاح ما يتعلق بالمقام.

لانطباق الأمور الحسبية التي لا يجوز تعطيلها و لا بد من القيام بها قهرا عليهم حينئذ، و تقدم في كتاب البيع ما ينفع المقام و ذكرنا أنه يكفي الوثوق‏ و لا تعتبر العدالة إلا طريقا لإحراز القيام بالوظيفة الشرعية بالنسبة إلى مال الصغير و نفسه.

(مسألة ٦): الظاهر أنه لا يشترط العدالة في ولاية الأب و الجد (۲٥)، فلا ولاية للحاكم مع فسقهما (۲٦)، لكن متى ظهر له و لو بقرائن الأحوال الضرر منهما على المولّى عليه عزلهما و منعهما من التصرف في أمواله (۲۷)، و لا يجب عليه الفحص عن عملهما و تتبع سلوكهما (۲۸).

للأصل، و الإطلاق، و ان المناط كله في ولايتهما القيام بمصالح الصبي نفسا و مالا، و قد يكون غير العادل أبصر بها من العادل، و قد ذكر لاعتبار العدالة فيهما ما لا تخفى الخدشة فيه تعرضنا في كتاب البيع و أشكلنا عليه‏۲۸.

و هل يعتبر الإسلام فيما إذا كان المولى عليه مسلما أو لا؟ الأحوط هو الاعتبار، و على هذا لو ارتد الأب عن صغار مسلمين تنقطع ولايته عنهم فترجع إلى الحاكم الشرعي.

إذ لا تصل النوبة إلى ولاية الحاكم مع وجودهما و عدم اعتبار العدالة فيهما كما مر.

نعم، مع اعتبارها يكون وجود غير العادل كالعدم فيثبت موضوع ولاية الحاكم حينئذ

لسقوط ولايتهما حينئذ فيتصدى الحاكم حينئذ إلى عزلهما و منعهما عن التصرف من باب النهي عن المنكر.

للأصل بعد عدم دليل على الوجوب مع دعوى الإجماع على عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية.

(مسألة ۷): الأب و الجد مستقلان في الولاية (۲۹)، فينفذ تصرف‏ السابق منهما و لغي اللاحق (۳۰)، و لو اقترنا ففي تقديم الجد (۳۱)، أو الأب (۳۲)، أو عدم الترجيح (۳۳)، و بطلان تصرف كليهما وجوه، بل أقوال، فلا يترك الاحتياط (۳٤).

لإطلاق دليل ولايتهما الشامل لحال الانفراد و غيره مضافا إلى‏ الإجماع.

لعدم الموضوع لتصرف اللاحق مع صحة تصرف السابق كما هو المفروض لوقوعه عن أهله و في محله.

لما ورد من تقديمه في النكاح‏۲۹، فيقدم في غيره بالأولى.

لكونه أقرب و انه السبب في ولاية الجد.

لأن ما ذكر من المرجحات أمور ظنية لا أن يكون مورد نص أو معقد إجماع معتبر فلا اعتبار بها.

و هو يحصل بتوافقهما معا فيما يتصرفان و عدم تحقق أي تصرف منهما إلا بعد توافقهما عليه.

(مسألة ۸): الظاهر أنه لا فرق بين الجد القريب و البعيد (۳٥)، فلو كان له أب وجد و أب الجد و جدّ الجد فلكل منهم الولاية.

لصدق الجد عليهما لغة و عرفا و شرعا فتشملهما الأدلة.

(مسألة ۹): يجوز للولي بيع عقار الصبي مع الحاجة و اقتضاء المصلحة (۳٦)، فإن كان البائع هو الأب و الجد جاز للحاكم تسجيله و إن لم يثبت عنده أنه مصلحة (۳۷)، و أما غيرهما كالوصي فلا يسجله إلا بعد ثبوت كونه مصلحة عنده على الأحوط (۳۸)

إذ لا معنى للولاية إلا العمل بما فيه الحاجة و المصلحة للمولّى عليه.

لأن كونه صلاحا عند الولي يكفي في صحة البيع و اعتباره مطلقا و لا أثر لنظر الحاكم الشرعي بعد وجود الولي و أمانته.

لأصالة عدم ترتب الأثر على تسجيله و حكمه إلا بذلك، و لا يجري هذا الأصل فيما إذا كان البائع وليا لأن كونه وليا كالأمارة المقدمة على هذا الأصل، و لكن الأقسام ثلاثة:

الأول‏: ما إذا أحرز الحاكم وثاقة الوصي و أمانته.

الثاني‏: ما إذا شك في ذلك.

الثالث‏: ما إذا أحرز العدم، و تجري عين هذه الأقسام في الولي أيضا، و في القسم الأول يصح التسجيل من دون فحص، لفرض إحراز الوثاقة و الأمانة، و في الثاني تجري قاعدة الصحة فيهما فيصح التسجيل بلا فحص، و في الثالث لا يجوز التسجيل من دون الفحص مطلقا بلا فرق بين الولي و الوصي عنه من هذه الجهة في الأقسام الثلاثة.

إلا أن يقال: بعدم تحقق القسم الثاني بالنسبة إلى الولي لمكان رأفته، فكأن المال مال نفسه فيبذل جهده في جلب المصلحة و دفع المفسدة فيما يفعل بخلاف الوصي فإنه أجنبي عن مال المولّى عليه، فيشكل جريان قاعدة الصحة بالنسبة إليه مع إمكان التفحص عن الحال بسهولة، و العرف يساعد على ما قلناه.

(مسألة ۱۰): يجوز للولي المضاربة بمال الطفل و إبضاعه (۳۹)، بشرط وثاقة العامل و أمانته (٤۰)، فإن دفعه إلى غيره ضمن (٤۱).

لإطلاق الأدلة مضافا إلى النص و الإجماع و في خبر بكر بن حبيب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل دفع اليه مال يتيم مضاربة، فقال عليه السّلام: إن كان ربح فلليتيم و إن كان وضيعة فالذي أعطى ضامن»۳۰، و قريب منه غيره، و تقدم في كتاب الزكاة ما ينفع المقام كما سيأتي في كتاب الوصية بعض ما يتعلق بالمقام.

لأنه المنساق من الأدلة، و المتيقن من الاتفاق فيرجع في غيره إلى‏ أصالة عدم الولاية بعد عدم شمول الدليل له أو الشك في الشمول مع ما تقدم من النص الظاهر في الضمان.

لتحقق التعدي و التفريط حينئذ فيخرج عن الاستيمان بذلك فيتحقق الضمان قهرا.

(مسألة ۱۱): يجوز للولي تسليم الصبي إلى أمين يعلّمه الصنعة، أو إلى من يعلّمه القراءة و الخط و الحساب و العلوم العربية و غيرها من العلوم النافعة لدينه و دنياه (٤۲) و يلزم عليه أن يصونه عما يفسد أخلاقه فضلا عما يضر بعقائده (٤۳).

لأن ذلك كله من لوازم ولايته، مضافا إلى السيرة و الإجماع.

لأن ذلك من أهم جهات ولايته عليه بل لم تشرع الولاية إلا لذلك فيلزم عليه القيام بها، و تقتضيه سيرة المتشرعة خلفا عن سلف و لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته»۳۱.

(مسألة ۱۲): يجوز لولي اليتيم إفراده بالمأكول و الملبوس من ماله و ان يخلطه بعائلته و يحسبه كأحدهم فيوزع المصارف عليهم على الرؤوس في المأكول و المشروب و أما الكسوة فيحسب على كل شخص كسوته، و كذا الحال في اليتامى المتعددين، فيجوز لمن يتولى إنفاقهم إفراد كل و إن يخلطهم في المأكول و المشروب و يوزع المصارف عليهم على الرؤوس دون الكسوة و يحسب على كل واحد ما يحتاج إليه منها (٤٤).

كل ذلك للأصل، و إطلاق أدلة الولاية، و ظهور الإجماع و ظاهر الآية الكريمة:

وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى‏ قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ‏۳۲، و في رواية أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه السّلام: «تخرج من أموالهم قدر ما يكفيهم و تخرج من مالك قدر ما يكفيك ثمَّ تنفقه، قلت: أرأيت إن كانوا يتامى صغارا و كبارا و بعضهم أعلى كسوة من بعض و بعضهم آكل من بعض و ما لهم جميعا؟ فقال: أما الكسوة فعلى كل إنسان منهم ثمن كسوته، و اما الطعام فاجعلوه جميعا فإن الصغير يوشك أن يأكل مثل الكبير»۳۳، و في خبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: «قلت له: يكون لليتيم عندي الشي‏ء و هو في حجري أنفق عليه منه، و ربما أصيب مما يكون له من الطعام، و ما يكون مني إليه، أكثر قال عليه السّلام: لا بأس بذلك»۳4، إلى غير ذلك من الأخبار، و لأن ذلك تسهيل على الأولياء ليرغبوا في الاهتمام بشؤون اليتامى.

(مسألة ۱۳): إذا كان للصغير مال على غيره جاز للولي أن يصالحه عنه ببعضه مع المصلحة (٤٥)، لكن لا يحل على المتصالح باقي المال (٤٦)، و ليس للولي إسقاطه بحال (٤۷).

لإطلاق دليل ولايته الشامل لكل ما فيه المصلحة للصغير، و المفروض تحققها لحفظ بقية المال عرفا، و لكن لا بد و أن تكون تلك المصلحة مما يعتنى بها عند المتشرعة، و مع العدم أو الشك فيه لا يجوز ذلك للولي، لأصالة عدم الولاية بعد الشك في شمول الإطلاق لها.

للأصل بعد عدم ثبوت حق له، و جواز الدفع من الولي لمصلحة فيه لا يلازم جواز الأخذ كما في كل مال يدفع إلى الظالم مثلا لدفع ظلمه.

لأنه إضرار بالنسبة إلى الصغير فلا ولاية له عليه، كما لا ولاية له على إتلاف ماله، و لا إشكال فيه فيما إذا لم يكن في البين مصلحة راجحة، و أما معها

فالظاهر الجواز فيما إذا كانت مساوية فضلا عما إذا كانت أكثر كما إذا كان الدين مثلا عشرة دنانير فأسقطه الولي و دفع المديون إلى الصغير عشرة أو اثنتي عشرة دنانير هدية مثلا، و أما إذا كانت أقل كما إذا أسقط عشرة دنانير و وصل من المديون إلى الصغير ثمانية و لم يكن فيه مصلحة فلا يصح.

و أما إذا كانت مصلحة للصغير فالظاهر الجواز أيضا لعموم أدلة الولاية مع وجود المصلحة.

و منه يظهر ما في المتن «لا يسقط بحال».

و يمكن أن يقال:- و إن كان خلاف الظاهر- ان نظر الماتن قدس سرّه إلى عدم السقوط مطلقا بالنسبة إلى المديون لما مر في سابقة من أنه لا يحل للمتصالح باقي المال، ففي مورد الإسقاط لا يسقط عن المديون شي‏ء، و ان كان فعل الولي جائزا من جهة انطباق عنوان المصلحة عليه أيضا، فلا إشكال حينئذ على العبارة، أو يكون مراده إسقاط باقي المال فتبرأ ذمة المتصالح أصلا.

(مسألة ۱٤): ينفق الولي على الصبي بالاقتصاد لا بالإسراف و لا بالتقتير ملاحظا له عادته و نظراءه، فيطعمه و يكسوه ما يليق بشأنه (٤۸).

لأن ذلك كله هو المعروف بين المتشرعة، بل متعارف الناس فتنزل الأدلة عليه لا محالة مضافا إلى الإجماع على اعتبار ذلك كله، و قد ورد النص في عدم التقتير في الإنفاق فعن عيص بن القاسم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن اليتيم تكون غلته في الشهر عشرين درهما كيف ينفق عليه منها؟ قال عليه السّلام: قوته من الطعام و التمر، و سألته: أنفق عليه ثلثها؟ قال عليه السّلام: نعم و نصفها»۳٥.

(مسألة ۱٥): لو ادعى الولي الإنفاق على الصبي أو على ماله أو دوابه بالمقدار اللائق و أنكر بعد البلوغ أصل الإنفاق أو كيفيته فالقول قول الولي مع اليمين (٤۹)، إلا أن يكون مع الصبي البينة (٥۰).

أما تقدم قوله فلأنه ولي و أمين و كل منهما بمنزلة الامارة المقدمة على الأصل الذي يكون مع المنكر فلا بد من تقديم قول الولي حينئذ. و أما اليمين فلقطع الخصومة و النزاع من البين.

فيعمل بالبينة حينئذ لكونها حجة معتبرة على خلاف قول الولي و الأمين، كما في كل مقام قامت حجة معتبرة على خلاف قولهما فيقدم بلا إشكال.

إن قيل: أنه لا وجه لاعتبار البينة في المقام لأنها على المدعي و اليمين على من أنكر كما في الحديث‏۳٦، و في المقام يكون الصبي منكرا لا مدعيا فلا موضوع لقبول بينته.

يقال: بأن مقتضى إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «إنما أقضي بينكم بالبينات و الأيمان- الحديث-»۳۷، قبولها حتى من المنكر ما لم يكن دليل معتبر على الخلاف، و كذا إطلاق ما دل على اعتبار البينة۳۸.

نعم، قد أشكل على قوله صلّى اللّه عليه و آله: «إنما أقضي بينكم بالبينات و الايمان» أنه في مقام أصل التشريع في الجملة فلا يصح التمسك بإطلاقه لقبول البينة من المنكر، مع أن ظاهر الفقهاء أن البينة من المنكر بينة نفي و لا تقبل بينة النفي لاعتبار الجزم في مورد البينة و النفي أعم من الجزم بمورده، و لكنه مردود بأن قوله عليه السّلام: «البينة على المدعي و اليمين على من أنكر»، إنما هو من باب الغالب لا الحد و الحصر الحقيقي، و الظاهر أن كلمات الفقهاء أيضا كذلك محمول على ما إذا لم يكن جزم بمفادها في النفي، و أما إن كان المشهود به في‏ البينة مجزوما به كالبينة على الإثبات فلا دليل لهم على عدم الاعتبار و لو كانت من المنكر، بل يكفينا عمومات حجية البينة حينئذ، و أما اعتبار الجزم فلا ريب و لا إشكال فيه حتى في النفي و الا فلا وجه لاعتبارها كما يأتي في محله إن شاء اللّه تعالى هذا مع تضمن دعوى الصبي الإثبات أيضا فإنه يرجع في حاق الواقع إلى مطالبة حقه من الولي، فتأمل فإن مناط صدق الإثبات و النفي هو المدلول المطابقي العرفي لا إمكان الإرجاع إليهما بأي وجه أمكن.

ثمَّ أن في تعبير الماتن رحمه اللّه بقوله: «إلا أن يكون مع الصبي بينة» إشارة إلى أنه لا يعتبر أن يكون قيام البينة من قبل الصبي فلو قامت بينة من الخارج على كذب الولي في دعواه يسقط قوله أيضا إن كان ذلك عند الحاكم الشرعي.

(مسألة ۱٦): لو أقر الصبي بالبلوغ لا يقبل قوله إلا بالاختبار (٥۱).

لما سيأتي في كتاب الإقرار من اعتبار البلوغ في المقر، و سيأتي تفصيل دعوى السن و الاحتلام هناك إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة ۱۷): لو شك في بلوغ الصغير يحكم بعدمه، و يقبل قول الولي في الصغر و الكبر إن لم يكن معارض في البين (٥۲).

أما الأول فللاستصحاب، و أما الثاني فلأنه ولي و أمين و ذلك من مقتضيات ولايته و أمانته، و أما إذا كان في البين معارض فلا بد من التثبت ليعلم الحال.

الثاني: الجنون‏ (مسألة ۱): المجنون كالصغير في جميع ما ذكر (٥۳). نعم، في ولاية الأب و الجد و وصيهما عليه إذا تجدد جنونه بعد بلوغه و رشده أو كونها للحاكم إشكال (٥٤)، فلا يترك الاحتياط بتوافقهما معا.

للأصل، و الإجماع، و إطلاق الأدلة فيما إذا اتصل الجنون بالصغر فلا إشكال فيه من أحد.

البحث فيه تارة: بحسب الأصل.

و أخرى: بحسب الإطلاقات.

و ثالثة: بحسب الكلمات.

أما الأولى: فمقتضى الأصل عدم ولايتهما عليه بعد انقطاعها بالبلوغ و الرشد.

و أما الثانية: فالشك في شمول أدلة ولايتهما للفرض يكفي في عدم الشمول، لأنه مع الشك فيه يكون التمسك بها من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك و هو غير جائز هذا مع ثبوت إطلاق في أدلة ولايتهما في البين، و أما مع العدم فالأمر أوضح.

و أما الثالثة: فادعى الشهرة بل الإجماع على طرفي النقيض فعن بعض ادعاء الشهرة و عن آخر ادعاء الإجماع على عدم الفرق بين الجنون المتصل و المنفصل في ثبوت ولايتهما على كل منهما، و عن آخر دعوى الشهرة بل الإجماع على الفرق بين المتصل فتثبت الولاية لهما عليه و المنفصل فلا ولاية لهما عليه.

مع هذا الخلاف كيف يعتمد على أحد القولين و حينئذ فالمجنون إذا تجدد جنونه بعد بلوغه و رشده يكون ممن لا ولي له، و كل من لا ولي له فالحاكم وليه.

