مسألة ۸92: يجب على المدين أداء الدين فوراً عند مطالبة الدائن إنْ قدر عليه، ولو يبيع سلعته ومتاعه أو عقاره أو مطالبة غريمه أو استقراضه إذا لم يكن حرجياً عليه أو إجارة أملاكه, وأما إذا لم يقدر عليه بذلك تجب عليه التكسب اللائق بحاله والأداء منه الأحوط.
مسألة ۸93: لا يجب على المدين بيع دار سكناه وثيابه المحتاج إليها ولو للتجمل وخادمه ونحو ذلك مّما يحتاج إليه ولو بحسب حاله وشؤونه؛ فيستثني ما يجب عليه بيعه ما أحتاج إليه بحسب حاله وشرفه، وكان بحيث لولاه لوقع في عسر وشدة أو حزازة ومنقصة. ولا فرق في استثناء هذه المذكورات بين الواحد والمتعدد، فلو كانت عنده دور متعددة وأحتاج إلى كلّ منها لسكناه ولو بحسب حاله وشرفه لم يبع شيئاً منها، وكذلك الحال في الخادم ونحوه. نعم إذا لم يحتج إلى بعضها أو كانت داره أزيد ممّا يحتاج إليه وجب عليه بيع الزائد.
مسألة ۸94: المراد من كون الدار ونحوها من مستثنيات الدين، أنَّه لا يجبر على بيعها لأدائه ولا يجب عليه ذلك. وأما لو رضى هو بذلك وقضى به دينه، جاز للدائن أخذه، وإنْ كان ينبغي له أنْ لا يرضى ببيع داره.
مسألة ۸95: لو كانت عنده دار موقوفة عليه لم يسكنها فعلاً، ولكنها كافية لسكناه وله دار مملوكة، فإنْ لم تكن في سكناه في الدار الموقوفة حزازة ومنقصة عليه أنْ يبيع داره المملوكة لأداء دينه.
مسألة ۸96: لو كانت عنده بضاعة أو عقار زائدة على مستثنيات الدين، ولكنها لا تباع إلا بأقلّ من قيمتها السوقية، وجب عليه بيعها بالأقلّ لأداء دينه، نعم؛ إذا كان التفاوت بين القيمتين بمقدار لا يتحمل عادة ولا يصدق عليه اليسر في هذه الحال لم يجب.
مسألة ۸97: مماطلة المديون مع قدرته على الأداء معصية كبيرة, فعن النبي الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: (ومَنْ مَطَلَ عَلَى ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ حَقِّهِ فَعَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ خَطِيئَةُ عَشَّارٍ)[1], كما أنَّه يحرم على الدائن إعسار المديون لو لم يقدر على الأداء, فعن الإمام الصادق علیه السلام: (لَيْسَ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُعْسِرَ مُسْلِماً ومَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ)[2].
مسألة ۸98: يجوز التبرع بأداء دين الغير، سواءً كان حياً أم كان ميتاً، وتبرأ ذمته به، ولا فرق في ذلك بين أنْ يكون التبرع به بإذن المدين أو بدونه، إنْ لم يكن في مقام الإذلال والمهانة والمنة، وإلا فيتوقف على أذن المدين.
مسألة ۸99: لا يتعين الدين فيما عينه المدين، وإنَّما يتعين بقبض الدائن، فلو تلف قبل قبضه فهو من مال المدين، وتبقى ذمته مشغولة به.
مسألة ۹00: إذا مات المدين حلّ الأجل، ويخرج الدين من أصل ماله، وإذا مات الدائن بقي الأجل على حاله، وليس لورثته مطالبته قبل انقضاء الأجل. فلو كان صداق المرأة مؤجلاً ومات الزوج قبل حلوله إستحقت الزوجة مطالبته بعد موته بخلاف ما إذا ماتت الزوجة، فإنَّه ليس لورثتها المطالبة قبل حلول الأجل، ولا يلحق بموت الزوج طلاقه، فلو طلّق زوجته يبقى صداقها المؤجل على حاله ما لم تكن قرينة في البين على الخلاف.
