لنصوص مستفيضة و إجماع الأمة تقدم جميع ذلك في كتاب الطهارة فراجع (فصل يشترط في صحة الصلاة واجبة كانت أو مندوبة).
و هي: أمور: (الأول): الطهارة في جميع لباسه، عدا ما لا تتم فيه الصلاة منفردا، بل و كذا في محمولة على ما عرفت تفصيله في باب الطهارة (۱). (الثاني): الإباحة، و هي أيضا شرط في جميع لباسه من غير فرق بين الساتر و غيره (۲)، و كذا في محموله (۳)، فلو صلّى في المغصوب و لو كان خيطا منه عالما بالحرمة عامدا بطلت و إن كان جاهلا بكونه مفسدا (٤)، بل الأحوط البطلان مع الجهل بالحرمة أيضا (٥)، و إن كان الحكم بالصحة لا يخلو عن قوة (٦). و أما مع النسيان أو الجهل بالغصبية فصحيحة (۷)، و الظاهر عدم الفرق بين كون المصلّي الناسي هو الغاصب أو غيره (۸)، لكن الأحوط الإعادة بالنسبة إلى الغاصب (۹) خصوصا إذا كان بحيث لا يبالي على فرض تذكره أيضا (۱۰).
لما استدلوا عليه من أنّ التصرف في المغصوب متحد مع الأفعال الصلاتية- كالركوع و السجود و نحوهما- فتصير مبغوضة، فتبطل من هذه الجهة، و لا فرق في ذلك بين الساتر و غيره، لتحقق التصرف في الخيوط.
و أشكل عليه: بأنّ الحركات الصلاتية ليست محرمة مستقلة في مقابل أصل التصرف المحرّم، فكل من لبس المغصوب تصرف فيه، و هو حرام تحرّك أو لم يتحرّك، و الأفعال الصلاتية مقارنة للتصرف الحرام، و الحرمة لا تتعدّى من المقارن إلى ما يقارنه، فهي باقية على ما كانت عليه من الحكم و إن أثم المتصرّف بالتصرف، فهما عنوانان مختلفان و إن تقارنا في الوجود، و يصح اختلاف الحكم باختلاف العنوان كما ثبت بالبرهان.
نعم، لو استلزمت اندارس الثوب أو تلفه يكون هذا مبغوضا آخر للمالك قهرا، و المفروض عدمه، فالمبغوض في جميع الحالات شيء واحد و هو أصل اللبس لا يختلف ذلك بالحركات، و ليس شيئين: أحدهما اللبس، و الثاني الركوع- مثلا- بل هو أصل اللبس الموجود في جميع الحالات، صلّى أو لا، تحرّك أو سكن.
و لكن يمكن أن يقال: إنّ الأمر و إن كان كذلك بالدقة العقلية، و لكن العرف يرى الأفعال الصلاتية تصرفا في المغصوب و زائدا على أصل اللبس و هو المرجع في الشرعيات دون الدقيات العقلية.
و قد يستدل بالإجماع، و بأنّه مناف لقصد القربة، و بأنّه مأمور برده إلى مالكه، و الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه فيبطل إن كان عبادة، و بقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لكميل: «يا كميل انظر في ما تصلّي، و على ما تصلّي إن لم يكن من وجهه و حلّه فلا قبول»۱ و بقول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في خبر الجعفي: «لو أنّ الناس أخذوا ما أمرهم اللّه به فأنفقوه فيما نهاهم عنه ما قبله منهم، و لو أخذوا ما نهاهم اللّه تعالى عنه فأنفقوه فيما أمرهم اللّه تعالى به ما قبله منهم»۲.
و الكل مخدوش: لعدم الاعتماد على مثل هذه الإجماعات، و لفرض حصول قصد القربة في أصل الصلاة، و الستر ليس عبادة حتّى تعتبر فيه القربة و الأمر بالشيء لا يقتضي النّهي عن ضده كما ثبت في محلّه، و الخبران قاصران سندا و دلالة، لأنّ عدم القبول أعم من البطلان. ثمَّ إنّه و إن أمكنت المناقشة في كلّ ما ذكر إلّا أنّ المجموع مع تسالم الأصحاب يوجب الاطمئنان و هو يكفي، كما في سائر المسائل.
لتحقق المناط فيه أيضا، و هو مصاحبة المصلّي مع المبغوض و مقارنته إياه إذا تحرّك بحركاته، كما يأتي في [مسألة ٥].
أما البطلان فلأنّه لا وجه لمبغوضية العمل إلّا بطلانه، و كيف تحتمل الصحة مع استحقاق العقاب عليه، و لا فرق فيه بين كون المغصوب يسيرا أو كثيرا، لوجود مناط البطلان فيهما.
و أما التعميم بالنسبة إلى الجاهل بالحكم الوضعي فلفعلية الحكم التكليفي بالنسبة إليه فتتنجز الحرمة قطعا و تتحقق المبغوضية فيبطل العمل لا محالة.
إن كان مقصّرا فالأقوى هو البطلان إن تمَّ إجماعهم على أنّه كالعالم العامد. نعم، يمكن الصحة في الجاهل القاصر إن كان معذورا شرعا في جهله بدعوى أنّ المتيقن بما دل على أنّه كالعامد هو المقصّر فقط. و أما القاصر فالمقتضي للصحة و هو الأمر بالصلاة و حصول قصد التقرب موجود و المانع مفقود، لأنّ مناط بطلان الصلاة في المغصوب فقدانها لقصد التقرب لا فقد شرط آخر من شرائط الصلاة، و المفروض حصوله عمن هو معذور في جهله.
للمناقشة في الإجماع المدعى على أنّ الجاهل بالحكم كالعامد مطلقا، و لكن الظاهر تماميته في المقصر في الجملة ما لم يكن دليل على الخلاف.
لوجود المقتضي للصحة- و هو تحقق قصد القربة- و فقد المانع عنها فلا بد من الإجزاء و عدم الإثم لمكان العذر، مضافا إلى حديث «الرفع»۳ الشامل للصورتين.
لتحقق مناط الصحة فيهما، و شمول حديث «الرفع»4 لهما. و كون عذرهما في ظاهر الدليل على حدّ سواء، إلا أن يدّعى انصراف دليل العذرية عمن بنى على العدوان. و لكنه مخدوش. لأنّ عمدة دليل الصحة ليس دليلا لفظيا حتّى يصح فيه الانصراف، و إنّما هو عدم تحقق قصد القربة و المفروض تحققه من الغاصب أيضا، كتحققه من غيره.
لإمكان أن يقال: إنّ بناءه الواقعي على الغصب و العدوان ينافي قصد القربة واقعا.
لإمكان أن يقال: إنّه لا يليق بشمول الأدلة الامتنانية له.
(مسألة ۱): لا فرق في الغصب بين أن يكون من جهة كون عينه للغير أو كون منفعته له، بل و كذا لو تعلّق به حقّ الغير بأن يكون مرهونا (۱۱).
لأنّ المناط في الغصب هو الاستيلاء على ما يتعلق بالغير عينا كان أو منفعة أو انتفاعا أو حقا، و هذا المعنى ثابت في الجميع.
(مسألة ۲): إذا صبغ ثوب بصبغ مغصوب، فالظاهر أنّه لا يجري عليه حكم المغصوب (۱۲)، لأنّ الصبغ يعدّ تالفا (۱۳) فلا يكون اللون لمالكه، لكن لا يخلو عن إشكال أيضا (۱٤). نعم، لو كان الصبغ أيضا مباحا لكن أجبر شخصا على عمله و لم يعط أجرته لا إشكال فيه (۱٥). بل و كذا لو أجبر على خياطة ثوب أو استأجر و لم يعط أجرته إذا كان الخيط له أيضا، و أما إذا كان للغير فمشكل (۱٦)، و إن كان يمكن أن يقال: إنّه يعدّ تالفا فيستحق مالكه قيمته خصوصا إذا لم يمكن رده بفتقه. لكن الأحوط ترك الصلاة فيه قبل إرضاء مالك الخيط، خصوصا إذا أمكن رده بالفتق صحيحا، بل لا يترك في هذه الصورة (۱۷).
للصبغ مراتب:
منها: ما يوجب زيادة قيمة المصبوغ و لا يصح إجراء حكم التلف عليه، بل يصير مالك الصبغ شريكا مع مالك المصبوغ.
و منها: ما يشك في أنّه من التلف أو لا، و مقتضى الاستصحاب عدم زوال الملكية، فيجري عليه حكم الشركة أيضا.
و منها: ما يحكم العرف بأنّه من التلف، فلا موضوع للشركة حينئذ و يجري عليه حكم التلف و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات، فيصير النزاع لفظيا.
ظهر مما ذكرنا أنّ إطلاق هذه العلة عليل و مردود.
لا إشكال فيما إذا حكم العرف بالتلف و لم يوجب زيادة القيمة فيكون مثل ما يأتي في المسألة الثالثة، تجب قيمة الصبغ عليه لمالكه. و في غيره- أي: فيما إذا أوجب زيادة القيمة، أو شك فيها- فمقتضى الأصل بقاء حق المالك، فيجري عليه حكم الغصب.
لا ريب في أنّ لكلّ عمل إضافتين إضافة إلى العامل. و أخرى إلى المعمول فيه، و الأخيرة إما أن تكون لها مالية عرفية توجب زيادة القيمة و الرغبة. و أخرى لا تكون كذلك، و ما أوجب زيادة القيمة و الرغبة يوجب ثبوت حق للعامل في مورد العمل بلا إشكال. و لو شك في عمل أنّه من أيّ القسمين، فمقتضى أصالة احترام العمل- التي هي من الأصول العقلائية النظامية الشاملة لأثره أيضا- عدم جواز التصرف إلا بإذن العامل، فقوله (رحمه اللّه) لا إشكال فيه يختص بما إذا لم يوجب العمل زيادة الرغبة و المالية. أما فيما إذا أوجب ذلك، أو شك فيه، فلا يجوز التصرف بدون رضاء العامل، للأصل بعد كون المعمول فيه طرف إضافة العمل عرفا، و شرعا و يأتي في كتاب الإجارة جملة من الفروع المناسبة للمقام إن شاء اللّه تعالى.
الأقسام المتصورة خمسة:
الأول: ما إذا كان المغصوب ملكا و مالا عرفا و لا إشكال في جريان حكم الغصب عليه.
الثاني: ما إذا كان ملكا و لم يكن مالا، و يجري عليه حكم الغصب أيضا، لما يأتي في كتاب الغصب من أنّ الغصب إنّما هو بالاستيلاء على ما يتعلق بالغير مالا كان أو ملكا، أو منفعة، أو انتفاعا، أو حقا.
الثالث: ما إذا شك في أنّه ملك لمالكه، أو خرج عن ملكه، و مقتضى استصحاب بقاء الملكية جريان حكم الغصب عليه أيضا.
الرابع: ما إذا حكم العرف بزوال الملكية، و الانتقال إلى البدل و لا وجه لجريان حكم الغصب حينئذ لزوال موضوعه عن الخارج و إن اشتغلت الذمة قطعا.
الخامس: ما إذا كان مالا و لم يكن ملكا- كغصب بعض أجزاء الأوقاف العامة- و الظاهر جريان حكم الغصب عليه، لتحقق الإثم بلا إشكال. نعم، يظهر من جمع عدم الضمان في الأوقاف، و يأتي في كتاب الغصب الخدشة فيه، و منه يظهر أنّ الخيط المغصوب المخيط به الثوب أو الجرح و إن فرض زوال ماليته، و لكن لم تزل ملكية المالك بالنسبة إليه، فيتصوّر الغصب حينئذ.
مقتضى أصالة الاحترام- لكلّ ما يتعلق بالغير- عدم جواز التصرف فيه بدون العلم برضاه إلا بدليل صحيح، أو نص صريح على الخلاف.
(مسألة ۳): إذا غسل الثوب الوسخ أو النجس بماء مغصوب، فلا إشكال في جواز الصلاة فيه بعد الجفاف (۱۸)، غاية الأمر أنّ ذمته تشتغل بعوض الماء. و أما مع رطوبته فالظاهر أنّه كذلك أيضا (۱۹) و إن كان الأولى تركها حتّى يجف.
إذ لا عين و لا أثر في الثوب من المغصوب أصلا، و إنّما كان الماء بمنزلة الآلة المغصوبة التي عمل بها في شيء و لا يصير صاحب الآلة ذا حق في مورد العمل و إنّما يستحق العوض في الماء و أجرة المثل في الآلة، و منه يظهر حكم الصابون المغصوب الذي يغسل به الثوب، و سائر الآلات و الأدوات التي تستعمل في تهيئة المقصود من الخياطة، و النجارة و البناء إذا كانت الآلات مغصوبة.
إن كانت بحيث لم يعتبر العرف أثر الملكية بالنسبة إليها أصلا و إلّا فهي باقية على ملكه، و قد تقدم حكم صورة الشك، فراجع.
(مسألة ٤): إذا أذن المالك للغاصب أو لغيره في الصلاة فيه مع بقاء الغصبية صحت (۲۰)، خصوصا بالنسبة إلى غير الغاصب، و إن أطلق الإذن ففي جوازه بالنسبة إلى الغاصب إشكال، لانصراف الإذن إلى غيره. نعم، مع الظهور في العموم لا إشكال (۲۱).
لوجود المقتضي و فقد المانع، و تقدم ما يصلح للفرق بين الغاصب و غيره و الاحتياط بالنسبة إليه، و لا يجوز له التصرف مع وجود القرينة على التخصيص بغيره.
بأن يستفاد منه التعميم حتّى للغاصب لا أن يكون المراد مجرّد العموم الاصطلاحي.
(مسألة ٥): المحمول المغصوب إذا تحرّك بحركات الصلاة يوجب البطلان (۲۲)، و إن كان شيئا يسيرا.
لصيرورة تلك الحركات الصلاتية مبغوضة حينئذ و لا يصح التعبّد بالمبغوض على ما تقدم و الظاهر أنّ المناط صدق التصرف فيه عرفا حال الصلاة و لو لم يتحرّك بحركات الصلاة كالوقوف على محلّ غصبي أو السجود عليه و يأتي التفصيل في (فصل المكان).
(مسألة ٦): إذا اضطر إلى لبس المغصوب، لحفظ نفسه أو لحفظ المغصوب عن التلف صحت صلاته فيه (۲۳).
لزوال النهي بالاضطرار، فلا حكم للغصب حينئذ حتّى لا يمكن جمعه مع التقرب، مضافا إلى الإجماع، و حديث «الرفع»٥.
(مسألة ۷): إذا جهل أو نسي الغصبية و علم أو تذكر في أثناء الصلاة، فإن أمكن نزعه فورا و كان له ساتر غيره صحت الصلاة (۲٤)، و إلّا ففي سعة الوقت و لو بإدراك ركعة يقطع الصلاة (۲٥)، و إلّا فيشتغل بها في حال النزع (۲٦).
لوجود المقتضي لها و فقد المانع عنها، فتشملها إطلاقات الأدلة فتصح لا محالة.
لعدم إمكان إتمامها جامعة للشرائط و إمكان ذلك بعد القطع في الوقت الحقيقي أو التنزيلي، بل الظاهر انقطاع الصلاة من غير حاجة إلى القطع.
لأهمية إدراك الوقت عن شرطية إباحة ما مع المصلّي، على ما هو المتسالم بين الفقهاء. و ما قيل: من أنّه عند الدوران بين حق اللّه و حق الناس يقدم حق الناس لا دليل على كليته خصوصا في مثل الصلاة التي هي عمود الدين.
(مسألة ۸): إذا استقرض ثوبا و كان من نيته عدم أداء عوضه، أو كان من نيته الأداء من الحرام، فعن بعض العلماء: أنّه يكون من المغصوب، بل عن بعضهم: أنّه لو لم ينو الأداء أصلا لا من الحلال و لا من الحرام أيضا كذلك. و لا يبعد ما ذكراه (۲۷). و لا يختص بالقرض و لا بالثوب، بل لو اشترى أو استأجر، أو نحو ذلك و كان من نيته عدم أداء العوض أيضا كذلك (۲۸).
لأنّ مقتضى المرتكزات أنّ المدار في رضاء المالك- الذي يوجب صحة التصرف في ماله- الرضاء المطلق و على كلّ تقدير، و هو المنساق عرفا من قوله (عليه السلام): «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا بطيبة نفس منه»٦.
و حينئذ فلا رضاء كذلك فيما إذا نوى عدم أداء القرض، أو نوى الأداء من الحرام، إذ المتشرّع لا يرضى الأداء من الحرام و لو رضي لا يكون رضاءه ممضى شرعا، فيكون كالعدم، و عن الصادق (عليه السلام): «أيّما رجل أتى رجلا، فاستقرض منه مالا و في نيته أن لا يؤديه فذاك اللص العادي»۷.
و عنه (عليه السلام) أيضا: «من استدان دينا فلم ينو قضاءه كان بمنزلة السارق»۸.
نعم، لو كان المدار على مطلق الرضا و لو كان ظاهريا فقط، و لم يكن واقعيا، و على كلّ تقدير لا وجه لما ذكراه لتحققه بلا إشكال.
و لكن لا دليل على كفاية مثل هذا الرضا. و مع الشك لا يصح التصرف للأصل. و لا يجوز التمسك بإطلاق قوله (عليه السلام): «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا بطيب نفسه»۹ بدعوى: صدق الطيب في الجملة لفرض الشك في أنّ مثل هذا الطيب الظاهري يوجب حلية التصرف أو لا، فيكون من التمسك بالمطلق في الشبهة الموضوعية.
لأنّه بناء على اعتبار الرّضا المطلق و على كلّ تقدير في التصرف في مال الغير يكون الحكم مطابقا للقاعدة و لا يختص بباب دون باب، و ما تقدم من الخبرين مطابق لها أيضا، فلا وجه للبحث عن سندهما، و عن عمل الأصحاب بهما و عدم عملهم. نعم، بناء على كفاية الرضاء الظاهري الاعتقادي و ثبوت الدليل عليه، فهما مخالفان له، و لكن لم يثبت الدليل على كفاية الرضا الظاهري.
إن قلت: قد جرت السيرة على ترتب الأثر بمجرد الرضا فهي دليل على كفاية مطلقه ظاهريا كان أو واقعيا و على كلّ تقدير.
قلت: الظاهر أنّ سيرة المتشرّعة على الخلاف، فإنّهم لو احتملوا عدم رضاء صاحب المال في الواقع بالتصرّف في ماله و إن رضي به ظاهرا لا يتصرّفون في ماله، و لذا اشتهر «أنّ المأخوذ حياء غصب» و كذا المالك لو أحرز أنّ المتصرّف في ماله بعوض لا يعطي العوض واقعا لا يرضى بالتصرّف في ماله، كذا لو أحرز أنّه يعطي من الحرام لا يرضى إلّا إذا كان غير مبال بدينه.
و يأتي في أحكام المعاملات بعض الكلام.
(مسألة ۹): إذا اشترى ثوبا بعين مال تعلّق به الخمس أو الزكاة مع عدم أدائهما من مال آخر حكمه حكم المغصوب (۲۹).
لما يأتي من تعلّقهما بالعين راجع كتاب الزكاة [مسألة ۳۱] من (فصل زكاة الغلات)، و [مسألة ۷٥] من كتاب الخمس. هذا بناء على ما نسب إلى المشهور، و لكن فيه تفصيل تعرّضنا له هناك. و خلاصته أنّ تعلّقهما بالعين نحو تعلّق حق خاص بمالية العين لا بالخصوصية الخارجية و بنحو الكليّ في المعين لا الإشاعة، فراجع.
(الثالث): أن لا يكون من أجزاء الميتة (۳۰) سواء كان حيوانه محلّل اللحم أو محرّمة (۳۱)، بل لا فرق بين أن يكون مما ميتته نجسة أو لا، كميتة السمك و نحوه مما ليس له نفس سائلة على الأحوط (۳۲).و كذا لا فرق بين أن يكون مدبوغا أو لا (۳۳). و المأخوذ من يد المسلم و ما عليه أثر استعماله بحكم المذكّى (۳٤). بل و كذا المطروح في أرضهم و سوقهم، و كان عليه أثر الاستعمال (۳٥)، و إن كان الأحوط اجتنابه (۳٦)، كما أنّ الأحوط اجتناب ما في يد المسلم المستحلّ للميتة بالدبغ (۳۷). و يستثنى من الميتة صوفها و شعرها و وبرها و غير ذلك مما مرّ في بحث النجاسات (۳۸).
للإجماع، و لنصوص متواترة، فعن الصادق (عليه السلام) في موثق ابن أبي عمير في الميتة قال (عليه السلام): «لا تصلّ في شيء منه و لا في شسع»۱۰.
و في صحيح ابن مسلم قال: «سألته عن الجلد الميّت أ يلبس في الصلاة إذا دبغ قال: لا، و لو دبغ سبعين مرة»۱۱.
لإطلاق النصوص، و معاقد الإجماعات الشامل لهما.
استدل على التعميم بإطلاق الأدلة الشامل لذي النفس و لغيره.
و أشكل عليه بانصرافه إلى ذي النفس، مع أنّ اشتمالها على الدبغ يخصها به إذ لا دبغ في غير ذي النفس، بل اشتمالها على الميتة، و المذكى أيضا قرينة على التخصيص، لظهور التذكية في الذبح و هو يختص بذي النفس.
