1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الشفعة
(مسألة ۱): إذا باع أحد الشريكين حصته من شخص أجنبي فللشريك الآخر مع اجتماع الشروط الآتية حق تملكها أو انتزاعها من المشتري بما بذله من الثمن و يسمى هذا الحق بالشفعة و صاحبه بالشفيع (۱).

هذه المادة تستعمل في اللغة بمعنى التقوية و الإعانة و الزيادة و الضم و ليس ذلك من المشترك اللفظي بل الجامع في الكل هو الضم إذ به يحصل الزيادة و الإعانة و التقوية و بهذا المعنى استعمل في اصطلاح السنة و الفقهاء و المتشرعة أيضا لانضمام حصة الشريك إلى شريكه بهذا الحق فتحصل الزيادة و التقوية و الإعانة، و بهذا المعنى يستعمل لفظ الشفاعة أيضا لأنها ضم المجرم إلى من له حق الشفاعة، لعل اللّه تعالى يتجاوز عن المجرم بفعل من له حق الشفاعة و نفس هذا الحق للشافع بفعل من اللّه تعالى بالنسبة إليه.

و لا ريب في كونها من الحقوق المجاملية و هي حق مخالف للأصل ثبت بنصوص متواترة تأتي الإشارة إليها و إجماع المسلمين و لا بأس بتعريفها بأنها:

«حق لأحد الشريكين في حصة شريكه عند انتقالها إلى غيره بالبيع».

لما تطابقت عليه أقوال الفقهاء و ان اختلفت تعبيراتهم في تأدية هذا المعنى، و لكنه من مجرد الاختلاف في اللفظ مع كون المراد الواقعي واحدا.

(مسألة ۲): تثبت الشفعة في كل ما لا ينقل إذا كان قابلا للقسمة كالأراضي، و البساتين و نحوهما (۲).بل تثبت فيما ينقل كالثياب و المتاع و السفينة و الحيوان، و فيما لا ينقل و كان غير قابل للقسمة كالضيقة من الأنهار و الطرق و الآبار و غالب الأرحية و الحمامات، و كذا في الشجر و النخيل و الأبنية و الثمار على النخيل و الأشجار (۳) و لكن الأحوط للشريك عدم الأخذ بها إلا برضى المشتري كما ان الأحوط للمشتري اجابة الشريك ان أخذ بها (٤)، و كذا الأحوط لهما ذلك في أشياء خمسة: النهر، و الطريق، و الرحى، و الحمام، و السفينة (٥).

للنصوص المستفيضة من الطرفين و إجماع المسلمين، منها قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «الشفعة في كل شي‏ء»۱، و منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «لا تكون الشفعة إلا لشريكين ما لم يتقاسما»۲، و عنه أيضا عليه السّلام قال: «قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالشفعة بين الشركاء في الأرضين و المساكن، و قال: لا ضرر و لا ضرار، و قال: إذا أرّفت الأرف و حدت الحدود فلا شفعة»۳.

و البحث في هذه المسألة من جهات.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى: بحسب الاعتبار.

و ثالثة: بحسب الأخبار.

و رابعة: بحسب الكلمات.

أما الأول: فمقتضى الأصل الأولى عدم ثبوت هذا الحق لأنه مسبوق بالعدم فيستصحب.

أما الثاني: فلا ريب في ثبوت السيرة العقلائية في الجملة على تقديم الشريك على الأجنبي و هو من الآداب المجاملية بين الناس فيقدمون الشريك على الأجنبي عند الدوران بينهما فلو عكس بأن يقدم الأجنبي مع اقتضاء الشريك يقع مورد الملامة و التقبيح.

ان قيل هذا مسلم في الحق المجاملي الأخلاقي، و انما البحث في الحق الشرعي الذي يكون للشفيع إلزام المشتري بالأخذ. و لو بدون رضاه و لا يثبت‏ ذلك من بناء العرف و العقلاء يقال: حق الاسترجاع و التسلط عليه مساوق لصحة الإلزام به عرفا و هو من فروع ولاية الشريك على ماله فإن من فروع هذه الولاية دفع المزاحم و المعارض و لو من جهة الشركة فإن مراعاة خصوصيات الشريك من أهم مقاصد الشركة.

و أما الأخبار فهي على قسمين:

الأول‏: ما يظهر منه التعميم كقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في مرسل يونس:

«الشفعة جائزة في كل شي‏ء من حيوان أو أرض أو متاع»4، و في مرسله الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «سألته عن الشفعة لمن هي؟ و في أي شي‏ء هي؟ و لمن تصلح؟

و هل تكون في الحيوان شفعة؟ و كيف هي؟ فقال عليه السّلام: الشفعة جائزة [واجبة] في كل شي‏ء من حيوان أو أرض أو متاع إذا كان الشي‏ء بين الشريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره و إن زاد على الاثنين فلا شفعة لأحد منهم»٥.

الثاني‏: جملة من الأخبار الواردة في المملوك كصحيح الحلبي‏٦، عن الصادق عليه السّلام: «انه قال في المملوك: يكون بين شركاء فيبيع أحدهم نصيبه فيقول صاحبه: أنا أحق به إله ذلك؟ قال عليه السّلام: نعم، إذا كان واحدا، قيل له: في الحيوان شفعة؟ قال عليه السّلام: لا» و ذيله محمول على ما إذا تعدد الشركاء بقرينة قوله عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «قال عليه السّلام: لا شفعة في الحيوان إلا أن يكون الشريك فيه واحدا»۷، و ظاهر هذه الأخبار بل نصها صحة الشفعة في المنقول و عدم الاختصاص بخصوص غير المنقول فتكون شاهدا على التعميم.

الثالث‏: مرسل الكافي: «الشفعة لا تكون إلا في الأرضين و الدور فقط»۸، و لا بد من حمله إما على الغالب أو على الحصر الإضافي بقرينة ما مر من صحيح ابن سنان و غيره مضافا إلى قصور سنده.

الرابع‏: قولهم عليه السّلام: «لا شفعة إلا لشريك غير مقاسم»۹، و قوله عليه السّلام:

الشفعة لا تكون إلا لشريك لم يقاسم»۱0، و كذا قوله عليه السّلام: «لا تكون الشفعة إلا لشريكين ما لم يتقاسما»۱۱، إلى غير ذلك مما اشتمل على مثل هذه التعبيرات و استفادوا منها أن موضوع الشفعة انما هو فيما كان قابلا للقسمة فما ليس قابلا للقسمة لا شفعة فيه.

و فيه: أولا ان مثل هذه الأخبار في مقام بيان مدة ثبوت حق الشفعة للشفيع و ليست متعرضة لبيان شي‏ء آخر. و ثانيا: انها معارضة بما هو ظاهر في التعميم و لا وجه لطرح الظهور لأجل مثل هذه الاحتمالات.

الخامس‏: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر السكوني: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا شفعة في سفينة و لا في نهر و لا في طريق»۱۲.

و في رواية أخرى زيادة: «و لا في رحى و لا في حمام»۱۳.

و فيه: أولا أنه معارض بما دل على ثبوتها في الطريق كقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن حازم: «ان كان باع الدار و حول بابها إلى طريق غير ذلك فلا شفعة لهم، و إن باع الطريق مع الدار فلهم الشفعة»۱4. و ثانيا: يمكن حمله على ما إذا كان الشريك أكثر من واحد كما هو الغالب في السفينة و الحمام و النهر، مع أن للشفعة نحو حق و للحق مراتب متفاوتة و يمكن حمل مثل هذه‏  الأخبار على نفي بعض مراتب الحق لا نفي أصله بالمرة.

هذا مع ان الموضوع عرفي لا ان يكون تعبديا محضا حتى نحتاج إلى الاستظهار من الأخبار ففي كل مورد يرى العرف الشريك أولى من الأجنبي نقول بها إلا مع تنصيص الشارع على المنع نصا معتبرا غير قابل للحمل، مع أن جملة من هذه الأخبار قاصرة سندا.

الرابعة: و هي البحث بحسب كلمات الفقهاء فهي مضطربة جدا فنسب إلى أكثر المتقدمين التعميم، بل ادعى المرتضى في الانتصار الإجماع عليه، و عن جمع كثير التخصيص منهم الفاضل و والده و ولده، و الشهيدان في اللمعة، و نسب ذلك إلى المشهور و الظاهر بل المعلوم ان إجماعهم و شهرتهم مستند إلى ما بين أيدينا من النصوص فلا اعتبار بهما، فإذا لم يعتبر إجماعهم فكيف يعتبر لنا أقوالهم التي أنهاها في الجواهر إلى أربعة.

لما مر من الأخبار التي يمكن أن يستفاد منها التعميم.

لأنه يجوز الأخذ بها حينئذ قطعا و يعمل بذلك بالروايات المانعة أيضا، لأن المنع على فرضه انما هو مع عدم الإذن و الرضا من المشتري فكل واحد من الشفيع و المشتري تخلّص من احتمال المنع و جوازه.

لما عرفت من ورود النص فيها بالخصوص و مر ما يتعلق به من إمكان الحمل على صورة كون الشركاء أكثر من اثنين، أو على ما إذا لم يكن‏ المذكورات قابلة للقسمة بناء على عدم الشفعة فيما لا تقبل القسمة و لكن الحمل الثاني مخدوش لما مر من جريانها فيه.

(مسألة ۳): موضوع ثبوت الشفعة إنما هو بيع الحصة المشاعة من العين المشتركة (٦) فلا شفعة بالجوار، فلو باع أحد داره أو عقاره ليس لجاره الأخذ بالشفعة (۷)، و كذا لا شفعة في العين المقسومة إذا باع أحد الشريكين حصته المفروزة (۸) إلا إذا كانت دارا قد قسمت بعد اشتراكها أو كانت من أول الأمر مفروزة و لها طريق فباع بعض الشركاء حصته المفروزة من الدار فإنه تثبت الشفعة للآخر لكن إذا بيعت مع طريقها (۹).و كذا إذا كانت داران تختص كل واحد منهما بشخص و كانتا مشتركتين في الطريق فبيعت احدى الدارين مع الحصة المشاعة في الطريق (۱0)، و أما إذا بيعت الحصة أو الدار مستقلا من دون الطريق بل بقي الطريق على ما كان عليه من الاشتراك بين الملاك، فلا شفعة حينئذ لا في الدار و لا في الطريق (۱۱). نعم، لو باع حصته من الطريق تثبت فيها الشفعة إن كان قابلا للقسمة (۱۲).و كذا ان كان غير قابل للقسمة من جهة الضيق مثلا (۱۳) و إن كان الأحوط فيه التراضي (۱٤). و يجري ما قلناه في سائر الأملاك المشتركة في الطريق، كالبستان مثلا (۱٥)، و كذا الاشتراك في الشرب كالبئر و النهر و الساقية فإنه كالاشتراك في الطريق أيضا فيما مر (۱٦). و لكن الأحوط فيهما التراضي بين الشفيع و الآخر (۱۷).

