1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب البيع‏
  10. /
  11. فصل في الإقالة
و هي: فسخ العقد من الطرفين. و رضاء الأخر به (۱) و تجري في جميع العقود (۲) سوى النكاح (۳).

البحث فيها من جهات:

الأولى‏: إنها من الحقوق المجاملية بين الناس في عقودهم و عهودهم موافقة لقاعدة السلطنة لا أن تكون مخالفة لها نتعبد بها شرعا فقط لأن من شؤون المعاهدة بين العقلاء إقالة النادم في العهود الدائرة بينهم سواء كانت الندامة من طرف واحد أو من الطرفين، و قد وردت الروايات مطابقة لهذا الأمر الأخلاقي العرفي.

الثانية: إنها حق لا أن تكون حكما، لكونها مثل الفسخ عرفا، و صرح في التذكرة بأنها تورث، و على فرض عدم الإرث كما عن جمع فلا يلزم أن يكون حكما، إذ ليس كل حق موروثا و كل ما لا يورث حكما كما هو واضح.

الثالثة: الإقالة كالفسخ الحاصل بالخيار لكنها تفترق عنه بتوقفها على تراضي الطرفين، بخلافه فإنه قائم بمن له الخيار فقط فالإقالة رد الملك إلى من كان له قبل العقد بالتراضي، و ليست بيعا مستأنفا فلا تترتب عليها آثار البيع و أحكامه بل ليست عقدا أصلا فهي من سنخ الإيقاعات كالفسخ، و لذا تقع بقول أحدهما مع رضاء الآخر، و ليس كل ما كان متوقفا على رضاء الطرفين عقدا فتتحقق بلفظ أحدهما و مجرد رضاء الآخر بها- و أنه أحرز ذلك بوجه معتبر كما يأتي- قلبا و لو لم يصدر منه لفظ و لا فعل بل و بفعل أحدهما و رضاء الآخر كذلك.

للإطلاقات، و العمومات و ظاهر قوله عليه السّلام: «أيما مسلم أقال مسلما ندامة في البيع أقاله اللّه عثرته يوم القيامة»۱، انه يكفي الإقالة من طرف و الندامة من الطرف الآخر كما في اقالة اللّه تعالى لعبيدة النادمين، و قال عليه السّلام أيضا: «أربعة ينظر اللّه عز و جل إليهم يوم القيامة: من أقال نادما، أو أغاث لهفان، و أعتق نسمة أو زوج عزبا»۲، إلى غير ذلك من النصوص التي وردت مورد التأليف و التسهيل.

للإطلاق و الاتفاق و ذكر البيع في بعض الأدلة من باب الغالب.

للإجماع على عدم جريانها فيه، و لأن رفع النكاح منحصر بسبب خاص و نصوص مخصوصة كما يأتي تفصيله في كتاب النكاح إن شاء اللّه تعالى. و عن بعض عدم جريانها في الهبة اللازمة، و الضمان و الصدقة لعدم جريان الفسخ فيها و جريان الإقالة ملازم لجريانه.

و فيه: ان مقتضى الإطلاق الدال على تشريع الإقالة جريانها في الثلاثة أيضا إلا مع الدليل المعتبر على الخلاف أو ثبوت الملازمة بدليل معتبر و الأول مفقود، و الثاني مشكل و يأتي التفصيل في محالها و لكن الأحوط عدم‏ وقوعها في الثلاثة.

(مسألة ۱): تقع الإقالة بكل لفظ أفاد المعنى المقصود عرفا كما إذا قال المتعاقدان أو أحدهما: تفاسخنا أو تقايلنا أو يقول أحدهما للآخر: (أقلتك) و قبل الآخر، أو التمس أحدهما إقالة الآخر، فأقال، أو رد كل واحد منهما ما انتقل إليه الى صاحبه بعنوان الإقالة، فتتحقق بالفعل من كل منهما بل تتحقق بالفعل من أحدهما و القول من الآخر (٤) و بعد تحقق الإقالة وجب على من بيده المال رده الى صاحبه (٥).

كل ذلك للإطلاق و الاتفاق و الأصل بعد عدم دليل يدل على تعيين خصوصية خاصة في البين.

لأنه صار مال الغير فلا يجوز إمساكه و التصرف فيه بغير رضاه و مقتضى قاعدة اليد وجوب رده.

(مسألة ۲): لا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن و لا نقصان فلو أقال المشتري بزيادة عن الثمن الذي اشترى به أو أقال البائع بوضيعة بطلت الإقالة و بقي العوضان على ملك صاحبهما (٦) هذا إذا جعلت الزيادة أو النقيصة من حدود نفس الإقالة و أما ان كانت خارجة عنها كما إذا كانت بجعالة أو شرط أو هبة أو صلح أو بيع مستأنف فيجوز ذلك (۷).

لأن الإقالة المعهودة رد الملك الأول بما كان عليه حين العقد لا ما زيد شي‏ء عليه فإن الزيادة تحتاج إلى تمليك جديد و هو مفقود و ليس من شأن الإقالة ذلك، مضافا إلى ظهور الإجماع و النص ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «سألته عن رجل اشترى ثوبا و لم يشترط على صاحبه شيئا فكرهه ثمَّ رده على صاحبه فأبى أن يقبله إلا بوضيعة؟ قال عليه السّلام: لا يصلح له أن يأخذه بوضيعة فإن جهل فأخذه فباعه بأكثر من ثمنه رد على صاحبه الأول ما زاد»۳.