و لكن يمكن أن يقال: أن المناط كله في ثبوت ولايتهما إنما هو شفقتهما و رأفتهما و أنسبهما بأحوال المولّى عليه فيكونان أبصر بما يتعلق بحفظه و منافعه و مضاره، و هذا المناط موجود فيما انفصل جنونه عن صغره و لا بأس بصحة دعوى القطع بهذا المناط و وجوده نوعا فيهما و العرف بحسب ارتكازاته يعترف به أيضا، و لكن لا يترك الاحتياط الذي ذكره في المتن و يكفي الاحتياط فيهما استيذان الولي من الحاكم، و كذا الكلام في وصيهما من غير فرق لأن شفقة الأب و الجد اقتضت وصيتهما إلى الشخص المخصوص و اختيارهما له دون غيره.

(مسألة ۲): المجنون الأدواري في حال جنونه ممنوع عن التصرف (٥٥)، و أما بعد الإفاقة فيكون كالعاقل (٥٦).

لما تقدم من عموم الدليل الشامل للمطبق و الأدواري.

لعمومات الأدلة الشاملة له.

(مسألة ۳): البالغ السكران الفاقد للقصد تبطل عباداته و معاملاته و لا ولاية لأحد عليه (٥۷)، و أما المغمى عليه فقد مر حكمه سابقا.

أما بطلانهما فلفقد القصد و عدم الاعتماد على قصده لو فرض صدوره منه عند العقلاء و يجب عليه قضاء عباداته.

و أما الولاية فلأصالة عدمها لأحد عليه من أب أو جد أو الحاكم لأنه بمنزلة النائم يزول سكره في أمد معين.

(مسألة ٤): لا فرق في الجنون بين الاختياري منه كشرب دواء يوجبه- أو غيره (٥۸).

للإطلاق الشامل لهما و ان ذهب جمع إلى وجوب قضاء عباداته حينئذ.

الثالث: السفه السفيه هو الذي ليس له حالة باعثة على حفظ ماله و الاعتناء بحاله، يصرفه في غير موقعه، و يتلفه بغير محله و ليست معاملاته مبنية على المكايسة و التحفظ عن المغابنة، لا يبالي بالانخداع فيها، يعرفه أهل العرف و العقلاء بوجدانهم إذا وجدوه خارجا عن طورهم و مسلكهم (٥۹)، بالنسبة إلى أمواله تحصيلا و صرفا.

السفه و الرشد ليسا من الموضوعات التعبدية الشرعية و لا من الموضوعات المستنبطة بل هما من العرفيات غير مختصة بمذهب دون آخر و لا بطائفة دون أخرى، و المرجع في تعيينهما هو العرف و هما من الأمور التشكيكية و لهما مراتب متفاوتة، و قد أطلق السفيه على شارب الخمر۳۹، بل على كل ظالم كما في الحديث الوارد في تفسير قوله تعالى‏ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ‏: «لا يكون السفيه أما التقي»، و يطلق أيضا على كل من يخوض فيما لا يفهم و ما لا ينبغي الخوض منه كما في قوله تعالى‏ سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ‏.

و هذا هو المرتكز في أذهان الناس في معناه و موارد إطلاقه في المحاورات العرفية فيكون المرجع في معنى السفه و الرشد هو العرف دون غيره إذا أطلق بالنسبة إلى المال و الحال.

و نعم ما قال في الجواهر: «إن تطويل الكلام في معنى الرشد من تضييع‏ العمر»، و يعلم منه أن التطويل في معنى السفه أيضا كذلك، و ليس المراد بالسفيه الأبله الذي ورد في مدحه ما ورد، إذ المراد بالأبله الممدوح من كان يهتم بدينه غاية الاهتمام و له عقل كامل و لكنه يكون غافلا عن الشر و عما يهتمون به أهل الدنيا في شؤون دنياهم و يبذلون جهدهم في متاع الحياة الدنيا، و الأبله من يهتم بالآخرة بخلاف أهل الدنيا، فيصير أبلها عند الناس لكونه على خلاف طريقتهم في الاهتمام بالدنيا.

(مسألة ۱): السفيه محجور عليه شرعا (٦۰)، لا ينفذ تصرفاته في ماله ببيع و صلح و إجارة و هبة و إيداع و عارية و غيرها و لا يتوقف حجره‏ على حكم الحاكم على الأقوى (٦۱)، و لا فرق بين أن يكون سفهه متصلا بزمان صغره أو تجدد بعد البلوغ (٦۲)، فلو كان سفيها ثمَّ حصل له الرشد ارتفع حجره فإن عاد إلى حالته السابقة حجر عليه، و لو زالت فك حجره، و لو عاد عاد الحجر عليه و هكذا (٦۳).

يمكن أن يستدل على ثبوت الحجر للسفيه بالأدلة الأربعة، فمن الكتاب قوله تعالى‏ وَ ابْتَلُوا الْيَتامى‏ (حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ) فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ‏44، و قوله تعالى‏ وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً وَ ارْزُقُوهُمْ فِيها وَ اكْسُوهُمْ وَ قُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً، فإن ظهورهما في حجر السفيه عن التصرف مما لا ينكر عند العرف.

و من السنة نصوص كثيرة منها قول الصادق عليه السّلام فيما تقدم من خبر هشام:

«و ان احتلم و لم يؤنس منه رشده و كان سفيها أو ضعيفا فليمسك عنه وليه ماله»، و في خبر بياع اللؤلؤ: «إذا بلغ و كتب عليه الشي‏ء أمره إلا أن يكون سفيها أو ضعيفا»، و في خبر ابن سنان: «جاز له كل شي‏ء الا أن يكون ضعيفا أو سفيها» إلى غير ذلك من النصوص.

و من الإجماع: إجماع الفقهاء بل العقلاء.

و من العقل: إن في تصرفاته المالية معرضية قريبة لفساد المال و إفساده و تضييعه، و كل ذلك من القبائح النظامية العقلائية فيحكم العقل حكما بتيا بلزوم رفع هذه القبائح بإشراف حاكم الشرع على أفعاله.

لإطلاق الكتاب، و السنة، و السيرة، و ان ترتب الحكم على ثبوت الموضوع قهري إلا مع دلالة دليل على الاشتراط بشي‏ء و هو مفقود هذا مضافا إلى أصالة عدم الاشتراط بعد وجود الإطلاق.

و لكن نسب إلى المشهور التوقف على حكمه لأصالة عدم تحقق السفه و عدم تحقق الحجر و أصالة الصحة في تصرفاته المالية إلا بعد حكم الحاكم عليه بالسفه، و لأنه من الموضوعات الاجتهادية الاختلافية فلا بد في ثبوته من الرجوع إلى الحاكم الشرعي و حكمه بتحققه.

و الكل مخدوش إذ الأصل محكوم بإطلاق الوارد في مقام البيان ظاهرا، و الموضوع من الموضوعات العرفية الذي يعرفه كل من كان معاشرا معه، بل لا بد للفقيه أن يراجع من يعاشره و يصاحبه للاطلاع على الموضوع ما لم يكن بنفسه معاشرا له، فيكون السفه كالصغر و الرقية من الموضوعات الخارجية التي يترتب عليها الحجر قهرا مع تحققها خارجا حكم بها الحاكم أو لا بل أطلع عليها أو لا.

نعم، لو كان في ثبوته معرضية للنزاع و الجدال و الإهانة يتوقف ثبوته على حكم الحاكم دفعا لذلك كله، و يمكن أن يكون نظر المشهور إلى ذلك و إن لم يظهر هذا من كلماتهم.

لشمول ما ذكر من الأدلة لكل منهما من غير فرق بينهما.

لأن ترتب الحكم على ثبوت الموضوع قهري و ارتفاعه كذلك.

(مسألة ۲): ولاية السفيه للأب و الجدّ و وصيهما (٦٤) إذا بلغ سفيها، و فيمن طرأ عليه السفه بعد البلوغ للحاكم الشرعي (٦٥).

كما عن جمع بل عن مجمع البرهان و المفاتيح «أنه لا خلاف فيه»، و لكن عن صاحب الجواهر المناقشة في ثبوت عدم الخلاف في المال، و استدلوا على ثبوت ولايتهما معا بالاستصحاب، و ظاهر الأدلة كقوله تعالى:

فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ‏، و قول الصادق عليه السّلام كما تقدم: «ان احتلم و لم يؤنس منه رشده و كان سفيها أو ضعيفا فليمسك عنه ماله وليه»٥۰، و لا ريب في ظهورها في توجيه الخطاب إلى ولي الصغير و هو الأب و الجد، و وصي الأب و الجد كأحدهما.

لانحصار الولاية فيه حينئذ، و أنه ولي من لا ولي له.

(مسألة ۳): كما أن السفيه محجور عليه في أمواله كذلك في ذمته بأن يتعهد مالا أو عملا، فلا يصح اقتراضه و ضمانه، و لا بيعه و شراؤه بالذمة و لا إجارة نفسه، و لا جعل نفسه عاملا في المضاربة أو المزارعة أو المساقاة و غير ذلك (٦٦).

لأن كلّ تصرف مالي لا ينفذ إلا بإذن الولي.

(مسألة ٤): معنى عدم نفوذ تصرفات السفيه عدم استقلاله، فلو كان بإذن الولي أو إجازته صح و نفذ (٦۷). نعم، في مثل العتق و الوقف (٦۸)، مما لا يجري فيه الفضولية يشكل صحته (٦۹)، بالإجازة اللاحقة من الولي، و لو أوقع معاملة في حال سفهه‏ ثمَّ حصل له الرشد فأجازها كانت كإجازة الولي (۷۰).

لوجود المقتضي للصحة و النفوذ و فقد المانع عنها، لأن السفيه ليس‏ مسلوب العبارة بل هو محجور عليه من جهة انخداعه و عدم مكايسته.

فإذا كانت تصرفاته مع إذن الولي أو إجازته فلا موضوع للحجر لأن التصرف ينسب إلى الولي حينئذ دون السفيه، فكل تصرف حصل منه بإشراف الولي سابقا أو لاحقا، فمقتضى العمومات الصحة بعد عدم صحة التمسك بدليل حجر السفيه لعدم الموضوع له حينئذ.

أما العتق فلأنه إيقاع، و ادعي الإجماع على عدم جريان الفضولية فيه.

و يرد عليه ما أشكلنا فيه سابقا في بحث الفضولي و إن قلنا بأنه عقد كما هو المشهور فلا دليل لهم على عدم جريان الفضولية فيه إلا دعوى اعتبار قصد القربة فيه، و كل ما يعتبر فيه لا تجري فيه الفضولية و هو ممنوع صغرى و كبرى و لعل مراد المشهور بما نسب إليهم من اعتبار القربة في الوقف اعتباره شأنا أي:

لا بد و أن يكون بنحو يصح أن يتقرب به لا أن يكون المراد اعتبار قصد القربة في قوام ذاته كما في العبادات مثل الصلاة و الصيام و نحوهما، و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات.

إن قلنا بجريان الفضولية فيهما فلا بد من الجزم بالصحة، و إن قلنا بالعدم فلا بد من الجزم بالبطلان فلا وجه للإشكال و الترديد، و لعل نظره رحمه اللّه إلى خروج المقام عن موضوع الفضولي و عدم ربط له به أصلا لأن الصحة في المقام و عدمها مبنية على سقوط المعرضية عن الانخداع و عدمه و مع إذن الولي تسقط المعرضية، و لو قلنا بعدم جريان الفضولي في مثل العتق و الوقف و مع عدم السقوط لا ينفع الإذن و لو قلنا بجريانها فيهما.

ثمَّ ان الظاهر أن المعرضية للانخداع حكمة في الحجر على السفيه ما لم‏ يتحقق رشده لا أن تكون علة تامة منحصرة، فعلى هذا في مثل زماننا هذا عينت أسعار غالب الأشياء و مقاديرها من قبل السلطة يكون السفيه محجور عليه أيضا بالنسبة إليها ما لم يثبت رشده و زوال سفهه.

لفرض اعتبار نظره و رأيه حين الرشد و زوال سفهه فالمقتضي لصحة الإجازة موجود و المانع عنها مفقود.

(مسألة ٥): لا يصح زواج السفيه (۷۱) بدون إذن الولي أو إجازته، لكن يصح طلاقه و ظهاره و خلعه، و يقبل إقراره إذا لم يتعلق بالمال كما لو أقر بالنسب أو بما يوجب القصاص و نحو ذلك (۷۲)، و لو أقر بالسرقة يقبل في القطع دون المال (۷۳).

البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى‏: بحسب الأدلة.

و ثالثة: بحسب الكلمات.

أما الأول: فمقتضى الأصل عدم الحجر و عدم ولاية لأحد عليه في زواجه كسائر أفعاله الاختيارية من أكله و شربه و قيامه و قعوده و طاعاته و غيرها.

و أما الثاني: فصريح الآية الكريمة٥۱، هو الاختصاص بالمال، و كذا صحيح، عيص بن القاسم و هشام، فعن الصادق عليه السّلام: «سألته عن اليتيمة متى يدفع إليها مالها؟ قال عليه السّلام: إذا علمت انها لا تفسد و لا تضيع»٥۲، و عنه عليه السّلام أيضا:

«انقطاع يتم اليتيم الاحتلام و هو أشده و ان احتلم و لم يؤنس منه رشد و كان سفيها أو ضعيفا فليمسك عنه وليه ماله»٥۳، و أما ما اشتمل على جواز الأمر كخبر أبي الحسين الخادم: «إذا بلغ و كتب عليه الشي‏ء جاز عليه أمره إلا أن يكون‏ سفيها أو ضعيفا»٥4، و مثله غيره‏٥٥، فالمراد بها بقرينة غيرها جواز الأمر في البيع و الشراء كخبر ابن حمران عن أبي جعفر عليه السّلام: «دفع إليها مالها و جاز أمرها في الشراء و البيع، و الغلام لا يجوز أمره في الشراء و البيع و لا يخرج من اليتيم حتى يبلغ خمس عشرة سنة أو يحتلم- الحديث-»٥٦.

و أما مفهوم صحيح سنان عن الصادق عليه السّلام: «إذا بلغ أشده ثلاث عشرة سنة و دخل في الأربع عشرة وجب عليه ما وجب على المسلمين- إلى أن قال- و جاز له كل شي‏ء إلا أن يكون ضعيفا أو سفيها»٥۷، فلا بد من تقييده بمنطوق خبر هشام المتقدم‏٥۸.

و لكن يمكن أن يقال: ان ذكر المال في الأدلة و ذكر البيع و الشراء في جواز الأمر إنما هو من باب الغالب لا التقييد الحقيقي، و المناط في الحجر عليه ثبوت المعرضية العرفية للانخداع فإذا وجد في الزواج يترتب عليه الحجر قهرا، مع أن لنا أن نتمسك بالفحوى بدعوى: أنه إذا ثبت الحجر في المال من الانخداع يثبت في الزواج بالأولى، لاهتمام الناس بخصوصياته أكثر من اهتمامهم بالمال.

و لكنه مع ذلك مشكل، إذ لنا أن نقول ليس مطلق الانخداع في كل شي‏ء موجبا للحجر بل خصوص الانخداع في المال فقط، و يرجع في البقية مطلقا إلى الأصل بعد فقد الدليل هذا كله بالنسبة إلى ذات النكاح.

و أما المهر فهو تصرف مالي فلا بد من كونه بإشراف الولي لا محالة، و غاية ما يمكن أن يقال: إن الزواج ملازم عرفا للتصرف المالي فيجري عليه حكم التصرف المالي من هذه الجهة.

و أما الأخير فيظهر من المحقق رحمه اللّه في الشرائع توقفه على إذن الولي أيضا حيث قال: «و لو أذن له الولي النكاح جاز».

هذا إذا كان سفيها في الماليات و في الزواج و أما لو كان سفيها في النكاح و لم يكن سفيها في الماليات، فمقتضى ما ذكرناه ثبوت الحجر عليه أيضا في النكاح، و لكن قال السيد في العروة: «لم أر من تعرض له» فالأقسام ثلاثة: السفيه في المال و في الزواج، و السفيه في المال فقط دون الزواج، و السفيه في الزواج فقط دون المال.

كل ذلك لعدم التصرف المالي، و ظهور الإجماع على عدم الحجر فيها، و أما إذا كان الخلع مستلزما للتصرف المالي فمقتضى الإطلاقات حجره بالنسبة إليه.

ثمَّ لا يخفى أن الإقرار بالنسب قد يوجب المال فلا بد و أن لا يكون محجورا بالنسبة إليه أيضا، كما إذا أقر بنسب يكون في رتبته فيرث أو أقر بأحد العمودين فيوجب الإنفاق.

نعم، قد لا يوجبه كما لو أقر بالسبب البعيد مع وجود القريب أو أقر بأحد العمودين مع استغنائه عن الإنفاق عليه.

لأن الأول ليس من التصرف المالي فلا حجر عليه فيه بخلاف الثاني فإنه محجور فيه.

(مسألة ٥): لا ريب في صحة عبادات السفيه و عدم توقفها على إذن الولي (۷٤)، و أما العبادات المتوقفة على المال مثل الزكاة و الحج فيصح أن يقال بعدم توقف صحتها عليه أيضا (۷٥).

