البحث في هذه المسألة تارة بحسب الأدلة العامة.
و أخرى: بحسب الأدلة الخاصة.
و ثالثة: بحسب الأصل العملي.
و رابعة: بحسب كلمات الفقهاء.
أما الأول: فمقتضى العمومات وجوب الإحرام من الميقات. بجميع ما يعتبر في الإحرام من النية، و التلبية، و لبس الثوبين و حيث إنّ لبس الثوبين ليس شرطا لصحة الإحرام و يمكن تحققه بدونه فنفس تلك العمومات دالة على وجوب النية و التلبية من الميقات.
أما الثاني فمنها: صحيح صفوان: «فلا تجاوز الميقات إلا من علة»۲۱، و تقتضيه العمومات الدالة على أنّ: «كل ما غلب اللّه على عباده فهو أولى بالعذر»۲۲ و لا بد من الاقتصار على مورد العذر و مورده نزع الثياب و لبس الثوبين فقط و لا عذر في مجرد النية و التلبية فمقتضى العمومات عدم سقوطها.
و دعوى: أنّ مقتضى إطلاق قوله عليه السّلام: «إلا من علة» هو عدم الإحرام مطلقا مع العلة حتى التلبية و النية (مدفوع) بأنّ مقتضى مناسبة الحكم و الموضوع، و ظهور قوله عليه السّلام: «إلا من علة» كون السقوط دائرا مدار العلة و لا علة بالنسبة إلى النية و التلبية إلّا أن تكون العلة حكمة للسقوط مطلقا و هو خلاف الظاهر. و أما مرسل المحاملي عن أحدهما عليهما السّلام: «إذا خاف الرجل على نفسه أخّر إحرامه إلى الحرم»۲۳ فمع قصور سنده يمكن حمله على ما قلناه أيضا، إذ لا يتصوّر الخوف على النفس بالنسبة إلى مجرد النية و التلبية.
و أما الثالث: فمقتضى قاعدة الاشتغال هو الإتيان بهما بعد عدم شرطية لبس الثوبين للإحرام، و تشهد لما قلناه قاعدة الميسور أيضا.
و أما الأخير: فعن ابن إدريس، و العلامة في جملة من كتبه، و الشهيد الثاني في مسالكه، و صاحبي الجواهر و الرياض وجوب النية و التلبية و تأخير لبس ثوبي الإحرام إلى حين التمكن، و حمل ابن إدريس كلام الشيخ في النهاية على ذلك أيضا و يمكن أن يحمل كلام كل من أطلق عليه أيضا و على فرض عدم إمكان الحمل فلا يضرّ بشيء، إذ المسألة اجتهادية و لا إجماع في البين على أحد من الطرفين.