لظاهر ما تقدم من النصوص من ذكر لفظ «الشريك» فيها مضافا إلى الإجماع.

للأصل، و الإجماع، و النصوص المتقدمة المشتملة على الشريك الظاهرة في الشركة المالية الدالة على عدم الشفعة في غيرها فلا موضوع للشفعة في الجوار بلا شركة بين المتجاورين، و أما النبوي: «جار الدار أحق بالشفعة»۱٥، فهو مع قصور سنده يمكن حمله على عرض البيع عليه أولا أو ان المراد به قسم خاص من الجار و هو الشريك.

للنصوص، و الإجماع منها ما مر من قوله عليه السّلام: «لا تكون الشفعة إلا لشريكين ما لم يتقاسما»۱٦، و قريب منه غيره، مع انتفاء موضوع الشفعة حينئذ تخصصا لأنها تكون بالنسبة إلى الشريك و قد انتفت الشركة بالقسمة.

للنص، و الإجماع، ففي صحيح ابن حازم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن دار فيها دور و طريقهم واحد في عرصة الدار، فباع بعضهم منزله من رجل هل لشركائه في الطريق أن يأخذوا بالشفعة؟ فقال عليه السّلام: إن كان باع الدار و حول‏ بابها الى طريق غير ذلك فلا شفعة لهم و إن باع الطريق مع الدار فلهم الشفعة»۱۷، و قريب منه الفقه الرضوي‏۱۸، و لم يظهر الخلاف فيه إلا من المحقق فإنه قال ان الحكم مخالف للأصل، و كما مر من إطلاق الأدلة الدالة على انه لا شفعة مع القسمة.

و فيه: أنه من الاجتهاد في مقابل النص، إذ الأصل محكوم بالنص الخاص، كما ان إطلاق الأدلة مقيدة به.

لظهور إطلاق الدليل الشامل لهذه الصورة أيضا، فيستفاد من إطلاقه انه لا فرق في مورد ثبوت الشفعة بين ما إذا كان المبيع مقصودا بالبيع مستقلا أو كان ملحوظا تبعا.

أما الأول فلعدم الاشتراك الذي هو موضوع الشفعة. و أما الثاني فلعدم تحقق البيع بالنسبة إليه أصلا لا مستقلا و لا تبعا فلا وجه للشفعة حينئذ.

لوجود المقتضي للصحة حينئذ و فقد المانع عنها فتشمله الأدلة لا محالة.

لما مر من شمول إطلاق الأدلة لما إذا لم يكن المورد قابلا للقسمة أيضا، و قلنا ان ما يستفاد منها اعتبار قبول القسمة لا يدل على نفي الشفعة عن غيرها.

لذهاب جمع الى اعتبار قابلية القسمة في مورد الشفعة تمسكا بالأخبار المشتملة على القسمة و التقاسم‏۱۹، و تقدم الجواب عنها فراجع.

لعدم خصوصية في ذكر الدار في صحيح ابن حازم المتقدم و انما ورد في سؤال السائل من جهة انها كانت مورد احتياجه في وقت السؤال، و لذا عبر جمع من الفقهاء بالأرض كالمحقق في الشرائع و العلامة في القواعد و التحرير.

لأن الظاهر ان ذكر الطريق في الصحيح من باب ذكر مصداق مرافق الدار و ما تحتاج إليه من مرافقها و ضرورياتها العامة فيشمل الجميع.

جمودا على ظاهر الصحيح، و تمسكا بأصالة عدم حدوث هذا الحق، و ان كان فيهما ما لا يخفى، و خروجا عن مخالفة جمع خصوا الحكم بخصوص الدار و الطريق و لا دليل لهم يصح الاعتماد عليه إلا الجمود و فيه ما مرّ.

(مسألة ٤): لو باع ما فيه حق الشفعة مع ما ليس فيه الشفعة، كما إذا باع حصته من الدار المشتركة بينه و بين غيره مع دار يملكها مستقلا ببيع‏ واحد صفقة واحدة كان للشريك الشفعة في تلك الحصة المشاعة بحصتها من الثمن (۱۸) و لكن الأحوط تراضيهما في ذلك (۱۹).

لوجود المقتضى لثبوتها و فقد المانع فيشمله إطلاق الأدلة، و اتحاد الصفقة لا يخرج كلا منهما عن حكمه، مضافا إلى ظهور الإجماع.

لاحتمال أن يكون حق الشفعة في المجموع بمجموع الثمن و لكنه احتمال ضعيف.

(مسألة ٥): تختص الشفعة بخصوص البيع، فإذا انتقلت الحصة إلى الأجنبي بالصلح، أو الهبة، أو الخلع، أو الإرث أو غير ذلك فلا شفعة للشريك (۲0)، و الأحوط التراضي في غير البيع من سائر النواقل (۲۱)، خصوصا في الأراضي و المساكن (۲۲).

للأصل، و ظهور الإجماع، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر الغنوي:

«الشفعة في البيوع إذا كان شريكا فهو أحق بها بالثمن»۲0 و قوله عليه السّلام: أيضا: «إذا كان الشي‏ء بين شريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره»۲۱ إلى غير ذلك من الأخبار المشتملة على لفظ «البيع»، و في صحيح أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن رجل تزوج امرأة على بيت في دار و له في تلك الدار شركاء قال؟ عليه السّلام: جائز له و لها، و لا شفعة لأحد من الشركاء عليها»۲۲، بناء على أن نفي الشفعة من جهة الصداق لا من جهة تعدد الشركاء.

و عن ابن الجنيد من المتقدمين و الشهيد الثاني التعميم لكل نقل لأن ذكر البيع في الأدلة من باب المثال و الغالب لا التقييد و صحيح أبي بصير لأجل تعدد الشركاء لا الصداق و في الاجتزاء في الحكم المخالف للأصل و قاعدة السلطنة و الشهرة بل الإجماع بهذا المقدار إشكال.

خروجا عن خلاف ابن الجنيد و الشهيد.

جمودا على إطلاق قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالشفعة بين الشركاء في الأرضين و المساكن، و قال: لا ضرر و لا ضرار»۲۳، على ما أسسناه من الأصل من ان الشفعة من الأصول النظامية العقلائية، و يمكن أن يستأنس للتعميم من قوله صلّى اللّه عليه و آله في تشريع الشفعة: «لا ضرر و لا ضرار».

(مسألة ٦): انما تثبت الشفعة إذا كانت العين بين شريكين، فلا شفعة فيما إذا كانت بين ثلاثة فما فوقها (۲۳) من غير فرق بين أن يكون البائع‏ اثنين من ثلاثة فكان الشفيع واحدا أو بالعكس (۲٤). نعم، لو باع أحد الشريكين حصته من اثنين دفعة أو تدريجا فصارت العين بين ثلاثة بعد البيع لا مانع من الشفعة للشريك الآخر (۲٥). و يجوز حينئذ له التبعيض بأن يأخذ بالشفعة بالنسبة إلى أحد المشتريين دون الآخر (۲٦)، و لكن الأحوط ان يكون أصل الشفعة و التبعيض فيها بالتراضي (۲۷).

لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «لا تكون الشفعة إلا لشريكين ما لم يقاسما فإذا صاروا ثلاثة فليس لواحد منهم شفعة»۲4، و مرسل يونس قال: «سألته عن الشفعة لمن هي؟ و في أي شي‏ء هي؟ و لمن تصلح؟ و هل تكون في الحيوان شفعة؟ و كيف هي؟ فقال عليه السّلام: الشفعة جائزة في كل شي‏ء من حيوان أو أرض أو متاع إذا كان الشي‏ء بين شريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره و إن زاد على الاثنين فلا شفعة لأحد منهم»۲٥، إلى غير ذلك من الاخبار هذا مضافا إلى الإجماع لأن المخالف على فرض ثبوته مسبوق بالإجماع و ملحوق به فلا أثر لقوله.

و أما ما ذكر فيه من لفظ: «الشركاء» كقوله صلّى اللّه عليه و آله: «الشفعة بين الشركاء»۲٦، و خبر طلحة بن زيد عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السّلام قال:

«الشفعة على عدد الرجال»۲۷، و مثله ما في خبر السكوني، و خبر ابن سنان عن‏ الصادق عليه السّلام: «سألته عن مملوك بين شركاء أراد أحدهم بيع نصيبه؟ قال: يبيعه- الحديث-»۲۸، إلى غير ذلك مما يمكن أن يستفاد منه ثبوتها بين أكثر من اثنين أسقطها عن الاعتبار موافقتها للعامة و إجماع الإمامية على الخلاف، و قصور سند بعضها، و إمكان الحمل على ان المراد بالشركاء أقل الجمع و هو اثنان إلى غير ذلك من المحامل الممكنة.

لإطلاق الأدلة الشامل لكل واحد من الفرضين.

لأن المنساق من الأدلة و الفتاوي عدم الشفعة مع الكثرة السابقة على إنشاء البيع كما إذا كان الشي‏ء مشتركا بين ثلاثة مثلا فباع أحدهم نصيبه لا ما إذا كانت لا حقة عليه. و اختار ذلك جمع منهم الشهيد، و عن الفاضل في القواعد المفروغية عن صحته.

و توهم شمول الإطلاق لهذه الصورة أيضا.

فاسد: فإن قوله عليه السّلام في خبر يونس: «إذا كان الشي‏ء بين شريكين لا غيرهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره» ظاهر بل نص في ان المناط على الشركة المجوزة للشفعة و المانعة عنها انما هو قبل إنشاء البيع لا ما حصلت بعده.

و أما قول أبي عبد اللّه في صحيح ابن سنان المتقدم: «لا تكون الشفعة إلا لشريكين ما لم يتقاسما فإذا صاروا ثلاثة فليس لواحد منهم شفعة» فلا يدل على عدم الشفعة في المقام بدعوى: ان المراد بالصيرورة مطلقها حتى تشمل بعد

البيع أيضا بل الظاهر ان لفظة «صاروا» بمعنى «كانوا» بقرينة غيره.

