إجماعا و تقتضيه السيرة المستمرة بين المسلمين في جميع الأعصار و الأمصار و التزامهم به نحو الالتزام بالواجبات.
و هي أمور: (الأول): أن يوضع الميت مستلقيا (۱). (الثاني): أن يكون رأسه إلى يمين المصلّي و رجلاه إلى يساره (۲).(الثالث): أن يكون المصلّي خلفه محاذيا له (۳)، لا أن يكون في أحد طرفيه إلّا إذا طال صف المأمومين (٤). (الرابع): أن يكون الميت حاضرا (٥)، فلا تصح على الغائب و إن كان حاضرا في البلد.(الخامس): أن لا يكون بينهما حائل- كستر أو جدار- و لا يضر كون الميت في التابوت و نحوه (٦). (السادس): أن لا يكون بينهما بعد مفرط على وجه لا يصدق الوقوف عنده إلّا في المأموم مع اتصال الصفوف. (السابع): أن لا يكون أحدهما أعلى من الآخر علوّا مفرطا. (الثامن): استقبال المصلّي القبلة (۷).(التاسع): أن يكون قائما (۸). (العاشر): تعيين الميت على وجه يرفع الإبهام، و لو بأن ينوي الميت الحاضر، أو ما عينه الإمام (۹). (الحادي عشر): قصد القربة (۱۰). (الثاني عشر): إباحة المكان (۱۱). (الثالث عشر): الموالاة بين التكبيرات و الأدعية على وجه لا تمحى صورة الصلاة (۱۲). (الرابع عشر): الاستقرار بمعنى عدم الاضطراب على وجه لا يصدق معه القيام (۱۳)، بل الأحوط كونه بمعنى ما يعتبر في قيام الصلوات الأخر (۱٤). (الخامس عشر): أن تكون الصلاة بعد التغسيل و التكفين و الحنوط، كما مرّ سابقا (۱٥). (السادس عشر): أن يكون مستور العورة إن تعذّر الكفن و لو بنحو حجر أو لبنة (۱٦). (السابع عشر): إذن الوليّ (۱۷).
لتسالم الأصحاب عليه فتوى و عملا. و في موثق عمار عن الصادق عليه السّلام: «أنّه سئل عمن صلّي عليه فلمّا سلّم الإمام فإذا الميت مقلوب رجلاه إلى موضع رأسه، قال عليه السّلام: يسوّى و تعاد الصلاة عليه، و إن كان قد حمل ما لم يدفن، فإن دفن فقد مضت الصلاة عليه، و لا يصلّى عليه و هو مدفون ۱.
و لكن المعهود المتعارف بين المتشرعة في وضع الجنازة حال الصلاة عليها هو كون رأسه إلى المغرب و رجليه إلى المشرق، و هذا هو المتيقن من مفاد النص و الإجماع و أما كون رأس الميت عن يمين المصلّي بحيث يكون موقفه محاذيا لما يلي الرأس، كما هو ظاهر التعبيرات، و يقتضيه استثناء المأموم- كما في الروضة و المدارك و غيرهما- فالأدلة قاصرة عن إثباته بل قاضية بخلافه، كما اعترف به جمع، لتعبير بعض المجمعين بكون رأسه إلى المغرب و رجليه إلى المشرق، فلا اعتماد لدعوى الإجماع على خصوص تعبير الفقهاء، فيستفاد منه و من المعهود المتعارف أنّ الوضع بهذه الكيفية وصف بحال ذات الميت لا أن يكون بلحاظ قيام المصلي.
ثمَّ إنّ وضع الميت هكذا، هل يكون له موضوعية خاصة، باعتبار لحاظ يمين المصلّي، أو إنّه طريق إلى الاستقبال في الواقع بحيث لو اضطجع الميت على يمينه لكان مستقبل القبلة؟ يظهر ممن عبّر بكون رأسه على يمين المصلّي الأول، و لكن تقدم أنّ استفادته من الأدلة مشكل. و يمكن أن يكون مراد الجميع هو الأخير، و إن قصرت العبارات عن بيانه.
للإجماع و استمرار العمل عليه من زمن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى الآن و يشهد له التأسي أيضا.
للسيرة المستمرة خلفا عن سلف بلا إنكار من أحد عليها. و لو عبّروا بكون الميت قدام المصلّي عرفا لما احتاجوا إلى الاستثناء.
عند علمائنا أجمع- كما في الجواهر- و عن المحقق الثاني الإجماع على أنّه لا يصلّى على البعيد بما يعتد به عرفا- و ما وقع من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالنسبة إلى النجاشي۲قضية في واقعة. مع أنّ في مضمرة زرارة ما يدل على أنّها كانت دعاء لا صلاة معهودة قال: «الصلاة على الميت بعد ما يدفن إنّما هو الدعاء. قال: قلت: فالنجاشي لم يصلّ عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله!! فقال: لا، إنّما دعا له»۳.
