و هي- بالفتح أو الكسر من العقود الإذنية- المتعارفة بين الناس.
و هي تولية الغير في إمضاء أمر (۱) أو استنابته في التصرف فيما كان له ذلك (۲). و حيث أنها من العقود (۳) تحتاج إلى إيجاب و قبول (٤) و يكفي في الإيجاب كل ما دل على التولية و الاستنابة المزبورتين كقوله «وكلتك» أو «أنت وكيلي في كذا» أو «فوضته إليك» أو «استنبتك فيه» و نحوها (٥) بل الظاهر كفاية قوله «بع داري» مثلا قاصدا به الاستنابة في بيعها (٦) و في القبول كل ما دل على الرضا (۷) بل الظاهر أنه يكفي فيه فعل ما و كل فيه (۸) كما إذا أوكله في بيع شيء فباعه أو شراء شيء فاشتراه له، بل يقوى وقوعها بالمعاطاة (۹) بأن سلم إليه متاعا ليبيعه فتسلمه لذلك (۱۰) بل لا يبعد تحققها بالكتابة (۱۱) من طرف الموكّل و الرضا بما فيها من طرف الوكيل و إن تأخر وصولها إليه مدة (۱۲) فلا يعتبر فيه الموالاة بين إيجابها و قبولها. و بالجملة يتسع الأمر فيها بما لا يتسع في غيرها من العقود (۱۳) حتى أنه لو قال الوكيل «أنا وكيلك في بيع دارك» مستفهما فقال «نعم» صح و تمَّ (۱٤) و إن لم نكتف بمثله في سائر العقود (۱٥).
كما في اللغة و العرف و بهذا المعنى المرتكز في النفوس و الشائع بين الناس وقع موضوعا لجملة من الأحكام الشرعية لا أن تكون لها حقيقة شرعية أو متشرعة، و حقيقة معناها عند العرف و اللغة التفويض و الاعتماد، و يترتب عليهما الاستنابة في التصرف فيما كان له ذلك.
تقدم أن الاستنابة متفرعة على أصل التفويض و الاعتماد الذين هما المعنى الحقيقي و العرفي للوكالة أولا و بالذات.
ثمَّ إنه لا بد من تقييد الاستنابة بحال الحياة ليحصل الفرق بينها و بين الوصية التي هي استنابة بعد الموت، كما أن الفرق بينها و بين الوديعة و المضاربة هو أن الاستنابة في الوكالة مدلول مطابقي لها بخلافهما فإنها من المداليل
الالتزامية لهما، كما أن الفرق بينها و بين العارية ظاهر لأن العارية تسليط على العين للانتفاع بها مجانا فلا ربط لها بالوكالة.
على المشهور بين الأصحاب و لا ريب في كونها عقدا إذا تحقق فيها الإيجاب و القبول إنما الكلام فيما تسالموا عليه من أنه لو قال: «وكلتك في بيع داري» فباعه يصح البيع، و ظاهر إطلاق كلامهم الصحة و لو كان قبل القبول، و جعل نفس البيع قبولا خلاف المنساق من كلامهم.
نعم، لا بأس بدعوى الانصراف اليه، كما أن الاكتفاء بمجرد الرضا لا يخرجه عن الفضولية فتحتاج الصحة إلى إجازة لاحقه من المالك مع أنهم لا يقولون به، مع أنها لو كانت من العقود لاعتبر فيها مقارنة القبول للإيجاب و لا يقولون به بل يجوزون وكالة حاضر لغائب، و كل ذلك شاهد على عدم تقومها بالعقدية، فتكون حقيقتها الاعتماد و التفويض و الإيكال و يكون الرد مانعا لا أن يكون القبول شرطا، و يشهد لعدم كون الوكالة من العقود موارد استعمال التوكيل في القرآن الكريم۱، و السنن المعصومية و المتعارف بين أهل اللغة و العرف، فإن المنساق من هذه الكلمة (الوكالة) التفويض و الاعتماد و إيكال الأمر الظاهر كل ذلك في قيام المعنى بشخص واحد، كما أنه يشهد لعدم كونها عقدا كثرة توسع الفقهاء فيها و عدم اعتبارهم جملة من شرائط العقد فيها، و لكن الأحوط ما هو المشهور.
لأنها عقد بناء على المشهور و كل عقد متقوم بهما على ما تقدم في كتاب البيع.
مما له ظهور عرفي في المعنى المراد و يعتمد عليه المتعارف في المحاورات، و تقدم غير مرة اعتبار هذا الظهور و صحة الاكتفاء به عند الشارع.
لظهور قوله حينئذ في الوكالة المعهودة و لو بواسطة القرينة، و لا دليل على اعتبار أزيد من هذا النحو من الظهور بل مقتضى الأصل عدمه بعد صدق عنوان الوكالة عليه عرفا.
نعم، لو لم يصدق أو شك فيه فمقتضى الأصل عدم تحققها كما لا يخفى.
لاعتبار الرضا المكشوف عنه بالكشف المعتبر لدى العقلاء بل الفقهاء ما لم يدل دليل على الخلاف و هو مفقود في المقام.
فإنه كاشف عن رضاه بالإيجاب مع التفاته إليه، و أما مع غفلته عنه بالمرة فلا طريق لإحراز الكاشفية ليصح الاعتماد عليه و حينئذ فمقتضى الأصل عدم ترتب الأثر.
لما مر في البيع من أنها موافقة للقاعدة فتشمل كل عقد إلا ما خرج بدليل خاص و لا دليل على الخروج في المقام.
فيحصل الفعل من الطرفين من أحدهما التسليم و من الآخر التسلّم و هما فعلان في مقابل الإيجاب و القبول القوليين.
لفرض أن الطرفين قصدا الوكالة بهذا العنوان المبرز عنهما في الخارج، و لم يرد تحديد خاص للعنوان المبرز للوكالة شرعا فيصح بكل ما حصل ما لم ينه الشارع و لا نهي في المقام كما لا يخفى، و يمكن جعل ذلك من المعاطاة إذ لا فرق فيها بين ما إذا تحققت بالفعل الذي هو فعل بالعنوان الأولي للتسليم و التسلّم، أو مرآة لما هو الفعل و هي الكتابة فيكون إطلاق المعاطاة عليه بالمسامحة، لعدم حصول فعل من الطرفين و لا بأس به كما مر في البيع فراجع، كما أنه يمكن أن يكون عنوانا مستقلا في مقابل اللفظ و المعاطاة، و دليل صحته العمومات و الإطلاقات بعد صدق عنوان الوكالة عليه عرفا و قد شاع الاكتفاء بالكتابة في جملة من العقود الإذنية في هذه الأعصار من غير استنكار من أحد.
إجماعا و نصا تأتي الإشارة إليه.
هذا هو المعروف بين الفقهاء و احتمال أن ما وسع فيه ليس من الوكالة و إنما هو من مجرد الإذن و الترخيص بالنسبة إلى الحكم التكليفي فقط لا أن يكون بعنوان عقد الوكالة خلف، لفرض أن مورد التوسعة في كلماتهم إنما هو عقد الوكالة في مقابل سائر العقود كما لا يخفى على من تأمل الكلمات.
لفرض قصدهما الوكالة المعهودة بما صدر عنهما، و ليس في البين ما يدل على تحديد خاص و تعيين شيء مخصوص في العنوان المبرز للوكالة من نص أو إجماع معتبر، فلا بد من الصحة حينئذ إلا ما يقال: من أن مقتضى الأصل عدم تحقق عنوان الوكالة المعهودة و عدم ترتب آثارها.
يقال: بعد قصدهما الوكالة و صدق الوكالة عرفا على ما صدر لا وجه لعدم ترتب الأثر بل يتمسك بأدلة صحة الوكالة لتحقق موضوعها عرفا.
نعم، لو شك في الصدق العرفي تجري حينئذ أصالة عدم تحقق الوكالة
و عدم ترتب آثارها و هو خلف الفرض، و الظاهر أن النزاع صغروي فمن يقول بالصحة يستظهر الصدق العرفي للوكالة عليه و من يقول بعدمها يشك في ذلك.
لدعوى الإجماع على صحة الوكالة حينئذ بخلاف سائر العقود.
(مسألة ۱): يشترط فيها التنجيز (۱٦) بمعنى عدم تعليق أصل الوكالة بشيء كأن يقول مثلا إذا قدم زيد و جاء رأس الشهر وكلتك أو أنت وكيلي في أمر كذا. نعم لا بأس بتعليق متعلق الوكالة و التصرف الذي استنابه فيه (۱۷) كما لو قال: «أنت وكيلي في أن تبيع داري إذا قدم زيد و وكلتك في شراء كذلك في وقت كذا».
