و هذا هو القسم الثاني من أقسام طرق إثبات الدعوى، كما تقدم۱.
البينة و اليمين و هي فيما إذا كانت الدعوى على الميت (۱).
(مسألة ۱): يعتبر في الدعوى على الميت مضافا إلى البينة الشرعية اليمين (۲)، فإن أقام البينة و لم يحلف سقط حقه (۳).
إجماعا، و نصوصا منها رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللَّه قال: قلت للشيخ (موسى بن جعفر) عليه السلام: «خبّرني عن الرجل يدعي قبل الرجل الحق فلم تكن له بينة بماله؟ قال: فيمين المدّعى عليه، فإن حلف فلا حق له، و إن رد اليمين على المدعي فلم يحلف فلا حق له، و إن كان المطلوب بالحق قد مات فأقيمت عليه البينة فعلى المدّعي اليمين باللّه الذي لا إله الا هو لقد مات فلان.
و إن حقه لعليه، فإن حلف و إلا فلا حق له، لأنا لا ندري لعله قد أوفاه ببينة لا يعلم موضعها أو غير بينة قبل الموت، فمن ثمَّ صارت عليه اليمين مع البينة فإن ادعى بلا بينة فلا حق له، لأن المدعي عليه ليس بحي، و لو كان حيا لألزم اليمين، أو الحق، أو يرد اليمين عليه فمن ثمَّ لم يثبت الحق»۲، إلى غير ذلك من الأخبار.
و يسمى هذا اليمين في اصطلاح الفقهاء ب (اليمين الاستظهاري)، و يمكن أن يستفاد ذلك من النص أيضا كما مر.
لتوقف ثبوت حقه عليهما معا، نصا و إجماعا، كما مر.
(مسألة ۲): الأحوط اختصاص ضم اليمين بالبينة بدعوى الدين على الميت (٤)، و ما هو بحكمه من الضمانات (٥)، أما لو ادعى عينا خارجية عليه تقبل البينة فيها بلا ضم اليمين (٦).
لأن المنساق من الأدلة، و المتيقن من الإجماع، الدين بقرينة ذكر «الحق» و «قد أوفاه» أو «عليه» كما مر.
و لكن إمكان كون ذلك من باب المثال أخذا لعموم العلة في موردها يوجب التردد.
لأنه من الدين، فيشمله الحديث.
لعموم أدلة حجية البينة- كما تقدم- و الشك في شمول ما مر من الأدلة في الدعوى على الميت، فيرجع إلى أصالة عدم التقييد.
(مسألة ۳): لا يلحق بالميت الطفل و المجنون و نحوهما مما ليس له قوة المخاصمة و البيان (۷).
لعمومات حجية البينة، و إطلاقاتها، و كون الاحتياج إلى اليمين خلاف الإطلاق، فيقتصر فيه على خصوص مورده.
و عن جمع الإلحاق لعموم العلة المذكورة في الرواية المتقدمة الشامل للجميع.
و فيه: أن احتمال الفرق بين الميت الذي انقطع أثره بالمرة و بين غيره، يكفي في عدم استفادة العلة المنحصرة، مع أن ما ورد عن الصادق عليه السلام في الغائب يكفي في التفرقة في الجملة، قال عليه السلام: «الغائب يقضى عليه إذا قامت عليه البينة، و يباع ماله، و يقضي عنه دينه، و هو غائب على حجته إذا قدم، و لا يدفع المال إلى الذي أقام البينة إلا بكفلاء»۳.
(مسألة ٤): لا فرق فيما تقدم بين ما إذا كان المدعي على الميت أجنبيا أو وارثا للميت أو وكيلا له أو وصيا له (۸)، فإن كان الوارث واحدا تكفي بينة و حلف واحد، و إن تعددوا لا بد لكل واحد من حلف مستقل، و إن اتحدت البينة فكل من حلف يثبت حقه و سقط حق الناكل (۹).
لصدق الدعوى على الميت في الجميع، فلا بد من ضم الحلف إلى البينة، فمع تحققهما تثبت، و مع فقدان إحداهما تسقط، سواء كان لنفسه أو عن غيره أو لغيره- كالوكيل- أو الولي و الوصي.
أما الأول: فلفرض كون المدعي واحدا، فالحق واحد.
و أما الثاني: فلفرض التعدد و انحلال الدليل إليهم، فكل من حلف يثبت حقه، و كل من نكل سقط حقه.
(مسألة ٥): إذا علم باشتغال ذمة الميت بالدين من شياع أو غيره من غير إقامة المدعي للدين البينة عليه لا يحتاج حينئذ إلى ضم الحلف (۱۰).
لظهور ما تقدم من الدليل في غير هذا الفرض.
هذا إذا علم بأنه مات مشغول الذمة، و أما إذا علم باشتغال ذمته في زمان حياته. و احتمل الوفاء و عدمه، فلا بد من إقامة البينة و ضم الحلف، كما تقدم.
(مسألة ٦): يجب ضم اليمين إلى البينة إذا شهدت البينة بإقرار المدعى عليه قبل موته بمدة لا يمكن فيها استيفاء الدين عادة (۱۱).
عملا بعموم التعليل في خصوص مورده، كما مر.
(مسألة ۷): لا بد و أن تكون اليمين عند الحاكم فلو قامت البينة عنده و أحلفه ثبت حقه و لا أثر لحلفه عند غيره (۱۲).
أما الأول: فلظهور الإجماع، و ما هو المنساق من الأدلة، كما يأتي.
و أما الأخير: فلأصالة عدم ترتب الأثر، سواء كان الحلف عند الوارث أم غيره.
(مسألة ۸): لو تعددت ورثة الميت و ادعى شخص على الميت كفى يمين واحد مع إقامة البينة بخلاف ما إذا تعدد ورثة المدعى (۱۳).
أما الأول: فلفرض أن المدعي واحد و المدعى عليه ميت واحد أيضا، فلا وجه للتعدد، بخلاف ورثة المدعى، لتعدد المدعي حينئذ، و تعدد الحق.
(مسألة ۹): هذا الحلف غير قابل للإسقاط، فلو أسقطها لا يسقط حتى لو كان بإسقاط وارث الميت (۱٤).
لأصالة عدم السقوط بعد عدم دليل على كونه من الحقوق القابلة للإسقاط، فلا يثبت حق المدعي بالبينة دون الحلف.
- تقدم في صفحة: ۸۸.
- الوسائل: باب 4 من أبواب كيفية الحكم.
- الوسائل: باب ۲٦ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۱.