1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
  10. /
  11. فصل‏
(مسألة ۱): لو ادعى تارك المعروف و فاعل المنكر عذرا يسقط وجوبهما حينئذ (۱).

لأصالة البراءة بعد عدم صحة التمسك بأدلة وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، لأنّه من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك بالنسبة إلى الأدلة اللفظية و المتيقن من الدليل اللبّي غير ذلك، مضافا الى ظهور حال المسلم، و قاعدة الصحة و سيأتي في مسائل التتميم ما يتعلق بالمقام.

(مسألة ۲): يجب أمر الأهل و الأولاد بالمعروف و نهيهم عن المنكر (۲).

للأدلة الثلاثة- بل الأربعة-:

أما الكتاب فقوله تعالى‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً۱.

و من السنة أخبار كثيرة تقدم بعضها ففي خبر أبي بصير: «قلت له كيف أقيهم؟ قال عليه السّلام: تأمرهم بما أمر اللّه، و تنهاهم عما نهاهم اللّه، فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم، و إن عصوك كنت قد قضيت ما عليك»۲.

و في خبر مولى آل سام قال: «لما نزلت هذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً جلس رجل من المسلمين يبكي، و قال: أنا عجزت عن نفسي، كلفت أهلي فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك، و تنهاهم عما تنهى عنه نفسك»۳.

و من الإجماع من المسلمين على اختلاف آرائهم و عقائدهم.

و أما العقل فحكمه البتيّ بأولوية وجوب نجاة النفس و الأهل من المهالك من غيرهم.

(مسألة ۳): لا يجوز إسخاط الخالق لأجل رضاء المخلوق (۳).

لنصوص مستفيضة بين الفريقين:

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر صفوان: «لا تسخطوا اللّه برضى أحد من خلقه، و لا تتقرّبوا إلى الناس بتباعد من اللّه»4.

و عنه عليه السّلام في تفسير قوله عزّ و جلّ‏ وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَ يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا قال عليه السّلام: ليس العبادة هي السجود و الركوع إنّما هي طاعة الرجال، من أطاع المخلوق في معصية الخالق فقد عبده»٥.

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في المستفيض عنه «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»٦.

و عن الباقر عليه السّلام: «من طلب مرضاة الناس بما يسخط اللّه عزّ و جلّ كان حامده من الناس ذاما، و من آثر طاعة اللّه عزّ و جلّ بما يغضب الناس كفاه اللّه عزّ و جلّ عداوة كل عدوّ و حسد كل حاسد، و بغي كل باغ و كان اللّه له ناصرا و ظهيرا»۷.

و في حديث نافع عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «السمع و الطاعة على المرء المسلم فيما أحبّ ذكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع و لا طاعة»۸.

و عن علي عليه السّلام إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «لا طاعة في معصية اللّه إنّما الطّاعة في المعروف»۹.

(مسألة ٤): يجب إظهار الكراهة عن المنكر و الإعراض عن فاعله مع الإمكان (٤).

لجملة من الأخبار:

منها: قول الصادق عليه السّلام في خبر السكوني قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن نلقي أهل المعاصي بوجوه مكفرة»۱۰.

و عنه عليه السّلام أيضا قال: «إنّ اللّه بعث ملكين إلى أهل مدينة ليقلباها على أهلها فلما انتهيا إلى المدينة فوجدا فيها رجلا يدعو و يتضرّع- إلى أن قال- فعاد أحدهما إلى اللّه، فقال: يا ربّ إنّي انتهيت إلى المدينة فوجدت عبدك فلانا يدعوك و يتضرّع إليك فقال تعالى: امض لما أمرتك به فإنّ ذا رجل لم يتمعر وجهه غيظا لي»۱۱، إلى غير ذلك من الأخبار.

(مسألة ٥): لا بد من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بالقلب ثمَّ باللسان ثمَّ باليد (٥) بل لا بد من إنكار المنكر بالقلب و عدم الرضاء به على كل‏ حال (٦).

لجملة من النصوص:

منها: قول عليّ عليه السّلام: «أيها المؤمنون إنّه من رأي عدوانا يعمل به و منكرا يدعى إليه، فأنكره بقلبه فقد سلم و برئ، و من أنكره بلسانه فقد أجر، و هو أفضل من صاحبه، و من أنكره بالسيف لتكون كلمة اللّه العليا و كلمة الظالمين السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى و قام على الطريق و نوّر في قلبه اليقين»۱۲.

و تقدم ما يدل على هذا الترتيب.

لجملة من الأخبار:

منها: ما عن الصادق، عن أبيه، عن عليّ عليهم السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من شهد أمرا فكرهه كان كمن غاب عنه، و من غاب عن أمر فرضيه كان كمن شهده»۱۳.

و عن عليّ عليه السّلام: «العامل بالظلم و الراضي به و المعين عليه شركاء ثلاثة»۱4.

و عنه عليه السّلام أيضا: إنّما يجمع الناس الرضا و السخط، فمن رضي أمرا فقد دخل فيه، و من سخط فقد خرج منه»۱٥.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «لو أنّ أهل السموات و الأرض لم يحبوا أن يكونوا شهدوا مع رسول اللّه لكانوا من أهل النار»۱٦، إلى غير ذلك من الأخبار.