على المشهور و دليله منحصر بدعوى الإجماع، و قد يستدل بأمور أخر تعرضنا لها في البيع و ناقشنا في الجميع فراجع، و كون الإجماع من الإجماع المعتبر أول الدعوى.
ثمَّ إنه على فرض بطلان الوكالة مع التعليق و عدم التنجيز هل يبطل أصل الإذن أيضا؟ مقتضى الأصل بقاؤه إلا أن يقال ان المنساق من الإذن إنما هو الحصة الخاصة منه، و حينئذ لا يبقى شيء حتى يستصحب.
للأصل و الإطلاق و السيرة بعد عدم دليل على بطلان التعليق في أصل الوكالة غير دعوى الإجماع فضلا عن متعلقه.
(مسألة ۲): يشترط في كل من الموكل و الوكيل البلوغ و العقل و القصد و الاختيار (۱۸)، فلا يصح التوكيل و لا التوكل من الصبي و المجنون و المكره. و في الموكل كونه جائز التصرف فيما وكل فيه فلا يصح توكيل المحجور عليه لسفه أو فلس فيما حجر عليهما فيه (۱۹) دون ما لم يحجر عليهما فيه كالطلاق (۲۰) و نحوهما. و في الوكيل كونه متمكنا عقلا و شرعا من مباشرة ما توكل فيه (۲۱) فلا تصح وكالة المحرم فيما لا يجوز له كابتياع الصيد و إمساكه و إيقاع النكاح (۲۲).
هذه كلها من الشرائط العامة في كل عقد تعرضنا لدليلها في عقد البيع، و يغني ذلك عن التعرض لها مستقلا في كل عقد إذ الدليل واحد و المصاديق متعددة فراجع، و قد أشرنا انه لا دليل لهم على اعتبار البلوغ في مجرد إجراء الصبي العقد إذا كان الصبي مميزا فيه و حصل منه العقد جامعا للشرائط و إن كان خلاف الاحتياط.
للإجماع، و لأنه لمكان حجره شرعا لا اختيار له في ما وكل فيه فيكون توكيله باطلا من هذه الجهة أيضا.
لوجود المقتضي للصحة حينئذ مع تحقق سائر الشرائط و فقد المانع فتشمله الأدلة فيصح لا محالة.
لاعتبار القدرة في متعلق الوكالة و غير المقدور شرعا كغير المقدور عقلا، مضافا إلى الإجماع، و كذا الكلام فيما لا يجوز التسبيب منه فيه فلا تجوز الوكالة منه فيه.
للإطلاق كقوله عليه السّلام: «من وكل رجلا على إمضاء أمر من الأمور فالوكالة ثابتة أبدا حتى يعلمه بالخروج»۲، و العموم و الاتفاق، و أصالة الصحة.
(مسألة ۳): لا يشترط في الوكيل الإسلام فتصح وكالة الكافر بل و المرتد و إن كان عن فطرة عن المسلم و الكافر (۲۳).إلا فيما لا يصح وقوعه من الكافر (۲٤) كابتياع مصحف أو مسلم على إشكال (۲٥)، فيما إذا كان لمسلم و كاستيفاء حق أو مخاصمة مع مسلم على تردد خصوصا إذا كان لمسلم (۲٦).
للإطلاق كقوله عليه السّلام: «من وكل رجلا على إمضاء أمر من الأمور فالوكالة ثابتة أبدا حتى يعلمه بالخروج»۲، و العموم و الاتفاق، و أصالة الصحة.
البطلان في هذه الموارد مبنى على ان وكالة الكفار فيها سبيل و استيلاء على المسلم و القرآن حتى ينفى بآية نفي السبيل۳، و كذا بالنسبة إلى المصحف أو أنه ليس من السبيل، و قد مر التفصيل في كتاب البيع فراجع و يأتي بعض الكلام في كتاب القضاء.
منشأ الإشكال هل أنه من السبيل المنفي أو لا؟ و تقدم التفصيل في البيع.
ظهر مما تقدم في وجه الإشكال و ظهر منشأ التردد هنا أيضا.
(مسألة ٤): تصح وكالة المحجور عليه لسفه أو فلس عن غيرهما ممن لا حجر عليه لاختصاص ممنوعيتها بالتصرف في أموالهما (۲۷).
كما تقدم في حجر السفيه4.
(مسألة ٥): لو جوزنا للصبي بعض التصرفات في ماله كالوصية بالمعروف لمن بلغ عشر سنين كما يأتي جاز له التوكيل فيما جاز له (۲۸).
للملازمة العرفية بين جوازها و جواز الوكالة.
(مسألة ٦): ما كان شرطا في الموكل و الوكيل ابتداء شرط فيهما استدامة (۲۹) فلو جنّا أو أغمي عليهما أو حجر على الموكل بالنسبة إلى ما وكل فيه بطلت الوكالة (۳۰) و لو زال المانع احتاج عودها إلى توكيل جديد (۳۱).
استدل عليه. تارة: بالإجماع.
و أخرى: بأن الوكالة متقومة بالإذن و هو يبطل مع عروض أحدهما، و الثاني عين المدعى مع أنه يمكن اختلاف ذلك باختلاف الخصوصيات و الجهات.
نعم، لا ريب في أن ما هو المشهور هو الأحوط.
لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه، و لما مر من الدليل على البطلان و لا يجري استصحاب بقاء الإذن لوجود الدليل على الخلاف.
لأن الإذن السابق قد زال و الوكالة الجديدة تحتاج إلى إذن جديد.
(مسألة ۷): يشترط فيما وكل فيه أن يكون سائغا في نفسه (۳۲) و ان يكون للموكل السلطنة شرعا على إيقاعه فلا توكيل في المعاصي كالغصب و السرقة و القمار و نحوهما و لا فيما ليس له السلطنة على إيقاعه كبيع مال الغير من دون ولاية له عليه و لا يعتبر القدرة عليه خارجا مع كونه مما يصح وقوعه منه شرعا (۳۳) فيجوز لمن لم يقدر على أخذ ماله من غاصب إن يوكل في أخذه منه من يقدر عليه.
للإجماع بل الضرورة المذهبية إن لم تكن دينية فيه و في تاليه.
للأصل و الإطلاق و السيرة و ظهور الاتفاق.
(مسألة ۸): إذا لم يتمكن شرعا أو عقلا من إيقاع أمر إلا بعد حصول أمر غير حاصل حين التوكيل كتطليق امرأة لم تكن في حبالته و تزويج من كانت مزوجة أو معتدة و إعتاق عبد غير مملوك له و نحو ذلك لا إشكال في جواز التوكيل فيه تبعا لما تمكن منه (۳٤) بأن يوكله في إيقاع المراتب عليه ثمَّ إيقاع ما رتب عليه بأن يوكله مثلا في تزويج امرأة له ثمَّ طلاقها أو شراء عبد له ثمَّ إعتاقه أو شراء مال ثمَّ يبيعه و نحو ذلك، و أما التوكيل فيه استقلالا من دون التوكيل في المرتب عليه ففيه اشكال (۳٥)، بل الظاهر عدم الصحة (۳٦)، من غير فرق بين ما كان المرتب عليه غير قابل للتوكيل كانقضاء العدة و بين غيره فلا يجوز أن يوكل في تزويج المعتدة بعد انقضاء العدة و المزوجة بعد طلاق زوجها أو بعد موته و كذا في طلاق زوجة سينكحها أو إعتاق عبد سيملكه أو بيع متاع سيشتريه و نحو ذلك (۳۷).
لوجود المقتضي للصحة حينئذ و فقد المانع عنها فتكون من وكالتين مترتبتين لا محذور فيهما فكل منهما مترتبة الثانية على الأولى، و كذا لو وكله في الكلي الذي يشمل المترتب و المترتب عليه بأن وكله في جميع أموره مطلقا.
من أن الموكل فيه غير مقدور أولا و بالذات و من أنه مقدور بالبيع من حيث حفظ كلام العاقل عن اللغوية له فيكون وكيلا للمترتب عليه.
لصدق عدم القدرة على الموكل فيه عرفا، و حفظ كلام العاقل عن اللغوية من الأمور التي لا يلتفت إليها عامة الناس.
نعم، لو كانت الوكالة منصرفة إلى الوكالة المترتب عليه أيضا تصح و تصير مثل القسم الأول حينئذ.
لما مر من عدم القدرة على الموكل فيه عرفا ابتداء و بالذات في ذلك كله.
(مسألة ۹): يشترط في الموكل فيه أن يكون قابلا للنيابة (۳۸)، بأن لم يعتبر في مشروعية وقوعه عن الإنسان إيقاعه بالمباشرة كالعبادات البدنية من الطهارات الثلاثة و الصلوات و الصيام فرضها و نفلها (۳۹)، دون المالية منها كالزكاة و الخمس و الكفارات فإنه لا يعتبر فيها المباشرة (٤۰) فيصح التوكيل و النيابة فيها إخراجا و إيصالا إلى مستحقيها (٤۱).
