كتابا، و سنة، و إجماعا:
فمن الكتاب العزيز جملة كثيرة من الآيات:
منها: قوله تعالى فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ۱.
و منها: قوله تعالى فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ۲.
و من السنة نصوص مستفيضة بين الفريقين:
منها: ما استفاض عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلّا اللّه فاذا قالوها عصموا منّي دماءهم»۳.
و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «اقتلوا المشركين و استحيوا شيوخهم و صبيانهم»4.
و عن الصادق عليه السّلام في خبر الواسطي: «كتب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى أهل مكة:
أسلموا و إلا نابذتكم بحرب فكتبوا إليه أن خذ منا الجزية و دعنا على عبادة الأوثان فكتب صلّى اللّه عليه و آله إنّي لست آخذ الجزية إلا من أهل الكتاب فكتبوا إليه- يريدون بذلك تكذيبه- زعمت أنّك لا تأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب ثمَّ أخذت الجزية من مجوس هجر فكتب إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المجوس كان لهم نبيّ فقتلوه و كتاب أحرقوه»٥.
و في خبر الأصبغ بن نباتة: «إنّ عليّا عليه السّلام قال على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني فقام إليه الأشعث فقال: يا أمير المؤمنين كيف تؤخذ الجزية من المجوس و لم ينزل عليهم كتاب و لم يرسل إليهم نبيّ؟! فقال عليه السّلام: بلى يا أشعث قد انزل اللّه عليهم كتابا و بعث إليهم نبيّا»٦.
و اختصاص أخذ الجزية بأهل الكتاب كان من المسلّمات عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام و الأصحاب و الرواة بحيث كانوا يسألون أنّ المجوس من أهل الكتاب حتى تؤخذ الجزية منهم أولا حتى يقتل و لا يؤخذ الجزية منهم كما تقدم في خبر الواسطي المعمول به عند الإمامية و يكفي الاستدلال به و إن كان في سنده إرسال و لكنّه لا يضرّ بعد الاتفاق على العمل به.
و في صحيح ابن مسلم الوارد في بيان حكمة أخذ الجزية قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام قول اللّه عزّ و جل قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فقال لم يجيء تأويل هذه الآية بعد، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خص لهم لحاجته و حاجة أصحابه فلو جاء تأويلها لم يقبل منهم، و لكن يقتلون حتى يوحد اللّه، و حتى لا يكون شريك»۷. و ظهوره في الانحصار مما لا ينكر.
و في خبر أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجزية فقال عليه السّلام: إنّما حرّم اللّه الجزية من مشركي العرب»۸، إلى غير ذلك من الأخبار.
و أما ما ظاهره صحة أخذ الجزية من المشركين كقول عليّ عليه السّلام في خبر البختري: «القتال قتالان: قتال أهل الشرك لا ينفر عنهم حتى يسلموا أو يؤتوا الجزية- الحديث-»۹، فقاصر سندا و معرض عند الأصحاب مع إمكان حمله على أهل الكتاب أيضا.