اعلم أنه يشترط في إرث الشخص عن غيره العلم بحياة الوارث و لو كانت بطرفة عين، فإذا لم يحرز الحياة- و لو بلحظة- فلا ميراث لقاعدة: «ان الشك في الشرط شك في المشروط»، أو قاعدة: «انتفاء الحكم بانتفاء الشرط»، لأن الحياة غير معلومة، نعم قد تثبت الحياة بالأصول المقررة الشرعية، فيثبت المشروط لا محالة.
و الصور المتصورة في المقام خمسة:
فتارة: يعلم باقتران موت الوارث و المورّث كليهما.
و أخرى: يعلم بعدم الاقتران و المعية، و لكن اشتبه المتقدم و المتأخر، فلا يدرى المتقدم هو الأم مثلا أو البنت.
و ثالثة: يشتبه المعية و التقدم، فلا يدرى أنه اقترن موتهما أو كان أحدهما مقدما على الآخر.
و رابعة: زمان موت أحدهما معلوم، و لكن شكّ في زمان موت الآخر، هل انه مقدم عليه أو مؤخر؟
و خامسة: لا يعلم زمان موت أحدهما أصلا.
فهذه الصور حسب الشقوق العقلية و هناك صورة أخرى- و إن كانت خارجة عن المقام- و هي العلم بزمان موت الوارث، و كذلك زمان موت المورّث و لكن نسي كل منهما.
و أما الصورة الأولى: فمقتضى القاعدة- كما مرّ- عدم الإرث، لأن العلم بالاقتران و المعية يوجب عدم تحقق الشرط- و هو إحراز حياة الوارث بعد الموت- مضافا إلى الإجماع، فإن ثبت دليل تطمئن النفس به رفعنا اليد عن القاعدة، و خصصناها به، و إلا فالمتبع القاعدة.
أما الصورة الثانية: فإن أثبتنا تأخر الحادث، أي الموت في أحدهما بقرينة معتبرة- و لو بالاستعانة بالطب الجنائي إن حصل الاطمئنان من قول الطبيب- يعمل بها- و إلا لا يجري الأصل، للتعارض في كل منهما، كما هو واضح.
أما الصورة الثالثة: فإن علم زمان موت أحدهما بالخصوص، و شكّ في اقتران الآخر و التقدم، يجري الأصل، و إلا فلا مجال لجريانه، للتعارض، كما هو واضح. و لا تجري أصالة عدم التقارن، لأنها معارضة بأصالة عدم تأخر أحدهما عن الآخر، مضافا إلى كونه مثبتا.
أما الصورة الرابعة: فتجري أصالة تأخر الحادث، كما مر في الصورة الثالثة.
أما الصورة الخامسة: فلا مجال لجريان الأصل في كل منهما للتعارض، كما عرفت. هذا كله حسب الأصول.
و لكن النصوص المستفيضة دلّت على توارث بعضهم من بعض في الغرقى و المهدوم عليهم، مضافا إلى الإجماع، و بهما ترفع اليد عن القاعدة المتقدمة. و الأصول المقررة في مورد الشك. نعم في بعض صور الشك يرث بحسب الأصل، كما يأتي.