للأصل، و العمومات، و الإطلاقات، بعد عدم دليل على الخلاف، بل الأحكام الوضعية باقية على حالها، فلا يجوز و يضمن لو أخذ الدم منه مثلا بدون رضاه، و كذا لو استقله في العمل.
تقدم بعضها في المسائل السابقة إلا أن هنا مسائل:
(مسألة ۱): الواجب إنما هو القتل فقط و أما سائر الجهات من الإيذاء القولي أو الفعلي فهي باقية على أحكامهما الأولية من الحرمة أو الكراهة (۱).
(مسألة ۲): يجب حفظ حياته إلى حين تحقق القصاص (۲)، و إن توقف ذلك على بذل المال فيؤخذ منه إن كان له مال و إلا فعلى بيت مال المسلمين و إلا فتجب كفاية (۳).
لما تقدم في النفقات من العمومات، و الإطلاقات، الشاملتان له، بلا دليل على الخلاف.
لأنه ما لم يقتص منه يكون كسائر المسلمين، فيجري عليه ما يجري على المسلمين.
(مسألة ۳): لا بد للحاكم الشرعي من إمهال الجاني عند القود لأداء ما عليه فعلا من الواجبات الشرعية كالوصية لأداء ديونه و غيرها (٤).
لأن ذلك من أهم الأمور الحسبية، فيجب ذلك عليه، فإن الواجبات لا تتحقق إلا بذلك، و قد تقدم في كتاب الطهارة ما يتعلق بالمقام.
(مسألة ٤): لا يجوز سجن الجاني إلا إذا كان في معرض الفرار و لم تتحقق الكفالة (٥)، فيسجن حتى يجري عليه القصاص (٦)، و لا يسقط القود بفرار الجاني و يقتص منه متى وجد ما لم يتراضيا بالدية (۷).
أما الأول: فلأنه إيذاء و هتك بل إضرار له، فلا يجوز.
و أما الثاني: فلما تقدم في كتاب الكفالة من أن الكفيل هو الضامن لإحضاره، فإذا لم تتحقق الكفالة الشرعية و كان الجاني في معرض الفرار، يسجن حينئذ.
لوجوب القصاص فيجب مقدماته.
للإطلاقات، و العمومات، من غير دليل على الخلاف. نعم لو تراضيا بالدية سقط القود، كما تقدم مكررا.
(مسألة ٥): لو استجار الجاني بأحد فإجارة و لم يتمكن القود منه لا يسقط القصاص و لا يجوز لأحد إجارته (۸).
أما الأول: فللأصل، و الإطلاقات، و العمومات.
و أما الثاني: فإن كان الجوار لأصل دفع القود عنه رأسا فهذا تعطيل للحدود و لا يجوز شرعا، كما مر في أول كتاب الحدود، و إن كان لأجل الإمهال مدة قليلة بحيث لا يستلزم ذلك، فيمكن القول بالجواز إن اقتضاه رأي الحاكم الشرعي.
(مسألة ٦): ينبغي الإحسان إلى الجاني حتى يجري عليه القصاص (۹).
للعدل، و الإحسان الإلهي، فعن علي عليه السّلام لما قتله ابن ملجم: «احبسوا هذا الأسير و أطعموه و أحسنوا إساره، فإن عشت فأنا أولى بما صنع بي، إن شئت استقدت، و إن شئت عفوت، و إن شئت صالحت، و إن مت فذلك إليكم، فإن بدا لكم أن تقتلوه فلا تمثلوا به»۱، و قريب منه غيره، و تقدم ما يدلّ
على ذلك أيضا.
(مسألة ۷): مصارف تجهيزات الدفن من تركة الجاني و إن لم يكن له تركة فمن بيت مال المسلمين و إلا فتجب كفاية (۱۰).
لما تقدم في تجهيزات الميت، فلا حاجة للإعادة هنا مرة أخرى.
(مسألة ۸): لا يجوز تشريح بدنه بعد القود (۱۱).
لأصل، و العمومات، و الإطلاقات، بل ذلك مثلة، و هي محرمة كما تقدم، و عن علي عليه السّلام «لا يمثل بالرجل، فإني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إياكم و المثلة و لو بالكلب العقور»۲، و مرّ قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «لا يترك يعبث به»۳.
(مسألة ۹): لو أراد الولي القود من الجاني فخلّصه شخص منه، سجن الشخص حتى يتمكن الولي من الجاني فإن مات الجاني أو لم يقدر عليه فالدية على الشخص الذي خلّصه (۱۲).
لقاعدة التسبيب، و عن الصادق في معتبرة حريز: «في رجل قتل رجلا عمدا، فرفع إلى الوالي، فدفعه الوالي إلى أولياء المقتول ليقتلوه، فوثب عليه قوم فخلّصوا القاتل من أيدي الأولياء، قال عليه السّلام: أرى أن يحبس الذين خلّصوا القاتل من أيدي الأولياء حتى يأتوا بالقاتل، قيل: فإن مات القاتل و هم في السجن؟ قال: إن مات فعليهم الدية يؤدونها جميعا إلى أولياء المقتول»4.
إلى هنا انتهى هذا المجلد و الحمد للّه تعالى على ما تفضل، و يبدأ الجزء التاسع و العشرون إن شاء اللّه تعالى ب (فصل في قصاص الأطراف).
- الوسائل: باب ٦۲ من أبواب قصاص النفس الحديث: 4.
- الوسائل: باب ٦۲ من أبواب قصاص النفس الحديث: ٦.
- الوسائل: باب ٦۲ من أبواب قصاص النفس الحديث: ۲.
- الوسائل: باب ۱٦ من أبواب قصاص النفس.