(مسألة ٦): يجب الغضب للّه بما غضب به لنفسه (۷).

لجملة من النصوص- مضافا إلى الإجماع-:

منها: قول أبي جعفر عليه السّلام في خبر جابر: «أوحى اللّه إلى شعيب النبيّ عليه السّلام:

اني معذب من قومك مائة ألف: أربعين ألفا من شرارهم، و ستين ألفا من‏ خيارهم فقال عليه السّلام: يا ربّ هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟! فأوحى اللّه عزّ و جل إليه: داهنوا أهل المعاصي و لم يغضبوا لغضبي»۱۷.

(مسألة ۷): من أوثق عرى الإيمان الحبّ في اللّه، و الإعطاء في اللّه، و المنع في اللّه (۸) و من ذلك لزوم حبّ المؤمن و بغض الكافر و عدم جواز العكس (۹).

لنصوص متواترة بين الفريقين:

منها: قول أبي جعفر عليه السّلام في خبر ابن المستنير: «ود المؤمن للمؤمن في اللّه من أعظم شعب الإيمان ألا و من أحبّ في اللّه و أبغض في اللّه و أعطى في اللّه و منع في اللّه فهو من أصفياء اللّه»۱۸.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في خبر الحذاء: «من أحبّ للّه و أبغض للّه و أعطى للّه فهو ممن كمل إيمانه»۱۹.

و قال عليه السّلام أيضا في خبر سعيد الأعرج: «من أوثق عرى الإيمان أن تحبّ في اللّه و تبغض في اللّه و تعطي في اللّه و تمنع في اللّه»۲۰، إلى غير ذلك من الأخبار المتواترة.

يدل عليه نصوص متواترة:

منها: قوله صلّى اللّه عليه و آله: «أوثق عرى الإيمان الحبّ في اللّه و البغض في اللّه، و توالي أولياء اللّه و التبري من أعداء اللّه»۲۱.

و عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «أحبوا في اللّه من وصف صفتكم، و أبغضوا في اللّه من خالفكم، و ابذلوا مودتكم و نصيحتكم لمن وصف صفتكم، و لا تبذلوه لمن‏ يرغب عن صفتكم»۲۲، إلى غير ذلك من النصوص.

(مسألة ۸): لا بد من العمل بالمعروف ثمَّ الأمر به و ترك المنكر ثمَّ النهي عنه (۱۰).

لما يظهر من جملة من الأخبار:

منها: قول عليّ عليه السّلام: «لعن اللّه الآمرين بالمعروف و التاركين له، و الناهين عن المنكر العاملين به»۲۳.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذر: «يا أبا ذر يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار فيقولون: ما أدخلكم النار و إنّما دخلنا الجنة بفضل تعليمكم و تأديبكم؟! فيقولون: إنّا كنّا نأمركم بالخير و لا نفعله»۲4، و تقدمت روايات اخرى فراجع.

(مسألة ۹): ينبغي إقامة السنن الحسنة و إجراء العادة الخيرية و الأمر بها و تعلّمها و لا يجوز إجراء العادة السيئة (۱۱)، خصوصا بالنسبة إلى الأهل‏ و الأولاد (۱۲)، و من ذلك دعوة الناس إلى الإيمان باللّه تعالى مع رجاء القبول و عدم المحذور (۱۳).

للأدلة العقلية و النقلية:

أما الأولى: فلأنّه من إقامة الخير و إشاعته في القسم الأول و إشاعة الشرّ في الثاني و فطرة العقول تحكم بحسن الأول و قبح الثاني.

و أما الثانية فلنصوص مستفيضة:

منها: خبر أبي بصير قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من علم خيرا فله مثل أجر من علم به قلت: فان علمه غيره يجري ذلك له؟ قال عليه السّلام: إنّ علمه الناس كلهم جرى له. قلت: فإن مات؟ قال عليه السّلام: و إن مات»۲٥.

و عن أبي جعفر عليه السّلام: «من استنّ بسنة عدل فاتبع كان له آجر من عمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شي‏ء، و من استن سنة جور فاتبع كان عليه مثل وزر من عمل به من غير أن ينتقص من أوزارهم شي‏ء»۲٦ إلى غير ذلك من الأخبار.

لقوله تعالى‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ۲۷، و تقدم في الأخبار ما يدل عليه أيضا.

لجملة من الأخبار:

منها: ما عن الصادق عليه السّلام في خبر سماعة: «قلت له: قول اللّه عزّ و جل:

مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً فقال عليه السّلام: من أخرجها من ضلال إلى هدى فإنّما أحياها، و من أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها»۲۸، إلى غير ذلك من الأخبار.

(مسألة ۱۰): يجب التقية مع احتمال الضرر في تركها (۱٤) بل و لو لم‏ يكن ضرر في البين و لكن تحفظ بها الوحدة الإسلامية (۱٥).

للأدلة الأربعة أما الكتاب فآيات كثيرة:

منها: قوله تعالى‏ لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْ‏ءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ‏۲۹.

و منها: قوله تعالى‏ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ‏۳۰.

