إجماعا، و نصّا ففي صحيح ابن الحجّاج قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل يتكلّم ناسيا في الصّلاة يقول: أقيموا صفوفكم فقال (عليه السلام): يتم صلاته ثمَّ يسجد سجدتي السهو»۱، و قد مرّ قوله (عليه السلام) أيضا في صحيح ابن أبي يعفور:- في الشك بين الاثنين و الأربع- «و إن تكلّم فليسجد سجدتي السهو»۲، و في موثق عمار عنه (عليه السلام) أيضا: «عن الرجل إذا أراد أن يعقد فقام، ثمَّ ذكر من قبل أن يقدم شيئا أو يحدث شيئا قال (عليه السلام): ليس عليه سجدتا السهو حتّى يتكلم بشيء»۳، و في خبر سعيد الأعرج المشتمل على سهو النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) «و سجد سجدتين لمكان الكلام»4.
و نوقش في الجميع بمعارضته بما يأتي من صحيح زرارة، و ابن مسلم و أنّ صحيح ابن أبي يعفور مجمل كما مرّ٥، و المراد بالتكلّم في موثق عمار الذكر
و التسبيح، فيكون دليلا لوجوب السجود لمطلق الزيادة، و فعل النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) مجمل يمكن أن يحمل على مطلق الرجحان، و لذا نسب إلى الصدوقين عدم الوجوب، و إلى بعض المتأخرين الفتوى بالاستحباب.
و يمكن دفع جميع المناقشات: أمّا المعارضة فيأتي بيان المعارض و ما فيه، و جملة «و إن تكلّم، فليسجد سجدتي السهو» في صحيح ابن أبي يعفور لا إجمال فيها بوجه، و المنساق من الكلام في موثق عمار الكلام الآدمي لا غيره، و حكاية الإمام لفعل النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) في مقام البيان ظاهر في الوجوب فما هو المشهور هو المتعين.
و أمّا المعارض، فهو أولا: صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «في الرجل يسهو في الركعتين و يتكلّم، فقال (عليه السلام) يتم ما بقي من صلاته- تكلّم أو لم يتكلّم- و لا شيء عليه»٦، و صحيح ابن مسلم عنه (عليه السلام) أيضا: «في رجل صلّى ركعتين من المكتوبة، فسلّم و هو يرى أنّه قد أتّم الصلاة و تكلّم ثمَّ ذكر أنّه لم يصلّ غير ركعتين، فقال (عليه السلام): أتمّ ما بقي من صلاته و لا شيء عليه»۷ فيمكن أن يحمل على نفي الإثم بزعم المصلّي لا على نفي الإثم واقعا حتّى يقال إنّه لا إثم مع السهو كما يمكن أن يحمل على نفي الإعادة.
و توهم أنّه لا وجه له، لاستفادته من قوله (عليه السلام): «يتم ما بقي من صلاته» في صحيح زرارة، و «أتمّ ما بقي من صلاته» في صحيح ابن مسلم، فيكون تأكيدا و هو خلاف الأصل.
مدفوع: بأنّ جملة «أتمّ ما بقي من صلاته و لا شيء عليه» ظاهرة عرفا في عدم لزوم الإعادة و لا يلحظ مفرداتها مستقلّة حتّى يقال: إنّ «لا شيء عليه» تأكيد أو تأسيس و حينئذ فهي ظاهرة في صحة الصلاة فقط و عدم لزوم الإعادة و ساكتة عن الجهات الأخر، مع وهنها باعراض المشهور و الإجماعات المنقولة على الخلاف.
و أما صحيح ابن يسار قال لأبي جعفر (عليه السلام) أكون في الصلاة فأجد
في بطني غمزا، أو أذى، أو ضربانا فقال (عليه السلام): انصرف ثمَّ توضأ و ابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا، و إن تكلمت ناسيا فلا شيء عليك، فهو بمنزلة من تكلّم في الصلاة ناسيا»۸ فلا بدّ من رد علمه إلى أهله، و مع قطع النظر عن صدره، فدعوى أنّه يمكن أن يراد بقوله (عليه السلام):
«لا شيء عليك» أو «لا شيء عليه»- الوارد في أحكام الخلل- في خصوص نفي الإعادة- و يتبعه نفي الإثم من جهة نفس الصلاة- قريبة جدّا، فيكون ساكتا عن نفي شيء آخر عليه.