1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب البيع‏
  10. /
  11. فصل في الربا
و هو حرام (۱)، و من الكبائر العظام (۲).

بالكتاب المبين، قال اللّه تعالى‏ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا۱، و قال تعالى‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً۲.

و بنصوص متواترة تأتي الإشارة إليها، و بإجماع المسلمين بل الضرورة من الدين.

لذكره بالخصوص في ما ورد من النصوص في تعداد الكبائر، ففي صحيح ابن محبوب: «كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليه السّلام يسأله عن الكبائر كم هي؟ و ما هي؟ فكتب عليه السّلام: الكبائر من اجتنب ما وعد اللّه عليه كفر عنه سيئاته إذا كان مؤمنا، و السبع الموجبات: قتل النفس الحرام، و عقوق الوالدين، و أكل الربا- الحديث-»۳، و نحوه صحيح عبيد بن زرارة4، و صحيح محمد بن‏ مسلم‏٥، و خبر مسعدة بن صدقة٦ و غيرها من الأخبار. و قد ورد فيه إنه أشدّ عند اللّه من عشرين زنية۷، بل ثلاثين‏۸، بل سبعين‏۹، كلها بذات محرم في بيت اللّه الحرام. و يمكن حمل اختلاف الأخبار على اختلاف الحالات و الأشخاص و الأوقات و الكيفيات.

(مسألة ۱): كما يحرم أخذ الربا يحرم دفعه و كتابته، و الشهادة عليه (۳). و لا فرق في الحرمة و الفساد بين حالة الاختيار و الاضطرار (٤). نعم، لو وصلت الضرورة إلى حدّ جواز أكل مال الغير صح الأكل مع التضمين (٥).

ففي صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام: آكل الربا، و موكله و كاتبه و شاهداه فيه سواء۱۰، و في خبر الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليه السّلام في مناهي النبي صلّى اللّه عليه و آله: «إنه نهى عن أكل الربا، و شهادة الزور، و كتابة الربا، و قال صلّى اللّه عليه و آله: إن اللّه لعن آكل الربا، و موكله و كاتبه و شاهديه»۱۱. و عن علي عليه السّلام: «لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الربا خمسة: آكله، و موكله، و شاهديه، و كاتبه»۱۲.

للإطلاقات الآبية عن التقييد، و إن مال الغير لا يحل بالضرورة و الاضطرار، و إن الاضطرار لا أثر له في الأحكام الوضعية و قد يجعل ذلك من القواعد المعتبرة.

لشمول قوله عليه السّلام: «ما من شي‏ء حرّمه اللّه إلا و قد أحله لمن اضطر إليه»۱۳. و لكن هذا الاضطرار لا يوجب الإباحة بلا عوض، فيباح مع التضمين‏ و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات فراجع و تأمل.

(مسألة ۲): الربا قسمان: إما معاملي، أو قرضي (٦). و الأول هو بيع أحد المثلين بالآخر مع الزيادة العينية (۷). كبيع كيلو من الحنطة بكيلوين‏ منها، أو كيلو منها بكيلو مع زيادة درهم (۸). أو حكمية كبيع كيلو من الحنطة نقدا بكيلو منها نسيئة (۹). و لو باع كيلو و نصف من الحنطة مثلا بكيلو منها نسيئة فهل يرتفع الربا بوقوع نصف كيلو في مقابل الأجل و يصير حينئذ مثلا بمثل؟ وجهان (۱۰).

هذا الحصر استقرائي مطابق للأصل و الإجماع، و ظواهر الأدلة التي يأتي التعرض لها إن شاء اللّه تعالى.

البحث فيه من جهات.

الجهة الأولى‏: في أصل الحرمة، و يدل عليها الإجماع، و النصوص المستفيضة بل المتواترة منطوقا و مفهوما منها صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «الفضة بالفضة مثلا بمثل، و الذهب بالذهب مثلا بمثل ليس فيه زيادة و لا نقصان، الزائد و المستزيد في النار»۱4، و منها صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «كل شي‏ء يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل إذا كان من جنس واحد»۱٥، و مفهوم قوله عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «إذا اختلف الشيئان فلا بأس به مثلين بمثل يدا بيد»۱٦، إلى غير ذلك من الأخبار التي يأتي التعرض لها إن شاء اللّه تعالى.

الجهة الثانية: هل الزيادة تختص بالعينية فقط، أو تشتمل مطلقها- و لو كانت منفعة أو انتفاعا. و كل ما فيه غرض عقلائي- كاشتراط الصلاة في أول الزوال و مراعاة النظافة في البدن و اللباس في تمام الأحوال إلى غير ذلك من اشتراط الأغراض؟ و الكلام فيه.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى: بحسب الأخبار.

و ثالثة: بحسب الكلمات.

أما الأولى: فالمسألة من صغريات الشك في أصل التكليف، فالربا بالنسبة إلى الزيادة العينية و ما فيه المالية مسلم و بالنسبة إلى غيرها مشكوك فيه فيرجع فيها إلى البراءة في الحكم التكليفي و الوضعي و حينئذ يكون المرجع هو إطلاقات أدلة البيع من الكتاب و السنة بعد الشك في أصل شمول أدلة الربا لغير الزيادة العينية و ما فيه مالية، فمقتضى الأصل اللفظي و العملي عدم الحرمة.

و أما الثانية: فقد ادعى أن المنساق من الأخبار إنه يعتبر في صحة المعاملة مع اتحاد الجنس المثلية، و الزيادة مطلقا يخرجها عن المثلية.

و فيه: إنه أصل الدعوى و عين المدعى، بل لنا أن نقول إن المنساق منها الزيادة العينية دون مطلقها، فان المنساق من قولهم عليه السّلام: «الزائد و المستزيد في النار» الزيادة العينية و غيرها يحتاج إلى إعمال العناية، و على فرض الشمول للزيادة الحكمية، فالمتيقن منها ما كانت لها مالية عرفية لا ما ليس لها مالية أبدا بل ليس فيه إلا الغرض العقلائي. و أما خبر ابن الحجاج- الوارد في الربا القرضي التي هي أضيق دائرة من الربا المعاملي- «سألته عن الرجل كانت لي مائة درهم عددا قضانيها مائة وزنا. قال عليه السّلام: لا بأس ما لم يشترط، و قال عليه السّلام: جاء الربا من قبل الشروط إنما يفسده الشروط»۱۷.

ففيه. أولا: إنه في الربا القرضي دون المعاملي.

و ثانيا: المتبادر من الشرط ما كانت فيه مالية متعارفة كالأعيان و المنافع دون ما لم يكن كذلك و إن كان فيه غرض عقلائي.

و أما الأخير فادعى الاتفاق على أن اشتراط مطلق الزيادة من الربا المعاملي.

و فيه. أولا: إن المتيقن منه على فرض ثبوته الزيادة المالية.

و ثانيا: عدم ثبوته لمخالفة الأردبيلي و ابن إدريس و المحقق الثاني، مع‏ معلومية مدرك مثل هذه الإجماعات، كما لا يخفى على أهله. و لكن الاحتياط طريق النجاة في التحرز عن كل ما فيه غرض صحيح عقلائي.

الجهة الثالثة: الوجوه المحتملة في بطلان المعاملة الربوية ثلاثة.

الأول‏: البطلان مطلقا حتى بالنسبة إلى ما عدى الزيادة.

الثاني‏: الصحة بالنسبة إلى ما عدى الزيادة مطلقا، سواء كانت الزيادة بعنوان الجزء أو الشرط.

الثالث‏: البطلان مطلقا إذا كانت بعنوان الجزئية و الصحة إذا كانت بعنوان الشرط في ما عدى الزيادة، و قال بكل ذلك قائل. و البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الإطلاقات و العمومات.

و ثالثة: بحسب الأدلة الخاصة.

و رابعة: بحسب الكلمات.

أما الأولى: فمقتضى إطلاقات الكتاب و السنة و عموماتها الصحة مطلقا إلا في خصوص الزيادة، و لا يصح التمسك للبطلان المطلق بإطلاق أدلة الربا، لما ثبت في محله من أن المخصص إذا كان منفصلا و مرددا بين الأقل و الأكثر لا يسري إجماله إلى العام بل يجوز التمسك به بلا كلام. و كذا مقتضى الأصل العملي البراءة العقلية و النقلية عن الحرمة بالنسبة إلى غير الزيادة.

و أما الأدلة الخاصة فاستدل على بطلان أصل المعاوضة مطلقا بوجوه.

الأول‏: إن الربا إنما هو البيع المشتمل على الربا فيتوجه النهي إلى نفس البيع مطلقا.

الثاني‏: الزيادة غير متميزة في المجموع فلا بد من البطلان في الجميع.

الثالث‏: الزيادة جزءا أو شرطا توجب خروج العوضين عن المماثلة فيبطل أصل البيع لفقد الشرط.

الرابع‏: النهي و إن كان عن الزيادة إلا أنه يسري إلى أصل المعاملة عرفا.

الخامس‏: إذا كان البائع و الشاهد ملعونين فيبطل أصل البيع بالفحوى.

و كل هذه الوجوه مخدوشة: أما الأول: فليس عليه دليل معتبر من عقل أو نقل أو إجماع، و إنما نسب ذلك إلى المسالك و مجمع البيان و ذلك اجتهاد منهما لا ينفع لغيرهما.

