وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ وَ أَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَ اتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ (173)
فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَ اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (۱۷٤) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَ خافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (۱۷٥)
بعد ما بين سبحانه و تعالى مكر المنافقين و ضعف نفوسهم و تحداهم بأمر واقع لا نكران فيه بأن الموت كما يصيب المجاهدين في سبيله تعالى كذلك يصيب القاعدين و لا يستطيعون درء الموت عن أنفسهم بقعودهم.
بين في هذه الآيات الشريفة المائز و الفارق بين ميتة القاعدين و بين ما يصيب المجاهدين في سبيله تعالى و لا يموتون ميتتهم فإنهم ليسوا أمواتا و لا تكون حياتهم محدودة فلا تنتهي و انما لهم الحياة عند ربهم متصفين بأكمل الصفات و أسماها، فرحين، و مستبشرين، لا يطرأ عليهم خوف و لا حزن لأنهم عند «مليك مقتدر».
و الأحياء عند ربهم هم الذين استجابوا للّه و الرسول و لم تزلزلهم المحنة و لم تقعدهم الجراحات عن الجهاد في سبيله و لم يخشوا من تجمع الأعداء و لم يرهبهم ارجاف الناس بل زادهم كل ذلك ايمانا به تعالى و تسليما لأمره فاعتمدوا عليه و ساروا على النهج الذي فيه رضوان اللّه تعالى و يستبشرون خيار المؤمنين بكمال سعادتهم.
و قد كشف سبحانه و تعالى عن منشأ الخوف و هو الشيطان الذي يخوف أولياءه تعالى و لكنهم لا يخافون سواه تعالى و ان قلوبهم مملوءة بالثقة باللّه العظيم و الايمان به.