1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. ماقیل حول السید
  6. /
  7. معجم الألفاظ قرآنیة
  8. /
  9. باب الهمزة

الآل، والأهل، بمعنى واحد، إلّا أنّ الأوّل أخصّ من الثاني، لأنّه لا يضاف إلّا لذوي القدر، والشرف، بخلاف الثاني، فإنّه يضاف إلى كلّ شي‏ء؛ والجامع القريب بينهما، هو الرجوع، فآل الرجل: مَن يرجع إليه في قرابة، أو رأي، أو نحو ذلك؛ قال تعالى: وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ[1].

وآل الرجل: خاصّته، ويُطلق على الفرد تعظيمًا، كإطلاق الأمّة عليه، قال تعالى: وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى‏ وَآلُ هارُونَ[2]، فآل موسى، وآل هارون، أنفسهما، ومن يتبعهما في العمل بما أتيا به.

والأهل: يقال لمن يختصّ بشي‏ء، سواء أكان ذلك الشي‏ء إنسانا، أم غيره. يقال: أهل الرجل، وأهل الدار، وأهل الذكر. والآل: لا يقال إلّا فيما إذا كان للمختص به شرف، سواء كان دنيويَا، نحو: قوله تعالى: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ[3]، أو معنويّا، نحو: آل موسى، وهارون، أو هما معا، نحو: آل محمد (صلّى اللّه عليه وآله).

[1] البقرة: ٤۹

[2] البقرة: ۲٤۸

[3] غافر: ٤٦

  الآية: العلامة الدالّة على شي‏ء، ولهذه الكلمة أهميّة عظمى في القرآن الكريم، فقد وردت فيه بأطوار مختلفة: إفرادًا، وتثنية، وجمعًا، في ما يقرب من خمسمائة مورد، ولعلّ الوجه في ذلك هو إثبات أنّ جميع ما سوى اللّه تعالى، آيات جماله، وجلاله، وشواهد أقواله، وأفعاله، وهي إمّا آيات يستدلّ بها الخالق على الخلق، أو يستدلّ بها المخلوق على وجود الخالق، ومعبوديّته المطلقة، وقهّاريّته التامّة، ورحمته الواسعة، وجميع العوالم: الطوليّة، والعرضيّة، آياته تبارك، وتعالى، ولكنّها مختلفة في جهة كونها آية، كاختلافها في مراتب الوجود.

والجامع القريب: العلامة، التي تدلّ على ارتباط الممكن بالذات، بالحيّ القيّوم، وهي علامة عناية العزيز، الجبّار، الغنيّ بالذات، بالفقير المحتاج، أو هما معًا.

والآية: تطلق على تمام الآية، وعلى الجزء منها، بل قد أطلق القرآن الآية على ما جاء في الكتب الإلهيّة السابقة، قال تعالى: لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ[1]، وقال تعالى: أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ‏[2].

وفي قوله تعالى: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[3]، المراد بها: العلامات الدالّة على وحدانيّته تعالى، وصفاته المقدّسة، وأفعاله الحسنى، والأنبياء، والقرآن، وسائر المعجزات، فلا تختصّ بخصوص الآيات المباركة القرآنيّة، ويفاد هذا العموم من قوله تعالى في ذيل الآية المباركة: أَنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِير، وقال الشاعر:

وفي كلّ شي‏ء له آية

تـــدلّ على أنّــه واحد[٤]

وإن كان شأن النزول، آيات الأحكام الواردة في القرآن، فشأن النزول من باب التطبيق، لا التخصيص.

وهي قابلة للشدّة، والضعف، فقد يكون شي‏ء آية له تعالى من جميع جهاته، وقد يكون من جهة واحدة.

وفي قوله تعالى:اجْعَلْ لِي آيَةً[٥]، الآية: علامة، يعرف الناس بأنّي مرتبط بك، ودلالة ملموسة بها تطمئنّ نفسي، وتكون أنت المعين في أموري، لأدفع بها دعاوي المبطلين، وتشكيك المنافقين، واعترف بها بعجزي، وخضوعي، وتسليمي لأمرك، وأبدي شكري على جميع نعمائك.

[1] عمران: 113

[2] الزمر: 71

[3] البقرة: 106

[٤] ينظر: تفسير القمّيّ 2/267.

[٥] آل عمران: ٤۱

الإتيان: المجي‏ء بسهولة، وله استعمالات كثيرة في القرآن الكريم بهيآت مختلفة، ويستعمل بالنسبة إلى اللّه عزّ، وجل، قال تعالى: فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِد[1]، وقال تعالى: أَتى‏ أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ[2]، وفي غيره سبحانه من الجواهر، والأعراض، قال تعالى: وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى‏ [3]، وقال تعالى:  فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى [٤]. ‏

وفي قوله تعالى: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ[٥]، كنِّي بالإتيان عن الفعل، كما جاءت الكناية عن الفعل بالقرب، في القرآن الكريم، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ[٦]، وإنّما عبّر به عنه عزّ، وجلّ، لمزيد التهجين، ولبيان أنّ الفعل صدر منهم مع القصد، والاختيار.

والإيتاء: الإعطاء، قال تعالى: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ[7].

[1] النحل: ۲٦

[2] النحل: 1

[3] التوبة: ٥٤

[٤]  طه: ٦۰

[٥] النساء: ۱٥

[٦] الأنعام: ۱٥۱

[7] البقرة: ۲٦۹.

