1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب البيع‏
  10. /
  11. فصل في النقد و النسيئة
(مسألة ۱): من باع شيئا و لم يشترط فيه تأجيل الثمن يكون نقدا و حالا (۱) فللبائع بعد تسليم المبيع مطالبته متى أراد (۲) و ليس له الامتناع عن أخذه متى دفعه المشتري إليه (۳).و إذا اشترط تأجيله يكون نسيئة (٤) و لا يجب على المشتري دفعه قبل الأجل و إن طولب به (٥)، كما انه لا يجب على البائع أخذه إذا دفعه المشتري قبله (٦).

و هما: من المعاملات النظامية العامة لا تختص بمذهب و ملة بل جارية في جميع الملل و الأديان و جميع الأمكنة و الأزمان.

و الشقوق العقلية بالنسبة إلى العوضين أربعة: لأن كلا منهما إما نقد و يسمى بالنقد، أو المبيع نقد و الثمن مؤجل و يسمى بالنسية، أو يكون بالعكس و يسمى بالسلف، أو كل منهما مؤجل و يسمى بيع الدين بالدين. و جميع ذلك من المفاهيم المبينة العرفية فلا يحتاج إلى البيان و شرح اللفظ.

و الكل صحيح إلا الأخير فهو باطل بأقسامه الثلاثة.

الأول‏: بيع الكلي المؤجل بالكلي المؤجل.

الثاني‏: أن يبيع دينا سابقا على العقد قبل حلوله أو بعده بدين كذلك.

الثالث‏: أن يبيع دينا سابقا بكلي مؤجل أو بالعكس و جميع هذه الأقسام باطل للإجماع، و إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا يباع الدين بالدين»۱.

ثمَّ أن بيع الدين بالدين أقسام كثيرة ربما تزيد على أربعين قسما تأتي الإشارة إلى بعضها في كتاب الدين في مسألة بيع الدين بالدين إن شاء اللّه تعالى.

للإجماع، و ما هو المتعارف بين الناس، و لموثق عمار بن موسى عن‏ أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل اشترى من رجل جارية بثمن مسمى ثمَّ افترقا فقال عليه السّلام: وجب البيع و الثمن إذا لم يكونا اشترطا فهو نقد»۲، و إطلاقه كإطلاق الفتاوى يشمل ما إذا قصد التعجيل فيكون ذكر الأجل مانعا عن الحلول لا أن يكون ذكر التعجيل شرطا فيه فيصير الإطلاق ظاهرا في التعجيل كما في النكاح الدائم و المنقطع فإن بذكر المدة فيه يصير منقطعا و إلا فهو دائم كما عن جمع من أنه مطابق للقاعدة لا لأجل النص الخاص الوارد فيه كما عن آخرين.

فيكون بيع المعجل أقسام ثلاثة.

الأول‏: ما أطلق فيه البيع و لم يذكر الأجل.

الثاني‏: ما ذكر فيه الحلول.

الثالث‏: ما أطلق و كانت في البين قرائن دالة على رضا البائع بتأخير أداء الثمن فإنه أيضا حال و يجوز للبائع مطالبة الثمن في أي وقت شاء و أراد، و في القسم الأول و الأخير لو شرط التعجيل يصح و يكون في تخلفه الخيار كما في تخلف كل شرط و معنى اشتراط التعجيل أي الإسراع العرفي للأداء.

لاقتضاء الحلول ذلك عرفا و شرعا، مع ان لكل ذي حق مطالبة حقه بعد ثبوت المقتضى له و فقد المانع عنه كما هو المفروض في المقام بل يجوز له الإجبار بعد مراجعة الحاكم الشرعي.

لأصالة عدم ثبوت حق الامتناع له كما في كل حق حال مع أن في امتناعه عن القبول نحو تسلط على المديون و لا وجه له في ذلك عليه بل قد يكون ضررا و ظلما و هذه قاعدة كلية جارية في جميع الديون الحالة و حينئذ لو تلف عند المشتري لا يكون ضامنا بعد عزله و عرضه على البائع و عدم قبوله له، لأصالة البراءة بعد تحقق الأداء عرفا فلا تشمله قاعدة اليد و يصير المال بعد العزل و العرض و الامتناع عن القبول يصير ملكا للدائن لصدق الأداء حينئذ عرفا و لا يجب على المديون حفظه للأصل.