للأصل، و الإطلاقات، و العمومات من غير مقيد و مخصص في البين لأن المتيقن من الإجماع و المنساق من النص انما هو البطلان فيما إذا كانت من حدود نفس الإقالة و قيودها لا ما إذا كانت خارجة عنها بالمرة و غير مربوط بها و ان ذكر في ضمنها فليست الزيادة و النقيصة تمليكا بالإقالة بل هو بالشرط الذي التزم به في الإقالة فيشمله عموم: «المؤمنون عند شروطهم»4.

إن قلت: ان الشرط يصير من متممات العوضين فيرجع الزيادة و النقيصة بالأخرة إليهما فتبطل الإقالة، قلت: انه خلف الفرض إذ المفروض انه شي‏ء مستقل ذكر فيها تحفظا على ثبوته و استحكامه.

إن قلت: ان فائدة الشرط التسلط على فسخ العقد الذي اشترط فيه مع عدم الوفاء به و الفسخ في الإقالة غير معهود لأنها فسخ و لا معنى لتزلزل الفسخ و الفسخ في الفسخ، قلت: التسلط على فسخ العقد عند عدم الوفاء بالشرط من إحدى فوائد الشرط لا أن تكون منحصرة فيه كما في الشرط في ضمن العتق و الوقف و نحوهما مما لا يتسلط المشروط له على الفسخ فيه مع عدم الوفاء.

إن قلت: ان الذي وجب الوفاء به لا بد و ان يقع في ضمن العقد و كون الإقالة من العقد أول الكلام قلت: أولا دعوى ان الوفاء الواجب في الشروط ما كان في ضمن العقد أول الدعوى لشمول العمومات و الإطلاقات للشروط الابتدائية أيضا، و لكن نسب إلى المشهور عدم وجوب الوفاء بها كما مر.

و ثانيا: يكفي كونه في ضمن ما هو لازم- عقدا كان أو غيره- كالعتق و الوقف بناء على كونه إيقاعا و ايقافا كما هو الحق و يأتي تفصيله في كتاب الوقف إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة ۳): لا يجري في الإقالة الفسخ و الإقالة (۸).

للأصل و انقطاع العلاقة بينهما فلا موضوع في البين حتى يكون موردا لها، مضافا إلى تسالم الفقهاء عليه.

(مسألة ٤): تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد و في بعضه و يقسط الثمن حينئذ بالنسبة إلى حصته (۹) بل إذا تعدد البائع أو المشتري‏ تصح إقالة أحدهما مع الطرف الآخر و إن لم يوافقه صاحبه (۱0).

لإطلاق الأدلة الشامل للكل و البعض مضافا إلى ظهور الإجماع عليه.

لقاعدة تسلط الناس على أموالهم، و أصالة عدم حق لصاحبه عليه.

(مسألة ٥): تلف أحد العوضين أو كليهما لا يمنع من صحة الإقالة فإذا تقابلا رجع بمثله ان كان مثليا و بقيمته إن كان قيميا (۱۱) و المناط في القيمة على يوم الأداء (۱۲) و الخروج عن الملك ببيع أو هبة أو نحوهما كالتلف (۱۳).

لإطلاق الأدلة الشامل لصورة التلف أيضا، و لأصالة المساواة بين الفسخ و الإقالة إلا ما خرج بالدليل، و قد مر صحة الفسخ حتى مع التلف أيضا.

لأنه وقت تفريغ الذمة و قطع العلقة بينهما بالمرة فنعتبر العين في الذمة إلى وقت فراغها و الأحوط التراضي لأن المسألة خلافية.

لأن الإقالة تسبيب رد كل من العوضين إلى المالك بحسب مقتضى العقد الأول الواقع بينهما فاذا انتفى مقتضاه ينتفي موضوع الإقالة أيضا، مع أن ذلك هو المتيقن من الإجماع و المنساق من النصوص التي تقدم.

(مسألة ٦): تلف البعض كتلف الكل يستوجب الرجوع الى البدل في البعض التالف (۱٤) و حصول العيب يوجب الرجوع الى الأرش (۱٥).

لما مر في تلف الكل من غير فرق بينهما في ذلك.

لقاعدة نفي الضرر و الضرار الجارية في كل مقام.

(مسألة ۷): حق الإقالة كحق الفسخ موروث (۱٦) و لكن الأحوط التراضي من الورثة مستقلا بصلح أو هبة و نحوهما من دون أن يكون ذلك بعنوان حق الورثة للإقالة (۱۷).

لأصالة المساواة بينهما و بين الفسخ بعد ثبوت كونها مثل حق الفسخ.

للاقتصار على المتيقن من أدلة الإقالة و إمكان المناقشة فيما ذكرناه‏ من الأصل و لذا ذهب جمع إلى عدم كونه موروثا.

(مسألة ۸): لا فرق في صحة الإقالة بين قصر المدة بين البيع و بينها و لا بين طول المدة (۱۸).

للإطلاق الشامل لكل منهما ما لم يكن الطول خلاف المتعارف لصحة دعوى الانصراف عنه حينئذ و الحمد للّه أولا و آخرا.

1- الوسائل باب: ۳ من أبواب آداب التجارة: حديث: ۲ .
2- الوسائل باب: ۳ من أبواب آداب التجارة: حديث: ٥.
3- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب أحكام العقود حديث: ۱.

٤- الوسائل باب: ۲0 من أبواب المهور حديث: 4.

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"