لتعدد البيع الموجب لتعدد الاستحقاق و ليس ذلك من تبعيض حق الشفعة في البيع الواحد حتى لا يصح ذلك كما يأتي فلا وجه لقياس أحدهما على الآخر.

لما نسب إلى جمع من عدم جواز أصل الشفعة حينئذ و نسب إلى آخرين عدم التبعيض فيها على فرض الجواز مستندا إلى ما مر مع المناقشة فيه.

(مسألة ۷): إذا كانت العين مشتركا بين الوقف و الملك المطلق و بيع الطلق لم يكن للموقوف عليه و لو كان واحدا و لا لولي الوقف الشفعة (۲۸). نعم لو بيع الوقف في صورة جوازه تثبت لذي الطلق (۲۹) إلا إذا كان الوقف على أشخاص بأعيانهم و كانوا متعددين (۳0) و لكنه مشكل (۳۱).

لأن المنساق من الأدلة انما هو ما إذا كان الشريك الذي تثبت له الشفعة مالكا لذات العين لا للتصرف فيه فقط، و قول المرتضى رحمه اللّه ثبوتها لولي الوقف غريب و دعواه الإجماع في هذه المسألة التي نسب عدم ثبوت الشفعة فيها إلى الأكثر أغرب.

لوجود المقتضى و فقد المانع حينئذ فتشمله الأدلة لا محالة. و ما يتوهم: من احتمال انصراف الشفعة عن هذه الصورة «مخدوش» بأنه من الانصرافات البدوية التي لا اعتبار بها.

لما مر من اعتبار كون الشفعة بين الشريكين فقط.

لاحتمال انصراف ما دل على نفيها فيما إذا تعدد الشركاء عن المقام‏ و اختصاصه بما إذا كان الشركاء مالكا طلقا للذات، و لذا نسب الجواز إلى جمع منهم الشهيد و المحقق الثاني.

(مسألة ۸): يعتبر في ثبوت الشفعة كون الشفيع قادرا على أداء الثمن، فلو كان عاجزا عن أدائه فلا شفعة له و ان بذل الضامن أو الراهن (۳۲)، إلا ان يرضي المشتري بالصبر (۳۳)، بل يعتبر فيها إحضار الثمن عند الأخذ بها (۳٤). و لو اعتذر به في مكان آخر فذهب ليحضر الثمن فإن كان في البلد ينتظر ثلاثة أيام، و ان كان في بلد آخر ينتظر بمقدار يمكن بحسب العادة نقل المال من ذلك البلد بزيادة ثلاثة أيام فإن لم يحضر الثمن في تلك‏ المدة فلا شفعة له (۳٥) إلا أن يرضي المشتري بالصبر (۳٦) و يكفي في ثلاثة أيام التلفيق و مبدؤها من حين الأخذ بالشفعة لا من زمان البيع (۳۷)، و الصبر إلى ثلاثة أيام أو الانتظار الى ان ينقل المال انما هو فيما إذا لم يتضرر المشتري و إلا فيدور مدار رضاه (۳۸) و لا فرق في ذلك كله بين كون اشتراء المشتري الحصة نقدا أو نسيئة (۳۹).

للأصل و الاعتبارات العرفية، و ظهور الاتفاق عليه، و فحوى خبر ابن مهزيار قال: «سألت أبا جعفر الثاني عليه السّلام عن رجل طلب شفعة أرض فذهب على ان يحضر المال فلم ينض فكيف يصنع صاحب الأرض إن أراد بيعها أ يبيعها أو ينتظر مجي‏ء شريكه صاحب الشفعة؟ قال عليه السّلام: إن كان معه بالمصر فلينتظر به ثلاثة أيام فإن أتاه بالمال و إلا فليبع و بطلت شفعته في الأرض، و ان طلب الأجل إلى أن يحمل المال من بلد إلى آخر فلينتظر به مقدار ما يسافر الرجل إلى تلك البلدة و ينصرف و زيادة ثلاثة أيام إذا قدم، فإن وافاه و إلا فلا شفعة له»۲۹، فإنه إما أن يكون المراد منه قبل إنشاء البيع من البائع فيدل على ما بعد إنشائه بالأولوية، و اما أن يكون المراد بعده فيراد بطلب الشفعة من المشتري و يكون المراد بقوله: «إذا أراد بيعها أ يبيعها أو ينتظر» بتنجز البيع و إقراره فيدل على المقام بالمفاد المطابقي.

لأن هذا الشرط انما هو لمراعاة حق المشتري فإذا رضي بالصبر أو بأخذ الضامن أو بأخذ الرهن فقد أسقط حقه عن التعجيل فلا وجه لسقوط حق الشفعة لأنه بلا موجب حينئذ.

لأنه الظاهر من الفتاوي، و المنساق مما مر من خبر ابن مهزيار و تشهد له الاعتبارات العرفية أيضا.

لما مر من خبر ابن مهزيار، مضافا إلى ظهور الإجماع.

لما تقدم من أن هذا الشرط لمراعاة حقه.

أما الأول فلظهور الإطلاق الشامل للملفق و غيره كما في نظائر المقام من أيام العادة و الإقامة، و خيار الحيوان و نحوها. و اما الثاني فلظاهر خبر ابن مهزيار.

لأنه المتيقن من مورد إجماعهم على هذا الشرط و هو المنساق من النص بعد تحكم قاعدة نفي الضرر عليه.

لإطلاق النص و الفتاوى الشامل لكل منهما.

(مسألة ۹): يشترط في الشفيع الإسلام إذا كان المشتري مسلما، فلا شفعة للكافر على المسلم و ان اشتراه من كافر و تثبت للكافر على مثله و للمسلم على الكافر (٤۰)

أما الأول: فللنص، و الإجماع قال علي عليه السّلام في خبر طلحة بن زيد:

«ليس لليهودي و لا للنصراني شفعة»۳0، و في موثق السكوني عن الصادق عليه السّلام:

«ليس لليهودي و النصراني شفعة»۳۱، و المراد منه على المسلم و ظاهرهم الإجماع على إلحاق سائر أقسام الكفر بهما و استدلوا عليه بقوله تعالى‏ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا۳۲، و بحديث: «إن الإسلام يعلو و لا يعلى عليه»۳۳، و في إجماعهم كفاية لإمكان الخدشة في دلالة الآية و الرواية و قد تقدم في بيع العبد المسلم من الكافر ما ينفع المقام‏۳4، فراجع.

و أما الثاني: فلظهور الإطلاق و الاتفاق.

و أما الأخيران: فلإطلاق الأدلة و الإجماع بل الضرورة.

(مسألة ۱۰): تثبت الشفعة للغائب فله الأخذ بها بعد اطلاعه على البيع و لو بعد زمان طويل (٤۱). و إذا كان له وكيل مطلق أو في خصوص الأخذ بالشفعة جاز له الأخذ بالشفعة للموكل مع اطلاعه على البيع (٤۲).

للإطلاق، و الإجماع، و خصوص قول علي عليه السّلام في ما تقدم من خبر السكوني: «للغائب شفعة»۳٥، و أما ثبوته له و لو بعد زمان طويل فللأصل و الإطلاق و ظهور الاتفاق بعد عدم تمكنه للأخذ بها مباشرة أو تسبيبا.

لاقتضاء دليل وكالته ذلك، مضافا إلى الإجماع على الجواز.

(مسألة ۱۱): تثبت الشفعة للشريك و ان كان سفيها أو صبيا أو مجنونا (٤۳) فيأخذ لهم الولي (٤٤)، بل إذا أخذ الصبية أو الصبي بإذن الولي صح (٤٥).

لإطلاق الأدلة الشامل للجميع، مضافا إلى قول علي عليه السّلام: «وصي اليتيم بمنزلة أبيه يأخذ له الشفعة إذا كان له رغبة»۳٦.

لولايته على جميع أمورهم التي يكون المقام منها.

لأنهما بمنزلة الآلة للولي كما في سائر التصرفات المالية في مالهما بإذنه، كما تقدم في كتاب البيع.

(مسألة ۱۲): تثبت الشفعة للمفلس إذا رضي المشتري ببقاء الثمن في ذمته أو استبدال الثمن من غيره أو دفعه من ماله بإذن الغرماء (٤٦). و ليس للغرماء الأخذ بها و لا إجبار المفلس عليه و ان بذلوا الثمن (٤۷).

لوجود المقتضى للثبوت و هو الشركة و فقد المانع بعد تحقق ما ذكر.

لأصالة عدم هذا الحق لهم و تعلق حقهم بماله لا يستلزم ثبوت حق لهم بالشفعة و الإجبار بوجه من الاستلزام.

(مسألة ۱۳): لو أسقط الولي على الصبي أو المجنون أو السفيه حق الشفعة لم يكن لهم المطالبة بها بعد البلوغ و الرشد و العقل (٤۸)، و كذا إذا لم يكن في الأخذ بها مصلحة فلم يطالب (٤۹)، و لو ترك المطالبة بها مساهلة في حقهم لهم المطالبة بعد الكمال (٥0).

لوقوع الاسقاط عن أهله و في محله فيؤثر أثره لا محالة فلا موجب لعوده بعد ذلك بحدوث كمال الشريك.

لعدم الموضوع لحدوث حق الشفعة حينئذ للشريك فلا يثبت من أصله، فلا موجب لحدوثها بعد ذلك هذا بناء على اعتبار المصلحة في تصرفات الولي و ان اكتفينا بمجرد عدم المفسدة فيسقط مع المفسدة في الأخذ بها مع عدمها.

و لكن يظهر مما نسب إلى الشيخ رحمه اللّه في الخلاف عدم السقوط حينئذ بعد الكمال، للإطلاقات و الاستصحاب، و لأن ترك الولي للأخذ بها لا يلازم سقوطها عن المولى عليه بوجه من الملازمة بعد صحة التأخير في الأخذ بالشفعة في الجملة في المقام و هو حسن إن لم يكن مخالفا للمشهور.

للأصل، و الإجماع بعد أن كان التأخير لعذر- و هو عدم كمال‏ الشريك- فأصل الحق ثابت من الأول و اعماله يتوقف على رفع المانع و مقتضى إطلاق النص و الفتوى هو الثبوت. و لو تضرر المشتري بذلك يمكن تدارك ضرره بالخيار.

(مسألة ۱٤): إذا كان المبيع مشتركا بين الولي و المولى عليه فباع الولي عنه جاز له أن يأخذ بالشفعة، و كذا إذا باع الولي عن نفسه فإنه يجوز له ان يأخذ بالشفعة للمولى عليه، و كذا الحكم في الوكيل إذا كان شريكا مع الموكل (٥۱).