و أما العقل: فلأنّه من صغريات تقديم الأهم على المهم، إذ الأمر يدور بين الضرر على النفس المحترمة أو العرض أو المال المحترم و بين إتيان تكليف فرعيّ مطابقا لمذهب الطرف و كل ذي شعور يحكم بتقديم الأول على الأخير، مع أن حفظ الوحدة الصورية الإسلامية أهمّ من كلّ شي‏ء، كما تدل عليه سيرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و خلفائه الراشدين المعصومين عليهم السّلام.

و أما الإجماع فإجماع الأئمة عليهم السّلام و تابعيهم قولا و عملا على ذلك.

و أما السنة فهي فوق التواتر حتى قالوا عليهم السّلام: «لا إيمان لمن لا تقية له»۳۱.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «تسعة أعشار الدين في التقية، لا دين لمن لا تقية له»۳۲.

و عن الصادق عليه السّلام: في تفسير قول اللّه عزّ و جلّ‏ أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا قال عليه السّلام: بما صبروا على التقية وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ قال عليه السّلام: الحسنة التقية، و السيئة الإذاعة»۳۳.

و في خبر ابن سالم قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما عبد اللّه بشي‏ء أحبّ إليه من الخباء قلت؟ و ما الخباء؟ قال عليه السّلام: التقية۳4، و قال عليه السّلام أيضا في رسالته الى أصحابه: «و عليكم بمجاملة أهل الباطل، تحملوا الضيم منهم و إياكم و مماظتهم دينوا فيما بينكم و بينهم إذا أنتم جالستموهم و خالطتموهم و نازعتموهم بالتقية التي أمركم اللّه أن تأخذوا بها فيما بينكم و بينهم- الحديث»۳٥.

إلى غير ذلك من الأحاديث التي جمعها أرباب الحديث و الفقهاء في‏ كتبهم بل قد جرت عادة اللّه عزّ و جلّ على حفظ الحق و أهله في كنف الظالمين و الفاسقين، كما تدل عليه قصة موسى بن عمران في القرآن الكريم‏ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً۳٦، و خليل الرحمن‏۳۷، و جملة من قضايا نبينا الأعظم مع أعدائه و تسامحه معهم بأيّ نحو أمكن ذلك، و قد ورد: «إنّ اللّه ينصر هذا الدّين بأقوام لا خلاق لهم»۳۸.

و في النبوي المشهور: «إنّ اللّه ليؤيد هذا الدّين بالرجل الفاجر»۳۹، إلى غير ذلك من الروايات.

لأهمية حفظ الوحدة الإسلامية من إتيان بعض الفروع الخلافية و المسائل الاختلافية التي لا قيمة لها في مقابل ملاحظة الوحدة الصورية و عدم تحقق الشقاق و النفاق بين المسلمين.

فالتقية من أوسع أبواب الرحمة الإلهية التي فتحها لعباده إلى أن يتجلّى شمس الحقيقة و يملأ هذه الأرض قسطا و عدلا، و قد أشرنا إلى بعض القول في التقية في أحكام الوضوء و الصلاة و الحج فليراجع.

(مسألة ۱۱): لا تختص التقية بمورد دون مورد، بل تعم جميع الموارد مع خوف الضرر في تركها (۱٦) حتى إنّه يجوز إظهار ما ظاهره الكفر إن‏ اقتضت الضرورة ذلك (۱۷)، هذا بحسب الظاهر و اللسان و أما قلبا فلا يجوز ذلك (۱۸).

للإطلاقات، و العمومات خصوصا مثل قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «التقية في كل شي‏ء يضطر إليه ابن آدم فقد أحلّه اللّه له»، إلى‏ غير ذلك من الأخبار.

للأدلة الأربعة:

أما الكتاب فقوله تعالى‏ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ‏.

و أما السنة ففيها نصوص مستفيضة:

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر ابن سالم: «إنّ مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسرّوا الإيمان و أظهروا الشرك فآتاهم اللّه أجرهم مرّتين».

و قال عليّ عليه السّلام: «انّه سيظهر عليكم بعدي رجل- إلى أن قال- سيأمركم بسبّي و البراءة منّي فأما السبب فسبوني فإنّه لي زكاة و لكم نجاة، و أما البراءة فلا تتبرأوا مني فإنّي ولدت على الفطرة و سبقت إلى الإيمان و الهجرة».

و خبر ابن عطا قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام: رجلان من أهل الكوفة أخذا فقيل لهما: ابرأا عن أمير المؤمنين عليه السّلام فبرئ واحد منهما، و أبي الآخر فخلّي سبيل الذي برئ و قتل الآخر فقال عليه السّلام: أما الذي برئ فرجل فقيه في دينه، و أما الذي لم يبرأ فرجل تعجل إلى الجنة»44، و كذا قصة ابن ياسر المشهورة.

و أما الإجماع، فإجماع، الفقهاء قولا و عملا.

و أما العقل فلما تقدم أنّه من موارد الأهمّ و المهمّ.

لأنّه لا موضوع للتقية في الأمور القلبية التي لا يطلع عليها غير علام الغيوب.

(مسألة ۱۲): تتحقق التقية في الحكم، و الفتوى مع خوف الضرر في‏ تركها (۱۹).