و يرد الأول: بأنّه بدوي لا اعتبار به. و الثاني: بأنّه من باب الغالب لا التخصيص. و الأخير بأنّ التذكية أعمّ من الذبح بلا إشكال كما في ذكاة السمك و الجراد فإنّها فيهما عبارة عن أخذهما حيين. نعم، لا أثر للتذكية بالنسبة إلى غير المأكول مما لا نفس له لطهارته على كلّ حال و حرمة أكل لحمه في جميع الأحوال.
و استدل على الاختصاص بذي النفس تارة: بالسيرة القطعية على عدم الاجتناب في الصلاة عن القمل، و البق، و البرغوث و نحوها. و أخرى: بدعوى الإجماع عن المعتبر على جواز الصلاة فيما لا نفس له. و ثالثة: بمكاتبة ابن مهزيار إلى أبي محمد (عليه السلام): «إنّ الصلاة تجوز في القرمز»۱۲.
و هو صبغ أرمنيّ من عصارة دود تكون في آجامهم.
و الكل مخدوش: أما الأول: فبلزوم الاقتصار على مورد السيرة فقط، فلا يتعدّى منه إلى غيره. و أما الثاني: فبعدم ثبوته و نسبه الشهيد الثاني (رحمه اللّه) إلى الوهم و الثالث: فبإمكان أن يراد به مجرد اللون فقط لا العين.
هذا كلّه إن ثبت الإطلاق بالنسبة إلى غير ذي النفس، و لكن الشأن في ثبوته و مع الشك لا يجوز التمسك به، لأنّه تمسك بالدليل في الموضوع المشكوك، فيرجع إلى أصالة البراءة عن الشرطية كما يأتي في [مسألة ۱۳ و ۱۸]، و من ذلك كلّه يظهر وجه الاحتياط.
نصّا، و إجماعا، ففي صحيح ابن مسلم: «أنّه لا يصلّي فيه و لو دبغ سبعين مرّة»۱۳.
لإجماع المسلمين، و نصوص من المعصومين (عليهم السلام)، ففي صحيح أبي نصر قال: «سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أ ذكية هي أم غير ذكيّة أ يصلّي فيها؟ فقال: نعم، ليس عليكم المسألة إنّ أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: إنّ الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم إن الدين أوسع من ذلك»۱4.
فتكون يد المسلم أمارة ارتكازية معتبرة عند المسلمين على التذكية قررهم الشارع على هذا الارتكاز، فلا وجه حينئذ لجريان أصالة عدم التذكية، و الظاهر أنّ يد كلّ أهل مذهب و ملة أمارة معتبرة لمذهبهم على إحراز ما يعتبر في الذبيحة عندهم و لا اختصاص لذلك بخصوص المسلمين. نعم، لا بد من الإشارة إلى أمور:
الأول: المشهور أنّ الأصل في الحيوان عدم التذكية إلا أن تثبت بأمارة معتبرة تذكيته، لأنّها أمر وجودي سواء كانت عبارة عن الأفعال المخصوصة، أو شيئا بسيطا حاصلا منها، فيستصحب عدمها عند الشك فيها لا محالة.
و أشكل عليه أولا: باختصاصه بالشبهة البدوية و عدم جريانه فيما إذا علم بوجود المذكى و الميتة و اشتبه كلّ منهما بالآخر، للعلم التفصيلي حينئذ بوجود مذكى في البين، فيكون التمسك بحديث لا تنقض اليقين بالشك۱٥ في كلّ من الأطراف تمسكا بالعام في الشبهة المصداقية، و حينئذ فإن خرج بعض الأطراف عن الابتلاء يرجع فيما هو المبتلى به إلى أصالة الحلية و الطهارة و إلّا فيؤثر العلم بوجود الميتة أثره.
و ثانيا: أنّ هذا الأصل مطلقا محكوم بالأخبار المعتبرة الظاهرة في أنّ حكم صورة الشك في التذكية هو الترخيص في الحلية و الطهارة مطلقا كانت هناك أمارة عليها أو لا، فيكون حكم الشك في تذكية الحيوان حكم الشك في الطهارة و الحلية في سائر الموارد، ففي موثق سماعة: «أنّه سأل أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن تقليد السيف في الصلاة و فيه الفراء و الكيمخت، فقال: لا بأس ما لم تعلم أنّه ميتة»۱٦.
و في صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الخفاف التي تباع في السوق، فقال: اشتر و صلّ فيها حتّى تعلم أنّه ميتة بعينه»۱۷.
و إطلاق السوق يشمل جميع الأسواق سواء كانت للمسلمين، أو لغيرهم خصوصا في الأزمنة القديمة التي كانت الأسواق مختلطة، و في خبر ابن حمزة عنه (عليه السلام) أيضا: «عن الرجل يتقلّد السيف و يصلّي فيه؟ قال: نعم، فقال الرجل: إنّ فيه الكيمخت قال: و ما الكيمخت؟ قال: جلود دواب منه ما يكون ذكيا و منه ما يكون ميتة، فقال: ما علمت أنّه ميتة فلا تصلّ فيه»۱۸ و غيرها من الأخبار، و يشهد له التعليل في بعض أخبار الباب «إنّ الخوارج ضيقوا على أنفسهم و إنّ الدين أوسع من ذلك»۱۹.
إن قلت: نعم، و لكن بإزاء هذه الأخبار ما يظهر منها أنّ حكم المشكوك هو الاجتناب ما لم يكن أمارة معتبرة على الخلاف، كخبر ابن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال: «سألته عن رجل اشترى ثوبا من السوق للبس لا يدري لمن كان، هل تصلح الصلاة فيه؟ قال: إن كان اشتراه من مسلم فليصلّ فيه، و إن اشتراه من نصراني فلا يصلّ فيه حتّى يغسله»۲۰ و خبر ابن عمار عن العبد الصالح (عليه السلام) أنّه قال: «لا بأس بالصلاة في الفراء اليماني و فيما صنع في أرض الإسلام، قلت: فإن كان فيها غير أهل الإسلام؟ قال: إذا كان الغالب عليها المسلمين فلا بأس»۲۱.
و خبر إسماعيل بن عيسى قال: «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجبل، أ يسأل عن ذكاته إذا كان البائع مسلما غير عارف؟ قال: عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك، و إذا رأيتم يصلّون فيه فلا تسألوا عنه»۲۲.
و نحوها غيرها.
قلت: إنّ الخبر الأول لا ربط له بالمقام، لأنّ نجاسة عدم التذكية لا ترتفع بالغسل قطعا، فلا بد من حمله على الاستحباب من جهة احتمال النجاسة العرضية، و أما غيره، فمقتضى الجمع بينه و بين ما تقدم من الأخبار الحمل على كراهية الاستعمال قبل الفحص و السؤال.
و لباب القول: أنّ مقتضى الجمع بين الأخبار أنّ مشكوك التذكية من الحيوان طاهر و يصح استعماله كما في مشكوك الخمرية حيث إنّه طاهر و يصح استعماله على كراهة فيهما و لا فرق بينهما إلّا دعوى جريان أصالة عدم التذكية في المقام دون مسألة الخمر، و قد تقدم أنّها لا تجري إما للعلم الإجمالي بانتقاض الحالة السابقة، أو لما تقدم من الأخبار، فلا فرق من هذه الجهة بين المسألتين.
إن قلت: إنّ الجمع بين الأخبار كما يحصل بما ذكر يحصل بحمل القسم الأول من الأخبار على صورة وجود الأمارة على التذكية، فلا يكون حكم مورد الشك هو الترخيص، و يؤيّد هذا الجمع الشهرة، بل دعوى الإجماع على ذلك.
قلت: هذا الجمع ممكن أيضا، و لكن الظاهر أنّ الجمع الأول أولى، لمطابقته، لسهولة الشريعة أولا، و لأنّه من الجمع الشائع في الفقه ثانيا و موافقته لقوله (عليه السلام): «كلّ شيء فيه حلال و حرام، فهو لك حلال أبدا حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه»۲۳.
ثالثا: و لبعد الفرق بين حرمته و نجاستها و حرمة مثل الخمر و نجاسته رابعا، فيكون حكم المشكوك فيهما سواء، و الشهرة، و الإجماع على القسم الثاني من الأخبار لا يوجب ترجيحه على القسم الأول إلا إذا ثبت اعتبارهما على وجه يصح الاعتماد عليهما و هو مشكل، لقوة احتمال كونهما اجتهاديا، فلا أثر لهما، و لكن الأحوط هو الاجتناب و لا يترك.
الثاني: لا موضوعية ليد المسلم، و سوقه، و أرضه و إنّما يكون ذلك كلّه طريقا لإحراز استعماله فيما يعتبر فيه الطهارة، و هو إما معلوم أو مشكوك أو معلوم العدم و لا وجه للاعتبار في الأخير كما لا إشكال في الأول، و في الوسط لا بد من الفحص و مع استقرار الشك يشكل الاعتبار إن لم تكن قرينة على الاستعمال في البين، و المراد بالاستعمال هو الاقتضائي و الاستعدادي منه لا الفعلي من كلّ جهة، فيكفي المعرضية العرفية له، فالجلود التي جعلت ظرفا لحمل القذارات إن كانت بحيث لو لم تجعل ظرفا لها تستعمل فيما تعتبر فيه الطهارة كفى ذلك في صحة الاستعمال، و يصح التمسك بالأصل العقلائي بأن يقال: إنّ كلّ ما يكون تحت استيلاء كلّ أحد يكون مورد استعماله مطلقا إلّا ما خرج بالدليل.
الثالث: لا يعتبر في مورد يد المسلم، و سوقه، و أرضه ضمان البائع، للأصل، و السيرة، و ما في خبر الأشعري: «كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) ما تقول في الفرو يشترى من السوق؟ فقال (عليه السلام): إذا كان مضمونا فلا بأس»۲4.
ليس المراد به الضمان المعهود و إلّا لكان مخالفا للإجماع، و لا بد من حمله إما على النّدب، أو على مطلق ظهور أثر الاستعمال، أو على ما إذا كان المشتري يعلم بعدم اعتبار اليد و السوق لجهة من الجهات.
الرابع: لا فرق بين أنحاء أسواق المسلمين و فرق الإسلام مطلقا حتّى غير المبالين منهم إلا إذا كان عدم المبالاة بحيث يوجب سلب الاعتبار عنه مطلقا.
لشمول الإطلاقات له أيضا مثل قول العبد الصالح (عليه السلام) في خبر ابن عمار: «لا بأس في الصلاة في الفراء اليماني و فيما صنع في أرض الإسلام قلت: فإن كان فيها غير أهل الإسلام؟ قال: إذا كان الغالب عليها المسلمين فلا بأس»۲٥.
و في خبر السكوني عن الصادق (عليه السلام): «إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمها و خبزها و جبنها و بيضها، و فيها سكين، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يقوّم ما فيها ثمَّ يؤكل لأنّه يفسد و ليس له بقاء، فإذا جاء طالبها غرموا له الثمن. قيل له: يا أمير المؤمنين لا يدرى سفرة مسلم أو سفرة مجوسي؟ فقال (عليه السلام): هم في سعة حتّى يعلموا»۲٦.
و إطلاقه يشمل احتمال عدم التذكية و احتمال النجاسة العرضية أيضا، فيستفاد من مثل هذه الأخبار الامتنانية التسهيلية أنّ المناط كلّه صحة الإضافة إلى أرض الإسلام، أو سوق المسلمين، أو يدهم، فيكون ذلك كلّه حاكما على أصالة عدم التذكية.
للخروج عن خلاف من أوجب الاجتناب عنه جمودا على الاقتصار على خصوص يد المسلمين و سوقهم. و فيه: أنّ اليد و السوق لا موضوعيّة لهما، بل طريق لاستظهار الاستعمال و المفروض وجوده في أرضهم أيضا.
إطلاق الأدلة يشمل المسلم المجهول الحال و من استحلّ الميتة بالدبغ و لا ريب في أنّ الاستحلال بالدبغ أعمّ من عدم التذكية، فما نسب إلى العلامة من التوقف في الطهارة، و إلى المحقق الثاني من الجزم بالنجاسة إن كان لأجل أنّ الاستحلال أمارة لعدم التذكية. ففيه: أنّه أعمّ منه بلا إشكال، و إن كان لأجل خبر أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الصلاة في الفراء، فقال: كان عليّ بن الحسين (عليه السلام) رجلا صردا لا يدفئه فراء الحجاز لأنّ دباغها بالقرظ، فكان يبعث إلى العراق فيؤتى مما قبلكم بالفرو، فيلبسه فإذا حضرت الصلاة ألقاه و ألقى القميص الذي يليه، فكان يسأل عن ذلك؟ فقال: إنّ أهل العراق يستحلون لباس جلود الميتة و يزعمون أنّ دباغه ذكاته»۲۷.
ففيه أولا: قصور سنده. و ثانيا: أنّ فعله (عليه السلام) مجمل لعلّه كان لمجرد الرجحان و إلّا فالإمام أجلّ من أن يلبس جلد الميتة و قد ورد عنهم (عليهم السلام) عدم الانتفاع بشيء منها مع أنّ الصلاة في صوف الميتة جائزة كما يأتي، فلا وجه لإلقاء قميصه إلّا مجرد التنزّه.
راجع الرابع من النجاسات، و الأصل فيه قول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في الصحيح: «لا بأس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة، إنّ الصوف ليس فيه روح»۲۸.
و من التعليل يستفاد حكم جميع ما ذكر و المراد بهذا الروح الحيواني دون النباتي الموجب للنمو، فإنّه موجود في جميع أجزاء الحيوان كما ثبت بالبرهان.
(مسألة ۱۰): اللحم أو الشحم أو الجلد المأخوذ من يد الكافر، أو المطروح في بلاد الكفار، أو المأخوذ من يد مجهول الحال في غير سوق المسلمين، أو المطروح في أرض المسلمين إذا لم يكن عليه أثر الاستعمال محكوم بعدم التذكية، و لا تجوز الصلاة فيه، بل و كذا المأخوذ من يد المسلم إذا علم أنّه أخذه من يد الكافر مع عدم مبالاته بكونه من ميتة أو مذكّى (۳۹).
بعد الفحص و استقرار الشك، لأصالة عدم التذكية في جميع ذلك بلا أمارة حاكمة على الخلاف هذا بناء على ما نسب إلى المشهور من الرجوع إليها عند الشك. و أما بناء على الرجوع إلى أصالة الحلية و الطهارة و بملاحظة الجمع بين الأخبار۲۹، فتصح الصلاة إلّا مع أمارة معتبرة على عدم التذكية، و قد تقدم التفصيل فراجع.
ثمَّ إنّ مجهول الحال إذا كان في أرض الإسلام، أو فيما يغلب عليه المسلمون، فهو بحكم المسلم، بل و كذا ما يؤخذ عن يد الكافر في أرض الإسلام تغليبا لجانب الإسلام، كما تقدم في خبر ابن عمار۳۰.
ثمَّ إنّ كون يد المسلم مسبوقة بيد الكافر على أقسام:
الأول: ما إذا علم إجمالا باشتمال ما في يد الكافر على المذكى و غيره.
الثاني: ما إذا لم يعلم به و لم يتفحص عنه، و لا وجه للحكم بالحرمة و النجاسة في القسم الأول، لعدم جريان أصالة عدم التذكية من جهة العلم الإجمالي بوجود المذكى في البين و لم يثبت كون يد الكافر أمارة على عدم التذكية، فالمرجع أصالة الحلية و الطهارة. نعم، في القسم الثاني تجري أصالة عدم التذكية بلا محذور على المشهور.
الثالث: ما إذا كانت في البين أمارة على تفحص المسلم، فيجوز الاعتماد عليه حينئذ، حملا لفعله على الصحة.
(مسألة ۱۱): استصحاب جزء من أجزاء الميتة في الصلاة موجب لبطلانها و إن لم يكن ملبوسا (٤۰).
لإطلاق قول الصادق (عليه السلام) في الموثق: «لا تصلّ في شيء منه و لا في شسع»۳۱.
هذا إذا صدق الصلاة فيه عرفا، و مع الشك فالمرجع أصالة الصحة و البراءة فضلا عما إذا صدق العدم، و يأتي فيما لا يؤكل لحمه ما ينفع المقام.
(مسألة ۱۲): إذا صلّى في الميتة جهلا لم تجب الإعادة (٤۱)، نعم، مع الالتفات و الشك لا تجوز و لا تجزئ (٤۲). و أما إذا صلّى فيها نسيانا، فإن كانت ميتة ذي النفس أعاد في الوقت و خارجه (٤۳) و إن كان من ميتة ما لا نفس له، فلا تجب الإعادة (٤٤).
إن قلنا بجريان حديث «لا تعاد»۳۲ في مورد الجهل بالموضوع، فالصحة واضحة، لشمول الحديث له، و كذا إن كان إجماع على الصحة، و إن قلنا بأنّ مانعية الميتة من حيث النجاسة، فالمسألة من صغريات ما تقدم في كتاب الطهارة في (فصل الصلاة في النجس)، فتصح مع الجهل بالموضوع و لكن الجزم بالأول مشكل و إن كان له وجه، لأنّ امتنانيته تقتضي التعميم و الأخير أشكل، و الوسط إثباته على عهدة مدعيه، فتصل النوبة قهرا إلى أصالة البراءة عن المانعية في الجهل بالموضوع مع غلبة كون الجهل به عذرا شرعا.
لأصالة عدم التذكية بناء على المشهور إن لم تكن أمارة عليها في البين كما هو المفروض.
لأنّه حينئذ من صغريات الصلاة في النجس نسيانا، فتشمله ما دل عليها في (فصل الصلاة في النجس).
لأصالة البراءة عن المانعية.
(مسألة ۱۳): المشكوك في كونه من جلد الحيوان أو من غيره لا مانع من الصلاة فيه (٤٥).
لأصالة عدم اعتبار التذكية، لأنّ اعتبار التذكية فيما أحرز أنّه حيوان، و مع الشك في الحيوانية، فلا موضوع لها، مضافا إلى أصالة البراءة عن المانعية.
(الرابع): أن لا يكون من أجزاء ما لا يؤكل لحمه و إن كان مذكّى أو حيّا، جلدا كان أو غيره، فلا يجوز الصلاة في جلد غير المأكول، و لا شعره و صوفه و ريشه و وبره (٤٦)، و لا شيء من فضلاته، سواء كان ملبوسا أو مخلوطا به أو محمولا، حتّى شعرة واقعة على لباسه، بل حتّى عرقه و ريقه و إن كان طاهرا ما دام رطبا، بل و يابسا إذا كان له عين (٤۷).و لا فرق في الحيوان بين كونه ذا نفس أو لا، كالسمك الحرام أكله (٤۸).
نصّا و إجماعا، بل ضرورة من مذهب الإمامية، ففي موثق ابن بكير: «إنّ الصلاة في وبر كلّ شيء حرام أكله، فالصلاة في وبره و شعره و جلده و بوله و روثه و كلّ شيء منه فاسد- إلى أن قال- ذكاه الذبح أو لم يذكه»۳۳.
لإطلاق قوله (عليه السلام)- فيما تقدم من موثق ابن بكير-:
«و كلّ شيء منه» الشامل لجميع ذلك و ذكر البول و الروث قرينة على أنّ لفظ (في)- في قوله (عليه السلام): الصلاة في وبر كلّ شيء- لمجرد الملابسة و المصاحبة كقوله تعالى ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ۳4 و ليس للظرفية، و يشهد له مكاتبة الهمداني قال: «كتبت إليه: يسقط على ثوبي الوبر و الشعر مما لا يؤكل لحمه من غير تقية و لا ضرورة، فكتب لا تجوز الصلاة فيه»۳٥.
مع احتمال أن تكون كلمة (في) قيدا للصلاة لا المصلّي، فيتعيّن أن تكون للمصاحبة حينئذ، إذ اللباس ظرف للمصلّي لا الصلاة.
إلا أن يقال: إنّ ما كان ظرفا للمصلّي ظرف للصلاة اعتبارا أيضا فلا فرق من هذه الجهة، و لكن للمصاحبة مراتب متفاوتة:
منها: أن يكون لباسا.
و منها: أن يكون ملصقا باللباس.
منها: أن يكون محمولا بلا واسطة أو معها، و في الجميع تصدق المصاحبة و إن صدقت الظرفية في بعضها أيضا.
و أما صحيح محمد بن عبد الجبار: «كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) أسأله هل يصلّي في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكّة حرير محض، أو تكة من وبر الأرانب؟ فكتب (عليه السلام) لا تحلّ الصلاة في الحرير المحض، و إن كان الوبر ذكيّا حلّت الصلاة فيه إن شاء اللّه»۳٦.
فصدره لا ينافي مطلق المصاحبة، و أما قوله (عليه السلام): «و إن كان الوبر ذكيا حلّت الصلاة» ففيه إجمال، فإنّه إن كان المراد بذكاة الوبر طهارته، فقد تقدم أنّه لا تعتبر الطهارة فيما لا تتم فيه الصلاة، و إن كان المراد به تذكية الحيوان مع كونه مأكول اللحم، فقد تقدم أيضا أنّه لا تعتبر التذكية فيما لا تحلّه الحياة من مأكول اللحم، و إن كان المراد به من خصوص الأرنب، فهو متوقف على كون الأرنب قسمين مأكول اللحم و غير مأكول اللحم، و هو غير معهود، و يمكن حمله على التقية، لأنّ مذهب أحمد عدم صحة الصلاة في وبر ميتة مأكول اللحم.
