لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (۱۹٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ (197) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (198) وَ إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (199)
بعد ما ذكر سبحانه و تعالى بعض احوال اولي الألباب و بعض صفات الأبرار و أعمالهم الحسنة و الجزاء الحسن الذي وعده تبارك و تعالى لهم أشار في هذه الآيات الشريفة الى ما يتعلق بمن يضادهم و ينافيهم لما ارتكز في النفوس من ان الأشياء انما تعرف بأضدادها، و التمييز بين الأبرار و الكفار، و لبيان ما ابتلى به المؤمنون ذلك البلاء الشاق من الهجرة و الإخراج من الديار و الإيذاء و القتل و القتال انما هو للتمييز و التمحيض الذي هو سنة الهية كما عرفت، و للاعلام باستحقاقهم ذلك الثواب الجزيل فلا يقاس حالهم بحال الكفار الذين يتمتعون متاعا قليلا ثم لهم سوء العقاب.
و في هذه الآيات المباركة الموعظة الكبيرة للمؤمنين و النهي عن الاغترار بحال الكفار الذين يتنعمون في نعم ظاهرية بل لا بد ان يجعل الأمر في نظرهم أبعد من ذلك فان لهم الثواب العظيم و النعيم الحقيقي