لأنّه بعد جريان استصحاب وجوب الوضوء، وأصالة عدم موجب الغسل. ينحل بهما العلم الإجمالي بلا فرق في ذلك بين كون الحالة السابقة على البول الطهارة، أو الحدث الأصغر، أو كونها مجهولة. وإن كانت الحالة السابقة عليه الجنابة، يجب الغسل فقط، كما مرّ. وما قلناه مطرد في العلم الإجمالي في جميع موارده، ويمكن أن يجعل قاعدة: وهي أنّ كل علم إجماليّ جرى في أحد طرفيه الأصل النافي وفي الطرف الآخر الأصل المثبت، لا تنجز له كما في المقام، فيجري استصحاب وجوب الوضوء، وأصالة عدم موجب الغسل.
و لنا أن ندخل المقام في الأقل والأكثر بأن يقال: إنّ الطهارة الوضوئية واجبة قطعا، وإنّما الشك في الزائد عليها، فينفى بالأصل، بلا فرق في ذلك كله بين كون الطهارة الحاصلة من الوضوء والغسل من الضدين، أو المثلين، أو مختلفين شدة وضعفا، مع كونهما من مراتب حقيقة واحدة.
و يدل على المقام صحيح ابن مسلم: «قال: سألته عن رجل لم ير في منامه شيئا، فاستيقظ، فإذا هو بلل. قال: ليس عليه غسل»(۱۰).
و في خبر أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصيب بثوبه منيا، ولم يعلم أنّه احتلم؟ قال: ليغسل ما وجد بثوبه وليتوضأ»(۱۱).
المحمول على الثوب المشترك، أو على ما إذا كان مختصا به، ولكن احتمل أنّه كان من جنابة سابقة اغتسل منها.
فروع- (الأول): لا فرق في استحباب الاستبراء بعد البول بين ما إذا كان كثيرا، أو قليلا ولو بقدر قطرة، للإطلاق.
(الثاني): لا موضوع للاستبراء بالنسبة إلى من لا تنقطع قطرات بوله لمرض كان أو غيره.
(الثالث): لا فرق في نفس الاستبراء بين كونه في حال القعود، أو القيام، أو الاضطجاع، أو نحوها. نعم، الأولى أن يكون في حال القعود، كما يقعد للغائط. ويمكن أن يستفاد ذلك مما ورد في الاستنجاء(۱۲).
(الرابع): لا فرق فيه بين الكبير، والصغير، والمميّز وغيره إن استبرأه شخص آخر، للإطلاق. وتطهر الثمرة في البلل المشتبه على ما يأتي.