فروع- (الأول): لو شك في أنّه هل لصق بثوبه أو بدنه شيء مما لا يؤكل لحمه أو لا، فمقتضى الأصل عدم اللصوق، كما إنّه لو كان شيء منه ملصقا بثوبه و شك في زواله، فمقتضى الأصل بقاؤه.
(الثاني): لا فرق بين كون الشعر- مثلا- بهيئته الأصلية، أو صار مسحوقا، نعم، لو استحيل إلى شيء آخر كالرماد- مثلا- لا يترتب عليه الحكم.
(الثالث): لو حمل الهر أو الفار- مثلا- و صلّى تبطل صلاته لصدق الصلاة فيما لا يؤكل لحمه. و أما إذا كان الهرّ- مثلا- واقفا بجنبه و ملصقا به، ففي صحة الصلاة- لانصراف النصوص عنه، فيرجع إلى أصالة البراءة، و عدم المانعية، أو بطلانها جمودا على بعض الإطلاقات- وجهان، و كذا الصلاة على بساط كان مما لا يؤكل لحمه، أو كان من الميتة.
لإطلاق النص، و الفتوى الشامل لجميع ما ذكر و للسمك أيضا مع عدم ذكره في المستثنيات التي تأتي في [مسألة ۱۷]، و ذكر الذبح في موثق ابن بكير۳۷ لا يوجب التقييد بذي النفس، لأنّه من باب المثال لمطلق التذكية الشرعية.
و ما يقال: من أنّه لا أثر للتذكية الشرعية في غير ذي النفس، لطهارة ميتته. مدفوع: بأنّ لنفس غير المأكولية موضوعية خاصة في المانعية عن صحة الصلاة طهرت ميتته أو لا، و لذا لا تجوز الصلاة فيما طهر منه حال الحياة كشعره و ريقه و نحوهما.
(مسألة ۱٤): لا بأس بالشمع، و العسل، و الحرير الممتزج و دم البق و البرغوث، و نحوها من فضلات أمثال هذه الحيوانات مما لا لحم لها (٤۹).و كذا الصدف (٥۰)، لعدم معلومية كونه جزءا من الحيوان، و على تقديره لم يعلم كونه ذا لحم. و أما اللؤلؤ فلا إشكال فيه أصلا، لعدم كونه جزءا من الحيوان (٥۱).
كلّ ذلك لانصراف الأدلة عنها، و لظهور الإجماع، و السيرة و ما ورد في صحة الصلاة في الحرير الممتزج۳۸، و صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة؟ قال: لا و إن كثر»۳۹.
و في صحيح ابن مهزيار قال: «كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) أسأله عن الصلاة في القرمز و أنّ أصحابنا يتوقفون عن الصلاة فيه، فكتب لا بأس به مطلق و الحمد للّه»4۰. و يشهد له قاعدة نفي العسر و الحرج، و كذا نفس هذه الحيوانات أيضا، لصحة دعوى الانصراف عنها أيضا، مع عموم الابتلاء و عدم التعرض لها في النصوص.
الصدف: غلاف اللؤلؤ، و يطلق أيضا على الغطاء الخارجي الذي يكون لبعض الحيوانات التي لا عظام لها- كما عن بعض أهل اللغة- و ليس بنفسه حيوانا، و يشهد لما ذكر صحيح ابن جعفر عن أخيه (عليه السلام) قال: «و سألته عن اللحم الذي يكون في أصداف البحر و الفرات أ يؤكل؟ قال: ذلك لحم الضفادع لا يحلّ أكله»4۱، و على فرض الشك، فهو من صغريات ما يأتي في [مسألة ۱۸].
بل هو من الجمادات و مادة خاصة، و ليس بذي روح، و إن قيل إنّه تفرزها ذو روح، و في قيام السيرة على الصلاة فيه كفاية، مضافا إلى الأصل.
(مسألة ۱٥): لا بأس بفضلات الإنسان و لو لغيره، كعرقه، و وسخه، و شعره، و ريقه، و لبنه، فعلى هذا لا مانع في الشعر الموصول بالشعر، سواء كان من الرجل أو المرأة (٥۲).نعم، لو اتخذ لباسا من شعر الإنسان فيه إشكال، سواء كان ساترا أو غيره، بل المنع قويّ، خصوصا الساتر (٥۳).
أما جواز صلاة الشخص في فضلات نفسه من شعره و ريقه و عرقه و نحوها، فتدل عليه السيرة القطعية، بل الضرورة الدينية، و يدل عليه خبر عليّ بن الريان: «أنّه سأل أبا الحسن الثالث (عليه السلام) عن الرجل يأخذ من شعره و أظفاره، ثمَّ يقوم إلى الصلاة من غير أن ينفضه من ثوبه، فقال: لا بأس»4۲.
و فحوى بعض الأدلة الآتية. و أما فضلات غيره فاستدل له تارة: بالسيرة خصوصا بالنسبة إلى النساء حين الإرضاع، إذ لا تخلو ألبستهنّ عن فضلات الأطفال غالبا لا سيّما في الأزمنة القديمة.
و أخرى: بجواز الصلاة في ثوب الغير مع الإذن، و هو لا يخلو عن العرق غالبا خصوصا في الأعصار السابقة.
و ثالثة: بالصحيح كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) «هل تجوز الصلاة في ثوب يكون فيه شعر من شعر الإنسان و أظفاره من قبل أن ينفضه و يلقيه عنه؟ فوقّع يجوز»4۳.
و عن الحسين بن علوان أنّه: «سأل الصادق (عليه السلام) عن البزاق يصيب الثوب، قال (عليه السلام): لا بأس به»44.
و حمل مثل هذه الأخبار على مورد الاضطرار أو على ما إذا كان من نفس المصلّي خلاف الظاهر.
و رابعة: بما دل على حمل المرأة ولدها في الصلاة و إرضاعه4٥.
و خامسة: بخبر سعد الإسكاف: «إنّ أبا جعفر (عليه السلام) سئل عن القرامل التي تضعها النساء في رؤوسهنّ يصلنه بشعورهنّ، فقال (عليه السلام): لا بأس على المرأة بما تزينت به لزوجها»4٦.
و عن زرارة عن الصادق (عليه السلام): «سأله أبي و أنا حاضر عن الرجل يسقط سنه، فيأخذ سنّ إنسان ميت فيجعله مكانه، قال (عليه السلام) لا بأس»4۷.
و ما في بعض الأخبار من كراهة القرامل4۸ إمّا مطلقا أو إذا كانت من غير صوف، لا ينافي الصحة في المقام.
و سادسة: بالعسر و الحرج، و بأنّ الخطاب مع الإنسان بالنسبة إلى سائر الحيوان فلا يشمل نفسه، لانصرافه عنه. و هذه الأدلة و إن أمكنت المناقشة في بعضها، إلّا أنّ جميعها يكفي في حصول الاطمئنان بالحكم، و الظاهر أنّ ما ذكر في هذه الأدلة من باب المورد و المثال لا الخصوصية، فيشمل جميع أنحاء التلبسات و إطلاقها يشمل ما إذا كان من الرجل للمرأة أو بالعكس.
مقتضى الأصل الجواز مطلقا لباسا كان أو لا، ساترا كان أو غيره إلّا أن يدل دليل على المنع، و هو إمّا الإطلاقات و هي منصرفة عن نفس الإنسان، أو قاعدة الاشتغال في الشك في الشرطية، و هي ممنوعة، لما ثبت من أنّ المرجع فيه البراءة دون الاحتياط، و المسألة من صغريات الصلاة في المشكوك، فلا وجه للجزم بالجواز في تلك المسألة و تقوية المنع هنا.
(مسألة ۱٦): لا فرق في المنع بين أن يكون ملبوسا أو جزءا منه، أو واقعا عليه، أو كان في جيبه، بل و لو في حقبة هي في جيبه (٥٤).
كلّ ذلك لصدق الصلاة في غير المأكول بعد كون لفظ (في) لمطلق المصاحبة، كما تقدم، و مع الشك في الصدق، كما في الأخير لا يصح التمسك بالإطلاق، لكونه من التمسك بالدليل مع الشك في الموضوع، و المرجع حينئذ البراءة، و صور الشك في الصدق كثيرة تقدم بعضها.
(مسألة ۱۷): يستثنى مما لا يؤكل الخز الخالص (٥٥) غير المغشوش بوبر الأرانب و الثعالب (٥٦)، و كذا السنجاب (٥۷).و أما السمور، و القاقم، و الفنك، و الحواصل: فلا تجوز الصلاة في أجزائها على الأقوى (٥۸).
للنصوص و الإجماع، و عمل المعصومين (عليهم السلام) و المسلمين، فعن سليمان بن جعفر قال: «رأيت الرضا (عليه السلام) يصلّي في جبة خزّ»4۹.
و عن ابن مهزيار: «رأيت أبا جعفر الثاني (عليه السلام) يصلّي الفريضة و غيرها في جبة خزّ طارويّ و كساني جبة خز و ذكر أنّه لبسها على بدنه و صلّى فيها و أمرني بالصلاة فيها»٥۰.
و في صحيح الحلبي قال: «سألته عن لبس الخز، فقال: لا بأس به، إنّ عليّ بن الحسين (عليه السلام) كان يلبس الكساء الخزفي الشتاء فإذا جاء الصيف باعه و تصدق بثمنه، و كان يقول: إنّي لأستحي من ربّي أن آكل ثمن ثوب قد عبدت اللّه فيه»٥۱.
و في حديث دعبل: «أنّ الرضا (عليه السلام) خلع عليه قميصا من خز و قال له: احتفظ بهذا القميص فقد صلّيت فيه ألف ليلة كلّ ليلة ألف ركعة»٥۲.
و في صحيح زرارة: «خرج أبو جعفر (عليه السلام) يصلّي على بعض أطفالهم و عليه جبة خز صفراء و مطرف خز أصفر»٥۳.
للنص و الإجماع، ففي خبر أيوب بن نوح قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «الصلاة في الخز الخالص لا بأس به، فأما الذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك مما يشبه هذا فلا تصلّ فيه»٥4.
و أما خبر بشير بن بشار قال: «سألته عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب فكتب: يجوز ذلك»٥٥ فموهون بقصور السند و هجر الأصحاب عنه، و لم يعمل به أحد منهم.
نعم، قال الصدوق (رحمه اللّه) في الفقيه بعد ذكره الخبر المزبور:
و هذه رخصة، الآخذ بها مأجور، و رادها مأثوم، و الأصل ما ذكره أبي في رسالته إليّ: و صلّ في الخز ما لم يكن مغشوشا بوبر الأرانب».
و لا يظهر من هذه العبارة عمله (رحمه اللّه) بالخبر مع احتمال التقية في مثل هذا الخبر و على فرض عمل الصدوق به فهو من منفرداته لا يكون حجة لغيره.
ثمَّ إنّ الغش إمّا أن يعلم أنّه مما تجوز الصلاة فيه، كالقطن و نحوه أو يعلم أنّه مما لا تجوز الصلاة فيه، كوبر الأرانب و الثعالب، أو يشك في ذلك.
و حكم الأولين واضح، و الأخير من صغريات الصلاة في المشكوك و يأتي الجواز فيه إن شاء اللّه تعالى.
فرعان- (الأول): المشهور صحة الصلاة في جلد الخز أيضا، لقول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في خبر ابن أبي يعفور قال: «كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) إذ دخل عليه رجل من الخزازين، فقال له: جعلت فداك ما تقول في الصلاة في الخز؟ فقال: لا بأس بالصلاة. إلى أن قال (عليه السلام): فإنّ اللّه تعالى أحلّه و جعل ذكاته موته كما أحلّ الحيتان و جعل ذكاتها موتها»٥٦.
و شموله للجلد مما لا ينكر، إذ لا تعتبر التذكية في الوبر قطعا و يشهد له إطلاق لفظ الخز في جملة من الأخبار كما في خبر الوشاء عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: «كان عليّ بن الحسين يلبس في الشتاء الجبة الخز، و المطرف الخز، و القلنسوة فيشتو فيه و يبيع المطرف في الصيف و يتصدق بثمنه، ثمَّ يقول: مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ»٥۷.
و في خبر يوسف بن إبراهيم قال: «دخلت على أبي عبد اللّه و عليّ جبة خز و طيلسان خز فنظر إليّ، فقلت: جعلت فداك عليّ جبة خزّ و طيلساني هذا خزّ فما تقول فيه؟ فقال: و ما بأس بالخزّ»٥۸.
إلى غير ذلك من الأخبار، و شمولها للجلد أيضا ليس قابلا للإنكار.
و ما قيل: من أنّ استعمال الجلد في اللباس لم يكن معهودا، من مجرد الدعوى، لشيوع جعل البطانة جلد الخزّ في الثياب، مع أنّه لا يضرّ بالإطلاق، و يدل عليه إطلاق صحيح سعد بن سعد قال: «سألت الرضا (عليه السلام) عن جلود الخزّ، فقال: هو ذا نحن نلبس، فقلت: ذاك الوبر جعلت فداك، قال: إذا حلّ وبره حلّ جلده»٥۹.
و صحيح عبد الرحمن بن الحجاج قال: «سأل أبا عبد اللّه (عليه السلام) رجل و أنا عنده عن جلود الخز، فقال (عليه السلام): ليس بها بأس، فقال الرجل: جعلت فداك إنّها علاجي (في بلادي) و إنّما هي كلاب تخرج من الماء، فقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): إذا خرجت من الماء تعيش خارجة من الماء. فقال الرجل: لا، قال: ليس به بأس»٦۰ مع كون الموضوع ابتلائيا لمن يلبسها، و لو لم يكن مثل هذه الإطلاقات كاشف عن صحة الصلاة في مثل هذا اللباس، يكون خلاف المستفاد منها في المحاورات.
و أما اقتصار بعض الفقهاء (قدّس سرّهم) على خصوص الوبر، فليس لأجل عدم صحة الصلاة في الجلد، بل لأجل شيوع استعمال الوبر، و أنّهم في مقام بيان الجواز في غير المغشوش و عدمه في المغشوش و ذلك يختص بخصوص الوبر كما هو واضح.
(الثاني): إن علم أنّ الخز الموجود في هذه الأعصار هو عين ما كان في عصر صدور الأخبار فلا إشكال فيه، و إلّا فهو من صغريات (الصلاة في المشكوك) و يأتي حكمه إن شاء اللّه تعالى. و إن علم أنّه غيرها مما لا يؤكل لحمه فلا ريب في عدم جواز الصلاة فيه.
على المشهور، بل نسب إلى دين الإمامية، و تدل عليه جملة من الأخبار أيضا منها صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «سألته عن الفراء و السمّور، و السنجاب، و الثعالب و أشباهه، قال: لا بأس بالصلاة فيه»٦۱.
و صحيح ابن راشد قال: «قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في الفراء أيّ شيء يصلّى فيه؟ قال: أيّ الفراء؟ قلت: الفنك و السنجاب و السمّور، قال: فصلّ في الفنك و السنجاب، فأما السمور فلا تصلّ فيه»٦۲.
و في خبر بشير بن بشار قال: «سألته عن الصلاة في الفنك و الفراء و السنجاب و السمّور و الحواصل التي تصاد ببلاد الشرك أو بلاد الإسلام أن أصلّي فيه لغير تقية؟ قال: فقال: صلّ في السنجاب و الحواصل الخوارزمية، و لا تصلّ في الثعالب و لا السمّور»٦۳.
و في خبر يحيى بن أبي عمران أنّه قال: «كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) في السنجاب و الفنك و الخز و قلت: جعلت فداك أحب أن لا تجيبني بالتقية في ذلك، فكتب بخطّه إليّ: صلّ فيها»٦4.
و في خبر الديلمي قال (عليه السلام): لا بأس بالسنجاب فإنّه دابة لا تأكل اللحم و ليس هو مما نهى عنه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، إذ نهى عن كلّ ذي ناب و مخلب»٦٥.
إلى غير ذلك من الأخبار.
و عن جمع منهم الصدوق (رحمه اللّه) في الفقيه، و الشيخ و الحليّ و بعض المتأخرين عدم صحة الصلاة في السنجاب، لقصور ما دل على الجواز سندا، و إمكان حمله على التقية، و إنّ السنجاب ذكر في عرض السمور الذي لا تجوز الصلاة فيه، و لمعارضته لموثق ابن بكير.
و الكل مخدوش أما الأول: فبأنّ فيه الصحيح و غيره. و الثاني: بأنّه مخالف للأصل الذي لا يصار إليه إلّا مع الدليل و هو مفقود. و الثالث: بأنّ التفكيك بين أجزاء خبر واحد لدليل خارجيّ مما لا بأس به، بل هو واقع كثيرا في الفقه. و الأخير: بأنّ السنجاب إنّما ذكر في الموثق من باب المثال لا الخصوصية فيكون مثل صحيح الحلبي مقيّدا و مخصّصا له لا محالة، مع أنّه ذكر في السؤال لا أن يكون بيانا من المعصوم (عليه السلام).
و دعوى: أنّ الموثق ورد مورد القاعدة الكلية و لا يصلح للتخصيص باطلة، لشيوع تخصيص العمومات و كثرته حتّى اشتهر أنّه ما من عام إلّا و قد خصّ و طريق الاحتياط واضح.
السمّور كالسنّور لفظا و معنى، و القاقم على شكل الفأرة. و الفنك نوع من الثعلب، أو من جراء الثعلب التركي، و يطلق- أيضا- على فرخ ابن آوى. و الحواصل من الطيور الكبار لها حواصل عظيمة.
أمّا السمور فالمشهور عدم صحة الصلاة فيه، و عن المصابيح دعوى الإجماع عليه، و يدل عليه مضافا إلى العمومات، ما تقدم من صحيح ابن راشد، و صحيح سعد بن سعد عن الرضا (عليه السلام): «سألته عن جلود: السمور، قال (عليه السلام): أيّ شيء هو ذاك الأدبس؟ فقلت: هو الأسود فقال (عليه السلام): يصيد؟ فقلت: نعم، يأخذ الدجاج، فقال (عليه السلام): لا»٦٦.
و يستفاد منه أنّه من السباع التي عدم جواز الصلاة فيها قطعيّ أو ضروريّ، كما في الجواهر.
و بإزاء هذه الأخبار جملة أخرى يظهر منها الجواز:
منها: صحيح الحلبي- المتقدم- الذي سأله (عليه السلام) عن الفراء و السمور و السنجاب و الثعالب و أشباهه قال (عليه السلام): «لا بأس بالصلاة فيه».
و لا بد من حمله في غير السنجاب على التقية، و في الجواهر: «يمكن تواتر رواية المنع في الثعالب، و فيها الصحيح و غيره».
و منها: خبر عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: «سألته عن لبس السمور و السنجاب و الفنك فقال: لا يلبس و لا يصلّي فيه إلّا أن يكون ذكيا»٦۷.
و أسقطه عن الاعتبار هجر الأصحاب له بالنسبة إلى غير السنجاب.
و منها: صحيح ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن لباس الفراء و السمور و الفنك و الثعالب و جميع الجلود، قال (عليه السلام): لا بأس بذلك»٦۸.
و مثله صحيح الريان بن الصلت عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: «سألته عن لبس فراء السمور و السنجاب و الحواصل و ما أشبهها .. قال (عليه السلام): لا بأس بهذا كلّه إلّا بالثعالب»٦۹.
و فيه: أنّه في حكم اللبس تكليفا، و هو أعم من جواز الصلاة فيه وضعا.
و بالجملة: إنّه لم يخصص عموم قوله (عليه السلام): «إنّ الصلاة في وبر كلّ شيء حرام أكله، فالصلاة في وبره، و شعره و جلده، و بوله، و روثه و كلّ شيء منه فاسد۷۰. بمخصص يصح الاعتماد عليه.
و أما القاقم، فيظهر منهم التسالم على أنّه غير مأكول اللحم، فيشمله العموم الدال على عدم جواز الصلاة فيه و ليس ما يصلح للتخصيص إلّا ما نقله في المستند عن عليّ بن جعفر عن أخيه قال: «سألته عن لبس السمور و السنجاب و الفنك و القاقم، قال (عليه السلام): لا يلبس و لا يصلّى فيه إلّا أن يكون ذكيا»۷۱.
و رواه في الوسائل بدون ذكر القاقم۷۲، و السند على كلتا الروايتين لا يخلو من ضعف، مع أنّها معارضة بخبر الدعائم عن الصادق (عليه السلام): «عن فرو الثعلب و السنور و السمور و السنجاب و الفنك و القاقم قال: يلبس و لا يصلّى فيه»۷۳.
و هي معتضدة بعموم موثق ابن بكير، و حمله على غير المذكى خلاف ظاهر التفصيل بين اللبس و الصلاة، بناء على جواز استعمال غير المذكى فيما لا يشترط فيه الطهارة.
و أمّا الفنك، فالمشهور، بل المدعى عليه الإجماع فيه المنع أيضا.
و يقتضيه عموم موثق ابن بكير۷4، و بعض الأخبار الخاصة مثل ما تقدم من خبر ابن جعفر.