فتكون مثل صلاة الصادق عليه السّلام على عبد اللّه بن أعين ففي خبر ابن عيسى قال: «قدم أبو عبد اللّه عليه السّلام مكة فسألني عن عبد اللّه بن أعين، فقلت له: مات، قال: مات؟!! قلت: نعم، قال: فانطلق بنا إلى قبره نصلّي عليه، قلت: نعم، فقال: لا و لكن نصلّي عليه هاهنا، فرفع يديه يدعو و اجتهد في الدعاء و ترحم عليه»٤.
للإجماع فيه، و كذا في الشرط السادس و السابع، و استمرار العمل من الصدر الأول في كلّ طبقة، و التزامهم بوجود هذه الشروط نحو الالتزام بالواجبات، مضافا إلى ظواهر الأخبار المشتملة على الأدعية مثل قولهم عليهم السّلام: «اللهم إنّ هذا المسجى قدامنا أو (بين أيدينا)»٥ أو نحو ذلك مما لا يصح إلّا بالنسبة إلى من استجمع هذه الشرائط.
للإجماع المتكرر نقله، و السيرة المستمرة في كلّ عصر، و استنكار إتيانها إلى غير القبلة عند المتشرعة، بل تظهر مسلّمية الحكم في عصر الأئمة عليهم السّلام من بعض الروايات، كخبر جابر عن أبي جعفر عليه السّلام:
«قال: قلت: أرأيت إن فاتني تكبيرة أو أكثر، قال: تقضي ما فاتك. قلت: أستقبل القبلة؟ قال: و أنت تتبع الجنازة»٦.
للإجماع و السيرة، و اشتمال بعض الأخبار على لفظ القيام و الوقوف، كما يأتي.
لأنّ مقتضى ظواهر الأدلة وقوع الصلاة على الميت الخاص و لا يحصل ذلك إلّا بالقصد و هو لا يتعلق بالمبهم من حيث هو مبهم، فلا بدّ من التعيين، الإجمالي، لأصالة البراءة عن اعتبار الزائد عليه.
لأنّها عبادة إجماعا و كلّ عبادة متقوّمة بقصد القربة بالضرورة.
لما تسالموا عليه من بطلان العبادة في المكان المغصوب، و يأتي التفصيل في مكان المصلّي.
لأنّها عمل واحد له وحدة عرفية، و المنساق من الأدلة المحافظة على حفظ وحدة صورتها، و تقتضيها السيرة، و ظهور التسالم من الفقهاء.
فيرجع دليل اعتبار هذا الشرط إلى دليل اعتبار القيام.
أي الانتصاب و الاستقلال بدعوى: أنّ المنساق من القيام في المقام إنّما هو القيام المعتبر في الصلاة بجميع ما يعتبر فيه. و إثبات هذه الدعوى بالدليل مشكل، و لكنّه يكفي للاحتياط.
تقدم في [المسألة ۳] من الفصل السابق.
كما هو مقتضى موثق عمار، و مرسل محمد بن أسلم۷وتقدم الكلام فيه في المسألة الثالثة من الفصل السابق أيضا.
تقدم حكمه في [المسألة ۱] من الفصل السابق.
(مسألة ۱): لا يعتبر في صلاة الميت الطهارة من الحدث (۱۸) و الخبث (۱۹)، و إباحة اللباس (۲۰)، و ستر العورة (۲۱). و إن كان الأحوط اعتبار جميع شرائط الصلاة (۲۲)، حتّى صفات الساتر من عدم كونه حريرا أو ذهبا أو من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، و كذا الأحوط مراعاة ترك الموانع للصلاة، كالتكلم و الضحك و الالتفات عن القبلة (۲۳).
نصّا و إجماعا، فعن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في خبر ابن شاذان قال: «إنّما جوّزنا الصلاة على الميت بغير وضوء، لأنّه ليس فيها ركوع و لا سجود، و إنّما هي دعاء و مسألة، و قد يجوز أن تدعو اللّه و تسأله على أيّ حال كنت، و إنّما يجب الوضوء في الصلاة التي فيها ركوع و سجود»۸.
و في خبر يونس قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنازة أصلّي عليها على غير وضوء؟ فقال: نعم، إنّما هو تكبير و تسبيح و تحميد و تهليل»۹
للإجماع، و لما مر من إطلاق قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام:
«و قد يجوز أن تدعو اللّه و تسأله على أيّ حال كنت».
للإجماع، و لعدم اعتبار ستر العورة فيها حتّى يتعلق النهي بها من هذه الجهة، و ليست فيها حركة ركوعية و لا سجودية حتّى تتحد العبادة مع المنهيّ عنه فتبطل، و رفع اليد للتكبيرات مندوب و خارج عنها، فبطلانه لا يضر ببطلان الصلاة، فالنّهي عن التصرف في اللباس المغصوب خارج عن المأمور به جزءا و شرطا، فلا يوجب البطلان، كما ثبت في محلّه.
للأصل و الإطلاق، و الاتفاق.
جمودا على إطلاق الصلاة عليها، و لأنّ الاحتياط حسن على كلّ حال، و خروجا عن خلاف من أوجب بعض ذلك بلا دليل ظاهر عليه.
لما تقدم من وجه الاحتياط في سابقة.