كل ذلك لإطلاق أدلة الشفعة، و ما دل على صحة تصرفات الولي فيما يتعلق بمال المولى عليه و الوكيل فيما يتعلق بمورد وكالته مع ظهور الاتفاق على ذلك كله.

(مسألة ۱٥): لو اشترى عامل المضاربة ما يكون مشتركا بين صاحب المال في المضاربة و بين شخص آخر بحيث يصير صاحب المال هو الشفيع يملكه صاحب المال بنفس الشراء لا بالشفعة (٥۲).

لفرض انه اشترى بعين ماله فلا موضوع للشفعة حينئذ لأنها للشريك على المشتري لا للمشتري نفسه.

و ما عن جامع المقاصد من انه لا يمتنع ان يستحق الملك بالشراء ثمَّ بالشفعة إذ لا يمتنع اجتماع العلتين على معلول واحد. لأن علل الشرع معرفات (واضح الفساد) كما في الجواهر، و قد أثبتنا في الأصول ان قضية علل الشرع معرفات لا أصل لها لا من العقل و لا من النقل بل العلل غير الشرعية تكون معرفات تارة و حقيقة أخرى.

هذا إذا لم يظهر الربح فلا حق للعامل إلا أجرة عمله فقط، و أما لو ظهر و قلنا بملكه بمجرد الظهور فيصير العامل شريكا للمالك بقدر حصته من الربح.

(مسألة ۱٦): يثبت حق الشفعة بمجرد وقوع المعاملة سواء كان بالعقد اللفظي أو بالمعاطاة (٥۳) و لا يتوقف على انقضاء الخيار مطلقا (٥٤).

لإطلاق الأدلة، و لأنه مسبب عن انتقال الملك إلى المشتري فتترتب عليه آثاره و لوازمه و لا نزاع في البين إلا ممن يقول بأن الملكية تحصل بانقضاء الخيار لا بمجرد العقد و هو نزاع صغروي تقدم بطلانه في أحكام الخيار۳۷.

لعدم دليل عليه من عقل أو نقل بعد ان أبطلنا توقف حصول الملكية على انقضاء الخيار، و قلنا بأنها تحصل بمجرد العقد. نعم، استقرارها يتوقف على انقضاء الخيار.

(مسألة ۱۷): حق الشفعة من الحقوق القائمة بطرف واحد و هو الشفيع و لا يحتاج إلى قبول الطرف و لا التقابض فهو مثل حق الخيار إنشاء إيقاعي لا أن يكون عقدا (٥٥). فيحصل الأخذ بها بكل لفظ له ظهور عرفي في ذلك و لو بقرينة و بكل فعل كان كذلك (٥٦)، فالقول مثل ان يقول: «أخذت المبيع المذكور بثمنه» و الفعل مثل ان يدفع الثمن و يستقل بالمبيع (٥۷).

لظواهر الأدلة كقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في ما تقدم: «فشريكه أحق به من غيره»۳۸، و قول علي عليه السّلام: «للغائب شفعة»۳۹، و قوله عليه السّلام أيضا: «وصي اليتيم بمنزلة أبيه يأخذ له الشفعة»40، و صرح بذلك جمع من الفقهاء و يظهر من آخرين أيضا، و تقتضيه أصالة عدم اعتبار شي‏ء آخر فيه بعد ظهور الإطلاقات و العمومات الواردة في مقام البيان.

لما تقدم في إعمال حق الخيار من ان ظواهر الأقوال و الأفعال حجة معتبرة في المحاورات العقلائية يعتمد عليها في الاحتجاجات و غيرها.

لأن ظهور كل منهما في اعمال هذا الحق مما لا ينكر عرفا، و كذا نظائرهما من الألفاظ و الافعال الظاهر ظهورا عرفيا في هذا العنوان الخاص.

(مسألة ۱۸): لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع و ترك بعضه، بل أما ان يأخذ الجميع أو يدع الجميع (٥۸).

لانسباق ذلك من الأخبار، و ظهور إجماعهم عليه، و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله في ذيل بعض أخبار الشفعة: «لا ضرر و لا ضرار»، إذ قد يتضرر المشتري بذلك، و قوله صلّى اللّه عليه و آله حكمة الجعل لا أن يكون علة الحكم المجعول حتى يدور الحكم مداره، و لو كان التبعيض برضاء المشتري فالأحوط أن يقع ذلك بعنوان المصالحة لا الشفعة، لاحتمال عدم صحة التبعيض فيها و لو برضاء المشتري.

(مسألة ۱۹): الشفيع يأخذ بقدر الثمن لا بأكثر منه و لا بالأقل (٥۹)، و لا يلزم ان يأخذ بعين الثمن (٦0) بل له ان يأخذ بمثله إن كان مثليا (٦۱). و بالقيمة إن كان قيميا (٦۲).و الأحوط التراضي (٦۳)، و المرجع في المثلية و القيمية متعارف أهل الخبرة (٦٤).

للنص و الإجماع، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في خبر الغنوي: «الشفعة في البيوع إذا كان شريكا فهو أحق بها بالثمن‏.

للقطع بعدم اعتبار ذلك، و تقتضيه سيرة المتشرعة بل العقلائية مضافا إلى تعذر ذلك.

لأنه المنساق مما مر من قوله عليه السّلام: «بالثمن» أي: بقدره و هذا التعبير ورد في نصوص الفريقين و العرف و العقل و الإجماع يشهد بذلك أيضا فلا وجه لقول من قال انه يعتبر في الشفعة رد عين الثمن الذي اشترى به.

للإطلاقات، و العمومات، و إطلاق قوله عليه السّلام: «بالثمن» أي بقدره في المالية فيشمل القيمي أيضا، و اختار هذا القول جمع منهم الشيخين في المقنعة و المبسوط و الشهيدين و الفاضل في جملة من كتبه و نسب إلى الأكثر، و عن جمع سقوط الشفعة في القيمي منهم الشيخ في خلافه، و خلاصة أدلتهم ثلاثة:

الأول‏: أصالة عدم ثبوتها إلا في المتيقن و هو المثلي.

الثاني‏: دعوى الشيخ (رحمه اللّه) الإجماع في الخلاف على السقوط.

الثالث‏: خبر ابن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل اشترى دارا برقيق و متاع و بز و جوهر قال عليه السّلام: ليس لأحد فيها شفعة».

الكل مردود أما الأصل فبالإطلاقات و العمومات الواردة في مقام التسهيل و الامتنان. و أما الإجماع فلا اعتبار به لمخالفة ناقله له في مبسوطه و نسب في المسالك عدم السقوط إلى الأكثر، و في الدروس نسبه إلى المشهور. و أما الخبر فليس له ظهور في أن عدم الشفعة كان لأجل ان الثمن قيمي فلعله كان لأجل عدم الشريك أو لجهة أخرى و المنساق منه بقرينة الأنس بمذاق أئمة الدين ان المشتري صرف جميع أمواله في اشتراء هذا الدار و تفرد بها لنفسه فنفى عليه السّلام الحكم مشيرا به إلى نفي الموضوع.

ظهر وجه الاحتياط مما تقدم فلا وجه للتكرار.

لأنهما ليسا من الموضوعات التعبدية الشرعية و لا من الموضوعات المستنبطة حتى يرجع في تعيينهما إلى الفقيه، بل من الأمور العرفية فلا بد و ان يرجع فيها إلى ثقات خبراء العرف في كل شي‏ء و قد تقدم بعض الكلام فيهما في كتاب البيع عند بيان المقبوض بالعقد الفاسد44.

(مسألة ۲۰): إذا غرم المشتري شيئا من أجرة الدلال أو غيرها أو تبرع له البائع بشي‏ء لا يلزم على الشفيع تداركه و كذا إذا حط البائع شيئا من الثمن للمشتري أو احتسب له من الحقوق ليس للشفيع تنقيصه (٦٥). نعم لو تصالحا على شي‏ء زيادة أو نقيصة مع قطع النظر عن الشفعة لا بأس به (٦٦).

لظاهر قوله عليه السّلام: «فشريكه أحق به من غيره بالثمن»، مضافا إلى ظهور الإجماع عليه.

لأنه حينئذ خارج عن حقيقة الشفعة فيشمله عموم دليل جواز الصلح.

(مسألة ۲۱): لو اطلع الشفيع على البيع فله المطالبة بها في الحال (٦۷)، و تبطل الشفعة بالمماطلة و التأخير بلا داع عقلائي و عذر شرعي أو عقلي أو عادي (٦۸). بخلاف ما إذا كان التأخير لعذر من الأعذار- كعدم اطلاعه على البيع، أو عدم كون المخبر به ثقة لديه، أو جهله بثبوت حق الشفعة له، أو توهم كثرة الثمن فبان قليلا، أو كونه بحيث يصعب عليه‏ تحصيله إلى غير ذلك من الأعذار التي لا تحصى- ففي جميع موارد التأخير لعذر أي عذر كان نثبت الشفعة (٦۹).

لإطلاق الأدلة الشامل لأول زمان اطلاعه على هذا الحق، و ظهور الإجماع على ان الإهمال و المماطلة مع عدم العذر مسقط لهذا الحق، بل لا نحتاج إلى الإجماع لأن الظاهر كونه من المسلمات العرفية العقلائية أيضا لأن إبقاء ملك المشتري على التزلزل بلا داع عقلائي و غرض عرفي نحو ضرر و ظلم بالنسبة إليه و يستقبح ذلك كله، فالفورية في حق الشفعة ليست قيدا لذات الشفعة كسائر الموارد التي تعتبر فيها الفورية بل مرجعها إلى مبطلية الإهمال لها بلا غرض صحيح كما يظهر ذلك من مجموع كلماتهم فراجع المطولات.

لما مر من ان الإهمال بلا عذر و المماطلة في التأخير من دون جهة مسقط لها لا أن تكون الفورية معتبرة فيها و هذا هو المتحصل من مجموع‏  الكلمات بعد التأمل فيها، و قال في الجواهر و نعم ما قال: «من اقتضاء إطلاق الأدلة ثبوت حقه مطلقا، و لكن خرج منه صورة الإهمال مع عدم عذر أصلا فما لم تتحقق فهو على حقه و منه يعلم حكم حال الشك و ليس القائل بالفورية يقول أن الشفعة الثابتة هي التي على جهة الفورية على وجه تكون الفورية قيدا لها و ان الاعذار المزبورة كالمستثنى منها ضرورة عدم دليل له لا على المستثنى و لا على المستثنى منه، بل ذكره للأعذار المزبورة غير مشير إلى دليل مخصوص في شي‏ء منها كالصريح فيما قلنا بل ذكر غير واحد من الأصحاب عدم وجوب الاشهاد على العذر بل في المسالك لا يجب عندنا مشعر بالإجماع عليه يشهد لذلك أيضا».