و بإزائه جملة من الأخبار التي يظهر منها الجواز، كما تقدم من خبر ابن جعفر، و في خبر وليد بن أبان قال: «قلت للرضا (عليه السلام): أصلّي في الفنك و السنجاب؟ قال: نعم»۷٥.
و في مكاتبة يحيى بن أبي عمران أنّه قال: «كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) في السنجاب و الفنك و الخز و قلت: جعلت فداك أحبّ أن لا تجيبني بالتقية في ذلك، فكتب بخطه إليّ: صلّ فيها»۷٦.
و لكن إعراض المشهور عنها، و موافقتها للتقية، و معارضتها بغيرها المؤيّد بعموم المنع أسقطها عن الاعتبار.
و أما الحواصل: فمقتضى عموم الموثق المنع و هو المشهور أيضا.
و استدل للجواز أولا: بدعوى الشيخ الإجماع عليه. و هو منه (رحمه اللّه) عجيب مع ذهاب المشهور إلى المنع و كم له من مثل هذه الإجماعات؟! و في الجواهر: «إنّه من سباع الطير و عدم جواز الصلاة فيها قطعي».
و ثانيا: بخبر بشير بن بشار: «قال: صلّ في السنجاب و الحواصل الخوارزمية»۷۷.
و فيه: مضافا إلى قصور سنده لجهالة بشير، و إضماره أنّ ظاهره الاختصاص ببعض أقسام الحواصل، فلا يكون دليلا لمطلق الحواصل.
و ثالثا: بالتوقيع المروي عن الخرائج: «و إن لم يكن لك بما تصلّي فيه فالحواصل جائز لك أن تصلّي فيه»۷۸.
و يرده: مضافا إلى قصور سنده أنّ ظاهره صورة الاضطرار، و يأتي في [مسألة ۳۹] حكمه.
و رابعا: بصحيح ابن الحجاج على نسخة الاستبصار-: «سألته عن اللحاف (الخفاف) من الثعالب أو الخوارزمية أ يصلّي فيها أم لا؟ قال: إن كان ذكيا، فلا بأس به»۷۹.
و فيه: أنّ الشيخ (رحمه اللّه) ضبطه في التهذيب (الجرز منه)۸۰ و الجرز من ألبسه النسوان، و ضمير منه يرجع إلى الثعالب، و عدم جواز الصلاة في الثعالب من قطعيات الفقه إن لم يكن من ضرورياته، فكيف يعتمد عليه خصوصا مع اختلاف النسخة عن ناقل واحد.
فائدة: لا بد من اتباع المشهور فيما يتعلّق بما لا يؤكل لحمه، لأنّ المسألة كانت مورد التقية الشديدة، فالتفرّد بالفتوى- بما يظهر منه الجواز مع مخالفة المشهور و إن كان في البين نصّ صحيح- خلاف الطريقة المألوفة بين أساطين الفقه خصوصا مع تعارض الأدلة، و الاجتهاد و إن كان بابه مفتوحا و واسعا، و لكن خطره أعظم من سعة بابه.
(مسألة ۱۸): الأقوى جواز الصلاة في المشكوك كونه من المأكول أو من غيره (٥۹)، فعلى هذا لا بأس بالصلاة في الماهوت.و أما إذا شك في كون شيء من أجزاء الحيوان أو من غير الحيوان فلا إشكال فيه (٦۰).
على المشهور بين متأخري المتأخرين، بل عن جمع من المتأخرين الفتوى به أيضا، و نسب إلى المشهور بين المتقدمين المنع، بل ادّعى الإجماع عليه. و قد أطيل البحث في هذه المسألة و لا تستحق الإطالة إذا خلصت عن الزوائد.
و لباب المقال فيها: أنّ البحث تارة: بحسب الأدلة. و أخرى: بحسب الأصول الموضوعية. و ثالثة: بحسب الأصول الحكمية.
و لا بد أولا: من بيان مقدمات واضحة حتى يتضح الحكم:
الأولي: النواهي المتعلّقة بما يكون له أفراد خارجية إنّما هي بنحو السريان الاستغراقي يعني أنّ كلّ فرد خارجي يكون فردا. للمنهيّ عنه مستقلا بلا فرق فيه بين النواهي النفسية و الغيرية، فالنهي عن لبس غير المأكول في الصلاة ينحلّ إلى نواه عديدة حسب تعدد أفراد غير المأكول، و كذا في النهي عن الحرير، و الذهب، و الميتة و نحوها، فيتحقق حينئذ أفراد معلومة في شمول النهي لها و أفراد مشكوكة، و لا ريب في شمول الدليل للأفراد المعلومة دون المشكوكة، مع أنّ تشريع القانون و جعله- خالقيا كان أم خلقيا- من القضايا الحقيقية التي تسير فعليتها مسير فعليه الموضوع فهما متلازمان من هذه الجهة، لا أن يكون من القضايا الذهنية أو الخارجية الجزئية أو الطبيعية، إذ الكلّ باطل، كما يظهر بأدنى تأمل، كما لا ريب عند العقلاء أنّ العلم بمجرد الكبرى لا يكون حجة على الصغريات المشكوكة الدخل فيها، و لذا أرسل إرسال المسلّمات أنّه لا يصح التمسك بالدليل مطلقا- لفظيا كان أو لبيا- في الشبهات المصداقية، فالأفراد المشكوكة الدخول تحت عنوان غير المأكول لا يشملها دليل النهي عن الصلاة فيه لفظيا كان كقوله (عليه السلام): «لا تصلّ في ما لا يؤكل لحمه»، أو لبيا كالإجماع. و كذا بالنسبة إلى المشكوك من الحرير و الذهب و نحوهما، لأنّ المفروض أنّها مشكوكة الفردية، و الكبرى المعلومة لا تكون حجة في الصغريات المشكوكة، كما هو واضح.
الثانية: يمكن ثبوتا أن يكون عدم المأكولية و نحوه قيدا للصلاة أو في لباس المصلّي، و مرجعهما إلى واحد بعد ملازمتهما لدى العرف، و كلّما شك في الحرمة المعلومة بالنسبة إلى الموضوع الخارجي، فالمرجع فيه البراءة، سواء كانت الحرمة نفسية أو غيرية، لشمول ما ذكروه من الدليل العقليّ و النقليّ للبراءة لهما معا، و إن شئت قلت: إنّ الحجة تمت بالنسبة إلى الأفراد المعلومة و لم تتم بالنسبة إلى الأفراد المشكوكة، فالعقل و النقل و العرف يحكم حينئذ بصحة الرجوع فيها إلى البراءة.
الثالثة: الشقوق المتصوّرة في القيدية في المقام ثلاثة: شرطية كون الحيوان مأكول اللحم عند كون شيء منه مع المصلّي، و مانعية غير المأكول كذلك، و شرطية مأكول اللحم و مانعية ضده. و يظهر الأول من العلامة (قدّس سرّه) و من تبعه. و الثاني من الأكثر، و يظهر الأخير من صاحب الجواهر (قدّس سرّه) و الكلّ ممكن ثبوتا و يمكن استظهاره من الأدلة.
و أشكل بعض مشايخنا (رحمهم اللّه) على الأخير فقال- ما تلخيصه بتوضيح منا-: «إنّ ذلك ممتنع، لأنّه من فروع الجمع بين الضدين، فإنّ الشرط عبارة عما له دخل في اقتضاء المقتضي و المانع ما يدفع أصل الاقتضاء فيرجع شرطية شيء و مانعية ضده إلى ثبوت الاقتضاء و المنع عنه و هما لا يجتمعان، فيمتنع تحقق ذلك ثبوتا.
و فيه أولا: أنّ الشرطية و المانعية في الشرعيات من الاعتباريات، كما ثبت في محلّه. و ثانيا أنّ تمامية المقتضي نسبية و إضافية، فمن حيث نسبته و إضافته إلى نفسه فعليّ، و من الإضافة إلى وجود المانع تعليقيّ، و ليس مجرد تمامية المقتضي في حدّ نفسه علّة تامة منحصرة للوجود إلّا إذا كان مطلقا و من كلّ حيثية و جهة لا فيما إذا كان بالنسبة و الإضافة، و لا يصير مطلقا و من كلّ جهة إلّا مع فقد المانع.
إن قيل: عدم المانع من حيث كونه عدميا لا يصلح لاستناد الوجود إليه فكيف تصير علة الوجود به تامة؟
يقال: إنّ مرجعه إلى الوجود، لأنّه يرجع إما إلى تمام فاعلية الفاعل، أو قابلية المحلّ مضافا إلى ما ثبت في محلّه من أنّ عدم الملكة له حظّ من الوجود، و هذا المقدار يكفي في صحة الاستناد، إذ مقتضى الأصل عدم اعتبار الأزيد من ذلك.
إن قيل: مع كون أحد الضدّين شرطا يكون مانعية الآخر لغوا و العاقل منزّه عنه فضلا عن الحكيم.
يقال: لا ريب في ترتب غرض صحيح معتبر عليه، و هو التأكيد و التثبت، كما هو معلوم فلا وجه لاحتمال اللغوية هذا كلّه بحسب مقام الثبوت، و أما مقام الإثبات فيأتي بيانه في الأمر الخامس.
الرابعة: لا ريب في أنّ التقيّد بالنسبة إلى الأفراد المعلومة من غير مأكول اللحم متيقن، و بالنسبة إلى الأفراد المشكوكة منها مشكوك، و الشك في القيد من مجاري البراءة مطلقا بلا فرق فيه بين الشبهة الحكمية و الموضوعية لفرض انحلال دليل القيد إلى تقييدات عديدة، ففي الشبهة الموضوعية لا يصح التمسك بالدليل لما مرّ و لم تتم الحجة عليه فيرجع إلى البراءة. نعم، لو لم ينحل دليل القيد إلى التقييدات العديدة و كان متعلّقه شيئا واحدا بسيطا معيّنا مفهوما، و هو وجوب إحراز كون ما مع المصلّي من مأكول اللحم عند كونه من الحيوان لا وجه لصحة الصلاة في المشكوك فيه و كان الشك في الخروج عن عهدة امتثاله لكان ذلك من موارد الاشتغال بلا إشكال.
الخامسة: عمدة الدليل على بطلان الصلاة في غير المأكول موثق ابن بكير: «إنّ الصلاة في وبر كلّ شيء حرام أكله، فالصلاة في وبره و شعره و جلده و بوله و روثه و كلّ شيء منه فاسدة»۸۱.
و كذا ما سبق هذا من قولهم (عليهم السلام): «لا تجوز الصلاة فيه»، كما في مكاتبة الهمداني۸۲ و خبر محمد بن إسماعيل۸۳، و خبر الأبهري۸4: «و لا تصلّ في جلد ما لا يشرب لبنه»۸٥.
كما في وصية النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) لعليّ (عليه السلام)، «لا تصلّ فيها» كما في خبر وليد بن أبان۸٦ إلى غير ذلك من الأخبار، و لا ريب في ظهور هذه الجملات في الحرمة الغيرية و مانعية مصاحبة غير المأكول عن صحة الصلاة، كما لا ريب في انحلاله بالنسبة إلى الموضوعات المتعددة فالمشكوك خارج منها.
و أما قوله (عليه السلام) في ذيل الموثق: «لا تقبل تلك الصلاة حتّى يصلّي في غيره مما أحلّ أكله»۸۷.
فقد يدعى ظهور مثله في شرطية كون اللباس من مأكول اللحم على تقدير كونه من الحيوان و حينئذ فالشك في الشرطية يوجب الشك في المشروط فيجب الاحتياط.
و فيه أولا: أنّه عبارة أخرى عما ذكر في صدر الموثق و ليس شيئا زائدا عليه و الشك في ذلك يكفي في عدم الثبوت. و ثانيا: على فرض الظهور في الشرطية يكون ظهور الصدر في المانعية المطلقة الاستغراقية أقوى من ظهور الذيل في الشرطية. و ثالثا: على فرض الشرطية أيضا يصح أن يقال: إنّ تقييد الصلاة بالمعلوم من غير المأكول معلوم و تقييده بالمشكوك منه غير معلوم فيدفع بالأصل، فلا ثمرة من هذه الجهة بين الشرطية و المانعية.
السادسة: مقتضى إطلاق حديث «الرفع»۸۸ الوارد مورد التسهيل و التوسعة و الامتنان، و مقتضى إطلاق قوله (عليه السلام): «كلّ شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه»۸۹ بناء على شمول الحلية و الحرمة للحلية و الحرمة النفسية و الغيرية، كما هو ظاهر الإطلاق الوارد في التسهيل و الامتنان جواز الصلاة في المشكوك بلا فرق بين المانعية و الشرطية، فهذا النزاع ساقط من هذه الجهة.
إذا تبيّن ذلك نقول: التمسك بالعمومات و الإطلاقات لبطلان الصلاة في المشكوك تمسك بالعام في الشبهة المصداقية على كلّ تقدير، سواء كان مأكول اللحم شرطا، أو حرمة أكل اللحم مانعا، أو هما معا شرط و مانع فتبقى الأصول الموضوعية و الحكمية. و الأولى إما نعتية أو أزلية و النعتي عبارة عن أصالة عدم مصاحبة المصلّي- أو الصلاة من حيث صدورها عنه- مع ما لا يؤكل لحمه و لا فرق فيه بين كون القيد قيدا للمصلّي أو للصلاة من حيث صدورها عنه، لاتحاد الجهتين عرفا. و الأزلية عبارة عن أصالة عدم تحقق ما لا يؤكل لحمه أو عدم الصلاة فيه، و هذا العدم متحد مع العدم الخاص المضاف اتحاد الكليّ مع الفرد و العام مع الخاص، فلا يكون من الأصل المثبت كما إنّه لا نحتاج إلى إثبات المأكولية حتّى يكون منه، بل يكفي في الصحة نفي عنوان غير المأكولية فقط و لو بالأصل، و كون اللباس مما أحلّ اللّه الصلاة فيه كذلك، و لا ريب في تحققه بالأصل.
هذا، مضافا إلى جريان قاعدة الحلية بناء على شمولها للحلية و الحرمة الغيرية أيضا كما هو الظاهر من إطلاق دليلها الوارد مورد الامتنان، و يشهد له قوله (عليه السلام): «لا تحل الصلاة في حرير محض»۹۰ و قوله (عليه السلام): «لا تجوز الصلاة في وبر الأرانب»۹۱. حيث استعملوا (عليهم السلام) الجواز، و الحلية في الغيرية منهما لا النفسية.
و أما الأصول الحكمية، فلا إشكال في شمول البراءة العقلية و النقلية بناء على المانعية، و انحلال النهي إلى نواه متعددة، و كون المقام من موارد الأقلّ و الأكثر في الشبهات الموضوعية، لأنّ تقييد التكليف بالأفراد المعلومة من غير المأكول معلوم و بالمشتبه منه مشكوك فيرجع فيه إلى البراءة- كما في سائر موارد الأقلّ و الأكثر في الشبهات الموضوعية- بل و كذا بناء على الشرطية أيضا، للشك في تقييد التكليف بالنسبة إلى أفراد المشكوك، فيكون من موارد الأقلّ و الأكثر أيضا.
إن قلت: فليكن كذلك في جميع موارد الشك في تحقق الشرط في الشبهات الموضوعية أيضا- كالطهارة، و الاستقبال، و أصل الستر و غير ذلك مما لا يحصى- مع أنّ ظاهرهم التسالم على الرجوع فيها إلى قاعدة الاشتغال.
قلت أولا: إنّه فرق بين المقام و سائر الموارد، لما تقدم من استظهار المانعية من الأدلة، و ليست ظاهرة في الشرطية بحيث يعتمد عليها. غاية الأمر الشك في أنّه من موارد المانعية أو الشرطية، و المرجع فيه أيضا البراءة لما تقدم.
و ثانيا: لا بأس به ما لم يكن دليل على الخلاف، و يشهد له كثرة القواعد التسهيلية الجارية في الشبهات الموضوعية- كالتجاوز و الفراغ و الحلية و الطهارة و الصحة و حديث «لا تعاد»۹۲ و نحوها- مما يخصص بها قاعدة أنّ الشك في الشرط يوجب الشك في المشروط، مع أنّ التسالم الذي ذكر ليس من الإجماع التعبدي الذي يعتمد عليه و إنّما حصل من جعلهم (رحمهم اللّه) أمثال هذه الموارد من موارد الاشتغال، فلا وجه للاعتماد على هذا التسالم الذي يكون مبناه مخدوشا.
إن قيل: يمكن أن يستفاد من الأدلة أنّ المأمور به هو العنوان البسيط الحاصل من إحراز عدم تصاحب غير مأكول اللحم مع المصلّي و هو لا يتحقق إلّا بترك الصلاة في المشكوك منه.
يقال: إنّه من مجرد الاحتمال و على فرض صحته يكون المراد بالإحراز بحسب القواعد و الأصول المقرّرة الشرعية لا الإحراز بحسب الواقع و اللوح المحفوظ و إلّا لتعطّلت الأحكام و بطل النظام.
إن قيل: إنّ تعليق الجواز على أمر وجودي و هو عنوان مأكول اللحم يقتضي عدم صحة الاقتحام عند الشك فيه و هذا من المداليل السياقية المعتبرة عرفا.
يقال أولا: إنّ هذا عبارة أخرى عن أنّ القيد شرط لا أن يكون مانعا، و مع الإغماض عنه ليس هذا قاعدة معتبرة شرعا و لا عرفا و لا عقلا مع وجود الأصول المعتبرة في البين و إن رتب عليه بعض مشايخنا (رحمهم اللّه) أمورا في الفقه و تعرض في حاشية العروة من كتاب النكاح [مسألة ٥۰]، فلا بد حينئذ من اتباع أصالة البراءة في كلّ مورد لم يكن فيه أصل موضوعيّ و لا دليل خارجيّ من إجماع أو غيره على خلافها في الشبهة الموضوعية المرددة بين الأقلّ و الأكثر و لو كان القيد معتبرا بعنوان الشرطية فتأمل و طريق الاحتياط واضح، و الظاهر أنّ التطويل في المسألة بأكثر من ذلك لا ينبغي و اللّه تعالى هو العاصم.
فرع: الشك في غير مأكول اللحم تارة: يكون من الوصف بحال الذات- كما إذا كانت شعرة على لباسه- مثلا- و لم يعلم بأنّها من السنّور أو من البعير مثلا- و أخرى: يكون من الشك في كونه مع المصلّي- كما إذا شد فأرة بخيط و أمسك الخيط بيده، فيشك في صدق المعية حينئذ و له نظائر كثيرة، فالمرجع فيها أيضا البراءة.
لأنّه إن علم بالمأكولية على تقدير الحيوانية، فوجه عدم الإشكال معلوم، للعلم التفصيلي بجواز الصلاة فيه حينئذ. و أما إن علم بعدم المأكولية على فرض الحيوانية، أو شك فيه فهو عين المسألة السابقة و إن كان الأخير أخفّ إشكالا بناء على المنع، لأنّه شك في شك. و الأول شك في أصل الموضوع. و كذا الكلام في جميع الأقمشة التي تجلب من بلاد الكفر التي تكون من الصوف أو الشعر أو الوبر.
(مسألة ۱۹): إذا صلّى في غير المأكول جاهلا أو ناسيا فالأقوى صحة صلاته (٦۱).
أما في الجهل بالموضوع، فهو المشهور، و استدل له بصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل يصلّي و في ثوبه عذرة من إنسان أو سنور أو كلب أ يعيد صلاته؟ قال (عليه السلام): إن كان لم يعلم فلا يعيد»۹۳.
و لا ريب في تخصيص مثل موثق ابن بكير۹4 به و نفي الإعادة ليس لأجل النجاسة فقط، فإنّه خلاف ظاهر الإطلاق الوارد مورد البيان خصوصا مع ذكر الروث و البول في موثق ابن بكير، فيكون ذكر العذرة و نحوها من باب المثال لجميع ما مع المصلّي من أجزاء غير مأكول اللحم، و يشمله أيضا حديث «الرفع»۹٥، بل حديث «لا تعاد»۹٦ بناء على شموله لصورة الجهل و ما هو معلوم من مذاق الشرع من اغتفار الجهل بالموضوع مطلقا إلّا ما خرج بالدليل بحيث يصح أن يجعل ذلك أصلا.
و أما الناسي، فنسب إلى المشهور وجوب الإعادة، لإطلاق مثل موثق ابن بكير الوارد لبيان الحكم الواقعي.
و فيه أولا: أنّ الظاهر، بل المقطوع به أنّ ذكر عدم العلم في الصحيح مثال لمطلق العذر الشرعي، فيشمل النسيان أيضا.
و ثانيا: لا قصور لشمول حديث «لا تعاد» للمقام.
و دعوى: تقديم الموثق عليه، لأنّ النسبة بينهما العموم من وجه إذ الحديث شامل لجميع أنواع الخلل سواء كانت من جهة ما لا يؤكل لحمه أو من غيره و لكنه مختص بالخلل النسياني و الموثق مختص بما لا يؤكل لحمه، و لكنه عام يشمل الجهل و النسيان و بعد خروج الجهل منه، لما تقدم من الصحيح تنقلب النسبة بينهما إلى العموم المطلق، لأنّ الحديث شامل للخلل الحاصل من جميع أنواع الخلل و الموثق يختص بالخلل النسياني من ناحية غير المأكول فيقدم على الحديث لا محالة، لتقديم الخاص على العام و عدم ملاحظة النسبة بينهما بلا كلام، مردودة:
أما أولا: فلأنّ اختصاص الحديث بالناسي أول الكلام، و عن جمع التصريح بشموله للجاهل أيضا، و هو الذي تقتضيه الرأفة و التسهيل و الامتنان.