(مسألة ۲): إذا لم يتمكن من الصلاة قائما أصلا يجوز أن يصلّي جالسا (۲٤)، و إذا دار الأمر بين القيام بلا استقرار و الجلوس مع الاستقرار يقدم القيام (۲٥)، و إذا دار الأمر بين الصلاة ماشيا أو جالسا يقدّم الجلوس (۲٦) إن خيف على الميت من الفساد مثلا، و إلّا فالأحوط الجمع (۲۷).
لعدم تعذر القيام عرفا حتّى ينتقل إلى بدله الذي هو الجلوس، إذ الاستقرار شرط في حال التمكن منه إجماعا لا أن يكون شرطا.
لقاعدة الميسور، و لأنّه إذا صح في الفريضة فهنا بالأولى.
لاحتمال كون الجلوس حينئذ أهم من القيام في ضمن المشي فلا موضوع للتخيير، لاحتمال أهمية الجلوس، و لا الجمع، لفرض خوف فساد الميت.
لقاعدة الاشتغال، و التمكن من الاحتياط بلا محذور في البين.
(مسألة ۳): إذا لم يمكن الاستقبال أصلا سقط (۲۸). و إن اشتبه صلّى إلى أربع جهات، إلّا إذا خيف عليه الفساد فيتخيّر. و إن كان بعض الجهات مظنونا صلّى إليه، و إن كان الأحوط الأربع (۲۹).
لانتفاء التكليف مع عدم القدرة على متعلقه.
لقاعدة الاشتغال مع ما ورد في الفريضة، و مع عدم التمكن من الصلاة إلى أربع جهات يصلّي بقدر ما يمكن، لقاعدة الميسور. و مع عدم التمكن إلّا من صلاة واحدة يختار المظنون، لأنّه راجح فلا يتحقق موضوع التخيير، و إلّا فيتخيّر قهرا بعد فقد وجود المرجح.
(مسألة ٤): إذا كان الميت في مكان مغصوب و المصلّي في مكان مباح صحت الصلاة (۳۰).
للأصل بعد عدم دليل على اشتراط إباحة مكان الميت، و عدم دليل على اشتراط صحة الصلاة بإباحة مكان الميت.
(مسألة ٥): إذا صلّى على ميتين بصلاة واحدة و كان مأذونا من وليّ أحدهما دون الآخر أجزأ بالنسبة إلى المأذون فيه دون الآخر (۳۱).
لتحقق الشرط بالنسبة إلى المأذون دون غيره، فتنطبق الصحة بالنسبة إليه قهرا بعد وجود المقتضي و فقد المانع، و قصد التشريك لا يكون مانعا، للأصل و الإطلاق.
(مسألة ٦): إذا تبيّن بعد الصلاة أنّ الميت كان مكبوبا وجب الإعادة (۳۲) بعد جعله مستلقيا على قفاه.
لبطلان الصلاة مع فقد الشرط، و قد تقدم في موثق عمار أيضا۱۰، فراجع.
(مسألة ۷): إذا لم يصلّ على الميت حتّى دفن يصلّى على قبره (۳۳). و كذا إذا تبيّن بعد الدفن بطلان الصلاة من جهة من الجهات (۳٤).
للإطلاقات الدالة على وجوبها، و ظهور الاتفاق، و الاستصحاب أيضا، و لصحيح ابن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «لا بأس أن يصلّي الرجل على الميت بعد ما يدفن»۱۱.
و في خبر ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «إذا فاتتك الصلاة على الميت حتّى يدفن فلا بأس بالصلاة عليه و قد دفن»۱۲
و ما يظهر منه سقوط الصلاة بعد الدفن مثل قول الصادق عليه السّلام في موثق عمار: «و لا يصلّى عليه و هو مدفون»۱۳.
و في خبر يونس بن ظبيان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه قال:
«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يصلّى على قبر، أو يقعد عليه، أو يبنى عليه»۱٤. محمول على عدم جواز تأخير الصلاة عمدا إلى الدفن، لا أن يدل على عدم مشروعية الصلاة بعد الدفن حتّى لو تركت لعذر، و يأتي في [المسألة ۱۷] تتمة الكلام.
لأنّ ما وقعت كأن لم تكن فتجب الصلاة عليه للعمومات، و حيث إنّه دفن فيصلّى على قبره.
(مسألة ۸): إذا صلّي على القبر ثمَّ خرج الميت من قبره بوجه من الوجوه فالأحوط إعادة الصلاة عليه (۳٥).
لأنّه لا يبعد أن يكون إجزاء الصلاة على القبر ما داميا لا دائميا.
(مسألة ۹): يجوز التيمم لصلاة الجنازة و إن تمكن من الماء، و إن كان الأحوط الاقتصار على صورة عدم التمكن من الوضوء أو الغسل أو صورة خوف فوت الصلاة منه (۳٦).
أما الأول فلإطلاق خبر سماعة: «سألته عن رجل مرت به جنازة و هو على غير وضوء، كيف يصنع؟ قال: يضرب بيديه على حائط اللبن فليتيمم به»۱٥.
و أما الاحتياط فلخبر الحلبي: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل تدركه الجنازة و هو على غير وضوء فإن ذهب يتوضأ فاتته الصلاة. قال عليه السّلام: يتيمم و يصلّي»۱٦.
