لحديث الرفع۱، و الإجماع، و الأصل، و قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «تجب الفطرة على كل من تجب عليه الزكاة»۲ المنساق منه كونها دائرة مدار ثبوت زكاة المال على الشخص وضعا و تكليفا.
و هي أمور: الأول: التكليف، فلا تجب على الصبيّ و المجنون (۱) و لا على وليّهما (۲) أن يؤدي عنهما من مالهما بل يقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى عيالهما أيضا. الثاني: عدم الإغماء (۳)، فلا تجب على من أهلّ شوال عليه و هو مغمى عليه (٤). الثالث: الحرية، فلا تجب على المملوك و إن قلنا إنّه يملك (٥) سواء كان قنّا أو مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا مشروطا أو مطلقا و لم يؤد شيئا (٦)، فتجب فطرتهم على المولى (۷). نعم، لو تحرّر من المملوك شيء وجبت عليه و على المولى بالنسبة، مع حصول الشرائط (۸). الرابع: الغني (۹)، و هو أن يملك قوت سنة- له و لعياله- زائدا على ما يقابل الدّين و مستثنياته، فعلا أو قوّة (۱۰) بأن يكون له كسب يفي بذلك. فلا تجب على الفقير- و هو من لا يملك ذلك- و إن كان الأحوط إخراجها إذا كان مالكا لقوت السنة، و إن كان عليه دين، بمعنى: أنّ الدّين لا يمنع من وجوب الإخراج، و يكفي ملك قوت السنة (۱۱). بل الأحوط الإخراج إذا كان مالكا عين أحد النصب الزكوية أو قيمتها (۱۲) و إن لم يكفه لقوت سنته بل الأحوط إخراجها إذا زاد على مئونة يومه و ليلته صاع (۱۳).
لصحيح ابن الفضيل أنّه: «كتب إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) يسأله عن الوصيّ يزكي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال، فكتب (عليه السلام) لا زكاة على يتيم» و لا فرق بينه و بين المجنون، لظهور الإجماع على عدم الفرق، مضافا إلى الأصل فيها.
لإطلاق قوله (عليه السلام): «كل ما غلب اللَّه على عباده فاللَّه أولى بالعذر»۳، مضافا إلى الأصل و ظهور الإجماع.
للأصل، و لظهور الإجماع.
لإجماعهم عليه، و أنّه مقطوع به في كلماتهم، و يشهد له ما مر في عدم وجوب الزكاة على المملوك.
لإطلاق الدليل الشامل للجميع، و نسب إلى الصدوق أنّ فطرة المكاتب على نفسه، لصحيح ابن جعفر: عن المكاتب هل عليه فطرة شهر رمضان أو على من كاتبه و تجوز شهادته؟ قال (عليه السلام): الفطرة عليه، و لا تجوز شهادته»4، و لكنه موهون بالإعراض، فلا يصح للاستناد.
بشرط صدق العيلولة كما يأتي في الفصل التالي.
لإطلاق الأدلة الشاملة لهما، و أصالة البراءة عن وجوب الكل بالنسبة إليهما، و عدم دليل على ترجيح الحرية حتّى بالنسبة إلى هذه الجهة. نعم، بناء على قول الصدوق (رحمه اللَّه) يتعيّن كونها على نفسه بالأولوية.
نصّا و إجماعا بقسميه، ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «سئل عن رجل يأخذ من الزكاة أ عليه صدقة الفطرة؟ قال (عليه السلام): لا»٥.
و أما صحيح زرارة: «قلت: الفقير الذي يتصدّق عليه، هل عليه صدقة الفطرة؟ قال (عليه السلام): نعم، يعطى مما يتصدّق به عليه»٦ و مثله غيره فمحمول على الندب جمعا، مع إعراض الأصحاب عن ظاهره. فما عن ابن الجنيد من وجوبها على من فضل عن مئونته و مئونة عياله صاع، و عن الخلاف نسبته إلى الأكثر لا دليل عليه.
لأنّ ذلك هو المراد بالغنى- الوارد في الروايات، و معاقد الإجماعات- و قد تقدم في أصناف المستحقين من زكاة المال ما ينفع المقام، و المراد بالدّين، الدّين الحال عليه في هذه السنة لا مطلق الدّين.
جمودا على إطلاقات الكلمات المشتملة على أنّ الفقير من لا يملك قوت السنة بدعوى: أنّ الدّين خارج عن قوت السنة و قد مرّ ضعفه في قسم الغارمين من زكاة المال فراجع.