و أما الثاني: ففيه. أولا: انه منقوض بما إذا كانت متميزة.

و ثانيا: إنه يجري على المبيع حينئذ حكم البيع المشترك مع ملك الغير فيصح في المثل و تستخرج الزيادة الباطلة باختيارهما أو بالقرعة.

و أما الثالث: فالبيع منحل بالنسبة إلى المماثل و غيره، كما إذا باع مال نفسه مع مال غيره فيصح بالنسبة إلى مقدار المثل و يبطل بالنسبة إلى الزيادة، كما في جميع البيوع الواقعة على ما يجوز و ما لا يجوز.

و أما الرابع: فهو عين المدعى و أصل الدعوى فقد ذكر بعنوان الدليل.

و أما الأخير: فاللعن عليهما إنما هو باعتبار الزيادة لا أصل البيع من حيث هو، فكل ما يقال في بيع ما يملك و ما لا يملك نقول به في المقام أيضا.

و أما الجهة الرابعة:- و هي البحث بحسب كلمات الفقهاء- فليس في البين إجماع على أحد الأقوال و ان نسب في الجواهر بطلان أصل البيع إلى ظاهر الأصحاب، و هذه النسبة مع ان المسألة ثلاثة الأقوال متهافتة مع عدم كون المسألة معنونة بالتفصيل في كتب القدماء قدس سره مع انه يمكن أن يستفاد من قوله تعالى‏ وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ‏۱۸، توسعة الأمر في المعاملات الربوية في الجملة، فالجزم ببطلان أصل المعاملة مشكل جدا و إن كان موافقا للاحتياط.

الجهة الرابعة: هل تختص حرمة الربا المعاملي بخصوص البيع فقط، أو تعمّ جميع المعاوضات مطلقا؟ نسب إلى المشهور الأخير و لكن مقتضى‏ أصالتي البراءة و الصحة، و إطلاقات أدلة تلك المعاوضات هو الأول. و استدل للأخير بأمور.

منها: القطع بوجود المناط في سائر المعاوضات أيضا.

و منها: جريان حكمة الربا المنصوصة في النصوص‏۱۹، و هي تعطيل المعاش و زوال اصطناع المعروف.

و منها: إطلاقات أدلة الحرمة من الكتاب و السنة، كقوله تعالى‏ وَ حَرَّمَ الرِّبا۲۰، و قول الصادق عليه السّلام: «الحنطة و الشعير رأسا برأس لا يزاد واحد منهما على الآخر»۲۱، و قوله عليه السّلام: «الفضة بالفضة مثلا بمثل ليس فيها زيادة و لا نقصان الزائد و المستزيد في النار»۲۲، و عنه عليه السّلام: «كان علي عليه السّلام يكره أن يستبدل وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر، و لم يكن علي عليه السّلام يكره الحلال»۲۳ إلى غير ذلك من الأخبار.

و الكل مردود. أما الأول: فعهدة إثباته على مدعيه و لا يقدر على إثباته إلا من أحاط بالوحي و لو ببعض مراتبه.

و أما الثاني: فلا ريب في عدم جريانها لندرة غير البيع من سائر المعاوضات بين الناس و يدور معاشهم على البيع و القرض فحرّم الشارع الربا فيهما لتلك الحكمة، مضافا إلى ما ثبت من أن الحكمة لا كلية فيها لأنها حكمة أصل الجعل لا أن تكون علة المجعول.

و أما الثالث: فانصرافها بل ظهورها في البيع للقرائن الداخلية و الخارجية مما لا ينكر لاشتمال جملة من النصوص على البيع، مع إن إطلاقات المثل‏ و المثلين و الزيادة و المستزيد إنما هي لبيان شرط الربا لا لبيان موضوعه و الشك في ذلك يكفي في عدم صحة التمسك بمثل تلك الإطلاقات.

و أما الرابع: فمحكومة بالإطلاقات الدالة على تلك المعاوضات إطلاقا لفظيا و حاليا.

و أما الأخير: فلما ثبت في محله من أن المرجع في الشك في الشرطية و المانعية إنما هو البراءة العقلية و النقلية في العبادات و المعاملات مطلقا، فما نسب إلى جمع منهم الفاضل و الحلي و جمع من مشايخنا اختصاص حرمة الربا بخصوص البيع هو المتجة و طريق الاحتياط معلوم.

الجهة الخامسة: لا ربا في الإبراء بشرط الإبراء و لا في زمان الدين مع عدم الشرط، و لا في الغرامات، و لا في القسمة. أما بناء على اختصاصه بالبيع فلعدم كون ذلك كله بيعا. و أما بناء على تعميمه لمطلق المعاوضة فلعدم كونها معاوضة عرفا، بل هي عناوين خاصة في مقابل المعاوضات المخصوصة، و المناط هو ما كانت من إحدى المعاوضات المعهودة المتعارفة لا ما أمكن إرجاعه إلى المعاوضة و لو بالعناية.

و أما صحيح الحلبي: «عن الرجل يشتري الحنطة فلا يجد صاحبها إلا شعيرا، أ يصلح له أن يأخذ اثنين بواحد؟ قال عليه السّلام: إنما أصلهما واحد»۲4، و صحيح هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، «سئل عن الرجل يبيع الرجل الطعام الأكرار فلا يكون عنده ما يتم له ما باعه فيقول له: خذ مني مكان كل قفيز حنطة قفيزين من شعير حتى تستوفي ما نقص من الكيل قال عليه السّلام: لا يصلح»۲٥.

فالمنساق منهما إنما هو المبادلة لا الوفاء المحض. و من ذلك يظهر وجه عدم جريانه في الهبة و العطية و الهدية و نحوهما و لو كانت الهبة بداعي هبة الزائد في الطرف، لعدم صدق المعاوضة عليها.

نعم، لو كان الموهوب في مقابل المال لصدقت المعاوضة حينئذ، هذا و لكن الأحوط الاجتناب عن شرط الزيادة في ذلك كله مطلقا.

الجهة السادسة: الزيادة في أحد المتجانسين.

تارة: تكون معلومة و مشترطة.

و أخرى: تكون غير معلومة و غير مشترطة في العقد أصلا و إنما وقع العقد على المثلين فقط.

و ثالثة: تقع المعاوضة على المثل بالمثل من دون شرط الزيادة أصلا، و لكن كانت الزيادة متحققة في الواقع.

ورابعة: تقع الزيادة في مقابل شي‏ء خارج عن حقيقة المعاوضة، كما إذا باعه منّا من الحنطة بمنين منها مع جعل المنّ الزائد في مقابل قراءة القرآن مثلا.

و خامسة: بجعل الزيادة في مقابل صفة أحد العوضين، كما إذا باعه منا من الحنطة الجيدة بمنّ من الرديئة مع جعل المنّ الزائد في مقابل الجودة.

و سادسة: تقع الزيادة هبة مستقلة غير معوضة في ضمن المعاوضة، كما إذا باعه منا من الحنطة بمنّ بشرط أن يهبه منا آخر من الحنطة هبة مستأنفة مشتقلة. و لا إشكال في كون القسم الأول، و الخامس، و الأخير من الربا. للإجماع و ظواهر الأدلة. و أما بقية الأقسام فاستدل على تحقق الربا فيها بالإجماع، و إطلاق أدلة حرمة الربا. و إطلاق ما دل اعتبار المثلية، و أن «الزائد و المستزيد في النار».

و الكل مخدوش. أما الإجماع فلمخالفة جمع منهم المحقق الأردبيلي، و أما بقية الأدلة فلظهورها في الزيادة العينية أو انصرافها إليها، فيكون التمسك بها في غيرها من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه فيرجع فيها إلى أصالة الحلية، فالجزم بكونها من الربا مشكل بل ممنوع و ان كان الاحتياط حسن على كل حال.

الجهة السابعة: إذا كان جاهلا بالربا حكما أو موضوعا فارتكبها مدة طويلة أو قصيرة ثمَّ علم بذلك لا شي‏ء عليه، لإطلاق الكتاب و السنة المستفيضة. قال تعالى‏ فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى‏ فَلَهُ ما سَلَفَ‏۲٦، و قد فسره أبو جعفر عليه السّلام في صحيح ابن مسلم «دخل رجل على أبي جعفر عليه السّلام من أهل خراسان قد عمل الربا حتى كثر ماله، ثمَّ انه سأل الفقهاء فقالوا: ليس يقبل منك شي‏ء الا أن ترده إلى أصحابه، فجاء إلى أبي جعفر عليه السّلام فقص عليه قصته، فقال له أبو جعفر عليه السّلام مخرجك من كتاب اللّه‏ فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى‏ فَلَهُ ما سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ‏ و الموعظة التوبة»۲۷، و في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «كل ربا أكله الناس بجهالة ثمَّ تابوا فإنه يقبل منهم إذا عرف منهم التوبة- الحديث-»۲۸، و في صحيحه الآخر عنه عليه السّلام أيضا قال عليه السّلام: «فان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد وضع ما مضى من الربا و حرّم ما بقي، فمن جهل وسع له جهله حتى يعرفه فإذا عرف تحريمه حرّم عليه و وجب عليه فيه العقوبة إذا ركبه كما يجب على من يأكل الربا»۲۹، إلى غير ذلك من الأخبار الظاهرة في الصحة في حال الجهل، و إن المالك الحقيقي قد أمضى هذه المعاملة، كما صحح العبادة الواقعة في المغصوب مع الجهل، و اختصاص بعض الأحكام بالعالمين به لا محذور فيه من عقل أو شرع و هو واقع كثيرا في الشريعة فليكن المقام منه.