أقول: و يشهد للتوسعة فيها ما مر من خبر ابن مهزيار من الإمهال ثلاثة أيام لمن كان في المصر بالنسبة إلى إحضار الثمن و انه إذا ادعى غيبته في بلد آخر ينتظر مع ذلك مقدار ذهابه و إيابه‏.

لما تقدم من عدم الدليل على الفورية الخاصة المعهودة في سائر الموارد بل المناط عدم صدق المماطلة و التسامح.

(مسألة ۲۲): المراد بالمبادرة اللازمة في الأخذ بالشفعة هو المبادرة على النحو المتعارف الذي جرت به العادة، فإذا كان مشغولا بعبادة واجبة أو مندوبة لم يجب عليه قطعها، و إذا كان مشغولا بأكل أو شرب لم يجب عليه قطعه و لا يجب عليه الإسراع في المشي، و يجوز له إن كان غائبا انتظار الرفقة إذا احتاج إليها عرفا أو انتظار زوال الحر أو البرد إن جرت العادة بذلك، و ان كان في الحمام و علم بالبيع يجوز له قضاء و طره و أمثال ذلك‏ من الأمور المتعارفة، و كذا مثل تشييع الجنازة و عيادة المريض، و الإتيان بالنافلة و نحو ذلك مما لا يصدق عليها المماطلة عرفا، و مع صدق المماطلة تسقط و مع الشك فيها تثبت (۷0).

أما السقوط مع صدق المماطلة فللإجماع، و لقاعدة الضرر. و أما الثبوت مع الشك فللاستصحاب.

(مسألة ۲۳): يجوز للمشتري و الشفيع ان يتراضيا بتأخير الأخذ بالشفعة بما شاءا و أرادا (۷۱).

لأن السقوط بالمماطلة انما هو لمراعاة المشتري و هذه الفورية نحو حق له على الشفيع فيصح للمشتري الإذن في التأخير. نعم، لو كان من الحكم الشرعي فلا يجوز و لكن الأحوط أن يكون ذلك بصلح مستقل خارج عن حد الشفعة، لاحتمال ان يكون حكما لا حقا فبالصلح ينتفي أصل موضوع الشفعة و يحدث موضوع آخر حينئذ.

(مسألة ۲٤): إذا كان الشفيع غائبا عن محل البيع و علم بوقوعه و كان يتمكن من الأخذ بالشفعة مباشرة أو تسبيبا فلم يبادر إليه سقطت الشفعة (۷۲).

لصدق المماطلة و التسامح إلا إذا أبدى عذرا فيقبل قوله فيه.

(مسألة ۲٥): يقبل قول الشفيع في وجود العذر بلا بينة و لا يمين ما لم يكن متهما من غير فرق بين ما لا يعرف إلا من قبله و غيره (۷۳).

نسب ذلك إلى ظاهر الأصحاب، لإطلاق أدلة ثبوت حقه مطلقا و خرج منه صورة إحراز الاتهام و الإهمال بلا عذر أصلا فما لم يحرز ذلك فهو على حقه و مقتضى ظاهر حال المسلم و حمل تأخيره في الأخذ بها على الصحة انه ليس في مقام تضييع حق المشتري و الإضرار به.

(مسألة ۲٦): تقدم انه يتحقق الأخذ بالشفعة بالقول كما يتحقق بالفعل، و لكن لا يكفي مجرد القول من دون ترتب أثر عليه، فلو أخذ بها قولا و هرب أو ماطل أو لم يقدر على دفع الثمن بقي المبيع على ملك المشتري لا أنه ينتقل بالقول الى ملك الشفيع و بالعجز أو الهرب أو المماطلة يرجع إلى ملك المشتري (۷٤).

لأصالة بقاء الملك على ملك المشتري و عدم موجب لانتقاله إلى الشفيع و ليس للقول من حيث هو موضوعية خاصة و انما هو طريق لعدم تحقق المماطلة و عدم تضييع حق المشتري و المفروض تحقق ذلك فيصير القول لغوا محضا.

هذا مضافا إلى ظهور الإجماع على السقوط، و هذا معنى قول الفقهاء قدّس سرّهم:

لا بد في الأخذ بالشفعة من استحضار الثمن، أي يعتبر في ترتيب الأثر على القول عدم تحقق مماطلة و تضييع في البين و الا فنفس الاستحضار الخارجي للثمن من حيث هو عند الأخذ بالشفعة قولا لا دليل عليه كما فصل في المطولات.

(مسألة ۲۷): يجوز للمشتري التصرف في المبيع بكل ما شاء و أراد (۷٥) و لا يمنع حق الشفعة عن ذلك (۷٦) و لا يسقط بذلك حق الشفيع (۷۷).

لقاعدة الناس مسلطون على أموالهم، و اقتضاء الملكية الحاصلة بنفس العقد لذلك و إطلاقات الأدلة و ظهور الإجماع.

للأصل بعد عدم دليل عليه، فهو كتعلق حق الدين بالشركة الذي لا يمنع عن تصرف الورثة فيها بما شاءوا و أرادوا مضافا إلى إجماع المسلمين إلا ممن لا يعبأ بقوله من العامة.

للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

(مسألة ۲۸): لو باع المشتري ما اشتراه من الشريك كان للشفيع الأخذ من المشتري الأول بما بذله من الثمن فيبطل شراء الثاني (۷۸)، و له الأخذ من الثاني بما بذله من الثمن فيصح الأول (۷۹)، و كذا لو زادت البيوع على اثنين فإن له الأخذ من المشتري الأول بما بذله من الثمن فتبطل البيوع اللاحقة، و له الأخذ من الأخير بما بذله من الثمن فيصح جميع البيوع المتقدمة و له الأخذ من الوسط فيصح ما تقدم و يبطل ما تأخر (۸0). ثمَّ انه لو باعه الشريك إلى المشتري الأول بعشرة- مثلا- و باعه المشتري الى آخر بعشرين و باعه الآخر بثلاثين، فبأي مشتري يرجع الشفيع يلزم عليه إعطاء ثمنه الذي اشتراه به فإن رجع إلى الثاني يلزمه إعطاء عشرين و إلى الثالث ثلاثين (۸۱).

أما الأخذ من المشتري الأول فلأدلة ثبوت حق الشفعة من الإجماع و السنة كما تقدم.

و أما بطلان الشراء الثاني فلانتقال العين إلى الشفيع بحق الشفعة فلا يبقى موضوع لصحته حينئذ، نعم للشفيع اجازته فيصير صحيحا بالنسبة إليه.

أما الأخذ من الثاني فلإطلاق أدلة الشفعة، و إطلاق قوله عليه السّلام: «فهو أحق بها بالثمن»، الشامل لكل بيع ورد على العين المشترك واحدا كان أو متعددا فحق الشفعة ثابت مع التعدد كثبوته مع الوحدة.

و أما صحة البيع الأول فلوجود المقتضى و فقد المانع، لأن ما يتوهم فيه انما هو تعلق حق الشفيع، و المفروض أنه أعمل حقه و ظفر بقصده و الرضاء بكل لا حق يستلزم الرضاء بسابقه.

لكون الحكم مطابقا للقاعدة، لأن بالأخذ بها ينقل المال الى الشفيع فإذا كان في الأخير تصح البيوع المتقدمة، لما مر من وجود المقتضى و فقد المانع عن الصحة، و إن كان في الأول أو الوسط لا موضوع لصحة البيوع اللاحقة و قد تقدم مثله في ترتب الأيادي المتعاقبة على مال الغير في بيع الفضولي فراجع.

لإطلاق قوله عليه السّلام: «فهو أحق بها بالثمن»، الشامل لجميع ذلك فإن أخذ من الأول دفع عشرة و رجع الثالث على الثاني بثلاثين و الثاني على الأول بعشرين و لو أخذ من الثاني صح الأول و دفع عشرين الى الثاني و لو أخذ الثالث صح جميع العقود و دفع ثلاثين، و هكذا في جميع العقود المترتبة.

(مسألة ۲۹): لو تصرف المشتري فيما اشتراه بغير البيع- كالوقف و الهبة و نحوهما- مما لا شفعة فيه فللشفيع الأخذ بالشفعة فيبطل ذلك كله (۸۲).

لسبق حقه فتكون صحة ذلك كله منوطا بعدم الأخذ بالشفعة مضافا إلى ظهور إجماعهم على أن له ابطالها بالأخذ بالشفعة فيكون الترتيب بين الأخذ بالشفعة و بطلانها ترتبا ذاتيا لا زمانيا كما هو كذلك بين كل معلوم و علته. هذا بناء على أن الأخذ بالشفعة موجب لبطلانها، و أما انه يكشف عن بطلان أصلها فالأمر أوضح لانكشاف وقوعها في متعلق حق الغير بلا رضاء منه فلا بد من البطلان لا محالة. نعم له إنفاذ أي منها شاء و أراد.

(مسألة ۳۰): لو تلف المبيع تماما بحيث لم يبق منه شي‏ء أصلا سقطت الشفعة (۸۳)، و ان بقي منه شي‏ء كالدار إذا انهدمت و بقيت‏ عرصتها و أنقاضها أو عابت لم تسقط الشفعة، فللشفيع الأخذ بها و انتزاع ما بقي منها من العرصة و الانقاض مثلا بتمام الثمن أو الترك من دون ضمان على المشتري (۸٤).

لانتفاء الموضوع فلا موضوع حتى يتعلق به الحق و احتمال تعلق الحق بأصل المالية أعم من العين أو المثل و القيمة كما في الفسخ عند تلف‏ متعلقه خلاف المنساق من أدلة المقام و يحتاج إلى دليل و هو مفقود، بل الأصل عدمه.

للأصل، و النص، و الإجماع ففي مرسل ابن محبوب- الذي اعتمد عليه المشهور- قال: «كتبت إلى الفقيه عليه السّلام في رجل اشترى من رجل نصف دار مشاع غير مقسوم و كان شريكه الذي له النصف الآخر غائبا فلما قبضها و تحول عنها تهدمت الدار و جاء سيل خارق [جارف‏] فهدمها و ذهب بها فجاء شريكه الغائب فطلب الشفعة من هذا فأعطاه الشفعة على أن يعطيه ماله كاملا الذي نقد في ثمنها فقال له: ضع عني قيمة البناء فإن البناء قد تهدمت و ذهب به السيل ما الذي يجب في ذلك؟ فوقّع عليه السّلام: ليس له إلا الشراء و البيع الأول ان شاء اللّه‏، و يقتضيه إطلاق قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا كان شريكا فهو أحق بها بالثمن»٥0.