بإجماع الفقهاء و مرتكزات العقلاء ثمَّ إن الأقسام ثلاثة:
الأول: ما لا تقبل النيابة شرعا.
الثاني: ما تقبلها كذلك.
الثالث: ما يشك في أنه من أي القسمين، و حكم الأولين واضح و مقتضى العمومات و الإطلاقات و أصالة الصحة و أصالة عدم اعتبار المباشرة إلحاقه بالقسم الثاني فلا مجرى مع العموم و الإطلاق، و أصالة الصحة لأصالة عدم ترتب الأثر، لحكومة الجميع عليها، و المراد بالعموم و الإطلاق عموم دليل ما وكل فيه و إطلاقه عقدا كان أو إيقاعا أو فعلا آخر خصوصا ما انطبق عليه إعانة المؤمن و قضاء حاجته، و على هذا تصح دعوى أصالة صحة النيابة في كل شيء إلا ما خرج بالدليل، و قال في الجواهر و نعم ما قال: «و قد يستفاد من التأمل في كلام الأصحاب أن الأصل جواز الوكالة في كل شيء كما يومئ إلى ذلك ذكر الدليل فيما لا يصح فيه من النص على اعتبار المباشرة و نحوها مما يمتنع من الوكالة دون ما صحت فيه».
أقول: و على هذا ينبغي للفقهاء التعرض لما لا تجوز فيه الوكالة لا ما تجوز فيه لأن الثاني كثير جدا دون الأول كما لا يخفى على المتأمل في الكلمات.
لاعتبار المباشرة في ذلك كله بالإجماع بل الضرورة الفقهية.
للإجماع، و السيرة العملية قديما و حديثا، مضافا إلى ظواهر الأدلة الواردة في الزكاة، و إطلاق أدلة جميعها الذي مقتضاها عدم اعتبار المباشرة، و أن المناط كله إنما هو وصول المال إلى المورد بأي وجه تحقق ذلك.
تقدم في كتاب الزكاة ما يتعلق بالمقام.
(مسألة ۱۰): يصح التوكيل في جميع العقود (٤۲) كالبيع و الصلح و الإجارة و الهبة و العارية و الوديعة و المضاربة و المزارعة و المساقاة و القرض و الرهن و الشركة و الضمان و الحوالة و الكفالة و الوكالة و النكاح إيجابا و قبولا في الجميع، و كذا في الوصية و الوقف و في الطلاق و الإعتاق و الإبراء و الأخذ بالشفعة و إسقاطها، و فسخ العقد في موارد ثبوت الخيار و إسقاطه. نعم الظاهر أنه لا يصح التوكيل في الرجوع إلى المطلقة في الطلاق الرجعي (٤۳)، كما أنه لا يصح في اليمين و النذور و العهد و اللعان و الإيلاء و الظهار (٤٤) و الشهادة و الإقرار (٤٥) على إشكال في الأخير.
للإجماع و السيرة العملية، و الأصل الذي تعرض له صاحب الجواهر فيما مر من كلامه.
مقتضى جميع ما تقدم هو جوازها فيه أيضا إن لم يكن التوكيل بنفسه رجوعا فينتفي موضوع الوكالة حينئذ إذ الرجوع خفيف المؤنة جدا كما يأتي في محله.
مقتضى ما تقدم جواز الوكالة في إجراء الصيغة في جميع ذلك لو لم يكن إجماع في البين و هو غير معلوم.
لا دليل لهم على عدم جريان الوكالة فيهما إلا دعوى انصراف أدلتها عنهما، و لا يخفى أنه أول الدعوى و هذا وجه الإشكال الذي ذكر في المتن و هو لا يختص بخصوص الإقرار بل يجري في الشهادة أيضا، و إن كان دعواه في الإقرار أقوى من الشهادة.
(مسألة ۱۱): يصح التوكيل في القبض (٤٦) و الإقباض في موارد لزومهما كما في الرهن و القرض و الصرف بالنسبة إلى العوضين، و السلم بالنسبة إلى الثمن و في إبقاء الديون و استيفائها و غيرها (٤۷).
للإجماع و السيرة و قاعدة السلطنة.
لما مر في سابقة.
(مسألة ۱۲): يجوز التوكيل في الطلاق غائبا كان الزوج أم حاضرا (٤۸) بل يجوز توكيل الزوجة في أن تطلق نفسها أو بأن توكل الغير الزوج أو عن نفسها (٤۹).
لإطلاق أدلة الطلاق الشامل للمباشرة و التوكيل و حديث: «الطلاق بيد من أخذ بالساق»٥، في مقام بيان الولاية على اختيار الطلاق لا في مقام مجرى صيغته بعد استناده إلى من أخذ بالساق، كما أن خبر زرارة الدال على عدم جواز الوكالة في الطلاق٦، لا اعتبار به لإعراض الأصحاب و مخالفته للسيرة المستمرة بين المسلمين في كل عصر، و كذا من فرّق بين الغائب و الحاضر فلا يجوز في الثاني بخلاف الأول لا دليل له يصح الاعتماد عليه.
كل ذلك لإطلاق أدلة الطلاق، و أصالة الصحة، و إن الأصل صحة النيابة في كل شيء و بكل نحو إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخروج في المقام.
نعم، في الأخير يصير الوكيل في الطلاق وكيلا عن الوكيل و لا بأس به مع شمول إطلاق الوكالة لهذا النحو من التوكيل أيضا.
(مسألة ۱۳): يجوز الوكالة و النيابة في حيازة المباح (٥۰) كالاستقاء و الاحتطاب و الاحتشاش و غيرها، فإذا وكل و استناب شخصا في حيازتها و قد حازها بعنوان النيابة عنه كانت بمنزلة حيازة المنوب عنه و صار ما حازه ملكا له (٥۱).
لما مر مرارا من الأدلة الشاملة للوكالة في حيازة المباحات أيضا.
لأن الوكيل حينئذ بمنزلة الآلة للموكل فكأنه وقعت الحيازة له من الموكل.
ثمَّ إن الوكيل في حيازة المباح.
تارة: يقصد الحيازة للموكل.
و أخرى: يقصدها لنفسه.
و ثالثة: لا يقصدها بل تقع منه غفلة و بلا قصد، و على الكل اما أن تقع في محل مباح أجنبي عن الموكل، و أخرى فيما له نحو حق فيه تعرضنا لبعض أحكامها في خمس المعدن و في الإجارة لحيازة المباحات، و تأتي جملة أخرى منها في كتاب حيازة المباحات.
(مسألة ۱٤): يشترط في الموكل فيه التعيين (٥۲) بأن لا يكون مجهولا أو مبهما فلو قال وكلتك من غير تعيين أو على أمر من الأمور أو على شيء مما يتعلق به و نحو ذلك لم يصح. نعم لا بأس بالتعميم أو الإطلاق (٥۳) كما نفصله.
لإجماع الفقهاء و بناء العقلاء و سيرة المتشرعة و حديث نفي الغرر۷.
للإطلاق، و الاتفاق، و الأصل الذي تقدم عن صاحب الجواهر، و يأتي التفصيل المتعلق بكل منها.
أقسام الوكالة و أحكامها
(مسألة ۱٥): الوكالة إما خاصة و إما عامة و إما مطلقة (٥٤)، فالأولى ما تعلقت بتصرف معين في شخص معين كما إذا وكله في شراء عبد شخصي معين و هذا مما لا إشكال في صحته (٥٥)، و أما الثانية فإما عامة من جهة التصرف و خاصة من جهة متعلقه كما إذا وكله في جميع التصرفات الممكنة في داره المعينة من بيعها و هبتها و إجارتها و غيرها و إما بالعكس كما إذا وكله في بيع جميع ما يملكه و إما عامة من كلتا الجهتين كما إذا وكله في جميع التصرفات الممكنة في جميع ما يملكه أو في إيقاع جميع ما كان له فيما يتعلق به بحيث يشمل التزويج له و طلاق زوجته. و كذا الثالثة قد تكون مطلقة من جهة التصرف خاصة من جهة متعلقه كما إذا وكله في أنه إما أن يبيع داره المعينة بيعا لازما أو خياريا أو يرهنها أو يؤجرها و أوكل التعيين إلى نظره و قد تكون بالعكس كما إذا احتاج إلى بيع أحد أملاكه من داره أو عقاره أو دوابه أو غيرها فوكل شخصا في أن يبيع أحدها و فوّض الأمر في تعيينه بنظره (٥٦) و مصلحته و قد تكون مطلقة من كلتا الجهتين كما إذا وكله في إيقاع أحد العقود المعاوضية من البيع أو الصلح أو الإجارة مثلا على أحد أملاكه من داره أو دكانه أو خانه مثلا و أوكل التعيين من الجهتين إلى نظره و الظاهر صحة الجميع (٥۷) و إن كان بعضها لا يخلو من مناقشة لكنها مندفعة (٥۸).