و نوقش في هذه الأخبار.

تارة: بأن المراد منها نفي العقاب.

و أخرى: بأنها مخالفة لما ورد من التشديد في الربا.

و ثالثة: توجب تجرّي الناس على الربا.

و رابعة: بأنها مضطربة المتن.

و خامسة: بمعارضتها بما ورد في صحيح الحلبي الآنف الذكر، و خبر أبي الربيع الشامي‏۳۰، من ردّ ما عدى رأس المال إن كان معزولا إلى غير ذلك مما ذكره في الجواهر.

و جميع ذلك مردود: أما الأولى: فلأنه خلاف ظاهرها عرفا.

و أما الثانية: فلأن التشديد في ما إذا لم يكن ترخيص في البين و هو ينفي موضوع التشديد كما بين الوالد و الولد.

و أما الثالثة: فلأن تقييد الحلية بما إذا وقع في ظرف الجهل لا يوجب التجري.

و أما الرابعة: فلأنه لا اضطراب فيها كما لا يخفى على من نظر فيها بعين التأمل.

و أما الأخير: فلأنهما محمولان على الندب و هو جمع شائع في الفقه. فلا وجه للقول بأنه مع وجود العين يجب الرد و مع التلف لا بأس به، كما لا وجه للقول بأنه لا فرق في الحرمة بين العالم و الجاهل مطلقا، لأن ذلك كله طرح للأخبار المعتبرة و تضييق على الأمة في ما وسّعه اللّه تعالى عليهم. و لا وجه لحمل الآية و الأخبار على أول الإسلام أو على صورة عدم العلم بوجود الربا، لأن كل ذلك مخالف لظاهرها و إطلاقها، و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين أقسام الجاهل، و لا بين وجود المال و عدمه، و لا بين كون الطرف الآخر عالما أولا، و لا بين الاختلاط و عدمه، و لكن الأحوط الاجتناب مطلقا و الرد إلى المالك مع الإمكان و مع العدم يجري عليه حكم مجهول المالك.

لإطلاق الأدلة، و اتفاق الأجلة.

قد تقدم ما يتعلق به في الجهة الثانية، فراجع.

يقوي الصحة مع انحلال العقد إلى عقدين عرفا، و مع الشك فالمرجع الأصل و إطلاق أدلة البيع. و مع ذلك الأحوط الاجتناب مطلقا.

(مسألة ۳): لا يجري الربا في سائر المعاوضات و ان كان الأحوط الاجتناب فيها أيضا (۱۱).

تقدم ما يتعلق به في الجهة الرابعة، فراجع.

(مسألة ٤): يشترط في الربا، المعاملي أمران. الأول: اتحاد العوضين في الجنس (۱۲)، و ضابطه الاتحاد في‏ الحقيقة النوعية الكاشف عنه دخولهما تحت لفظ خاص (۱۳)، فكلما صدق عليه الحنطة، أو الأرز، أو التمر، أو العنب جنس واحد فلا يجوز بيع بعضها ببعض بالتفاضل، و إن تخالفا في الصفات و الخواص فلا يتفاضل بين الحنطة الرديئة الحمراء و الجيدة البيضاء، و مثل ذلك في التمر و نحوه (۱٤). فإذا اختلف الاسم يصح البيع متفاضلا، فيصح بيع الأرز مع العدس، أو الحنطة و نحو ذلك من مختلفي الاسم متفاضلا (۱٥).

للإجماع، و النصوص منها صحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قلت: ما الربا؟ قال عليه السّلام: دراهم بدراهم مثلين بمثل، و حنطة بحنطة مثلين بمثل»۳۱، و منها صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «كل شي‏ء يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل إذا كان من جنس واحد،- الحديث-»۳۲، و في موثق سماعة عنه عليه السّلام: «المختلف مثلان بمثل يدا بيد لا بأس»۳۳، و قريب منه صحيح محمد بن مسلم‏۳4، و قوله عليه السّلام: «إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم»۳٥، إلى غير ذلك من النصوص التي تأتي الإشارة إليها.

لأن المنساق من الأدلة أنه ليس المراد بالجنس في المقام الجنس المنطقي الذي يكون تحته أنواع، بل المراد بالجنس اللغوي العرفي أي النوع المنطقي الذي يكون تحته أصناف، و ذلك لأن الأدلة منزلة على العرفيات فكلما له اسم خاص و لم يكن تحته قدر مشترك يسمى باسم خاص كالحنطة و التمر و الزبيب، و الذهب و الفضة و نحوها مما يكون المقادير المشتركة التي تحتها أصنافا ليس لها اسم خاص، بل تذكر مع الوصف كالحنطة الحمراء أو الصفراء مثلا، أو الجيدة أو الرديئة و نحو ذلك و ليس المراد مثل الطعام و الحبّ و نحوهما مما يكون تحته أنواع كثيرة كالحنطة و الشعير و العدس و الماش و نحوها فلا تكون الحنطة و الماش جنسا واحدا من حيث دخولهما تحت مفهوم الحب لعدم مساعدة العرف على ذلك.

نعم، الحب جنس منطقي بالنسبة إلى جميع ما يدل تحته من الحبوب مطلقا، و لكن المفروض عدم ارادة الجنس المنطقي من الأدلة.

كل ذلك لصدق الجنس الواحد على أصناف الحنطة، و كذا أصناف الأرز و التمر و نحوها، فالمناط كله على وحدة الاسم لغة و عرفا و ان اختلفت الأصناف و الصفات.

لوجود المقتضي للصحة و فقد المانع عنها، لفرض اختلاف الاسم فيصح لا محالة.

(مسألة ٥): لو شك في مورد في اتحاد الجنس و عدمه يصح البيع متفاضلا (۱٦).

لأصالتي الحلية و الإباحة الوضعية و التكليفية، و هي مقدمة على أصالة عدم النقل و الانتقال، لأن الشك في النقل و الانتقال مسبب عن الشك في الحرمة، فمع جريان الأصل فيها يزول الشك في الحرمة، فلا موضوع لجريان أصالة عدم النقل و الانتقال، بل يصح التمسك بالأصول اللفظية أيضا، كأصالة الإطلاق و العموم في البيع و التجارة من الآيات و الروايات. و توهم إنه من التمسك بالدليل في الشبهة الموضوعية.

فاسد: لما ثبت في محله من أن المخصص إذا كان منفصلا و تردد بين الأقل و الأكثر يصح التمسك كالعام في مورد الشك و هو الأكثر، لثبوت حجيته و ظهوره، و في المقام دليل المخصص مردد بين- الأقل و هو ما علم فيه اتحاد الجنس- و الأكثر و هو دخول مشكوك اتحاد الجنس تحت دليل المخصص أيضا فيرجع إلى ظهور العام و حجيته حينئذ.

كما أن توهم: إن الحلية في المكيل و الموزون معلقة على إحراز الاختلاف، لقوله عليه السّلام: «إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم» فلا بدّ في الحلية من إحراز الاختلاف و الا فلا يحلّ.

مردود. أولا: بأنه خلاف السيرة و بناء الفقهاء.

و ثانيا: بأنه لا موضوعية لإحراز الاختلاف من حيث هو، و إنما ذكر ذلك طريقا لعدم إحراز المماثلة بوجه شرعي فكل مورد لم يحرز فيه المماثلة بطريق معتبر يتحقق فيه الاختلاف و في المقام بأصالة الحلية و الإباحة الوضعية و التكليفية لا يبقى مورد للمثلية، فيكفي ذلك في الجواز و لا نحتاج إلى إثبات الاختلاف خارجا، بل لنا أن نتمسك بالأصل الموضوعي بالنسبة إلى العدم الأزلي، و هي أصالة عدم المماثلة بالعدم الأزلي فيثبت الجواز لا محالة و لا تعارض بالأصل في عدم الاختلاف لعدم الاحتياج إلى إجراء هذا الأصل بعد ترتب الأثر على عدم المماثلة و لو بالعدم الأزلي، كما في أصالة عدم القرينة، و قد فصلنا البحث في الأصول فليرجع إليه.

الأمر الثاني: كون العوضين من المكيل و الموزون، فلا ربا في ما يباع بالعد و الذرع و المشاهدة (۱۷).

للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، و نصوص مستفيضة، منها صحيح زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «لا يكون الرّبا إلا في ما يكال أو يوزن»۳٦، و نحوه صحيح عبيد بن زرارة۳۷، و في صحيح منصور: «سألته عن الشاة بالشاتين، و البيضة بالبيضتين، قال عليه السّلام: لا بأس ما لم يكن كيلا أو وزنا»۳۸، و في صحيحه الآخر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «كل شي‏ء يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل إذا كان من جنس واحد، فإذا كان لا يكال و لا يوزن فلا بأس به اثنين بواحد»۳۹ إلى غير ذلك مما هو كثير، و مقتضى إطلاقها، كإطلاقات الأدلة الأولية عدم الفرق في الجواز بين النقد و النسيئة. فما نسب إلى جمع من القدماء من الاختصاص بالنقد جمودا على ما في بعض الأخبار من التعبير بقوله عليه السّلام: «يدا بيد». خلاف التصريح بالتعميم في بعضها الأخر.

