وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٤۸) وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَ احْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ (٤۹) أَ فَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥۰)
بعد ما بيّن عزّ و جلّ شأن التوراة و الإنجيل و أنّهما كتاب هدى و نور، و قد حتم على بني إسرائيل الحكم بما أنزل فيهما و إقامتهما، و شدّد عليهم من ترك الحكم بهما، و اعتبر ذلك كفرا و ظلما و فسقا، يذكر تعالى في هذه الآيات شأن القرآن العظيم و مكانته العظيمة بين الكتب الإلهيّة، فهو المهيمن عليهما، و أمر نبيّه الكريم صلّى اللّه عليه و آله بإقامته و الحكم بما انزل فيه، و الإعراض عمّن صدّ عن الحقّ، ثمّ بيّن سبحانه الحكمة في تعدّد الشرائع و المناهج، و اعتبرها مقدّمات لهذا الدين الذي هو المقصد و النتيجة لها، فكان آخر الأديان الإلهيّة، و أمر رسوله العظيم بالاستقامة و الإعراض عن الكافرين، و حذّرهم من الصدّ عن إقامة الحقّ و اتّباع حكم الجاهلية، فإنّه سيجازيهم بأعمالهم في الدنيا و سيصيبهم عذاب الآخرة بما كسبت أيديهم.