الأثر: ما يحصل من الشي‏ء، ممّا يدلّ عليه، وغلب استعمالها في الشكل الحاصل من القدم؛ وجمعه: آثار، قال تعالى: وقَفَّيْنا عَلى‏ آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ [1].

[1] المائدة: ٤٦

الإثم، والأثام: التقصير، أي: ما يوجب قصر صاحبه عن الكمال، أو ما يوجب الحرمان عن الخيرات نحو: الخمر، فإنّها تقصر بشاربها، لذهابها بعقله، وهي توجب حرمان شاربها من الخيرات، سواء كانت فرديّة، أو اجتماعيّة، وهو اسم للأفعال المبعدة عن الثّواب، والخير، ويطلق على العقوبة أيضا، وله استعمالات كثيرة في القرآن الكريم؛ منها قوله تعالى: تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ِ[1]

والأثيم: صفة مشبّهة، وهو: المنهمك في الإثم.

[1] البقرة:۸٥

مادة (أجل) تدلّ على الجرّ، ومنه الأجل، وهو الوقت الّذي يجرّ إليه الأمر المتقدّم، والآجل: نقيض العاجل، وأجلْ بمعنى: نعم، لأنّه انقياد إلى ما جرّ إليه، ومنه قولهم: فعلت ذلك من أَجل كذا، قال تعالى: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى‏ بَنِي إِسْرائِيلَ[1]؛ وقد أحلّ عليهم أجلا (بفتح الهمزة، وقد تُكسر)، أي: جنى، وجرّ عليهم، فيطلق الأجل على الجناية، لأنّها تجرّ على مرتكبها الوبال، لما يخاف من أجلها؛ وقد استعملت الكلمة في التعليل، وغالب استعمالها في الردي‏ء، والشرّ.

[1] المائدة: 32

الأجر: المال الّذي يبذل مقابل العمل، أو الانتفاع، وهو في الأصل يطلق على الثواب، ويطلق على المهر، لأنّه أجر الاستمتاع، وجمعه: أجور، قال تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً[1]؛ والمراد بالأجور في الآية: المهور، لأنّ المهر عوض البضع، وإضافة الأجور اليهنّ، مع كونهنّ مملوكات، لبيان أنّ المهر قد استحقّته بميثاق الزواج، وهو يقابل بضعها، ولا ينافي هذا كون الأجر للمالك، لأنّه مالك لها، ولمنافعها.

[1] النساء: ۲٤

الأخذ: الاستيلاء، والتحصيل، والحيازة، وقد استعملت هذه المادة في القرآن الكريم بهيآت كثيرة جدا، بالنسبة إليه تعالى، وإلى خلقه، منها قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ[1]؛ وفي السنّة المقدسة، فعن نبينا الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله): “على اليد ما أخذت حتّى تؤدي”[2].

أمّا هيأة (اتّخذ)، فقد استعملها القرآن الكريم غالبا في التردّد، والعصيان، بخلاف الأخذ.

وفي قوله تعالى: ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ[3]، الاتّخاذ بمعنى: عبادتهم للعجل، أو جعله إلها.

وفي قوله تعالى: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ[٤]، الاتّخاذ: الأخذ مع الاعتماد، والثقة، والمشي على الطريقة، والعمل بالسيرة.

وفي قوله تعالى: وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا[5]، الاتّخاذ: أخذ الشي‏ء على وجه الاختصاص.

وفي قوله تعالى: الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ[6] الاتّخاذ: نصّ على الاختيار: مادّة، وهيأة، لأنّه فعل العبد،  قال تعالى: لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ[7]، وقال تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْبابًا[8]، وقال تعالى: اتَّخَذُوا الْعِجْلَ[9]، بخلاف (أخذ) فإنّه أعمّ، قال تعالى: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ[10]، وقال تعالى: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ[11] .

والتعبير بالاتّخاذ في قوله تعالى: وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا[12]، لبيان أنّ ولاية الشيطان ليست إلّا زائفة باطلة، ولا ولاية له على أحد، وأنّ الولي هو اللّه تعالى وحده، وغيره باطل، وإن اتُّخذ وليّا؛ والتقييد بقوله تعالى: مِنْ دُونِ اللَّهِ ، لبيان أنّه ليس هناك واسطة، فإمّا اتّباع للشيطان، وطاعته، المنافية لولاية اللّه جلّت عظمته، وأوامره، وإمّا اتّباع له عزّ وجلّ، وإعراض عن الشيطان.

[1] البقرة: 83

[2]عوالي اللآلي 1 / 389, الباب الأول, المسلك الثالث, ح 22.

[3] البقرة: ٥۱

[٤] آل عمران: 28

[٥] النساء: 118

[٦] النساء: 139

[7] المائدة: ٥۷

[8] التوبة: 31

[9] النساء: ۱٥۳

[10] الذاريات: ٤٤

[11] المؤمنون: ٤۱

[12] النساء: 119

الآخرة: عالم جزاء الأعمال، والحساب، والثواب، والعقاب، قال تعالى: والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ[1]، وقد يعبّر عنها بـ (الدار الآخرة)، في مقابل الدار الدنيا[2].

[1] البقرة: ٤

[2] من ذلك قوله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص: 83 ).