لعدم كونها من التصرفات المالية حتى يتوقف على الإذن.

لكونه بالغا عاقلا فتشمله جميع أدلة تلك التكاليف بلا محذور.

نعم، لو استظهر من حاله إعمال السفه فيها يتولى الولي صرف المال حينئذ.

(مسألة ٦): لو وكل شخص السفيه في بيع أو هبة أو إجارة مثلا جاز و لو كان وكيلا في أصل المعاملة لا مجرد إجراء الصيغة (۷٦).

أما الصحة و الجواز في مجرد اجراء العقد فلا ريب و لا اشكال فيه، للإطلاقات و العمومات بعد عدم كون السفيه مسلوب العبارة.

و أما في أصل المعاملة فلأنه و إن كان تصرفا ماليا لكنه ليس من نفسه و لنفسه بل للأجنبي و تحت إشرافه و نظره فلا وجه للحجر فيه، لأن ظواهر الأدلة ثبوت الحجر على السفيه في ماله لا في مال الغير بعد إذنه و توكيله.

(مسألة ۷): لو حلف السفيه أو نذر على فعل شي‏ء أو تركه مما لا يتعلق بماله انعقد حلفه و نذره (۷۷)، و لو حنث كفّر كسائر ما أوجب الكفارة (۷۸)، كقتل الخطأ أو الإفطار في شهر رمضان، و هل يتعين عليه الصوم و لو تمكن منه أو يتخير بينه و بين الكفارة المالية كغيره؟ وجهان، أحوطهما الأول (۷۹)، بل لا يخلو من قوة.نعم، لو لم يتمكن من الصوم تعين غيره (۸۰)، كما إذا فعل ما يوجب الكفارة المالية على التعيين، كما في كفارات الإحرام كلها أو جلها (۸۱).

للإطلاق و الاتفاق، و ليس من التصرف المالي حتى يكون محجورا عليه.

لأن الكفارة عند حصول سببها تكليف شرعي لا وجه للحجر عليها- كسائر تكاليفه الشرعية المترتبة على الأسباب الخاصة- كالضمان و الطهارة و النجاسة و كفارات الإحرام و نحوها.

منشأ التردد أن أدلة الحجر المالي هل تشمل مثل المقام مع التمكن من عدم صرف المال و عدم الحرج عليه فيكون مثل الفقير و العبد في هذه الجهة أو لا؟

بدعوى: كون الكفارة مطلقا حكما شرعيا فلا تشملها أدلة الحجر،

و يمكن القول بالشمول لكونه تصرفا ماليا فلا قصور في شمول الأدلة له إلا دعوى الانصراف و كونه من الانصرافات المعتبرة أول الكلام مع تمكن السفيه من غيره، و إمكان أن يجعل ذلك وسيلة لإعمال السفه في ماله بما شاء.

لفرض عدم التمكن إلا من المالي فيكون حينئذ كسائر الواجبات المالية المتعينة بالنسبة إليه التي لا تشملها أدلة الحجر كالحج و الإنفاق و نحوهما.

كما تقدم مفصلا في كتاب الحج فراجع.

(مسألة ۸): لو كان للسفيه حق القصاص جاز أن يعفو عنه بخلاف الدية و أرش الجناية (۸۲).

أما صحة عفوه لحق القصاص فلأنه ليس بمالي.

(مسألة ۹): لو أطلع الولي على بيع أو شراء مثلا من السفيه و لم ير المصلحة في إجازته فإن لم يقع إلا مجرد العقد ألغاه (۸۳)، و إن وقع تسليم و تسلم للعوضين فما سلمه إلى الطرف الآخر يسترده و يحفظه (۸٤)، و ما تسلمه و كان موجودا يرده إلى مالكه، و إن كان تالفا ضمنه السفيه، فعليه مثله أو قيمته (۸٥)، لو قبضه بغير إذن من مالكه، و إن كان بإذن منه و تسليمه لم يضمنه (۸٦)، و قد تلف من مال مالكه. نعم، يقوى الضمان لو كان المالك الذي سلمه الثمن أو المبيع جاهلا بحاله (۸۷)، خصوصا إذا كان التلف بإتلاف منه (۸۸)، و كذا الحال فيما لو اقترض السفيه و أتلف المال (۸۹).

لمكان ولايته عليه، بل هو ملغى مع عدم الإذن بلا حاجة إلى الغاية.

لأنه لا معنى لولايته عليه إلا حفظ ماله و رعاية حاله.

كل ذلك لقاعدة «اليد» و الإجماع بعد كون أصل التسليم باطلا و بغير إذن من له الإذن.

بدعوى: أنه مع علمه بسفاهته أقدم على هتك ماله و ألغى احترامه‏

فلا وجه للضمان مع ذلك، و لكن يمكن الإشكال في هذا الإطلاق لأن العلم بفساد المعاملة لا يوجب هتك المال عرفا، كما في جميع المعاملات الفاسدة الواقعة بين الناس مع العلم بالفساد لأن الهتك إما قصدي أو انطباقي و المفروض عدم القصد لهتك المال و الانطباق القهري خلاف المتعارف بين الناس في المعاملات الدائرة بينهم، مع أن مقتضى قاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» الضمان مطلقا.

نعم، لو صدق ذلك عرفا و صدق أنه أعطاه المال مجانا لا وجه للضمان حينئذ.

لعدم صدق الإقدام على الهتك و المجانية حينئذ مع الجهل بالفساد، و قد مر في البيع الفاسد بعض ما ينفع المقام فراجع و لا فرق فيه بين الجهل بالحكم أو الجهل بالموضوع.

لظهور إجماعهم على الضمان في صورة الإتلاف و أن المباشر للإتلاف مقدم على السبب حينئذ.

لكون الحكم مطابقا للقاعدة فتشمل جميع الصغريات.

(مسألة ۱۰): لو أودع شخص وديعة عند السفيه فأتلفها ضمنها على الأقوى (۹۰). سواء علم المودع بحاله أو جهل بها (۹۱). نعم، لو تلفت عنده لم يضمنه (۹۲) حتى مع تفريطه في حفظها (۹۳).

(۹۰) لقاعدة الإتلاف، و ظهور الإجماع، و تقديم المباشر على السبب هذا إذا لم يكن المقام من قوة السبب على المباشر و إلا فيقدم السبب حينئذ فلا ضمان على السفيه، و يمكن الاختلاف باختلاف السفهاء فرب دفع مال إلى السفيه يعد من الإقدام على هتك المال، فحينئذ لا وجه لضمانه، و بذلك يمكن‏ أن يجمع بين كلماتهم فمن يظهر منه الضمان كما عن المحقق و الشهيد الثانيين أرادوا صورة ما إذا لم يكن المورد من إقدام المالك على هتك ماله، و من قال بعدم ضمانه كما يظهر من تردد المحقق يريد بذلك ما إذا كان المورد من موارد اقدام المالك على هتك ماله، فلا ضمان على السفيه حينئذ كالمجنون.

و أما خبر حريز قال: «كانت لإسماعيل بن أبي عبد اللّه دنانير و أراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن، فقال إسماعيل يا أبه ان فلانا يريد الخروج إلى اليمن و عندي كذا و كذا دينارا أ فترى ان أدفعها اليه يبتاع لي بها بضاعة من اليمن؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا بني أما بلغك أنه يشرب الخمر- إلى أن قال- و دفع إسماعيل إليه دنانيره، فاستهلكها و لم يأته بشي‏ء منها، فخرج إسماعيل و قضى أن أبا عبد اللّه عليه السّلام حج و حج إسماعيل تلك السنة فجعل يطوف بالبيت و يقول: «اللهم أجرني و أخلف عليّ» فلحقه أبو عبد اللّه عليه السّلام فهمزه بيده من خلفه، و قال له: يا بني فلا و اللّه مالك على اللّه هذا، و لا لك أن يأجرك و لا يخلف عليك و قد بلغك أنه يشرب الخمر فأتمنته- إلى أن قال- و لا تأتمن شارب الخمر أن اللّه عز و جل يقول في كتابه‏ وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ‏ فأي سفيه أسفه من شارب الخمر؟- الحديث»٥۹، فأسقطه عن الاعتبار لكونه في مقام النهي عن ائتمان الخائن فلا ربط له بائتمان السفيه.

نعم أطلق عليه السّلام السفيه على شارب الخمر و هو إطلاق حسن و إرشاد إلى خيانته و الكلام في غير ذلك.

لشمول إطلاق ما ذكر للصورتين.

لأنه استأمن السفيه و لا وجه لتضمين الأمين.

إذ لا أثر لحفظ السفيه شرعا حتى يفرق فيه بين التفريط و عدمه‏ فتبقى قاعدة «عدم تضمين الأمين» بلا معارض و لا مدافع بعد كون حفظ السفيه كالعدم شرعا بل عند العقلاء أيضا، و لا إشكال فيه مع العلم بسفاهته و أما مع الجهل به فيكون كذلك لإلغاء الشارع احترام فعله لأجل سفاهته فتأمل.

(مسألة ۱۱): لا يسلّم إلى السفيه ماله ما لم يحرز رشده (۹٤). و إذا اشتبه حاله يختبر (۹٥)، بأن يفوّض إليه مدة معتدا بها بعض الأمور مما يناسب شأنه (۹٦)، كالبيع و الشراء و الإجارة و الاستئجار لمن يناسبه مثل هذه الأمور، و الرتق و الفتق في بعض الأمور، مثل مباشرة الإنفاق في مصالحه أو مصالح الولي و نحو ذلك فيمن يناسبه ذلك، و في السفيهة يفوض إليها ما يناسب النساء من إدارة بعض مصالح البيت و المعاملة مع النساء من الإجارة و الاستئجار للخياطة أو الغزل أو النساجة و أمثال ذلك، فإن أنس منه الرشد بأن رأى منه المداقة و المكايسة و التحفظ عن المغابنة في معاملاته و صيانة المال من التضييع و صرفه في موضعه و جريه مجرى العقلاء دفع إليه ماله و إلا فلا.

للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

لا ريب في أن الاختبار له طريقية لا أن تكون له موضوعية خاصة فيجب مع ترتب واجب عليه على ما يأتي من التفصيل.

كيفية الاختبار و كميته موكولة إلى المتعارف و ليس أمرا تعبديا شرعيا و يختلف باختلاف الأشخاص و العادات و الأمكنة، و المناط كله حكم الثقات المطلعين على السفه و الرشد، فمع حكمهم بثبوت الموضوع يترتب الحكم لا محالة.

و أما المرسل عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «في قوله تعالى‏ وَ ابْتَلُوا الْيَتامى‏ من كان في يده مال بعض اليتامى فلا يجوز له أن يعطيه حتى يبلغ النكاح و يحتلم، فإذا احتلم و وجب عليه الحدود و إقامة الفرائض و لا يكون مضيعا و لا شارب خمر و لا زانيا، فاذا آنس منه الرشد دفع اليه المال، و أشهد عليه فاذا كانوا لا يعلمون أنه قد بلغ فليمتحن بريح إبطه أو نبت عانته، و إذا كان ذلك فقد بلغ، فيدفع اليه ماله إذا كان رشيدا»٦۰، فلا وجه للاعتماد عليه لقصور سنده و إعراض الأصحاب عنه.

(مسألة ۱۲): إذا احتمل حصول الرشد للصبي قبل البلوغ يجب اختباره قبله (۹۷) ليسلّم إليه ماله بمجرد بلوغه لو آنس منه الرشد، و إلا ففي كل زمان احتمل فيه ذلك عند البلوغ أو بعده (۹۸)، و أما غيره فإن‏ ادعى حصول الرشد له و احتمله الولي يجب اختباره (۹۹)، و إن لم يدّع حصوله ففي وجوب الاختبار بمجرد الاحتمال إشكال لا يبعد عدم الوجوب بل لا يخلو من قوة (۱۰۰).

إذ المناط كله جريان أصالة بقاء عدم الرشد الذي كان في حال الصباوة، و جريان أصالة بقاء الحجر و هي مع احتمال البقاء سواء كان الاحتمال‏ قبل البلوغ أو حينه أو بعده و لا واقع لهذا الاحتمال إلا الابتلاء و الاختبار.

لظاهر الآية الكريمة وَ ابْتَلُوا الْيَتامى‏٦۱، فإن المستفاد منها أن مجرد البلوغ لا يوجب رفع الحجر بل لا بد من ثبوت الرشد أيضا فمن احتمل عدم رشده في صغره لا بد و أن يختبر لإثبات الرشد فيه حتى يدفع إليه ماله عند بلوغه، و مقتضى الأصل الموضوعي عدم ثبوت الرشد أيضا إلا بحجة معتبرة و هو الاختبار، و لا يخفى أن بعض مراتب الصباوة ملازم لعدم الرشد و لذلك ذكر اللّه تعالى الابتلاء و الاختبار في الآية الشريفة.

ثمَّ إن هذا الوجوب مقدمي لوجوب تسليم المال اليه و هو غير محدود بوقت خاص، بل وقته كل ما احتمل فيه حصول الرشد للاحتفاظ على المال و قطع الولاية على الرشيد البالغ و حرمة تصرفه في مال الغير إلا بإذنه، و يمكن أن يقال: إن هذا الوجوب عقلي لدوران أمر الولي بين حرمة التصرف في مال المولّى عليه إن كان رشيدا و وجوب حفظه إن كان سفيها و العقل في مثله يحكم بوجوب الاختبار دفعا للضرر المحتمل على مخالفته.

لان دعواه على الولي لا يقبل إلا بحجة معتبرة للولي، و الاختبار حجة معتبرة له.

إذ المناط كله جريان أصالة بقاء عدم الرشد الذي كان في حال الصباوة، و جريان أصالة بقاء الحجر و هي مع احتمال البقاء سواء كان الاحتمال‏ قبل البلوغ أو حينه أو بعده و لا واقع لهذا الاحتمال إلا الابتلاء و الاختبار.

(مسألة ۱۳): لو شك في شخص أنه سفيه أو ليس بسفيه فإن كان له حالة سابقة بالرشد يحكم بعدم سفاهته (۱۰۱) و إن لم يكن كذلك يختبر (۱۰۲).

لاستصحاب بقاء الرشد، و أصالة عدم الولاية لأحد عليه.

لأصالة عدم ترتب الأثر على تصرفاته المالية بعد الشك في شمول‏ العمومات لمثله، و الشك في جريان أصالة الصحة.

نعم، لو جرت أصالة الصحة فلا يبقى موضوع للاختبار و يختلف الموضوع باختلاف الموارد.

(مسألة ۱٤): لو أقر شخص على نفسه بالسفاهة يقبل إقراره إن كان مأمونا فيحجره الحاكم (۱۰۳).

لما سيأتي في كتاب الإقرار من أن «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز»٦۳، و المفروض أنه عاقل فيتحقق الموضوع و يترتب عليه الحكم من الحجر إن لم تكن قرينة على الخلاف.

(مسألة ۱٥): يثبت السفه بما يثبت به غيره من الموضوعات من العلم و الشياع و البينة (۱۰٤).

لحجية ذلك كله كما ذكرناه مرارا.

(مسألة ۱٦): قد يصل العبد من جهة الانقطاع إلى اللّه تعالى الى حد لا يعتني بالدنيا و ما فيها فليس هذا بسفيه و إن اعتبره الناس منه (۱۰٥).

لعدم انطباق عنوان السفه عليه بل هو ممن قيل فيه «نرجو شفاعة من لا تقبل شهادته»، و لو كان ذلك سفيها لعم السفه و الحجر جملة من أولياء اللّه تعالى و أحبائه المخلصين، و لا ينبغي لعاقل أن يتفوه بذلك.

الرابع: المفلس و هو من حجر عليه عن ماله لقصوره عن ديونه (۱۰٦).

مادة الإفلاس (ف- ل- س) بجميع مشتقاته تنبئ عن حالة العسر سواء كانت مسبوقة باليسر أم لا، و لا يبعد أن يكون غالب استعمالاته فيما إذا كانت مسبوقة باليسر، و في الحديث: «أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: أ تدرون ما المفلس؟

قالوا: المفلس فينا من لا درهم له و لا متاع، فقال صلّى اللّه عليه و آله: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة و صيام و زكاة و يأتي قد شتم هذا و قذف هذا و أكل مال هذا و سفك دم هذا و ضرب هذا فيؤخذ هذا من حسناته و هذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثمَّ طرح في النار»٦4.

و أما الحجر عليه فهو خارج عن حقيقته ليس منه و لا جزء مفهومه كما في جميع موارد الحجر من الصغر و الرق بل هو حكم شرعي.

هذا هو المعروف بين الفقهاء، و إنما ذكر الحجر في تعريفه لابتناء جملة من المسائل عليه لا لأنه داخل في معناه اللغوي أو العرفي كما عرفت، و لذا يصح أن يقال: لم يحجر الحاكم على المفلس بعد أو طلب الغرماء من الحاكم أن يحجر على المفلس إلى غير ذلك من الاستعمالات الصحيحة الدالة على صحة التفكيك بينهما.

