قوله: و اعلم أنَّ الكفارات الواجبة …[1].
الكفارة نحو عقوبة للذنب المأتي به، وهذا في الجملة مطابق للطريقة العرفية والعقلائية، فنرى السلاطين يعاقبون من خالف قوانينهم بأخذ مال منهم أو بحبسهم مدة أو نحو ذلك.
فائدةٌ: ذكر في مورد التصدق في الكفارات المساكين، ولعل فيه إيماء إلى أنَّه مالم يضطّر الشخص لا ينبغي له أنْ يأخذ من الكفارات لأنَّها غسالة الذنب، فتكون كغسالة النجاسة لا تشرب إلا مع الإضطرار، وذلك لما تقدم في كتاب الزكاة؛ أنَّ المسكين أجهد من الفقير.
قوله: فكيف كان فالكفارة مرتبة ومخيرة …[2].
الظاهر أنَّ الحصر عقلي؛ لأنَّ الكفارة إمّا كفارة جمع أو لا، والثانية إمّا مخيرة فقط أو لا، والثانية إمّا مرتبة فقط أو لا.
قوله: خصوصاً بعد أنْ لم نقف لهم على مستند …[3].
وقد نقل في الوسائل؛ كتاب الصوم؛ الباب السابع من أبواب يقتصر الصوم الواجب؛ باب وجوب كفارة مخيرة بقتل الخطأ.
فرعٌ: هل تختص كفارة النذر بالنذر المطلق أو تشتمل نذر الزجر أيضاً، فلو نذر أنَّه لو صدر منه الكذب مثلاً صام يوماً، فهل يجب عليه مع صيام اليوم الكفارة أيضاً أو لا؟.
الظاهر هو الثاني؛ للأصل وانصراف الأدلة إلى ما لم يكن زجرٌ في البين, لأنَّ الكفارة نحو زجر. نعم؛ لو لم يصح وجبت الكفارة؛ لمخالفة النذر حينئذٍ، وأمّا مجرد الكذب فليس مخالفة للنذر.
قوله: وخبر سيف بن عميرة …[4].
سيف بن عميرة ثقة, ولكن في السند البطائني هو ضعيف كذاب.
قوله: وبخبر ناجية قال …[5].
في الكافي عن سلمة بن الخطاب عن عبد الله بن محمد بن نهيك عن علي بن الحرث عن صباح المزنى عن ناجية … إلخ. والأول؛ لم يعرف, والثاني؛ ثقة, والثالث؛ لم يعرف حاله, والرابع؛ ثقة, والأخير؛ حسن.
قوله: ولكن ينبغي أنْ يعلم أنَّ الطفل في حكم المسلم ويجزئ إذا كان أبواه مسلمين[6].
في خبر حفص سألت أبا عبد الله علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إِذَا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَظَهَرَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ؟.
فَقَالَ علیه السلام: إِسْلَامُهُ إِسْلَامٌ لِنَفْسِهِ ولِوُلْدِهِ الصِّغَارِ, وهُمْ أَحْرَارٌ ووُلْدُهُ ومَتَاعُهُ ورَقِيقُهُ لَهُ, فَأَمَّا الْوُلْدُ الْكِبَارُ فَهُمْ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا أَسْلَمُوا قَبْل …[7].
قوله: ولا يقاس هذا الحق على حق الرهانة[8].
خلاصة القول في الفرق بين حق الجناية والرهانة: إنَّ مورد حق الجناية يصح العتق, ولأولياء المجني عليه إبطاله، وفي مورد الرهن لا يصح العتق إلا بإذن المرتهن، وخلاصة إشكال الشارح رحمة الله أنَّ هذا يصح في غير العتق, وأمّا فيه فحيث لا يصح عود الحر رقاً فلا يصح ذلك.
قوله: … وقد كان أبوه أمره أنْ يعتق عنه …[9].
وذلك لأنَّ ولاء العتق الموجب للإرث مشروط بشروط ثلاثة؛ أحدها: كون العتق تبرعياً. والثاني: عدم البراءة من ضمان الجريرة. والثالث: أنْ لا يكون للمعتق وارث.
قوله: لتعذر نية القربة في حقه …[10].
خلاصة الكلام: إنَّ التقرب إمّا بمعنى طلب التقرب بإتيان العمل له, أو طلب الثواب منه تعالى، وحينئذٍ؛ فإنْ قلنا بأنَّ طلب التقرب أو الثواب ملازم وقوعهما خارجاً فلا يصح من الكافر بل المخالف، وإنْ قلنا بعدم الملازمة كما هو الحق فيصح منه بلا إشكال؛ فتدبر. هذا بحسب الأدلة العامة، وأمّا بحسب الأدلة الخاصة الدالة على اشتراط الإيمان في صحة كل عبادة؛ فمقتضاها بطلان عبادة غير الإمامي مطلقاً؛ مسلماً أو كافر. وإنْ كان المراد من القربة قصد الأمر, فإنْ كان كافراً ملتفتاً إلى الأمر وغافلاً عن أنَّ كفره مانع عنه فتحصل منه قصد القربة بهذا المعنى، وإنْ كان متوجهاً إليه فلا يحصل، قال الله تعالى: قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴿٥۳﴾وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ[11].