و الثلاثة من المفاهيم المبيّنة العرفية الشائعة عند الناس، و ما يأتي من ذكر بيانها كذلك، كما أن الحصر بينها في ذلك إجمالا و بنحو الكلية استقرائي و يمكن أن يكون عقليا و إلا فيمكن تشقيق أقسام أخرى من هذه الكليات.
و الثلاثة من المفاهيم المبيّنة العرفية الشائعة عند الناس، و ما يأتي من ذكر بيانها كذلك، كما أن الحصر بينها في ذلك إجمالا و بنحو الكلية استقرائي و يمكن أن يكون عقليا و إلا فيمكن تشقيق أقسام أخرى من هذه الكليات.
و يطلق عليه الوكيل المفوض و حيث إن للتفويض مراتب كثيرة شدة و ضعفا يمكن أن يطلق على غير هذه الصورة أيضا الوكيل المفوّض بحسب مراتب التفويض.
و كذا تصح لو كانت بنحو التخيير بين أمرين أو أمور مطلقا، و ذلك كله لأصالة صحة الوكالة في كل شيء إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخروج.
أما المناقشة فهي احتمال الجهالة في صورة الترديد و احتمال الضرر في صورة الإطلاق، و الأولى مندفعة بتحمل الوكالة للجهالة بما لا يتحمله سائر العقود، و أما الأخيرة فاطمينان الموكل بالوكيل و أنه لا يفعل له إلا ما فيه المصلحة يدفع هذا الاحتمال.
(مسألة ۱٦): قد مر أنه يعتبر في الموكّل فيه التعيين و لو بالإطلاق أو التعميم فإنهما أيضا نحو من التعيين (٥۹)، و يقتصر الوكيل في التصرف على ما شمله عقد الوكالة (٦۰) صريحا أو ظاهرا و لو بمعونة القرائن الحالية أو المقالية (٦۱) و لو كانت هي العادة الجارية (٦۲) على أن من يوكل في أمر كذا يريد ما يشمل كذا كما إذا وكله في البيع بالنسبة إلى تسليم المبيع أو في الشراء بالنسبة إلى تسليم الثمن (٦۳) دون قبض الثمن و المثمن (٦٤) إلا إذا شهدت قرائن الأحوال بأنه قد وكله في البيع أو الشراء بجميع ما يترتب عليها.
لأن الإطلاق هي الطبيعة المنطبقة على كل فرد و العموم هو السريان في الافراد و لكل منهما نحو تعين في مقابل الإهمال المحض و أهل العرف يكتفون بالإطلاق و العموم و لا يكتفون بالمهمل من كل جهة، و لا وجه لتكرار هذه الجملة بعد ما مرت في شرائط الموكل فيه (مسألة ۱٤).
لأصالة عدم صحة تصرفه في غيره، مضافا إلى الإجماع و سيرة المتشرعة.
لاعتبار جميع ذلك في المحاورات الدائرة بين الناس و عدم ثبوت الردع عنها شرعا فيصح الاعتماد عليها.
لأنها معتبرة بين الملتزمين بتلك العادة و المفروض عدم وصول الردع عنها من الشرع فلا بد من إتباعها.
لأنه المتعارف في الوكالة في البيع و الشراء فتنزّل الوكالة على ما هو المتعارف.
لعدم شمول الوكالة في مجرد البيع لهما مع أن الشك في الشمول يكفي في عدم الصحة ما لم تكن قرينة معتبرة في البين تدل على الشمول.
(مسألة ۱۷): لو خالف الوكيل عما عين له و أتى بالعمل على نحو لم يشمله عقد الوكالة فإن كان مما يجري فيه الفضولية كالعقود توقفت صحته على اجازة الموكل و إلا بطل (٦٥)، و لا فرق في ذلك بين أن يكون التخالف بالمباينة كما إذا وكله في بيع داره فآجرها أو ببعض الخصوصيات كما إذا وكله في أن يبيع نقدا فباع نسية أو بالعكس، أو يبيع بخيار فباع بدونه أو بالعكس أو يبيعه من فلان فباعه من غيره و هكذا (٦٦). نعم، لو علم شمول التوكيل لفاقد الخصوصية أيضا صح (٦۷) كما إذا وكله في أن يبيع السلعة بدينار فباعها بدينارين حيث إن الظاهر عرفا بل المعلوم من حال الموكل أن تحديد الثمن بدينار إنما هو من طرف النقيصة فقط لا من طرف النقيصة و الزيادة معا فكأنه قال إن ثمنها لا ينقص عن دينار. نعم، لو فرض وجود غرض صحيح في التحديد به زيادة و نقيصة كان بيعها بالزيادة كبيعها بالنقيصة فضوليا يحتاج إلى الإجازة، و من هذا القبيل ما إذا وكله في أن يبيعها في سوق مخصوص بثمن معين فباعها في غيرها بذلك الثمن، فربما يفهم عرفا أنه ليس الغرض إلا تحصيل الثمن فيكون ذكر السوق المخصوص من باب المثال، و لو فرض احتمال وجود غرض عقلائي في تعيينها احتمالا معتدا به لم يجز التعدي عنه (٦۸).
أما التوقف على الإجازة فلفرض أن التصرف وقع بغير إذن من له الإذن.
و أما الصحة معها فلما مر في بيع الفضولي من أن التصرفات الفضولية مع اجازة من له حق الإجازة صحيحة إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخروج في المقام.
و أما البطلان مع عدمها فللعمومات و الإطلاقات الدالة على بطلان التصرف فيما يتعلق بالغير بدون إذنه.
لأن كل ذلك من صغريات الفضولي و لا فرق بين جميع أقسامه في الصحة مع الإجازة و البطلان بدونها.
مع وجود مبرز خارجي في البين من لفظ أو قرينة معتبرة يدل عليه و إلا فلا يخرج عن الفضولية بناء على أن مجرد العلم بالرضا من دون مبرز في الخارج يدل عليه لا يخرج العقد عن الفضولية، و قد مر التفصيل في كتاب البيع فراجع و كذا الكلام في جميع الأمثلة المذكورة.
و إن تعدى يكون من موارد الفضولي.
(مسألة ۱۸): لو وكلت امرأة زوجها في شيء أو بالعكس ثمَّ حصل الطلاق بينهما تبقى الوكالة على حالها إلا أن تكون قرينة في البين على ارتباط بقائها ببقاء الزوجية (٦۹).
أما بقاء الوكالة فللأصل و الإطلاق و أما ذهابها مع القرينة فلفرض تحديد البقاء بحد خاص و هو بقاء الزوجية.
(مسألة ۱۹): يجوز للولي كالأب و الجد للصغير أن يوكل غيره فيما يتعلق بالمولّى عليه مما له الولاية فيه (۷۰).
للأصل و الإطلاق و الاتفاق و السيرة العملية من المتشرعة.
(مسألة ۲۰): لا يجوز لوكيل أن يوكل غيره (۷۱) في إيقاع ما توكل فيه لا عن نفسه و لا عن الموكل (۷۲) إلا بإذن الموكل و يجوز بإذنه بكلا النحوين (۷۳) فإن الموكل في إذنه أحدهما بأن قال مثلا «وكل غيرك عني أو عنك» فهو المتبع و لا يجوز له التعدي عما عينه (۷٤) و لو أطلق فإن وكله في أن يوكل كما إذا قال مثلا «وكلتك في أن توكل غيرك» فهو إذن في توكيل الغير عن الموكل و إن كان مجرد الإذن فيه كما إذا قال وكل غيرك فهو إذن في توكيله عن نفسه على تأمل (۷٥).
لأصالة عدم حق له على ذلك و أصالة عدم ترتب الأثر بعد عدم دليل حاكم عليها.
لجريان الأصلين المذكورين في كل واحد منهما، و المراد بعدم الجواز عدم الصحة و عدم ترتب الأثر إن كان من مجرد إنشاء عقد الوكالة.
نعم، لو سلم إلى الوكيل ما وكل فيه بلا إذن من الموكل يكون ذلك حراما تكليفيا أيضا.
لوجود المقتضي للصحة فيهما حينئذ و فقد المانع عنها فتصح بكل واحد منهما لا محالة.
أما الصحة فيما عين فلفرض وجود الإذن فيه بالخصوص و أما عدم جواز التعدي عنه فللأصل كما مر.
