إجماعا و نصوصا- تقدم بعضها- منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي الصباح الكناني: «التي يموت عنها زوجها و هو غائب فعدتها من يوم يبلغها إن قامت البينة أو لم تقم»161.
و في صحيح يزيد بن معاوية، عن أبي جعفر عليه السّلام: «في الغائب عنها زوجها إذا توفي؟ قال عليه السّلام: المتوفى عنها زوجها تعتد من يوم يبلغها الخبر، لأنها تحد عليه»162.
و في صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «في رجل يموت و تحته امرأة و هو غائب، قال: تعتد من يوم يبلغها وفاته»163، إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على أنها تعتد من حين بلوغ الخبر لا من حين الوفاة.
و ما يظهر منه الخلاف مثل صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «امرأة بلغها نعي زوجها بعد سنة أو نحو ذلك، فقال عليه السّلام: إن كانت حبلى فأجلها أن تضع حملها، و إن كانت ليست بحبلى فقد مضت عدتها إذا قامت لها البينة أنه مات في يوم كذا و كذا، و إن لم يكن لها بينة فلتعتد من يوم سمعت»164.
و خبر حسن بن زياد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المطلقة يطلقها زوجها و لا تعلم إلا بعد سنة، و المتوفى عنها زوجها و لا تعلم بموته إلا بعد سنة؟
قال: إن جاء شاهدان عدلان فلا تعتدان و إلا تعتدان»165.
و خبر وهب، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليهم السّلام: «سئل عن المتوفى عنها زوجها إذا بلغها ذلك و قد انقضت عدتها، فالحداد يجب عليها؟ فقال علي عليه السّلام:
إذا لم يبلغها ذلك حتى تنقضي عدتها فقد ذهب ذلك كله، و قد انقضت عدتها»166.
فمضافا إلى قصور سند بعضها، لا بد من حمل تلك الأخبار على التقية167، أو طرحها لمخالفتها للإجماع كما تقدم.
و أما صحيح منصور قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في المرأة يموت زوجها أو يطلقها و هو غائب: إن كانت مسيرة أيام، فمن يوم يموت زوجها تعتد، و إن كان من بعد فمن يوم يأتيها الخبر، لأنها لا بد و أن تحد له»168، فإن أمكن حمله على الغائب عن الزوجة و الحاضر في البلد مثلا فهو، و إلا فلا بد من رد علمه إلى أهله. هذا كله في العدة التي لا تكون منقلبة عن عدة الطلاق.
و أما في عدة الوفاة المنقلبة عن عدة الطلاق، فقد مر في المسألة الخامسة أنها تعتد من حين موته كما عرفت.
ثمَّ إن استعلام حال الغائب بحسب الوسائل الحديثة العصرية على أقسام:
الأول: ما إذا أمكن الاطلاع على حال الزوج من حياته و مماته بلا مشقة و كلفة عرفية، و الظاهر وجوبه مقدمة لوجوب الحداد.
الثاني: ما إذا لم يمكن ذلك بلا مشقة و كلفة عرفية.
الثالث: ما إذا شك فيه، أنه من القسم الأول أو الأخير.