و ثبت في محله عدم التقييد في المندوبات، بل تحمل القيود على مراتب الفضل، كما جرت عليه سيرة الفقهاء.
(مسألة ۱۰): الأحوط ترك التكلم في أثناء الصلاة على الميت، و إن كان لا يبعد عدم البطلان به (۳۷).
جمودا على إطلاق لفظ الصلاة عليها، و لالتزام المتشرعة خلفا عن سلف، و هو يكفي للاحتياط و إن لم يكف للإيجاب، مع إمكان أن يقال: إنّ المستفاد من الأدلة أنّ لها وحدة اتصالية عرفية تنقطع بالتكلم في الأثناء.
(مسألة ۱۱): مع وجود من يقدر على الصلاة قائما، في إجزاء صلاة العاجز عن القيام جالسا إشكال، بل صحتها أيضا محلّ إشكال (۳۸).
للشك في شمول التكليف الكفائي للعاجز مع وجود القادر على التكليف الاختياري فعلا، إذ يحتمل أن يكون التكليف الكفائي كالتكليف التخييري في أنّه مع العجز عن أحد الطرفين يتعيّن الطرف الآخر إلّا أنّه في التكليف التخييري يكون التخيير في المكلّف به وهنا في المكلّف. و منه يظهر الإشكال في صحتها، إذ لا أمر بالنسبة إليها حينئذ للعاجز حتّى تصح.
(مسألة ۱۲): إذا صلّى عليه العاجز عن القيام جالسا باعتقاد عدم وجود من يتمكن من القيام ثمَّ تبيّن وجوده، فالظاهر وجوب الإعادة، بل و كذا إذا لم يكن موجودا من الأول لكن وجد بعد الفراغ من الصلاة (۳۹). و كذا إذا عجز القادر القائم في أثناء الصلاة فتمّمها جالسا فإنّها لا تجزي عن القادر، فيجب عليه الإتيان بها قائما (٤۰).
لما تقدم في المسألة السابقة، و جزمه (رحمه اللّه) هنا بالإعادة مع إشكاله في المسألة السابقة لا يخلو من تهافت.
لأنّ العجز المعتبر في انقلاب التكليف الاختياري إلى الاضطراري إنّما هو العجز الثابت المستقر لا الزائل حتّى مع التمكن من الإتيان بالمأمور به جامعا للشرائط.
(مسألة ۱۳): إذا شك في أنّ غيره صلّى عليه أم لا بنى على عدمها، و إن علم بها و شك في صحتها و عدمها حمل على الصحة، و إن كان من صلّى عليه فاسقا (٤۱). نعم، لو علم بفسادها وجب الإعادة و إن كان المصلّي معتقدا للصحة و قاطعا بها (٤۲).
أما الأول فلأصالة عدم الإتيان. و أما الثاني فلقاعدة الصحة، و لا تعتبر في مجريها العدالة، لشمول أدلتها لكلّ مسلم.
لاختصاص حجية قطع كلّ أحد بالنسبة إلى نفسه دون غيره إلّا إذا كان الغير مقلّدا له فيكون حجة له أيضا من جهة التقليد.
(مسألة ۱٤): إذا صلّى أحد عليه معتقدا بصحتها بحسب تقليده أو اجتهاده لا يجب على من يعتقد فسادها بحسب تقليده أو اجتهاده (٤۳). نعم، لو علم علما قطعيا ببلاطنها وجب عليه إتيانها و إن كان المصلّي أيضا قاطعا بصحتها (٤٤).
لوقوع العمل صحيحا بحسب الحكم الشرعي فيجزي قهرا، و لا وجه لشمول أدلة الوجوب لمن يعتقد بالفساد، لعدم الموضوع لها بعد حكم الشارع بالصحة، و لو شك في شمولها بالنسبة إليه فلا وجه للتمسك بها لأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، كما لا وجه لاستصحاب الوجوب بعد سقوط الموضوع بالإجزاء القهري فيكون المرجع أصالة البراءة و لكن الأحوط له الإتيان.
تقدم حكمه في المسألة السابقة.
(مسألة ۱٥): المصلوب بحكم الشرع لا يصلّى عليه قبل الإنزال (٤٥)، بل يصلّى عليه بعد ثلاثة أيام بعد ما ينزل، و كذا إذا لم يكن بحكم الشرع، لكن يجب إنزاله فورا و الصلاة عليه (٤٦) و لو لم يمكن إنزاله يصلّى عليه و هو مصلوب مع مراعاة الشرائط بقدر الإمكان (٤۷).
لقول الصادق عليه السّلام في رواية السكوني: «إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام صلب رجلا بالحيرة ثلاثة أيام ثمَّ أنزله في اليوم الرابع فصلّى عليه و دفنه»۱۷.
و عنه عليه السّلام أيضا: «المصلوب ينزل من الخشبة بعد ثلاثة أيام و يغسّل و يدفن، و لا يجوز صلبه أكثر من ثلاثة أيام»۱۸.
لأنّ وجوب إنزاله فورا يكون مقدمة لتغسيله و الصلاة عليه و دفنه، إذ لم يرد فيه تحديد بثلاثة أيام، لأنّه في المصلوب الشرعي، كما هو واضح.