(مسألة ۱): من كثرت عليه الديون و لو كانت أضعاف أمواله يجوز له التصرف فيها بأنواعه و نفذ أمره فيها بأصنافه و لو بإخراجها جميعا عن ملكه مجانا أو بعوض ما لم يحجر عليه الحاكم الشرعي (۱۰۷). نعم، لو كان صلحه عنها أو هبتها مثلا لأجل الفرار من أداء الديون يشكل الصحة (۱۰۸)، خصوصا فيما إذا لم يرج حصول مال آخر له باكتساب و نحوه (۱۰۹).

كل ذلك لقاعدة السلطنة، و الإجماع، و إطلاق الأدلة.

أما الحرمة التكليفية للفرار عن الدين، فيدل عليها بالفحوى ما دل على حرمة المماطلة في أداء الدين و انها من المعاصي الكبيرة، و قد تقدم في أحكام الدين‏٦٥ فراجع.

و أما بطلان الصلح و الهبة فيمكن أن يستدل عليه بأن عنوان الفرار عن الدين إذا انطبق على عقد من العقود ينطبق عليه قهرا تفويت حق الغير و تضييعه و الإضرار به، و لا ريب في فساد ذلك كله و بطلانه.

و بعبارة أخرى: المنساق إلى الأذهان- خصوصا لدى المتشرعة- الحرمة التكليفية و الوضعية معا لا خصوص الأولى فقط، كما في كل ما يوجب تفويت حق الغير و تضييعه.

و يمكن الإشكال فيه بأن الحرمة التكليفية مسلمة لما مر من الفحوى و أما الفساد و الحرمة الوضعية فلا تستفاد من الأدلة في مقابل عمومات الصلح و الهبة و أصالة الصحة، و يكفي الشك في تحققها في التمسك بأصالة الصحة إلا أن يقال: انه مع انطباق عنوان تفويت حق الغير و تضييعه على الصلح و الهبة، لا وجه للشك في الفساد لأن المتشرعة يستنكرون صحة مثل هذا الصلح و الهبة و يرونهما نحو تعد بالنسبة إلى الدائن و تفويتا لحقه الثابت على المديون، و حينئذ فيرجع إلى أصالة عدم ترتب الأثر عليهما بعد عدم صحة التمسك بالإطلاق و العموم للشك في الصدق و استنكار المتشرعة لصحة الصلح و الهبة فلا تجري معه أصالة الصحة أيضا.

لصدق التفويت و التضييع و الإضرار حينئذ، و قد عرفت أن المدار على صدق هذه العناوين عرفا

(مسألة ۲): لا يجوز الحجر على المفلس إلا بشروط أربعة (۱۱۰). الأول: أن تكون ديونه ثابتة شرعا (۱۱۱). الثاني: أن تكون أمواله من عروض و نقود و منافع و ديون على الناس- ما عدا مستثنيات الدين- قاصرة عن ديونه (۱۱۲). الثالث: أن تكون الديون حالة فلا حجر عليه لأجل الديون المؤجلة (۱۱۳) و إن لم يف ماله بها لو حلت (۱۱٤)، و لو كان بعضها حالا و بعضها مؤجلا فإن قصر ماله عن الحالة يحجر عليه (۱۱٥) و إلا فلا (۱۱٦). الرابع: أن يرجع الغرماء كلهم أو بعضهم إلى الحاكم و يلتمسوا منه الحجر عليه (۱۱۷).

للأصل و الإجماع، و ما عن العلامة من زيادة شرط خاص و هو المديونية لا وجه له أما أولا فلأن الدين موضوع البحث و مورد الشرط، و ثانيا فلأنه يرجع إلى الشرط الأول.

لأصالة بقاء سلطنته على أمواله، و أصالة عدم تحقق الحجر عليه إلا بذلك، مضافا إلى ظهور الاتفاق عليه.

لسقوط النهي لأجل هذه الأعذار عن الفعلية، فلا نهي حتى يحرم الكون، فيبطل بذلك الاعتكاف.

لعدم استحقاق المطالبة مع التأجيل فلا موضوع للحجر عليه حينئذ.

للأصل بعد توقف الحجر على مطالبة الغرماء له و ليس لهم حق المطالبة فعلا من جهة عدم حلول الأجل.

لوجود المقتضي حينئذ للحجر عليه و فقد المانع عنه.

لعدم الموضوع للحجر عليه حينئذ لأن شرطه قصور المال عن الدين الحال.

للأصل، و لأن الحق لهم و لا معنى للحجر مع عدم مطالبة من له‏ الحق.

نعم، لو كان الحاكم الشرعي وليا شرعيا للمفلس يصح له الحجر عليه بنظره بلا التماس أحد منه لأن الحق له حينئذ، و لو سئل المفلس بنفسه عن الحاكم الحجر عليه من دون التماس الغرماء لا يحجر الحاكم عليه للأصل بعد عدم دليل عليه.

(مسألة ۳): بعد ما تمت الشرائط الأربعة و حجر عليه الحاكم و حكم بذلك (۱۱۸). تعلق حق الغرماء بأمواله (۱۱۹)، و لا يجوز له التصرف فيها بعوض كالبيع و الإجارة و بغير عوض كالوقف و الهبة إلا بإذنهم أو إجازتهم (۱۲۰)، و إنما يمنع عن التصرفات الابتدائية فلو اشترى شيئا سابقا بخيار ثمَّ حجر عليه فالخيار باق (۱۲۱) و كان له فسخ البيع و إجازته. نعم، لو كان له حق مالي سابقا على الغير ليس له إسقاطه و إبراؤه كلا أو بعضا (۱۲۲).

لأن الحجر عليه لا بد و أن يستند إلى حجة معتبرة و هي حكم الحاكم الشرعي في هذا الموضوع الذي هو مظنة النزاع و الخصومة، و لو تعذر الحاكم الشرعي و تمت الشرائط الأربعة عند عدول المؤمنين فمقتضى الأصل عدم ترتب الأثر بحجر غيره، و إن كان مقتضى إطلاق بعض أدلة الحسبة ترتبه كقوله عليه السّلام: «اللّه في عون المؤمن ما دام المؤمن في عون أخيه»٦٦، و لم أر عاجلا تعرضا لهذه المسألة في الكلمات.

و أما إنكار أصل حجر المفلس كما عن صاحب الحدائق لأنه لا دليل عليه من الاخبار فلا وجه له أما أولا فلعدم انحصار الدليل في الاخبار بل الإجماع المسلم بين الفقهاء دليل عليه.

و ثانيا: قد ذكر ذلك بنحو الإجمال في الأخبار أيضا كموثق عمار عن الصادق عليه السّلام: «كان أمير المؤمنين عليه السّلام يحبس في الدين فاذا تبين له حاجة و إفلاس خلى سبيله حتى يستفيد مالا»٦۷، و عنه عليه السّلام أيضا: «أن عليّا عليه السّلام كان يفلس الرجل إذا التوى على غرمائه ثمَّ يأمر به فيقسم ماله بينهم بالحصص فإن أبى باعه فقسم بينهم»٦۸، و في خبر الأصبغ بن نباتة «قضى في الدين انه يحبس‏

صاحبه فإن تبين إفلاسه و الحاجة فيخلى سبيله»٦۹، فالحجر على المفلس نحو احتياط و احتفاظ بالنسبة إلى أموال الناس يحكم بصحته العقلاء و الظاهر جريان سيرتهم عليه في الجملة.

المحتملات في تحجير المفلس ثلاثة:

الأول‏: أن يكون من مجرد الحكم بحرمة تصرفه في أمواله للديون التي تكون عليه و قصور أمواله عنها.

الثاني‏: أن يتبدل حق الغرماء من ذمته إلى أمواله.

الثالث‏: أن لا يحدث حق لهم في ماله و لكنهم أولى بالتصرف فيها من دون حدوث حق لهم فيها، و ظاهر الكلمات هو الثاني، و يمكن إرجاع الأخير إليه أيضا، و لم يبينوا أن هذا الحق من سنخ أي حق من الحقوق هل كحق الرهانة أو من غيره؟ فأصل الحق ثابت و سائر خصوصياته منفي بالأصل و لعل العرف يساعد على أنه كحق الرهانة.

ثمَّ أن الوجه في تعلق حق الغرماء بأمواله- أنه بعد سقوط اعتبار الذمة للمفلس لعدم اعتبار العرف له مال مطلقا إلا أمواله الخارجية- يدور الأمر بين سقوط دين الغرماء مطلقا أو تبدل ما في ذمة المفلس إلى أمواله الخارجية، و الأول خلاف الأصل و الإجماع بل الضرورة فيتعين الثاني، فلم يتبدل أصل دين الغرماء و أنما تبدل ظرفه و محله جمعا بين الحقين و رعاية للعدل و الإنصاف في البين.

لفرض تعلق حق الغرماء بأمواله نظير تعلق حق المرتهن بالعين المرهونة، و لا وجه لتعلق الحق إلا أنه لا تنفذ تصرفات المالك بدون إذن ذي‏ الحق أو إجازته.

لأن أصل الخيار كان من تصرفاته السابقة على الحجر عليه و إعماله تابع لأصله، و لو شك في أن اعمال الخيار مورد الحجر أو لا؟ فأصالة الصحة و عدم تعلق الحجر به جارية كما لا يخفى.

لأن الإسقاط تصرف مالي يقع بعد الحجر عليه فلا ينفذ منه إلا بإذن الغرماء أو إجازتهم.

(مسألة ٤): إنما يمنع عن التصرف في أمواله الموجودة في زمان الحجر عليه، و أما الأموال المتجددة الحاصلة له بغير اختياره كالإرث أو باختياره بمثل الاحتطاب و الاصطياد و قبول الوصية و الهبة، و نحو ذلك ففي شمول الحجر لها إشكال (۱۲۳). نعم، لا إشكال في جواز تجديد الحجر عليها (۱۲٤).

من أصالة عدم تعلق الحجر بالمتجدد فلا حجر بالنسبة إليه و الشك في شمول الحجر بالنسبة إليه و نفوذ حكم الحاكم فيه يكفي في صحة الرجوع إلى الأصل فيهما.

و من أن الحكمة و المصلحة في الحجر إنما هو مراعاة حال الديان، و هذه الحكمة و المصلحة موجودة في المتجدد كوجودها في المال السابق فيثبت الحجر بالنسبة إليه أيضا.

و فيه: أن المنساق من الحجر عرفا إنما هو المال الموجود حينه و تعلقه بالمتجدد خلاف الأنظار العرفية فالأصل باق بحاله، و الحكمة و المصلحة المذكورة و إن اقتضى الحجر في المتجدد أيضا و لكنه من مجرد الحكمة- ما لم‏ يشمل المورد إنشاء حكم الحاكم بالحجر عليه- لا يكفي في تحقق الحجر لأن الحكمة من طرق الصحة في مقام الثبوت و هو لا يتم بدون تمامية مقام الإثبات.

لوجود المقتضي للصحة و فقد المانع عنها حينئذ.

(مسألة ٥): لو أقرّ بعد الحجر بدين سابق صح (۱۲٥) و شارك المقرّ له مع الغرماء (۱۲٦). و كذا لو أقرّ بدين لا حق (۱۲۷)، و أسنده إلى سبب لا يحتاج رضا الطرفين مثل الإتلاف و الجناية و نحوهما، و أما لو أسنده إلى سبب يحتاج إلى ذلك كاقتراض و الشراء بما في الذمة و نحو ذلك (۱۲۸)، نفذ الإقرار في حقه (۱۲۹)، لكن لا يشارك المقر له مع الغرماء (۱۳۰).

لعموم «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز»۷۰، و ظهور الإجماع بالنسبة إلى نفسه.

كما عن جمع منهم المحقق في الشرائع، و استدل عليه.

تارة: بأن الإقرار كالبينة فكما أن فيها يشارك الغرماء المقر له فكذا في الإقرار.

و أخرى: بأن الحجر في المقام حدث من حكم الحاكم لا من حدوث حق للغرماء في المال حتى يكون الإقرار في حق الغير.

و ثالثة: بالملازمة العرفية بين القبول لنفسه و القبول في حق الغرماء.

و رابعة: بأن الغرماء يرضون بذلك مع اطلاعهم عليه غالبا.

و الكل مخدوش إذ الأول قياس مع أنه أول الدعوى، و الثاني خلاف ظاهر الكلمات، و الثالث يحتاج إلى دليل على إثبات الملازمة و هو مفقود، و الأخير لا ريب فيه مع إحراز الرضا إنما البحث في غيره و هو الإقرار في حق الغير فلا يسمع إلا أن يقال: إن الشك في كون هذا الحق من الحقوق التي ينافيه مثل هذا الإقرار يكفي في جريان أصالة الصحة في الإقرار.

و بالجملة الأقسام أربعة:

الأول‏: إن لا يكون الإقرار في حق الغير.

‏ الثاني‏: أن يشك في ذلك و هو صحيح في الصورتين و يشارك المقر له مع الغرماء.

الثالث‏: أن يكون الإقرار في حق الغير فيبطل أصل الإقرار.

الرابع‏: أن يكون تحليل الإقرار إلى جهتين يكون في حق نفسه من جهة و في حق الغير من جهة أخرى، فيقبل بالنسبة إلى نفسه و يبطل بالنسبة إلى الغير.

و يمكن أن يجعل المدار على حصول الاطمئنان النوعي برضا الغرماء فمعه ينفذ و مع عدمه لا أثر له، و لعله بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات فراجع و تأمل.

بناء على ما ذكرنا لا فرق بين جميع صور المسألة ما دام يصدق عليه أن الإقرار في حق الغير و هو لا يقبل.

لأنه بالنسبة إلى الغرماء إقرار في حق الغير و هو لا يقبل إلا بقبوله و رضاه، و قد مر أن الحكم في جميع صور المسألة هكذا: «ما دام يصدق الإقرار في حق الغير عرفا».

لوجود المقتضي للنفوذ و فقد المانع عنه فينفذ لا محالة.

لأنه بالنسبة إليهم إقرار في حق الغير، كما إذا أقر بأنه مديون لزيد بألف دينار مثلا يقبل إقراره بالدين لكن لا يشارك في ما حجر المقر عليه.

(مسألة ٦): لو أقر بعين من الأعيان التي تحت يده لشخص لا إشكال في نفوذ إقراره في حقه (۱۳۱)، فلو سقط حق الغرماء و انفك الحجر لزمه و أما نفوذه في حق الغرماء بحيث تدفع إلى المقرّ له في الحال ففيه إشكال الأقوى العدم (۱۳۲).

لعموم قوله عليه السّلام: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز»۷۱، من غير دليل‏ على الخلاف.

لكونه من الإقرار في حق الغير عرفا.

و ما يقال: من أنه بالإقرار يخرج عن مورد حق الغير فلا وجه للتمسك لبطلان الإقرار من هذه الجهة.

مردود: لكونه متوقفا على عدم سبق الحجر عليه و أما مع سبقه فقد تعلق حقهم بالمال، بل يمكن أن يقال بتعلق الحق تعلقا شأنيا قبل الحجر عليه أيضا.

و في المسألة أقوال خمسة من شاء العثور عليها و على بطلانها فليراجع المطولات كالجواهر إذ لا طائل لنقلها ثمَّ بيان فسادها مع وجود الأهم في البين في مثل عصرنا هذا.

(مسألة ۷): بعد ما حكم الحاكم بحجر المفلس و منعه عن التصرف في أمواله يشرع في بيعها (۱۳۳)، و قسمتها بين الغرماء بالحصص و على نسبة ديونهم مستثنيا منها مستثنيات الدين (۱۳٤)، و قد مرت في كتاب‏ الدين، و كذا أمواله المرهونة عند الدّيان لو كان، فإن المرتهن أحق باستيفاء حقه من الرهن (۱۳٥)، الذي عنده و لا يحاصه فيه سائر الغرماء و قد مر في كتاب الرهن.

لأنه من نتيجة ولايته على الحجر بعد تمامية الشرائط و إنما الكلام في أن ذلك على سبيل مطلق الرجحان، لأنه سعى في قضاء حاجة الغرماء و إيصال حقهم إليهم و حفظه عن المعرضية للتضييع فيشمله جميع ما دل على رجحان السعي في قضاء حوائج الناس و المسارعة و الاستباق إلى الخيرات، أو على سبيل الوجوب كما في جميع موارد الأمور الحسبية؟ الظاهر هو الأخير خصوصا مع مطالبة الغرماء لذلك.

لإطلاق أدلة استثنائها الشامل للمقام أيضا كما تقدم‏۷۲، مضافا إلى الإجماع.

لأصالة بقاء حقه و ظهور الإجماع مع سبق حقه، فلا يعارضه حق آخر و تقدم في الرهن ما ينفع المقام۷۳.

(مسألة ۸): إن كان من جملة مال المفلس عين اشتراها و كان ثمنها في ذمته كان البائع بالخيار (۱۳٦)، بين أن يفسخ البيع و يأخذ عين ماله‏ و بين الضرب مع الغرماء بالثمن و لو لم يكن له مال سواها (۱۳۷).

هذا هو خيار التفليس الذي ذكره الشهيد قدّس سرّه في اللمعة، و يمكن أن يجعل هذا الخيار مطابقا للقاعدة لسبق حق البائع و صحة تعلق الغرض بعين المال كتعلقه بمالية المال فله الخيار من هذه الجهة.

