الأول: ما يتعلق بالقدر المتيقن
القدر المتيقن إما خارجي،أو في مقام التخاطب.و كل منهما لا يضر بالإطلاق ما لم يوجب ظهور اللفظ في المتيقن.
الثاني:ظاهر حال كل متكلم أنه في مقام بيان مراده
إلا إذا كان هناك مانع، و يصح التمسك بالأصل المقبول في المحاورات أيضا،فيقال:الأصل كون المتكلم في مقام البيان إلاّ مع الدليل على الخلاف،و لو شك في وجود المانع يدفع بالأصل.
و يكفي في إحراز كونه في مقام البيان فعلا ما هو المتعارف منه لدى الناس في البيانات الفعلية،سواء كان أبديا أو لا.لأن البيان له مراتب متفاوتة منها دائمية،و منها ماداميّة بحسب الظروف و المقتضيات،و هي تارة مع قصر المدة، و اخرى مع طولها،و الكل يكفي للإطلاق مع عدم القرينة على التقييد.
و لو شك في أنه أبدي أو غير أبدي،فمقتضى الأصل و الظاهر هو الأول، لا سيما في الأحكام الشرعية.
الثالث:الاحتياج إلى مقدمات الحكمة إنما هو لنفي القيد و البشرطشيئية لا لنفى غيره
و أما احتمال بشرط لائية فليس من الاحتمالات التي يعتني بها العقلاء حتى يحتاج في نفيه إلى مقدمة الحكمة.
نعم،لو كان احتماله مما يعتنى به-كما في بعض الامور المبنية على الدقة من كل جهة-لاحتاج في نفيه إليها أيضا.
و لا فرق في الإطلاق بين أن يكون حاليا،أو مقاميا،أو لفظيا،فالجميع يحتاج في إثباته إلى جريان مقدمات الحكمة،بعد فرض اعتبار الكل في المحاورات العرفية.
و الفرق بين الأولين و الأخير أنه يصحّ استفادة فيهما من السكوت أيضا كما لا يخفى.
الرابع: طرق احراز الإطلاق من كلام المتكلم
إحراز الإطلاق من كلام المتكلم تارة بالقطع،و اخرى بالظاهر، و الأصل على نحو ما تقدم في الأمر الثاني.
و على كل منهما فإما أن يكون في البين ما يشك في كونه قيدا،أو لا يكون،فهذه أقسام أربعة.و لا ريب في ثبوت الإطلاق في ثلاثة منها،و هي ما إذا احرز الإطلاق بالقطع،و سواء كان في البين ما يشك في كونه قيدا،أو لا،و ما إذا احرز بالأصل و لم يكن في البين ما يشك في كونه قيدا،كما لا ريب في عدم ثبوته في ما إذا أحرز بالأصل و كان في البين ما يصلح للتقييد،لعدم صحة الاعتماد على هذا الأصل حينئذ.
و أما إذا لم يكن كذلك،بل كان من مجرد الشك فيه فأصالة الإطلاق محكمة،فيجري هذا الأصل في الشك في أصل التقييد،كما يجري في الشك في قيدية الموجود إلا إذا كانت أمارة معتبرة على التقييد.
الخامس: جريان مقدمات الحكمة فى المعانى الافرادية و التركيبية و الانشائية، الكلام فى المعانى الربطية و التبعية
لا فرق في جريان مقدمات الحكمة و ثبوت الإطلاق بها بين المعاني الإفرادية،و التركيبية،و الإخبارية،و الإنشائية مطلقا،فيتصف الجميع به مع جريانها،و لا يتصف به مع عدم جريانها،كما هو واضح.و قد استقرت السيرة على التمسك بإطلاق العقود،و الجمل الشرطية،و الأوامر و الجمل الطلبية في الفقه.
و تتصف المعاني الربطية،و التبعية-كالحروف و ما يلحق بها-بالإطلاق و التقييد بتبع متعلقاتها،لمكان الوحدة الاعتبارية بينهما،فتسري عوارض المعاني الاستقلالية إلى المعاني التبعية المتقوّمة بها أيضا.
نعم،إذا لوحظت تلك المعاني التبعية منسلخة عن المعاني الاستقلالية،لا وجه لعروض الإطلاق و التقييد عليها،إذ لا ذات لها إلا في الغير و بالغير،و ما كان كذلك لا معنى لاتصافها ذاتا بأية صفة كانت.
و بذلك يمكن الجمع بين الكلمات،فمن يقول بعدم اتصاف المعاني التبعية بهما أي بالذات،و من يقول باتصافها بهما أي بالتبع،و هذا وجه صحيح.
السادس: عدم اتصاف الاعلام الشخصية من حيث التشخص بالاطلاق و التقييد
لا تتصف الأعلام الشخصية من حيث التشخّص بالإطلاق،لأن التشخّص ينافي الإرسال و السريان،فلا تتصف بالتقييد من هذه الحيثية أيضا، لما يأتي من أن بين الإطلاق و التقييد تقابل العدم و الملكة،فكل ما لا يتصف بالإطلاق لا يتصف بالتقييد أيضا.