آدم: في قوله تعالى:  وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ[1]، هو أبو البشر، الّذي ورد ذكره في القرآن الكريم بهذا الاسم؛ وابناه هما اللذان من صلبه، والمعروف في كتب التاريخ، أنّهما هابيل الّذي تقبّل اللّه تعالى قربانه، المحسود عليه، وقابيل الحاسد، وهو القاتل أخاه ظلما، وعدوانا. وذكر بعضهم أنّ المراد بآدم، رجل من بني إسرائيل، تنازع ابناه في قربانه، فتُقبّل من أحدهما دون الآخر، فقتل الّذي رُدّ قربانه أخاه الّذي تقبّل منه قربانه، ولذلك قال تعالى بعد سرد القصة: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى‏ بَنِي إِسْرائِيلَ، ولكنّ هذا القول مردود من جهات، ويكفي فيه، أنّه لم يقم دليل عليه، والمتبادر من ذكر (آدم) في القرآن الكريم هو أبو البشر، ولم يرد غيره بهذا الاسم فيه؛ فضلا عن أنّ ذيل الآية الشريفة، يدلّ على ما ذكرناه، فإنّ أوّل قتل وقع على هذه البسيطة، هو الّذي حكاه ــــ عزّ، وجلّ ـــــ من ابني آدم، فكان قتلا فظيعًا، وحدثًا عظيمًا، وكان سببًا في تشريع قاعدة كلّيّة في مطلق القتل، وفيها من الحكمة، ما يفيد منها جميع الأمم، كسائر المواعظ، والحكم، إذ لا تختصّ بأمّة دون أخرى.

[1] المائدة: 27

الإذن، بالنسبة إليه عزّ وجلّ: يستعمل في العلم، والقدرة، والإرادة، والعلم من صفات الذات، والقدرة من صفات الفعل، فيستعمل الإذن في كلّ من صفات الذات، وصفات الفعل، وإن كان استعماله في الإرادة أغلب، قال تعالى: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ[1].

وفي قوله تعالى: فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ[2]، المراد بإذن اللّه: إرادته القاهرة، الغالبة، في استجابة دعوتهم، وهزيمة عدوّهم.

[1] البقرة ۲٤۹

[2] البقرة: 251

الأذى: اسم جمع، وهو كلّ ما يصيب الإنسان من ضرر، ومكروه، سواء كان جسمانيًّا، أو معنويًّا، ولهذا اللفظ استعمالات كثيرة في القرآن الكريم، بهيآت مختلفة، حتى استعملت بالنسبة إلى اللّه تعالى، قال سبحانه وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ[1]، وقال تعالى: لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى‏ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ[2].

وقال تعالى: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيرًا[3]. ومنه الحديث: “الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناه إماطة الأذى عن الطريق”[٤]، وهو: ما يؤذي فيها، نحو الشوك، والحجر، والنجاسة، وعن نبينا الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله): “كلّ مؤذ في النار[٥]؛ وهو وعيد لمن يؤذي الناس في الدنيا، بعقوبة النار في الآخرة.

وكذا بالنسبة إلى مطلق الحيوان.

وفي قوله تعالى:  قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ[٦]، من مقابلة الأذى، للقول المعروف، والمغفرة، يُعرَف أنّها سوء المقال، أو سوء المقابلة.

وفي قوله تعالى : وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا[7]، الإيذاء: فعل الأذى، ويشمل ما يؤلم النفس، والبدن، من قولٍ، أو فعل.

[1] الأحزاب: ٥۷

[2] الأحزاب: ٦۹

[3] آل عمران: 186.

[٤] عوالي اللآلي, الباب الأول, المسلك الثالث, ح130.

[٥] كنز العمال ۱٤/٥۲۳, ح ۳۹٤۸٤.

[٦] البقرة: ۲٦۳

[7] الأنعام : ۳٤

  إسرائيل: كلمة عبرانيّة مركّبة من كلمتين: (إسرا) بمعنى العبد، أو الصفوة، أو القوّة، و(ئيل) بمعنى اللّه تعالى، ومعناه: عبد اللّه، أو صفيّ اللّه، أو المجاهد في اللّه، أو جنديّ اللّه، وإسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وقد ذكر المؤرخون من اليهود في وجه تسمية يعقوب بهذا الاسم، إنه صارع اللّه، أو الملاك، عند فنوئيل، وهو اسم موضع، وهذا مما يكذّبه القرآن الكريم، والعقل السليم.

وأُطلق (بنو إسرائيل) على الأسباط الاثني عشر عمومًا، وبعد ذلك صار اسمًا للمملكة الشماليّة التي لم تكن لقبائل يهوذا، وبنيامين، ولاوي، ودان، وشمعون، شركة فيها؛ وبعد سبي  بابل، اتّخذ الراجعون من السبي (إسرائيل) اسمًا لأمّتهم، على الرغم من أنّ أكثرهم كانوا من مملكة يهوذا.

وإنّما ذكرهم سبحانه بهذا التعبير في القرآن الكريم، تحريضًا لهم للتحلّي بمكارم الأخلاق، ونبذ مساويها، لأنّهم يرون أنفسهم من أهل صفوة اللّه، والعبوديّة له عزّ وجل، فلا ينبغي لهم هذا النحو من اللجاج، والعناد، والفساد، نحو قوله تعالى: يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ[1].

وفي القرآن الكريم يُطلق اسم (بني إسرائيل) على من دان بدين موسى بن عمران، قال تعالى:  يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [2]

[1] الأحزاب: 32

[2] البقرة: ٤۰.

  الأسى: الحزن، قال الراغب: “وحقيقته اتباع الفائت بالغم، يقال: أسيت عليه أسًى، وأسيت له”[1]، وقوله تعالى: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ[2]، أي: فلا تحزن على القوم الفاسقين، والخطاب لموسى (عليه السّلام)، وفيه تقرير منه تعالى لوصفه (عليه السّلام) إيّاهم بالفاسقين في دعائه، وهو يدلّ على أنّ سبب نزول النقمة، هو أنّهم فاسقون، استحقّوا وبال عصيانهم، فلا ينبغي أن يحزن على مثل هؤلاء.