لأنّ الميسور لا يسقط بالمسعور، و عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في خبر أبي هاشم في الصلاة على المصلوب: «إن كان وجه المصلوب إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن، و إن كان قفاه إلى القبلة فقم على منكبه الأيسر، فإنّ ما بين المشرق و المغرب قبلة، و إن كان منكبه الأيسر إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن، و إن كان منكبه الأيمن إلى القبلة فقم على منكبه الأيسر، و كيف كان منحرفا فلا تزايلنّ مناكبه- الحديث-»۱۹.
و هو يدل على مراعاة منكب المصلوب في الصلاة عليه، و مراعاة القبلة الاختيارية مع الإمكان، و إلّا فالقبلة الاضطرارية و هي ما بين المشرق و المغرب لا تحتاج إلى هذه الكلفة.
(مسألة ۱٦): يجوز تكرار الصلاة على الميت، سواء اتحد المصلّي أو تعدد (٤۸) لكنّه مكروه (٤۹)، إلّا إذا كان الميت من أهل العلم و الشرف و التقوى (٥۰).
لأصالة الجواز، و ظهور الاتفاق، و الإطلاق خصوصا قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الموثق: «الميت يصلّى عليه ما لم يوار في التراب و إن كان قد صلّي عليه»۲۰.
و في موثق يونس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن الجنازة لم أدركها حتّى بلغت القبر أصلّي عليها؟ قال: إن أدركتها قبل أن تدفن فإن شئت فصلّ عليها»۲۱.
و في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لما توفي قام عليّ عليه السّلام على الباب فصلّى عليه، ثمَّ أمر الناس عشرة عشرة يصلّون عليه ثمَّ يخرجون»۲۲.
و نحو ذلك غيرها من الروايات.
لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «لا يصلّى على جنازة مرتين»۲۳، و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «إنّ الجنازة لا يصلّى عليها مرتين، ادعوا لها و قولوا: خيرا»۲٤.
المحمول على الكراهة جمعا و إجماعا.
و عن بعض عدم الكراهة في التكرار مطلقا، حملا لما دل على النهي عنه على التقية مع قصور السند، بل عن بعض استحباب التكرار مطلقا لأنّها ليست إلّا الدعاء و التحميد و الشهادة و الثناء و كلّ ذلك مطلوب و مرغوب و الإطلاق و العموم يقتضيه، و العرف و العادة يرتضيه.
تأسيا بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله حيث كرر الصلاة على حمزة و فاطمة بنت أسد، و إنّ عليا عليه السّلام كررها على سهل بن حنيف۲٥.
(مسألة ۱۷): يجب أن تكون الصلاة قبل الدفن (٥۱)، فلا يجوز التأخير إلى ما بعده (٥۲). نعم، لو دفن قبل الصلاة- عصيانا أو نسيانا، أو لعذر آخر- أو تبيّن كونها فاسدة- و لو لكونه حال الصلاة عليه مقلوبا- لا يجوز نبشه (٥۳) لأجل الصلاة، بل يصلّى على قبره (٥٤)مراعيا للشرائط من الاستقبال و غيره، و إن كان بعد يوم و ليلة، بل و أزيد أيضا (٥٥)، إلّا أن يكون بعد ما تلاشى و لم يصدق عليه الشخص الميت، فحينئذ يسقط الوجوب، و إذا برز بعد الصلاة عليه بنبشغيره فالأحوط إعادة الصلاة عليه.
للإجماع، و السيرة، و التأسي، و ظواهر الأدلة مثل قول الصادق عليه السّلام في موثق عمار: «و لا يصلى عليه و هو مدفون»۲٦.
المحمول على عدم جواز التأخير تكليفا- لا عدم الصحة لو أخر- بقرينة غيره، كما يأتي.
لأنّه لا معنى لوجوب شيء إلّا أنّ تركه حرام، لكنّها حرمة نفسية محضة لا أن تكون غيرية، و في الجواهر: «لا خلاف في عدم جواز التأخير إلى الدفن اختيارا، بل الإجماع بقسميه عليه، بل كاد يكون ضرورة».
لما يأتي في [المسألة ٦] من فصل مكروهات الدفن.
للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق و النص، كقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سالم: «لا بأس أن يصلّي الرجل على الميت بعد ما يدفن»۲۷.
و قوله عليه السّلام أيضا: «إذا فاتتك الصلاة على الميت حتّى يدفن فلا بأس بالصلاة عليه و قد دفن»۲۸.
و عنه عليه السّلام: «كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إذا فاتته الصلاة على الجنازة صلّى على قبره»۲۹.
و بإزاء هذه الأخبار ما يظهر منه المنع، كخبر يونس بن ظبيان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه قال: «نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أن يصلّى على قبر، أو يقعد عليه أو يبنى عليه»۳۰.