هذا مضافا إلى ظهور الإجماع و النبوي المعمول به «من وجد عين ماله عند مفلس فهو أحق به من الغرماء»۷4، و صحيح عمر بن يزيد عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل يركبه الدين فيوجد متاع رجل عنده بعينه قال عليه السّلام: لا يحاصه الغرماء»۷٥، بناء على أن المراد منه لو بضميمة كلام الأصحاب فسخ العقد لا عدم المحاصة، و إلا لوجب التعرض لزيادته على دينه و نقيصته، و مثله مرسل جميل عن الصادق عليه السّلام: «في رجل باع متاعا من رجل فقبض المشتري المتاع، و لم يدفع الثمن ثمَّ مات المشتري و المتاع قائم بعينه، فقال: إذا كان المتاع قائما بعينه رد إلى صاحب المتاع و ليس للغرماء أن يحاصوه»۷٦، و صحيح أبي ولاد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل باع من رجل متاعا إلى سنة فمات المشتري قبل أن يحل ماله و أصاب البائع متاعه بعينه‏ له أن يأخذه إذا خفي له؟ قال: إن كان عليه دين و ترك نحوا مما عليه فليأخذه ان أخفى له فإن ذلك حلال له، و لو لم يترك نحوا من دينه فإن صاحب المتاع كواحد ممن له عليه شي‏ء يأخذ بحصته و لا سبيل له على المتاع»۷۷، و موردهما و إن كان في الميت إلا أن ما هو المعروف من أن المورد لا يخصص الحكم الوارد يشمل المقام.

لإطلاق الأخبار مع ظهور خبر أبي ولاد في ذلك.

(مسألة ۹): قيل هذا الخيار على الفور (۱۳۸)، فإن لم يتبادر بالرجوع في العين تعين له الضرب مع الغرماء (۱۳۹)، و هو الأحوط (۱٤۰) لكن الظاهر العدم (۱٤۱).نعم، ليس له الإفراط في تأخير الاختيار بحيث يتعطل أمر التقسيم على الغرماء (۱٤۲)، فإذا وقع منه ذلك خيّره الحاكم (۱٤۳)، بين الأمرين‏ فإن امتنع عن اختيار أحدهما ضربه مع الغرماء بالثمن.

استقربه في محكي التذكرة و جامع المقاصد، و جعله أولى في المسالك لأن الخيار خلاف الأصل، فيقتصر فيه على المتيقن.

لسقوط حق الفسخ حينئذ بالنسبة إليه فيتعين عليه الضرب مع الغرماء.

لأنه جمع بين الحقين، و أنه الأشهر في كلام الأصحاب كما عن جامع المقاصد.

لإطلاق الدليل من غير ما يصلح للتقييد.

لكونه إضرارا بالنسبة إليهم، فيشمله حديث نفي الضرر۷۸.

لأن ذلك من الأمور الحسبية التي لا بد له من تصديها مع وجود المقتضى و فقد المانع.

(مسألة ۱۰): يعتبر في جواز رجوع البائع بالعين حلول الدين فلا رجوع لو كان مؤجلا (۱٤٤).

لعدم استحقاقه المطالبة حينئذ فليس له حق الفسخ لترتبه على استحقاق المطالبة.

(مسألة ۱۱): لو كانت العين من مستثنيات الدين ليس للبائع أن يرجع إليها على الأظهر (۱٤٥).

لأدلة استثنائها الشاملة للمقام أيضا، و منشأ التردد إمكان دعوى انصرافها عما نحن فيه فهو مخدوش لأنه بدوي لا اعتبار به.

(مسألة ۱۲): المقرض كالبائع في أن له الرجوع في العين المقترضة لو وجدها عند المقترض (۱٤٦)، بل و كذا المؤجر (۱٤۷) فإن له فسخ الإجارة إذا حجر على المستأجر قبل استيفاء المنفعة (۱٤۸).

لصدق أن المتاع قائم بعينه، و صدق وجدان العين المذكور في الأدلة فيشمل جميع ذلك و يكون ذكر البيع في بعضها۷۹، من باب المثال، و كذا يشمله إطلاق الكلمات أيضا.

الكلام فيه عين الكلام في المقرض فلا وجه للإعادة.

لفرض أن ملك المؤجر موجود و يصدق أنه قائم بعينه حينئذ، و لكن لو كان بعد الاستيفاء فلا شي‏ء للمالك حينئذ يكون أولى به، فتشتغل ذمة المستأجر لا محالة لها.

(مسألة ۱۳): لو وجد البائع أو المقرض بعض العين المبيعة أو المقترضة كان لهما الرجوع (۱٤۹)، إلى الموجود بحصته من الدين و الضرب بالباقي مع الغرماء (۱٥۰)، كما أن لهما الضرب بتمام الدين معهم (۱٥۱)، و كذا إذا استوفى المستأجر (۱٥۲) بعض المنفعة كان للمؤجر فسخ الإجارة بالنسبة إلى ما بقي من المدة بحصتها من الأجرة و الضرب مع الغرماء بما قابلت المنفعة الماضية كما إن له الضرب معهم بتمام الأجرة (۱٥۳).

لصدق وجود عين المال على الموجود.

فيشمله إطلاق الأدلة الدالة على التخيير، و صدق التلف بالنسبة إلى الباقي، فيرجع إلى أصالة اللزوم، مضافا إلى ظهور عدم الخلاف.

و تبعض الصفقة هنا لا أثر له لكونه من مقتضيات الدليل الدال على هذا الحكم.

و توهم: أنه لا وجه للتمسك بالإطلاق هنا بعد تلف البعض لعدم صدق كون المتاع قائما بعينه.

مدفوع: بأن المراد بكونه قائما بعينه البقاء في الجملة في مقابل التلف تماما.

لتحقق الدين بالنسبة إلى الباقي حينئذ.

لصدق عدم قيام المتاع بعينه فيترتب عليه حكمه و هو الضرب مع الغرماء في تمامه.

لصدق الدين و حجر المديون، فتشمله الأدلة الدالة على ضرب الدائن مع الغرماء في المال.

الكلام فيه عين الكلام في البيع فلا يحتاج إلى الإعادة فراجع و تأمل.

(مسألة ۱٤): لو زادت في العين المبيعة أو المقترضة زيادة متصلة (۱٥٤)، كالسمن تتبع الأصل فيرجع البائع أو المقرض إلى العين كما هي، و أما الزيادة المنفصلة كالحمل و الولد و اللبن و الثمر على الشجر فهي للمشتري و المقترض و ليس للبائع و المقرض الرجوع إلى الأصل (۱٥٥).

الزيادة المتصلة على أقسام ثلاثة:

الأول‏: ما يحكم فيها العرف بالتبعية المحضة كالسمن اليسير الذي لا يلحظ مستقلا مثلا.

الثاني‏: ما يلحظ مستقلا و لها أهمية كبيرة من حيث القيمة و المالية، كالحيوان المهزول الذي ليست له قيمة معتنى بها فصار سمينا بحيث تغير مع حالته الأولى بالكلية من حيث القيمة و من سائر الجهات.

الثالث‏: ما يشك العرف في انه من أي القسمين.

و لا ريب في تحقق التبعية بالنسبة إلى الأصل في القسم الأول، لحكم العرف بذلك فتكون الزيادة للبائع و المقترض لكونها تابعة للأصل، و حيث إن الأصل لهما تكون الزيادة أيضا كذلك.

و أما القسم الثاني: فلا وجه للتبعية لكونها كالمباين بالنسبة إلى الأصل عرفا فكيف تكون تابعة له.

و أما الأخير: فيمكن أن يقال فيه بالتبعية لأصالة التبعية في الزيادة المتصلة عرفا إلا ما خرج بالدليل، و مدرك هذا الأصل هو حكم العرف به و لعله بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات فراجع و تأمل.

لأن الزيادة المنفصلة ليست عين مال البائع و المقرض حتى يصح لهما أخذها بل حدثت في ملك المشتري و المقترض، فمقتضى قاعدة التبعية كونها للمشتري أو المقترض كما في سائر الموارد من النماءات المنفصلة التي حدثت في ملك شخص ثمَّ زالت ملكيته عن الأصل بسبب من الأسباب.

(مسألة ۱٥): لو تعيبت العين عند المشتري مثلا فإن كان بآفة سماوية أو بفعل المشتري فللبائع أن يأخذها كما هي بدل الثمن و أن يضرب بالثمن مع الغرماء (۱٥٦)، و كذا لو حصل بفعل البائع (۱٥۷)، و أما إن كان بفعل الأجنبي فالبائع بالخيار (۱٥۸)، بين أن يضرب مع الغرماء بتمام الثمن و بين أن يأخذ العين معيبا و حينئذ فيحتمل أن يضارب الغرماء (۱٥۹) في جزء من الثمن نسبته إليه كنسبة الأرش إلى قيمة العين، و يحتمل أن يضاربهم في تمام الأرش (۱٦۰)، فإذا كان الثمن عشرة و قيمة العين عشرين و أرش النقصان أربعة،- خمس القيمة- فعلى الأول يضاربهم في اثنين و على الثاني في أربعة و لو فرض العكس بأن كان الثمن عشرين و القيمة عشرة و كان الأرش اثنين- خمس العشرة- يكون الأمر بالعكس يضاربهم في أربعة على الأول و في اثنين على الثاني و المسألة محل إشكال (۱٦۱)، فالأحوط للبائع أن يقتصر على أقل الأمرين و هو الاثنان في الصورتين (۱٦۲).

و هذا هو المشهور بين الفقهاء لشمول إطلاق دليل التخيير لهذه الصورة أيضا، مع أن ظاهرهم الإجماع عليه، و التوهم السابق في تلف البعض جار في المقام مع جوابه بل بالأولى لصدق بقاء تمام العين بلا تلف بعض منه، فاذا صح التخيير في تلف البعض صح في بقاء الكل عرفا مع العيب.

ثمَّ إن أخذ البائع للعين بدل الثمن من مقتضيات رفع البيع و فسخه بينه و بين المشتري فإنه إذا ارتفع البيع رجع كل من العوضين إلى مالكه عينا أو بدلا.

و توهم: أن العين في يد المشتري غير مضمونة على البائع فلا وجه لتعلق حقه بها، كما أنه لا وجه لتعلق الغرماء به بعد فرض تعلق حق البائع به.

مدفوع: بأن تعلق حق البائع به لأجل ما مر من النصوص و تعلق حق الغرماء به لفرض صدق إنها من مال المشتري.

نعم، الشارع جعل البائع أولى و أحق بها فجعل له الخيار.

ثمَّ إن العيب الحاصل إما بآفة سماوية أو بفعل المشتري أو بفعل البائع أو بفعل الأجنبي، و في الكل إما أن تكون مما يوجب استحقاق الأرش للبائع أولا، و اختلفت الأقوال بين الإفراط و التفريط، فمن قائل بعدم الثبوت و الاستحقاق أصلا، لأن الأرش كنماء الملك فيكون للمشتري فلا وجه لاستحقاق البائع له، و الشارع إنما جعل له الفسخ في الموجود من ماله فقط فإذا فسخ يرجع الموجود اليه دون غيره.

و خدشة هذا القول ظاهرة لأن التنظير بالنماء قياس و حصول النقص في مال البائع بعد رجوعه إليه وجداني فلا وجه لعدم تداركه مطلقا.

و من قائل بثبوته له مطلقا لأن الفسخ يوجب رجوع مال البائع اليه فإذا كان فيه نقصان جزءا و صفة لا بد من تداركه عليه، لقاعدة نفي الضرر و ليس الأرش‏ إلا هذا.

و من مفصل بينما إذا كان من حصل بفعله العيب ضامنا له كالأجنبي فيثبت الأرش و من لا يكون ضامنا، فلا وجه لثبوته لأنه إن حصل بآفة سماوية فقد حصل في ملك المشتري و لا موجب لضمان أحد له، و إن حصل بفعل المشتري فهو تصرف منه في ملكه و لا موجب للضمان أيضا.

إلا أن يقال: ان هذا ضمان يغتفره العرف و العقلاء بعد حكم الشارع بصحة رجوع البائع إلى عينه و ثبوت الخيار له لعدم عود ماله كاملا إليه فيصح اعتبار الضمان حينئذ عرفا، و على هذا لا فرق في ثبوت الأرش بين تمام الأقسام ما دام العرف يعتبر مثل هذا الضمان، لأنه من الوضعيات العرفية يدور مدار اعتبار العرف و عدم ردع الشارع عنه، بل مقتضى عموم قاعدة «نفي الضرر» تقريره.

لأن ثبوت الأرش له مستلزم لثبوت الأرش للمالك لنفسه في ماله بما جناه بيده و هو بعيد جدا فلا وجه للأرش حينئذ.

و عن جمع أنه كالأجنبي لفرض انقطاع علاقته عن المال بعد البيع ما لم يرجع إليه لخياره و التصرف وقع بعد البيع و قبل ثبوت الخيار له، بل و كذا لو وقع بعد ثبوت الخيار و قبل أخذ العين فإنه باق على ملك المشتري بعد و يكون البائع كالأجنبي عنه فيما يأتي من الحكم.

لما تقدم من النص‏۸۰.

نسب هذا الاحتمال إلى المشهور لأنه لو يتضارب بتمام الأرش يلزم‏ الجمع بين العوض و المعوض.

هذا الاحتمال من العلامة، و أجاب في جامع المقاصد عن إشكال لزوم الجمع بين العوض و المعوض في بعض الفروض بخروج المقام عن المعاوضة تخصصا، لأن المقام من باب غرامة الفائت لا من باب المعاوضة حتى يلزم المحذور.

تنزيلا للمقام بما ذكر في غيره من أخذ تفاوت القيمة، و لكنه لا يخلو من قياس من اختلاف الموردين و لا نص و لا إجماع في البين كما اعترف به و إنما بنيت المسألة على الظنون الاجتهادية القابلة للنقض و الإبرام و بسط الكلام.

تنزيلا للمقام بما ذكر في غيره من أخذ تفاوت القيمة، و لكنه لا يخلو من قياس من اختلاف الموردين و لا نص و لا إجماع في البين كما اعترف به و إنما بنيت المسألة على الظنون الاجتهادية القابلة للنقض و الإبرام و بسط الكلام.

(مسألة ۱٦): لو اشترى أرضا فأحدث فيها بناء أو غرسا ثمَّ فلّس كان للبائع الرجوع إلى أرضه (۱٦۳)، لكن البناء و الغرس للمشتري (۱٦٤)، و ليس له حق البقاء و لو بالأجرة (۱٦٥) فإن تراضيا على البقاء مجانا أو بالأجرة (۱٦٦)، و إلا فللبائع إلزامه بالقلع (۱٦۷)، لكن مع دفع الأرش (۱٦۸)، كما أن للمشتري القلع لكن مع طمّ الحفر (۱٦۹)، و الأحوط للبائع عدم إلزامه بالقلع (۱۷۰) و الرضا ببقائه و لو بالأجرة إذا أراده المشتري (۱۷۱).

لصدق انها عين ماله مضافا إلى الإجماع.

لأصل، و الإجماع.

لفرض أن الأرض ملك الغير و لا يصح التصرف في ملك الغير و لو إبقاء- لما كان حدوثه بحق- إلا برضاه.

لأن الحق لهما، فلهما أن يتراضيا بما شاءا.

لقاعدة السلطنة، مضافا إلى ظهور الإجماع عليه.

جمعا بين الحقين و دفعا للتضرر من البين.

أما تسلطه على القلع فلأن المقلوع ماله فيكون مسلطا عليه، مضافا إلى إطلاق ما دل على أن الرجوع إلى العين الشامل لمثل ذلك أيضا. و أما لزوم طم الحفر فلدفع تضرر البائع بالحفر.

استوجهه في الشرائع لأنهما قد وضعا بحق خاص خالص للمالك و في ملكه فليس لأحد حق فيهما مطلقا إلا برضاه.

و فيه: أن الشك في أن حدوث هذا الحق للمشتري دائمي أو ما دائمي يكفي في صحة قلعه مع الأرش، لإطلاق ما دل على رجوع العين إليه، الظاهر في رجوعها إليه بجميع أنحاء سلطاته من دفع المزاحمات و المنافيات كما كانت كذلك قبل البيع.

ثمَّ أنه قد يشكل في جواز أخذ الأجرة للبائع من المشتري، لأن‏ الحق و منه يظهر أن الأحوط ترك أخذ الأجرة إلا برضاه أو يرضى بالبقاء بلا أجرة، لاحتمال أن يكون مجرد الوضع بحق شيئا يلزم إبقائه و عدم السلطنة على إزالته و لو بأجرة.

(مسألة ۱۷): لو خلط المشتري مثلا ما اشتراه بماله فإن كان بغير جنسه ليس للبائع الرجوع في ماله و بطل حقه من العين (۱۷۲). و إن كان بجنسه كان له ذلك (۱۷۳) سواء خلط بالمساوي أو الأردى أو الأجود و بعد الرجوع يشارك المفلس بنسبة مالهما في المقدار لكن فيما إذا اختلط بالمساوي اقتسماه عينا بنسبة مالهما و أما في غيره فيباع المجموع و يخص كل منهما من الثمن بنسبة قيمة ماله، فإذا خلط منّا من زيت يسوى درهما بمن من زيت يسوى درهمين يقسم الثمن بينهما أثلاثا، و إذا أراد أحدهما البيع ليس للآخر الامتناع. نعم، لصاحب الأجود مطالبة القسمة العينية بنسبة مقدار المالين فإنه قد رضى بدون حقه، و ليس للآخر الامتناع و مطالبة البيع و تقسيم الثمن بنسبة القيمة هذا، و لكن في أصل المسألة و هو كون البائع أحق بماله في صورة الامتزاج عندي تأمل و إشكال (۱۷٤)، فالأحوط عدم الرجوع إلا مع‏ رضا الغرماء.