لإجماع الفقهاء بل العقلاء، و نصوص كثيرة منها ما تقدم من الموثق و تأتي الإشارة إلى بعضها.

لأجل التزامهما بالتأخير فصار ذلك حقا للمشتري على البائع مضافا إلى الإجماع.

لأصالة عدم الوجوب بعد رضائه بالتأخير و الاقدام المعاملي على النسبية، مضافا إلى ظهور الإجماع على عدم الوجوب. هذا إذا جعل التأخير حقا لهما بمعنى: انه لا يطالب البائع إلا بعد انقضاء المدة و لا يدفع المشتري إلا كذلك، و يجوز أن يجعل حقا للمشتري فقط بمعنى: انه يجوز له التأخير إلى المدة المعينة و في أي وقت شاء دفعه فيجب على البائع القبول حينئذ كما يجوز أن يجعل حقا للبائع فقط بمعنى عدم طلبه إلى المدة و لكن لو دفعه المشتري قبله فيصح بالأنحاء الثلاثة و يختلف الحكم باختلاف كيفية الجعل، و المتعارف هو القسم الأول و الإطلاق منزل عليه إلا مع القرينة على الخلاف. ثمَّ انه يجوز النسية بالنسبة إلى تمام الثمن و بالنسبة إلى بعضه مدة واحدة أو نجوما.

(مسألة ۲): لا بد في النسيئة أن تكون المدة معينة مضبوطة لا يتطرق إليها احتمال الزيادة و النقصان (۷) و لا بأس بما يتسامح به عرفا (۸).

لإجماع الفقهاء، و سيرة العقلاء، و عدم دليل على الخلاف.

لابتناء المعاملات على العرفيات و المفروض ان العرف يتسامح فيه‏ و لا يراه مانعا عن شي‏ء فتشمله الإطلاقات و العمومات، فلو جعل المدة آخر الشهر الهلالي مع احتماله للتمام و النقصان لا بأس به و كذا في نظائره.

(مسألة ۳): لو اشترط التأجيل و لم يعين أجلا، أو عين أجلا مجهولا كان البيع باطلا (۹) و لا بد في المدة أن تكون معلومة عند المتعاملين فلا يكفي تعيينه الواقعي بعد جهل المتعاملين به (۱۰)، و لا فرق في المدة بين القصيرة- كساعة أو ساعتين- و الطويلة كمأة سنة مع وجود غرض صحيح في البين (۱۱).

للغرر، و عدم اقدام المتعارف على مثل هذا القسم من المعاملة، و الشك في شمول الإطلاقات و العمومات لمثله يكفي في البطلان، لأن التمسك بها حينئذ من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك فيرجع إلى أصالة عدم النقل و الانتقال بعد عدم صحة التمسك بأصالة الصحة كما هو سيرة الفقهاء في نظائر المقام.

لأن بناء المعاملات عند العرف على إحراز المتعاملين خصوصيات العوضين و ما يتعلق بهما بحسب نظرهما و توافقها عليهما كذلك و التعيين الواقعي مع عدم احرازهما له لا أثر له فقراهم انهم يرون لاحرازهم نحو موضوعية في معاملاتهم و عهودهم.

نعم، لو كانت معلومة في الواقع و مجهولة لديهما و لكن كانت في معرض العلم بهما عرفا بحيث يقدم على ذلك نوع الناس لا بأس به حينئذ.

للإطلاق، و الاتفاق، و خبر أحمد بن محمد قال: «قلت لأبي الحسن عليه السّلام إني أريد الخروج إلى بعض الجبال فقال: ما للناس بد من أن يضطربوا سنتهم هذه فقلت له: جعلت فداك إنا إذا بعناهم بنسية كان أكثر للربح قال عليه السّلام: فبعهم بتأخير سنة قلت بتأخير سنتين؟ قال: نعم قلت بتأخير ثلاث؟

قال عليه السّلام: لا»۳، و في خبر البزنطي‏4، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «أن هذا الجبل قد فتح على الناس منه باب رزق فقال عليه السّلام: إن أردت الخروج فاخرج فإنها سنة مضطربة و ليس للناس بد من معاشهم فلا تدع الطلب فقلت: انهم قوم ملأى و نحن نحتمل التأخير فنبايعهم بتأخير سنة قال بعهم قلت سنتين؟ قال:

بعهم قلت: ثلاث سنين؟ قال عليه السّلام: لا يكون لك شي‏ء أكثر من ثلاث سنين» محمول على الإرشاد إلى التحفظ على المال و عدم تضييعه مهما أمكن و الاستفادة منه في تمام الأحوال و هو أمر مرغوب لدى العقلاء في جميع الأعصار، لا أن يكون المراد بهما الحرمة التعبدية الشرعية.

