تمهيد في عدد الاصول العملية،الفرق بين الجهل في موردها و الجهل في مورد الأمارات
تقدم أن ما يصح الاعتذار به إما أن يكون عذرا بنفسه أو تكون العذرية لأجل الكشف الناقص فيه،و قد سبق القول فيهما.
و الكلام فعلا في ما يصح الاعتذار به من دون جهة كشف فيه أبدا،و هو الشك الذي يكون مجرى الاصول العملية.
و هي كثيرة أهمها و أعمها الأربعة المعروفة:البراءة،و التخيير،و الاحتياط، و الاستصحاب،و قد مرّ حصر مجاريها في أول الكتاب.و اعتبارها إنما هو في ظرف الجهل و استتار الواقع و فقد الحجة المعتبرة بحيث يكون ذلك من مقوماتها،فلا اعتبار لهذه الاصول معها مطلقا،و لذا ترد عليها كل حجة لزوال موضوعها بوجود الحجة.كما أن الجهل بالواقع يكون موردا لجعل الأمارات المعتبرة أيضا.
و الفرق بين الجهلين أنه في مورد الاصول قيد لاعتبارها،فلا أثر لها مع إمكان تحصيل الحجة على الواقع بخلافه في مورد الأمارات فإنه فيهما حكمة الجعل لا أن يكون علة المجعول حدوثا و بقاء،إذ رب أمارة تكون معتبرة حتى في صورة إمكان تحصيل العلم بالواقع،و لا يبعد أن تكون أصالتا الصحة و الطهارة أيضا كذلك.
كما أنه قد يكون الجهل بالواقع موردا لحكم واقعي آخر،كالجهر في محل الإخفات و بالعكس جهلا بالواقع فإنه مورد سقوط الإعادة أو القضاء واقعا،و له نظائر كثيرة في الفقه،كما لا يخفى على الخبير.