و ثانيا: قد جرت عادة الفقهاء (رحمهم اللّه)، بل و جميع أهل اللسان على عدم ملاحظة النسبة بين الأدلة الثانوية- الواردة في مقام التسهيل و الامتنان- و الأدلة الأولوية، فما الوجه في خصوص المقام حيث روعي فيه ذلك مع أنّه خلاف طريقتهم في سائر الموارد.
و ثالثا: يصح التمسك بحديث «الرفع»۹۷ أيضا بعد التردد في شمول الموثق لصورة النسيان.
(مسألة ۲۰): الظاهر عدم الفرق بين ما يحرم أكله بالأصالة أو بالعرض كالموطوء و الجلال- و إن كان لا يخلو عن إشكال (٦۲).
منشأ الإشكال احتمال الانصراف إلى ما هو حرام ذاتا، و لكن الاحتمال ضعيف و قد جزم (رحمه اللّه) بنجاسة البول و الروث من المحرم بالعرض كما تقدم في أول (فصل النجاسات).
ثمَّ إنّ المراد بمحرّم الأكل ما كان من قبيل الوصف بحال الذات لا الوصف بحال المتعلّق، فلا يشمل المغصوب و المنذور، و المتعيّن للهدي و نحوها كما لا يشمل حلال الأكل الحيوان المحرّم الذي حصل الاضطرار إلى أكله، لاضطرار و نحوه.
(الخامس): أن لا يكون من الذهب للرجال (٦۳). و لا يجوز لبسه لهم في غير الصلاة أيضا (٦٤). و لا فرق بين أن يكون خالصا أو ممزوجا (٦٥)، بل الأقوى اجتناب الملحم به و المذهب بالتمويه و الطلي إذا صدق عليه لبس الذهب (٦٦). و لا فرق بين ما تتم فيه الصلاة و ما لا تتم كالخاتم و الزر و نحوهما (٦۷) نعم، لا بأس بالمحمول منه مسكوكا أو غيره (٦۸)، كما لا بأس بشد الأسنان به (٦۹)، بل الأقوى أنّه لا بأس بالصلاة فيما جاز فعله فيه من السلاح- كالسيف و الخنجر و نحوهما (۷۰)- و إن أطلق عليهما اسم اللبس (۷۱)، و لأن الأحوط اجتنابه (۷۲). و أما النساء: فلا إشكال في جواز لبسهنّ و صلاتهنّ فيه (۷۳). و أما الصبيّ المميّز فلا يحرم عليه لبسه (۷٤)، و لكن الأحوط له عدم الصلاة فيه (۷٥).
نصّا، و إجماعا قال الصادق (عليه السلام) في موثق عمار: «لا يلبس الرجل الذهب و لا يصلّي فيه، لأنّه من لباس أهل الجنة»۹۸.
و عنه (عليه السلام) في خبر النميري: «جعل اللّه الذهب في الدنيا زينة للنساء فحرّم على الرجل لبسه و الصلاة فيه»۹۹.
و يصح الاستدلال بما يدل على حرمة لبسه نفسا۱۰۰ بدعوى الملازمة بين الحرمة النفسية في الملابس و المانعية للصلاة إلّا ما خرج بالدليل، و يدل عليها في المقام قوله (عليه السلام): «و لا يصلّي فيه»، بل لا بأس بدعوى الملازمة بين كلّ واحد من الأحكام الخمسة التكليفية الواردة في الملابس مع اللبس الصلاتي ما لم يكن دليل على الخلاف، فما هو واجب لبسا واجب صلاة و ما هو مكروه لبسا مكروه كذلك و هكذا إلّا مع دليل معتبر على التفكيك بينهما و هذا باب يفتح منه أبواب، و لعلنا نتعرّض لإثباته فيما يأتي، فما نسب إلى المحقق (رحمه اللّه) في المعتبر من جواز الصلاة في خاتم الذهب للرجال لا وجه له.
فائدة: في رواية ابن عبد الرحيم عن الصادق (عليه السلام): «قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): لا تختم بالذهب فإنّه زينتك في الآخرة»۱۰۱.
و عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)- في حديث-: «لا يلبس الرجل الذهب و لا يصلّي فيه لأنّه من لباس أهل الجنة»۱۰۲.
و عنه (عليه السلام) أيضا: «و الذهب حلية أهل الجنة، و جعل اللّه الذهب في الدنيا زينة النساء فحرم على الرجال لبسه و الصلاة فيه»۱۰۳.
أما إنّه من حلية أهل الجنة مطلقا، فمما لا ريب فيه، لإطلاق قوله تعالى وَ فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْيُنُ۱۰4. و لا ريب في أنّ لبس الذهب من همّ ما تشتهيه الأنفس و تلذ الأعين، و أما كون هذه العلة علة للتحريم ففيه خفاء و لعلّ عمدة الوجه فيه أنّه زينة النساء فحرم على الرجال من هذه الجهة و إنّما ذكر أنّه زينة أهل الجنة لئلّا يتوهم المؤمنون أنّهم محرومون عنه في الجنة أيضا التي هي دار التزيّن و الزينة فيكون الذهب كالخمر، فإنّهما محلّلان عليهم في الجنة مع كونهما محرمان عليهم في الدنيا.
ثمَّ إنّ في موثق ابن القداح عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) تختّم في يساره بخاتم من ذهب ثمَّ خرج على الناس، فطفق ينظرون إليه فوضع يده اليمنى على خنصره اليسرى حتّى رجع إلى البيت فرمى به فما لبسه»۱۰٥.
و يمكن حمله على أنّه (صلّى اللّه عليه و آله) فعل ذلك لتشريع الحرمة فعلا كما شرّعها قولا.
نصّا، و إجماعا، بل ضرورة و قد تقدم موثق عمار في وصية النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) لعليّ (عليه السلام): «لا تختم بالذهب».
للإطلاق الشامل لهما مع أنّ الذهب ممزوج غالبا، بل دائما كما يشهد به أهل الخبرة.
نسب ذلك إلى جمع- منهم العلامة و الشهيدين- لأنّ الصدق العرفي يوجب انطباق الإطلاق عليه قهرا. و يمكن المناقشة بصحة سلب الذهب عن المذهب، و هما عنوان متباينان ذاتا و عرفا، و لذا اختار الجواز جمع آخر، و مع الشك فمقتضى الأصل الجواز أيضا.
لشمول الإطلاق للجميع. ثمَّ إنّه إن صدق اللبس و التزيين بالنسبة إلى ما لا تتم الصلاة فيه فلا ريب في الحرمة و بطلان الصلاة فيه و إن صدق التزيين و لم يصدق اللبس، فلا ريب في الحرمة النفسية، لما عن صاحب الجواهر (رحمه اللّه) في كتاب الشهادات من دعوى الإجماع بقسميه عليها، و كذا لا ريب في بطلان الصلاة، لإطلاق قولهم (عليهم السلام): «و لا يصلّي فيه»، و يمكن أن يقال: بالملازمة العرفية بين اللبس و الزينة، و كذا العكس.
للسيرة المستمرة- خلفا عن سلف- بالنسبة إلى الدينار الذهبي و لإطلاق ما ورد في الإحرام من استصحاب النفقة و الهميان۱۰٦، و عن الصادق (عليه السلام): «كان أبي يشد على بطنه المنطقة التي فيها نفقته يستوثق منها، فإنّها من تمام حجه»۱۰۷.
و لعدم صدق اللبس و الزينة بالنسبة إلى المحمول، فيرجع فيه إلى الأصل، و ليس المراد بقوله (عليه السلام): «و لا يصلّي فيه) مطلق المصاحبة كما في ما لا يؤكل لحمه، للسيرة المستمرة، و الإجماع على اختلاف حكمهما من هذه الجهة.
للأصل، و صحيح ابن مسلم: «أنّ أسنان أبي جعفر (عليه السلام) استرخت فشدّها بالذهب»۱۰۸.
و يصح دعوى انصراف الأدلة عنه أيضا.
لقول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: «ليس بتحلية السيف بأس بالذهب و الفضة»۱۰۹.
و في خبر ابن سرحان: «ليس بتحلية المصاحف و السيوف بالذهب و الفضة بأس»۱۱۰.
و الظاهر أنّ ذكر السيف من باب المثال، فيشمل الخنجر أيضا، و إطلاقهما يشمل اللبس فيجوز لبس المحلّى منهما بالذهب، بل يمكن أن يقال: إنّه ليس من اللبس المعهود المحرّم، بل هو حمل، و لذا يصح أن يقال: حمل السيف، أو أخذ السيف، و كذا العصا، فإنّه لا بأس بتحليتها بالذهب.
و الشك في الصدق يكفي في عدمه، لأنّ مقتضى الأصل عدم تحقق موجب التحريم.
إظهارا للتساوي بين الغني و الفقير مهما أمكن عند الحضور لدى الملك العدل الواقعي، و خروجا عن توهم الخلاف.
للنص۱۱۱، و الإجماع، و السيرة من المتدينات. خلفا عن سلف بل بضرورة الدّين في كلّ منهما، بل يستحب لها لبس القلادة حال الصلاة كما يأتي في (فصل ما يستحب من اللباس) فلا تجري في المقام قاعدة الاشتراك، لما قلناه، مع اشتمال نصوص التحريم على الرجل و هو قاطع للشركة، لما تقدم من أنّه: «جعل اللّه الذهب في الدنيا زينة النساء، فحرم على الرجال»۱۱۲ و إطلاقه يشمل حال الصلاة أيضا.
لعدم التكليف بالنسبة إليه، بل يجوز الإلباس أيضا، ففي صحيح أبي الصباح قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الذهب هل يحلّى به الصبيان؟ فقال (عليه السلام) كان عليّ (عليه السلام) يحلّي ولده و نساءه بالذهب و الفضة»۱۱۳.
و عنه (عليه السلام) أيضا: «كان أبي ليحلّي ولده و نساءه الذهب و الفضة فلا بأس به»۱۱4.
و إطلاقهما يشمل المميّز و غيره. و أما خبر أبي بصير عنه (عليه السلام) أيضا قال: «سألته عن الرجل يحلّي أهله بالذهب؟ قال: نعم، النساء و الجواري، و أما الغلمان فلا»۱۱٥.
فيمكن حمله على ما بعد البلوغ و إلا فهو مطروح، للإعراض و المعارضة.
هذه المسألة مبنية على أنّ المانعية تختص بصلاة الرجال في مقابل الصبيّ و النساء، أو أنّها تختص بالرجل في مقابل المرأة فقط، فعلى الأول تصح صلاة الصبيّ فيه، و على الأخير لا تصح، و يمكن أن يستفاد من إطلاق ما تقدم- من صحيح أبي الصباح الأول-، و يدل عليه أيضا أصالة عدم المانعية إلّا فيما هو المعلوم من مورد الدليل.
(مسألة ۲۱): لا بأس بالمشكوك كونه ذهبا في الصلاة و غيرها (۷٦).
لأصالة الحلية لبسا، و أصالة عدم المانعية صلاة.
(مسألة ۲۲): إذا صلّى في الذهب جاهلا أو ناسيا، فالظاهر صحتها (۷۷).
أما النسيان، فلحديث «لا تعاد»۱۱٦، و كذا الجهل إن قلنا بشمول الحديث له أيضا و إن لم نقل بذلك، فلأصالة كون الجهل القصوري بالموضوع عذرا إلّا ما خرج بالدليل، و تقتضيه سهولة الشريعة و امتنان الشارع في جملة كثيرة من الموارد، مضافا إلى حديث «الرفع»۱۱۷. و أما التقصيري سواء كان بالحكم أم الموضوع، فإن تمَّ إجماعهم- على أنّ الجاهل المقصّر كالعامد مطلقا- فلا وجه للصحة و إلّا فيصح معه، لعموم حديث «الرفع»۱۱۸ الشامل له أيضا.
(مسألة ۲۳): لا بأس بكون قاب الساعة من الذهب إذ لا يصدق عليه الآنية (۷۸)، و لا بأس باستصحابها أيضا في الصلاة إذا كان في جيبه حيث أنّه يعدّ من المحمول. نعم، إذا كان زنجير الساعة من الذهب و علّقه على رقبته أو وضعه في جيبه لكن علّق رأس الزنجير يحرم لأنّه تزيين بالذهب و لا تصح الصلاة فيه أيضا (۷۹).
و لو فرض الشك في صدقها عليه، فمقتضى الأصل الإباحة بعد عدم صحة التمسك بالأدلة، لكونه من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك.
الظاهر ملازمة لبس الذهب مع التزيين عرفا سواء كان التزيين قصديا أو انطباقيا قهريا.
(مسألة ۲٤): لا فرق في حرمة لبس الذهب بين أن يكون ظاهرا مرئيا أو لم يكن ظاهرا (۸۰).
للإطلاق الشامل لها. هذا إذا صدق اللبس و التزيين عرفا. و أما مع عدم الصدق، أو الشك فيه، فمقتضى الأصل الإباحة و صحة الصلاة فيه كالأسنان الذهبية نعم، لو جعلت الثنايا منه، فالظاهر صدق التزيين به عرفا، و لكن يشكل من حيث صدق اللبس إذ يحتمل أن يكون من مجرد الوضع و الحمل.
(مسألة ۲٥): لا بأس بافتراش الذهب، و يشكل التدثر به (۸۱).
أمّا الأول، فلأنّه ليس من اللبس، فلا يحرم من هذه الجهة، و أمّا من جهة التزيين فليس كلّ تزيين حراما، للأصل و الإطلاق و ظهور الاتفاق، بل خصوص ما يتعلق بالبدن و اللباس، فلا يحرم تزيين البيت، و الدار، و القلم و الكتاب و التخت و نحوها به، و إنّما المحرّم اللبس و تزيين البدن و اللباس، و ما تقدم من آنية الذهب. و أما الإشكال في التدثر، فلإمكان صدق اللباس بالنسبة إليه إن لم نقل بظهوره في الألبسة المتعارفة.
فروع- (الأول): لا إشكال في حرمة لبس الخاتم من الذهب و بطلان الصلاة فيه للرجال، و أما لو أخذه بيده أو وضعه في جيبه، فلا يحرم و لا تبطل الصلاة، و كذا الشارات الذهبية العسكرية.
(الثاني): الظاهر أنّ ما يسمّى- في هذه الأعصار- بالبلاتين ليس من الذهب، بل هو معدن خاص على ما يشهد به أهل الخبرة، و لو شك في أنّه ذهب أو لا، فمقتضى الأصل إباحة لبسه و جواز الصلاة فيه.
(الثالث): لبس النظارات من الذهب حرام و تبطل الصلاة فيها، و كذا حزام الذهب للرجال كما أنّ القلم الذهبي لو علقه على جيبه و أبرزه فالظاهر أنّه كذلك، لأنّه تزيين بالذهب.
(الرابع): الساعة الذهبية اليدوية يحرم لبسها و تبطل الصلاة فيها، و كذا لو لم تكن نفس الساعة اليدوية منه، و لكن كان سيرها من الذهب و عقدها على يده، لأنّه تزيين. و لو كانت عنده ساعة ذهبية و صلّى ثمَّ شك في أنّه كان لابسا لها حين الصلاة أو لا تصح صلاته، لقاعدة الفراغ.
(الخامس): لو اعتقد أنّ خاتمه- مثلا- من الذهب و مع ذلك لبسه و صلّى فيه ثمَّ بان الخلاف تصح صلاته إن حصل منه قصد القربة و لا شيء عليه بالنسبة إلى اللبس إلّا التجري. و لو اعتقد أنّه ليس من الذهب فلبسه و صلّى فيه ثمَّ بان الخلاف تصح صلاته و لا شيء عليه، لأنّه من الجهل بالموضوع.
(السادس): لو جعل رأس السبحة من الذهب و أخذها بيده، فيمكن أن يكون من حمل الذهب فلا يحرم و يشكل كونه من التزيين بالذهب، و الشك فيه يكفي في الإباحة.
(السابع): الظاهر جواز الالتحاف باللحاف المحلّى بالذهب و إن كان الأحوط تركه.
(الثامن): لو اضطر إلى جعل مقاديم الأسنان من الذهب يجوز و تصح الصلاة فيه أيضا.
(التاسع): يجوز لبس الذهب تقية و تصح الصلاة فيه حينئذ.
(السادس): أن لا يكون حريرا محضا للرجال (۸۲) سواء كان ساترا للعورة أو كان الساتر غيره (۸۳)، و سواء كان مما تتم فيه الصلاة أو لا على الأقوى (۸٤)، كالتكة و القلنسوة و نحوهما، بل يحرم لبسه في غير حال الصلاة أيضا (۸٥) إلّا مع الضرورة لبرد أو مرض، و في حال الحرب (۸٦)، و حينئذ تجوز الصلاة فيه أيضا (۸۷)، و إن كان الأحوط أن يجعل ساتره من غير الحرير (۸۸) و لا بأس به للنساء (۸۹)، بل تجوز صلاتهنّ فيه أيضا على الأقوى (۹۰).بل و كذا الخنثى المشكل (۹۱). و كذا لا بأس بالممتزج بغيره من قطن أو غيره مما يخرجه عن صدق الخلوص و المحوضة (۹۲). و كذا لا بأس بالكف به (۹۳).و إن زاد على أربع أصابع (۹٤)، و إن كان الأحوط ترك ما زاد عليها (۹٥). و لا بأس بالمحمول منه أيضا و إن كان مما يتم فيه الصلاة (۹٦).
للإجماع، و النص ففي صحيح الأحوص- في حديث- قال: «سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) هل يصلّي الرجل في ثوب إبريسم؟ فقال: لا»۱۱۹، و صحيح محمد بن عبد الجبار قال: «كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) أسأله هل يصلّي في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج فكتب (عليه السلام): لا تحلّ الصلاة في حرير محض»۱۲۰.
و أمّا صحيح ابن بزيع قال: «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الصلاة في الثوب الديباج، فقال: ما لم يكن فيه التماثيل فلا بأس»۱۲۱ فمحمول على غير المحض بقرينة ذكر الديباج- فيما تقدم من صحيح محمد بن عبد الجبار- في قبال الحرير المحض.
لإطلاق الأدلة، و إجماع الأجلة، كما عن مفتاح الكرامة.
كما عن جمع منهم المفيد و الصدوق و العلامة (قدّس سرّهم) لما تقدم من صحيح محمد بن عبد الجبار و مثله صحيحه الآخر عنه (عليه السلام) أيضا: «هل يصلّي في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه، أو تكة حرير محض أو تكة من وبر الأرانب؟ فكتب: لا تحلّ الصلاة في الحرير المحض، و إن كان الوبر ذكيا حلّت الصلاة فيه إن شاء اللّه»۱۲۲.
و عن جمع آخر، بل نسب إلى المشهور الجواز، للأصل و الإطلاق، و لخبر الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «كلّ ما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه، مثل التكة الإبريسم و القلنسوة، و الخفّ و الزنار يكون في السراويل و يصلّى فيه»۱۲۳.
و نوقش فيه بضعف السند بأحمد بن هلال. و فيه: أنّ خبره هذا معتمد عليه عند العلماء، لأنّهم بين عامل به و متوقف فيه و مرجح لأخبار المنع عليه، و الكلّ دليل الاعتماد عليه، مع أنّ ابن الغضائري الذي قلّ من يخرج من طعنه اعتمد عليه في حديثه عن ابن أبي عمير و ابن محبوب، مضافا إلى أنّه في مقام القاعدة الكلية و اعتمد عليه المشهور و موافق للتسهيل، مع أنّه لا بد من تخصيص الصحيحين بالنسبة إلى النساء.
و جمع بين الأخبار تارة: بحمل قوله (عليه السلام): «لا تحلّ الصلاة في الحرير المحض» على الثوب، و هو بلا شاهد. و أخرى: بحمله على الكراهة- كما اختاره المحقق (رحمه اللّه) في الشرائع و جمع آخر- خصوصا مع احتمال عدم الإباحة المحضة فيما دل على المنع فلا ينافي الكراهة، مع كون الحمل على الكراهة شائعا و كثيرا في الفقه مع جواز الكف، كما يأتي.
و كيف كان فالجزم بالفتوى مشكل جدّا، فما نسب إلى المشهور مع الكراهة لعله الأقرب إلى الجمع بين الأخبار.
بضرورة المذهب، بل الدّين و نصوص كثيرة من الطرفين، قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) مشيرا إلى الحرير و الذهب: «هذان محرمان على ذكور أمتي»۱۲4.
و قال أبو جعفر (عليه السلام): «قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) لا تلبس الحرير فيحرق اللّه جلدك يوم تلقاه»۱۲٥.
و قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) في موثق ابن بكير: «لا يلبس الرجل الحرير و الديباج إلا في الحرب»۱۲٦.
إلى غير ذلك من الأخبار.
أما الجواز في حال الضرورة، فبالضرورة. و أما في حال الحرب فلما تقدم من قول الصادق (عليه السلام)، و في موثق سماعة: «عن لباس الحرير و الديباج. فقال (عليه السلام): أما في الحرب فلا بأس به و إن كان فيه تماثيل»۱۲۷.