و فيه:- مضافا إلى قصور سنده- إجمال متنه، إذ يحتمل أن يراد منه غير صلاة الجنازة، مع أنّه يحمل على مطلق المرجوحية و مرسل ابن أسلم قال:
«قلت للرضا عليه السّلام: يصلّى على المدفون بعد ما يدفن؟ قال: لا، لو جاز لأحد لجاز لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قال: بل لا يصلّى على المدفون بعد ما يدفن، و لا على العريان»۳۱.
و فيه:- مضافا إلى قصور السند- إمكان حمله على مطلق المرجوحية و أقلية الثواب و كصحيح ابن مسلم قال: «الصلاة على الميت بعد ما يدفن إنّما هو الدعاء قال: قلت: فالنجاشي لم يصلّ عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؟ فقال: لا، إنّما دعا له»۳۲.
و خبر جعفر بن عيسى قال: قدم أبو عبد اللّه عليه السّلام مكة فسألني عن أو عبد اللّه بن أعين، فقلت: مات، قال: مات؟!! قلت: نعم، قال: فانطلق بنا إلى قبره حتّى نصلّي عليه، قلت: نعم، فقال: لا و لكن نصلّي عليه هاهنا، فرفع يديه يدعو و اجتهد في الدعاء و ترحم عليه»۳۳.
و موثق عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «و لا يصلّى عليه و هو مدفون»۳٤.
و فيه: أنّ الأخبار السابقة كالنص في جواز الصلاة المعهودة على القبر، و جوازها يلزم الوجوب لو لم يصلّ عليه. و بعض الأخبار ظاهر في أنّها بمعنى مطلق الدعاء، و الترجيح مع تلك الأخبار للنصوصية و عمل المشهور بحيث تعد هذه الأخبار من الشواذ، و تحمل بقية الأخبار على مطلق أقلية الثواب جمعا و إجماعا، على أنّ مثل هذه الأخبار إرشاد إلى الاهتمام بحضور صلاة الجنازة قبل الدفن، فعلى هذا يشكل استفادة المرجوحية المطلقة بعد الدفن أيضا.
و الحاصل: أنّ الصلاة المعهودة مشروعة بعد الدفن بالنسبة إلى من صلّي عليه فضلا عمن لم يصلّ عليه فإنّها واجبة عليه، هذا حكم من لم يصلّ عليه.
و أما من صلّي عليه فيأتي في المسألة التالية.
لأنّه لم يرد تحديد بيوم و ليلة، أو إلى ثلاثة أيام، أو ما لم يتغير في شيء من النصوص فمقتضى الأصل و الإطلاق جوازها مطلقا إلّا مع عدم صدق الصلاة على الميت عرفا، أو صحة دعوى الانصراف- كما ادعي عمن مضت عليه يوم و ليلة- و هو من مجرد الدعوى. فما نسب إلى الشيخين بل المشهور من التحديد باليوم و الليلة، و إلى سلار من ثلاثة أيام، و إلى ابن الجنيد بما لا يتغيّر كلّها بلا دليل إلّا إذا صح الانصراف المستقر المحاوري.
(مسألة ۱۸): الميت المصلّى عليه قبل الدفن يجوز الصلاة على قبره أيضا (٥٦) ما لم يمض أزيد من يوم و ليلة، و إذا مضى أزيد من ذلك فالأحوط الترك (٥۷).
للعمومات الدالة على أنّها دعاء و مسألة و استغفار للميت، و إطلاق ما تقدم من الأخبار مثل قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا فاتتك الصلاة على الميت حتّى يدفن فلا بأس بالصلاة عليه و قد دفن»۳٥.
خروجا عن خلاف المشهور حيث نسب إليهم التحديد باليوم و الليلة، و تقدم أنّه لا دليل لهم عليه، و الأحوط الإتيان بعنوان الرجاء.
(مسألة ۱۹): يجوز الصلاة على الميت في جميع الأوقات بلا كراهة، حتّى في الأوقات التي يكره النافلة فيها عند المشهور، من غير فرق بين أن تكون الصلاة على الميت واجبة أو مستحبة (٥۸).
لإطلاق النص و الإجماع، قال أبو جعفر عليه السّلام في صحيح ابن مسلم: «يصلّى على الجنازة في كلّ ساعة، إنّها ليست بصلاة ركوع و سجود»۳٦.
و قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «لا بأس بالصلاة على الجنائز حين تغيب الشمس و حين تطلع، إنّما هي استغفار»۳۷.
و قول الرضا عليه السّلام: «الصلاة على الميت إنّما هي حق يؤدّى، و جائز أن تؤدّى الحقوق في أيّ وقت كان إذا لم يكن الحق مؤقتا»۳۸.
(مسألة ۲۰): يستحب المبادرة إلى الصلاة على الميت و إنكان في وقت فضيلة الفريضة (٥۹)، و لكن لا يبعد ترجيح تقديم وقت الفضيلة مع ضيقه (٦۰). كما أنّ الأولى تقديمها على النافلة و على قضاء الفريضة (٦۱). و يجب تقديمها على الفريضة- فضلا عن النافلة- في سعة الوقت إذا خيف على الميت من الفساد (٦۲) و يجب تأخيرها عن الفريضة مع ضيق وقتها و عدم الخوف على الميت (٦۳)، و إذا خيف عليه مع ضيق وقت الفريضة تقدم الفريضة، و يصلّى عليه بعد الدفن (٦٤). و إذا خيف عليه من تأخير الدفن مع ضيق وقت الفريضة يقدم الدفن (٦٥) و تقضى الفريضة و إن أمكن أن يصلّي الفريضة مؤميا صلّى، و لكن لا يترك القضاء أيضا.