و أما احتمال انه لا وجه لتطويل المدة لحلول الديون بالموت، فلا وجه له لأن الحلول بالموت حكم تعبدي شرعي يجري في المدة القصيرة و الطويلة فعلى هذا الاحتمال لا بد و ان يمنع عن المدة القصيرة أيضا.

(مسألة ٤): لو باع شيئا بثمن حالا و بأزيد منه إلى أجل بأن قال بعتك نقدا بعشرة و نسية إلى سنة مثلا بخمسة عشر و قال المشتري قبلت هكذا- فالأحوط التراضي بينهما بأقل الثمن (۱۲). و لو باعه إلى أجل‏ و بأزيد منه إلى أجل أخر بطل (۱۳).

البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب القاعدة.

و أخرى: بحسب الأخبار الخاصة. أما الأولى فإن كان البيع بالنسبة إلى الثمن المردد من حيث الترديد فهو محال، لعدم إمكان تعلق القصد بالنسبة إلى المردد من حيث هو، إذ لا ثبوت له بوجه من الوجوه. و إن كان على وجه التخيير في اختيار أي الثمنين شاء فالبيع باطل من جهة جهالة العوض. و إن كان البيع بالأقل و الزيادة في مقابل التأجيل فهو ربا و يكون من الشرط الفاسد فأصل البيع صحيح لما مر من أن الشرط الفاسد غير مفسد هذه أصول الأقسام و حكمها.

و أما الأخبار فهي على قسمين.

الأول‏: قول علي عليه السّلام في خبر محمد بن قيس: «من ساوم بثمنين أحدهما عاجلا و الآخر نظرة فليسم أحدهما قبل الصفقة»٥، و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «لا يحل صفقتان في واحدة»٦، و في خبر آخر ذلك بأن يقول: «إن كان بالنقد فبكذا و إن كان بالنسبة فبكذا»۷، و قد عمل بهما جمع مع قصور سندهما.

الثاني‏: خبر ابن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام من باع سلعة فقال إن ثمنها كذا و كذا يدا بيد و ثمنها كذا و كذا نظرة فخذها بأي ثمن شئت و جعل صفقتهما واحدة فليس له إلا أقلهما و إن كانت نظرة»۸، و عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليه السّلام: «ان عليا عليه السّلام قضى في رجل باع بيعا و اشترط شرطين بالنقد كذا، و بالنسية كذا، فأخذ المتاع على ذلك الشرط فقال هو بأقل الثمنين و أبعد الأجلين فيقول: ليس له إلا أقل النقدين إلى الأجل الذي أجله بنسيئة»۹، و هما معتبران و مشهوران بين الأصحاب لأنهم بين عامل بهما أو حامل لهما على بعض المحامل فلا محذور في العمل بهما فيكون تحديدا شرعيا في مثل هذا القسم من المعاملة كما هو عادته في جملة من الموارد فيحمل الخبران الأولان على الكراهة كما هو عادة الفقهاء في الجمع بين مثل هذه الأخبار.

و أما ما عن الشيخ رحمه اللّه من أن الخبرين مخالفان لأدلة اعتبار التراضي في البيع، و ما عن بعض مشايخنا من استلزامها لوقوع غير المقصود لعدم القصد إلى البيع بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين.

مخدوش: بأنه عرض عليه هذا النحو من البيع و تحقق منهما التراضي بالنسبة إلى هذا القسم من المعاملة عرفا كما تحقق منهما القصد إليها في الجملة لكل واحد من الثمنين فيصير البيع مطابقا للقاعدة لأن كون مقصود المتعاملين المردد من حيث الترديد باطل قطعا لأنه من مجرد الاحتمال العقلي و انما نظرهما إلى التخيير و هو يوجب الجهالة لو لم يكن معين في البين و المفروض ان الشارع عينه بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين.