قوله: … وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية وليّ الله تعالى شأنه …[12].
خلاصة الكلام: إنَّ مجرد تحقق قصد القربة لو فرض تحققه غير كافٍ في صحة العبادة؛ لأنَّ صحتها مشروطة بأمرين؛ قصد القربة واعتقاد الولاية في القاصد، فكما أنَّ تحقق قصد القربة لا يكفي مع تخلف بعض الشروط المأمور به فكذلك لا يكفي مع تخلف شرط الولاية؛ فتدبر.
قوله: فيعتبر نية التعين إنْ اجتمعت أجناس مختلفة …[13].
خلاصة الكلام: إنَّ متعلق الأمر تعلق بالمعين, وقصد الإمتثال لازم في العباديات وهو لا يكون إلا بقصد المأمور به، فقصد المأمور به لازم.
قوله: …كان العتق منصرفاً إلى المرتبة وهو خلاف الفرض …[14].
إذ المفروض بناءً على قول الشيخ رحمة الله هو الإطلاق، ولا معنى للإطلاق إلا التخيير المطلق وهو ينافي الترتيب.
قوله: كان منصرفاً إلى المخيرة وهو خلاف التقدير أيضا …[15].
لأنَّ التعيين ينافي الإطلاق الذي هو قول الشيخ رحمة الله.
قوله: فإنَّ الصيمري منهم قال: والمراد بالتعين تعين السبب …[16].
خلاصة الكلام: إنَّ قصد السبب لا دليل عليه أصلاً إلا إذا توقف تعين المأمور به عليه، فقصده طريق محض لا موضوعية فيه بوجه وتعين المأمور به إنَّما هو فيه إذا تعدد لا في صورة الوحدة لأنَّ تعينه الخارجي حينئذٍ يغني عن تعيينه، وإذا دل الدليل على لزوم تعين المأمور به فلا فرق فيه بين اتحاد الجنس وتعدده فيما إذا اختلف السبب، وأما فيما إذا اتحد كما إذا كان عليه كفارات من خصوص الظهار مثلاً فلا دليلَ على قصد التعيين حينئذٍ أيضاً.
قوله: إذا العتق وإنْ كان قهرياً إلا أنَّه اختياري السبب …[17].
خلاصة الكلام: إنَّه إذا كان سبب الإنعتاق القهري اختيارياً وغير محرّم فمقتضى الأصل والعمومات الإجزاء إلا إذا كان إجماع على الخلاف، ومن صغريات المقام ما لو اشترى بشرط العتق، كما سيأتي في الصفحات الآتية[18].
قوله: وإنْ كان قد يناقش بإمكان كون المراد من الوجدان الغني …[19].
خلاصة الكلام: إنَّ عدم الوجدان تارةً؛ دقي عقلي. وأخرى؛ بمعنى عدم الزيادة على الغناء الشرعي ومؤونة السنة. وثالثة؛ بمعنى عدم الزيادة على الغنى العرفي. ورابعة؛ عدم الوجدان بمعنى عدم الزيادة على قوت يومه وليلته. والشارح رحمة الله اختار الثالث ويشهد له قول الصحاح.
قوله: وأما القول في الإطعام وأحكامه …[20].
أقول: الإطعام إما بنفس الإطعام، أو بالتسليم إلى الفقير، ومقتضى الثاني هو أنْ يصير الفقير مالكاً له كما هو الأصل في كل صدقة أخذها المتصدق عليه لأنَّ الصدقات تملك بالقبض وحينئذٍ فيصح له أنْ يتصرف فيما أخذ ولو بغير الأكل بل ببيعه والتصرف في ثمنه بأي نحوٍ شاء، وأمّا في الإطعام فليس له ذلك لأنَّه إباحة في جهة خاصة كما لا يخفى.
قوله: ولا يجب عليه الإقامة تحصيلاً لشرط …[21].
وعلى هذا فيجوز له السفر والإطعام حين السفر.
قوله: في كفارة اليمين مد من حنطة وحفنة …[22].
الحفنة (بالحاء المهملة): ملء الكفين من طعام أو غيره، وتأتي الحفنة بمعنى القليل، والظاهر أنَّ المراد بها في المقام هو الثاني.
فائدةٌ: كلُّ مُدّ بحسب الدقة مائة وثلاثة وخمسون مثقالاً صيرفياً وثلاث عشرة حمصة ونصفاً، ويصير ثلاثة أرباع الكيلو وزناً تقريباً.
قوله: فلا يجزئ عندنا مع الاختيار إعطاء ما دون العدد …[23].