لخبر جابر قلت لأبي جعفر عليه السّلام: «إذا حضرت الصلاة على الجنازة في وقت مكتوبة فبأيّهما أبدأ؟ فقال عليه السّلام: عجل الميت إلى قبره، إلّا أن تخاف أن يفوت وقت الفريضة، و لا تنتظر بالصلاة على الجنازة طلوع الشمس و لا غروبها»۳۹.
و هو موافق لقاعدة تقديم الأهم أو محتمل الأهمية.
لأنّ الوقت لها بالأصالة و لأهميتها بالنسبة إلى صلاة الجنازة، و لإطلاق ما تقدم من قوله عليه السّلام: «إلّا أن تخاف أن تفوت وقت الفريضة» الشامل لفوت وقت فضيلتها أيضا، و لقول الصادق عليه السّلام: «إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فابدأ بها قبل الصلاة على الميت، إلّا أن يكون الميت مبطونا أو نفساء أو نحو ذلك»4۰.
المحمول على فوت وقت الفضيلة جمعا بينه و بين ما تقدم من خبر جابر، بل يدل عليه ظاهر صحيح عليّ بن جعفر عن أخيه قال عليه السّلام: «إذا وجبت الشمس فصلّ المغرب ثمَّ صلّ على الجنائز»4۱.
لأنّها إذا قدمت على الفريضة فيكون تقديمها على النافلة و على القضاء بالأولى، و يقتضيه ما ورد من الأمر بالتعجيل بالنسبة إلى الأموات.
لكون صلاة الجنازة حينئذ مضيقة بالنسبة إليهما، و لا ريب في تقديم المضيق على غيره عند الدوران، و لقاعدة تقديم الأهم في المتزاحمين.
لأهمية مراعاة الفريضة حينئذ عن الصلاة على الجنازة فتؤخر الصلاة على نفس الجنازة مع الإمكان و تقدم الفريضة عليها لقاعدة تقديم الأهم على المهم عند الدوران.
لأنّ مراعاة وقت الفريضة أهم من مراعاة الصلاة على نفس الجنازة فيصلّي على قبره حينئذ.
كما عن المحقق الثاني و صاحب الجواهر (قدّس سرّهما) لاحتمال أهميته من جهة اشتماله على حق الناس و حق اللّه تعالى معا، بخلاف الصلاة فإنّها من حق اللّه تعالى فقط فيقدم ما فيه جهتان من الترجيح على ما فيه جهة واحدة.
(مسألة ۲۱): لا يجوز على الأحوط إتيان صلاة الميت في أثناء الفريضة و إن لم تكن ماحية لصورتها، كما إذا اقتصر على التكبيرات و أقلّ الواجبات من الأدعية في حال القنوت مثلا (٦٦).
وجه المنع أنّ ذلك خلاف المأنوس بين المتشرعة. و قال في الجواهر: «إنّي لم أجد نصّا لأحد من أصحابنا، بل يمكن دعوى ظهور النصوص و الفتاوى في عدم اجتماعهما» فتأمل جيدا.
و وجه الجواز إطلاق ما دل على أنّها دعاء و استغفار و لا ريب في جوازهما في الصلاة مطلقا خصوصا إن قلنا بجواز الدعاء مع مخاطبة الغير و يأتي في [المسألة ۱۳] من فصل مبطلات الصلاة و طريق الاحتياط واضح.
(مسألة ۲۲): إذا كان هناك ميتان يجوز أن يصلّى على كلّ واحد منهما منفردا، و يجوز التشريك (٦۷) بينهما في الصلاة فيصلّي صلاة واحدة عليهما، و إن كانا مختلفين في الوجوب و الاستحباب (٦۸)، و بعد التكبير الرابع يأتي بضمير التثنية، هذا إذا لم يخف عليهما أو على أحدهما من الفساد، و إلّا وجب التشريك، أو تقديم من يخاف فساده (٦۹).
للأصل و الإطلاق و ظهور الاتفاق، و ما ورد من التسهيل في صلاة الميت- كما يأتي- و لإطلاق ما دل على أنّها دعاء و مسألة و استغفار، و لا ريب في جواز التشريك فيها بين الأحياء و الأموات أو بالاختلاف و لما يأتي من النصوص في المسألة اللاحقة.
لعدم اعتبار قصدهما، و على فرض الاعتبار يصح اتصاف شيء واحد بهما من جهتين، كما مر في مباحث الوضوء.
لكون المقام من المتزاحمين اللذين يكون الترجيح في أحدهما، و قد يكون في التشريك، و ربما يكون التقديم بحسب الخصوصيات الخارجية التي ليست هي منضبطة بضابط خاص.