الظاهر أن ذلك كله تابع للاستفادة من القرائن المعتبرة حالية كانت أو مقالية، و مع عدمها يؤخذ بالمتيقن و هو أيضا يختلف باختلاف الحالات و الجهات، و لا ريب في أن الاحتياط في الاستيذان و الاستجازة جديدا.
(مسألة ۲۱) لو كان الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل كان في عرض الوكيل الأول (۷٦) فليس له أن يعزله و لا ينعزل بانعزاله بل لو مات الأول يبقى الثاني على وكالته (۷۷) و أما لو كان وكيلا عن الوكيل كان له أن يعزله و كانت وكالته تبعا لوكالته (۷۸)، فينعزل بانعزاله أو بدونه، و هل للموكل أن يعزله حتى من دون أن يعزل الوكيل الأول لا يبعد أن يكون له ذلك (۷۹).
لعدم ربط للوكيل الأول حينئذ بالنسبة إليه لفرض أنه وكيل عن الموكل مستقلا في عرضه.
لأنه لا وجه للاستقلالية و عدم التبعية إلا ذلك.
لفرض أنه وكيل عنه و مأذون من قبله من دون ربط له بالموكل في هذه الجهة.
لأن الموكل هو الأصل للوكيل الأول و هو و إن كانت له جهة استقلالية و لكن مع عزل الموكل يشك في شمول الإذن في التوكيل حتى لهذه الصورة.
نعم، لو كانت في البين قرينة تدل على أنه لا أثر لعزل الموكل مطلقا حتى مع عدم عزل الوكيل لا ينعزل حينئذ بعزل الموكل، بل لا بد من عزل الوكيل الأول للوكيل الثاني حتى ينعزل.
(مسألة ۲۲): يجوز أن يتوكل اثنان فصاعدا عن واحد في أمر واحد (۸۰) فإن صرح الموكل بانفرادهما جاز لكل منهما الاستقلال في التصرف من دون مراجعة الآخر (۸۱) و إلا لم يجز الانفراد لأحدهما (۸۲) و لو مع غيبة صاحبه أو عجزه (۸۳) سواء صرح بالانضمام و الاجتماع أو أطلق (۸٤) بأن قال مثلا وكلتكما أو أنتما وكيلاي و نحو ذلك، و لو مات أحدهما بطلت الوكالة رأسا (۸٥) مع شرط الاجتماع أو الإطلاق المنزل منزلته و بقي وكالة الباقي فيما لو صرح بالانفراد (۸٦).
للأصل و الإطلاق و ظهور الاتفاق.
لأنه لا معنى للاستقلال إلا ذلك.
لفرض عدم الإذن معه فيصير تصرفه من موارد الفضولي فمع الإجازة اللاحقة يصح و إلا فلا.
لفرض عدم الإذن في حال الانفراد، و الغيبة و العجز لا يوجب حدوث الإذن للأصل.
أما مع التصريح فهو واضح و أما مع الإطلاق فللانصراف إليه لو لم تكن قرينة على الخلاف.
لقاعدة انتفاء الكل بانتفاء أحد أجزائه مضافا إلى الإجماع.
لوجود المقتضي لبقاء وكالته و انتفاء المانع عنه فتبقى لا محالة.
(مسألة ۲۳): الوكالة عقد جائز من الطرفين (۸۷) فللوكيل أن يعزل نفسه مع حضور الموكل و غيبته و كذا للموكل أن يعزله (۸۸)، لكن انعزاله بعزله مشروط ببلوغه إياه (۸۹) فلو أنشأ عزله و لكن لم يطلع عليه الوكيل لم ينعزل (۹۰) فلو أمضى أمرا قبل أن يبلغه العزل و لو بإخبار ثقة كان ماضيا نافذا (۹۱).
للإجماع، و ظواهر النصوص المتفرقة في الأبواب المختلفة۸، يأتي التعرض لبعضها.
لأنه لا معنى للعقد الجائز إلا ذلك.
عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل وكّل آخر على وكالة في أمر من الأمور و أشهد له بذلك شاهدين، فقام الوكيل فخرج لإمضاء الأمر فقال: اشهدوا أني قد عزلت فلانا عن الوكالة، فقال عليه السّلام: إن كان الوكيل أمضى الأمر الذي وكّل فيه قبل العزل فإن الأمر واقع ماض على ما أمضاه الوكيل، كره الموكل أم رضي، قلت: فإن الوكيل أمضى الأمر قبل أن يعلم العزل أو يبلغه أنه قد عزل عن الوكالة، فالأمر على ما أمضاه؟ قال عليه السّلام: نعم، قلت له: فإن بلغه العزل قبل أن يمضي الأمر ثمَّ ذهب حتى أمضاه لم يكن ذلك بشيء؟ قال عليه السّلام: نعم، إن الوكيل إذا وكل ثمَّ قام عن المجلس فأمره ماض أبدا و الوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه أو يشافهه بالعزل عن الوكالة»۹.
و في رواية علاء بن سيابة۱۰، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة وكلت رجلا بأن يزوجها من رجل فقبل الوكالة فأشهدت له بذلك، فذهب الوكيل فزوجها ثمَّ إنها أنكرت ذلك الوكيل، و زعمت أنها عزلته عن الوكالة فأقامت شاهدين أنها عزلته؟ فقال عليه السّلام: ما يقول من قبلكم في ذلك؟ قلت: يقولون ينظر في ذلك فإن كانت عزلته قبل أن يزوج فالوكالة باطلة و التزويج باطل و إن عزلته و قد زوجها فالتزويج ثابت على ما زوّج الوكيل، و على ما أنفق معها من الوكالة إذا لم يتعد شيئا مما أمرت به و اشترطت عليه في الوكالة. ثمَّ قال: يعزلون الوكيل عن وكالتها و لم تعلمه بالعزل؟ قلت: نعم يزعمون أنها لو وكلت رجلا و أشهدت في الملإ و قالت في الخلإ اشهدوا أني قد عزلته أبطلت وكالته بلا أن تعلم في العزل و ينقضون جميع ما فعل الوكيل في النكاح خاصة، و في غيره لا يبطلون الوكالة إلا أن يعلم الوكيل بالعزل، و يقولون: المال منه عوض لصاحبه و الفرج ليس منه عوض إذا وقع منه ولد، فقال عليه السّلام: سبحان اللّه ما أجور هذا الحكم و أفسده إن النكاح أحرى و أحرى أن يحتاط فيه و هو فرج و منه يكون الولد إن عليّا عليه السّلام أتته امرأة تستعديه على أخيها فقالت: يا أمير المؤمنين إني وكلت أخي هذا بأن يزوجني رجلا و أشهدت له ثمَّ عزلته من ساعته تلك فذهب فزوجني ولي بيّنة أني قد عزلته قبل أن يزوجني، فأقامت البينة، فقال الأخ: يا أمير المؤمنين إنها وكلتني و لم تعلمني أنها عزلتني عن الوكالة حتى زوجتها كما أمرتني، فقال لها: ما تقولين؟ قالت: قد أعلمته يا أمير المؤمنين، فقال لها: أ لك بينة بذلك؟ فقالت: هؤلاء شهودي يشهدون بأني قد عزلته فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: كيف تشهدون؟ قالوا: نشهد أنها قالت اشهدوا أني قد عزلت أخي فلانا عن الوكالة بتزويجي فلانا و إني مالكة لأمري قبل أن يزوجني، فقال:
أشهدتكم على ذلك بعلم منه و محضر؟ فقالوا: لا، فقال: تشهدون أنها علمته بالعزل كما أعلمته الوكالة؟ قالوا: لا، قال عليه السّلام: أرى الوكالة ثابتة و النكاح واقعا، أين الزوج؟ فجاء فقال عليه السّلام: خذ بيدها بارك اللّه لك فيها، فقالت: يا أمير المؤمنين أحلفه أني لم أعلمه العزل و لم يعلم بعزلي إياه قبل النكاح، قال عليه السّلام:
و تحلف؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين فحلف فأثبت وكالته و أجاز النكاح»، و يدل على ذلك صحيحة معاوية بن وهب.
لما تقدم من النص.
لما مر في صحيح ابن سالم.
(مسألة ۲٤): تبطل الوكالة بموت الوكيل و كذا بموت الموكل (۹۲) و إن لم يعلم الوكيل بموته (۹۳) و بعروض الجنون و الإغماء (۹٤) على كل منهما، و أما الحجر على الموكل فتبطل الوكالة أيضا إن كان موردها التصرفات المالية في مال الموكل (۹٥)، و بتلف ما تعلقت به الوكالة (۹٦) و يفعل الموكل ما تعلقت به الوكالة كما لو وكله في بيع سلعة ثمَّ باعها أو فعل ما ينافيه كما لو وكله في بيع عبد ثمَّ أعتقه (۹۷).