و احتمال أن الانقاض صارت منقولة بالانهدام فلا تتعلق بها حق الشفعة «باطل» لتعلق الحق بها و هي غير منقولة فيستصحب.

(مسألة ۳۱): لو كان التلف بعد الأخذ بالشفعة و كان بفعل المشتري ضمنه (۸٥)، و كذا إذا كان بفعل الغير مع أخذ الشفيع بالشفعة و مماطلة المشتري في الإقباض (۸٦).و أما مع عدم مماطلته في ذلك فيرجع الى من أتلفه (۸۷)، و كذا الكلام في أرش العيب لو تعيبت الحصة (۸۸).

لصيرورة الحصة ملكا للشفيع بالأخذ بالشفعة فوقع الإتلاف من المشتري لملك الشفيع فيجب عليه الضمان، لقاعدة الإتلاف.

لأن المشتري صار سببا لتلف مال الشفيع فالضمان عليه و هو يرجع‏ الى المتلف و يصح رجوع الشفيع إلى المتلف أيضا، لأن قرار الضمان عليه.

لفرض عدم حصول شي‏ء من المشتري يوجب ضمانه و جريان قاعدة «كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه» في المقام مشكل بل ممنوع، لأن الشفعة ليست بيعا و لا معاوضة و انما هو نحو حق إيقاعي فقط كما تقدم.

لأن ما قلناه مطابق للقاعدة فلا بد من إجرائها في جميع صغرياتها هذا خلاصة ما ينبغي ان يقال في المقام. و أما كلمات الأعلام فقال في الجواهر و لقد أجاد و نعم ما قال: «و من التأمل فيما ذكرناه يظهر التشويش في المقام في جملة من عبارات الأساطين كالفاضل و الشهيدين و غيرهم» فراجعها تجدها كما قال رحمه اللّه.

(مسألة ۳۲): لا يشترط في الأخذ بالشفعة علم الشفيع بالثمن حين الأخذ، فلو قال بعد اطلاعه عليها: «أخذت بالشفعة بالثمن بالغا ما بلغ» صح ان علم بعد ذلك (۸۹).و لكن الأحوط اعتبار علمه به (۹0).

للأصل، و الإطلاق، و عدم كونها بيعا حتى تعتبر فيها شروط البيع فهو نحو حق إيقاعي يعمل و يئول بعد ذلك إلى المعلومية و على فرض شمول دليل النهي عن الغرر٥۱، للشفعة فالمنساق منه الغرر المستقر لا الذي يئول إلى العلم قريبا و عند ترتب الأثر خارجا.

و لكن نسب إلى المشهور اعتباره حين الأخذ بها فلا تصح مع الجهل و ان آل إلى العلم بعد ذلك، و استدل عليه ..

تارة: بأنه غرر منهي عنه‏٥۲.

و أخرى: بأن الثمن يزيد و ينقص و الأغراض تختلف فيه قلة و كثرة.

و ثالثة: بأن الشفعة على خلاف الأصل و المتيقن من ثبوتها صورة العلم بالثمن.

و رابعة: بأنه المنساق من نصوصها كما تقدم.

و خامسة: بأنه لا بد من دفعه حين الأخذ بها و لا يمكن دفع المجهول.

و سادسة: بدعوى الإجماع على اعتبار العلم به.

و الكل مخدوش. أما الأول فلما مر من عدم كونه غررا مع الأول إلى العلم حين تفريغ الذمة و على فرضه فالغرر المنهي عنه انما هو في البيع و المعاوضات دون الايقاعيات.

و أما الثاني فهو عبارة أخرى عن الأول فلا وجه لذكره مستقلا.

و أما الثالث فلأنه مع وجود الإطلاق و العموم لا وجه للأخذ بالمتيقن.

و أما الرابع فلأنه من مجرد الدعوى. نعم، هو نحو احتمال في الأدلة لا تبلغ مرتبة الظهور.

و أما الخامس فيدفع كل ما يرتضيه المشتري. مضافا إلى ما تقدم في معنى استحضار الثمن فراجع.

و أما الأخير فعهدته على مدعيه و لو كان ثابتا لما تمسكوا بهذه الوجوه المخدوشة.

خروجا عن مخالفة ما نسب إلى ظاهر المشهور.

(مسألة ۳۳): الشفعة موروثة (۹۱)، و الاحتياط في التراضي (۹۲)، و إذا أخذ جميع الورثة بالشفعة يقسم المشفوع بينهم على ما فرضه اللّه تعالى في المواريث (۹۳)، فلو خلف زوجة و ابنا كان الثمن لها و الباقي له و لو خلف ابنا و بنتا كان للذكر مثل حظ الأنثيين (۹٤)، و ليس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون (۹٥). نعم لو عفى بعضهم و أسقط حقه كانت الشفعة لمن لم يعف و يكون‏ العافي كأن لم يكن رأسا (۹٦).

لعموم أدلة الإرث كتابا، و سنة، خصوصا قوله صلّى اللّه عليه و آله: «ما تركه الميت من حق فهو لوارثه»٥۳، و لو لم يكن لفظ الحق فيه كفانا إطلاق كلمة «ما»، مع انه‏ قد ادعى المرتضى و ابن إدريس الإجماع على انها موروثة.

و لكن نسب إلى جمع انها غير موروثة لخبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السّلام قال: «ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قال: لا يشفع في الحدود، و قال: لا تورث الشفعة»٥4، و هو موافق لجمع من العامة٥٥، و مخالف للمعروف بين الإمامية، فكيف يعتمد عليه في مقابل العمومات من الكتاب و السنة و دعوى الإجماع من السيد و الحلي.

ظهر وجه مما مر.

لإطلاق أدلة المواريث من السنة و الكتاب و إجماع الأصحاب على أن المشفوع يقسم على ما فرضه اللّه تعالى في الكتاب، و لأن الوارث يأخذ المال من مورثه فتجري فيه فرائض اللّه تعالى لا أن يأخذه من حيث انه شريك مستقل يأخذ بالشفعة من المشتري حتى يكون التقسيم على الرؤوس.

لأن هذا هو الفريضة الإلهية في القرآن العظيم و ما فصله خلفاؤه في السنة المباركة و التقسيم على الرؤوس يحتاج إلى دليل و هو مفقود.

للزوم التبعيض على المشتري و قد مر عدم جوازه بل اللازم إما أن يأخذ الجميع أو يدعه كذلك.

لأن عفو العافي إنما يسقط استحقاق نفسه لنصيبه المعين من المال لا أنه يسقط أصل حق الشفعة رأسا بحيث تصير الشفعة كأن لم تكن أصلا فيبقى تمام حق الشفعة لباقي الورثة، لما تقدم من انه لا تبعيض في حق الشفعة فيأخذ الباقي بالجميع و يقسمون المال على حسب الفريضة بينهم بالسهام المفروضة و يصير العافي كأن لم يكن لفرض انه أسقط حقه من التركة و يظهر من ذلك انه لا وجه لتردد المحقق رحمه اللّه في الشرائع.

(مسألة ۳٤): إذا باع الشفيع نصيبه قبل ان يأخذ الشفعة يسقط حقه خصوصا إذا كان بعد علمه بها (۹۷).

لأن الشركة علة للشفعة فمع زوالها لا موجب لحدوث المعلول فتكون مما حدث بلا علة و هو محال.

و احتمال انها علة للشفعة بنحو الإهمال في الجملة لا العلة الحقيقية، لا دليل عليه من عقل أو نقل بل خلاف المتيقن في هذا الحكم المخالف للأصل، مع ان هذا الاحتمال خلاف ظواهر الأدلة، فراجع و تأمل.

(مسألة ۳٥): لو أسقط الشفيع حقه قبل البيع لم يسقط (۹۸).و كذا إذا شهد على البيع أو بارك للمشتري لكن الأحوط للمشتري استرضاء الشفيع (۹۹)، و لو كانت في البين قرينة على ان المراد الاسقاط بعد البيع يصح و تسقط (۱00).

لا نص معتبر في هذه المسألة يصح الاعتماد عليه في استظهار هذا الحكم فلا بد من تطبيقها على الاعتبارات الصحيحة حتى يتبين حكم المسألة، فنقول: المعروف بين الفقهاء انه لا يصح إسقاط ما لم يجب لأن صدق معنى الإسقاط و الإزالة و الإعدام لا بد له من اعتبار وجود شي‏ء أولا، ثمَّ سقوطه بالإسقاط و زواله بالإزالة و انعدامه بالأعدام.

و بعبارة أخرى: هذه المعاني و ألفاظها انما يراد بها رفع الموجود لا دفع ما سيوجد و مع عدم وجود شي‏ء أو لا يكون استعمال مثل هذه الألفاظ لغوا و باطلا و هذا صحيح في الجملة و لا ريب فيه إجمالا و لكن الأقسام ثلاثة:

الأول‏: تحقق الشي‏ء خارجا من كل حيثية و جهة و لا ريب في صحة تعلق الإسقاط و الإزالة و الاعدام به كما هو معلوم.

الثاني‏: عدم التحقق أصلا حتى بمرتبة الاقتضاء و الاستعداد بحيث يكون الشي‏ء معدوما من جميع الحيثيات و الجهات أصلا و لا ريب في عدم صحة استعمال هذه الألفاظ و عدم صدق معانيها في المحاورات الصحيحة العرفية حينئذ إلا بنحو من المجاز و العناية.

الثالث‏: ثبوت المقتضي للتحقق مع عدم الوصول إلى مرتبة الفعلية الخارجية لجهة من الجهات و الظاهر صحة الصدق حينئذ بلا عناية و مجاز و ذلك لتحقق المقتضى (بالفتح) و ثبوته بتحقق المقتضي (بالكسر) و ثبوته و اعتبار أزيد من ذلك منفي بالأصل، و حينئذ نقول: فمجرد الشركة مقتض للشفعة فيصح للشريك إسقاط الشفعة لتحقق مقتضيها و ثبوتها ثبوتا اقتضائيا بثبوت أصل الشركة هذا بحسب الاعتبارات العرفية.