(مسألة ۲۳): إذا حضر في أثناء الصلاة على الميت ميت آخر يتخيّر المصلّي بين وجوه (۷۰): (الأوّل): أن يتم الصلاة على الأول، ثمَّ يأتي بالصلاة على الثاني. (الثاني): قطع الصلاة و استئنافها بنحو التشريك. (الثالث): التشريك في التكبيرات الباقية، و إتيان الدعاء لكلّ منهما بما يخصه، و الإتيان ببقية الصلاة للثاني بعد تمام صلاة الأول. مثلا: إذا حضر قبل التكبير الثالث يكبّر و يأتي بوظيفة صلاة الأول- و هي الدعاء للمؤمنين و المؤمنات- و بالشهادتين لصلاة الميت الثاني، و بعد التكبير الرابع يأتي بالدعاء للميت الأوّل و بالصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للميت الثاني، و بعد الخامسة تتم صلاة الأول و يأتي للثاني بوظيفة التكبير الثالث، و هكذا يتم بقية صلاته. و يتخير في تقديم (۷۱) وظيفة الميت الأول أو الثاني بعد كلّ تكبير مشترك. هذا مع عدم الخوف على واحد منهما، و أما إذا خيف على الأول يتعيّن الوجه الأول، و إذا خيف على الثاني يتعيّن الوجه الثاني أو تقديم الصلاة على الثاني بعد القطع، و إذا خيف عليهما معا يلاحظ قلّة الزمان في القطع و التشريك بالنسبة إليهما إن أمكن، و إلّا فالأحوط عدم القطع.
منشؤها الأصل و الإطلاقات المستفاد منها أنّ الأمر بالصلاة على الأموات إنّما هو لإيجاد طبيعتها على جنس الميت اتحد أو تعدد، كان الصنف متحدا أو لا، و أصالة جواز قطع صلاة الميت مطلقا و تبديلها كيفما شاء، و خصوص صحيح عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «في قوم كبّروا على جنازة تكبيرة أو اثنتين و وضعت معها أخرى، كيف يصنعون؟ قال عليه السّلام:
إن شاؤوا تركوا الأولى حتّى يفرغوا من التكبير على الأخيرة، و إن شاؤوا رفعوا الأولى و أتموا ما بقي على الأخيرة، كلّ ذلك لا بأس به»٤۲.
و المراد بالجملة الأولى استئناف صلاة مستقلة عليهما، كما أنّ المراد بالجملة الأخيرة إتمام الصلاة على الأولى ثمَّ إتيان الصلاة على الأخيرة. و يستفاد من قوله عليه السّلام: «كلّ ذلك لا بأس به» بقرينة ما ذكرناه من الأصل و الإطلاق أنّ ذكره عليه السّلام للصورتين إنّما هو من باب المثال لا الخصوصية. فيصح التشريك في بقية التكبيرات، للأصل و الإطلاقات الدالة على أنّها دعاء و مسألة، و لو لم تكن هذه الصحيحة لكنا نقول بمفادها بحسب الأصل و الإطلاق، و القاعدة. هذا مع عدم جهة خارجية في البين توجب تعين نحو خاص، و إلّا فهو المتبع قهرا.
هذا التخيير عقلي بعد فقد المرجح.
(۱) الوسائل باب: ۱۹ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.
(۲) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱۰.
(۳) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٥.
(٤) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٤.
(٥) راجع الوسائل باب: ۲ من أبواب الصلاة على الميت حديث: ٥.
(٦) الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الصلاة على الميت حديث: ٤.
(۷) الوسائل باب: ۳٦ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱ و ۲.
(۸) الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۷.
(۹) الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۳.
(۱۰) تقدم في صفحة: ۱۰۷.
(۱۱) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.
(۱۲) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۲.
(۱۳) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث ۷.
(۱٤) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث ٦.
(۱٥) الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٥.
(۱٦) الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٦.
(۱۷) الوسائل باب: ٥ من أبواب حد المحارب حديث: ۱.
(۱۸) الوسائل باب: ٥ من أبواب حد المحارب حديث: ۲.
(۱۹) الوسائل باب: ۳٥ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.
(۲۰) الوسائل باب: ٦ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱۹
(۲۱) الوسائل باب: ٦ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۲۰
(۲۲) الوسائل باب: ٦ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۲
(۲۳) الوسائل باب: ٦ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۲٤
(۲٤) الوسائل باب: ٦ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۲۳.
(۲٥) راجع الوسائل باب: ٦ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.
(۲٦) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۷.
(۲۷) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.
(۲۸) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۲.
(۲۹) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۳.
(۳۰) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٦.
(۳۱) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۸.
(۳۲) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٥.
(۳۳) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٤.
(۳٤) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۷.
(۳٥) الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۲.
(۳٦) الوسائل باب: ۲۰ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۲.
(۳۷) الوسائل باب: ۲۰ من أبواب صلاة الجنازة حديث ۱.
(۳۸) الوسائل باب: ۲۰ من أبواب صلاة الجنازة حديث ٤.
(۳۹) الوسائل باب: ۳۱ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۲.
(٤۰) الوسائل باب: ۳۱ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.
(٤۱) الوسائل باب: ۳۱ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۳.
(٤۲) الوسائل باب: ۳٤ من أبواب الصلاة على الميت حديث: ۱.