[1] مفردات غريب القرآن: 18

[2] المائدة: 26

الأرض: هذا الكوكب العظيم الّذي نعيش عليه، ونموت فيه، ونحيا منه، وهي مبدأ الحياة بجميع أقسامها، المشتملة على آيات باهرات، الدالّة على بديع صنعه تعالى، قال عزّ وجل: وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ[1].

ولم يرد لفظ الأرض في القرآن الكريم إلّا مفردا، ولعلّ السرّ فيه أنّ السماء أنواع مختلفة، وأجرام متفرّقة، ومجاميع متفاوتة، والأرض نوع واحد، ذات أجزاء مختلفة؛ أو لإيقاع التآلف بين بني آدم، وإرشادهم إلى نبذ الاختلاف، والفرقة، وإعلامهم بأنّهم من شي‏ء واحد، وفي عالم واحد.

[1] الذاريات: 20

مادة (أ ف ل) تدلّ على الغيبوبة حتّى ينقطع عمّن ظهر له، واطّلع عليه، ويلازمه الغروب، فيكون تفسيره به باللازم، ولم ترد في القرآن الكريم إلا ثلاث مرّات، كلّها في موضع يراد فيه إثبات الربوبيّة الكبرى لله تعالى، بنفي صفات المربوبين عنه، ولعلّه يرجع إلى أنّ الربّ الذي يرعى شؤون مربوبه لايمكن أن يغيب وينقطع عنه؛ ومنه  قوله تعالى: فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ [1].

[1] الأنعام: ۷٦

الأكل معروف، وفي قوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ[1]، المراد به: مطلق التصرّف، لكونه أقرب التصرّفات إلى الإنسان من بدء نشأته، وأهم الغايات المتوخاة من سائر التصرّفات.

وفي قوله تعالى: وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ[2]، المراد منه: مطلق الاستيلاء.

وفي قوله تعالى:  الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ[3]، أكل النار: كناية عن إحراق القربان، وإحالته إلى رماد، وكان ذلك معجزة خاصّة، تدلّ على صدق المدعي في دعواه.

  والأُكُل: جمع أُكُلة: ما يؤكل من الشي‏ء.

[1] البقرة: 188.

[2] النساء: ٦

[3] آل عمران: 183

 ألوف: في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ[1]، المراد به: الكثرة الموجبة للاستغراب، ويضرب به المثل للكثرة.

[1] البقرة:۲٤۳

  الأمر: الشي‏ء، قال تعالى:  وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ [1]

وفي قوله تعالى: وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ[2]، الأمر: ما يُهتمّ لشأنه، نحو الحرب، وما يتعلّق بها،، وهو المنساق من الآيات الشريفة، ولا تشمل الآية المباركة أمور الدين، وما يتعلّق به، أو ما أنزل فيه الوحي من أمور الدنيا.

[1] البقرة:117

[2] آل عمران: ۱٥۹.

مادة (أ م م) تأتي بمعنى: القصد.

والأُمّ: الأصل، وسمّي اللوح المحفوظ بـ (أمّ الكتاب)، قال تعالى: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيم[1]، وأمّ النجوم: المجرّة، وفي قوله تعالى: هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ[2]، سمّيت المحكمات أمّ الكتاب، لأنّها أصول المعارف الإلهيّة، والقوانين الخلقيّة، وتنظيم الأنظمة الدنيويّة، والأخرويّة.

وفي قوله تعالى: وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا[3]، أمّ القرى: مكّة المكرمة، وقُرى: جمع قرية، وكلّ موضع يجتمع في الناس يسمّى قرية، وتطلق على الحالّ، والمحلّ كليهما. والمراد بـ (من حولها): سائر بلاد الأرض، ولا ريب في أنّ المراد: أهلها، فتدلّ على كون دعوته (صلى الله عليه وآله وسلّم) عامّة لجميع أهل الأرض، وفي الكلام تمام العناية بأمّ القرى، التي هي الحرم الإلهيّ ومنها بدأت الدعوة، وانتشرت كلمة التوحيد.

وفي الآية الدلالة على أنّ مكة المشرفة هي أصل القرى والبلاد، فترجع سائر البلدان إليها، كما يرجع الأبناء الى الأمّ، فتكون مركز الارض، وهو الذي دلّت عليه الأخبار، والاعتبار، فقد قيل: إنّ العلوم الحديثة أكّدت ذلك.

وقد وردت هذه الكلمة في مورد آخر من القرآن الكريم، قوله تعالى : وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ[٤] ، والفرق بين المقامين، أنّ آية المقام ردّ على اليهود، الذين أنكروا نزول كتاب إلهيّ ينفع العباد في الحال، والمآل، فكان الجواب أنّه عزّ وجلّ, أنزل كتابًا مباركًا على رسول عظيم، لينذر أم القرى ومن حولها، فكانت دعوته عامّة لجميع أهل الارض، وهم يعلمون بما في الكتاب الالهي من الخير العام، أمّا آية الشورى فالخطاب فيها مع المشركين الذين أنكروا المبدأ، والمعاد، والنبوّات، فكان المقام يقتضي ذكر القرآن، والنبيّ المنزل عليه، وأنّه عربيّ, لقطع عنادهم، ولجاجهم.