ثمَّ إن بيع المتجانسين من المكيل و الموزون أقسام.

الأول‏: نقدا مثلا بمثل، و هذا يجوز بلا إشكال.

الثاني‏: نقدا متفاضلا لا يجوز بلا إشكال أيضا.

الثالث‏: نسيئة مثلا بمثل و هذا لا يجوز، لما تسالموا عليه من أن للأجل قسط من الثمن بتحقق التفاضل فيحرم و يبطل من هذه الجهة.

الرابع‏: نسيئة متفاضلا لا يجوز على ما يظهر من المشهور لعمومات المنع، و لكن يمكن جعل الزيادة في مقابل المدة فيتحقق التماثل.

و لبيع المختلفين صور أيضا.

الأولى‏: نقدا متماثلا.

الثانية: نقدا متفاضلا، و لا إشكال في جوازهما نصا و فتوى.

الثالثة: نسيئة متفاضلا يجوز في غير ما إذا كان العوضان من الأثمان، و أما فيها فلا يجوز لاشتراط التقابض في المجلس فيها.

الرابعة: كون أحد العوضين عروضا و الآخر من الأثمان، و هذا يجوز بلا إشكال، لأنه إما سلف أو نسيئة.

الخامسة: كونها من العروض مع كونهما من المكيل أو الموزون يجوز لإطلاق الأدلة مع الكراهة، لما يظهر من بعض الأخبار إن حمل على الكراهة.

و أما إذا حمل على التقية فلا موضوع للكراهة أصلا.

(مسألة ٦): الحنطة و الشعير جنس واحد في الربا فقط فلا يصح‏ التفاضل بينهما (۱۸). و إن لم يكونا كذلك في الزكاة، فلا يكمل نصاب‏ أحدهما بالآخر (۱۹).

للإجماع مضافا إلى النصوص المتواترة، ففي صحيح هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «عن الرجل يبيع الرجل الطعام الأكرار فلا يكون عنده ما يتم له ما باعه فيقول له: خذ مني مكان كل قفيز حنطة قفيزين من شعير حتى تستوفي ما نقص من الكيل. قال عليه السّلام: لا يصلح، لأن أصل الشعير من الحنطة، و لكن يردّ عليه الدراهم بحساب ما ينقص من الكيل». و في صحيح عبد الرحمن: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أ يجوز قفيز من حنطة بقفيزين من شعير فقال عليه السّلام: لا يجوز إلا مثلا بمثل، ثمَّ قال عليه السّلام: إن الشعير من الحنطة»، و في صحيح أبي بصير عنه عليه السّلام أيضا: «الحنطة و الشعير رأسا برأس، لا يزاد واحد منهما على الآخر»، إلى غير ذلك من الأخبار. و مع هذه الأخبار لا ينظر إلى‏ اختلافهما الاسمي، لأنه من الاجتهاد في مقابل النص. ثمَّ إن في بيع المكيل و الموزون صور.

الأولى‏: بيع المكيل من جنس واحد بالمكيل منه، و لا إشكال في تحقق الربا فيه مع التفاضل، للإطلاقات و العمومات، و الإجماع‏ الثانية: بيع الموزون من جنس واحد بالوزن منه متفاضلا، و يتحقق فيه الربا أيضا مع التفاضل، لما مرّ في سابقة.

الثالثة: بيع المكيل من جنس واحد بالوزن منه و بالعكس مع التفاضل، و هو أيضا من الربا، لشمول الإطلاقات و العمومات لهذه الصورة أيضا، خصوصا بعد قوله عليه السّلام: «ما عدّ عددا و لم يكل و لم يوزن فلا بأس به اثنان بواحد يدا بيد و يكره نسيئة»44، فجعل عليه السّلام صورة الجواز ما خرج عنها فيكون صرف وجود الكيل و الوزن داخلا في مورد الربا. مع إن أصل الكيل هو الوزن على ما قيل.

الرابعة: بيع المكيل بغير الموزون.

الخامسة: بيع الموزون بغير المكيل و يجوز التفاضل في هاتين الصورتين نصا و فتوى بل بالضرورة. و هنا بحث آخر في أنه هل يجوز بيع المكيل وزنا و بالعكس أو لا يجوز، و حكمه الجواز مع عدم الجهالة بالمقدار و عدمه مع الجهل به فيكون الاختلاف في هذه المسألة من النزاع اللفظي.

للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، و اختصاص دليل الواحدة بالربا فقط.

(مسألة ۷): يجوز بيع العلس بالسلت، و الأول بالحنطة، و الثاني بالشعير (۲۰)، و إن كان الأحوط الترك مطلقا (۲۱).

للأصل، و الإطلاق، و اختلاف الاسم الكاشف عن اختلاف الجنس عرفا، و لكن ذكر بعض أهل اللغة إن الأول نوع من الحنطة و الثاني نوع من‏ الشعير، و قد ثبت في محله إنه لا اعتبار بقول اللغوي ما لم يوجب الوثوق، و لو أوجب الشك فقد تقدم الجواز في صورة الشك.

خروجا عن خلاف من جعل الأول نوعا من الحنطة. و الثاني نوعا من الشعير، و قد تقدم في زكاة الغلات بعض ما ينفع المقام، فراجع.

(مسألة ۸): لكل نوع من الأنواع أصناف كثيرة ربما تبلغ المئات بل أكثر، و جميع تلك الأصناف من كل نوع تحت جنس واحد، جيدة كانت أو رديئة أو بالاختلاف (۲۲).

لفرض اتحاد الاسم في جميع ذلك، و المناط كله صدق الاسم عرفا و الاتحاد فيه، و قد قيل إن للأرز في خصوص الهند ألف و مائة صنف، و للتفاح ثمانمائة قسم، و هكذا في جميع الحبوب و الفواكه و غيرهما، و لكن اتحاد كل تلك الأصناف من تلك الأنواع يجعلها من الجنس الواحد في الربا.

(مسألة ۹): كل شي‏ء مع أصله و ما يتفرع عنه جنس واحد و إن اختلفا في الاسم (۲۳). كالسمسم، و الشيرج و اللبن مع الجبن، و المخيض و اللبأ و غيرها، و التمر و العنب مع خلهما و دبسهما. و كذا الفرعان من أصل واحد، كالجبن و الأقط و الزبد و غيرهما (۲٤).

لنصوص خاصة في موارد مخصوصة. و قد جعل ذلك من القواعد.

ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «الدقيق بالحنطة، و السويق بالدقيق مثل بمثل لا بأس به»، و في صحيحه الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «الحنطة بالدقيق مثلا بمثل»، و في موثق سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في العنب بالزبيب، قال عليه السّلام:

لا يصلح إلا مثلا بثمل، و التمر و الرطب بالرطب مثلا بمثل»، و في موثق سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في العنب بالزبيب، قال عليه السّلام: لا يصلح إلا مثلا بمثل، و التمر و الرطب بالرطب مثلا بمثل»، و في خبر ابن أبي الربيع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «ما ترى في التمر و البسر الأحمر مثلا، قال عليه السّلام: لا بأس. قلت:

فالبختج و العنب مثلا بمثل، قال: لا بأس»، و في المرسل: «و ما كيل أو وزن مما أصله واحد فليس لبعضه فضل على بعض»٥۰، و يدل عليه المستفيضة الواردة في اتحاد الحنطة و الشعير٥۱، المعللة بأن الشعير من الحنطة و قد تعدّوا من الموارد المنصوصة إلى غيرها بعدم القول بالفصل. و مقتضى إطلاق كلماتهم عدم الفرق بين تغيير الصورة كالحنطة و الدقيق، و تغيير الحقيقة بالاستحالة- طبيعية كانت أو صناعية، كصيرورة شي‏ء ملحا، أو كجعل الخشب بالإحراق رمادا- و جعل بعض الأشياء بالصناعة أدوية أو أشياء أخرى كالسكر الذي يتحصل من قصبة أو من (الشوندر) على ما هو الشائع فيهما، و كذا كل مستحال إليه مع المستحال منه.

و إثبات هذه الكلية مشكل عقلا و نقلا أما الأول فلاختلاف الاسم و الأثر الكاشف عن اختلاف الحقيقة قطعا، فرب شي‏ء يضرّ أصله و ينفع فرعه و رب شي‏ء بالعكس. و أما النقل فهو مختص باختلاف الصورة فقط، كالحنطة و الدقيق، و لا بأس بالتعدي إلى النظائر العرفية.

و أما ما ورد في الحنطة و الشعير من أن جبرائيل أتى بقبضة من حنطة فأخذ منها آدم عليه السّلام و زرع فخرج حنطة و قبضت حواء و زرعت فخرج شعيرا٥۲.

ففيه انه قضية في واقعة لم يعرف حقيقتها فهل كان التغيير بعد الوصول إلى الأرض أو قبله، و كيف كان فنتعبد فيه بأصله و إن لم نفهم خصوصية التعليل.