بلا إشكال فيه إن كان مضطرا إلى لبسه حتّى في حال الصلاة أيضا، لما ارتكز في العقول من أنّ الضروريات تبيح المحظورات، و لحديث رفع التسعة التي منها الاضطرار۱۲۸. و أما إذا لم يكن مضطرا إلى الصلاة فيه و أمكنه نزعه حينها، و الصلاة في غيره، فإن كانت المانعية مستفادة من النهي النفسي و كان صرف وجود الاضطرار بنحو المسامحة العرفية كافيا في زوال الحرمة النفسية مع صدق الاضطرار عرفا فتصح الصلاة أيضا. و أما إن لم تكن المانعية مستفادة من النهي النفسي بأن كانت مستقلة في الجعل أو بنحو الوجود السعي و الطبيعة المنبسطة السارية الدقية العرفية فلا وجه لصحة الصلاة، لفرض تمكنه من إتيانها في غير الحرير حينئذ. و لو لم يعلم أنّه من أي منهما فالمرجع أصالة عدم المانعية.
و كذا في حال الحرب إلّا أن يستفاد من إطلاق الاستثناء فيه عدم اعتبار الاضطرار إلى اللبس فيه، و لكنه مشكل لعدم كونه متكفلا لبيان هذه الجهة. ثمَّ إنّ الظاهر أنّ الحرب من إحدى صغريات الضرورة و إن كانت دائرتها أوسع من سائر الضرورات بحسب الظاهر و لكن يظهر من الكلمات أنّها في عرض سائر الضرورات، لورود النص فيه بالخصوص، و هو مشكل.
لاحتمال سقوط ساترية الحرير رأسا عند الشارع و لكنّه احتمال ضعيف لا تدل الأدلة عليه بوجه، لأنّ عدم الحريرية قيد خارجي في الساتر لا أن يكون من مقوّماته الذاتية بحيث ينتفي الستر عند انتفائه، فالستر شيء و صفات الساتر شيء آخر و هما مختلفان عقلا و عرفا و شرعا.
للنص و الإجماع، و السيرة، بل الضرورة الدينية، ففي خبر أبي داود قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «إنّما يكره المصمت من الإبريسم للرجال و لا يكره للنساء»۱۲۹.
و في خبر ليث المرادي قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) كسا أسامة بن زيد حلّة حرير فخرج فيها، فقال: مهلا يا أسامة إنّما يلبسها من لا خلاق له فاقسمها بين نسائك»۱۳۰.
و في حديث المناهي قال جعفر بن محمد: «نهى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) عن لبس الحرير و الديباج و القز للرجال، فأما النساء فلا بأس»۱۳۱.
و في خبر الجعفي قال: «سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: و يجوز للمرأة لبس الديباج و الحرير في غير صلاة و إحرام»۱۳۲.
و نحوها غيرها.
للمشهور و عليه السيرة بين المتشرعات قديما و حديثا، و عن جمع بطلان صلاتهن فيه، لإطلاق أدلة المنع، و لما تقدم من خبر الجعفي، و لخبر زرارة قال: «سمعت أبا جعفر (عليه السلام) ينهى عن لباس الحرير للرجال و النساء إلّا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خز أو كتان أو قطن، و إنّما يكره الحرير المحض للرجال و النساء»۱۳۳.
و لما دل على أنّه لا يجوز للمرأة الإحرام في الحرير۱۳4 بضميمة ما دل على أنّه كلّ ما يجوز الصلاة فيه يجوز الإحرام فيه۱۳٥.
و الكل مردود: أما الأول فلاختصاص الإطلاقات بالرجال، و عمدة الدليل على قاعدة اشتراك النساء مع الرجال في الأحكام إنّما هو الإجماع، و هو لا يجري هنا لذهاب المشهور إلى الخلاف و أما الثاني فلضعف سنده، و إعراض المشهور عنه. و أما الثالث فلا بد من حمل النهي فيه بالنسبة إلى النساء على الكراهة جمعا و إجماعا، مع أنّه لا يقول بمضمونه المستدل أيضا لظهوره- على فرض حمل النهي فيه على حقيقته- في حرمة لبسه عليهنّ نفسيا أيضا. و أما الرابع فيأتي في محلّه إن شاء اللّه تعالى الإشكال في عدم جواز إحرامهنّ فيه، و نسب إلى الأكثر الجواز، مع أنّ النافع للمستدل أن يكون هناك دليل على أنّ كلّ ما لا يجوز الإحرام فيه لا تجوز الصلاة فيه لا العكس الذي هو عين المدعى، مع أنّ قول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في مرسل ابن بكير: «النساء تلبس الحرير و الديباج إلّا في الإحرام»۱۳٦ ظاهر في جواز صلاتهنّ فيه، فإنّ استثناء الصلاة لو لم تكن صحيحة فيه أهمّ من ذكر الإحرام، لكونها أعمّ ابتلاء من الإحرام قطعا. هذا كلّه مع أنّ أصالة عدم المانعية جارية و لا محذور فيه.
لأصالة البراءة عن الحرمة النفسية، و أصالة عدم المانعية للصلاة بعد احتمال كونها طبيعة ثالثة، كما صرح به بعض مهرة الفن الحديث، فأثبتوا أنّها ذكر و أنثى لا أنّها إمّا ذكر أو أنثى فلا تشملها أدلة التكاليف المختصة بكلّ واحد منها.
إن قيل: بعد ثبوت كونها ذكرا و أنثى تشملها أدلة التكليفين.
يقال: الظاهر أنّ أدلة التكاليف الاختصاصية مختصة بالذكورة المحضة أو الأنوثة كذلك، و يكفي الاحتمال المعتد به في عدم الشمول، لأنّه حينئذ من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه. نعم، لو علم أنّها إما ذكر أو أنثى وجب الاحتياط بالجمع بين التكليفين، و أنّى لأحد من حصول هذا العلم له.
للأصل، و النص، و الإجماع، و السيرة، ففي خبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «لا بأس بلباس القز، إذا كان سداه أو لحمته من قطن أو كتان»۱۳۷.
و في صحيح ابن أبي نصر قال: «سأل الحسين بن قياما أبا الحسن (عليه السلام) عن الثوب الملحم بالقز و القطن و القز أكثر من النصف، أ يصلّي فيه؟ قال: لا بأس، قد كان لأبي الحسن (عليه السلام) منه جبات»۱۳۸.
و في خبر زرارة قال: «سمعت أبا جعفر (عليه السلام) ينهى عن لباس الحرير للرجال و النساء إلّا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خزّ أو كتان أو قطن، و إنّما يكره الحرير المحض للرجال و النساء»۱۳۹.
و في التوقيع الرفيع عنه (عج): «لا تجوز الصلاة إلّا في ثوب سداه أو لحمته قطن أو كتان»۱4۰.
و لا بد من حمل القطن و الكتان فيها على المثال، إذ المقطوع به عدم الفرق بينهما و بين صوف ما يؤكل لحمه بقرينة إطلاق خبر يوسف بن إبراهيم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «لا بأس بالثوب أن يكون سداه و زرّه و علمه حريرا»۱4۱.
و خبر إسماعيل بن الفضل عنه (عليه السلام): «في الثوب يكون فيه الحرير، فقال: إن كان فيه خلط فلا بأس»۱4۲.
إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الموافقة لسهولة الشريعة.
على المشهور المدعى عليه الإجماع، لانصراف الأدلة عنه، و عدم صدق اللبس بالنسبة إليه، فيكون خروجه عن الأدلة المانعة تخصصا لا تخصيصا، و لخبر الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «كلّ ما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه- الحديث-»۱4۳.
و لخبر صفوان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «لا بأس بالثوب أن يكون سداه و زرّه و علمه حريرا، و إنّما كره الحرير المبهم للرجال»۱44.
و الظاهر أنّ الأخير إما هو الكف أو هو شامل له، و لأصالة البراءة عن الحرمة النفسية و الغيرية، و أصالة عدم المانعية. و في أخبار العامة عن أسماء: «أنّه كان للنبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) جبة كسراوية لها لبنية ديباج، و فرجاها مكفوفان بالديباج»۱4٥.
و رووا أيضا أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله): «نهى عن الحرير إلّا موضع إصبعين، أو ثلاث، أو أربع»۱4٦.
و أما موثق عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «عن الثوب يكون عليه ديباجا، قال: لا يصلّي فيه»۱4۷.
و خبر جراح المدائني عنه (عليه السلام) أيضا: «أنّه كان يكره أن يلبس القميص المكفوف بالديباج»۱4۸.
فالأول ساقط لإعراض المشهور، و الكراهة في الأخير أعمّ من الحرمة، فلا وجه للاستناد إليهما، كما عن بعض.
الكف عبارة عن حاشية الثوب، و الظاهر اختلافه باختلاف العادات و الثياب و البلاد و لم يرد تحديد شرعيّ فيه غير ما تقدم من الخبر العامي، و المسألة من صغريات الأقل و الأكثر بناء على التخصيص، و أما بناء على أنّ خروجه بالتخصيص من جهة عدم صدق اللبس بالنسبة إليه فلا وجه للتحديد إلّا إذا كان بحيث يصدق عليه لبس الحرير و يكون مما يأتي في [مسألة ۳۷] و الشك في صدق اللبس يكفي في عدم الحرمة.
خروجا عن خلاف من اقتصر على مقدار أربع أصابع، و جمودا على ما مرّ من النبويّ العامي.
للأصل و ظهور الإجماع، و عدم صدق اللبس حتّى تشمله الأدلة المانعة، و يمكن استفادة الجواز مما دل على جواز لبس الحرير الممتزج، لأنّه يصدق عليه حمل الحرير في حال الصلاة في الجملة، إذ يصح أن يقال ضعفت قوتي حتّى لا أقدر على حمل ثيابي.
(مسألة ۲٦): لا بأس بغير الملبوس من الحرير كالافتراش و الركوب عليه، و التدثر به، و نحو ذلك في حال الصلاة و غيرها، و لا بزرّ الثياب و أعلامها و السفائف و القياطين الموضوعة عليها و إن تعددت و كثرت (۹۷).
كلّ ذلك للأصل، و ظهور الأدلة المانعة في اللبس و لا يصدق اللبس بالنسبة إلى الجميع، و لو فرض الشك في الصدق في البعض لا يصح التمسك بالإطلاق، بل لا بد من الرجوع إلى الأصل العملي و هو البراءة عن الحرمة النفسية و الغيرية، و عن عليّ بن جعفر في الصحيح قال: «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الفراش الحرير، و مثله من الديباج و المصلّى الحرير هل يصلح للرجال النوم عليه و التكأة و الصلاة؟ قال (عليه السلام): يفترشه و يقوم عليه و لا يسجد عليه»۱4۹.
و في خبر مسمع قال (عليه السلام): «لا بأس أن يأخذ من ديباج الكعبة فيجعله غلاف مصحف، أو يجعله مصلّى يصلّي عليه»۱٥۰.
نعم، إن كان التدثر بحيث يصدق عليه اللبس عرفا، فالظاهر الحرمة نفسيا و غيريا، و من منع منه يمكن أن يكون نظره إلى هذه الصورة، فيكون النزاع لفظيا.
فروع- (الأول): هل يحرم لبس ما لا تتم الصلاة فيه من الحرير نفسيا- كالقلنسوة و الحزام و الجورب و ما يسمّى بالرباط الذي يعلق على العنق و نحو ذلك- أو لا؟ وجهان من صدق اللبس في الجملة، فتشملها الأدلة الدالة على الحرمة. و من احتمال الانصراف عنها و أنّ المراد من اللبس إنّما هو لبس الألبسة المتعارفة- كالقميص و الإزار و نحوهما- لا مثل التكة و الرباط و مثلهما و الشك في صدق اللبس المعهود يكفي في عدم جواز التمسك بالأدلة، مع أنّ استثناء الكف قرينة على استثناء ذلك أيضا، فالجواز متجه و الاحتياط مطلوب.
(الثاني): يجوز الالتحاف بلحاف الحرير و جعل الغطاء منه، و تزيين البيوت به.
(الثالث): لو شك في شيء أنّه حرير أو لا يجوز لبسه و الصلاة فيه.
(الرابع): لو أخبر البائع بأنّ الثوب حرير و حصل الوثوق من قوله يقبل منه، و يشكل القبول مع عدم الوثوق.
(الخامس): يجوز لبس الحرير الصناعي للرجال و تصح الصلاة فيه، لأنّ المنساق من الأدلة الحرير الحيواني الطبيعي.
(مسألة ۲۷): لا يجوز جعل البطانة من الحرير للقميص و غيره و إن كان إلى نصفه. و كذا لا يجوز لبس الثوب الذي أحد نصفيه حرير. و كذا إذا كان طرف العمامة منه (۹۸) إذا كان زائدا على مقدار الكف، بل على أربع أصابع على الأحوط (۹۹).
لصدق لبس الحرير في الأولين، فتشملهما إطلاق دليل المنع و أما طرف العمامة فالشك في صدق اسم اللبس عليه، و استثناء الكف يوجب التشكيك في صدق الأدلة عليه، فيكون المرجع أصالة البراءة عن الحرمة النفسية و عدم المانعية عن الغيرية. هذا إذا كان بقدر الكف، و أما مع الزيادة عليه، فتشمله الأدلة لو لا التشكيك في صدق اللبس.
تقدم وجه الاحتياط في [مسألة ۲٥].
(مسألة ۲۸): لا بأس بما يرقع به الثوب من الحرير إذا لم يزد على مقدار الكف. و كذا الثوب المنسوج طرائق بعضها حرير و بعضها غير حرير إذا لم يزد عرض الطرائق من الحرير على مقدار الكف. و كذا لا بأس بالثوب الملفق من قطع بعضها حرير و بعضها غيره بالشرط المذكور (۱۰۰).
كلّ ذلك للأصل، و ما دل على جواز لبس الحرير غير المحض للرجال و الصلاة فيه. ثمَّ إنّه إن كان عرض كلّ واحد من الطرائق زائدا على مقدار الكف و كان بحيث يصدق عليه لبس الحرير عرفا، فلا إشكال في الحرمة النفسية و الغيرية و أما إن كان كذلك و لم يصدق لبس الحرير عرفا، أو كان جميع الطرائق زائدا عليه، ففي الحرمة و المانعية إشكال، أما الأولى، فلفرض عدم صدق لبس الحرير، بل و مع الشك أيضا يرجع إلى أصالة البراءة و أما الأخير، فلاحتمال كون المانع من الزائد عن الكف فيما إذا كان المقدار متصلا لا منفصلا و كان طرائق كثيرة، و مع الشك يرجع إلى أصالة عدم المانعية و الإباحة.
(مسألة ۲۹): لا بأس بثوب جعل الإبريسم بين ظهارته و بطانته عوض القطن و نحوه (۱۰۱). و أما إذا جعل وصلة من الحرير بينهما فلا يجوز لبسه و لا الصلاة فيه (۱۰۲).
للأصل، و إطلاق ما دل على لبس غير الحرير، و لجملة من الأخبار:
منها: صحيح ريان بن الصلت: «أنّه سأل الرضا (عليه السلام) عن أشياء.
منها: المحشو بالقز، فقال: لا بأس بهذا كلّه»۱٥۱.
و منها: صحيح حسين بن سعيد قال: «قرأت في كتاب محمد بن إبراهيم إلى الرضا (عليه السلام) يسأله عن الصلاة في ثوب حشوه قزّ، فكتب إليه و قرأته: لا بأس بالصلاة فيه»۱٥۲.
و نحوهما غيرهما، و القز هو الحرير الخام. هذا مع الشك في صدق اللبس بالنسبة إليه، بل هو نحو من الحمل. و عن جمع- منهم المحقق الثاني، و الشهيد الثاني- المنع، لعمومات المنع، و أنّ المراد بالقز فيما تقدم من الأخبار إنّما هو قز المعز كما عن الصدوق و على فرض أنّ المراد به القز الحريري، فهي محمولة على التقية، مع أنّ خبر محمد بن إبراهيم ضعيف مضافا إلى أنّ المشهور لم يعملوا بالأخبار المجوّزة.
و الكل مردود: أما الأول، فللشك في صدقها، بل الظاهر المنع عنه، لأنّ المنساق من الحرير المنسوج منه دون مثل القز غير المنسوج، بل غير المصفى بعد، مضافا إلى ما تقدم من الشك في صدق اللبس عليه، مع أنّها مخصصة بالأخبار الخاصة.
و أما الثاني: فهو مخالف للغة، و أهل الخبرة، بل مطلق العرف.
و أما الثالث: فهو خلاف الأصل لا يصار إليه إلا بدليل و هو مفقود.
و الرابع: من مجرد الادعاء، لتوثيق جمع محمد بن إبراهيم، مع عدم انحصار الدليل به. كما إنّ الأخير أيضا من مجرد الادعاء إذ لم يثبت الإعراض.
إن كان من قبيل البطانة و صدق اللبس في الجملة. و أما إن كان من حمل الحرير، أو شك في أنّه لبس أو حمل، فمقتضى الأصل البراءة عن الحرمة النفسية و عن المانعية.
(مسألة ۳۰): لا بأس بعصابة الجروح و القروح، و خرق الجبيرة، و حفيظة المسلوس و المبطون إذا كانت من الحرير (۱۰۳).
للأصل، و عدم صدق اللبس، بل يصدق عدمه، مضافا إلى ظهور الإجماع على عدم الحرمة النفسية و الغيرية.
(مسألة ۳۱): يجوز لبس الحرير لمن كان قملا على خلاف العادة لدفعه و الظاهر جواز الصلاة فيه حينئذ (۱۰٤).
أمّا زوال الحرمة النفسية، فلتحقق الضرورة العرفية و هي تبيح المحظورات نصّا۱٥۳ و إجماعا، و قد تقدم ترخيص النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) لعبد الرحمن ابن عوف لبس الحرير، لأنّه كان قملا۱٥4.
و أما صحة الصلاة فيه حينئذ فإن كان مضطرا إلى لبسه حين الصلاة أيضا فلا إشكال فيها و إن لم يكن مضطرا إلى اللبس فيها فيشكل صحتها، بل الظاهر عدمها، لعدم كون الإطلاق متكفلا لهذه الجهة.
و خلاصة الكلام: أنّ ذكر القمل و الحرب في الأدلة من باب المثال لمطلق الاضطرار، و لو فرض إمكان دفع القمل بغير الحرير من الأدوية المباحة لا يجوز دفعه به لعدم الاضطرار حينئذ و كذا في الحرب.
(مسألة ۳۲): إذا صلّى في الحرير جهلا أو نسيانا فالأقوى عدم وجوب الإعادة و إن كان أحوط (۱۰٥).
لما تقدم في [مسألة ۲۲] فإنّ مثل المقام متحد معها و الكبرى واحدة و إن تعددت الصغريات.
(مسألة ۳۳): يشترط في الخليط أن يكون مما تصح فيه الصلاة، كالقطن و الصوف مما يؤكل لحمه، فلو كان من صوف أو وبر ما لا يؤكل لحمه، لم يكف في صحة الصلاة و إن كان كافيا في رفع الحرمة (۱۰٦). و يشترط أن يكون بمقدار يخرجه عن صدق المحوضة فإذا كان يسيرا مستهلكا بحيث يصدق عليه الحرير المحض لم يجز لبسه و لا الصلاة فيه، و لا يبعد كفاية العشر في الإخراج عن الصدق (۱۰۷).
أما الكفاية في رفع الحرمة، فلصدق الخروج به عن المحوضة فلا يصدق أنّه حرير محض. و أما عدم الكفاية في صحة الصلاة، فلأنّ مصاحبة المصلّي لأجزاء ما لا يؤكل لحمه مانع مستقل عن صحة الصلاة، فكيف يجزي في رفع المنع عن الحرير.
لا حدّ لذلك و ليس تعيين ذلك من شأن الفقيه، بل المدار على تصديق المعتمدين من أهل الخبرة، و الظاهر الاختلاف باختلاف الكيفيات و الخصوصيات.
(مسألة ۳٤): الثوب الممتزج إذا ذهب جميع ما فيه من غير الإبريسم من القطن أو الصوف- لكثرة الاستعمال و بقي الإبريسم محضا لا يجوز لبسه بعد ذلك (۱۰۸).
لصدق المحوضة حينئذ إلّا إذا كان الاندراس بحيث لا يصدق معه اللبس عرفا.
(مسألة ۳٥): إذا شك في ثوب أنّ خليطه من صوف ما يؤكل لحمه أو مما لا يؤكل، فالأقوى جواز الصلاة فيه (۱۰۹) و إن كان الأحوط الاجتناب عنه.
لأصالة البراءة عن حرمة لبسه، و أصالة عدم المانعية عن الصلاة فيه، و قد تقدم التفصيل في المسألة الثامنة عشرة.
(مسألة ۳٦): إذا شك في ثوب أنّه حرير محض أو مخلوط جاز لبسه و الصلاة فيه على الأقوى (۱۱۰).
لأصالة البراءة عن حرمة لبسه، و أصالة عدم المانعية عن الصلاة فيه، بعد عدم إمكان الاستدلال بالأدلة، لأنّه من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه. و أما الأصول الموضوعية فليست لها حالة سابقة، و الأزلي منها يسقط بالمعارضة. و هذه المسائل كلّها داخلة تحت كبرى واحدة و إن تعددت مصاديقها.
(مسألة ۳۷): الثوب من الإبريسم المفتول بالذهب لا يجوز لبسه و لا الصلاة فيه (۱۱۱).