  والأُمّة: كلّ جماعة يجمعهم جامع واحد، سواء أكانوا من ذوي العقول، أم لا، وسواء كان ذلك الجامع زمانًا، أو مكانًا، أو شيئًا آخر، تسخيريًّا كان، أو اختياريًّا، قال تعالى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ ثُمَّ إِلى‏ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ[٥]، وهي من الأمور الإضافيّة القابلة للقلّة، والكثرة، وقد يكون كلّ نوع أمّة، بل قد يكون كلّ صنف كذلك، وقد يطلق اللفظ على الواحد، بوصفه مجمع الخيرات، ومنشأ البركات، قال تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتًا لِلَّهِ[٦]، أو لأنّه سبب في اتحاد جماعة، واتّفاق في الدّين، أو لأنه كالجماعة في العقل، والكمال، والقدرة.

ولهذا اللفظ استعمالات كثيرة في القرآن، قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ[7]، وقال تعالى: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِير[8]. وقال تعالى: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً[9]، وقال تعالى: إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ[10]، وقال تعالى: وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ [11] .

ويستعمل بمعنى: الملّة، والدين؛ وبمعنى: حين، إلى غير ذلك من الاستعمالات التي تعرف بالقرائن.

  والأُمّيّ: من لا يكتب، ولا يقرأ، فهو على ما ولدته أمه من الجهل، وهو صفة ذمّ، قال تعالى: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ[12]، وقد تكون من صفات المدح، نحو ما في نبيّنا الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله)؛ فإنّه كان أمّيّا، ولكن علّمه اللّه تعالى من لدنه جميع المعارف، وجهات التشريع.

وفي قوله تعالى: وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ[13]، المراد من الأميين: مشركو العرب، قال تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا[۱٤]، مقابل أهل الكتاب، وكان أهل الكتاب يسمّونهم بذلك، قال تعالى: لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ[۱٥].

  والإمام: كلّ ما يقتدي به النّاس، سواء أكان كتابًا سماويًّا، قال تعالى: وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى‏ إِمامًا وَرَحْمَةً[۱٦]، وقال تعالى: وَكُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ[17]، أم رجلًا إلهيًّا، قال تعالى: وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا[18].

ويُستعمَل في كلّ من الحق، والباطل، قال تعالى: فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ[19]، وقال تعالى: وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِمامًا[20].

  والإمامة، في عرف المليين: الزعامة الإلهيّة، والرئاسة الربانيّة، على النّاس، والإمام هو الزعيم، والمقتدى، في أمور الدين، والدنيا، فهو القوة المجرية لأحكام اللّه تعالى، وتدبيراته في خلقه، من حيث التشريع، فتكون رئاسته من الحق، وبالحق؛ وإذا لوحظت مطلقًا من غير شرط، فهي تجامع النبوّة، والرسالة، وإذا لوحظت (بشرط لا) فهي تختصّ بغيرهما، فإنّ مجرد إنزال التشريعات السماويّة على من يختاره اللّه تعالى، يكون نبوّة؛ وأمره تعالى ذلك النبيّ أن يُرسَل، ويُبلّغ ما أنزل عليه، إلى النّاس، يكون رسالة؛ وأمر اللّه تعالى ذلك الرسول بإخراجها في النّاس، وإقامتها فيهم، يكون إمامة، وبين الجميع تصادق في الجملة، والحقيقة واحدة، ولكن لها مراتب مختلفة.

ويصحّ انفكاك الإمامة عن النبوّة، والرسالة، نحو ما في جمع كثير من الأنبياء (عليهم السلام)، مثل: لوط، ويونس، وهود. ويصحّ انفكاك الأخير عن الأوّلين، نحو خلفاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، ويصحّ اجتماع الجميع، نحو ما في إبراهيم، وموسى، وعيسى، وخاتم النبيين (صلّى اللّه عليهم)؛ فلا ملزم لأن يكون كلّ نبيّ، أو رسول، إماما، ولا ملزم أن يكون كلّ إمام نبيًّا، أو رسولًا.

[1] ٌ الزخرف:٤

[2] آل عمران: 7

[3] الأنعام: 92

[٤] الشورى: 7

[٥] الأنعام: 38

[٦] النحل: 120

[7] آل عمران: 110

[8] فاطر: ۲٤

[9] النمل: 82

[10] الأنبياء: 29

[11] القصص: 28

[12] البقرة: 78

[13] آل عمران: 20

[۱٤] الجمعة: 2

[۱٥] آل عمران: ۷٥

[۱٦] هود: 17

[17] يس: 12

[18] السجدة: ۳٥

[19]  التوبة: 12

[20] الفرقان: ۷٤

  الأمن: الطمأنينة، وزوال الخوف، وسكون النفس، والأمن، والأمان، والأمانة، تستعمل مصدرًا، واسمًا، ويفرّق بينهما بالقرائن.

وقد استعملت جملة من مشتقّاتها بالنسبة إلى الحرم الأقدس الإلهيّ، قال تعالى: أَنَّا جَعَلْنا حَرَمًا آمِنًا[1] وقال تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا[2] وقال تعالى: وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ[3].

والأمن المستعمل في القرآن أخرويّ، أو دنيويّ، أو هما معًا:

  الأخرويّ: نحو قوله تعالى: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ[٤]، وقوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ[٥].

