وَ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَ مِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَ يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (۷٥) بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَ اتَّقى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (۷٦) إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (77) وَ إِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَ ما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ ما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (78)
بعد أن بين سبحانه و تعالى بعض احوال اهل الكتاب بما يثبت غرورهم و تكبرهم على الحق، و أظهر أخلاقهم الفاسدة و شرح معايبهم ذكر هنا مظهرا من مظاهر غرورهم و هو نقض العهد و خيانة الامانة فان بعض اهل الكتاب أباحوا لأنفسهم استحلال أموال المسلمين اغترارا منهم بالعصبية الحمقاء، و قالوا بأن اللّه تعالى خصهم بالكرامة و حباهم بالنعمة حيث جعل فيهم النبوة و الملك، و أن غيرهم لا حظ لهم منها و نسبوهم الى الأمية، و كان من آثار هذا الاعتقاد الفاسد أنهم استحلوا نقض العهد مع غيرهم، و أباحوا لأنفسهم سلب حقوق الناس، و نهب أموالهم، و الخيانة معهم، و أرادوا من ذلك حصر المؤمنين و الضغط عليهم بالحرب الاقتصادية عليهم و لكنهم احتفظوا لأنفسهم هذه الحقوق، و حظروا نقض العهود في ما بينهم، و قد أوعدهم سبحانه و تعالى سوء الخاتمة، و أشد العذاب و الحرمان عن رحمته عز و جل جزاء كذبهم و افترائهم على اللّه تعالى.