لصدق لبس الذهب، و لما تقدم من أنّه يعتبر في الخليط أن يكون مما تصح الصلاة فيه.
(مسألة ۳۸): إذا انحصر ثوبه في الحرير، فإن كان مضطرا إلى لبسه لبرد أو غيره فلا بأس بالصلاة فيه (۱۱۲)، و إلّا لزم نزعه و إن لم يكن له ساتر غيره فيصلّي حينئذ عاريا. و كذا إذا انحصر في الميتة أو المغصوب أو الذهب، و كذا إذا انحصر في غير المأكول (۱۱۳).و أما إذا انحصر في النجس فالأقوى جواز الصلاة فيه و إن لم يكن مضطرا إلى لبسه (۱۱٤)، و الأحوط تكرار الصلاة (۱۱٥)، بل و كذا في صورة الانحصار في غير المأكول فيصلّي فيه ثمَّ يصلّي عاريا.
لما تقدم من أنّ الضرورات تبيح المحظورات نفسية كانت أو غيرية، و «ليس مما حرّم اللّه إلّا و قد أحلّه لمن اضطر إليه»۱٥٥.
كلّ ذلك لإطلاق أدلة المانعية، فيكون وجود هذا الساتر كالعدم مضافا إلى الإجماع. على أنّ فقد وصف الساتر، كفقد نفسه فيكون العذر الشرعي كالعقلي.
إن قلت: إنّ مقتضى إطلاق أدلة الركوع و السجود الاختياريين الإتيان بهما أيضا، و هما يفوتان مع الصلاة عاريا، فما المرجح لتقديم فقد الستر على الركوع و السجود الاختياريين.
قلت أولا: يأتي تفصيل الصلاة عاريا في [مسألة ٤۳] إن شاء اللّه تعالى.
و ثانيا: المرجح في المقام ظهور الإجماع و التسالم عليه، مع أنّ الركوع و السجود لهما البدل و هو الإيماء. و حيث إنّ جميع هذه المسائل داخلة تحت كبرى واحدة من حيث الاضطرار فيجوز معه، لما دل على أنّه «ما من شيء ممّا حرّم اللّه إلّا و قد أحلّه لمن اضطر إليه» الشاملة للحرمة النفسية و الغيرية. و من حيث عدم جواز الصلاة فيه عند عدم الاضطرار، لعموم أدلة المنع فتجب الصلاة عاريا حينئذ فلا وجه بعد ذلك لتفصيل الكلام.
راجع كتاب الطهارة [مسألة ٤] من (فصل الصلاة في النجس).
خروجا عن خلاف من أوجب الصلاة عاريا عند انحصار الثوب في النجس و غير المأكول.
(مسألة ۳۹): إذا اضطر إلى لبس أحد الممنوعات من النجس، و غير المأكول، و الحرير، و الذهب، و الميتة، و المغصوب، قدم النجس على الجميع، ثمَّ غير المأكول، ثمَّ الذهب و الحرير، و يتخير بينهما، ثمَّ الميتة، فيتأخر المغصوب عن الجميع (۱۱٦).
مقتضى القاعدة تقديم ما هو أخف منعا و أهون حرمة على غيره و هذه مسلّمة عند الكلّ، و النزاع لو كان فهو صغرويّ لا أن يكون كبرويا و الظاهر تقديم النجس لورود النص۱٥٦ في الجملة في الصلاة فيه مع الانحصار و لو لم يكن مضطرا إلى لبسه، و لورود النص في الصلاة فيه مع الجهل الذي هو عذر۱٥۷ فيكون الاضطرار مثله، لو لم يكن أشد منه، مع أنّ فيه جهة واحدة من الحرمة فقط، و بعده غير المأكول، لورود النص فيه في صورة الجهل۱٥۸، و لأنّ فيه جهة واحدة من الحرمة أيضا و تأخيره عن النجس لأجل ما ورد من التأكيد في بطلان الصلاة فيه راجع موثق ابن بكير المتقدم۱٥۹.
و بعدهما الذهب و الحرير، و هما في عرض واحد من حيث الحرمة النفسية و الغيرية، و لا ترجيح لأحدهما على الآخر فلا بد من التخيير بينهما.
أمّا الميتة فلا ريب في ثبوت الحرمة الغيرية فيها و حينئذ فإن قلنا بثبوت الحرمة النفسية في لبسها أيضا، كما هو ظاهر المشهور، فتكون في عرض الذهب و الحرير، فلا وجه لتقديمهما عليها، و إن قلنا بثبوت الحرمة الغيرية فيها فقط فهي مقدمة عليها.
إلّا أن يقال: إنّ ما ورد من التشديد في الميتة موجب لاحتمال أهمية حرمتها بالنسبة إليهما حينئذ، و هذا المقدار يكفي في التقديم، و أما تأخر المغصوب عن الجميع فلما اجتمع فيه من حق اللّه تعالى و حق الناس مع كثرة ما ورد فيه من التشديد و التأكيد كما يأتي في كتاب الغصب.
(مسألة ٤۰): لا بأس بلبس الصبيّ الحرير (۱۱۷)، فلا يحرم على الوليّ إلباسه إياه (۱۱۸)، و تصح صلاته فيه (۱۱۹)، بناء على المختار من كون عباداته شرعية.
لعدم التكليف عليه فلا وجه للحرمة بالنسبة إليه.
لأصالة البراءة عن الحرمة، و ما عن جابر: «كنا ننزع عن الصبيان و نتركه على الجواري»۱٦۰ عامي لا يصلح إلّا للكراهة.
لانتزاع المانعية عن النهي النفسي و المفروض عدمه بالنسبة إلى الصبيّ فتصح صلاته فيه قهرا، إذ لا مانعية بعد عدم النهي لعدم البلوغ و كون المانع مع النهي النفسي معلوم و غيره مشكوك و مقتضى الأصل عدمه إلّا مع النهي النفسي فتصح صلاته لا محالة، لعدم إحراز أصل المانعية الفعلية بالنسبة إليه مطلقا.
(مسألة ٤۱): يجب تحصيل الساتر للصلاة (۱۲۰) و لو بإجارة أو شراء، و لو كان بأزيد من عوض المثل ما لم يجحف بماله و لم يضرّ بحاله. و يجب قبول الهبة أو العارية (۱۲۱) ما لم يكن فيه حرج، بل يجب الاستعارة و الاستيهاب كذلك.
لوجوب مقدمة الواجب المطلق مطلقا، مضافا إلى الإجماع، و السيرة. و أما موارد الاستثناء من الإجحاف و الحرج فلإجماع و سهولة الشريعة، و قاعدة نفي الضرر و الحرج.
لشمول دليل الوجوب لذلك كلّه.
(مسألة ٤۲): يحرم لباس الشهرة (۱۲۲) بأن يلبس خلاف زيه من حيث جنس اللباس، أو من حيث لونه، أو من حيث وضعه و تفصيله و خياطته، كأن يلبس العالم لباس الجندي أو بالعكس مثلا. و كذا يحرم- على الأحوط- لبس الرجال ما يختص بالنساء و بالعكس (۱۲۳)، و الأحوط ترك الصلاة فيهما و إن كان الأقوى عدم البطلان (۱۲٤).
لجملة من النصوص:
منها: صحيح أبي أيوب الخزاز عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «إنّ اللّه يبغض شهرة اللباس»۱٦۱.
و عنه (عليه السلام) في مرسل ابن عيسى: «الشهرة خيرها و شرّها في النار»۱٦۲.
و في مرسل ابن مسكان عنه (عليه السلام): «كفى بالمرء خزيا أن يلبس ثوبا يشهره أو يركب دابة تشهره»۱٦۳.
و خبر أبي الجارود عن الحسين بن عليّ (عليه السلام): «من لبس ثوبا يشهره كساه اللّه سبحانه يوم القيامة ثوبا من النار»۱٦4. و يقتضيه استنكار و استقباح المتشرّعة لذلك، مضافا إلى ظهور الإجماع عليها، هذا إذا قصد من اللبس الشهرة. و كذا إذا انطبقت عليه قهرا مع الالتفات إليه. و أما مع عدم القصد و عدم الالتفات فلا دليل على الحرمة للأصل بعد انسباق القصد و الالتفات من الأدلة.
لقول النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله): «لعن اللّه المحلّل و المحلّل له، و من تولّى غير مواليه، و من ادعى نسبا لا يعرف، و المتشبّهين من الرجال بالنساء، و المتشبهات من النساء بالرجال»۱٦٥.
و إطلاقه يشمل جميع مراتب التشبه التي أدناها التشبه اللباسي و أعلاها اللواط و المساحقة، فيكون خبر العلل من باب بيان إحدى المصاديق، روي فيه عن زيد بن عليّ، عن آبائه عن عليّ (عليه السلام): «أنّه رأى رجلا به تأنيث في مسجد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فقال له: اخرج من مسجد رسول اللّه يا لعنة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ثمَّ قال عليّ (عليه السلام): سمعت رسول اللّه يقول: لعن اللّه المتشبهين من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال»۱٦٦.
و أما خبر سماعة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «في الرجل يجر ثيابه قال: إنّي لأكره أن يتشبه بالنساء»۱٦۷.
و عنه (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: «كان رسول اللّه يزجر الرجل أن يتشبه بالنساء و ينهى المرأة أن تتشبه بالرجال في لباسها»۱٦۸.
فيمكن حملهما على الحرمة، و لكنّه مشكل مع إمكان الخدشة في أصل دليل الحرمة سندا و دلالة، لأنّ المسألة من موارد الأقلّ و الأكثر، لأنّ تأنث الذكر و خلافه محرّم بلا إشكال و الشك في غيره مانع عن التمسك بالإطلاق، لأنّه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية، و لكن نسب إلى المشهور الحرمة، و في الرياض أنّها مظنة الإجماع.
فروع- (الأول): لو صار لبس الرجل للباس المرأة و بالعكس متعارفا، بأن صار لباسهما واحدا، فيشكل الحرمة حينئذ، بل مقتضى الأصل عدمها مع أنّ الألبسة تختلف اختلافا فاحشا بحسب الأزمنة و الأمكنة مع إطلاق قوله (عليه السلام): «خير لباس كلّ زمان لباس أهله»۱٦۹.
(الثاني): لو صار لباس الزهد و التقوى من لباس الشهرة، فهل يحرم أو لا؟ يظهر من صاحب الجواهر الأول، و يشهد له قول الصادق (عليه السلام): «إنّ عليا (عليه السلام) كان عندكم فأتى بني ديوان فاشترى ثلاثة أثواب بدينار، القميص إلى فوق الكعب، و الإزار إلى نصف الساق و الرداء من يديه إلى ثدييه و من خلفه إلى ألييه، ثمَّ رفع يديه إلى السماء فلم يزل يحمد اللّه على ما كساه حتّى دخل منزله ثمَّ قال: هذا اللباس الذي ينبغي للمسلمين أن يلبسوه. قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): و لكن لا تقدرون أن تلبسوها هذا اليوم و لو فعلنا لقالوا: مجنون، و لقالوا مراء و اللّه عزّ و جل يقول وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ، قال: و ثيابك ارفعها لا تجرها، فإذا قام قائمنا كان هذا اللباس»۱۷۰.
(الثالث): لو لبس الرجل لباس المرأة لا لقصد التشبيه، بل لغرض آخر فلا حرمة للأصل بعد انصراف الأدلة عنه.
(الرابع): الظاهر شمول الحكم للساعة الاختصاصية أيضا و إن أمكن دعوى الانصراف عنها. كما إنّ الظاهر شموله للألوان التي تستعملها المرأة في وجهها، فلا يجوز للرجل استعمالها في وجهه على الأحوط.
لأنّ النهي النفسي لا يوجب بطلان الصلاة إلّا إذا كانت قرينة على المانعية و هي مفقودة. و أما الاحتياط، فلحسنة على كلّ حال، و احتمال كونه مانعا عنها أيضا.
(مسألة ٤۳): إذا لم يجد المصلّي ساترا حتّى ورق الأشجار و الحشيش، فإنّ وجد الطّين، أو الوحل، أو الماء الكدر، أو حفرة يلج فيها و يتستر بها أو نحو ذلك مما يحصل به ستر العورة صلّى صلاة المختار (۱۲٥) قائما مع الركوع و السجود. و إن لم يجد ما يستر به العورة أصلا، فإن أمن من الناظر، بأن لم يكن هناك ناظرا أصلا، أو كان و كان أعمى، أو في ظلمة أو علم بعدم نظره أصلا. أو كان ممن لا يحرم نظره إليه كزوجته و أمته فالأحوط تكرار الصلاة بأن يصلّي صلاة المختار تارة و موميا للركوع و السجود أخرى قائما (۱۲٦).و إن لم يأمن من الناظر المحترم صلّى جالسا (۱۲۷) و ينحني للركوع و السجود بمقدار لا تبدو عورته، و إن لم يمكن فيومئ برأسه و الا فبعينيه، و يجعل الانحناء أو الإيماء للسجود أزيد من الركوع و يرفع ما يسجد عليه و يضع جبهته عليه (۱۲۸). و في صورة القيام يجعل يده على قبله على الأحوط (۱۲۹).
لأنّ المرجع في الساتر- مادة و هيئة و من سائر الجهات- هو العرف، فكل ما حكم العرف بتحقق الستر عن النظر يتحقق به الستر الصلاتي أيضا إلّا إذا ورد دليل على التقييد و تقدمت موارد التقييد من اعتبار عدم كونه من الميتة و الحرير و غيرهما مما مضى و لا ريب في تحقق الستر عن النظر بورق الشجر و الحشيش و الطين الغليظ، إذ المناط فيه عدم رؤية البشرة لا عدم تمييز الحجم، و الوجدان شاهد بعدم رؤية البشرة بالستر بما ذكر، فإذا اكتفى بذلك في الستر النظري مع الاختيار يكتفي به في الستر الصلاتي أيضا إلّا مع الدليل على الخلاف من إجماع أو غيره.
و ليس في البين شيء إلّا دعوى الانصراف إلى الثياب المتعارفة.
و فيه: أنّه لا اعتماد عليه ما لم يكن موجبا لظهور اللفظ في المنصرف إليه. و إلّا دعوى أنّ المناط في الستر الصلاتي الخروج عن صدق العراء و الستر بما ذكر لا يمنع صدق العراء عليه.
و فيه: أنّه خلاف الوجدان، لصدق ستر العورة وجدانا كما إذا لبس ثوبا يستر العورتين فقط. نعم، يصدق العراء بالنسبة إلى سائر الجسد و لا بأس به في الرجل و مقتضى ما ذكر الاكتفاء بالستر بها في حال الاختيار أيضا، فكيف بالاضطرار.
إلّا أن يقال: إنّ المتعارف مع تمكنهم من الثياب المعهودة لا يتسترون بما ذكر و الأدلة منزلة على المتعارف.
و فيه: أنّ التعارف إنّما هو لأجل الجهات الخارجة عن ستر العورة من حر أو برد، أو تزيين، أو حياء أو سائر الجهات و لا ربط لها بالمقام الذي لا يعتبر فيه سوى ستر العورة فقط من دون شيء آخر، و أما الوحل و الماء الكدر و الولوج في الحفرة فلا ريب في تحقق التستر بها، لكن العرف لا يتسترون بها إلّا عند الاضطرار و الضرورة، فيجوز في المقام مع الاضطرار أيضا. هذا ما يقتضيه طبع المسألة بحسب الأنظار العرفية.
و أما الأخبار الواردة في المقام: ففي صحيح ابن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال: «سألته عن الرجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقي عريانا و حضرت الصلاة كيف يصلّي؟ قال: إن أصاب حشيشا يستر به عورته أتمّ صلاته بالركوع و السجود، و إن لم يصب شيئا يستر به عورته أومأ و هو قائم»۱۷۱.
و حيث إنّ فقد الثياب مفروض في كلام السائل، فلا يصلح أن يكون مقيدا لساترية الحشيش بهذه الصورة. نعم، هي المتيقنة منها و المرجع في غيرها أصالة عدم اعتبار هيئة و مادة خاصة كما تقدم، و في مرسل أيوب ابن نوح- المنجبر۱۷۲– عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «العاري الذي ليس له ثوب إذا وجد حفيرة دخلها و يسجد فيها و يركع».
و تقدم أنّ دخول الحفيرة أيضا ساتر عرفيّ عند الضرورة و الاضطرار، فلا يستفاد من الحديثين شيء أزيد على ما هو المتعارف بحسب مراتب الضرورة و الاضطرار.
و أما الكلمات فهي كثيرة و مختلفة من أراد الاطلاع عليها فليراجع مظانّها من المفصّلات. و لكن لا اعتبار بها ما لم تستند إلى دليل معتبر تطمئنّ النفس إليه.
البحث في المسألة تارة بحسب القاعدة. و أخرى بحسب الأخبار و ثالثة بحسب الكلمات.
أما الأولى فمقتضى القاعدة وجوب الاحتياط، لدوران الأمر بين سقوط شرطية أصل الستر فتجب صلاة المختار مع الركوع و السجود الاختياريين و بين بقائها في الجملة- و لو بستر الدبر بالأليتين و القبل باليدين- فتجب قائما مؤميا، و لا ترجيح في البين، فمقتضى العلم الإجمالي هو الجمع بينهما بعد احتمال أنّ وجوب الجلوس مما لا وجه له مع التمكن من القيام و الستر بنحو ما مرّ. و أمّا مع الاعتناء باحتماله أيضا فيجب الاحتياط بين أمور ثلاثة: صلاة المختار، و قائما مؤميا، و جالسا كذلك، هذا بحسب القاعدة.
و أما الأخبار فأقسام ثلاثة:
الأول: ما يدل على أنّه يصلّي قائما مطلقا، كصحيح ابن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال: «و إن لم يصب شيئا يستر به عورته أومأ و هو قائم».
و صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «و إن كان معه سيف و ليس معه ثوب فليتقلّد السيف و يصلّي قائما»۱۷۳.
و موثق سماعة على نسخة التهذيب قال: «سألته عن رجل يكون في فلاة من الأرض فأجنب و ليس عليه إلّا ثوب واحد فأجنب فيه و ليس يجد الماء قال (عليه السلام): يتيمم و يصلّي عريانا قائما يومئ إيماء»۱۷4.
و ضبط في الكافي۱۷٥ (قاعدا) بدل (قائما) فلا اعتبار به من جهة اضطراب المتن، خصوصا بعد ما اشتهر أنّ الكافي أضبط، و لكن يظهر من الشيخ أنّه كان مطلعا على نسخة الكافي و مع ذلك ضبطه (قائما) فيشكل جريان الأضبطية حينئذ.
الثاني: ما يدل على أنّه يصلّي جالسا، كصحيح زرارة قال: «قلت لأبي جعفر (عليه السلام): رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه و لم يجد شيئا يصلّي فيه، فقال (عليه السلام): يصلّي إيماء، و إن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها، و إن كان رجلا وضع يده على سوأته، ثمَّ يجلسان فيومئان و لا يسجدان و لا يركعان فيبدو ما خلفهما، تكون صلاتهما إيماء برؤوسهما- الحديث-»۱۷٦.
و خبر قرب الاسناد عن جعفر بن محمد (عليه السلام): «من غرقت ثيابه فلا ينبغي له أن يصلّي حتّى يخاف ذهاب الوقت، يبتغي ثيابا فإن لم يجد صلّى عريانا جالسا يومئ إيماء، يجعل سجوده أخفض من ركوعه»۱۷۷.
و خبر الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «في رجل أصابته جنابة و هو بالفلاة و ليس عليه إلّا ثوب واحد و أصاب ثوبه منّي، قال (عليه السلام) يتيمم و يطرح ثوبه و يجلس مجتمعا فيصلّي و يومئ إيماء»۱۷۸.
و يدل عليه ما ورد في كيفية صلاة العراة جماعة، كموثق إسحاق بن عمار قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): قوم قطع عليهم الطريق و أخذت ثيابهم فبقوا عراة و حضرت الصلاة كيف يصنعون؟ فقال: يتقدمهم إمامهم فيجلس و يجلسون خلفه فيومئ إيماء بالركوع و السجود، و هم يركعون و يسجدون خلفه على وجوههم»۱۷۹.
و نحوه صحيح عبد اللّه بن سنان۱۸۰.
الثالث: ما يدل على التفصيل بين أمن المطلع فيصلّي قائما و عدمه فيصلّي جالسا، كصحيح ابن مسكان عن أبي جعفر (عليه السلام): «في رجل عريان ليس معه ثوب، قال (عليه السلام): إذا كان حيث لا يراه أحد فليصلّ قائما»۱۸۱.
و مرسله الآخر عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة. قال (عليه السلام): يصلّي عريانا قائما إن لم يره أحد فإن رآه أحد صلّى جالسا»۱۸۲.
و مثله مرسل الفقيه۱۸۳، و في نوادر الراوندي قال عليّ (عليه السلام) في العاري: «إذا رآه الناس صلّى قاعدا، و إذا كان لا يراه، الناس صلّى قائما»۱۸4.
و نسب إلى المشهور أنّه مع أمن المطلع يصلّي قائما مؤميا للركوع و السجود و مع عدم الأمن يصلّي جالسا جمعا بين الأخبار المتقدمة.