للجهالة، و لأنه مستلزم للربا، و يمكن الإشكال في الأول بعدم كون هذا النحو من الجهالة التي تؤل إلى العلم مانعا كما يمكن أن يشكل في الثاني بأنه من الشرط الفاسد و قد مر عدم كونه مفسدا، و لا يجري ما تقدم من الخبرين الدالين على الصحة بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين في المقام، لاختلاف الموضوع فيكون من القياس الباطل، و الحق ان هذه المسائل غير منقحة في كلماتهم مع فقدان النصوص فيها.

(مسألة ٥): إذا كان التأجيل حقا للمديون مشتريا كان أو غيره- فأسقطه باختياره يجوز لصاحب الدين مطالبة الدين (۱٤).

لوجود المقتضى لجواز المطالبة و فقد المانع عنه بعد كون الأصل في كل حق أن يكون قابلا للإسقاط إلا مع الدليل على الخلاف و هو مفقود في المقام.

نعم، لو كان التأجيل حكما شرعيا أو حقا للدائن أو مشتركا بينه و بين المديون لا يسقط بإسقاط المديون حينئذ و لكن كل ذلك خلاف الفرض.

(مسألة ٦): لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأزيد منه بأن يزيد في ثمنه الذي استحقه البائع مقدارا ليؤجله إلى أجل خاص، و كذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل ليزيد في الأجل سواء وقع ذلك بنحو البيع أو الصلح أو الجعالة أو غيرها (۱٥)، و يجوز ذلك بوجهين. الأول: أن يهدي إلى الدائن هدية مثلا و الدائن زاد في المدة تقربا إلى اللّه و إحسانا إليه فقط، و كذا لو كان ذلك بنحو الجعالة أو الصلح بشرط أن لا يجعل متعلقها نفس الزيادة في المدة بل حصلا بالنسبة إلى شي‏ء آخر و حصلت الزيادة بداع آخر من صلة رحم أو إحسان محض أو نحو ذلك (۱٦). الثاني: أن يجعل الزيادة المبذولة في عوض معاملة أخرى من ثمن مبيع أو اجرة أو عوض صلح معاوضي مع اشتراط التأخير في الدين الحال إلى أجل خاص من غير أن يجعل ذلك في مقابل بذل الزيادة (۱۷). و يجوز عكس ذلك و هو تعجيل المؤجل من الحقوق المالية المؤجلة بنقصان منها بنحو الصلح أو الإبراء أو نحوهما (۱۸).

لأن كل ذلك من الربا المحرم بالأدلة الثلاثة كما يأتي تفصيله في محله إن شاء اللّه تعالى بل مورد نزول آية الربا۱۰، كان هذا القسم من الزيادة كما فصل في تفاسير الخاصة و العامة، و يدل عليه صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام‏۱۱، كما يأتي أيضا.

لأصالة الإباحة و البراءة، إطلاق أدلة الصلح و الجعالة، و عدم ربط لبذل المال بزيادة المدة بل حصل كل منهما مستقلا في حد نفسه مع عدم اشتراط من أحدهما على الآخر في البين، و الربا إنما يأتي من ناحية الشرط و مجرد كون بذل المال في الواقع منشأ لحصول الزيادة في المدة لا يضر بعد عدم ذكر لفظي لذلك ظاهرا و الدواعي و الأغراض الواقعية لا تصير قيدا في العقود الإنشائية ما لم يكن تقييد لفظي في الظاهر.

للنصوص، و الإجماع منها خبر ابن عمار قال: «قلت للرضا عليه السّلام:

الرجل يكون له المال فيدخل على صاحبه يبيعه لؤلؤة تسوى مائة درهم بألف درهم و يؤخر عنه المال إلى وقت قال: لا بأس به قد أمرني أبي ففعلت ذلك»۱۲، و منها خبره الآخر قال: «قلت لأبي الحسن عليه السّلام يكون لي على الرجل دراهم فيقول أخّرني بها و أنا أربحك فأبيعه جبة تقوّم علىّ بألف درهم بعشرة آلاف‏ درهم- أو قال بعشرين ألفا- و أؤخره بالمال قال عليه السّلام: لا بأس»۱۳، إلى غير ذلك من الأخبار الصريحة في الجواز و الظاهرة في عدم الجواز مع جعل الزيادة في مقابل التأخير و لا يقدح في ذلك كونه نحو حيلة من التخلص من الربا بعد اذن الشارع له في هذه النصوص و عمل الأصحاب بها و هذه كلها من عنايات الشارع و تسهيلاته لأمته و نعمت الحيلة ما يفر بها من الباطل إلى الحق.