لشمول جميع الأدلة المسوّغة لها لهما أيضا، مضافا إلى موثق أبان بن تغلب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: «إنّي أقعد في المسجد فيجي‏ء الناس فيسألوني فإن لم أجبهم لم يقبلوا منّي، و أكره أن أجيبهم بقولكم و ما جاء عنكم فقال لي: انظر ما علمت أنّه من قولهم فأخبرهم بذلك».

و في خبر ابن مسلم النحوي عنه عليه السّلام أيضا قال: «بلغني أنّك تقعد في الجامع فتفتي الناس؟ قلت: نعم، و أردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج: إنّي أقعد في المسجد فيجي‏ء الرجل فيسألني عن الشي‏ء فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يفعلونه، و يجي‏ء الرجل أعرفه بمودتكم فأخبره بما جاء عنكم، و يجي‏ء الرجل لا أعرفه و لا أرى من هو فأقول جاء عن فلان كذا جاء عن فلان كذا فادخل قولكم فيما بين ذلك. قال عليه السّلام: اصنع كذا، فإنّي أصنع كذا».

و كثرة الأحكام التي صدرت تقية عنهم عليه السّلام و وصلت إلينا أقوى دليل على المسألة كما هو واضح، و يأتي بعض ما يتعلق بالمقام في كتاب القضاء.

(مسألة ۱۳): لا تقية في الدم (۲۰) و يجوز كتمان الدّين عن غير أهله مع اقتضاء التقية لذلك (۲۱)، بل تحرم إذاعة الحق مع الخوف (۲۲).

لقول أبي جعفر عليه السّلام في خبر ابن مسلم: «إنّما جعل التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغ الدم فليس تقية»، مضافا إلى الإجماع و في ذلك تفاصيل و فروع يأتي بعضها في كتاب الحدود.

لعمومات أدلة التقية، و نصوص خاصة:

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «إنّكم على دين من كتمه أعزّه‏ اللّه، و من أذاعه أذلّه اللّه».

و عنه عليه السّلام أيضا: أمر الناس بخصلتين فضيّعوهما فصاروا على غير شي‏ء:

الصبر و الكتمان»٥۰، إلى غير ذلك من الأخبار.

لإطلاق أدلة التقية الشامل للمقام أيضا، مضافا إلى نصوص كثيرة:

منها: قول الصادق عليه السّلام: «نفس المهموم لنا المغتم لظلمنا تسبيح، و همّه لأمرنا عبادة، و كتمانه لسرّنا جهاد في سبيل اللّه»٥۱.

و في خبر إسحاق بن عمار الوارد في تفسير هذه الآية ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ‏٥۲.

قال الصادق عليه السّلام: «و اللّه ما قتلوهم بأيديهم و لا ضربوهم بأسيافهم و لكنّهم سمعوا أحاديثهم فأذاعوها فأخذوا عليها فقتلوا فصار قتلا و اعتداء و معصية»٥۳.

(مسألة ۱٤): يجب بذل المال دون النفس و العرض، و بذل النفس دون الدّين (۲۳).

نصّا، و إجماعا من الفقهاء بل العقلاء في الجملة قال عليّ عليه السّلام في وصيته لأصحابه:

«إذا حضرت بلية فاجعلوا أموالكم دون أنفسكم و إذا نزلت نازلة فاجعلوا أنفسكم دون دينكم، و اعلموا أنّ الهالك من هلك دينه و الحريب من حرب دينه‏ ألا و إنّه لا فقر بعد الجنة ألا و إنّه لا غنى بعد النار، لا يفك أسيرها، و لا يبرأ ضريرها»٥4.

و عن الصادق عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يا عليّ: «أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها- اللهم أعنه- إلى أن قال: و الخامسة بذلك مالك و دمك دون دينك»٥٥ إلى غير ذلك من الروايات.

(مسألة ۱٥): يحرم التظاهر بالمنكرات (۲٤)، و لا بد من إشاعة المعروف و العادات الحسنة، و إماتة المنكر و العادات السيئة (۲٥).

لأنّه نحو تجرّ على اللّه تعالى بالنسبة إلى محرّماته، فيكون أشدّ حرمة نصّا٥٦، و إجماعا، و قد ملأ كتب الفريقين الآثار الوضيعة للتظاهر بالمنكرات من النصوص و الآثار المعتبرة و من شاء فليرجع إليها في مظانها بل جميع الكتب السماوية تشهد بذلك.

للإجماع، و جملة من النصوص:

منها: قول أبي جعفر عليه السّلام: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء» و «كل معروف صدقة» و «أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، و أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة»، و «أوّل أهل الجنة دخولا إلى الجنة أهل المعروف، و إنّ أوّل أهل النار دخولا إلى النار أهل المنكر»٥۷، و تقدم ما يدل على ذلك.

(مسألة ۱٦): ينبغي فعل المعروف مع كل أحد و إن لم يكن من أهله (۲٦) نعم، يتأكد ذلك بالنسبة إلى أهله (۲۷)، و قد يكره بالنسبة إلى غير الأهل بل قد يحرم (۲۸).

لجملة من النصوص:

منها: قول أبي عبد اللّه في صحيح ابن دراج: «اصنع المعروف إلى من هو أهله، و إلى من ليس من أهله فإن لم يكن هو أهله فكن أنت أهله»٥۸.

