إجماعا، و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل النساء و الولدان و كان يسترقهم إذا سباهم۱.
أما الأسارى فهم ذكور و إناث، فالإناث يملكن بالسبي و لو كانت الحرب قائمة، و كذا الذراري (۱).
(مسألة ۱): يعتبر في التملك قصد السبي و الاستيلاء عليه (۲) و لا يعتبر استمرار الاستيلاء فيبقى على الملك و لو هرب (۳).
لأصالة عدم الملك مع عدمهما و لا يكفي مجرّد النظر و لا وضع اليد من دون قصدهما، للأصل بل و لا يكفي القصد مع النظر فلا بد من الاستيلاء العرفي عليه و لا يتحقق ذلك بمجرد النظر و لو مع القصد.
لإطلاق الأدلة الدالة على حدوث الملكية بمجرد الاستيلاء عليه فالتملك بالسبي يكون كالتملك بالصيد حيث يكفي فيه مجرد حدوث .
(مسألة ۲): الذكور البالغون إن أسروا و الحرب قائمة يتعيّن عليهم القتل (٤) و إن أسروا بعد انقضاء الحرب لم يقتلوا و كان الإمام مخيّرا بين المنّ الاستيلاء فقط عليهم، و الفداء، و الاسترقاق (٥) و لو أسلموا بعد الأسر لم يسقط التخيير بين الثلاثة (٦).
إجماعا، و نصّا ففي خبر طلحة بن زيد: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كان أبي عليه السّلام يقول: إنّ للحرب حكمين إذا كانت الحرب قائمة و لم تضع أوزارها و لم يثخن أهلها، فكل أسير أخذ في تلك الحال فإنّ الإمام فيه بالخيار إن شاء ضرب عنقه و إن شاء قطع يده و رجله من خلاف بغير حسم، ثمَّ يتركه يتشحط في دمه حتى يموت و هو قول اللّه عزّ و جل إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ، أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ألا ترى أنّ المخير الذي خير اللّه الإمام على شيء واحد و هو الكفر «الكل» و ليس هو على أشياء مختلفة فقلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: قول اللّه عزّ و جل أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ قال عليه السّلام:
ذلك الطلب أن تطلبه الخيل حتى يهرب فإن أخذته الخيل حكم عليه ببعض الأحكام التي وصفت لك.
و الحكم الآخر إذا وضعت الْحَرْبُ أَوْزارَها و أثخن أهلها فكل أسير أخذ على تلك الحال فكان في أيديهم فالإمام فيه بالخيار إن شاء منّ عليهم فأرسلهم، و إن شاء فاداهم أنفسهم و إن شاء استعبدهم فصاروا عبيدا»۲.
و في كنز العرفان: «المنقول عن أهل البيت عليهم السّلام: أنّ الأسير إن أخذ و الحرب قائمة تعين قتله إما بضرب عنقه أو قطع يديه و رجليه و يترك حتى ينزف و يموت، و إن أخذ بعد انقضاء الحرب تخيّر الإمام عليه السّلام بين المنّ و الفداء و الاسترقاق، و لا يجوز القتل».
هذا إذا لم يسلموا و إلّا فيسقط القتل لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلّا اللّه فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم»۳، و عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام: «الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه و صار فيئا»4.
كتابا٥، بالنسبة إلى المنّ و الفداء، و سنة، و إجماعا بالنسبة إلى الثلاثة و قد تقدم خبر طلحة بن زيد، و ما عن كنز العرفان.
و المنّ: عبارة عن تخلية سبيلهم فيكونون أحرارا كما كانوا قبل التسلط عليهم، و الفداء: هو ذلك بعينه مع شرط أو أخذ شيء منهم و الاسترقاق: معلوم.
للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق.
(مسألة ۳): لو عجز الأسير عن المشي فإن كان الأسر بعد انقضاء الحرب لا يجوز قتله، و إن كانت الحرب قائمة يجوز ذلك (۷) و في كل منهما لو بادر أحد بقتله كان دمه هدرا (۸).