للأصل، و الإجماع، و النصوص منها صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «في الرجل يكون عليه دين إلى أجل مسمى فيأتيه غريمه فيقول:

انقدني من الذي كذا و كذا واضع لك بقيته أو يقول انقدني بعضا و أمد لك في الأجل فيما بقي فقال: لا أرى به بأسا ما لم يزد على رأس ماله شيئا يقول اللّه عز و جل‏ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَ لا تُظْلَمُونَ‏۱4، و قريب منه غيره.

(مسألة ۷): لو باع شيئا نسيئة يجوز شراؤه منه قبل حلول الأجل و بعده بجنس الثمن أو بغيره سواء كان مساويا للثمن الأول أو أزيد منه أو أقل، و سواء كان البيع الثاني حالا أو مؤجلا (۱۹)، و ربما يحتال بذلك‏ للتخلص من الربا ببيع من عنده الدراهم شيئا على من يحتاج إليها بثمن إلى أجل ثمَّ يشتري منه ذلك الشي‏ء حالا بأقل من ذلك الثمن فيعطيه الثمن الأقل و يبقى على ذمته الثمن الأول (۲۰) و انما يجوز ذلك كله إذا لم‏ يشترط في البيع الأول، فلو اشترط البائع في بيعه على المشتري أن يبيعه بعد شرائه أو شرط المشتري على البائع أن يشتريه منه لم يصح على الأحوط (۲۱).

للأصل، و الإطلاقات كتابا و سنة، و إطلاق جملة من الأخبار الخاصة كصحيح ابن يسار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يبيع المتاع بنساء فيشتريه من صاحبه الذي يبيعه منه قال عليه السّلام: نعم لا بأس به فقلت له: اشترى متاعي فقال: ليس هو متاعك و لا بقرك و لا غنمك»۱٥، و صحيح ابن حازم قال:

«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل كان له على رجل دراهم من ثمن غنم اشتراها منه فأتى الطالب المطلوب يتقاضاه فقال له المطلوب: أبيعك هذا الغنم بدراهمك التي ذلك عندي فرضي قال عليه السّلام: لا بأس بذلك»۱٦.

و أما خبر ابن الحجاج قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن رجل بعته طعاما بتأخير إلى أجل مسمى فلما حل الأجل أخذته بدراهمي فقال: ليس عندي دراهم و لكن عندي طعام فاشتره مني قال عليه السّلام: لا تشتره منه فإنه لا خير فيه»۱۷، و كذا خبر عبد الصمد بن بشير قال: «سأله محمد بن القاسم الحناط فقال أصلحك اللّه أبيع الطعام من الرجل: إلى أجل فأجي‏ء و قد تغير الطعام من سعره فيقول: ليس عندي دراهم قال: خذ منه بسعر يومه قال: افهم أصلحك اللّه انه طعامي الذي اشتراه مني قال عليه السّلام: تأخذ منه حتى يبيعه و يعطيك قال: أرغم اللّه أنفى رخص لي فرددت عليه فشدد عليّ»۱۸، فلا بد من حملهما على الكراهة، فما نسب إلى الشيخ رحمه اللّه في النهاية من منعه من البيع بعد حلول الأجل بنقصان من الثمن، و نسب إليه رحمه اللّه أيضا من منعه في خصوص الطعام بأنه بعد الحلول لا يجوز للبائع أخذ الطعام بدلا من الثمن إلا بما يساومه بلا زيادة. لا دليل على كل واحد منهما يصح الاعتماد عليه.

و لا ريب في جواز هذه الحيلة، للأصل و إطلاقات أدلة البيع و التجارة، و إطلاق بعض ما تقدم من الأخبار.

نسب ذلك إلى المشهور، و استدل عليه.