و أما الإجماع فالمتيقن منه- على فرض اعتباره تغيير الصورة فقط. و لو وصلت النوبة إلى الشك فمقتضى الأصل الجواز، كما تقدم.

و بالجملة الأقسام ثلاثة.

فتارة: يحكم العرف بالاتحاد و إن اختلف في الاسم في الجملة.

و أخرى: يحكم بالاختلاف.

و ثالثة: يشك فيهما و حكم الأخيرين الجواز مع الاحتياط في الثالثة.

بناء على كلية هذه القاعدة، و لكن الالتزام بها مشكل جدا في الحليب و الدهن، و كذا بعض أقسام الجبن الذي زالت الأجزاء المائية عنه. و كذا الأقط و ذلك لغلبة جهة المائية في الحليب خصوصا في فصل الربيع، و كذا الكلام في الحليب الطبيعي و اللبن الجاف المصنوع في هذه الأعصار- بناء على أنه حليب طبيعي أخذت الأجزاء المائية منه.

و بالجملة: ان كان بناؤهم في هذه الكلية على العرف فهو يشهد بالخلاف في جملة من الموارد، و ان كان لدليل آخر فهو مفقود، و ان كان المناط وحدة الاسم و الآثار و الخصوصيات فهو أيضا مفقود و ان كان لاستظهار مما ورد في الحنطة و الدقيق فهو مسلم في الجملة و لكن لا تفيد الكلية إلا في مورد تغير الصورة فقط، لوحدة الشكر و القند مثلا.

و أما وحدة الشعير و الحنطة فهو قضية في واقعة خرجت بالدليل، و إلا فلا بدّ و أن يقال بالربا في العلف و الحليب لأن أصل الحليب من العلف، و كذا في نظائره من الاستحالات التكوينية.

(مسألة ۱۰): اللحوم و الألبان و الأدهان تختلف باختلاف الحيوان المتخذ ذلك منه، فيجوز التفاضل بين لحم الغنم و لحم البقر، و كذا بين لبنهما أو دهنهما، و كذا بين ما يتفرع من لبنهما (۲٥). و كذا في الطيور فيجوز التفاضل بين لحم بعض الطيور مع البعض الآخر إذا اختلفا في الاسم (۲٦). و الأدهان المتخذة من النباتات تابع لما اتخذ منه فيجوز التفاضل بين دهن السمسم و دهن اللوز (۲۷) و الضمان و المعز جنس واحد، و كذا البقر و الجاموس (۲۸) و الخلّ تابع لما يعمل منه، فيجوز التفاضل بين خلّ العنب و خلّ التمر (۲۹). و لكن خلّ العنب و الزبيب شي‏ء واحد، و كذا خلّ الرطب و التمر (۳۰).

للإجماع، و لأن الجنس العرفي فيها يكون هكذا، و مطلق اللحم‏ و الدهن و اللبن جنس منطقي لا أن يكون عرفيا، و قد تقدم أن المناط على العرف.

لما تقدم في سابقة من غير فرق.

لتحقق الاختلاف النوعي العرفي فيختلف الحكم أيضا.

لدخول الأول تحت اسم واحد و هو الغنم، و الثاني كذلك و هو البقر عند المتعارف.

لاختلاف الاسم الموجب لاختلاف الحكم.

لوحدة الجنس العرفي في كل واحد منهما.

(مسألة ۱۱): الصوف غير الشعر و هما غير الوبر (۳۱) و صوف كل حيوان تابع له فيجوز التفاضل بين صوف الغنم و صوف البعير (۳۲). الشحم و الألية و القلب و الكبد غير اللحم فيصح التفاضل بينها و بين اللحم، و كذا بين بعضها مع بعض (۳۳).

لأن كلا منها نوع خاص عرفا، و يختص باسم مخصوص كذلك.

للاختلاف العرفي الموجب لصحة التفاضل.

لشهادة العرف بذلك، مع ان القلب و الكبد يباع عددا لا وزنا فينتفي الربا بينهما و بين غيرهما من هذه الجهة أيضا.

(مسألة ۱۲): ما عمل من جنسين فإن عدّ من أحدهما عرفا لا يجوز بيعه معه متفاضلا و إن لم يعدّ أو شك فيه يجوز (۳٤).

أما الأول: فلفرض صدق اتحاد الجنس.

و أما الثاني: فلصدق التعدد.

و أما الأخير: فلما مرّ من الجواز في صورة الشك في الوحدة و التعدد.

(مسألة ۱۳): المناط في كون شي‏ء مكيلا أو موزونا متعارف البلدان و عند متعارف الناس (۳٥)، و مع الاختلاف فحكم كل بلد على ما هو المعتاد فيه (۳٦).

لأنه المنساق من الأدلة، و لخبر القمي: «و لا ينظر في ما يكال أو يوزن الا إلى العامة و لا يؤخذ فيه بالخاصة، فإن كان قوم يكيلون اللحم و يكيلون الجوز فلا يعتبر بهم، لأن أصل اللحم أن يوزن و أصل الجوز أن يعد»٥۳.

لأنه لم يرد لتحديد المكيل و الموزون شي‏ء من الشارع في هذا الأمر العام البلوى مع الحاجة إليه في جميع الأعصار و الأمصار و ما كان كذلك فلا بدّ من الرجوع إلى المتعارف، و مع اختلافه فإن كان شي‏ء مكيلا في محل دون آخر فيصدق المكيلية العرفية في ذلك المحل فلا بدّ من شمول الدليل و انطباقه عليه قهرا، أو لفرض أن الموضوع عرفي لا أن يكون لغويا أو تعبديا.

و احتمال كون المناط كون شي‏ء مكيلا عند جميع الناس مطلقا، أو كون المناط على عصر الشارع فما كان مكيلا في عصره فهو مكيل إلى يوم القيامة و لو صار معدودا بعد ذلك و ما كان بالعكس فبالعكس.

فهو سقاط في هذا الموضوع الذي بني على الاختلاف بحسب الأمكنة و الخصوصيات و النبي صلّى اللّه عليه و آله ورد على ما كان مكيلا أو موزونا في عصره لا أن يجعل للناس الكيل و الوزن و لم يردع عما كان متعارفا في عصره، و عدم الردع عما كان في عصره لا يكون تقريرا بغير عصره، كما هو واضح، بل الشريعة أجنبية عن الموضوعات العرفية مطلقا، و إنما له تشريع الحكم فقط.

نعم، إذا ورد دليل معتبر منه على التحديد فيها، كما في الكر و المسافة و نحوهما يتبع لا محالة، و لا وجه في المقام للاستصحاب بأن يقال ان ما كان في عصره فهو مكيل بالاستصحاب لفرض ان الموضوع تحت اختيار العرف يغير و يبدل بحسب نظر الحكومات مثلا في جميع الأمكنة و البلاد، و ما كان كذلك لا وجه للاستصحاب عند التغيير بل يؤخذ بما هو المتحقق فعلا، و الظاهر ان الموضوع لا يحتاج إلى البحث بأكثر من ذلك فلا وجه للتطويل. و في مثل ذلك لا وجه لدعوى الإجماع.

ان قلت: نعم و لكن المختلف في بلدين مثلا لا يدخل تحت إطلاق أحد الخطابين لأنه من الترجيح بلا مرجح، مضافا إلى ما في خبر القمي المتقدم «و لا يؤخذ فيه بالخاصة» فإنه يشمل ذلك فلا يجري فيه حكم الربا فيرجع حينئذ إلى أصالة الحلية و الإباحة.

قلت: بل يدخل المختلفين تحت إطلاق كل من الدليلين بالاعتبارين و لا محذور فيه، لأن انطباق الدليل على الموضوع قهري و أما انه لا يؤخذ فيه بالخاصة فيمكن أن يراد به الشاذ الذي يكون خارجا عن المتعارف و يكون خلاف الشائع منه.

(مسألة ۱٤): لا تجري تبعية الفرع للأصل في المكيلية و الموزونية (۳۷). فما كان أصله مما يكال أو يوزن فخرج منه شي‏ء لا يكال و لا يوزن لا بأس بالتفاضل بين أصله و ما خرج منه، و كذا بين ما خرج منه‏ بعضه مع بعض (۳۸) و ذلك كالقطن و الكتان، فأن أصلهما و غزلهما يوزن و منسوجهما لا يوزن فلا بأس بالتفاضل بين أصلهما أو غزلهما و بين منسوجهما، و كذا بين أفراد منسوجهما، بأن يباع ثوبان بثوب واحد، و كذا دهن الجوز فإنه موزون و أصله- و هو الجوز- معدود فيجوز التفاضل بينهما.

للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق بعد عدم دليل على التبعية من عقل أو نقل، و كون كل منهما له تحديد خاص في إحراز كميته عرفا، و يشهد لذلك نصوص خاصة في موارد متفرقة، منها خبر عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«عن بيع الغزل بالثياب المنسوجة و الغزل أكثر وزنا من الثياب، قال عليه السّلام: لا بأس»٥4.

لإطلاق أدلة البيع كتابا و سنة، فالمقتضي للصحة موجود و المانع عنها مفقود فيصح لا محالة.