المناط في سقوط حقه عن العين و صيرورته كسائر الغرماء صدق أن المتاع ليس قائما بعينه و صدق عدم التمييز فيصير حينئذ كسائر الغرماء لفرض عدم التمييز بين ماله و سائر أموال المفلس، و يكون ماله بحكم التلف و يكون كباقي الغرماء الذين ذهبت أموالهم و تعلق حقهم بأموال المفلس.

مع عدم التمييز و صدق أن المتاع ليس قائما بعينه كيف يكون له ذلك؟! مع أن موضوع حق البائع هو كون المتاع قائما بعينه بل و مع الشك فيه لا يصح التمسك بهذا الإطلاق لأنه تمسك بالدليل في الموضوع المشكوك.

لصدق عدم قيام المتاع بعينه لا أقل من الشك في ذلك و كونها من‏ جملة أموال المفلس معلوم فيتعلق بها حق الغرماء فلا بد للبائع من التراضي بينهم.

(مسألة ۱۸): لو اشترى غزلا فنسجه أو دقيقا فخبزه أو ثوبا فقصره أو صبغه لم يبطل حق البائع من العين على إشكال في الأولين (۱۷٥).

لصدق كون المتاع قائما بعينه في الأخير و الشك في ذلك في الأولين.

(مسألة ۱۹): غريم الميت كغريم المفلس فإذا وجد عين ماله في تركته كان له الرجوع إليه لكن بشرط أن يكون ما تركه وافيا بدين الغرماء (۱۷٦)، و إلا فليس له ذلك بل هو كسائر الغرماء يضرب بدينه معهم و إن كان الميت قد مات محجورا عليه (۱۷۷).

للإجماع، و صحيح أبي ولاد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل باع من رجل متاعا إلى سنة فمات المشتري قبل أن يحل ماله و أصاب البائع متاعه بعينه، له أن يأخذه إذا خفي له؟ قال عليه السّلام: إن كان عليه دين و ترك نحوا مما عليه فليأخذه ان حق له فإن ذلك حلال له، و لو لم يترك نحوا من دينه فإن صاحب المتاع كواحد ممن له عليه شي‏ء يأخذ بحصته و لا سبيل له على المتاع»۸۱.

للإطلاق الشامل لهذه الصورة أيضا.

(مسألة ۲۰): يجري على المفلس إلى يوم قسمة ماله نفقته و كسوته (۱۷۸)، و نفقة من يجب عليه نفقته و كسوته على ما جرت عليه‏ عادته (۱۷۹)، و لو مات قدم كفنه (۱۸۰)، بل و سائر مؤن تجهيزه من السدر و الكافور و ماء الغسل و نحو ذلك (۱۸۱) على حقوق الغرماء و يقتصر على الواجب على الأحوط و إن كان القول باعتبار المتعارف بالنسبة إلى أمثاله لا يخلو من قوة (۱۸۲).

للإجماع و النبوي: «إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه فإن كان له‏ فضل فليبدأ مع نفسه بمن يعول»۸۲، و لسبق وجوب ذلك على حق الغرماء المقدم على حقهم بمقتضى فتوى الأصحاب و لخبر علي بن إسماعيل: «عن رجل من أهل الشام أنه سأل أبا الحسن عليه السّلام عن رجل عليه دين قد فدحه و هو يخالط الناس و هو يؤتمن يسعه شراء الفضول من الطعام و الشراب، فهل يحل له أم لا؟ و هل يحل أن يتطلع من الطعام أم لا يحل له إلا بقدر ما يمسك به نفسه و يبلغه؟ قال عليه السّلام: لا بأس بما أكل»۸۳.

لأنه المنساق من الأدلة و المتسالم عليه بين الأصحاب.

لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «أول ما يبدأ به من المال الكفن»۸4، مضافا إلى الإجماع.

لأن الظاهر أن الكفن ذكر مثالا للتجهيزات الواجبة مع ظهور الإجماع عليه، و تقدم بعض الكلام في أحكام التجهيزات فراجع.

أما الاحتياط فللاقتصار على المتيقن من الأدلة، و أما اعتبار المتعارف فلصحة دعوى أن المنساق من الأدلة كما في نفقاته في حال حياته خصوصا مع كثرة اهتمام الشارع بحفظ شؤون المؤمن حيا و ميتا، و تقدم في أحكام التجهيزات بعض ما ينفع المقام.

(مسألة ۲۱): لو قسم الحاكم مال المفلس بين غرمائه ثمَّ ظهر غريم آخر لم ينقض القسمة على الأقوى (۱۸۳)، بل يشارك مع كل منهم على‏ الحساب فإذا كان مجموع ماله ستين و كان له غريمان يطلب أحدهما ستين و الآخر ثلاثين فأخذ الأول أربعين و الثاني عشرين، ثمَّ ظهر ثالث يطلب منه عشرة يأخذ من الأول أربعة و من الثاني اثنين فيصير حصة الأول ستة و ثلاثين و الثاني ثمانية عشر و الثالث ستة يأخذ كل منهم ثلاثة أخماس طلبه و هكذا.

كما اختاره في جامع المقاصد معللا بأن القسمة وقعت عن أهلها و في محلها فيملك المقسوم عليهم ما قبضوه، و أما ما قبضوه زائدا على حقهم فيجب عليهم رده إلى الغريم الذي ظهر بعد القسمة.

و فيه: ان مقتضى الأصل بقاء المال على الإشاعة و عدم تحقق القسمة و عدم ملكية المقسوم عليهم لما قبضوه و عدم تعينه لهم بعد عدم الحصر الواقعي فيهم، و إنما كان حصرا ظاهريا انكشف خلافه فيكون وجود هذه القسمة كالعدم، و لذا اختار جمع نقض القسمة بمعنى تبين بطلانه فيستأنف الحاكم القسمة من رأس، و لعل الأذهان العرفية تساعد على هذا، و الظاهر أن القائلين بعدم النقض لا يقولون به في صورة الخطأ في القسمة و النسيان و الجهل و التعبد و نحو ذلك بل يقولون ببطلانها فيها، فليكن المقام أيضا كذلك، و منه يظهر حكم ما لو وجد الغريم الآخر عين ما له في أموال المفلس.

و تظهر الثمرة بين القولين في موارد منها النماء فإنه للمفلس بناء على النقض فيصرف في ديونه و للمقسوم عليهم بناء على العدم.

(مسألة ۲۲): لو قال المفلس هذا المال أمانة لغائب عندي و لم يكن له بيّنة يقبل قول المفلس مع اليمين (۱۸٤) و يقر في يده، و لو قال إنه لحاضر و صدّقه دفع إليه (۱۸٥)، و إن أكذبه قسم بين الغرماء (۱۸٦).

لأنه من الأمور التي لا تعلم إلا من قبله، و المفروض عدم وجود بينة في البين، فيقبل قوله مع اليمين إلا إذا أقام الغرماء بيّنة مقبولة على أن المال ملكه لا أن يكون أمانة عنده.لأنه من الأمور التي لا تعلم إلا من قبله، و المفروض عدم وجود بينة في البين، فيقبل قوله مع اليمين إلا إذا أقام الغرماء بيّنة مقبولة على أن المال ملكه لا أن يكون أمانة عنده.

لوجود المقتضي و فقد المانع، و أصالة عدم تعلق حق الغرماء به.

لأن ظاهر اليد أنه ماله و المفروض عدم حجة على الخلاف.

(مسألة ۲۳): إذا باع شقصا و فلّس المشتري كان للشريك المطالبة بالشفعة و يكون البائع أسوة مع الغرماء في الثمن (۱۸۷).

أما الأول فلإطلاق أدلة الشفعة الشاملة للمقام أيضا، مضافا إلى دعوى الإجماع على ثبوتها.

و أما الثاني فلفرض كون مال البائع في يد المشتري، فيكون البائع أسوة مع الغرماء.

هذا إذا أخذ الشفيع المال بالشفعة و أما مع بقائه عند المشتري ثمَّ عرض الحجر عليه للفلس فيمكن أن يقال: بأن البائع أحق بماله، و لكنه يشكل أيضا بأن الأحقية إنما تثبت فيما إذا لم يتعلق به حق الغير و المفروض تعلق حق الشفيع.

(مسألة ۲٤): إذا باع شيئا سلفا ثمَّ فلس المشتري و حل الأجل يرجع البائع إلى عين ماله مع وجوده و يضرب مع الغرماء إن كان تالفا (۱۸۸).

أما إن وجد البائع عين ماله عند المسلم اليه فلما مر من دليله سابقا و أما لو وجده تالفا فلإطلاق الأدلة الدالة على أن ماله أسوة للغرماء، و في المسألة تفصيل آخر و من شاء فليراجع المطولات.

(مسألة ۲٥): لو جنى على المفلّس جان خطأ تعلق حق الغرماء بالدية (۱۸۹)، و إن كان عمدا كان بالخيار بين القصاص و أخذ الدية (۱۹۰) إن بذلت له و لا يتعين عليه قبول الدية (۱۹۱).

لأنها ماله و يتعلق حق الغرماء بأمواله، و يمكن الإشكال بأن المنساق من الأدلة تعلق حق الغرماء بما له من الأموال الموجودة لا الحاصلة بالجناية، فالعمدة هو الإجماع لو تمَّ.

لما سيأتي في كتاب الديات إن شاء اللّه تعالى من التخيير في صورة العمد بينهما.

للأصل، و لأنه اكتساب و لا يجب عليه ذلك، و لكنه مشكل لو لم يكن إجماع للشك في شمول الاكتساب لمثل قبول الدية.

(مسألة ۲٦): لا تحل الديون المؤجلة بالحجر و تحل بالموت (۱۹۲).

أما الأول فللأصل بعد اعتبار كون الحجر بالنسبة إلى الديون الحالية، و أما الثاني فلنصوص تقدم بعضها في كتاب الدين فلا وجه للإعادة۸٥.

(مسألة ۲۷): لو مات المفلس حل ما عليه (۱۹۳)، و لا يحل ما له (۱۹٤).

نصا كما تقدم في أحكام الدين، و إجماعا.

للأصل و دعوى الإجماع، و عدم صحة القياس على ما عليه.

الخامس: المرض المريض إذا لم يتصل مرضه بموته فهو كالصحيح يتصرف في ماله بما شاء و كيف شاء، و ينفذ جميع تصرفاته في جميع ما يملكه (۱۹٥). إلا فيما أوصى بأن يصرف شي‏ء بعد موته (۱۹٦) فإنه لا ينفذ فيما زاد على ثلث ما يتركه (۱۹۷)، كما أن الصحيح أيضا كذلك و يأتي تفصيل ذلك في محله (۱۹۸). و أما إذا اتصل مرضه بموته لا إشكال في عدم نفوذ وصيته بما زاد على الثلث كغيره (۱۹۹)، كما أنه لا إشكال في نفوذ عقوده المعاوضية المتعلقة بماله كالبيع بثمن المثل و الإجارة بأجرة المثل و نحو ذلك (۲۰۰)، و كذا أيضا لا إشكال في جواز انتفاعه بماله بالأكل و الشرب و الإنفاق على نفسه و من يعوله و الصرف على أضيافه و في مورد يحفظ شأنه و اعتباره و غير ذلك (۲۰۱)، و بالجملة كل صرف يكون فيه غرض عقلائي مما لا يعدّ سرفا و تبذيرا أي مقدار كان و إنما الإشكال و الخلاف في مثل الهبة و العتق و الوقف و الصدقة و الإبراء و الصلح بغير عوض و نحو ذلك من التصرفات التبرعية، في ماله مما لا يقابل بالعوض و يكون فيه إضرار بالورثة و هي المعتبر عنها بالمنجزات (۲۰۲)، و انها هل هي نافذة من الأصل بمعنى نفوذها و صحتها مطلقا، و إن زادت على ثلث ماله بل و إن تعلقت بجميع ماله بحيث لم يبق شي‏ء للورثة أو هي نافذة بمقدار الثلث فإن زادت يتوقف صحتها و نفوذها في الزائد على إمضاء الورثة و الأقوى هو الأول (۲۰۳).

بالأدلة الأربعة فمن الكتاب مفهوم قوله تعالى‏ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ*۸٦، و من السنة نصوص كثيرة في أبواب متفرقة منها قوله عليه السّلام:

«الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح»۸۷، و قريب منه غيره، و يدل عليه قاعدة السلطنة أيضا، و من الإجماع إجماع الإمامية، و من العقل حكم العقلاء اجمع قولا و عملا بثبوت هذه الولاية لصاحب المال مع عدم مانع في البين، و في الحقيقة يرجع حكمهم هذا إلى قاعدة السلطنة التي هي من القواعد العقلية النظامية.

للنصوص المستفيضة منها قوله عليه السّلام: «تجاز الوصية ما لم يتعد الثلث»۸۸، و في خبر أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يموت ما له من ماله؟ فقال عليه السّلام: ثلث ماله و للمرأة أيضا»۸۹، و الإجماع الدال على أن الوصية تخرج من الثلث إلا مع اجازة الورثة كما سيأتي في كتاب الوصية.

لما مر آنفا و يأتي في كتاب الوصية أيضا.

راجع كتاب الوصية.

لما تقدم آنفا و يأتي في كتاب الوصية أيضا.

لإطلاق أدلة تلك العقود، و قاعدة السلطنة و السيرة و الإجماع.

لما مر من قاعدة السلطنة، و الإجماع، و سيرة المتشرعة بل يكون منعه عن ذلك مستنكرا لدى العقلاء اجمع.

و قد كتبوا فيها رسائل كثيرة و منشأها اختلاف الآراء و النصوص كما تأتي الإشارة إليها في محله.

نسب ذلك إلى أكثر القدماء، و في الرياض نسبته إلى المشهور و عن الغنية و الانتصار دعوى الإجماع عليه و استدل له.

تارة: بقاعدة السلطنة.

و أخرى‏: بأصالة الصحة.

و ثالثة: باستصحاب الصحة.

و رابعة: بالأدلة الأربعة الدالة على لزوم العقد و صحتها كما تقدم‏۹۰.

و خامسة: بإطلاقات كل عقد و تصرف و إيقاع.

و خامسة: بالسيرة و الإجماعات المنقولة و عن الشيخ نسبته ذلك إلى أخبار الطائفة.

و سادسة: بالأخبار الكثيرة الخاصة الناصة أو الظاهرة في ذلك كصحيح صفوان عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يعطي الشي‏ء من ماله في مرضه، فقال عليه السّلام: إذا أبان فهو جائز و إن أوصى به فهو من الثلث»۹۱، و المراد من الإبانة التنجيز بقرينة المقابلة الواردة فيه و خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «الرجل يكون له الولد أ يسعه أن يجعل ماله لقرابته؟ قال عليه السّلام: هو ماله يصنع ما شاء به إلى أن يأتيه الموت إن لصاحب المال أن يعمل بماله ما شاء ما دام حيا إن شاء و هبة و إن شاء تصدق به و إن شاء تركه إلى أن يأتيه الموت فإن أوصى به فليس له إلا الثلث إلا أن الفضل في أن لا يضيع من يعوله و لا يضر بورثته»۹۲.

و خبر عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «الميت أحق بماله ما دام فيه الروح يبين، به قال: نعم فإن أوصى به فليس له إلا الثلث»۹۳.

و في خبر أبي المحامد عنه عليه السّلام أيضا: «الإنسان أحق بماله ما دامت الروح في بدنه»۹4 و خبر الساباطي «صاحب المال أحق بماله ما دام فيه شي‏ء من الروح يضعه حيث يشاء»۹٥، و في خبره الآخر: «الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح إن أوصى به كله فهو جائز»۹٦، فيشمل المنجز بالفحوى و هذه الأخبار مع تعاضدها بالشهرة القديمة و الأصول العقلية تجزي في الحكم، بل واحد منها يجزي فلا

وجه للإطالة في نقل جميعها، و لا المناقشة في سند بعضها أو دلالة بعضها الآخر فإن ذلك باطل كما لا يخفى على من راجع المفصلات خصوصا رسالة المحقق اليزدي التي أوردها في ختام حاشيته الشريفة على المكاسب، فإنه أحسن ما وضع في المسألة على ما ظفرنا عليه.

هذا خلاصة ما استدل به للقول الأول و هو الخروج من الأصل.

القول الثاني: الخروج من الثلث و عدم الخروج من الأصل نسب ذلك إلى المشهور بين المتأخرين.

تارة: و إلى الأكثر أخرى و إلى عامة المتأخرين ثالثة، و عن الغنية دعوى الإجماع عليه و لا يخفى أن في دعوى الغنية الإجماع تهافتا منه لنقله الإجماع على القول الأول أيضا.