مسألة ۹01: لا يلحق بموت المدين حجره بسبب الفلس، فلو كانت عليه ديون حاّلة ومؤجلة، قُسمت أمواله بين أرباب الديون الحاّلة، ولا يشاركهم أرباب الديون المؤجلة.
مسألة ۹02: لو غاب الدائن وانقطع خبره، وجب على المستدين مضافاً إلى نية القضاء الوصية به، فإنْ جهل خبره ومضت مدة يقطع بموته فيها، وجب تسليمه إلى ورثته، ومع عدم معرفتهم -أو مع عدم التمكن من الوصول إليهم- يتصدق به عنهم.
مسألة ۹03: لا تجوز قسمة الدين، فإذا كان لاثنين دين مشترك على ذمم أشخاص متعددة، كما إذا باعا مالاً مشتركاً بينهما من أشخاص عديدة، أو ورثا من مورثهما ديناً على أشخاص، ثم قسما الدين بينهما بعد التعديل، فجعلا ما في ذمة بعضهم لأحدهما، وما في ذمة الباقي لآخر لم تصح، ويبقى الدين على الاشتراك السابق بينهما. نعم إذا كان لهما دين مشترك على واحد جاز، لأحدهما أنْ يستوفي حصته منه ويتعين الباقي في حصة الآخر، وهذا ليس من تقسيم الدين المشترك كما هو واضح.
مسألة ۹04: تحرم على الدائن مطالبة المدين إذا كان معسراً، بل عليه الصبر والنظرة إلى الميسرة.
مسألة ۹05: إذا اقترض الأوراق النقدية الرائجة ثم أسقطت عن الاعتبار، لم تسقط ذمة المقترض بأدائها بل عليه أداء قيمتها قبل زمن الإسقاط.
مسألة ۹06: يصحّ بيع الدين بمال موجود وإنْ كان أقلّ منه، إذا كان من غير جنسه أو لم يكن ربوياً، ولا يصحّ بيعه بدين مثله إذا كان ديناً قبل العقد، ولا فرق في المنع بين كونهما حالين ومؤجلين ومختلفين. ولو صار ديناً بالعقد بطل في المؤجلين على الأحوط، وصح في غيرهما، ولو صار كلاهما أو أحدهما ديناً بالعقد، فهنا فروض كثيرة لا يسع المجال التعرض لها، وقد ذكرنا بعضها في كتابنا (مهذب الأحكام).
مسألة ۹07: يجوز للمسلم قبض دينه من الذمي من ثمن ما باعه من المحرمات، ولو أسلم الذمي بعد البيع لم يسقط استحقاقه المطالبة بالثمن.
مسألة ۹08: يجوز دفع مال إلى شخص في بلد ليحوّله إلى صاحبه في بلد آخر، إذا كان له مال على ذمة صاحبه في ذلك البلد، ولم يكن مما يكال أو يوزن، بلا فرق بين أنْ يكون التحويل بأقلّ مما دفعه أو أكثر.
مسألة ۹09: يجوز للمقرض أنْ يشترط في القرض إعطاء الرهن أو الضامن أو الكفيل، بل كلّ شرط لا يكون فيه النفع للمقرض ولو كان مصلحة له.
مسألة ۹10: لو شك في الوفاء بعد العلم بأصل القرض، يجب عليه الوفاء، بخلاف ما لو شك في أصل القرض لا يجب عليه شيء.
مسألة ۹11: لو ادّعى المقترض الوفاء وأنكره المقرض، يقدّم قول المقرض ما لم يثبت المقترض دعواه بحجة شرعية.
مسألة ۹12: لو ادّعى الدافع أنَّ ما أعطاه قرض وادّعى الآخذ أنَّه هبة، يقدّم قول الدافع مع عدم البينة على الخلاف.
[1]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج18 ص333.
[2]. المصدر السابق؛ ص366.