و في رواية ابن جعفر عن أخيه موسى: «أخذ أبي بيدي ثمَّ قال: يا بنيّ إنّ أبي محمد بن عليّ عليهما السّلام أخذ بيدي كما أخذ بيدك و قال: إنّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام أخذ بيدي و قال: يا بني افعل الخير إلى كل من طلبه منك فإن كان من أهله فقد أصبت موضعه، و إن لم يكن من أهله كنت أنت من أهله و إن شتمك رجل عن يمينك ثمَّ تحوّل إلى يسارك فاعتذر إليك فاقبل عذره»٥۹، إلى غير ذلك من الأخبار.

لنصوص كثيرة:

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «أيّما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصل ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله‏٦۰، و قوله عليه السّلام في الصحيح: «ثلاثة إن تعلمهنّ المؤمن كانت زيادة في عمره و بقاء النعمة عليه، فقلت: و ما هنّ؟ قال:

تطويله لركوعه و سجوده في صلاته، و تطويله لجلوسه على طعامه إذا طعم على مائدته، و اصطناعه المعروف إلى أهله»٦۱.

لما يظهر ذلك من جملة من الأخبار قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في خبر المفضل: «إذا أردت أن تعرف إلى خير يصير الرجل أم إلى شر فانظر أين يضع معروفه، فإن كان يصنع معروفه عند أهله فاعلم أنّه يصير إلى خير، و إن كان‏ يصنع معروفه مع غير أهله فاعلم أنّه ليس له في الآخرة من خلاق»٦۲.

(مسألة ۱۷): ينبغي تعظيم فاعل المعروف، و تحقير فاعل المنكر مع‏ عدم محذور في البين (۲۹).

لجملة من النصوص:

منها: ما تقدم من قول أبي جعفر: «أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، و أهل المنكر هم أهل المنكر في الآخرة»٦۳.

و عنه عليه السّلام أيضا في خبر ابن عميرة: «أقيلوا لأهل المعروف عثراتهم و اغفروها لهم، فإنّ كفّ اللّه عزّ و جلّ عليهم- هكذا و أومأ بيده- كأنّه بها يظلّ شيئا»٦4.

و عن الصادق عليه السّلام قال: «أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة يقال لهم: إنّ ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم»٦٥.

و عن أبي جعفر عليه السّلام عن أم سلمة قالت: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، و الصدقة خفيا تطفئ غضب الرب، و صلة الرحم زيادة في العمر، و كل معروف صدقة- إلى أن قال صلّى اللّه عليه و آله: «أول من يدخل الجنة أهل المعروف»٦٦.

(مسألة ۱۸): يستحب مكافاة المعروف بمثله أو ضعفه (۳۰) و يحرم‏ كفران المعروف، خصوصا إذا كان للّه جلّ جلاله (۳۱)، بل قد يجب المكافاة بالمثل (۳۲).

بالأدلة الأربعة: فمن الكتاب قوله تعالى‏ هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ‏٦۷.

و من العقل حكمه القطعي بحسن الإحسان مطلقا.

و أما السنة فنصوص متواترة:

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر ابن سالم: «من صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به، و ليست المكافأة أن يصنع كما صنع به بل يرى مع فعله لذلك أنّ له الفضل المبتدأ»٦۸.

و في خبره الآخر: «ليس المكافأة أن يصنع كما صنع حتى يربى عليه فإن صنعت كما صنع كان له الفضل بالابتداء»٦۹.

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «يد اللّه عزّ و جل فوق رؤوس المكافئين ترفرف بالرحمة»۷۰.

و عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «من سألكم باللّه فأعطوه، و من آتاكم معروفا فكافوه، و إن لم تجدوا ما تكافونه فادعوا اللّه له حتى تظنوا أنّكم قد كافيتموه»۷۱.

و أما الإجماع فمن جميع العلماء بل العقلاء كما تقدم.

للأدلة الأربعة:

فمن الكتاب قوله تعالى‏ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ‏۷۲، و قوله تعالى:

لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ۷۳.

و من الإجماع. إجماع العقلاء بل فطرة ذوي الشعور.

و من النصوص نصوص متواترة:

منها: ما عن الرضا عليه السّلام في خبر الهروي قال: «قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أسرع‏ الذنوب عقوبة كفران النعمة»۷4.

و عنه عليه السّلام أيضا: «يؤتى العبد يوم القيامة فيوقف بين يدي اللّه عزّ و جلّ فيأمر به إلى النار فيقول: أي ربّ أمرت بي إلى النار و قد قرأت القرآن، فيقول اللّه:

أي عبد إنّي قد أنعمت عليك و لم تشكر نعمتي، فيقول: أي ربّ أنعمت عليّ بكذا و شكرتك بكذا و أنعمت عليّ بكذا و شكرتك بكذا فلا يزال يحصي النعمة و يعدّ الشكر فيقول اللّه تعالى: صدقت عبدي إنّك لم تشكر من أجريت لك النعمة على يديه، و إنّي قد آليت على نفسي أن لا أقبل شكر عبد لنعمة أنعمتها عليه حتى يشكر من ساقها من خلقي إليه»۷٥.

و من العقل حكمه القطعي بقبحه.