و أما الأخبار فيستفاد من الإطلاقات و العمومات الواردة في الباب ثبوت الحق الاقتضائي للشريك قبل البيع فيصح له الإسقاط، و يشهد لذلك النبوي المروي عن التذكرة: «الشفعة في كل مشترك في أرض أو ربع أو حائط لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع»٥٦، و في الدروس قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا يحل له ان يبيع حتى يستأذن شريكه»٥۷، و ظهورهما في ثبوت الحق في الجملة قبل البيع مما لا ينكر.

وجه الاحتياط احتمال عدم كفاية الثبوت الاقتضائي في الإسقاط بل‏ لا بد فيه من الثبوت الفعلي الخارجي و لكن إثباته بالدليل مشكل إلا دعوى انصراف الأدلة إليه.

لوجود المقتضي و فقد المانع حينئذ فتسقط بلا إشكال.

(مسألة ۳٦): يجوز ان يصالح الشفيع مع المشتري عن شفعته بعوض و بدونه (۱0۱)، و يكون أثره سقوطها فلا يحتاج بعد إلى إنشاء مستقل (۱0۲) و لو صالح معه على إسقاطه أو ترك الأخذ بها صح أيضا (۱0۳). و لزم الوفاء به (۱0٤) و لو أثم و لم يف به و أخذ بالشفعة ففيما إذا كان مورد الصلح هو الإسقاط يصح أخذه بالشفعة مع الإثم (۱0٥) و لا يصح فيما إذا كان مورده ترك الأخذ بالشفعة (۱0٦).

لعموم قوله صلّى اللّه عليه و آله: «الصلح جائز بين المسلمين»٥۸، و غيره الشامل لجميع ذلك.

لأن الغرض الأولى من هذا الصلح و الداعي إليه هو سقوط هذا الحق فلا وجه لبقائه بعد ذلك.

لجواز الصلح في كل ما يكون فيه غرض عقلائي غير منهي عنه، و لا ريب في كون ما ذكر مما فيه غرض صحيح و لا نهي عنه.

إن قيل: إن مقتضى ذلك مشروعية الصلح ليفيد فائدة الطلاق و الوقف و التحرير و نحو ذلك، كما ان في المقام يفيد فائدة الإسقاط (يقال): نعم لو لم يكن إجماع على عدم صحة الصلح فيما يفيد هذه الفوائد و إلا لقلنا بجريانه فيها أيضا و ترتب الأثر عليه.

لعموم وجوب الوفاء بالعقود و يأتي انه من العقود اللازمة.

لما ثبت في محله من ان النهي في غير العبادات لا يوجب الفساد إلا إذا كان نهيا عن أصل السبب أو عن العوضين و المقام ليس من أحدهما بل يكون من قبيل النهي عن البيع في وقت النداء.

لأن الصلح وقع على ترك الشفعة و قد سقطت بنفس الصلح و لا وجه للأخذ بما هو ساقط لأنه لا يبقى موضوع للحق بعد إسقاطه.

(مسألة ۳۷): لو كانت العين مشتركة بين حاضر و غائب و كانت حصة الغائب بيد ثالث فباعها بدعوى الوكالة عن الغائب جاز الشراء منه و التصرف فيه بأنواع التصرفات (۱0۷)، و يجوز للشريك الحاضر الأخذ بالشفعة بعد اطلاعه على البيع (۱0۸)، فإذا حضر الغائب و صدق الوكيل فهو و ان أنكر كان القول قوله بيمينه (۱0۹)، فإذا حلف انتزع الحصة من يد الشفيع و كان له عليه عوض المنافع الفائتة سواء كانت مستوفاة له أو لا (۱۱0).فإن دفعها إلى المالك يرجع بها على مدعي الوكالة (۱۱۱).

لاعتبار ظاهر يده و دعواه الوكالة من الدعوى بلا معارض فيقبل ما دام لم ينكشف الخلاف و بعد انكشاف الخلاف يعمل بحسب القواعد فيكون هذا الحكم ظاهريا ما داميا لا واقعيا حقيقيا كما في جميع الامارات و الطرق التسهيلية الامتنانية إذا انكشف الخلاف.

لما مر في سابقة من غير فرق لأن موضوع الأخذ بالشفعة انما هو الطرق الظاهرية التي يصح التعويل عليها في ظاهر الشرع أصلا كانت أو أمارة أو قاعدة فان طابقت الواقع فنعم الوفاق و إلا فيعمل بسائر القواعد كما في جميع الموارد التي ينكشف فيها الخلاف.

لأنه منكر، و البينة على المدعي و اليمين على من أنكر، هذا إذا لم تكن للوكيل بينة على الوكالة و إلا فيقدم قوله لأجل البينة.

أما انتزاع الحصة منه فلقاعدة «الناس مسلطون على أموالهم» التي‏ هي من أهم القواعد المعتبرة الشرعية النظامية كما مر.

و أما الرجوع إلى عوض المنافع مطلقا فلقاعدة على اليد الشاملة للمنافع المستوفاة و غيرها.

لقاعدة ان المغرور يرجع إلى من غره التي هي أيضا من القواعد المعتبرة و تقدم اعتبارها٥۹.

(مسألة ۳۸): لو كان الثمن مؤجلا جاز للشفيع الأخذ بالشفعة بالثمن المؤجل (۱۱۲)، و يصح للمشتري إلزام الشفيع بالكفيل لو حصل المقتضى له (۱۱۳)، و يجوز أيضا الأخذ بثمن حالا مع رضا المشتري به (۱۱٤).

لإطلاق أدلة الشفعة الشامل لكلا صورتي تأجيل الثمن و تعجيله و لا محذور فيه و لا منافاة فيه لفورية الأخذ بالشفعة، لأنها انما تكون فيما إذا لم يكن في البين غرض صحيح شرعي و تراض من الطرفين في البين و المفروض حصول التراضي بينهما في ذلك، و ما مر من خبر ابن مهزيار من بطلان الشفعة بعد ثلاثة أيام‏٦0، انما هو فيما إذا لم يرض المشتري بالتأخير عن طيب نفسه به و إلا فلا وجه للسقوط. و كذا توهم أنه لا بد و ان يكون الشفعة بالثمن و التأجيل يخالفه في صفته و إن لم يخالفه في ذاته «فإنه باطل لأن ما بذله المشتري بالثمن في مقابل العين و هو هنا واحد، و انما الاختلاف في التأجيل حصل برضائهما.

لأن أخذ الكفيل و الاستيثاق للمال من فروع ولاية المالك على ماله، و من فروع قاعدة السلطنة، فالمقتضي لأخذ الكفيل موجود و المانع عنه مفقود.

لإطلاق الأدلة الشامل لهذه الصورة، و لأن الحق بينهما فلهما ان يتراضيا بكل ما شاءا و أرادا ما لم يرد دليل على الخلاف و هو مفقود.

(مسألة ۳۹): الشفعة لا تبطل بالإقالة (۱۱٥). فيكون نماء المبيع بعدها للمشتري و نماء الثمن للبائع كما كان كذلك قبل الإقالة (۱۱٦)، و لكن الأحوط التصالح و التراضي مطلقا (۱۱۷).

لثبوتها نصا، و فتوى، بأصل حدوث البيع فمقتضى الأصل، و الإطلاق بقاؤها كما ان مقتضى إطلاق أدلة الإقالة صحتها أيضا في مورد ثبوت الشفعة إلا ان للشفيع إزالة الإقالة لسبق حقه فتكون صحتها مراعي بعفو الشفيع فإن حصل استمرت و الا بطلت من حينه.

إن قيل: لا وجه لسبق حق الشفيع، لأن الإقالة أيضا من الحقوق المجاملية الحاصلة بالبيع، مع ان لنا ان نقول بصحة كل منهما فينقل المبيع بالإقالة إلى البائع و يأخذ الشفيع عن البائع فيصحان معا.

يقال: أما حدوث الإقالة بأصل البيع فلا وجه له و هو خلاف ظواهر أدلتها التي هي ظاهرة في حدوثها بالندامة الحاصلة بعد البيع، و أما أخذ الشفيع العين من البائع بعد انتقالها إليه بالإقالة فهو أيضا خلاف ظواهر أدلة الشفعة و يظهر من الجواهر الإجماع على خلافه.

إن قيل: لا تجري الشفعة في مورد الإقالة لانصراف أدلتها إلى غير هذه الصورة.

يقال: هذا من مجرد الاحتمال و لا ينافي ظهور الإطلاق.

إن قيل: يتساقطان الحقان بعد التعارض و عدم الترجيح فيبقى العين على ملك المشتري بلا تقايل و لا شفعة.

يقال: التقايل لا اقتضاء و حق الشفعة لازم و سابق و لا تعارض بين ما هو لا اقتضاء و ما هو سابق.

لأنه لا وجه لبطلان الإقالة إلا هذا فكأن البيع ثابت و الإقالة لم تقع.

لما مر من احتمال سقوط الشفعة من أصلها في مورد الإقالة و إن كان‏ هذا الاحتمال ضعيفا.

(مسألة ٤۰): ثبوت الخيار للبائع- أي خيار كان- لا ينافي ثبوت حق الشفعة للشفيع (۱۱۸).

لإطلاق أدلة الشفعة، مع ان كل بيع ملازم لخيار المجلس غالبا و تساوى الحقين في ثبوتها بنفس البيع و إطلاق أدلتها و عدم دليل على سقوط أحدهما دون الآخر إلا احتمال انصراف أدلة الشفعة عما إذا كان للبائع خيار و هذا الانصراف من مجرد الاحتمال فقط فلا عبرة به و لكن الأحوط التراضي مع المشتري.

(مسألة ٤۱): ليس للشفيع فسخ البيع الواقع بين الشريك و المشتري و لو بالإقالةو عن تراض بينه و بين البائع (۱۱۹).

لأصالة لزومه، و أصالة عدم ثبوت هذا الحق له و انما له حق الأخذ بالشفعة من المشتري فقط مضافا إلى ظهور الإجماع عليه.

(مسألة ٤۲): لو كانت العين معيبة فإن علمه المشتري فلا خيار له و لا أرش (۱۲0) و إذا أخذ الشفيع بالشفعة مع علمه بالعيب فلا شي‏ء له أيضا (۱۲۱)، و إن كان جاهلا كان له الخيار في الرد فقط دون اختيار الأرش (۱۲۲).و إذا كان المشتري جاهلا له الأرش و لا خيار له في الرد (۱۲۳) و لو أخذ الشفيع بالشفعة يصح له أخذ الأرش من المشتري (۱۲٤). سواء كان‏ المشتري قد أخذ الأرش من البائع أو لا بل أسقطه عنه (۱۲٥).