تارة: بأنه مستلزم للدور لتوقف البيع الأول على البيع الثاني توقف المشروط على شرطه و توقف البيع الثاني على البيع الأول، لأنه متوقف على الملك و الملك متوقف على البيع الأول فيكون البيع الثاني متوقفا عليه و هذا هو الدور.

و أخرى: بأنه غير مقدور حين البيع الأول، مع أن هذا النحو من الشرط لغو.

و ثالثة: بخبر ابن منذور قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام يجيئني الرجل فيطلب العينة فاشترى له المتاع مرابحة ثمَّ أبيعه إياه ثمَّ أشتريه منه مكاني قال عليه السّلام: إذا كان بالخيار إن شاء باع و إن شاء لم يبع، و كنت أنت بالخيار ان شئت اشتريت و ان شئت لم تشتر فلا بأس، فقلت: إن أهل المسجد يزعمون أن هذا فاسد، و يقولون: ان جاء به بعد أشهر صلح قال عليه السّلام: انما هذا تقديم و تأخير فلا بأس»۱۹، و خبر ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل باع ثوبا بعشرة دراهم، ثمَّ اشتراه بخمسة دراهم أ يحل؟ قال عليه السّلام: إذا لم يشترط و رضيا فلا بأس»۲۰، هذه أدلتهم.

و الكل مخدوش. أما الأول: فلأن الشرط في المقام ليس ما يلزم من عدمه العدم حتى يثبت التوقف الدوري بل بمعنى الإلزام و الالتزام المعاملي فلا توقف من هذه الجهة في البين.

و أما الثاني: فلفرض تحقق الغرض الصحيح في البين و المعتبر من القدرة حين العمل لا حين إنشاء البيع الأول و هو قادر حينئذ.

و أما الأخير: فلا ربط له بالمقام فإن المراد منه عدم إيجاب البيع للمشتري الثاني قبل تحقق البيع و تماميته من البائع الأول فتكون خلاصة مفاده انه إن كان بنحو المقاولة فلا بأس و ان كان بنحو البيع التام الحقيقي فلا موضوع لصحته.

لعدم ملك العين.

نعم، يصح بناء على الفضولي، فمقتضى الإطلاقات و العمومات و إطلاق دليل «المؤمنون عند شروطهم»۲۱ الصحة في هذه الصورة أيضا، و لكن الأحوط ما هو المشهور من البطلان.

(مسألة ۸): يجوز بيع الثمن الذي يكون نسيئة بأقل منه أو أكثر إلى نفس المشتري أو إلى غيره (۲۲).

للأصل، و الإطلاقات، و العمومات و لا يلزم الربا المعاملي لفرض عدم كون العوضين من المكيل أو الموزون بل من النقود الورقية المعدودة، و لا الربا القرضي، لفرض أن العنوان هو البيع دون القرض.

  1. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الدين و القرض.
  2. الوسائل باب: ۱ من أبواب أحكام العقود حديث: ۲.
  3. الوسائل باب: ۱ من أحكام العقود.
  4. الوسائل باب: ۱ من أحكام العقود.
  5. الوسائل باب: ۲ من أبواب أحكام العقود حديث: ۱.
  6. مستدرك الوسائل باب: ۲ من أبواب أحكام العقود حديث: ۲.
  7. مستدرك الوسائل باب: ۲ من أبواب أحكام العقود حديث: ۱.
  8. الوسائل باب: ۲ من أبواب أحكام العقود حديث: ۱.
  9. الوسائل باب: ۲ من أبواب أحكام العقود حديث: ۲.
  10. سورة البقرة: ۲۷٥ و راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 4 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
  11. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب الدين و القرض.
  12. الوسائل باب: ۹ من أبواب أحكام العقود حديث: ٦.
  13. الوسائل باب: ۹ من أبواب أحكام العقود حديث: 4.
  14. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب الدين و القرض.
  15. الوسائل باب: ٥ من أبواب أحكام العقود: ۳.
  16. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب السلف: ۳.
  17. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب السلف: ٥.
  18. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب السلف: ٥.
  19. الوسائل باب: ٥ من أبواب أحكام العقود حديث: 4.
  20. الوسائل باب: ٥ من أبواب أحكام العقود حديث: ٦.
  21. تقدم في صفحة: ۲۳۹.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"