إن علم من القرائن أنّ أصل فعل المعروف إنّما كان لأجل الاستيعاض و أخذ العوض، بل يشكل عدم الوجوب في صورة الشك لأصالة احترام المال و الضمان بالمثل و القيمة إلا إذا علم المجانية و التبرع.

ثمَّ إن الهدايا التي يهدي بها حين الزواج إن دلت قرينة معتبرة على أنّها للزوج أو الزوجة يتبع و إلا فهذا من المال المردد بين شخصين لا يجوز لهما التصرف فيه إلا برضاء الآخر، كما هو حكم كلّ مال مردد بين أشخاص أو شخصين، و كذا المهدى به عند الولادة، و الختان و نحو ذلك من الأفراح و غيرها، فإن دلت قرينة على أنّه لمعيّن يؤخذ بها و إلا فيكون من موارد العلم الإجمالي.

إنّما الكلام في دفع العوض إذا علم أنّ المعطى لم يقصد المجانية فمقتضى الأصل عدم جواز دفعه من مال المولّى عليه.

(مسألة ۱۹): لا يجوز التفكر في ذات اللّه تعالى و الكلام فيه بغير ما نزل في الشريعة المقدّسة و ما صرّح به الأئمة المعصومون عليهم السّلام (۳۳).

لأنّه تعالى غير متناه من كل جهة و العقول و الأفكار متناهية من كل جهة، و لا يمكن إحاطة المتناهي بغير المتناهي، هذا مضافا إلى نصوص متواترة، و إجماع الأنبياء و المعصومين عليهم السّلام.

ففي خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «إيّاكم و التفكر في اللّه، و لكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمته فانظروا إلى عظم خلقه»۷٦.

و عنه عليه السّلام أيضا: «تكلموا في خلق اللّه و لا تكلموا في اللّه فإنّ الكلام في اللّه لا يزداد صاحبه إلا تحيّرا»۷۷.

و في خبر الكناسي عن أبي جعفر عليه السّلام: «اذكروا من عظمة اللّه ما شئتم و لا تذكروا ذاته فإنكم لا تذكروا منه شيئا إلا و هو أعظم منه»۷۸.

و قال عليه السّلام: أيضا في خبر أبي عبيد: «تكلموا في كل شي‏ء و لا تكلموا في اللّه»۷۹ إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة.

(مسألة ۲۰): يجب إظهار الحق مع الإمكان عند ظهور البدعة (۳٤)،و تجب البراءة من أهل البدع و سبّهم و تحذير الناس منهم مع عدم المحذور (۳٥).

لوجوب إقامة الحق، و إمامته الباطل، و في الحديث المعروف بين الفريقين عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة اللّه»۸۰.

و إطلاقه يشمل الإظهار لفظا، و كتابة إذا اقتضى الحال ذلك، و لكن كل ذلك مقيد بعدم وجود محذور في البين من تقية و نحوها.

للإجماع، و نصوص متواترة:

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر ابن سرحان: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «إذا رأيتم أهل الريب و البدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم و أكثروا من سبّهم و القول فيهم و الوقيعة، و باهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام و لا يتعلموا من بدعهم يكتب اللّه لكم بذلك الحسنات و يرفع لكم به الدرجات في الآخرة»۸۱، و غيره من الأخبار.

(مسألة ۲۱): لا يجوز مجالسة أهل المعاصي، و مخالطتهم و محبة بقائهم مع عدم محذور في البين (۳٦).

بالأدلة الأربع:

أما الكتاب فلجملة من الآيات المباركة منها: قوله تعالى‏ وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ۸۲.

و أما العقل فلأنّه من شعب الظلم و هو يستقبل بقبحه بجميع أنحائه و أقسامه.

و أما السنّة فهي متواترة.

و منها: قول أبي الحسن موسى عليه السّلام لصفوان: «كل شي‏ء منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا قلت: أيّ شي‏ء؟! قال عليه السّلام: إكراؤك جمالك من هذا الرجل، يعني هارون- إلى أن قال:- يا صفوان أ يقع كراؤك عليهم؟ قلت: نعم، قال عليه السّلام:

أ تحب بقاءهم حتى يخرج كراك؟ قلت: نعم، قال: قال عليه السّلام: فمن أحبّ إبقاءهم‏ فهو منهم، و من كان منهم كان ورد النار. قال صفوان: فذهبت فبعت جمالي عن آخرها»۸۳.

و منها: قول عليّ عليه السّلام في خبر ابن القداح: «من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يقوم مكان ريبة»۸4.

و عن الصادق عليه السّلام في خبر ابن يزيد: لا تصحبوا أهل البدع و لا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المرء على دين خليله و قرينه»۸٥، و تقدم مما يدل على ذلك أيضا.

(مسألة ۲۲): لا ينبغي للإنسان أن يدخل في أمر تكون مضرّته على نفسه أكثر من نفعه لغيره (۳۷)، بل قد يحرم ذلك (۳۸).

لجملة من النصوص:

منها: قول الرضا عليه السّلام: «لا تبذل لإخوانك من نفسك ما ضرّه عليك أكثر من نفعه لهم»۸٦.

و عن الصادق عليه السّلام في خبر ابن منصور: «لا تدخل لأخيك في أمر مضرّته عليك أكثر من منفعته له»۸۷.

