للإجماع الكاشف عن أن النكاح بحكم المعاوضة من هذه الجهة و إن لم يكن مثلها من سائر الجهات، و يمكن استفادة ذلك من مجموع الآيات المباركة و الروايات بعد رد بعضها إلى بعض و تقتضيه المرتكزات أيضا إلا ان البحث من جهات:
الاولى: الاستمتاع من الزوجة إما متعارف و صحيح شرعا، و إما لا يجوز شرعا، و إما غير متعارف من دون نهي شرعي في البين، و لا ريب في تحقق النشوز بالنسبة إلى ترك الأول، كما لا ريب في عدم تحققه بالنسبة إلى الثاني، و أما الأخير فمقتضى الإطلاقات المرغّبة في إطاعة الزوجة لزوجها تحقق النشوز بالنسبة إلى المخالفة فيه أيضا.
الثانية: النشوز الذي هو عبارة عن عدم التمكين.
تارة: بالنسبة إلى أصل الوطي.
و اخرى: بالنسبة إلى مقدماته.
و ثالثة: بالنسبة إلى المرغّبات فيه مثل لبس الملابس الحسنة على ما يشتهيها الرجل و استعمال الارايح الطيبة و الألوان المفرحة.
و رابعة: بالنسبة إلى المنفرّات و في مخالفة كل ذلك يتحقق النشوز.
الثالثة: ملخص الأقوال في المقام ثلاثة:
الأول: كون التمكين واجبا على الزوجة مطلقا بلا ملاحظة العوضية فيه أبدا.
الثاني: كونه واجبا عليها بعوض الإنفاق و أن الإنفاق مشروط به.
الثالث: كون النشوز مانعا عن وجوب الإنفاق لا أن يكون التمكين شرطا لوجوبه، و جعلوا الثمرة بين الأخيرين أنه مع الشك في تحقق النشوز و عدمه يرجع إلى أصالة عدم تحقق المانع في الثالث بخلاف الثاني، فإنه حينئذ أمر وجودي لا بد من إحرازه، فلا يجري فيه الأصل، و المغروس في الأذهان العرفية و منهم المتشرعة هو الشرطية و ما ذكروه من الثمرة لا وجه لها، لأنه لا بد عند المنازعة و الخصومة من الرجوع إلى الحاكم الشرعي، و هو يفصل بينهما بعد التفحص عن الموضوع بما يقتضيه حكم اللّه تعالى.
الرابعة: مقتضى أصالة احترام المال و العمل التي هي من أهم الأصول النظامية العقلائية أن يكون بذل المال بعوض مطلقا إلا ما خرج بالدليل المعتبر، و الكل يشهد بأن الإنفاق من الزوج لا بد و أن يكون بإزاء استفادة منها و بعد إلغاء الشارع عوضية سائر الاستفادات غير التمكين يتعين ذلك.