خلاصة الكلام: إنَّه يعتبر التعدد في المدفوع إليه اعتباراً، كما يكفي التعدد الإعتباري في المدفوع، كما إذا دفعه إلى شخص ثم اشتراه منه وأعطاه لآخر.
قوله: ويجب أنْ يطعم من أوسط ما يطعم أهله …[24].
أقول: الأوسط يحتمل معنيين؛ الأوسط بمعنى الكمية، والأوسط بمعنى الكيفية.
ومقتضى الإطلاق في المقام كلاهما معاً، ومقتضى إطلاق الآية الشريفة لزوم الأوسط من حيث الإدام أيضاً، ولكنه ممنوع بظاهر الروايات مثل قوله علیه السلام في صحيح الحلبي: وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ لَهُمْ أُدْماً[25].
قوله: وكأنه لم يعتن بخلاف المفيد المانع على ما قيل …[26].
أقول: قول المفيد هو الموافق للإحتياط كما سيصرح بذلك الشارح رحمة الله.
قوله: إلا أنَّه ظاهر في فرد التسليم الذي لا خلاف في اتحادهم …[27].
خلاصة الكلام: إنَّه إذا كان التكفير بالتسليم فلا فرق فيه بين الصغير والكبير, ولكن لا بُدَّ وأنْ يكون التسليم إلى ولي الصغير. وإنْ كان بالإشباع فإنْ كان الصغار منضمين إلى الكبار كما إذا أراد إشباع عائلة مؤلفة من ستين نفراً يتساوى الصغار والكبار، وإنْ كانوا منفردين فيضاعف للصغير، أي يحتسب كل إثنين بواحد. والظاهر أنَّ المراد بالصغير هنا هو الصغير الشرعي.
قوله: ولا فرق في مسماه بين القميص والجبة …[28].
كما لا فرق بين الجديد والعتيق إلا إذا كان بالياً منخرقاً بحيث لا يلبس، والظاهر إجزاء القميص الواحد إذا كان طويلاً يصل إلى حد الساق وإنْ كان الإحتياط في خلافه.
قوله: والذي بعثني بالحق نبياً لو لم تفعل لواقع وجهك حر النار …[29].
يمكن أنْ يستفاد من هذا الحديث أمور في كيفية التوسل.
قوله: بل قد يدعى معلومية ذلك في الشرع …[30].
الظاهر أنَّه من الإرتكازيات العرفية بل العقلائية أنَّ عيال المتصدق يستقبحون تناول ما تصدق به أو عنه لأجل الصدقة وذلك لما ارتكز في أذهانهم من أنَّ نوع الصدقات؛ واجبة كانت أو مندوبة، كفارة كانت أو غيرها إنَّما هي لأجل دفع المكاره أو رفعها عما يتعلق بالمتصدق من الأهل والمال النفس.
قوله: فظاهر الأصحاب الإتّفاق على بدليته مع العجز عن خصال الكفارة …[31].
هل المراد بالعجز العجز الدائمي، أو العجز حين إرادة الإمتثال؟.
يمكن أنْ يستظهر الثاني؛ لبناء الشريعة على السماحة والسهولة، ويشهد له ما تقدم من صحيح ابن مسلم في من عجز عن العتق وشرع في الصيام فحكم علیه السلام بإتمام الصيام مع حصول التمكن من العتق، فيستفاد منه أنَّ المناط صرف وجود العجز وتحققه حين إرادة الإمتثال.
[1]. جواهر الكلام، ج33، ص 168.
[2]. المصدر السابق؛ ص 169.
[3]. المصدر السابق؛ ص 171.
[4]. المصدر السابق؛ ص 196.
[5]. المصدر السابق؛ ص 198.
[6]. المصدر السابق؛ ص 199.
[7]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت علیهم السلام)؛ ج15 ص117.
[8]. جواهر الكلام، ج33، ص 216.
[9]. المصدر السابق؛ ص 222.
[10]. المصدر السابق؛ ص 226.
[11]. سورة التوبة؛ الآية 53 و54.
[12]. المصدر السابق؛ ص 230.
[13]. المصدر السابق؛ ص 232.
[14]. المصدر السابق؛ ص 233.
[15]. المصدر السابق؛ ص233.
[16]. المصدر السابق؛ ص 236.
[17]. المصدر السابق؛ ص 243.
[18]. المصدر السابق؛ ص 248.
[19]. المصدر السابق؛ ص 250.
[20]. المصدر السابق؛ ص 256.
[21]. المصدر السابق؛ ص 258.
[22]. المصدر السابق؛ ص 259.
[23]. المصدر السابق؛ ص 261.
[24]. المصدر السابق؛ ص 262.
[25]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج7 ص453.
[26]. جواهر الكلام؛ ج33 ص267.
[27]. المصدر السابق؛ ص 268.
[28]. المصدر السابق؛ ص 275.
[29]. المصدر السابق؛ ص278.
[30]. المصدر السابق؛ ص 287.
[31]. المصدر السابق؛ ص 295.