  والدنيويّ: نحو قوله تعالى: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَدًا آمِنًا[٦]؛ والوصف بالأمن إمّا للإرشاد إلى أنّ المحلّ محلّ لا ينبغي أن يقع الظلم فيه مطلقًا، فيكون تنبيهًا للعقل، والعقلاء إلى عظمة المحلّ، نحو ما ورد في تعظيم القرآن، والوالدين، والمؤمن، فتترتّب على المخالفة المفسدة لا محالة، وإمّا أنّه أمر تكليفيّ، فعليّ، لجعل المحلّ آمنًا ممّا حذر ارتكابه في غيره، وكلّ منهما صحيح، ولا منافاة بينهما.

  والدنيويّ، والأخرويّ: يصحّ أن يكون الأمن في الآية السابقة منه.

  والأمانة: اسم مصدر سمّي به المفعول، وهي في قوله تعالى:  إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا[7] عامّة، تشمل كلّ أمانة على الإطلاق، سواء أكانت خالقيّة، أم خلقيّة، ولكنّ المهمّ منها، والتي تتعلّق بها سائر الأمانات، وتتنظم، هي الأمانة المتعلّقة بحقوق اللّه تعالى، وأهمّها عبادته ـــ عزّ وجلّ ـــ وحده، بلا شريك، والإيمان به، وبرسله، والتحاكم الى شريعته، واتّخاذ دينه منهجًا في الحياة، فإذا تمّ ذلك، وأُدّيت تلك الأمانة بحذافيرها، انتظمت سائر الأمانات، وأُدّيت الى أهلها تلقائيًّا؛ لأنّه بأداء الأمانة الكبرى، يستشعر الإنسان تقوى اللّه تعالى، وتتحدّد مسؤوليته تجاه سائر الأمانات، فيكون مسؤولًا عن أدائها، ويكون مراعيًا لحقوق الآخرين، الّذين أمرنا اللّه تعالى بمراعاة حقوقهم، وإلا خرج عن أداء الأمانة الكبرى؛ بل يمكن أن يقال: إنّ كلمة أَهْلِهَا تدلّ على أنّه لا بدّ من أن يكون المؤدّى إليه الأمانة، له أهليّة الأمانة، فتختصّ الآية الشريفة بأداء الأمانة للّه تعالى، ورسله، وأنبيائه العظام، والأوصياء الأكرمين، فإنّ لهم أهليّة أداء الأمانة، وأمّا غيرهم فيكون ردّ أمانتهم لردّ أمانة أولئك المتقدّمين، ويشهد لذلك تعقيب هذه الآية الكريمة بالحكم بالحقّ، الّذي هو حقّ إلهي، وإطاعة اللّه، والرسول، وأولي الأمر منكم، فإنّه من باب التطبيق لتلك الأمانة، التي أمرنا بأدائها الى أهلها.

  والإيمان: من الأمن، سمّي به، لكونه موجبًا لأمن المؤمن من العقاب في الآخرة، قال تعالى: فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا[8]، أو لأمان النّاس به في الدنيا؛ وفي الحديث: “لأنه يؤمن على اللّه، فيجيز أمانه”[9]؛ وهو: الاعتقاد بالجنان، والعمل بالأركان، والإقرار باللسان، فليس الإيمان مجرد الإقرار، بل العمل بالوظيفة جزؤه، فهو في اللغة، والشرع, بمعنى واحد، وهو: التصديق الجازم.

ويستعمل لازمًا، وهو كثير في القرآن، قال تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ [10].

ويستعمل متعديا بـ (الباء)، وهو أيضًا كثير، قال تعالى: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [11].

ويستعمل متعدّيًا بـ (اللام)، قال تعالى: فَما آمَنَ لِمُوسى‏ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ[12].

وردت هذه المادّة، بمشتقاتها، في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، ممّا يكشف عن أهميّة الإيمان، وأنّه الأصل في الكمالات الإنسانيّة مطلقًا، بل جعل تعالى العقل- الّذي هو من أعظم مواهبه- دائرًا مداره، فقال عزّ وجلّ: فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا[13]، فخصّ أولي الألباب بالمؤمنين.

وقرن العمل بالصالحات، بالإيمان، في كثير من الآيات، قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ[۱٤]، وفي النصوص الكثيرة، أنّ الإيمان مبثوث على الجوارح جميعها، والإيمان أمر تشكيكيّ، وهو كسائر الصفات النفسانيّة، التي لها مراتب كثيرة: كمالًا، ونقصًا، وشدةً، وضعفًا، ويختلف باختلاف متعلّقه، من: القلب، واللسان، وعمل الجوارح، وأعلى مراتبه ما بيّنه تعالى في قوله: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى‏ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى‏ وَالْيَتامى‏ وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ‏[۱٥].

والإيمان على أنحاء أربعة:

  الأوّل: الإيمان الانتسابيّ فقط، بأن يرى الشخص نفسه في بلاد المسلمين منسوبًا إليهم، بلا اعتقاد، ولا عمل.

  الثاني: الإيمان الاعتقاديّ فقط، من دون عمل.

  الثالث: العمل الظاهريّ من دون الاعتقاد.

  الرابع: الاعتقاد القلبيّ، والعمل على طبق ما اعتقد.