خروجا عن مخالفة الشيخ (رحمه اللَّه) في الخلاف في باب الفطرة حيث قال: «تجب زكاة الفطرة على من ملك نصابا تجب فيه الزكاة أو قيمة نصاب و به قال أبو حنيفة» و لكن لا دليل عليه من نصّ، أو إجماع راجع بحث أصناف المستحقين من زكاة المال من الجواهر.
خروجا عن مخالفة مثل ابن الجنيد، لما مرّ من خبر زرارة، و تقدم حمله على النّدب، فلا يبقى مدرك للوجوب.
(مسألة ۱): لا يعتبر في الوجوب كونه مالكا مقدار الزكاة زائدا على مئونة السنة، فتجب و إن لم يكن له الزيادة على الأقوى و الأحوط (۱٤).
لإطلاق النص، و الفتوى، و عن جمع منهم: الفاضلان، و الشهيد و المحقق الثانيان (رحمهم اللَّه) اعتبار الزيادة في وجوبها، و استدلوا عليه تارة: بأنّ عدم اعتبار زيادة الصاع يوجب صيرورته فقيرا، فيلزم من اعتبار وجدان مئونة السنة عدمه.
و فيه: أنّ وجدان المؤنة شرط للوجوب، و عدم الوجدان يحصل بالامتثال فتختلف المرتبة و لا محذور فيه.
و أخرى: بأنّه لو وجبت عليه لحلّ له أخذها، لتحقق الفقر حينئذ. و قد ورد عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) أنّ: «من حلّت له لم تحل عليه، و من حلّت عليه لم تحل له»۷.
و فيه: أنّه لا منافاة بين الوجوب عليه و صحة أخذه لها. و معنى الحديث الشريف: أنّ من حلت الفطرة عليه لا تحل له أخذها من حيث الوجوب، لا أنّه لا يحل له أخذها مطلقا و لو صار فقيرا بالأداء.
و ثالثة: بأنّ حدوث الفقر مانع عن وجوبها كأصل ثبوته.
(و فيه) أنّ حدوث الفقر معلول وجوب الفطرة فلا يعقل أن يكون علة لعدم الوجوب و إلا يكون معلول الشيء مانعا عن وجوده و هو فاسد.
و عن الدروس، و المبسوط الفرق بين الغنى فعلا و الغني قوّة، فلا يجب على الأخير.
و فيه: أنّه مخالف لإطلاق الأدلة، مع أنّهما لا يقولان بذلك في الزكاة المالية.
(مسألة ۲): لا يشترط في وجوبها الإسلام، فتجب على الكافر، لكن لا يصح أداؤها منه، و إذا أسلم بعد الهلال سقط عنه. و أما المخالف إذا استبصر بعد الهلال فلا تسقط عنه (۱٥).
أما الوجوب على الكافر، فلإطلاق الأدلة و عمومها الشامل له أيضا كسائر التكاليف بناء على تكليف الكفار بالفروع كتكليفهم بالأصول- كما أثبتناه مرارا في الكتاب۸– و أما عدم الصحة منه ما دام كافرا، فلاعتبار القربة فيها و لا تحصل من الكافر على المشهور. و فيه بحث.
و أما السقوط بعد الإسلام، فلحديث الجبّ۹، و قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في: «اليهوديّ، و النصراني يسلم ليلة الفطر قال: ليس عليهم فطرة و ليس الفطرة إلا على من أدرك الشهر» و مثله غيره۱۰.
و فائدة الوجوب ولاية الحاكم على الإخراج كما تقدم في زكاة المال، و أما عدم السقوط عن المستبصر، فلأصالة البقاء بعد عدم دليل عليه، بل لو أداها إلى أهل نحلته وجبت عليه الإعادة، لأنّه وضعها في غير موضعها، و إنّما موضعها أهل الولاية و قد تقدم في زكاة المال ما يظهر منه الحال و يأتي في الفصل الأخير بعض المقال.
(مسألة ۳): يعتبر فيها نية القربة كما في زكاة المال (۱٦)، فهي من العبادات، و لذا لا تصح من الكافر.
أرسل ذلك إرسال المسلّمات، و يظهر منهم الإجماع عليه.
(مسألة ٤): يستحب للفقير إخراجها أيضا (۱۷) و إن لم يكن عنده إلّا صاع، يتصدّق به على عياله، ثمَّ يتصدّق به على الأجنبيّ بعد أن ينتهي الدّور (۱۸).و يجوز أن يتصدّق به على واحد منهم أيضا (۱۹)، و إن كان الأولى و الأحوط الأجنبيّ (۲۰) و إن كان فيهم صغير أو مجنون يتولى الوليّ له الأخذ له و الإعطاء عنه (۲۱). و إن كان الأولى و الأحوط أن يتملك الوليّ لنفسه، ثمَّ يؤدي عنهما (۲۲).