للإجماع و انسباق حال الحياة من الوكالة بطرفيها إلا مع وجود قرينة معتبرة على الخلاف و هي منتفية، مع أن في أصل الوكالة بعد الموت بحث إلا إذا انطبقت على الوصية.
لزوال موضوع الوكالة بمجرد موت الموكل و عدم دليل على اعتبار علمه، كما مر في صورة عزله.
للإجماع، و مقتضى إطلاقه عدم الفرق بين المطبق و الأدوار و القليل و الكثير في الثاني.
لفرض تحقق المنع من الموكل عن التصرف فيه كما سبق في كتاب الحجر.
كتوكيله في تزويج امرأة فماتت أو عتق عبد فمات، و أما لو وكّله في بيع شيء أو شرائه فإن استفيدت من القرائن التخصيص بالعين فتبطل أيضا، و إن استفيدت منها التعميم إلى البدل تبقى الوكالة و الحق التعبير بزوال موضوع الوكالة أو قيدها حتى يكون أعم و يشمل ما إذا شرطت العدالة فظهر فسقه.
لانتفاء الموضوع في ذلك كله.
(مسألة ۲٥): كل مورد تبطل الوكالة فيه يجب على الوكيل دفع العين الموكل فيه إلى الموكل فورا و إلا ضمن لو تلف (۹۸)، و أما لو لم يتمكن من الفورية و تلف حينئذ فلا ضمان عليه (۹۹).
أما وجوب الدفع إلى الموكل فورا فلما ادعي عليه الإجماع من فورية دفع أموال الناس و حقوقهم إليهم، و أما الضمان مع عدم دفعه فورا و تمكنه منه فلتحقق التفريط.
لأصالة بقاء الأمانة الشرعية و لا تضمين بالنسبة إلى الأمين.
(مسألة ۲٦): يجوز التوكيل في الخصومة و المرافعة (۱۰۰) فيجوز لكل من المدعي و المدعى عليه أن يوكل شخصا عن نفسه بل يكره لذوي المروات من أهل الشرف و المناصب الجلية (۱۰۱) أن يتولوا المنازعة و المرافعة بأنفسهم خصوصا إذا كان الطرف بذي اللسان و لا يعتبر رضا صاحبه (۱۰۲) فليس له الامتناع عن خصومة الوكيل.
لما مر من الأدلة العامة، مضافا إلى السيرة في المقام ما لم تكن لإبطال حق أو إحقاق باطل و يجوز أخذ الأجرة في مورد جوازه.
لقول علي عليه السّلام: «إن للخصومة قحما و إن الشيطان ليحضرها و إني لأكره أن أحضرها»۱۱، مع استنكار النفوس الآبية عن التعرض لمقابلة ذوي الألسن البذيئة، و أما مخاصمة النبي صلى اللّه عليه و آله مع صاحب الناقة الى رجل من قريش۱۲، و مخاصمة علي عليه السّلام في درع طلحة إلى شريح۱۳، و مخاصمة السجاد عليه السّلام مع زوجته الشيبانية إلى قاضي المدينة، فلعلها لجهات خارجية موجبة لرفع الكراهة.
للأصل و الإطلاق و ظهور الاتفاق.
(مسألة ۲۷): الوكيل في الخصومة إن كان وكيلا عن المدعي كانت وظيفته بث الدعوى على المدعى عليه عند الحاكم و اقامة البينة و تعديلها و تحليف المنكر و طلب الحاكم على الخصم و القضاء عليه، و بالجملة كل ما يقع وسيلة إلى الإثبات (۱۰۳)، و أما الوكيل عن المدعى عليه فوظيفته الإنكار و الطعن على الشهود و اقامة بينة الجرح و مطالبة الحاكم بسماعها و الحكم بها، و بالجملة عليه السعي في الدفع ما أمكن (۱۰٤).
لأن ذلك كله من شأن المدعي و وظيفته، و المفروض أنه وكيل فيما هو وظيفة المدعي، و لا يجوز له التخطي عما عين الموكل له شيئا إلا بإذنه.
نعم، لو كان وكيلا في فصل الدعوى بأي نحو اقتضته الشريعة يجوز له فصلها بأي نحو شاء.
الكلام فيه عين الكلام في سابقة من غير فرق.
(مسألة ۲۸): لو ادعى منكر الدين مثلا في أثناء مرافعة وكيله و مدافعته عنه الأداء و الإبراء انقلب مدعيا (۱۰٥)، و صارت وظيفة وكيله إقامة البينة على هذه الدعوى و طلب الحكم بها من الحاكم (۱۰٦)، و صارت وظيفة وكيل خصمه الإنكار (۱۰۷) و الطعن في الشهود و غير ذلك.
لتحقق دعوى الإبراء أو الأداء منه وجدانا، و هو مباين مع إنكار أصل الدين لغة و عرفا و شرعا، و لا ربط لأحدهما بالآخر فلا محالة يصير مدعيا و ينقلب إليه.
لأنه ليس وظيفة المدعي أو الوكيل إلا ذلك كما يأتي في كتاب القضاء.
لأنه إذا صار المنكر مدعيا يصير طرف النزاع منكرا للأداء و الإبراء و إلا فلا نزاع بينهما و هو خلف.
(مسألة ۲۹): لا يقبل إقرار الوكيل في الخصومة على موكله (۱۰۸) فلو أقرّ وكيل المدعي القبض أو الإبراء أو قبول الحوالة أو المصالحة أو بأن الحق مؤجل أو أن البينة فسقة أو أقرّ وكيل المدعى عليه بالحق للمدعي لم يقبل (۱۰۹)، و بقيت الخصومة على حالها (۱۱۰) سواء أقرّ في مجلس الحكم أو في غيره (۱۱۱) لكن ينعزل و تبطل وكالته و ليس له المرافعة لأنه بعد الإقرار ظالم في الخصومة بزعمه.
لأنه خلاف جعل الوكالة في تقرير الدعوى و خلاف المنساق من الوكالة فلا يشمله إطلاق الوكالة فيكون كالمدعي على الموكل فلا يقبل دعواه إلا بالبينة.
لما مر في سابقة من غير فرق.
للأصل بعد عدم قيام حجة شرعية على فصلها.
لجريان ما قلناه في كل منهما.
(مسألة ۳۰): الوكيل في الخصومة لا يملك الصلح عن الحق و لا الإبراء منه (۱۱۲) إلا أن يكون وكيلا في ذلك أيضا بالخصوص (۱۱۳).
لعدم شمول الوكالة فيهما لهما، لخروجهما عن عنوان الخصومة لغة و عرفا و شرعا.
لتحقق الوكالة فيهما حينئذ فتصح فيهما أيضا لا محالة كما في أصل الخصومة.
(مسألة ۳۱): يجوز أن يوكل اثنين فصاعدا في الخصومة كسائر الأمور (۱۱٤) فإن لم يصرح (۱۱٥) باستقلال كل واحد منهما لم يستقل بها أحدهما بل يتشاوران و يتباصران (۱۱٦)، و يعضد كل واحد منهما صاحبه و يعينه على ما فوض إليهما.
لظهور الإطلاق و الاتفاق.
يكفي الظهور العرفي في ذلك و لو لم يكن تصريح في البين.
لأن الاستقلالية خصوصية زائدة يشك في شمول الإطلاق لها بخلاف التشاور و التباصر فإن الإطلاق يشمله عرفا لو لم يكن هو المنساق منه كذلك.
(مسألة ۳۲): إذا وكل الرجل وكيلا بحضور الحاكم في خصوماته و استيفاء حقوقه مطلقا أو في خصومة شخصية ثمَّ قدّم الوكيل خصما لموكله و نشر الدعوى عليه يسمع الحاكم دعواه عليه (۱۱۷)، و كذا إذا ادعى عند الحاكم أن يكون وكيلا في الدعوى و أقام البينة عنده (۱۱۸) على وكالته و أما إذا ادعى الوكالة من دون بينة عليها فإن لم يحضر خصما عنده أو أحضر و لم يصدقه في وكالته لم يسمع دعواه (۱۱۹)، و أما إذا صدقه فيها فالظاهر أنه يسمع دعواه (۱۲۰)، لكن لم يثبت بذلك وكالته عن موكله بحيث يكون حجة عليه (۱۲۱) فإذا قضت موازين القضاء بحقية المدعي يلزم المدعى عليه بالحق (۱۲۲)، و أما إذا قضت بحقية المدعى عليه فالمدعي على حجته فإذا أنكر الوكالة تبقى دعواه على حالها (۱۲۳).
لوجود المقتضي للسماع و فقد المانع عنه حينئذ لكونه كنفس المدعي فيترتب عليه الأثر لا محالة.
الكلام فيه عين الكلام في سابقة من غير فرق.