وما يصدق عليه الإيمان حقيقة هو الأخير، وهو النافع للنفس الإنسانيّة في طريق استكمالها، وعوالمها الأخرويّة، وسائر الأقسام إنّما أطلق عليها الإيمان بالعناية، للتسهيل؛ نعم، لا يطلق عليه الكافر، إلّا إذا انتفى منه الاعتقاد، والعمل، والإقرار؛ وعند انتفاء العمل بالأركان فقط، يكون فاسقًا، إن لم يكن منكرا لضروريّ من ضروريّات الدين، فمن ترك واجبًا، وارتكب محرّمًا، فهو ليس بمؤمن من هذه الجهة، وإن كان مؤمنًا من جهة أخرى، قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن”[۱٦]، وعن الصادق (عليه السّلام): “فأمّا الرشا في الأحكام فهو الكفر باللّه العظيم[17].

وفي قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ[18] المراد بالّذين آمنوا: من اتّخذ الدين القيّم، قال تعالى: دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا[19]، وليس المراد به: خصوص المسلمين، الّذين صدّقوا محمدًا (صلّى اللّه عليه وآله)، ويدلّ على العموم ذيل الآية الشريفة، فيكون ذكر الأصناف الثلاثة تخصيصًا بعد العموم، وتفصيلًا بعد الإجمال.

وعطف عمل الصالحات على الإيمان في آيات كثيرة، من عطف الجزء على الكلّ، لفائدة، وخصوصيّة، وهو من شؤون البلاغة، والفصاحة، وأيّ فائدة أحسن من كون الإيمان بالشريعة، يدور مدار العمل بها قال (صلّى اللّه عليه وآله):” لا قول إلّا بعمل، ولا قول ولا عمل إلّا بنيّة، ولا قول، ولا عمل، ولا نيّة، إلا بإصابة السنّة”[20]، وهو من اشتراط الشي‏ء بأهم شروطه، نحو قول الإمام الباقر (عليه السلام): “لا صلاة إلّا بطهور[21].

[1] العنكبوت: ٦۷

[2] البقرة: ۱۲٥

[3] التين: 3

[٤] الحجر: ٤٦

[٥] الدخان: ۱٥

[٦]البقرة: ۱۲٦

[7] النساء: ٥۸

[8]  الجن: 13

[9] علل الشرائع 2/ ٥۲۳, الباب: 300, ح 1, والحديث للإمام الصادق (ع).

[10]  البقرة: 13

[11]  البقرة: 177

[12]  يونس: 83

[13]  الطلاق: 10

[۱٤]  البقرة: 82

[۱٥]  البقرة: 177

[۱٦] الكافي 2 / 32, كتاب: الإيمان والكفر, باب: بدون عنوان, ح1.

[17] الكافي 5 / 127, كتاب: المعيشة, باب: السحت, ح3.

[18] البقرة: ٦۲

[19]  الأنعام: ۱٦۱

[20] الكافي 1 / 70 , كتاب: العقل والجهل, باب: الأخذ بالسنّة, ح 9.

[21] من لا يحضره الفقيه – ج 1 – ص ٥۸, باب: إنّ الطهور قسم من الصلاة, ح 129.

  الإنجيل: كلمة يونانيّة، معناها: (الجلوان)، أي: ما يُعطى لمن يُبشِّر بالشي‏ء، أو البشرى بالخلاص، وتطلق عند المسيحيّين على الأناجيل الأربعة، وهي: إنجيل لوقا، وإنجيل مرقس، وإنجيل متّى، وإنجيل يوحنا؛ والعهد الجديد يطلق على هذه الأناجيل الأربعة، المتكوّنة من سبعة وعشرين سفرا، تتضمّن سيرة المسيح، وتعاليمه، وأعمال الرسل (الحواريين)، ورؤيا يوحنا اللاهوتي، وقد اختلفوا في تأريخ كتابتها.

والإنجيل في القرآن الكريم: الكتاب المنزل من اللّه تعالى على عيسى (عليه السّلام)، الموصوف بأنّه كتاب واحد، حقيقيّ، مشتمل على النور، والهداية، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم في ما يقرب من اثني عشر موردًا.

وقد اختلف العلماء في اشتقاق هذه الكلمة على وجوه، ولكن كونها غير عربيّة الأصل يكفينا عن الخوض في ذكرها.

ويفاد من مجموع الآيات التي وردت هذه الكلمة فيها، أنّ الإنجيل كتاب، واحد، حقيقي، وليس متعددًا، بحسب ما يدّعيه المسيحيون، وأنّه لم يؤمن من السقط، والتحريف، كالتوراة، ويرشد إلى ذلك إفراد الاسم، والتوصيف بأنه هدى للناس.

مادة (الناس) مما اختلف أهل اللغة في مبدأ اشتقاقها، فقيل إنّه أناس، وقيل: إنّه أنوس، وقيل: إنّه إنسان؛ وأصل معناه من الاضطراب، وهو اسم جنس له أنواع كثيرة تُعرَف بالقرائن المحفوفة بالكلام، ومع عدمها يرجع إلى العموم، والمراد به: الأفراد المجتمعون من بني آدم.

وقد ذكر هذا اللفظ في القرآن الكريم في ما يقرب من مئتين وأربعين موردًا، وجميع الكتب السماويّة مشحونة به، بلغات مختلفة، وهو محور حكايات ربّ السّماء، ومورد دعوة الأنبياء، لا حدّ لمقصده، ومسعاه، إذا كان للّه، وإلى اللّه تعالى، ولا غاية لمنتهاه، لبقائه ببقاء اللّه تعالى.