للإجماع بقسميه، و النصوص المحمولة عليه و قد تقدّم بعضها فراجع.
يدل على أصل صحة الدور، موثق ابن عمار: «قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام): الرجل لا يكون عنده شيء من الفطرة إلا ما يؤدي عن نفسه وحدها أ يعطيه غريبا أو يأكل هو و عياله؟ قال (عليه السلام): يعطي بعض عياله ثمَّ يعطي الآخر عن نفسه يترددونها، فتكون عنهم جميعا فطرة واحدة»۱۱، و تقتضيه التسهيلات الشرعية أيضا. و هذا نحو حيلة في درك الثواب.
لأنّ الظاهر من قوله (عليه السلام) فيما تقدم من موثق ابن عمار:
«يرددونها» عدم خروج المال من بين من ردد فيهم سواء حصل ذلك لأحدهم أو رجع إلى أول من خرج من عنده.
لأنّه نحو إيثار للغير على الأهل و هو مرغوب، بل من أجلّ المقامات لأولياء اللَّه. و أما كونه أحوط، فللجمود على عنوان الفطرة و الصدقة، فإنّ المنساق منهما عند المتشرعة إخراج المال عن النفس و الأهل.
لإطلاق دليل ولايته الشامل للأخذ عنه مطلقا. و أما الإعطاء عنه فمقتضى أصالة عدم الولاية فيه عدم جوازه إلا أن يقال: إنّ مقتضى مرتكزات المتشرعة جواز التصدق- من أموال القصر- بالنسبة إلى أوليائهم- خصوصا الفطرة التي تكون حافظا لهم عن الموت- فيكون هذا من مصالحهم.
لعدم جريان شبهة عدم الولاية على الإعطاء حينئذ كما هو معلوم.
(مسألة ٥): يكره تملك ما دفعه زكاة وجوبا أو ندبا سواء تملكه صدقة أو غيرها على ما مرّ في زكاة المال (۲۳).
راجع [مسألة ۲۰] من (فصل بقية أحكام الزكاة) و ظاهر الفقهاء اتحاد حكم زكاة المال و زكاة الفطرة إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخلاف في المقام.
(مسألة ٦): المدار في وجوب الفطرة إدراك غروب ليلة العيد جامعا للشرائط (۲٤)، فلو جنّ أو أغمي عليه، أو صار فقيرا قبل الغروب- و لو بلحظة بل أو مقارنا للغروب- لم تجب عليه (۲٥). كما أنّه لو اجتمعت الشرائط- بعد فقدها قبله أو مقارنا له- وجبت (۲٦) كما لو بلغ الصبيّ، أو زال جنونه و لو الأدواري، أو أفاق من الإغماء، أو ملك ما يصير به غنيّا أو تحرّر و صار غنيّا، أو أسلم الكافر، فإنّها تجب عليهم و لو كان البلوغ أو العقل أو الإسلام مثلا بعد الغروب لم تجب. نعم، يستحب إخراجها إذا كان ذلك بعد الغروب إلى ما قبل الزوال من يوم العيد (۲۷).
للنص، و الإجماع، ففي صحيح معاوية: «المولود يولد ليلة الفطر و اليهوديّ و النصرانيّ يسلم ليلة الفطر قال (عليه السلام): «ليس عليهم فطرة، ليس الفطرة إلا على من أدرك الشهر»۱۲ و المنساق منه الإدراك جامعا للشرائط. فمن فقد منه بعض الشرائط مقارنا لا يصدق أنّه أدرك الشهر جامعا للشرائط.
لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه.
لصدق إدراك الشهر جامعا للشرائط حتى في صورة المقارنة، فيشملها إطلاق الأدلة.
لقول أبي جعفر (عليه السلام): «تصدّق عن جميع من تعول- من حرّ أو عبد، صغيرا أو كبيرا- من أدرك منهم الصلاة»۱۳. و المرسل: «إن ولد له قبل الزوال يخرج عنه الفطرة، و كذلك: «من أسلم قبل الزوال»۱4 المحمول على الندب جمعا و إجماعا.
- الوسائل باب: ٥٦ من أبواب جهاد النفس.
- الوسائل باب: 4 من أبواب زكاة الفطرة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب صلاة القضاء حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب زكاة الفطرة حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب زكاة الفطرة حديث: ۱ و ٥.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب زكاة الفطرة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب زكاة الفطرة حديث: ۹.
- راجع صفحة: 4٦.
- راجع صفحة: 4٦.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب زكاة الفطرة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب زكاة الفطرة حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب زكاة الفطرة حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب زكاة الفطرة حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب زكاة الفطرة حديث: ۳.