لما تقدم من الدليل في كل منهما.
لظهور الإجماع عليه فلا تترتب عليه دية و لا كفارة.
(مسألة ٤): يجب أن يطعم الأسير و يسقى و إن أريد قتله (۹) و يكره أن يقتل صبرا و يحمل رأس المقتول الكافر من المعركة (۱۰).
على المشهور، لجملة من النصوص:
منها: صحيح أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «الأسير يطعم و إن كان يقدم للقتل»٦.
و عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال عليّ عليه السّلام: «إطعام الأسير و الإحسان إليه حق واجب و إن قتلته من الغد»۷. و في صحيح زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:
«إطعام الأسير حق على من أسره و إن كان يراد من الغد قتله، فإنّه ينبغي أن يطعم و يسقى و يرفق به كافرا كان أو غيره»۸، إلى غير ذلك من الروايات.
على المشهور فيهما، و عن الصادق عليه السّلام: «لم يقتل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجلا صبرا غير عقبة بن أبي معيط و طعن أبي بن أبي خلف»۹.
و إطلاق ما في النبوي صلّى اللّه عليه و آله: «إنّ اللّه كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح»۱۰.
و الصبر في القتل أي: القتل مع المشتقة، و قد ورد أنّه: «لم يحمل إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله رأس قط»۱۱.
(مسألة ٥): يجب دفن الشهيد و غيره ممن مات في المعركة دون الحربيّ، و مع الاشتباه يرجع إلى الأمارات المفيدة للاطمئنان و مع فقدها يدفن صغير الآلة (۱۱).
للعمومات، و الإطلاقات الدالة عليه، و قد تقدم ما يتعلق بذلك كله في أحكام الأموات.
(مسألة ٦): الطفل مطلقا تابع لأبويه في الإسلام و الكفر (۱۲) و الطفل المسبيّ الذي ليس معه أحد أبويه الكافرين يتبع السابي في الإسلام (۱۳) و إن كان معه أحد أبويه الكافرين تبعه في الكفر (۱٤).
إجماعا، و نصّا ففي خبر حفص بن غياث قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل من أهل الحرب إذا أسلم في دار الحرب فظهر عليهم المسلمون بعد ذلك فقال عليه السّلام: إسلامه إسلام لنفسه و لولده الصغار، و هم أحرار، و ولده و متاعه و رقيقه له، فأما الولد الكبار فهم فيء للمسلمين إلا أن يكونوا أسلموا قبل ذلك، فأما الدور و الأرضون فهي فيء فلا يكون له، لأنّ الأرض هي أرض جزية لم يجر فيها حكم الإسلام، و ليس بمنزلة ما ذكرناه، لأنّ ذلك يمكن احتيازه و إخراجه إلى دار الإسلام»۱۲.
لظهور الإجماع، و قد تقدم في كتاب الطهارة عند بيان الطهارة التبعية۱۳.
بلا خلاف فيه من أحد، و يقتضيه الأصل أيضا.
(مسألة ۷): إذا أسر الزوج البالغ لم ينفسخ النكاح و لو استرقه الإمام انفسخ (۱٥)، و لو كان الزوج الأسير طفلا أو كان الأسير امرأة ثمَّ أسر زوجها انفسخ النكاح (۱٦). و كذا لو أسر الزوجان معا (۱۷).
أما الأول، فللأصل و الإجماع. و أما الثاني فلا دليل عليه إلا ظهور الإجماع و الاتفاق.
لما تقدم من تحقق الرق فيهما بمجرد السبي و هو يقتضي انفساخ النكاح، مضافا إلى الإجماع على الانفساخ، و قوله تعالى وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ۱4، بناء على أنّ المراد منها إلا ما ملكت أيمانكم بالسبي من ذوات الأزواج.