و لا بد من التأمل في النسبة إلى الأكثر أو المشهور أيضا كما لا يخفى على المتأمل في الكلمات و المتفحص فيها، و دليلهم اخبار ادعى في جامع المقاصد تواترها و هي طوائف:

أحدها: ما دل على أن للرجل عند موته ثلث ماله كخبر يعقوب بن شعيب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يموت ما له من ماله؟ فقال عليه السّلام: له ثلث ماله و للمرأة أيضا»۹۷، و في خبر ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام ما للرجل من ماله عدن موته؟ قال عليه السّلام: الثلث و الثلث كثير»۹۸، و عنه عليه السّلام أيضا:

«للرجل عند موته ثلث ماله و إن لم يوص فليس على الورثة إمضاؤه»۹۹، و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «إن اللّه تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم»۱۰۰، إلى غير ذلك من الأخبار و ظهورها في الوصية و لو بقرينة غيرها مما لا ينكر فلا وجه للتطويل بأكثر مما ذكرنا.

الثانية: ما ورد في خصوص العتق و هي أقسام من الأخبار منها خبر عقبةبن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل حضره الموت فأعتق مملوكا له ليس له غيره فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك كيف القضاء فيه؟ قال عليه السّلام: ما يعتق منه إلا ثلثه»۱۰۱، و مثله غيره.

و منها: ما عن محمد بن مسلم قال: «سألته عن رجل حضره الموت فأعتق غلامه و أوصى بوصيته و كان أكثر من الثلث قال عليه السّلام: يمضى عتق الغلام و يكون النقصان فيما بقي»۱۰۲، و قريب منه غيره.

و منها: ما عن زرارة عن الصادق عليه السّلام: «في رجل أعتق مملوكه عند موته و كان عليه دين، فقال عليه السّلام: إن كان قيمته مثل الذي عليه و مثله جاز عتقه و إلا لم يجز»۱۰۳، إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في العتق و عدها من المقام بعيد جدا كما لا يخفى على الأعلام، لأن المنساق من كلماتهم في أبواب العتق انها مسألة أخرى لا ربط لها بالمنجّزات مع إمكان حمل بعضها على الوصية كخبر علي بن عقبة تجد شاهدا على ما قلنا، فعن الصادق عليه السّلام: «في رجل حضره الموت فأعتق مملوكا له ليس له غيره، فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك كيف القضاء فيه؟ قال عليه السّلام:

ما يعتق منه إلا ثلاثة و سائر ذلك الورثة أحق بذلك و لهم ما بقي»۱۰4.

الثالثة: الأخبار الدالة على عدم الصحة في بعض المنجزات كالنحلة كما في خبر جراح المدائني قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن عطية الوالد لولده يبينه قال عليه السّلام: إذا أعطاه في صحته جاز»۱۰٥، و العطية كما في خبر سماعة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن عطية الوالد لولده؟ فقال: أما إذا كان صحيحا فهو ماله يصنع به ما شاء و أما في مرضه فلا يصلح»۱۰٦، و الصداق كما في صحيح الحلبي قال:«سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يكون لامرأته عليه الصداق أو بعضه فتبرئه منه في مرضها؟ فقال عليه السّلام: لا و لكنها إن وهبت له جاز ما وهبت له من ثلثها»۱۰۷، و في خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السّلام: «أنه كان يرد النحلة في الوصية و ما أقر به عند موته بلا ثبت و لا بينة ردّه»۱۰۸، و الحق أن ظهورها في الكراهة بملاحظة مجموع أخبار الباب بعد رد بعضها إلى بعض مما لا ينكر فلا وجه لعدها معارضا لما ثبت بالأصول العقلية و النقلية المتقدمة.

الرابعة: ما عن علي عليه السّلام: «ما أبالي أضررت بولدي أو سرقتهم ذلك المال»۱۰۹، و مثله غيره.

و فيه: ان المنساق منها عرفا الوصية بالزائد على الثلث لإخراج المال عن ملك الورثة رأسا قبل الموت فلا ربط لها بالمقام أيضا.

فخلاصة الكلام: إن كل من لاحظ جميع الأخبار الواردة من بدئها إلى ختامها يحكم بفطرته بترجيح الأخبار الدالة على صحة المنجّزات من الأصل على الأخبار الدالة على انها من الثلث لو فرض التعارض مع أنه لا موضوع للتعارض كما مر، و لا أدري ما بالهم «رحمهم اللّه تعالى» حكموا بالحمل على الكراهة في موارد كثيرة من الفقه من موارد التعارض بحمل ما دل على المنع عليها، و في المقام قالوا بالبطلان فيا ليتهم قالوا بالجواز مع الكراهة ليوافق ذلك مع أقوالهم في سائر أبواب الفقه.

(مسألة ۱): لا إشكال و لا خلاف في أن الواجبات المالية التي يؤديها المريض في مرض موته كالخمس و الزكاة و الكفارات تخرج من الأصل (۲۰٤).

للإجماع، و لأنها دين و كل دين يخرج من الأصل، أما الصغرى‏ فلإطلاق الدين عليها عند المتشرعة، و أما الكبرى فللنص۱۱۰، و الإجماع، و تقدم في كتاب الحج و يأتي في الوصية بعض ما ينفع المقام.

(مسألة ۲): البيع و الإجارة المحاباتيان كالهبة بالنسبة إلى ما حاباه (۲۰٥)، فيدخلان في المنجزات التي هي محل الإشكال و الخلاف فإذا باع شيئا يسوى مائة بخمسين فقد أعطى المشتري خمسين كما إذا وهبه (۲۰٦).

لتحقق ملاك الهبة فيها و هو عدم العوض و تحقق المجانية بالنسبة إلى ما حاباه.

فيتحقق المجانية حينئذ و يصير من صغريات المقام.

(مسألة ۳): الصدقة و إن كانت من المنجزات كما أشرنا إليه لكن الظاهر أنه ليس منها ما يصدق المريض لأجل شفائه و عافيته بل هي ملحقة بالمعاوضات فكأن المريض يشتري به حياته و سلامته (۲۰۷).

مع أن الظاهر انصراف الأدلة عنها و هي تختلف باختلاف الأشخاص و الجهات و الأمر سهل بعد اختيار أن المنجزات من الأصل.

(مسألة ٤): لو قلنا بكون المنجزات ينفذ من الثلث يشكل القول به في المرض الذي يطول سنة أو سنتين أو أزيد (۲۰۸)، إلا فيما إذا وقع التصرف في أواخره القريب من الموت، بل ينبغي أن يقتصر على المرض‏ المخوف (۲۰۹)، الذي يكون معرضا للخطر و الهلاك فمثل حمى يوم خفيف اتفق الموت به على خلاف مجاري العادة يمكن القول بخروجه (۲۱۰)، كما انه ينبغي الاقتصار على ما إذا كان الموت بسبب ذلك المرض الذي وقع التصرف فيه فإذا مات فيه و لكن بسبب آخر من قتل أو افتراس سبع، أو لذع حية و نحو ذلك يكون خارجا (۲۱۱).

الموجود في النصوص لفظ «المرض»۱۱۱ و «حضره الموت» و «عند موته»۱۱۲، و «و حضرته الوفاة»۱۱۳، و المنساق منها بعد رد بعضها إلى بعض هو المرض المتصل بالموت عرفا اتصالا قريبا بحيث يصدق عند المتعارف أن هذا المرض صار سببا قريبا لموته، و في موارد الشك يرجع إلى قاعدة السلطنة و الصحة، مع أنه بعد أن بطل أصل المبنى لا وجه لهذا البحث أصلا لعدم الفرق حينئذ بين المريض و الصحيح متصلا كان مرضه بموته أو لا.

الموجود في النصوص لفظ «المرض»۱۱۱ و «حضره الموت» و «عند موته»۱۱۲، و «و حضرته الوفاة»۱۱۳، و المنساق منها بعد رد بعضها إلى بعض هو المرض المتصل بالموت عرفا اتصالا قريبا بحيث يصدق عند المتعارف أن هذا المرض صار سببا قريبا لموته، و في موارد الشك يرجع إلى قاعدة السلطنة و الصحة، مع أنه بعد أن بطل أصل المبنى لا وجه لهذا البحث أصلا لعدم الفرق حينئذ بين المريض و الصحيح متصلا كان مرضه بموته أو لا.

لما مر من قاعدتي السلطنة و الصحة.

لما مر في سابقة من قاعدتي السلطنة و الصحة بعد عدم صحة التمسك بما دل على الخروج من الثلث لكونه من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك.

(مسألة ٥): لا يبعد يلحق بالمرض حال كونه معرض الخطر و الهلاك كأن يكون في حال المراماة في الحرب أو في حال إشراف السفينة على الغرق أو كانت المرأة في حال الطلق (۲۱۲).

بدعوى أن المناط كله ظهور أمارة الموت و قرب وقوعه عرفا فيشمل ذلك كله، و لكنه من مجرد الدعوى كما لا يخفى على من تأمل في الأخبار المتقدمة.

(مسألة ٦): لو أقرّ بدين أو عين (۲۱۳) من ماله في مرض موته‏ لوارث أو أجنبي (۲۱٤)، فإن كان مأمونا غير متهم نفذ إقراره في جميع ما أقرّ به و إن كان زائدا على ثلث ماله بل و إن استوعبه (۲۱٥)، و إلا فلا ينفذ فيما زاد على ثلثه (۲۱٦)، و المراد بكونه متهما وجود أمارات يظن معها بكذبه (۲۱۷) كأن يكون بينه و بين الورثة معاداة يظن معها بأنه يريد بذلك اضرارهم، أو كان له محبة شديدة مع المقر له يظن معها بأنه يريد بذلك نفعه.

لإطلاق الأدلة الشامل لهما و لكن جل الأخبار مشتمل على الدين‏۱۱4،و إن كان بعضها متضمن للعين‏۱۱٥، أيضا و فيه غنى و كفاية في التعميم لهما.

لشمول إطلاق الأدلة لكل واحد منهما كما يأتي، و يمكن أن يكون الإقرار بغير الدين و العين كالإقرار بمنفعة شي‏ء مثلا أو الانتفاع به.

المنساق من المنجّزات في مورد بحث الفقهاء هو إنشاء التصرف تمليكا أو نحوه أو الالتزام بأحدهما فيكون الإقرار خارجا عن مورد بحثهم تخصصا، لكونه إخبارا لا إنشاء فلا ملازمة بين المسألتين لا بحسب الأقوال و لا بحسب الأدلة فلا بد و أن يعمل في الإقرار بحسب القواعد العامة أولا، ثمَّ بحسب الأدلة الخاصة المنافية لها و الجمع بينها ثمَّ العمل بالمتحصل منه فيما خالف القواعد العامة، مقتضاها النفوذ مطلقا مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز»۱۱٦، و قوله عليه السّلام: «المؤمن أصدق على نفسه من سبعين مؤمنا عليه»۱۱۷، و قوله عليه السّلام: «لا أقبل شهادة الفاسق إلا على نفسه»۱۱۸، و لا يبعد انصرافها عن مورد التهمة في مثل المقام الذي يكون الإقرار مضرا بالغير فيصير مفادها متحدا مع ما يستفاد من الأخبار بعد الجمع بينهما كما يأتي، و هي على أقسام أربعة:

الأول‏: ما هو مطلق في النفوذ كخبر أبي ولاد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل مريض أقر عند الموت لوارث بدين له عليه؟ قال: يجوز ذلك قلت فإن أوصى لوارث بشي‏ء، قال عليه السّلام: جائز»۱۱۹، و خبر سعد بن سعد۱۲۰، عن الرضا عليه السّلام: «عن رجل مسافر حضره الموت فدفع ماله إلى رجل من التجار،

فقال له: إن هذا المال لفلان بن فلان ليس لي فيه قليل و لا كثير فادفعه اليه يصرفه حيث يشاء، فمات و لم يأمر صاحبه الذي جعل له بأمر و لا يدري صاحبه ما الذي حمله على ذلك كيف يصنع؟ قال عليه السّلام: يضعه حيث يشاء»، و خبر السكوني عن علي عليه السّلام: في رجل أقر عند موته لفلان و فلان لأحدهما عندي ألف درهم ثمَّ مات على تلك الحال، فقال علي عليه السّلام: أيهما أقام البينة فله المال، و إن لم يقم واحد منهما البينة فالمال بينهما نصفان»۱۲۱، فمقتضى إطلاق هذه الأخبار نفوذ الإقرار مطلقا و لكن يقيد بما يأتي من القسم الرابع.

الثاني‏: خبر إسماعيل بن جابر قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أقر لوارث له و هو مريض بدين له عليه؟ قال عليه السّلام يجوز عليه إذا أقر به دون الثلث»۱۲۲، و خبر سماعة قال: «سألته عمن أقر للورثة بدين عليه و هو مريض؟

قال عليه السّلام: يجوز عليه ما أقر به إذا كان قليلا»۱۲۳، إذ المراد منه الثلث للإجماع على عدم اعتبار القلة بما هي فهذا القسم مطلق في الخروج من الثلث.

الثالث‏: خبر مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السّلام قال:

«قال علي عليه السّلام: لا وصية لوارث و لا إقرار له بدين، يعني إذا أقر المريض لأحد من الورثة بدين له فليس له ذلك»۱۲4، و في خبر السكوني عنه عليه السّلام أيضا: «أنه كان يرد النحلة في الوصية و ما أقر به عند موته بلا ثبت و لا بينة رده»۱۲٥، و هذا القسم يطرح أو يحمل على التقية.

الرابع‏: صحيحة أبي أيوب عن الصادق عليه السّلام: «في رجل أوصى لبعض ورثته إن له عليه دينا، فقال عليه السّلام: إن كان الميت مرضيا فأعطه الذي أوصى له»۱۲٦، و في صحيحة الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «قلت له: الرجل يقر لوارث بدين، فقال:

يجوز إذا كان مليا»۱۲۷، و في خبر العلاء قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة استودعت رجلا مالا فلما حضرها الموت قالت له: إن المال الذي دفعته إليك لفلانة و ماتت المرأة فأتى أولياؤها الرجل فقالوا: إنه كان لصاحبتنا مال و لا نراه إلا عندك فاحلف لنا مالها قبلك شي‏ء أ فيحلف لهم؟ فقال عليه السّلام: إن كانت مأمونة عنده فيحلف لهم، و إن كان متهمة فلا يحلف و يضع الأمر على ما كان، فإنما لها من مالها ثلثه»۱۲۸، و في رواية أبي بصير قال: «سألته عن رجل معه مال مضاربة فمات و عليه دين، و أوصى أن هذا الذي ترك لأهل المضاربة أ يجوز ذلك؟

قال عليه السّلام: نعم، إذا كان مصدقا»۱۲۹، و في مكاتبة محمد بن عبد الجبار عن العسكري عليه السّلام: «إن كان الدين صحيحا معروفا مفهوما فيخرج الدين من رأس المال إن شاء اللّه، و إن لم يكن الدين حقا أنفذ لها ما أوصت به من ثلثها كفى أو لم يكف‏۱۳۰، و بهذا القسم من الأخبار نقيد ما تقدم من الإطلاقات، و لا يبقى مجال للشك بعد وجوده لما ذكره المشهور إذ المراد من قولهم عليهم السّلام فيما تقدم-: «إذا كان مصدقا» أو «مرضيا» أو «مليا» أو «مأمونة» أو «إن كان الدين صحيحا معروفا مفهوما فيخرج من رأس المال»- عدم التهمة في إقراره فلهذا القسم من النصوص نحو حكومة و شرح بالنسبة إلى ما مر من الأقسام، و المتحصل منها أن المتهم ينفذ إقراره من الثلث و غيره من الأصل لعناوين كثيرة و هي ملازمة عرفا لعدم الاتهام، فلا مجال للبحث عن أن الاتهام مانع أو المأمونية شرط.

و أما الأقوال فأنهاها بعضهم إلى عشرة لا فائدة في التعرض لها وردها بعد وضوح الأمر بحمد اللّه تعالى.

للقسم الرابع من النصوص الذي له حكومة على سائر الأقسام فتقيد إطلاقاتها به لا محالة.

لأن هذا هو المنساق من الاتهام و عدم المأمونية و نحوها الوارد كل ذلك في النصوص المتقدمة.

(مسألة ۷): إذا لم يعلم حال المقر و أنه كان متهما أو مأمونا ففي الحكم بنفوذ إقراره في الزائد على الثلث و عدمه إشكال (۲۱۸) فالأحوط التصالح بين الورثة و المقر له (۲۱۹).

مقتضى أصالة عدم حجية الإقرار عند الشك فيها عدم النفوذ، و لا حاكم على هذا الأصل إلا إطلاقات أدلة المقام و لا وجه للتمسك بها لأن الشبهة مصداقية سواء كان الاتهام مانعا أو الوثوق شرطا، و لا بد من إحراز الموضوع على كل حال ثمَّ التمسك بالدليل و لا بأصالة الصحة لأنها لا تثبت الموضوع المعلق عليه الحكم.

نعم، تجري أصالة عدم المانعية بالعدم الأزلي بناء على كون الاتهام مانعا، و لكنه خلاف ظواهر الأدلة بعد رد بعضها إلى بعض و صدرها إلى ذيلها الظاهرة بعد ذلك في شرطية الوثوق بالصدق.

خروجا عن خلاف من أجرى العمومات، و أصالة الصحة الجارية في المقام.