لعدم كونه مدعيا و لم يثبت كونه وكيلا عنه بطريق معتبر فلا وجه لترتب الأثر على دعواه.
لأن حق الرد و النقض و الإبرام منحصر به و المفروض أنه صدقه فلا مانع في البين من القبول.
للأصل بعد عدم طريق معتبر لإثباته إلا أن يكون ثقة، و قلنا بثبوت الموضوعات بقول الثقة أيضا كثبوتها بالبينة.
لتمامية موازين الحكم حينئذ لدى الحاكم الشرعي.
للأصل بعد عدم تمامية موازين الحكم لا بمباشرة المدعي و لا بوكيل معتبر عنده.
(مسألة ۳۳): إذا وكله في الدعوى و تثبيت حقه على خصمه و ثبته لم يكن له قبض الحق (۱۲٤) فللمحكوم عليه أن يمتنع عن تسليم ما ثبت عليه إلى الوكيل (۱۲٥).
للأصل بعد عدم شمول مورد الوكالة له لاختصاصه بإثبات الحق لا قبضه.
لأصالة عدم ثبوت هذه السلطنة و الولاية له و أصالة عدم سقوط الحق الثابت عليه بذلك.
(مسألة ۳٤): لو وكله في استيفاء حق له على غيره فجحده من عليه الحق لم يكن للوكيل مخاصمته و المرافعة معه، و تثبيت الحق عليه (۱۲٦) ما لم يكن وكيلا في الخصومة (۱۲۷).
لاختصاص الإذن بخصوص استيفاء الحق دون المخاصمة لإثباته و لو خاصمه و أثبت ذلك ثمَّ اجازه الموكل يكون من صغريات الفضولي.
من تصريح بذلك أو ظهور معتبر و لو بالدلالة الملازمة المعتبرة عرفا.
(مسألة ۳٥): لو نذر أن لا يتصدى للوكالة فوكله غيره و قبل و أتى بموردها فعل حراما و يجب عليه الكفارة (۱۲۸)، و لكن يصح ما فعله (۱۲۹).
لمخالفة النذر و يأتي في كتاب الكفارات مقدارها.
لما قلنا في الأصول من أن النهي في غير العبادات لا يوجب الفساد.
(مسألة ۳٦): يجوز التوكيل بجعل و بغير جعل (۱۳۰)، و إنما يستحق الجعل فيما جعل له الجعل بتسليم العمل الموكل فيه (۱۳۱)، فلو وكله في البيع أو الشراء و جعل له جعلا كان للوكيل مطالبة الموكل به بمجرد إتمام المعاملة و إن لم يتسلم الموكل الثمن أو المثمن، و كذا لو وكله في المرافعة و تثبيت حقه استحق الجعل بمجرد إتمام المرافعة و ثبوت الحق و إن لم يتسلمه الموكل (۱۳۲).
للأصل و الإطلاق و الاتفاق و السيرة المستمرة قديما و حديثا.
للأصل و الإجماع و لأنه المنساق من الوكالة ما لم تكن قرينة على الخلاف.
لصدق تمامية عمل الوكيل بإتمام العمل و كون تسلم الموكل خارجا عنه ما لم يكن شرطا على الخلاف.
(مسألة ۳۷): لو وكله في قبض دينه من شخص فمات قبل الأداء لم يكن له مطالبة وارثه (۱۳۳). نعم، لو كانت عبارة الوكالة شاملة له كما لو قال اقبض حقي الذي على فلان كان له ذلك (۱۳٤).
لعدم شمول مطالبة الدين عن شخص للمطالبة من وارثه ما لم تكن قرينة ظاهرة في الشمول له أيضا.
لشمول الوكالة للوكالة في الأخذ عن الوارث أيضا.
(مسألة ۳۸): لو وكله في استيفاء دينه من زيد فجاء إلى زيد للمطالبة فقال زيد للوكيل: خذ هذه الدراهم و اقض بها دين فلان- يعني موكله- فأخذها صار الوكيل وكيل زيد في قضاء دينه (۱۳٥)، و كانت الدراهم باقية على ملك زيد ما لم يقبضها صاحب الدين (۱۳٦) فلزيد استردادها ما دامت في يد الوكيل (۱۳۷). و لو تلفت عنده بقي الدين بحاله (۱۳۸)، و لو قال خذها عن الدين الذي تطالبني به لفلان فأخذها كان قابضا للموكل (۱۳۹)، و برئت ذمة زيد و ليس له الاسترداد (۱٤۰).
لظهور قول زيد في الوكالة عنه في أداء دينه عرفا فيتبع هذا الظهور لا محالة.
للأصل بعد عدم حصول ما يوجب الخروج عن ملكه.
لقاعدة السلطنة بعد كونه باقيا على ملكه و عدم خروجه عنه.
للأصل بعد عدم حصول ما يوجب سقوطه.
لظهور عبارته في أنه إنفاذ لما يطلبه الوكيل عن الموكل.
أما براءة ذمته فلوصول الحق إلى صاحبه لفرض أن يد الوكيل في الأخذ كيد الموكل فيه فقد وصل الحق إلى الموكل بسبب توكيله الصحيح الحاصل منه، و أما أنه ليس له الاسترداد فلصيرورة المال ملكا للموكل بأخذ وكيله و ليس له أخذ ملك الغير إلا بإذنه.
(مسألة ۳۹): الوكيل أمين (۱٤۱) بالنسبة إلى ما في يده لا يضمنه (۱٤۲) إلا مع التفريط أو التعدي (۱٤۳) كما إذا لبس ثوبا توكل في بيعه أو حمل على دابة توكل في بيعها، لكن لا تبطل بذلك وكالته (۱٤٤) فلو باع الثوب بعد لبسه صح بيعه (۱٤٥) و إن كان ضامنا له لو تلف قبل أن يبيعه (۱٤٦) و بتسليمه إلى المشتري يبرأ عن ضمانه (۱٤۷).
لإجماع الفقهاء و بناء العقلاء.
لمنافاة الضمان للاستيمان نصا۱4، و إجماعا، و قد تكرر ذلك في كتاب الوديعة و الإجارة و غيرهما فراجع.
لقاعدة اليد بعد خروجها عن الأمانة و انقلابها إلى الخيانة للتعدي و التفريط.
للأصل بعد عدم اعتبار العدالة في الوكيل.
لفرض بقاء الوكالة فقد صدر البيع عن الوكيل الشرعي و لا بد من الصحة حينئذ.
لانقلاب يده من الأمانة إلى الخيانة.
لوصول الحق إلى أهله فلا يبقى موضوع للضمان.
(مسألة ٤۰): لو وكله في إيداع مال فأودعه بلا إشهاد فجحد الودعي لم يضمنه الوكيل (۱٤۸) إلا إذا وكله في أن يودعه عنده مع الإشهاد (۱٤۹) و كذا الحال فيما لو وكله في قضاء دينه فأداه بلا إشهاد و أنكر الدائن (۱٥۰).
للأصل بعد كون الوكالة في الإيداع مطلقة فلم يحصل من الوكيل التعدي أو التفريط حتى يضمن.
لتحقق التعبدي حينئذ، و كذا الحال لو كان في البين انصراف أو قرينة معتبرة على الاشهاد بحيث يسقط الإطلاق عن الظهور الإطلاقي.
الكلام فيه عين الكلام في سابقة من غير فرق.
(مسألة ٤۱): إذا وكله في بيع سلعة أو شراء متاع فإن صرّح يكون البيع أو الشراء من غيره أو بما يعم نفسه فلا إشكال (۱٥۱)، و إن أطلق و قال أنت وكيلي في أن تبيع هذه السلعة أو تشتري لي المتاع الفلاني فهل يعم نفس الوكيل فيجوز أن يبيع السلعة من نفسه أو يشتري له المتاع من نفسه أم لا؟ وجهان بل قولان أقواهما الأول (۱٥۲) و أحوطهما الثاني (۱٥۳).
لتعين الأول في الغير تصريحا و التصريح بالإطلاق في الثاني الشامل لنفسه و غيره و يصح كل منهما بلا إشكال، و كذا لو كان كل منهما بالظهور المعتبر و لو لم يكن تصريح في البين.
لشمول الإطلاق لنفسه أيضا كما قال به جماعة، و نسب إلى المشهور المنع لخبر معمر الزيات عن الصادق عليه السّلام قال: «جعلت فداك إني رجل أبيع الزيت يأتي من الشام فآخذ لنفسي مما أبيع؟ قال عليه السّلام: ما أحب لك ذلك، قال:
إني لست أنقص لنفسي شيئا مما أبيع، قال عليه السّلام: بعه من غيرك و لا تأخذ منه شيئا، أ رأيت لو أن رجلا قال لك: لا أنقصك رطلا من دينار كيف كنت تصنع؟ لا تقر به»۱٥، و لكنه يمكن استظهار الكراهة منه.