و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سبي أوطاس: «لا توطأ حامل حتى تضع، و لا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة»۱٥. الظاهر في انفساخ النكاح، مع أنّ ملك الرقبة أقوى من ملك النكاح فإذا طرأ عليه أزاله. و المناط صدق سبي المرأة وحدها من دون سبي زوجها فلا فرق بين أن يسبى زوجها بعدها بزمان قليل أو كثير.
لحدوث الملك للزوجة بمجرد السبي و هو يقتضي بطلان النكاح كما مرّ و إن لم يحصل الملك للزوج بمجرد السبي كما لو كان كبيرا أو لم يسترقه الإمام.
(مسألة ۸): لو سبيت امرأة فصولح أهلها على عوض صحيح يصح إطلاقها ما لم يكن استولدها المسلم (۱۸).
أما الأول، فلأنّه مقتضى صحة عقد المصالحة.
(مسألة ۹): لو أسلم الحربي في دار الحرب حقن دمه و عصم ماله المنقول دون ما لا ينقل فإنّه فيء للمسلمين و لحق به ولده الأصاغر و لو كان فيهم حمل (۱۹)، و لو سبيت أم الحمل كانت رقا دون ولدها (۲۰)، و كذا لو كانت الحربية حاملا من مسلم بوطي مباح كالشبهة (۲۱).
للإجماع، و النص قال الصادق عليه السّلام في خبر حفص المتقدم «إسلامه إسلام لولده الصغار و هم أحرار و ولده و متاعه و رقيقه له فأما الولد الكبار فهم فيء للمسلمين إلا أن يكونوا أسلموا قبل ذلك و أما الدور و الأرضون فهي فيء و لا يكون له».
لإطلاق ما دل على أنّ المرأة تسترق بالسبي، و ما دل على أنّ الولد تابع للوالد دون الام.
فتسترق الام دون الحمل، لأنّه تابع للوالد.
(مسألة ۱۰): لو أسلم عبد الحربيّ في دار الحرب قبل مولاه ملك نفسه إن خرج قبل لا مولاه و لو خرج بعده كان باقيا على الرقية (۲۲).
لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام «إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حين حاصر أهل الطائف قال: أيّما عبد خرج إلينا قبل مولاه فهو حرّ و أيّما عبد خرج إلينا بعد مولاه فهو عبد»۱٦، و قد عمل به المشهور، و يعضده المروي عن طرق العامة: «قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في العبد بقضيتين، قضى أنّ العبد إذا خرج من دار الحرب قبل سيده أنّه حر، فإن خرج سيده بعده لم يرد عليه، و قضى أنّ السيد إذا خرج قبل العبد ثمَّ خرج العبد رد على سيده»۱۷.
- راجع المغني ج: ۱۰ صفحة: 4۰۰ الحديث بعضه مذكور في سنن ابن ماجه ج: ۲ باب: ۳۰ من أبواب جهاد العدو حديث: ۲۸4۱
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۱.
- راجع سنن البيهقي ج: ۹ صفحة ۱۸۲ و تقدم أيضا في صفحة: ۷۰.
- الوسائل باب: ۲۳ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۲.
- سورة محمد صلّى اللّه عليه و آله: 4.
- الوسائل باب: ۳۲ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳۲ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۳ و ۱.
- الوسائل باب: ۳۲ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۳ و ۱.
- الوسائل باب: ٦٦ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۱.
- سنن الترمذي باب: ۱4 من أبواب الديات.
- راجع المعني ج: ۱۰ صفحة: ٥٦٥.
- الوسائل باب: 4۳ من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۱.
- راجع ج: ۳ صفحة: 4٦۲.
- سورة النساء: ۲4.
- سنن أبي داود باب: 44 من أبواب النكاح حديث: ۲۱٥۷.
- الوسائل باب: 44 من أبواب جهاد العدوّ حديث: ۱.
- راجع المنتقى من أخبار المصطفى ج: ۲ صفحة: ۸۰۹ حديث: 44۰۳.