و أشكل عليه بوجوه:
أولا: أنّ مفاد الأخبار فعلية الرائي كذلك لا إمكان وجوده، فهي أجنبية عما نسب إليهم. و يمكن الجواب عنه بأنّ المنساق من المجموع ملاحظة أهمية التحفظ على ستر العورة حتّى في موارد الاحتمال المعتد به.
و ثانيا: أنّه لا وجه معتد به لهذا التفصيل، لأنّ الدّبر مستور بالأليتين صلّى قائما أو جالسا، و القبل مستور باليدين أو بالفخذين، فلا وجه للفرق بين القيام و الجلوس و التعبد المحض في هذا التفصيل بعيد جدّا.
و ثالثا: أنّه يمكن الجمع بالتخيير مع أولوية القيام، كما في جملة من موارد تعارض الأخبار في غير المقام.
و رابعا: أنّ النسبة إلى الشهرة لا وجه لها، كما يأتي في مستقبل الكلام.
و أمّا كلمات الفقهاء فهي بين الإفراط و التفريط. فعن جمع منهم صاحب الجواهر: الصلاة قائما عند الأمن مع الإتيان بالركوع و السجود الاختياريين و بالغ في تأييد سقوط شرطية الستر من المصلّي عند الأمن، و أورد لذلك شواهد و مؤيدات، و هي كلّها مع ظهور خدشتها من الاجتهاد في مقابل النص، و عن ابن زهرة دعوى الإجماع عليه، و هو غريب مع ذهاب الأكثر إلى الخلاف.
و عن جمع من القدماء تعين الجلوس و الإيماء مطلقا. و عن ابن إدريس تعين القيام و الإيماء مطلقا. و نسب إلى الأكثر الإيماء في حال القيام مع الأمن، و في ثبوت الشهرة مع هذا الاختلاف إشكال فضلا عن الإجماع، و حينئذ فطريق الجمع بين الأخبار ما قلناه من التخيير مطلقا مع أفضلية القيام، و طريق الاحتياط ما ذكره في المتن.
إن قيل: لا وجه للعمل بالاحتياط مع وجود الأخبار. يقال: يجوز الاحتياط حتى مع وجود أمارة معتبرة غير متعارضة فكيف بما إذا تعارضت، مع أنّ الاحتياط عمل بها في الجملة بناء على حملها على التخيير و أفضلية القيام.
للإجماع، و لأهمية ستر العورة عن القيام الذي له بدل، و كذا بالنسبة إلى الركوع و السجود الحقيقي، لأنّ لهما بدل أيضا و هو الإيماء، مضافا إلى ما تقدم من صحيح ابن مسكان.
كلّ ذلك لقاعدة الميسور الجارية بحسب مراتب اليسر و ظهور تسالم الأصحاب في الجملة على ما ذكر كلّه، و إن كان يظهر من بعضهم عدم الوجوب.
إن قيل: إنّ مقتضى الإطلاقات الواردة في المقام عدم وجوب ذلك كلّه.
يقال: ظاهرها أنّها ليست واردة في مقام البيان من هذه الجهة.
و أمّا الأخبار التي يمكن الاستيناس بها في المقام:
فمنها: قول الصادق (عليه السلام): «يصلّي المريض قائما، فإن لم يقدر على ذلك صلّى جالسا، فإن لم يقدر أن يصلّي جالسا صلّى مستلقيا، يكبّر ثمَّ يقرأ، فإذا أراد الركوع غمض عينيه، ثمَّ سبّح، فإذا سبّح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من الركوع، فإذا أراد أن يسجد غمض عينيه ثمَّ سبح، فإذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من السجود ثمَّ يتشهّد و ينصرف»۱۸٥.
و يمكن أن يستفاد الإتيان بمراتب الأنحاء مع التمكن منها من هذا الخبر بالأولوية، و في مرسل الفقيه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله): «المريض يصلّي قائما، فإن لم يستطع صلّى جالسا، فإن لم يستطع صلّى على جنبه الأيمن، فإن لم يستطع صلّى على جنبه الأيسر، فإن لم يستطع استلقى و أومأ إيماء و جعل وجهه نحو القبلة، و جعل سجوده أخفض من ركوعه۱۸٦.
و في خبر آخر عن عليّ (عليه السلام) عن النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله): «و يجعل السجود أخفض من الركوع»۱۸۷.
و لكن قصور سندهما يمنع عن الاعتماد عليهما.
و منها: خبر الكرخي قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): «رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء و لا يمكنه الركوع و السجود، فقال: ليؤم برأسه إيماء، و إن كان له من يرفع الخمرة فليسجد، فإن لم يمكنه ذلك فليوم برأسه نحو القبلة إيماء»۱۸۸.
و في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «سألته عن المريض إذا لم يستطع القيام و السجود، قال (عليه السلام) يومئ برأسه إيماء، و أن يضع جبهته على الأرض أحبّ إليه»۱۸۹.
و مفاد مجموع هذه الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض ليس إلّا تقرير قاعدة الميسور بحسب مراتب اليسر، و لا يستفاد منها شيء زائد على ذلك فيمكن الاستدلال بها لمثل المقام أيضا بعد كونها مطابقة للقاعدة، فيلغى خصوصية المورد قهرا.
مقتضى صحيح زرارة- المتقدم-: «و إن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها، و إن كان رجلا وضع يده على سوأته- الحديث-».
وجوب وضع اليد، و يقتضيه مذاق الفقاهة أيضا، فلا وجه للاحتياط، كما فعله (قدّس سرّه).
(مسألة ٤٤): إذا وجد ساترا لإحدى عورتيه ففي وجوب تقديم القبل، أو الدّبر، أو التخيير بينهما وجوه أوجهها: الوسط (۱۳۰).
أما وجه تقديم الأول، فلأنّ الدبر مستور بالأليتين في الجملة كما في الخبر۱۹۰. و أما وجه تقديم الوسط، فلأنّه مع ستره يتمكن من إتمام الركوع و السجود. و أما التخيير، فلاحتمال الأهمية في كلّ منهما و منه يظهر أنّ احتمال الأهمية في الوسط أشدّ. هذا، إذا لم يتمكن من تكرار الصلاة بستر الدّبر تارة و القبل أخرى.
(مسألة ٤٥): يجوز للعراة الصلاة متفرقين (۱۳۱) و يجوز، بل يستحب لهم الجماعة (۱۳۲) و إن استلزمت الصلاة جلوسا و أمكنهم الصلاة مع الانفراد قياما (۱۳۳)، فيجلسون و يجلس الإمام وسط الصف و يتقدمهم بركبتيه و يومئون للركوع و السجود (۱۳٤) إلا إذا كانوا في ظلمة آمنين من نظر بعضهم إلى بعض فيصلون قائمين صلاة المختار تارة و مع الإيماء أخرى على الأحوط (۱۳٥).
للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، و يؤيد ذلك خبر أبي البختري: «فإن كانوا جماعة تباعدوا في المجالس ثمَّ صلّوا كذلك فرادى»۱۹۱ بعد حمل ذيله على الجواز لا الوجوب.
للنص، و الإجماع ففي صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «سألته عن قوم صلّوا جماعة و هم عراة قال: يتقدمهم الإمام بركبتيه و يصلّي بهم جلوسا و هو جالس»۱۹۲.
و في موثق ابن عمار قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) قوم قطع عليهم الطريق و أخذت ثيابهم فبقوا عراة و حضرت الصلاة كيف يصنعون؟ فقال: يتقدمهم إمامهم فيجلس و يجلسون خلفه فيومئ إيماء بالركوع و السجود، و هم يركعون و يسجدون خلفه على وجوههم»۱۹۳.
و يدل على استحباب الجماعة عموماتها الشاملة للمقام أيضا.
ثمَّ إنّه إن قلنا باختصاص الجماعة بخصوص معلوم الوجوب و عدم صحتها في الصلوات الاحتياطية، فلا تصح الجماعة فيما يؤتى بها احتياطا و إن قلنا بصحتها في الصلوات الاحتياطية أيضا، فتصح الجماعة فيها أيضا و يأتي البحث عن ذلك في صلاة الجماعة [مسألة ۲].
لورود النص فيها بالخصوص في المقام كما مر.
نسب ذلك إلى جمع و حكي عن السرائر الإجماع عليه، و عن جمع آخر الركوع و السجود الحقيقيان بالنسبة إلى المأمومين، لما مر من موثق ابن عمار، و احتمال أنّ المراد بقوله (عليه السلام): «و هم يركعون و يسجدون على وجوههم» الإيماء خلاف الظاهر، و كذا احتمال أنّ يراد به المبالغة في الإيماء، فهو أخص من جميع الأدلة الواردة في الباب، فلا بد من العمل به لو لم يكن ناظر محترم في البين بأن تكون الصفوف متعددة مثلا هذا ما قاله جمع- منهم الفقيه و الهمداني- و لكن يمكن أن يقال: إنّ المستفاد من الأدلة أهمية ستر العورة في الصلاة من كلّ شيء و لو بنى على وجوب الركوع و السجود الحقيقي بالنسبة إليهم لا وجه لوجوب الجلوس عليهم، لفرض أنّ الدّبر مستور بالأليتين و القبل باليدين فلا معنى لوجوب الجلوس حينئذ، فلا بد و أن يحمل قوله (عليه السلام): «على وجوههم» على بعض المحامل، مع أنّه لا وجه لذكر قوله (عليه السلام)- على وجوههم بعد ذكر الركوع و السجود في مقابل إيماء الإمام لها، لظهورهما حينئذ في الحقيقي منها، فلا بد و أن يكون ذكر الوجوه لعناية خارجية غير بيان الركوع و السجود الحقيقي، و لعلّ السرّ في هذا التعبير أنّ ركوع المأمومين و سجودهم إنّما هو إلقاء وجوههم كثيرا إلى الأرض لئلّا يتفق نظرهم إلى شيء من عورة الإمام أو بعضهم حين الحركة الإيمائية خصوصا من العوام، فإنّهم عند الإيماء يحرّكون جميع بدنهم كما نشاهدهم في الإيماء عند السلام على أحد المعصومين (عليهم السلام).
لما تقدم وجهه في [مسألة ٤۳] فراجعها.
(مسألة ٤٦): الأحوط بل الأقوى تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر و احتمل وجوده في آخر الوقت (۱۳٦).
لأنّ المنساق من أدلة التكاليف العذرية إنّما هو إحراز استيعاب العذر لتمام الوقت إلّا ما خرج بالدليل، فلا يكفي مجرد وجود العذر في أدلة الموقتات كما لا يصح التمسك بإطلاقها- لعدم كونها واردة في مقام البيان من هذه الجهة.
(مسألة ٤۷): إذا كان عنده ثوبان يعلم أنّ أحدهما حرير أو ذهب أو مغصوب و الآخر مما تصح فيه الصلاة لا تجوز الصلاة في واحد منهما، بل يصلّي عاريا (۱۳۷). و إن علم أنّ أحدهما من غير المأكول و الآخر من المأكول، أو أنّ أحدهما نجس و الآخر طاهر صلّى صلاتين (۱۳۸). و إذا ضاق الوقت و لم يكن إلا مقدار صلاة واحدة يصلّي عاريا في الصورة الأولى و يتخيّر بينهما في الثانية (۱۳۹).
للحرمة النفسية في اللبس حينئذ و ظاهرهم التسالم على تغليب الحرمة النفسية على درك الواقع بالاحتياط، و للمسألة نظائر كثيرة من أول الطهارات إلى آخر الديات فيكون فاقد الثوب حينئذ، لتنجز العلم الإجمالي عليه فيصلّي عاريا لا محالة. نعم، لو صلّى في أحدهما ثمَّ بان أنّه غير ممنوع لبسه تصح صلاته إن حصل منه قصد القربة.
لعدم الحرمة النفسية، بل الحرمة غيرية محضة، فيصح الاحتياط حينئذ و يجب بلا محذور فيه و لا مانع عنه من إجماع أو غيره.
أما الصلاة عاريا في مورد الاشتباه بغير المأكول، فلدعوى سقوط الستر حينئذ، لما ورد من الاهتمام بعدم لبس غير المأكول في الصلاة بعد فرض أنّ العلم الإجمالي كالتفصيلي.
و أما التخيير في مورد الاشتباه بالنجس، فلدعوى عدم الترجيح حينئذ بين لبس النجس و الصلاة عاريا فيتحقق التخيير لا محالة و ليس لبس النجس في الصلاة في الأهمية لدى الشارع كلبس غير المأكول، و لكنّه من مجرد الدعوى كما لا يخفى بعد ظهور تسالمهم على أنّ العلم الإجمالي كالتفصيلي في التنجيز، فيصلّي عاريا في الصورة الثانية أيضا و الأحوط القضاء في الصورتين في خارج الوقت.
(مسألة ٤۸): المصلّي مستلقيا أو مضطجعا، لا بأس بكون فراشه أو لحافه نجسا أو حريرا أو من غير المأكول إذا كان له ساتر غيرهما (۱٤۰). و إن كان يتستّر بهما أو باللحاف فقط، فالأحوط كونهما مما تصح فيه الصلاة (۱٤۱).
لأنّه لا يصدق عليه كون لباسه نجسا أو مما لا يؤكل لحمه، أو من الحرير و لو فرض الشك فيه، فالمرجع أصالة البراءة و عدم المانعية.
المدار في ذلك كلّه صدق اللبس عرفا، فمع الصدق العرفي لا تصح الصلاة و مع عدمه أو الشك فيه تصح، و كذا فيما لا يؤكل لحمه فمع صدق الصلاة فيه لا تصح و مع عدمه أو الشك فيه تصح.
(مسألة ٤۹): إذا لبس ثوبا طويلا جدّا و كان طرفه الواقع على الأرض غير المتحرّك بحركات الصلاة نجسا أو حريرا أو مغصوبا أو مما لا يؤكل، فالظاهر عدم صحة الصلاة ما دام يصدق أنّه لابس ثوبا كذائيا. نعم، لو كان بحيث لا يصدق لبسه، بل يقال: لبس هذا الطرف منه- كما إذا كان طوله عشرين ذراعا و لبس بمقدار ذراعين منه أو ثلاثة و كان الطرف الآخر مما لا تجوز الصلاة فيه- فلا بأس به (۱٤۲).
كما لا بأس به مع الشك في الصدق، لما تقدم من أصالة البراءة و عدم المانعية.
(مسألة ٥۰): الأقوى جواز الصلاة فيما يستر ظهر القدم و لا يغطّي الساق كالجورب و نحوه (۱٤۳).
للأصل، و لمكاتبة الحميري: «هل يجوز للرجل أن يصلّي و في رجليه بطيط لا يغطّي الكعبين أم لا يجوز؟ فكتب في الجواب جائز»۱۹4.
و البطيط رأس الخف بلا ساق و قد اختار ذلك جمع منهم المحقق و الشهيدين و عن جمع- بل نسب إلى المشهور- المنع- و لكن فيهم من ذكر خصوص الشمشك و النعل السندية و استدلوا تارة: بالمرسل المروي في المختلف: «و روي أنّ الصلاة محظورة في نعل السندي و الشمشك»۱۹٥.
و بخبر سيف بن عميرة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «لا يصلّى على جنازة بحذاء و لا بأس بالخف»۱۹٦.
فيكون الحكم في سائر الصلاة بالأولى، و بالتأسي بالنبيّ الأعظم (صلى اللّه عليه و آله). و يرد الأول بقصور السند، و إجمال المتن. و الثاني: بالإعراض عن متنه، مضافا إلى قصور سنده. و الأخير: بأنّه لم يعلم منه (صلّى اللّه عليه و آله) عدم صلاته فيه، و على فرضه، فلم يعلم أنّه كان لعدم الجواز أو مطلق المرجوحية لإجمال الفعل و لا بأس بالكراهة تسامحا.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۷ من أبواب قواطع الصلاة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳۷ من أبواب قواطع الصلاة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳۷ من أبواب قواطع الصلاة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب مكان المصلّي حديث: ٥.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب الدّين و القرض حديث: ٥.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب الدّين و القرض حديث: ٥.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: 44 من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱
- الوسائل باب: ۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٥٥ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب نواقض الوضوء حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب النجاسات حديث: ۱۲.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب النجاسات حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب النجاسات حديث: 4.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب النجاسات حديث: ۳.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب النجاسات حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب النجاسات حديث: ٥.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب النجاسات حديث: ۷.
- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يكتسب به حديث: 4.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب النجاسات حديث: ۱۰.
- الوسائل باب: ٥٥ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۳.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب النجاسات حديث: ۱۱.
- الوسائل باب: ٦۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٦۸ من أبواب النجاسات حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب النجاسات.
- الوسائل باب: ٥٥ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب القبلة.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- سورة الأعراف: ۳۸.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب لباس المصلّي حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب لباس المصلّي حديث: 4.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب لباس المصلّي.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب النجاسات حديث: 4.
- الوسائل باب: 44 من أبواب لباس المصلّي.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث: ۱.
- راجع الوسائل باب: ۱۸ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- راجع الوسائل باب: ۱۸ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب النجاسات حديث: ٦.
- راجع الوسائل باب: ۲4 من أبواب قواطع الصلاة.
- الوسائل باب: ۱۰۱ من أبواب مقدمة النكاح حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: 4.
- راجع الوسائل باب: ۱۰۱ من أبواب مقدمة النكاح.
- الوسائل باب: ۸ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۸ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱۳.
- الوسائل باب: ۸ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۸ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۸ من أبواب لباس المصلّي حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۱۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱4.
- الوسائل باب: ۱۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: 4 من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: 4
- الوسائل باب: ۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۳.
- الوسائل باب: 4 من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: 4 من أبواب لباس المصلّي حديث: ٦.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- مستدرك الوسائل باب: ۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: 4 من أبواب لباس المصلّي حديث: ٦.
- مستدرك الوسائل باب: 4 من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: 4.
- مستدرك الوسائل باب: ۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱۱.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱۱.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب لباس المصلّي حديث 4.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب لباس المصلّي حديث ۷.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۷ من أبواب قواطع الصلاة حديث: ۲.
- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يكتسب به حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب القبلة حديث: ۱.
- الوسائل باب: 4۰ من أبواب النجاسات حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۷ من أبواب قواطع الصلاة حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب القبلة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۷ من أبواب قواطع الصلاة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: 4.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲ و ۹.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: 4.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٥.
- سورة الزخرف( ٤۳) الآية ۷۱.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۳.
- الوسائل باب: 4۷ من أبواب تروك الإحرام حديث: ۱ و غيره من الأحاديث.
- الوسائل باب: 4۷ من أبواب تروك الإحرام حديث: ۱ و غيره من الأحاديث.
- الوسائل باب: ۳۱ من أبواب لباس المصلي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٦4 من أبواب أحكام الملابس حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٦4 من أبواب أحكام الملابس حديث: ۳.
- الوسائل باب: ٥۸ من أبواب لباس المصلّي.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٥.
- الوسائل باب: ٦۳ من أبواب أحكام المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٦۳ من أبواب أحكام المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٦۳ من أبواب أحكام المصلّي حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب القبلة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۷ من أبواب قواطع الصلاة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳۷ من أبواب قواطع الصلاة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱۰.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب لباس المصلّي حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- مستدرك الوسائل باب: ۱٦ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲ و ۳.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲ و ۳.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ٦ و ۷ و باب: ۳۷ من القواطع.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۱٦ من لباس المصلّي حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٥.
- راجع الوسائل باب: ۱٦ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۳.
- راجع الوسائل باب: ۲٦ من أبواب الإحرام.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۸.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٦.
- كنز العمال ج ۸ حديث: ۱۱٥۷.
- كنز العمال ج ۸ حديث: ۱۱٥۷.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۸.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۹.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: 4۷ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: 4۷ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ٦ و ۷
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب لباس المصلّي حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ٦ و ۷.
- راجع الوسائل باب: 4٥ من أبواب النجاسات.
- الوسائل باب: 4۰ من أبواب النجاسات.
- راجع الوسائل باب: ٥۰ من أبواب النجاسات.
- تقدم في صفحة: ۲- ۲.
- المعتبر: الفرع الثالث من المسألة الثامنة من المقدمة الرابعة في لباس المصلّي.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب أحكام الملابس حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب أحكام الملابس حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب أحكام الملابس حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب أحكام الملابس حديث: 4.
- الوسائل باب: ۸۷ من أبواب ما يكتسب به حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۸۷ من أبواب ما يكتسب به حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب أحكام الملابس حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب أحكام الملابس حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب أحكام الملابس حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲۲ من أبواب أحكام الملابس حديث: ۷.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٥۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۳.
- الوسائل باب: 4٦ من أبواب النجاسات حديث: ۳.
- الوسائل باب: 4٦ من أبواب النجاسات حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٦.
- الوسائل باب: ٥۲ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: 4٦ من أبواب النجاسات حديث: 4.
- الوسائل باب: ٥۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٥۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۷.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۳.
- الوسائل باب: ٥۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٥.
- مستدرك الوسائل باب: ۳۳ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱
- الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱۳.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱۳ ۱٥ ۱٦ و ۱۱ و ۲.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱٦.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱۱.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۲.
- الوسائل باب: 4 من أبواب آداب الحمام حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٥۲ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٥۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٥۱ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳۸ من أبواب لباس المصلّي حديث: 4.
- الوسائل باب: ۳۸ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۲٦ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.