(مسألة ۸): إنما يحسب الثلث في مسألتي المنجزات و الإقرار بالنسبة إلى مجموع ما يتركه في زمان موته (۲۲۰) من الأموال عينا أو دينا أو منفعة أو حقا ماليا يبذل بإزائه المال كحق التحجير (۲۲۱)، و هل تحسب الدية من‏ التركة و تضم إليها و يحسب الثلث بالنسبة إلى المجموع أم لا، وجهان بل قولان لا يخلو أولهما من الرجحان (۲۲۲).

للإجماع، و لأنه المنساق من الأدلة.

و حق الشفعة و حق نصب الشبكة و نحوهما.

و هو المشهور المدعى عليه الإجماع و استدلوا بنصوص بعضها واردة في الدية بقتل الخطأ كخبر محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال:

«قضي أمير المؤمنين في رجل أوصى لرجل بوصية مقطوعة غير مسماة من ماله ثلثا أو ربعا أو أقل من ذلك أو أكثر ثمَّ قتل بعد ذلك الموصي فودي فقضى في وصيته انها تنفذ من ماله و من ديته كما أوصى»۱۳۱.

و عنه أيضا قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام رجل أوصى لرجل بوصية من ماله ثلث أو ربع فيقتل الرجل خطأ يعني الموصي، فقال عليه السّلام: يجاز لهذه الوصية من ماله و من ديته»۱۳۲.

و مثله غيره و بعضها وردت في مطلق الدية مثل خبر عبد الحميد قال:

«سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن رجل قتل و عليه دين و أخذ أهل الدية الدية من قاتلهم أ عليهم أن يقضوا الدين؟ قال عليه السّلام: نعم، قلت: و هو لم يترك، قال عليه السّلام: أما إذا أخذوا الدية فعليهم أن يقضوا الدين»۱۳۳، و مثله خبر يحيى الأزرق‏۱۳4، و بعضها الآخر وردت في خصوص العمد كرواية ابن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السّلام: «قلت فإن هو قتل عمدا و صالح أولياؤه قاتله على الدية فعلى من الدين على أوليائه من الدية أو على إمام المسلمين؟ فقال عليه السّلام: بل يؤدوا دينه من ديته التي صالحوا عليها أولياؤه فإنه أحق بديته من غيره»۱۳٥.

و قد تعدوا «قدس أسرارهم» من الدين الوارد في تلك النصوص، قال‏

السيد المحقق اليزدي في الرسالة التي كتبها في منجزات المريض في ختام حاشيته الشريفة على المكاسب «نعم يشكل في العمدية من جهة عدم النص»، و فيه لفظ العمد ورد فيما مر من الأخبار، ثمَّ قال: «إلا انك قد عرفت تعدي الأصحاب و لعله من جهة التعليل في الخبر الأخير من كونه «أحق بديته»، بل يمكن أن يقال أنه بمقتضى القاعدة أيضا حيث أن الدية عوض عن نفس المقتول فهي إما تكون له أولا و لكونه غير قابل للمال أو غير محتاج إليه تدفع إلى وارثه، و يكون التعليل في الخبر شاهدا على ذلك، و من ذلك يظهر التعدي إلى المنجزات و الأقارير أيضا، و لم يذكر في خبر من الأخبار مع إمكان الاستدلال على ذلك بما مر في خبر إسحاق «ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إذا قبلت دية العمد فصارت مالا فهي ميراث كسائر الأموال»۱۳٦، إذ الحكم بكونها ميراثا يقتضي ما ذكرنا من احتسابها من التركة المفروض كون ثلثها للميت، و يؤيد ذلك تسالم الأصحاب على كونها إرثا و أنها يرثها كل مناسب و مسابب و إن كان ممن لا يرث حق القصاص- إلى أن قال- و إن أبيت عن ذلك كله.

فأقول: إن ذلك كله مما يورث الشك في المطلب فنرجع إلى عمومات أدلتها الحاكمة بالنفوذ مطلقا، و من الأصل إذ القدر المسلم من الخارج عنها ما إذا لم يخرج من الثلث حتى مع ملاحظة الدية فإذا خرج من ثلث المجموع منها و من التركة نرجع إلى تلك العمومات- إلى أن قال- و أما دية الجناية عليه بعد الموت كقطع رأسه حيث أن فيه مائة دينار على ما دل عليه جملة من الأخبار، و الجناية على سائر أطرافه بما يوجب الدية أو الأرش على ما ذكروه في باب الديات، فيظهر من تلك الأخبار انها لا تصل إلى الوارث بل هي للميت يحج بها عنه أو يتصدق بها عنه و سيأتي ما ينفع المقام في كتاب القصاص إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة ۹): ما ذكرنا من عدم النفوذ فيما زاد على الثلث في الوصية و في المنجزات على القول به إنما هو إذا لم يجز الورثة و إلا نفذتا بلا إشكال (۲۲۳)، و لو أجاز بعضهم نفذ بمقدار حصته (۲۲٤)، و لو أجازوا بعضا من الزائد عن الثلث نفذ بقدره (۲۲٥).

و لا خلاف فيه لأن المنع إنما هو لمراعاة حقهم و مع إجازتهم يكون المقتضي للصحة موجودا و المانع عنها مفقودا.

لما مر في سابقة من غير فرق.

لوجود المقتضي للصحة في ذلك المقدار و فقد المانع عنها فينفذ لا محالة.

(مسألة ۱۰): لا إشكال في صحة إجازة الوارث بعد موت المورّث، و هل تصح منه في حال حياته بحيث تلزم عليه و لا يجوز له الرد بعد ذلك أم لا؟ قولان أقواهما الأول (۲۲٦)، خصوصا في الوصية (۲۲۷)، و إذا رد في حال الحياة يمكن أن يلحقه الإجازة بعد ذلك على الأقوى (۲۲۸).

للقطع بأن المناط في المنع إنما هو مراعاة حقهم و التوفير عليهم فمع انفاذهم للمنجز و الإقرار و الوصية لا وجه يتصور للبطلان و التعليق على الإجازة، و دعوى: أنه لا حق لهم في المال في زمان الحياة لا وجه له إن أريد به نفي الحق مطلقا حتى اقتضاء.

نعم، هو الصحيح في نفي الحق الفعلي من كل جهة بل لنا أن نقول أن مقتضى العمومات الأولية نفوذ الأقارير و التصرفات حتى المعلّقة على الموت لأن ملكه أبدي لا أن يكون موقتا بالحياة حتى يكون تصرفه تصرفا في مال الغير، و منه يظهر الوجه في عدم صحة النقض لرجوعه إلى نقض الحكم الشرعي و هو لا يصح.

لما تقدم أيضا من ورود النص فيها.

تقدم ذلك في بيع الفضولي عند التعرض لتخلل رد المالك بين عقد الفضولي و الإجازة، و اخترنا هناك عدم مانعية الرد و عدم تأثيره في بطلان الإجازة اللاحقة، و لكن الاحتياط هناك خوفا من دعوى الإجماع من بعض على البطلان و إن ناقشنا في اعتباره، و لم نظفر على من يدعى الإجماع في المقام على البطلان حتى يصلح ذلك الاحتياط.

(مسألة ۱۱): لو تصرف في حال سكرات الموت مع كمال شعوره يصح تصرفاته (۲۲۹). المملوك ممنوع عن التصرف في ماله إلا بإذن من مولاه (۲۳۰).

لأنه خارج عن موضوع مرض الموت و إن لحق بالميت في بعض الأحكام الأخرى على ما يأتي بعضها في كتاب القصاص.

كتابا و سنة و إجماعا فمن الكتاب قوله تعالى‏ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى‏ شَيْ‏ءٍ۱۳۷، و من السنة أخبار كثيرة منها ما عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام: «أنه قال في المملوك ما دام عبدا فإنه و ماله لا يجوز له تحرير و لا كثير عطاء و لا وصية إلا أن يشاء سيده»۱۳۸، و قريب منه غيره، و من الإجماع إجماع الإمامية بل المسلمين و المسألة غير مبنية على أنه يملك ماله أو لا كما هو واضح، و سيأتي في كتاب الطلاق ما ينفع المقام كما تقدم في كتاب القرض ما يتعلق بالمقام.

  1. سورة الفرقان: ۲۲.
  2. سورة الفجر: ٥.
  3. سورة النساء: ٦.
  4. راجع مواهب الرحمن ج: ۷ صفحة: ۲٦۸ طبعة النجف الأشرف.
  5. الوسائل باب: ۱4 من أبواب عقد البيع حديث: ۱.
  6. الوسائل باب: ۱4 من أبواب عقد البيع حديث: ۲.
  7. الوسائل باب: ۱ من أبواب الحجر حديث: ۳.
  8. الوسائل باب: ۳٦ من أبواب القصاص.
  9. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب العاقلة كتاب القصاص.
  10. راجع السنن الكبرى للبيهقي ج: ٦ صفحة: ٥۸ و المغني لابن قدامة ج: 4 صفحة: ٥۱4.
  11. الوسائل باب: ٦ من أبواب عقد النكاح حديث: ۹.
  12. الوسائل باب: ٦٥ من أبواب جهاد العدو.
  13. سورة النساء: ٦.
  14. سورة النور: ٥۹.
  15. الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۱۱.
  16. سنن أبي داود كتاب الأمارة حديث: ۳۰۳۸ صفحة ۱٦۷ ج ۳.
  17. الوسائل باب: ۱ من أبواب الحجر حديث: ۱.
  18. الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۹.
  19. الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۱۰.
  20. الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۲.
  21. الوسائل باب: 4۰ من أبواب الوصايا حديث: 4.
  22. الوسائل باب: 4٥ مقدمات النكاح حديث: ۲.
  23. الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات، ۲، ۳ من الوصايا حديث: ۱۲ و ۱٥ من الوقوف و الصدقات حديث: 4.
  24. سورة النساء: ٦.
  25. الوسائل باب: ۱ من أبواب الحجر حديث: ۱.
  26. الوسائل باب: ۷۸ من أبواب ما يكتسب به.
  27. الوسائل باب: ٦ من أبواب عقد النكاح و أوليائه حديث: ۳.
  28. راجع ج: ۱٦ صفحة: 4۰۸.
  29. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب عقد النكاح و أوليائه.
  30. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب المضاربة.
  31. كنز العمال ج: ٦ ص: ۱۱ حديث: ۹۱ ط- حيدر آباد.
  32. سورة البقرة: ۲۲۰.
  33. الوسائل باب: ۷۳ من أبواب ما يكتسب به حديث: ۱.
  34. الوسائل باب: ۷۳ من أبواب ما يكتسب به حديث: 4.
  35. الوسائل باب: ۷4 من أبواب ما يكتسب به.
  36. مستدرك الوسائل باب: ۳ من أبواب كيفية الحكم حديث: 4.
  37. الوسائل باب: ۲ من أبواب كيفية الحكم حديث: ۱.
  38. راجع الوسائل باب: ۱ و ۲ من أبواب كيفية الحكم.
  39. الوسائل باب: 4٥ و ۳٥ من أبواب الوصايا.
  40. البقرة: ۱۲4.
  41. الوافي باب: 4 من أبواب وجوب الحجة حديث: ۲ جزء: ۲ ص: ۱۸.
  42. البقرة: ۱4۲.
  43. الوسائل باب: ۷ من أبواب الصوم المندوب حديث: ۲٥ و ۲٦.
  44. سورة النساء: ٦.
  45. سورة النساء: ٥.
  46. الوسائل باب: ۱ من أبواب الحجر حديث: ۱.
  47. الوسائل باب: ۲ من أبواب الحجر حديث: ٥.
  48. الوسائل باب: ۱4 من أبواب عقد البيع حديث: ۳.
  49. سورة النساء: ٦.
  50. الوسائل باب: ۱ من أبواب الحجر حديث: ۱.
  51. سورة النساء: ٦.
  52. الوسائل باب: 4٥ من أبواب الوصايا حديث: ۱.
  53. الوسائل باب: 44 من أبواب الوصايا: ۹ و تقدم في ص ۱٥4.
  54. الوسائل باب: ۲ من أبواب الحجر حديث: ٥.
  55. الوسائل باب: ۲۲ من أبواب الشهادات حديث: ۱۸.
  56. الوسائل باب: ۲ من أبواب الحجر حديث: ۱.
  57. الوسائل باب: ۱4 من أبواب عقد البيع حديث: ۳ .
  58. الوسائل باب: ۱4 من أبواب عقد البيع حديث: ۲.
  59. الوسائل باب: ٦ من أبواب الوديعة حديث: ۱.
  60. مستدرك الوسائل باب: ۲ من أبواب الحجر حديث: ۱.
  61. سورة النساء: ٦.
  62. سورة النساء: ٦.
  63. الوسائل باب: ۳ من أبواب الإقرار.
  64. صحيح مسلم باب: ۱٥ من أبواب كتاب البر و الصلة.
  65. تقدم في صفحة: ۳۰.
  66. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب فعل المعروف حديث: ۱.
  67. الوسائل باب: ۷ من أبواب الحجر حديث: ۱.
  68. الوسائل باب: ٦ من أبواب الحجر حديث: ۱.
  69. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب كيفية الحكم ج: ۱۸.
  70. الوسائل باب: ۳ من أبواب الإقرار ۲ ج ۱٦.
  71. الوسائل باب: ۳ من أبواب الإقرار.
  72. راجع صفحة: ۲4.
  73. تقدم في صفحة: ۱۰4.
  74. كنز العمال ج: 4 كتاب التفليس حديث: ۱۳۸٥ ط- حيدر آباد.
  75. الوسائل باب: ٥ من أبواب الحجر حديث: ۲.
  76. الوسائل باب: ٥ من أبواب الحجر حديث: ۱.
  77. الوسائل باب: ٥ من أبواب الحجر حديث: ۳.
  78. الوسائل باب: ۳ من أبواب إحياء الموات.
  79. راجع صفحة: ۱٦۲.
  80. تقدم في صفحة: ۱٦۲.
  81. الوسائل باب: ٥ من أبواب أحكام الحجر حديث: ۳.
  82. كنز العمال ج: ٦ حديث: ۱٦۸۰ صفحة: ۲۲۰ ط- حيدر آباد الهند.
  83. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الدين و القرض.
  84. راجع مسألة ۹ و ۱۰ من الدين صفحة ۱٦.
  85. راجع مسألة ۹ و ۱۰ من الدين صفحة: ۱٦.
  86. سورة النساء: ۲۹.
  87. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوصية حديث: ٥.
  88. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الوصية حديث: ٥.
  89. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الوصية حديث: ۲.
  90. راجع ج: ۱٦ صفحة: ۲۳۱.
  91. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوصايا حديث: ٦.
  92. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوصايا حديث: ۲.
  93. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوصايا حديث: ۷.
  94. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوصايا حديث: ۸.
  95. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوصايا حديث: 4.
  96. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوصايا حديث: ٥.
  97. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الوصايا حديث: ۱۰.
  98. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الوصايا حديث: ۲.
  99. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الوصايا حديث: ۸.
  100. مستدرك الوسائل باب: ۹ من أبواب الوصايا حديث: ۳.
  101. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوصايا حديث: ۱۳.
  102. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الوصايا حديث: ۳.
  103. الوسائل باب: ۳۹ من أبواب الوصايا حديث: ٦.
  104. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الوصايا حديث: 4.
  105. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوصايا حديث: ۱4 ج ۱۳.
  106. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوصايا حديث: ۱۱، ۱٥ ج ۱۳.
  107. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوصايا حديث: ۱۱، ۱٥ ج ۱۳.
  108. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الوصايا حديث: ۱۲.
  109. الوسائل باب: ٥ من أبواب الوصايا حديث: ۱.
  110. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب الوصية.
  111. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الوصية حديث: 4.
  112. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الوصية حديث: ۳ و 4 و ٦.
  113. الوسائل باب: 4۳ من أبواب الوصية حديث: ۱.
  114. راجع الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام الوصايا.
  115. الوسائل باب: ٥۷ و ٥۸ و ٥۹ و ٦۰ من أبواب الوصايا.
  116. الوسائل باب: ۳ من أبواب الإقرار ج: ۱٦.
  117. الوسائل باب: ۳ من أبواب الإقرار حديث: ۱.
  118. الوسائل باب: ٦ من أبواب الإقرار حديث: ۱.
  119. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الوصية حديث: 4.
  120. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الوصية حديث: ٦.
  121. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الوصية حديث: ۱.
  122. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الوصية حديث: ۳.
  123. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الوصية حديث: ۹.
  124. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الوصية حديث: ۱۳.
  125. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الوصية حديث: ۱۲.
  126. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الوصية حديث: ۸.
  127. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الوصية حديث: ٥.
  128. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الوصية حديث: ۲۰.
  129. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الوصية حديث: ۱۰.
  130. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الوصية حديث: ۱4.
  131. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الوصايا حديث: ۳.
  132. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الوصايا حديث: ۱.
  133. الوسائل باب: ۲4 من أبواب الدين حديث: ۱.
  134. الوسائل باب: ۲4 من أبواب الدين حديث: ۲.
  135. الوسائل باب: ٥۹ من أبواب القصاص في النفس حديث: ۲.
  136. الوسائل باب: ۱4 من أبواب موانع الإرث حديث: ۱.
  137. سورة النحل: ۷٥.
  138. الوسائل باب: من أبواب الوصايا حديث: ۱.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"