لأنه أقدم على شراء المعيوب بعمده و اختياره فلا وجه لثبوت الخيار له، لأن الخيار و الأرش مجعول لتدارك الضرر و مع الإقدام على التضرر لا معنى لتداركه.

لما مر في سابقة من انه أقدم على التضرر فلا وجه لتدارك مثل هذا الضرر.

أما خيار الشفيع في الرد فلقاعدة الضرر، و ظهور فتوى الأصحاب عليه مع عدم اقدام منه عليه، لمكان جهله.

و أما اختصاصه بخصوص الرد دون أخذ الأرش فلأن تشريع الأرش انما هو لأجل تدارك ما فات من المشتري من عوض ماله و تتميم ما نقص منه و لا موضوع له في المقام لفرض أن الشفيع يعطي جميع ما غرمه المشتري من الثمن بلا نقص منه فإما إن يأخذ المبيع المعيوب بالثمن فلا نقص على المشتري حتى يتدارك بالأرش و إما ان يردّه إلى المشتري فلا موضوع للأرش أيضا.

و منه يظهر ما نسب الى الفاضل و الشهيدين و المحقق الثاني رحمه اللّه من تخييره بين الرد و الأرش و لم يأتوا بدليل له إلا إطلاق دليل الأرش و ارتضاه صاحب الجواهر و استحسنه المحقق رحمه اللّه.

و فيه: ان كون الإطلاق واردا لبيان هذه الجهات مشكل بل ممنوع و الأحوط ان يكون أخذه بتراضيهما معا خروجا عن خلاف هؤلاء الأساطين.

أما أصل ثبوت خيار العيب له، فلدليل خيار العيب الجاري في المقام بلا كلام و أما عدم تخييره في الرد فلتعلق حق الشفيع به.

أما تعين الأرش فلجبران النقص المعاملي الحاصل له بالعيب مع الجهل به.

لفرض انه لم يصل تمام عوض ماله إليه فلا بد من تداركه و هو يصلح بالأرش.

و توهم: اختصاص أخذ الأرش بالبيع فلا يثبت في الأخذ بالشفعة.

مردود: لعموم دليله و هو قاعدة نفي الضرر الجاري في البيع و غيره، كما ان توهم ان إطلاق قوله عليه السّلام في أخبار الشفعة: «هو أحق بها بالثمن»٦۱، عدم‏ الزيادة و النقيصة بالنسبة إلى الثمن، و هو يشمل حتى الأرش أيضا، مردود فإن الأرش متمم مالية المبيع لا أن يلحظ في ناحيته الثمن.

لأن ما وقع من البيع الأول و الشفعة اللاحقة له موضوعان مختلفان من هذه الجهات فكل ما دل الدليل على اعتباره في الأخذ بالشفعة نقول به و ما لم يدل دليل عليه نعمل فيه بحسب سائر الأدلة و لا دليل من عقل أو نقل يصح الاعتماد عليه للملازمة بين أخذ الشفيع للأرش من المشتري و بين أخذ المشتري له من البائع وجودا و عدما.

(مسألة ٤۳): إذا اتفق اطلاع المشتري على العيب بعد أخذ الشفيع للشفعة يجوز له أخذ الأرش من البائع و عليه دفعه إلى الشفيع (۱۲٦). و لو اطلع الشفيع عليه دون المشتري فليس له مطالبة البائع بالأرش (۱۲۷) و يجوز له مطالبة المشتري به (۱۲۸) و الأحوط التصالح و التراضي في جميع هذه المسألة و ما قبلها (۱۲۹).

أما جواز أخذه الأرش من البائع فلقاعدة نفي الضرر. و أما لزوم دفعه إلى الشفيع فلأن الأرش من متممات مالية المبيع و تتميم نقصه و مورد الشفعة عند المتعارف و بحسب المنساق من الأدلة انما هو تسليم المبيع تماما و بلا نقص إلى الشفيع إلا مع تراضيهما على الاكتفاء بالمنقوص.

لكونه أجنبيا بالنسبة إلى الشفيع لأن حق الشفعة يتعلق بملك المشتري لا البائع.

لما مر آنفا فلا وجه للتكرار.

لاضطراب الكلمات و تشويشها حتى ان المحقق قدس سرّه مع بنائه على التهذيب و التنقيح لم يهذب كتاب الشفعة كسائر الكتب، و كذا صاحب الجواهر «رحمهم اللّه تعالى».

(مسألة ٤٤): لو أراد المالك أو المشتري ان لا يثبت حق الشفعة للشريك أنشئا نقل الملك بالصلح أو الهبة لا البيع (۱۳0).

لما تقدم من اختصاص حق الشفعة بخصوص البيع و لا يجري في سائر النواقل و هناك حيل شرعية أخرى لحرمان الشريك عن حق الشفعة مذكورة في المطولات، من شاء فليراجع إليها.

(مسألة ٤٥): إذا أقر المالك انه باع نصيبه من أجنبي و أنكر الأجنبي البيع لا يثبت حق الشفعة للشريك (۱۳۱).

لأن إقرار العقلاء على أنفسهم و ان كان صحيحا لكن لا يثبت به ملكية الأجنبي للنصيب التي هي موضوع ثبوت حق الشفعة و قد مر أن المنساق من الأدلة تعلق حق الشفعة بملك المشتري و لا ربط له بالبائع و المفروض عدم ثبوت ملكية المشتري بمجرد إقرار البائع مع إنكاره.

و لكن، عن جمع منهم الشيخ، و المحقق و الفاضل و الشهيدين ثبوته بمجرد إقرار البائع بالبيع بدعوى: أن حق الشفعة تابع للبيع و قد حصل بالإقرار.

و فيه: انه تابع للبيع من حيث إضافته إلى قبول المشتري لا من حيث إقرار البائع فقط مع إنكار المشتري و قد بالغ الحلي في رد هذا القول من أراد فليراجع المطولات.

و الحمد للّه على كل حال

و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم.

  1. كنز العمال ج: ۷ صفحة ۳ حدث: ۱۹ ط حيدر آباد.
  2. الوسائل باب: ۳ من أبواب الشفعة: ۱.
  3. الوسائل باب: ٥ من أبواب الشفعة: ۱.
  4. الوسائل باب: ٥ من أبواب الشفعة: ۱.
  5. الوسائل باب: ۷ من أبواب الشفعة: ۲.
  6. الوسائل باب: ۷ من أبواب الشفعة: ۳.
  7. الوسائل باب: ۷ من أبواب الشفعة: ۷.
  8. الوسائل باب: ۸ من أبواب الشفعة: ۲.
  9. الوسائل باب: ۳ من أبواب الشفعة: ۷.
  10. الوسائل باب: ۳ من أبواب الشفعة: ٦.
  11. الوسائل باب: ۳ من أبواب الشفعة: ۱.
  12. الوسائل باب: ۸ من أبواب الشفعة: ۱.
  13. الوسائل باب: ۸ من أبواب الشفعة: ۲.
  14. الوسائل باب: 4 من أبواب الشفعة: ۱.
  15. كنز العمال ج: ۷ حديث: ۱۷ و غيره طبعة حيدر آباد.
  16. تقدم في صفحة: ۱۲۸.
  17. الوسائل باب: 4 من أبواب الشفعة: ۱.
  18. مستدرك الوسائل: باب: 4 من كتاب الشفعة حديث: ۲.
  19. تقدم في صفحة: ۱۲۸.
  20. الوسائل باب: ۲ من أبواب الشفعة: ۱.
  21. الوسائل باب: ۷ من أبواب الشفعة: ۲.
  22. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الشفعة: ۲.
  23. الوسائل باب: ٥ من أبواب الشفعة: ۱.
  24. الوسائل باب: ۷ من أبواب الشفعة: ۱.
  25. الوسائل باب: ۷ من أبواب الشفعة: ۲.
  26. الوسائل باب: ٥ من أبواب الشفعة.
  27. الوسائل باب: ۷ من أبواب الشفعة: ٥.
  28. الوسائل باب: ۷ من أبواب الشفعة: ۷.
  29. الوسائل باب: ۱0 من أبواب الشفعة: ۱.
  30. الوسائل باب: ٦ من أبواب الشفعة: ۱.
  31. الوسائل باب: ٦ من أبواب الشفعة: ۱.
  32. سورة النساء: ۱4۱.
  33. الوسائل باب: ۱ من أبواب موانع الإرث حديث: ۱۱.
  34. تقدم في ج: ۱٦ صفحة: ۳۸٥.
  35. الوسائل باب: ٦ من أبواب الشفعة: ۲.
  36. الوسائل باب: ٦ من أبواب الشفعة: ۲.
  37. تقدم في ج: ۱۷ صفحة: ۲4۹.
  38. الوسائل باب: ۷ من أبواب الشفعة: ۲.
  39. الوسائل باب: ٦ من أبواب الشفعة: ۲.
  40. الوسائل باب: ٦ من أبواب الشفعة: ۲.
  41. الوسائل باب: ٥ من أبواب الشفعة.
  42. الوسائل باب: ۲ من أبواب الشفعة.
  43. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الشفعة حديث: ۱.
  44. راجع ج: ۱٦ صفحة: ۲٦۹.
  45. الوسائل باب: ۷ من أبواب الشفعة: ۲.
  46. تقدم في صفحة: ۱۳۷.
  47. الوسائل باب: ۲ من أبواب الشفعة.
  48. الوسائل باب: ۲ من أبواب الشفعة.
  49. الوسائل باب: ۹ من أبواب الشفعة: ۱.
  50. الوسائل باب: ۲ من أبواب الشفعة.
  51. تقدم في ج: ۱٦ صفحة: ۳4۷- ۳٥۱.
  52. تقدم في ج: ۱٦ صفحة: ۳4۷.
  53. لم نعثر عليه في المجامع للأحاديث و لكن الشهيد« رضى اللّه عنه» ذكره في المسالك ج: ۲ كتاب الشفعة ط. الحجرية.
  54. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الشفعة.
  55. راجع المغني لابن قدامة كتاب الشفعة صفحة: ٥۳٦.
  56. كنز العمال ج: ۷ كتاب الشفعة حديث: ۱.
  57. المغني لابن قدامة كتاب الشفعة ج: ٥ صفحة: 4٦0.
  58. الوسائل باب: ۳ من أبواب أحكام الصلح: ۲.
  59. راجع ج: ۱٦ صفحة: ۳4۷- ۳٥۱.
  60. تقدم في صفحة: ۱۳٥.
  61. الوسائل باب: ۲ من أبواب الشفعة حديث: ۱.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"