وفي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ[1]، المراد بالناس: من وُجد فيه معنى الإنسانيّة، مع قطع النظر عن الخصوصيّات التكوينيّة منها، نحو: الذكورة، والأنوثة، أو الاكتسابيّة، نحو: العلم، والفضل، والغنى، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ[2]، ولاتنطبق على غير الجماعة، إلّا مع القرينة الدالّة على إرادة الواحد منه، نحو قوله تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ[3]، والمراد به شخص واحد، أو تكون قرينة خاصه تفيد معنًى خاصًّا في الاستعمال ، فقد تدلّ على أنّ  المراد من الناس: الفضلاء منهم، والّذين تحلّوا بثوب التعقل، والإدراك، نحو قوله تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ[٤]، أي: الّذين أفادوا من الانسانيّة التي وُجدت فيهم، فأدركوا الحق، وميّزوه من الباطل، وربمّا تدلّ القرينة على أنّ المراد من الناس: الأدنون منهم، الّذين يحتاج في تمييزهم إلى اعتبار شيء زائد، من الفضائل الإنسانيّة، التي توجب المزيد عن أصل النوع ، نحو قوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ[٥]، فالمراد منه في الآية الكريمة: المعنى العامّ، الّذي يشمل كلّ من دخل الإسلام، حتّى من لم يستقرّ في قلبه الإيمان، فيدخل فيه المؤمن، والمنافق، والّذي في قلبه مرض، الّذين اختلطوا في ظاهر الإسلام، فإنّ الخوف إذا كان، فإنّما يكون من عامّتهم، فلا موجب لتخصيص الناس بالكافرين، أو المشركين فقط، ولاسيّما أنّ الآية  نزلت بعد الهجرة، وظهور شوكة الإسلام، ووعد الله نبيّه، والمؤمنين، بإطفاء نيران حرب اليهود، والنصارى، ودخولهم في السلم، فكان السواد الأعظم مسلمين، وكان فيهم من كان، ممّن يخاف منه على دينه، وهذا ممّا لايمكن أن ينكره أحد، إلّا أن يكون مكابرًا.

[1] المائدة: ٦۷

[2] الحجرات: 13

[3] آل عمران: 173

[٤] البقرة: 13

[٥]الروم:30

  الأهل يقال: لمن يختص بشي‏ء، سواء كان ذلك الشي‏ء إنسانًا، أم غيره. يقال: أهل الرجل، وأهل الدار، وأهل الذكر؛ قال تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ[1]؛ والآل لا يقال إلا فيما إذا كان للمختصّ به شرف، سواء أكان دنيويًّا، نحو قوله تعالى: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ[2]، أم معنويّا نحو: آل موسى، وهارون، أم هما معًا، نحو آل محمد (صلّى اللّه عليه وآله).

وقيل: إنه اسم جامد، ولكن فيه نظر، يُرجع إلى كتب النحو.

  والأهلون: جمع الأهل، كأرض، وأرضون، على خلاف القياس، فإن شرط هذا الجمع أن يكون علَمًا، أو صفة.

[1] الأنبياء:7

[2] غافر: ٤٦

 المآب: المرجع، وفي قوله تعالى: وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ[1]، حسن المآب: المرجع الّذي لا فناء فيه، ولا عناء، والمنزّه عن كلّ نقص، وعيب.

[1] آل عمران: ۱٤.

  الأود: المشقّة، والثقل، والجهد، وفي قوله تعالى:  اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ[1]، لا يؤوده: أي: لا يشقّ عليه حفظ السّموات والأرض، ولا يجهده، ويتعبه ذلك.

[1] البقرة: 255

  الأوَّل: من الأوْل، وسمي أولًا، لرجوع غيره إليه، وهو كثير الاستعمال في الكتاب، والسنّة.

وفي قوله تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ[1]، الأوّليّة من الأمور الإضافيّة، تستعمل بالنسبة إلى الزمان، والمكان، والشرف، والرتبة، والوضع، وغير ذلك، وقد اجتمعت جميعها في البيت الحرام، فإنّه أوّلُ مكان خلقه اللّه تعالى، ثم مدّ منه بقيّة الأرض، وقد دلّ عليه النقل الصحيح، وأوّل من حيث الزمان، إذ لا بيت عبادة قبله، وأوّل من حيث الشرف، والعبادة، لأنّه كان معبدًا للملائكة.

[1]آل عمران: 96

 التأييد: النصرة، والتقوية، وتأييد عيسى بروح القدس، غير خلقه من نفخة روح القدس، وهو الظاهر، فإنّ هذه النفخة كالمادّة العاقدة في رحم مريم ابنة عمران، والتأييد إنّما هو بعد الخروج من الرّحم.

وقد كرّر ــــ سبحانه، وتعالى ـــــ تأييد عيسى (عليه السلام) بروح القدس في القرآن الكريم ثلاث مرّات، مرّتين في قوله تعالى: وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ[1]، والثالثة في قوله تعالى: إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ[2]، ولم يذكره تعالى في سائر الأنبياء، حتّى في شأن إبراهيم (عليه السلام)، الّذي هو مؤسّس الملّة الحنيفيّة، وصاحبها، ولعلّ الوجه في ذلك، أنّه تعالى إذ خلق عيسى من غير أب، وهو خرق لنظام التكوين، كرّر تعالى ذلك، وصرّح باسمه لتثبيت القلوب، وعدم المبادرة إلى جحود الواقع المحجوب، كما كرّر ـــ عزّ وجلّ قصة خلق آدم (عليه السلام) في موارد من القرآن الكريم، فيكون التصريح باسمه (عليه السلام)، مع عدم ذكر غيره من الرسل، ردًّا لما كان يفعله اليهود في تحقيره، وما يعتقده النصارى في ألوهيّته.

[1] البقرة: 87, و253

[2] المائدة: 10

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"