و قد فسّر ذلك ابن سنان: «يكون عن الرجل دين كثير و لك مال فتؤدي عنه فيذهب مالك و لا تكون قضيت عنه» و لعلّ ذلك من أحد المصاديق.

كما إذا وصل إلى حدّ المشقة و الحرج الذي لا يقدر على تحمله.

(مسألة ۲۳): ينبغي حسن جوار النّعم بالشكر و أداء الحقوق (۳۹).

لنصوص مستفيضة من الفريقين:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في خبر الشحام: «أحسنوا جوار نعم اللّه، و احذروا أن تنتقل عنكم إلى غيركم، أما إنّها لم تنتقل عن أحد قط فكادت ترجع إليه، و كان عليّ عليه السّلام يقول: قلّما أدبر شي‏ء فأقبل»۸۸.

و عنه عليه السّلام أيضا في خبر ابن عجلان: «أحسنوا جوار النعم قلت: و ما حسن جوار النّعم؟ قال عليه السّلام: الشكر لمن أنعم بها و أداء حقوقها»۸۹، إلى غير ذلك من الأخبار.

(مسألة ۲٤): يستحب القيام بقضاء حوائج الناس خصوصا لمن تظاهرت نعم اللّه عزّ و جلّ عليه، و يتأكد ذلك بالنسبة إلى الذرية النبوية، بل ينبغي لكل مسلم الاهتمام بأمور المسلمين مهما أمكنه ذلك، بل قد يجب ذلك (٤۰).

أما أصل استحباب السعي في قضاء حوائج الناس، فيدل على رجحانه الأدلة الأربعة:

فمن الكتاب قوله تعالى‏ وَ سارِعُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ‏۹۰، و قوله تعالى:

وَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ أُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ‏۹۱، و كذا قوله تعالى:

فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ*۹۲.

و من السنة نصوص متواترة بين الفريقين.

منها: قوله: «اللّه في عون المؤمن ما دام المؤمن في عون أخيه»۹۳.

و قال الصادق عليه السّلام: في خبر مسمع: «من نفّس عن مؤمن كربة نفّس اللّه عنه كرب الآخرة و خرج من قبره و هو ثلج الفؤاد، و من أطعمه من جوع أطعمه اللّه من ثمار الجنة- الحديث-»۹4.

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «اللّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»۹٥.

و قال أبو الحسن موسى عليه السّلام «إنّ للّه عبادا في الأرض يسعون في حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة، و من أدخل على مؤمن سرورا فرّح اللّه قلبه يوم القيامة»۹٦، إلى غير ذلك من الأخبار.

و من الإجماع إجماع المسلمين بل العقلاء.

من العقل حكمه القطعيّ بحسنه و رجحانه.

و أما تأكد ذلك لمن تظاهرت عليه نعم اللّه تعالى، فلنصوص متواترة:

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «من عظمت نعمة اللّه عليه اشتدت مئونة الناس إليه فاستديموا النعمة باحتمال المؤنة و لا تعرضوها للزوال فقلّ من زالت عنه النعمة فكادت أن تعود إليه»۹۷.

هذا إذا لم يكن محذور في البين و إلا فقد يكون حراما.

و أما الثالث فلنصوص كثيرة:

منها: قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «من صنع إلى احد من أهل بيتي يدا كافيته به يوم القيامة»۹۸.

و عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذريتي من بعدي، و القاضي لهم حوائجهم، و الساعي لهم في أمورهم عند ما اضطروا إليه‏ و المحبّ لهم بقلبه و لسانه»۹۹.

و أما الأخير: فلما رواه الفريقان عنه صلّى اللّه عليه و آله: «من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم»۱۰۰.

و في خبر آخر: «و من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم»۱۰۱.