نعم،يصح اتصافها بهما من حيث عوارضها،كالزمان و المكان و سائر صفاتها المحفوفة بها،كالطول و القصر،و السواد،و البياض و نحوها،إذ كل شيء محفوف بعوارض لا تحصى،لأن من شئون الممكن الاحتفاف بالعوارض،بل يتصف الواجب تعالى بالأوصاف الإضافية الكثيرة،كالخالقية،و الرازقية، و الرأفة،و القهارية و غير ذلك مما لا يحصى.
السابع: تعدد الاطلاق و التقييد فى كلام واحد من جهات متعددة
يمكن أن تكون للكلام جهات عديدة قابلة للإطلاق و التقييد، فإن تمت مقدمات الحكمة بالنسبة إلى جميعها يثبت الإطلاق كذلك،و إلا فبالنسبة إلى ما تمت فقط،و لا يثبت بالنسبة إلى ما لم تتم إلا إذا كانت ملازمة بين الجهات عقلية كانت،أو عرفية،أو شرعية فيثبت الإطلاق حينئذ بالنسبة إلى جميع الجهات،و إن تمت المقدمات بالنسبة إلى بعضها فقط،لفرض تحقق الملازمة بين الجهات جميعها.
الثامن: سقوط احتمال ورود التقييد المعصومي لاطلاقات الكتاب و السنة بعد الغيبة الكبرى
لا وجه لاحتمال ورود التقييد المعصومي لإطلاقات الكتاب و السنة بعد الغيبة الكبرى،لانقطاع طريق الوصول إليه(عجل اللّه تعالى فرجه الشريف)فينحصر احتماله بتحقق الإجماع و دليل العقل المعتبرين شرعا.
التقييد
المشهور أن التقابل بينه و بين الإطلاق من تقابل العدم و الملكة،لأن المطلق عبارة عن عدم التقييد بما يصلح أن يكون مقيدا به،هذا إن عرف المطلق بالعنوان السلبي،و أما إذا عرف بالعنوان الإيجابي،كالإرسال و السريان فيصح أن يكون بينهما تقابل التضاد،لكون كل منهما وجوديا لا يصح اجتماعهما في محل واحد من جهة واحدة،و ليس التضاد إلا ذلك.
و لا بأس باجتماع بعض أقسام التقابل مع بعضها الآخر مع اختلاف العنوان و الجهة.
و أما تقابل السلب و الإيجاب-بناء على تفسير المطلق بالتعبير السلبي- فعن بعض عدم صحته بينهما،لما ثبت من أنه لا يمكن ارتفاع النقيضين و في المقام يجوز ذلك،كما في أخذ قصد الأمر في متعلقه،حيث لا يصح تقييد الأمر به و لا إطلاقه بالنسبة إليه،فيرتفع الإطلاق و التقييد في هذا المورد.
و يرد عليه..أولا:أن قصد الأمر ممكن أخذه في متعلقه،كما تقدم بيانه.
و ثانيا:أن الممتنع من ارتفاع النقيضين إنما هو بحسب الواقع،و لا ريب في عدم جوازه في الواقع،لأن الأمر بالنسبة إلى متعلقه إما مطلق في علم اللّه تعالى،أو مقيد،و إن لم يمكن الإطلاق و التقييد بحسب الاعتبار الصناعي، فارتفاع الإطلاق و التقييد الصناعي لا محذور فيه،و لا تعتبر الموافقة بين كل أمر صناعي و بين الامور الواقعية،لأن الأول اعتباريات محضة،و ارتفاع الضدين و اجتماعهما في الاعتباريات لا بأس به.
و لا ثمرة عملية معتد بها في تحقيق أن التقابل بينهما من أي الأقسام،بل و لا ثمرة علمية أيضا.
ثم إن صدق المطلق على المقيد-كصدقه على نفسه-حقيقي،لما تقدم من أنه اللابشرط المنقسم إلى الأقسام،و لا ريب في تحقق المقسم في جميع أقسامه،و صدقه عليها صدقا حقيقيا،بل و كذا لو كان المطلق عبارة عن اللابشرط القسمي،فيصح أن يكون صدقه على المقيد حقيقيا من باب تعدد الدال و المدلول،فيكون لفظ المطلق قد استعمل في ذات المعنى و يستفاد التقييد من دال آخر،فلا يكون من استعمال اللفظ في غير الموضوع له حتى يكون مجازا، لتحقق الإرادة الاستعمالية بالنسبة إلى كل منهما و هي تكفي في الصدق الحقيقي،و مقتضى الأصل عدم اعتبار شيء آخر.نعم لو اعتبرت الإرادة الجدية الواقعية في الصدق الحقيقي يكون مجازا حينئذ،لعدم تحقق تلك الإرادة إلا بالنسبة إلى القيد.