(مسألة ۱٥): إن كان شي‏ء مكيلا أو موزونا في حال دون حال، كالثمرة غير موزونة حال كونها على الشجرة و إذا جنيت صارت من الموزون، و كذا الحيوان قبل أن يذبح و يصير لحما ليس من الموزون، و لكن يصير منه بعد الذبح و سلخ جلده فيجوز التفاضل بينهما، و كذا يجوز شاة بشاتين بلا إشكال (۳۹).

لأن الحيوان يباع مشاهدة بحسب المتعارف فلا موضوع للربا فيه، مضافا إلى نصوص خاصة، منها صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «البعير بالبعيرين، و الدابة بالدابتين يدا بيد ليس به بأس»٥٥، و منها صحيح داود بن الحصين «سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الشاة بالشاتين و البيضة بالبيضتين فقال عليه السّلام: لا بأس ما لم يكن مكيلا أو موزونا»٥٦، و منها صحيح عبد الرحمن: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن العبد بالعبدين، و العبد بالعبد و الدراهم قال عليه السّلام: لا بأس بالحيوان كله يدا بيد»٥۷، إلى غير ذلك من النصوص.

(مسألة ۱٦): يكره بيع اللحم بالحيوان الحي (٤۰)، سواء كان من‏ جنسه، كبيع لحم الغنم بالشاة، أو بيعه بغير جنسه (٤۱).

نسب إلى المشهور حرمته، و استدل عليها.

تارة: بإطلاق النبوي صلّى اللّه عليه و آله: «نهى النبي صلّى اللّه عليه و آله عن بيع اللحم بالحيوان»٥۸.

و أخرى: بقول الصادق عليه السّلام: «إن عليا عليه السّلام كره بيع اللحم بالحيوان»٥۹، و قد ورد في بعض الأخبار «و لم يكن علي عليه السّلام يكره الحلال»٦۰.

و ثالثة: بالإجماع.

و الكل مخدوش. أما الأول: فهو نبوي عامي، و مناهي النبي صلّى اللّه عليه و آله تستعمل في الكراهة كثيرا.

و أما الثاني:- على فرض اعتبار سنده- فلا بد من حمله على بعض المحامل، مثل أن يراد بالحرام مطلق المرجوح الشامل للمكروه الاصطلاحي و للحرام أيضا، إذ لا ريب في أنه عليه السّلام يكره المكروه.

و أما الإجماع فلا اعتبار به لذهاب جمع إلى الجواز، مع إن من ذهب إلى المنع ظاهره إنه من جهة الربا و لا مورد للربا في المقام كما مرّ.

مع إنه يحتمل في أصل المسألة أن تكون نهيا عما كان متعارفا في الأعصار القديمة من دفع غنم إلى القصاب و أخذ اللحم منه تدريجا، بناء على تحقق الجهالة بالنسبة إلى الحيوان حينئذ لتبدل حالاته من السمن و الهزال و نحوهما، فيصير البيع غرريا فيبطل من هذه الجهة، و لكنه لا كلية في هذا التعليل، كما لا يخفى.

و يمكن حمل ما ذهب إليه المشهور من البطلان على هذه الصورة، و إن كان خلاف ظاهر إطلاق كلامهم، بل تصريح بعضهم، و حيث لم يتم دليل على‏ الحرمة فلا وجه للقول بها.

نعم، حيث إن الكراهة خفيفة المؤنة فلا بأس بالذهاب إليها.

للإطلاق الشامل لكل منهما.

(مسألة ۱۷): إذا كان لشي‏ء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف، كالتمر يكون رطبا ثمَّ يصير تمرا، و العنب يصير زبيبا، و كذا الخبز و اللحم و نحوها، يجوز بيع جافه بجافه و رطبه برطبه مثلا بمثل. و لا يجوز بالتفاضل (٤۲) و لا يجوز بيع جافه برطبه بالتفاضل (٤۳) و يكره مثلا بمثل (٤٤) بل الأحوط الترك (٤٥).

أما الجواز مثلا بمثل فلاطلاقات الأدلة كتابا و سنة، و عدم لزوم الربا في البين حتى يحرم. و أما عدم الجواز مع التفاضل فللزوم الربا فيشمله ما تقدم من الأدلة المانعة.

لإطلاق أدلة الربا الشامل لهذه الحالة أيضا.

البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى: بحسب القاعدة المستفادة من الإطلاقات و العمومات.

و ثالثة: بحسب الأخبار الخاصة.

و رابعة: بحسب الأقوال.

أما الأولى: فمقتضى أصالة الحلية و الإباحة التكليفية و الوضعية الجواز.

و أما الثانية: فمقتضى ما يستفاد من الأدلة الواردة في الربا من جواز بيع المتجانسين مثلا بمثل الجواز أيضا.

و أما الأخبار الخاصة.

منها: النبوي: «سئل صلّى اللّه عليه و آله عن بيع الرطب بالتمر، فقال صلّى اللّه عليه و آله: أ ينقص إذا

مهذب الأحكام، ج‏۱۷، ص: ۳۲۱

جف؟ قيل: نعم. قال صلّى اللّه عليه و آله لا اذن‏٦۱».

و منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «لا يصلح التمر اليابس بالرطب من أجل أن التمر يابس و الرطب رطب، فإذا يبس نقص»٦۲.

و منها: صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام: «أن أمير المؤمنين عليه السّلام كره أن يباع التمر بالرطب عاجلا بمثل كيله إلى أجل، ان التمر ييبس فينقص من كيله»٦۳.

و منها: صحيح داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «لا يصلح التمر بالرطب إن الرطب رطب و التمر يابس، فإذا يبس الرطب نقص»٦4.

و منها: موثق سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن العنب بالزبيب، قال عليه السّلام: «لا يصلح إلا مثلا بمثل. قال: و التمر و الرطب بالرطب مثلا بمثل»٦٥.

و الأخيران نص في الجواز مثلا بمثل، و ظاهر في حرمة التفاضل. و أما الأخبار الأولى فلو كنا نحن و نفسها لنقول فيها بالكراهة لقرائن داخلية مع قصور بعضها سندا عن إثبات الحرمة، و لو فرض ظهورها في الحرمة لا بد و ان تحمل على الكراهة بقرينة الخبرين الأخيرين.

و أما الجهة الأخيرة فالأقوال بين إفراط و تفريط.

الأول‏: عدم الجواز مطلقا لا متساويا و لا متفاضلا، بلا فرق بين الرطوبة الذاتية و العرضية، و بلا فرق بين أقسام الرطب و اليابس من الأثمار و غيرها.

الثاني‏: الجواز مع الكراهة في مقابل القول الأول.

الثالث‏: اختصاص الحرمة بخصوص الرطب و التمر، و الجواز في غيرهما مطلقا.

الرابع‏: التفصيل في ما عدى الرطب و التمر بين الرطوبة الذاتية فيجوز

و العرضية فلا يجوز. و لا مدرك في البين إلا ما تعرضنا له من الأخبار، فراجع و تأملها بعين الاعتبار.

خروجا عن خلاف ما نسب إلى جمع بل المشهور من المنع مطلقا.

(مسألة ۱۸): التفاوت بالجودة و الرداءة في أفراد الجنس الواحد لا يوجب جواز التفاضل بينهما، فلا يصح بيع كيلو من الحنطة الجيدة بكيلوين من الرديئة منها (٤٦)، و لا بيع مثقالين من الذهب الجيد بمثقالين من الردي‏ء منه (٤۷).

لإطلاق أدلة حرمة التفاضل بين أفراد الجنس الواحد الشامل للجيد و الردي‏ء أيضا، مضافا إلى ظهور الإجماع، و النص، ففي خبر سيف التمار: «قلت لأبي بصير: أحب أن تسأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل استبدل قوصرتين فيهما بسر مطبوخ بقوصرة فيها تمر مشقق، قال: فسأله أبو بصير عن ذلك فقال: هذا مكروه، فقال أبو بصير: و لم يكره؟، فقال عليه السّلام: إن علي بن أبي طالب عليه السّلام كان يكره أن يستبدل وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر، لأن تمر المدينة أدونهما، و لم يكن عليّ عليه السّلام يكره الحلال»٦٦.

لما تقدم آنفا، و يأتي في بيع الصرف ما ينفع المقام.

(مسألة ۱۹): يتخلص من الربا بوجوه. الأول: ضم غير الجنس إلى الطرفين، كأن يبيع منا من الحنطة مع درهم بمنين من الحنطة و درهمين (٤۸). أو ضم غير الجنس إلى الطرف‏ الناقص، كأن يبيع منا من حنطة مع درهم بمنين منها (٤۹)، و لو خرجت القيمة مستحقة للغير لا يضرّ بصحة البيع، سواء أجاز الغير أولا (٥۰).الثاني: أن يبيع كيلو من الحنطة- مثلا- إلى زيد بدرهم ثمَّ يشتري منه كيلوين من الحنطة بالدرهم (٥۱). الثالث: ما إذا وهب كل من المتبايعين جنسه للآخر مجانا من غير قصد المعاوضة، و لا اشتراط الهبة في الهبة (٥۲). الرابع: أن يقرض كل منهما جنسه لصاحبه ثمَّ يتبارئا (٥۳) مع عدم الشرط (٥٤). الخامس: أن يتبايعا بقصد كون المثل في مقابل المثل و كون الزائد هبة مستقلة مجانية (٥٥).السادس: أن تكون الزيادة مورد الصلح بعوض أو بلا عوض شرط فيه مبادلة المثل بالمثل أو لم يشرط (٥٦). السابع: أن يبيع كيلو من الحنطة بدرهم، ثمَّ يعطيه المشتري كيلوين وفاء عما في ذمته (٥۷).

البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب القاعدة.

و أخرى‏: بحسب الأدلة الخاصة.

أما الأولى‏: فحيث إن أحد العوضين وقع بإزاء المجموع الآخر لا يلحظ من هذه الجهة نفس الجنس الواحد في العوضين حتى يأتي فيه التفاضل، فلا يصدق حينئذ معاملة الجنس الواحد مع التفاضل. فلا وجه لأن يقال: إن في ضمن المجموع يقع التفاضل في الجنس الواحد، لأن حيثية التفاضل في الجنس الواحد ملغاة في البناء المعاملي في هذا النحو من المعاملة، ثمَّ إنه ان قصد وقوع الزيادة في مقابل غير الجنس فلا ريب في الصحة بحسب القاعدة، و كذا إن لم يقصد ذلك. لأن المدار في تصحيح المعاملات على إمكان تصحيح ذلك لا على قصد الصحيح في نظر المتعاملين، فمن باع مال نفسه مع مال غيره جاهلا به أو عالما يصح بالنسبة إلى مال نفسه و يبطل بالنسبة إلى مال غيره إلا مع إجازته، سواء قصد ذلك أو لا. و في المقام تنصرف الزيادة إلى غير الجنس قصده المتعاملون أو لا، و هذا هو مقتضى أصالة الصحة في المعاملات أيضا، بل و كذا في العبادات، فان المدار فيها على إمكان التصحيح واقعا- اجتهادا أو تقليدا- قصد المكلف الصحة أولا، بل لو اعتقد البطلان و كان صحيحا- اجتهادا أو تقليدا- يصح عمله و بالعكس يبطل.

و أما الأدلة الخاصة فتدل عليه النصوص المستفيضة- مضافا إلى الإجماع- منها صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «لا بأس بألف درهم و درهم بألف درهم و دينارين إذا دخل فيها ديناران أو أقل أو أكثر فلا بأس به»٦۷. و في صحيح أبي بصير عنه عليه السّلام: «سألته عن الدراهم بالدراهم و عن فضل ما بينهما.

فقال عليه السّلام: إذا كان بينهما نحاس أو ذهب فلا بأس»٦۸. و في صحيح عبد الرحمن ابن الحجاج: «قلت له: اشترى ألف درهم و دينارا بألفي درهم فقال عليه السّلام: لا بأس بذلك، ان أبي كان أجرأ على أهل المدينة مني، فكان يقول: هذا، فيقولون: إنما هذا الفرار، لو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم، و لو جاء بألف درهم لم يعط ألف دينار، و كان يقول لهم: نعم الشي‏ء الفرار من الحرام الى الحلال»٦۹.

و هذه الأخبار مطابقة للقاعدة على ما استظهرناه. و مقتضى إطلاقها هو انصراف الزيادة إلى غير الجنس قصد ذلك أو لا. و لا بد و أن يكون كذلك في المعاملات التي هي مبنية على التسهيل خصوصا في الفرار من الباطل إلى الحق الذي ينبغي أن يكون الطريق عليه سهلا و يسيرا.

لما تقدم، و لما في موثق الحسن بن صدقة عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «قلت له: جعلت فداك إني أدخل المعادن و أبيع الجوهر بترابه بالدنانير و الدراهم، قال عليه السّلام: لا بأس به. قلت: و أنا أصرف الدراهم بالدراهم، و أصيّر الغلة وضحا، و أصيّر الوضح غلة. قال: إذا كان فيها ذهب فلا بأس، قال:

فحكيت ذلك لعمار بن موسى الساباطي، فقال لي: كذا قال لي أبوه، ثمَّ قال لي:

الدنانير أين تكون؟ قلت: لا أدري، قال عمار: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يكون مع الذي ينقص»۷۰.

أما في صورة الإجازة فلا إشكال في صحة البيع لوجود المقتضى و فقد المانع.

و أما في صورة عدم الإجازة فلاستصحاب الصحة من حيث الربا، و لأن المنساق من أدلة حرمة الربا حرمة الزيادة في نفس العقد، و حرمة إحداث الربا بإنشاء العقد، و أما لو لزمت الزيادة من جهة التقسيط، أو من سائر الجهات الطارية على العقد فلا دليل على الحرمة حينئذ، بل مقتضى الأصل عدمها بعد حدوث إنشاء المعاملة صحيحا.

لأن التفاضل المحرم إنما هو في ما إذا كان في معاملة واحدة، و هذه معاملتان فتخرج عن مورد الربا تخصصا. هذا و يمكن أن يستشهد بصحيح إسماعيل بن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته عن الرجل يجي‏ء إلى صيرفي و معه دراهم يطلب أجود منها فيقاوله على دراهمه فيزيده كذا و كذا بشي‏ء قد تراضيا عليه، ثمَّ يعطيه بعد بدراهمه دنانير، ثمَّ يبيعه الدنانير بتلك الدراهم على ما تقاولا عليه مرة، قال عليه السّلام: أ ليس ذلك برضا منهما جميعا؟ قلت: بلى. قال عليه السّلام:

لا بأس»۷۱.

لأن هذا القسم أيضا خروج موضوعي عن مورد أدلة الربا، لأنها في البيع، أو مطلق المعاوضة، و المفروض ان هذا القسم ليس من كل منهما.

لعدم كون القرض بيعا و لا معاوضة، و هذا القسم خارج عن مورد أدلة الربا موضوعا.

لأنه حينئذ يتحقق موضوع الربا القرضي فيحرم من هذه الجهة.

لأنه مشتمل على عنوانين مستقلين لا ربط لأحدهما بالآخر، و هذه‏ الصورة أيضا خروج موضوعي عن أدلة حرمة الربا.

لأنهما عنوانان مستقلان لا ربط لأحدهما بالآخر، و الشرط صحيح موافق لعمومات الكتاب و السنة فلا محذور فيه، و في الربا القرضي يجوز أن يصالح المقترض الزيادة بعوض أو بلا عوض بشرط أن يقرضه المصالح له شيئا أو بلا شرط، قبل القرض أو حينه. أو بعده، كل ذلك صحيح للأصل و الإطلاق، و عدم اشتراط الزيادة في العقد القرضي، كما لا يخفى.

لأن الوفاء لا ربط له بالبيع، و قد تقدم انه لا ربا في الوفاء.

فائدة: لا ريب في أن مطلق الزيادة أعم من الربا، و الربا المحرم العقدي متقوم بالطرفين، فلو كان قصد أحد المتعاملين الربا المحرم، و قصد الآخر الزيادة بعناوين أخرى غير عنوان الربا، فهل يتحقق الربا المحرم حينئذ أو لا؟

مقتضى الأصل هو الأخير، و لم أجد لهذا الفرع ذكرا في كلماتهم في ما تفحصت عاجلا.

(مسألة ۲۰): لو عمل في أحد العوضين عملا يوجب زيادة القيمة فبيع بجنسه بالتفاضل، كما إذا انقي كيلو من حنطة بأجرة درهم مثلا، فبيع بكيلو و نصف بحيث يقع النصف في مقابل الدرهم لا بأس به (٥۸). و كذا كلما يصح أن يقع بإزائه مال (٥۹).

لوقوع البيع مثلا بمثل، و وقوع الزيادة في مقابل الأجرة. و أما الأخبار الدالة على اعتبار المثل بالمثل في السويق و الدقيق و الحنطة كصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «الحنطة بالدقيق مثلا بمثل، و السويق مثلا بمثل الشعير بالحنطة مثلا بمثل لا بأس به»۷۲، و غيره فالمنساق منها ما إذا كانا من‏ جنس واحد لا ما إذا ضمّ إلى الأقل شي‏ء آخر يكون بإزاء الأكثر.

لتحقق المماثلة حينئذ، و وقوع الزيادة في مقابل ماله عوض عرفا.

(مسألة ۲۱): إذا وقعت المعاملة الربوية بين شخص و بين الظلمة، و أخذ ذلك الشخص الزائد يمكن أن يصححها الحاكم الشرعي (٦۰).

لأن هذا المال الذي وقع بيد ذلك الشخص مجهول المالك في الواقع، فيهب جميعه لذلك الشخص من باب ولايته على ذلك، و المسألة سيّالة في موارد شتى و في الربا القرضي أيضا.

(مسألة ۲۲): تقدم ذكر بعض الموارد التي ليس فيها الربا المعاملي تخصصا، و قد وردت موارد أخرى نفى الشارع فيها الربا المعاملي و الربا القرضي (٦۱) تخصيصا. الأول: بين الوالد و ولده (٦۲). الثاني: بين المولى و مملوكه (٦۳).الثالث: بين الرجل و زوجته (٦٤). فيجوز لكل من الطائفتين أخذ الفضل من الآخر (٦٥). الرابع: بين المسلم و الحربي إذا أخذ المسلم الفضل (٦٦) و يثبت بين المسلم و الذمي (٦۷).