  1. سورة التحريم: ٦.
  2. الوسائل باب: ۹ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۲.
  3. الوسائل باب: ۹ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  4. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ٦ و ۱۲ و ۷.
  5. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ٦ و ۱۲ و ۷.
  6. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ٦ و ۱۲ و ۷.
  7. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۲
  8. سنن أبي داود باب: ۸۷ من أبواب الجهاد حديث: ۲٦۲٦ و ۲۱۲٥.
  9. سنن أبي داود باب: ۸۷ من أبواب الجهاد حديث: ۲٦۲٦ و ۲۱۲٥.
  10. الوسائل باب: ٦ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  11. الوسائل باب: ٦ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۲.
  12. الوسائل باب: ۳ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۸.
  13. الوسائل باب: ٥ من أبواب الأمر و النهي حديث: ٦ و ۹ و ۱۰.
  14. الوسائل باب: ٥ من أبواب الأمر و النهي حديث: ٦ و ۹ و ۱۰.
  15. الوسائل باب: ٥ من أبواب الأمر و النهي حديث: ٦ و ۹ و ۱۰.
  16. الوسائل باب: ٥ من أبواب الأمر و النهي حديث: ٦ و ۹ و ۱۰.
  17. الوسائل باب: ۸ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  18. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۳ و ۱ و ۲.
  19. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۳ و ۱ و ۲.
  20. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۳ و ۱ و ۲.
  21. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الأمر و النهي حديث: 4.
  22. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الأمر و النهي حديث: ٦.
  23. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۹ و ۱۲.
  24. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۹ و ۱۲.
  25. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  26. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الأمر و النهي حديث: ٦.
  27. سورة التحريم: ٦.
  28. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۳.
  29. سورة آل عمران: ۲۸.
  30. سورة فصلت: ۳4
  31. الوسائل باب: ۲4 من أبواب الأمر و النهي حديث: ٦ و ۲.
  32. الوسائل باب: ۲4 من أبواب الأمر و النهي حديث: ٦ و ۲.
  33. الوسائل باب: ۲4 من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱ و ۱4 و ۱۳.
  34. الوسائل باب: ۲4 من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱ و ۱4 و ۱۳.
  35. الوسائل باب: ۲4 من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱ و ۱4 و ۱۳.
  36. سورة قصص: ۸.
  37. راجع البحار ج: ۱۲ صفحة: ٥٥ طبعة طهران.
  38. الوسائل باب: ۹ من أبواب جهاد العدوّ، حديث: ۱.
  39. البخاري ج: 4 صفحة: ۸۸ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۲.
  40. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۲.
  41. سورة النحل ۱۰٦.
  42. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  43. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱۰.
  44. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب الأمر و النهي حديث: 4.
  45. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۲ و ۱۳.
  46. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱ و ۲.
  47. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱ و ۲.
  48. الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  49. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  50. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۳.
  51. الوسائل باب: ۳4 من أبواب الأمر و النهي حديث: ۹.
  52. سورة البقرة: ٦۱.
  53. الوسائل باب: ۳4 من أبواب الأمر و النهي حديث: ۹ و ۱٥.
  54. الوسائل باب: ۲۲ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۲ و ٥.
  55. الوسائل باب: ۲۲ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۲ و ٥.
  56. راجع الوسائل باب: 4۱ من أبواب الأمر و النهي.
  57. الوسائل باب: ۱ من أبواب فعل المعروف حديث: ۱۰
  58. الوسائل باب: ۳ من أبواب فعل المعروف حديث: ۱ و ۳.
  59. الوسائل باب: ۳ من أبواب فعل المعروف حديث: ۱ و ۳.
  60. الوسائل باب: 4 من أبواب فعل المعروف حديث: ۱ و ۳.
  61. الوسائل باب: 4 من أبواب فعل المعروف حديث: ۱ و ۳.
  62. الوسائل باب: ٥ من أبواب فعل المعروف حديث: ۲.
  63. الوسائل باب: ٦ من أبواب فعل المعروف حديث: ۱ و ۳ و ٦.
  64. الوسائل باب: ٦ من أبواب فعل المعروف حديث: ۱ و ۳ و ٦.
  65. الوسائل باب: ٦ من أبواب فعل المعروف حديث: ۱ و ۳ و ٦
  66. الوسائل باب: ٦ من أبواب فعل المعروف حديث: ۷.
  67. سورة الرحمن: ٦۰.
  68. الوسائل باب: ۷ من أبواب فعل المعروف حديث: ۳ و 4 و ۱۰ و ٥.
  69. الوسائل باب: ۷ من أبواب فعل المعروف حديث: ۳ و 4 و ۱۰ و ٥.
  70. الوسائل باب: ۷ من أبواب فعل المعروف حديث: ۳ و 4 و ۱۰ و ٥.
  71. الوسائل باب: ۷ من أبواب فعل المعروف حديث: ۳ و 4 و ۱۰ و ٥.
  72. سورة البقرة: ۱٥۲.
  73. سورة إبراهيم: ۷.
  74. الوسائل باب: ۸ من أبواب فعل المعروف حديث: ۱۱.
  75. الوسائل باب: ۸ من أبواب فعل المعروف حديث: ۱۲.
  76. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الأمر و النهي حديث: 4
  77. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۷ و ۱4 و ۱۳.
  78. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۷ و ۱4 و ۱۳.
  79. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۷ و ۱4 و ۱۳.
  80. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  81. الوسائل باب: ۳۹ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۱.
  82. سورة هود: ۱۱۳.
  83. الوسائل باب: ۳۷ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۷.
  84. الوسائل باب: ۳۸ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۹ و ۱.
  85. الوسائل باب: ۳۸ من أبواب الأمر و النهي حديث: ۹ و ۱.
  86. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب فعل المعروف حديث: 4 و ۱.
  87. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب فعل المعروف حديث: 4 و ۱.
  88. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب فعل المعروف حديث: ۱ و ۳.
  89. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب فعل المعروف حديث: ۱ و ۳.
  90. سورة آل عمران: ۱۳۳
  91. سورة آل عمران: ۱۱4.
  92. سورة المائدة: 4۸.
  93. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب فعل المعروف حديث: ۲ و 4.
  94. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب فعل المعروف حديث: 4.
  95. مسند أحمد بن حنبل ج: ۲ صفحة: الوسائل باب: ۷4.
  96. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب فعل المعروف حديث: ۲.
  97. الوسائل باب: ۱4 من أبواب فعل المعروف حديث: ۱.
  98. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب فعل المعروف حديث: ۱.
  99. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب فعل المعروف حديث: ٦.
  100. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب فعل المعروف حديث: ۱ و ۳.
  101. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب فعل المعروف حديث: ۱ و ۳.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"