ظهر وجه الاحتياط مما مر.
(مسألة ٤۲): لو تعدى الوكيل في مورد الوكالة ثمَّ تاب و تلفت العين بعد التوبة فالأحوط الضمان (۱٥٤).
لتحقق الخيانة، و احتمال أن التوبة يذهبها و ان التضمين إنما هو في ظرف الخيانة دون ما بعد التوبة مشكل لكونه خلاف أنظار المتشرعة الملتزمين بدينهم و لذا نسب إلى المشهور الضمان مطلقا، و تقدم في الوديعة و العارية ما يناسب المقام فراجع.
(مسألة ٤۳): لو اشتبه الوكيل في مورد الوكالة و أوجب خسارة على الموكل ففي ضمانه وجه (۱٥٥).
لأن موضوع عدم تضمين الأمين إنما هو في مورد استلزم صحة انتسابه إلى الخيانة، و المفروض في المقام اتفاقهما على عدم الخيانة فيشمله إطلاق قاعدة اليد و التسبيب أو المباشرة.
(مسألة ٤٤): لو وكل وكيلين على وجه الاستقلالي في إخراج ما عليه من الحقوق الشرعية فأخرجها كل منهما بدفعها إلى مستحقه برئت ذمة الموكل بما دفعه الأول و له استرداد ما دفعه الثاني إن كان موجودا عند المستحق (۱٥٦)، و إذا كان تالفا فلا ضمان عليه كما لا ضمان على الوكيل أيضا (۱٥۷) و إن أخرجاه دفعة تخير بين الرجوع على كل من الفقيرين مع وجوده و مع تلفه لا ضمان (۱٥۸)، و هذا بخلاف ما لو كان عليه دين لشخص فوكل وكيلين في أدائه فأداه كل منهما فإن له أن يرجع بالزائد و لو مع التلف (۱٥۹).
أما براءة ذمة الموكل بدفع الأول للانطباق القهري فلا يبقى موضوع للحق حينئذ، و أما أن له استرداد ما دفعه الثاني فلقاعدة السلطنة.
لأصالة البراءة بعد كون التسبيب من قبل الموكل.
أما جواز الرجوع في صورة البقاء فلقاعدة السلطنة و أما عدم الجواز مع التلف فلأصالة البراءة.
لأن ما دفعه كان بإزاء طلبه و لم يكن بدون عوض فهو كما لو أعطاه أزيد من طلبه لأجل الاشتباه في الحساب فيجب رد الزائد بخلاف الحقوق الشرعية التي لم تكن بإزائها عوض فمع التلف ليس له الرجوع.
(مسألة ٤٥): تثبت الوكالة بالعلم و البينة و إقرار الموكل (۱٦۰) و لا يثبت بغير ذلك إلا إذا أفاد العلم (۱٦۱).
للإجماع بل الضرورة الفقهية في كل ذلك كما تقدم.
للأصل بعد عدم دليل على الثبوت بغير ما ذكر، و يأتي في كتاب الشهادات ما ينفع المقام.
(مسألة ٤٦) يجوز للمالك أن يوكل غير الأمين في مال نفسه دون مال غيره كمال القصر و الوقف و غيرهما (۱٦۲).
أما الأول فلقاعدة السلطنة إن لم ينطبق عليه عنوان السفاهة و أما الثاني فلعدم الولاية.
(مسألة ٤۷) لو اتفقا في أصل الوكالة و اختلفا في ما هو دائر بين المتباينين أو بين الأقل و الأكثر أو بين المطلق و المقيد يقدم قول الموكل (۱٦۳).
لأصالة عدم تعلق الوكالة بما يدعيه الوكيل إلا بعد إثباته بحجة شرعية و لأن الموكل أعرف في مورد الوكالة من غيره.
(مسألة ٤۸): لو اختلفا في العمل بمورد الوكالة فقال الموكل ما عملت فيه و قال الوكيل بل عملت بما وكلتني فيه يقدم قول الوكيل (۱٦٤).
لأنه أمين و قوله يقبل في ما ائتمن فيه إلا إذا ثبت خلافه بدليل معتبر.
(مسألة ٤۹): إذا وكله في شراء شيء و اختلفا في قدر الثمن فقال الوكيل اشتريته بكذا و قال الموكل اشتريته بأقل منه يقدم قول الوكيل (۱٦٥)، و كذا لو اختلفا في تصرف الوكيل و عمله بما وكل فيه من بيع أو شراء أو قبض حق أو وفاء دين أو نحو ذلك و عدمه يقدم قول الوكيل أيضا (۱٦٦).
لأنه أمين و أعرف بما فعله إلا أن يثبت المدعي خلافه بحجة شرعية، و لا وجه لإجراء أصالة عدم الزيادة مع ما دل على عدم تضمين الأمين۱٦.
لفرض استيمانه و ليس لمن استأمن الأمين أن يتهمه- كما في الحديث-۱۷ إلا بحجة معتبرة.
(مسألة ٥۰): لو اشترى الوكيل شيئا فقال الموكل اشتريته لي و قال الوكيل إنما اشتريته لغيرك أو لنفسي قدم قوله مع اليمين (۱٦۷).
لأنه أعرف بقصده إلا أن تكون حجة معتبرة على الخلاف. و أما اليمين فلفصل الخصومة.
(مسألة ٥۱): إذا اختلفا في الوكالة فالقول قول منكرها (۱٦۸)، و لو اختلفا في التلف أو في تفريط الوكيل فالقول قول الوكيل (۱٦۹)، وإذا اختلفا في دفع المال إلى الموكل فالظاهر أن القول قول الموكل (۱۷۰) خصوصا إذا كانت بجعل (۱۷۱)، و كذا الحال فيما إذا اختلف الوصي و الموصى له في دفع المال الموصى به إليه و الأولياء حتى الأب و الجد إذا اختلفوا مع المولّى عليه بعد زوال الولاية عليه في دفع ماله إليه فإن القول قول المنكر في جميع ذلك (۱۷۲). نعم، لو اختلف الأولياء مع المولّى عليهم في الإنفاق عليهم أو على ما يتعلق بهم في زمان ولايتهم فالظاهر أن القول قول الأولياء بيمينهم (۱۷۳).
للأصل و الاتفاق
لأصالة عدم التلف و أصالة الصحة في عمل المسلم و عدم صدور الخيانة منه.
لأصالة عدم الدفع كما في جميع الموارد التي تكون من هذا القبيل و هذا القول نسب إلى جماعة فلم يفرقوا بين صورة الجعل و غيرها في تقديم قول الموكل، كما في جميع الموارد التي يختلف فيها في الدفع و عدمه.
نسب الى المشهور التفصيل بين ما إذا كانت بجعل فيقدم قول الموكل و بينما إذا كانت بغير جعل فيقدم قول الوكيل، لأنه مع عدم الجعل محسن محض كالودعي فيدل على قبول قوله ما دل على قبول قول الودعي.
و إن كان بجعل فقد أخذ لمصلحة نفسه فيعمل حينئذ بحسب الأصل و قاعدة «أن اليمين على من أنكر» و فيه: أن مقتضى قاعدة اليد أن كل من كان في يده مال الغير لا بد و ان يثبت إيصاله إليه بطريق معتبر شرعي مطلقا بجعل كان أو غيره إلا ما خرج بالدليل، و لا دليل على الخروج في المقام و الودعي خرج بالدليل و هو الإجماع الخاص بها.
لأصالة عدم الدفع و مقتضى قاعدة اليد إثبات الدفع بطريق معتبر في جميع ذلك.
لظاهر الحال، و لأنهم المؤتمنون من اللّه تعالى و كان طرف النزاع هو اللّه تعالى، و ليست هذه الولاية بجعل من المولي عليه فيكفي يمينهم فيما بينهم و بين اللّه في قطع النزاع و الخصومة.
- سورة الأنعام: ۸۹.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب الوكالة حديث: ۱.
- سورة النساء: ۱4۱.
- راجع صفحة: ۱4٥.
- سنن البيهقي ج: ۷ كتاب الطلاق صفحة: ۳٦۰.
- الوسائل باب: ۳۹ من مقدمات الطلاق.
- راجع ج: ۱۷ صفحة: ۸.
- راجع الوسائل باب: ۱ و ۳ من أبواب الوكالة.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب الوكالة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب الوكالة حديث: ۱.
- المغني لابن قدامة ج: ٥ صفحة: ۲۰٥ كتاب الوكالة ط بيروت.
- راجع الوسائل باب: ۱۸ من أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوى.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوى حديث: ٦.
- راجع الوسائل باب: ۳ من أبواب الوديعة.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب آداب التجارة حديث: ۲.
- الوسائل باب: 4 من أبواب الوديعة.