لإطلاق الدليل- الذي سيأتي ذكره- الشامل لكل من الربا المعاملي و الربا القرضي.

للإجماع و النص، ففي خبر عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ليس بين الرجل و ولده ربا، و ليس بين السيد و عبده ربا»۷۳، و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «ليس بين الرجل و ولده و بينه و بين عبده، و لا بين أهله ربا»۷4، و غير ذلك من الأخبار، و قد عمل بها الأصحاب.

لما تقدم من النصوص، مضافا إلى الإجماع، و في صحيح علي بن‏ جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام: «عن رجل أعطى عبده عشرة دراهم على أن يؤدي العبد كل شهر عشرة دراهم أ يحل ذلك؟ قال عليه السّلام: لا بأس»۷٥.

للإجماع، و ما تقدم من الأخبار.

لأنه يستفاد من إطلاق نفي حرمة الربا بينهما ذلك بعد عدم دليل على التخصيص بطرف خاص.

نصا و اتفاقا. ففي الخبر: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس بيننا و بين أهل حربنا ربا، نأخذ منهم ألف ألف درهم بدرهم، و نأخذ منهم و لا نعطيهم»۷٦، مضافا إلى أن مال الحربي في‏ء للمسلم يصح له أخذه بأي وجه أمكن له التوسل به إلى الأخذ منه.

و أما الذمي فإن كان مذهبه جواز الربا و أعطى ذلك يصح أخذه منه لقاعدة الإلزام.

و أما صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «قلت، فالمشركون بيني و بينهم ربا؟ قال عليه السّلام: نعم، قلت: فإنهم مماليك، فقال عليه السّلام: إنك لست تملكهم إنما تملكهم مع غيرك، أنت و غيرك فيهم سواء»۷۷، فأسقطه إعراض المشهور عنه، أو حمله على محامل.

لإطلاق أدلة الحرمة من غير ما يصلح للتخصيص. و ما ورد في بعض الأخبار عن الصادق عليه السّلام: «ليس بين المسلم و بين الذمي ربا»۷۸، فمع قطع النظر عن سنده و إعراض المشهور عنه محمول على الحربي بقرينة غيره، مضافا إلى ظهور الإجماع خصوصا إذا أخذ الذمي الفضل، و قد أدعوا القطع على عدم جوازه.

(مسألة ۲۳): لا فرق في الولد بين الذكر و الأنثى و الخنثى، و لا بين ولد الولد (٦۸)، و الأحوط الاقتصار على خصوص الذكر و بلا فصل (٦۹). و الحكم مخصوص بالأب فلا يشمل الأم فيثبت الربا بينها و بين الولد (۷۰) و لا بد من الاقتصار على النسبي دون الرضاعي، و على الأب دون الجد (۷۱).

للإطلاق الشامل للجميع.

لاحتمال الانصراف و الاختصاص، لكنه ضعيف.

للعمومات و الإطلاقات من دون دليل على التخصيص إلا احتمال أن يكون المراد بقوله عليه السّلام: «ليس بين الوالد و ولده ربا» الأعم من الوالدين، و لكنه خلاف الظاهر خصوصا مع ما تقدم من ذكر الرجل في قول أبي جعفر عليه السّلام.

للاقتصار في الحكم المخالف للعمومات و الإطلاقات على المتيقن من مورد الدليل.

(مسألة ۲٤): النقود الورقية المعمولة بها في العالم لا يجري فيها الربا المعاملي (۷۲).

لما تقدم من أنه يعتبر في الربا المعاملي أن يكون العوضان من المكيل أو الموزون، و النقود الورقية ليست منهما، بل هي من المعدودات، و لذا اصطلح على من يبيع غير المسكوك منها بالصائغ، فيجوز وقوع البيع بينها بالتفاضل.

نعم، لو كانت طريقا إلى الذهب و الفضة بحيث وقعت المعاملة بهما عرفا فيجري الربا حينئذ.

و الحمد للّه أولا و آخرا

  1. سورة البقرة: ۲۷٥ و راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 4 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
  2. سورة آل عمران: ۱۳۰ و راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: ٦ من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
  3. الوسائل باب: 4٦ من أبواب جهاد النفس حديث: ۱.
  4. الوسائل باب: 4٦ من أبواب جهاد النفس حديث: 4.
  5. الوسائل باب: 4٦ من أبواب جهاد النفس حديث: ٦.
  6. الوسائل باب: 4٦ من أبواب جهاد النفس حديث: ۱۳.
  7. الوسائل باب: ۱ من أبواب الربا- كتاب البيع- حديث: ٦.
  8. الوسائل باب: ۱ من أبواب الربا- كتاب البيع- حديث: ٥.
  9. الوسائل باب: ۱ من أبواب الربا- كتاب البيع- حديث: ۱.
  10. الوسائل باب: 4 من أبواب الربا حديث: ۱.
  11. الوسائل باب: 4 من أبواب الربا حديث: ۳.
  12. الوسائل باب: 4 من أبواب الربا حديث: 4.
  13. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الأيمان حديث: ۱۸.
  14. الوسائل باب: ۱ من أبواب الصرف- كتاب التجارة- حديث: ۱.
  15. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الربا حديث: ۳.
  16. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الربا حديث: ۱.
  17. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الصرف حديث: ۱.
  18. سورة البقرة: ۲۷۹ و راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 4 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
  19. راجع الوسائل باب: من أبواب الربا حديث: ۲ و ۹ و ۱۱.
  20. سورة البقرة: ۲۷٥ و راجع ما يتعلق بالآية الكريمة في ج: 4 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
  21. الوسائل باب: ۸ من أبواب الربا حديث: ۳.
  22. الوسائل باب: ۱ من أبواب الصرف حديث: ۱.
  23. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الربا حديث: ۱.
  24. الوسائل باب: ۸ من أبواب الربا حديث: 4.
  25. الوسائل باب: ۸ من أبواب الربا حديث: ۱.
  26. سورة البقرة: ۲۷٥ و راجع ما يتعلق بالآية الكريمة في ج: 4 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
  27. الوسائل باب: ٥ من أبواب الربا حديث: ۷.
  28. الوسائل باب: ٥ من أبواب الربا حديث: ۲.
  29. الوسائل باب: ٥ من أبواب الربا حديث: ۳.
  30. الوسائل باب: ٥ من أبواب الربا حديث: 4.
  31. الوسائل باب: ٦ من أبواب الربا حديث: ۲.
  32. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الربا حديث: ۳.
  33. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الربا حديث: ۹.
  34. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الربا حديث: ۱.
  35. مستدرك الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الربا حديث: 4.
  36. الوسائل باب: ٦ من أبواب الربا- حديث: ۱.
  37. الوسائل باب: ٦ من أبواب الربا- حديث: ۳.
  38. الوسائل باب: ٦ من أبواب الربا- حديث: ٥.
  39. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الربا حديث: ۳.
  40. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الربا حديث: ۱ و غيره.
  41. الوسائل باب: ۸ من أبواب الربا حديث: ۱.
  42. الوسائل باب: ۸ من أبواب الربا حديث: ۲.
  43. الوسائل باب: ۸ من أبواب الربا حديث: ۳.
  44. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الربا حديث: ۲.
  45. الوسائل باب: ۹ من أبواب الربا حديث: ۲.
  46. الوسائل باب: ۹ من أبواب الربا حديث: 4.
  47. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الربا حديث: ۳.
  48. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الربا حديث: ٥.
  49. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الربا حديث: ٥.
  50. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الربا حديث: ۱۲.
  51. تقدمت في صفحة: ۳۱۰.
  52. سفينة البحار ح: ۱ صفحة: ۳4٦
  53. الوسائل باب: ٦ من أبواب الربا حديث: ٦.
  54. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب الربا حديث: ۱.
  55. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الربا حديث: ۱.
  56. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الربا حديث: ۲ و ٦ ج: ۱۲.
  57. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الربا حديث: ۲ و ٦ ج: ۱۲.
  58. المعني لابن قدامة ج: 4 ص: ۱4٦ ط بيروت.
  59. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الربا حديث: ۱.
  60. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الربا حديث: ۱.
  61. مستدرك الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الربا حديث: ۲.
  62. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الربا حديث: ۱.
  63. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الربا حديث: ۲.
  64. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الربا حديث: ٦.
  65. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الربا حديث: ۳.
  66. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الربا حديث: ۱.
  67. الوسائل باب: ٦ من أبواب الصرف حديث: 4.
  68. الوسائل باب: ٦ من أبواب الصرف حديث: ۷.
  69. الوسائل باب: ٦ من أبواب الصرف حديث: ۱.
  70. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب الربا حديث: ۱.
  71. الوسائل باب: ٦ من أبواب الصرف حديث: ٦.
  72. الوسائل باب: ۹ من أبواب الربا حديث: ۲.
  73. الوسائل باب: ۷ من أبواب الربا حديث: ۱.
  74. الوسائل باب: ۷ من أبواب الربا حديث: ۳.
  75. الوسائل باب: ۷ من أبواب الربا حديث: ٦.
  76. الوسائل باب: ۷ من أبواب الربا حديث: ۳.
  77. الوسائل باب: ۷ من أبواب الربا حديث: ۳.
  78. الوسائل باب: ۷ من أبواب الربا حديث: ٦.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"