1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. ماقیل حول السید
  6. /
  7. معجم الألفاظ قرآنیة
  8. /
  9. باب الصاد
ص ب أ

مادة (ص ب أ) تأتي بمعنى: الميل، فالصابي: من خرج, ومال من دين إلى دين آخر، ولذا كان المشركون يقولون لمن أسلم: قد صبأ.

والصابئون: الذين خرجوا من أهل الكتاب.

وقد اختلف المفسّرون, والفقهاء, في الصابئين: هل هم من أهل الكتاب, أو لا؟ وعلى الثاني هل هم من المشركين, أو لا؟ ويمكن أن يستظهر من ذكرهم في القرآن الكريم في سياق أهل الكتاب, أنّهم منهم موضوعًا, أو حكمًا، ويفاد من إجماع الفقهاء على صحّة أخذ الجزية منهم, أنّهم من أهل الكتاب, لعدم جواز أخذ الجزية من غير أهل الكتاب.

وقيل: إنّ كل يهوديّ ترك دينه, وأراد أن يتنصّر، أو كلّ نصرانيّ ترك دينه, وأراد أن يتهوّد, سمي صابئيًّا؛ وهذا القول مردود, فإنّ للصابئين دينهم, وعقائدهم, وعاداتهم المنمازة من غيرهم.

والحقّ أن يقال: إنّ الدين إمّا سماويّ، أو وضعيّ افتعاليّ محض, أو مركّب منهما, والصابئة اسم نوعيّ للأخير.

ورد لفظ الصابئين في القرآن الكريم في موارد ثلاثة, في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [1]، وفي قوله تعالى: وَالَّذِينَ هادُوا والصَّابِئُونَ والنَّصارى‏ [2], وفي قوله تعالى: وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى‏[3], ويمكن أن يكون تقديمهم بلحاظ تقدّم زمانهم على النصارى، والتأخير عنهم بلحاظ أخذ جملة من أحكامهم من النصارى.

[1] البقرة : 62

[2] المائدة: 69

[3] الحج: 17

ص ب ح

الإصباح: مصدر سمّي به الصبح، يقال: أصبح الرجل: إذا دخل وقت الصباح, ويقابله وقت الإمساء، وفي قوله تعالى: فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا[1]؛ المراد بفلق الإصباح: شقّ ظلمة اللّيل بعمود الصبح، وإخراج النور المنتشر من ظلمة الليل على وفق حساب دقيق معروف يقترن بالفجر, الذي ينقسم على كاذب, وصادق.

[1] الأنعام : 95 ــ 96

ص ب ر

الصبر: كفّ النفس عن الهوى, مع مراعاة تكليف المولى، وهو من أهم مكارم الأخلاق، بل لا فضيلة إلّا وللصبر فيها دخل؛ واستعانة الإنسان إمّا أن تكون من نفسه بنفسه، أو من نفسه بغيره، والأوّل هو الصبر، ومن الثاني الصّلاة.

وفي قوله تعالى: وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ[1], الاستعانة بالصبر: هي فعل الطاعات, وترك المحرمات، وقد يراد منه الصوم, لأنّه الإمساك, وكفّ النفس عن المفطرات, فيكون من صغريات المعنى اللغويّ, ففي الحديث: “إنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) كان إذا حزنه أمر استعان بالصوم, والصّلاة”[2]، وعن الصادق (عليه السلام): “الصبر الصيام, وإذا نزلت بالرجل النازلة, والشديدة, فليصم، فإن اللّه تعالى يقول: وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ[3], يعني: الصيام[4].

وفي قوله تعالى: الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ[5], الصابر: الحابس نفسه عن ارتكاب المعاصي, والملازم لامتثال الأوامر.

والمصابرة: من باب المفاعلة, وهي المغالبة في الصبر، ويلزم ذلك مقابلة الصبر بالصبر, وتضاعف تأثيره, وتقوّي الحال به؛ وإنّما تظهر هذه الخصلة الحميدة في الجماعة, في حال الاجتماع والتعاون, قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [6] .

[1] البقرة : 45

[2] مجمع البيان – ج 1 – ص 194

[3] الكافي – ج 4 – ص 63 – 64

[4] الكافي – ج 4 – ص 63 – 64,  كتاب: الصوم, باب: ما جاء في فضل الصوم والصائم, الحديث: 7.

[5] آل عمران : 17

[6] آل عمران : 200.

ص ب غ

الصبغة: اسم للكيفيّة الحاصلة من صبغ الشي‏ء؛ فكما أنّ للأجسام ألوانًا, تظهر للبصر، كذلك للنفوس, والأرواح، ما هو بمنزلة اللون, يظهر لأهل البصائر, والبصيرة, من بياض, وسواد، وصفاء, وكدر، ونور, وظلمة، وطهارة, وخباثة.

وتضاف إلى اللّه تعالى تارة: إذا حصلت من الإيمان باللّه, وما أنزله على رسله, والاستسلام لأمره, وإظهار العبودية له عزّ وجلّ, وهذا بياض معنويّ، بل لمعان أنوار في النفس, فيكون نورًا في ذاته, ومنوّرًا لغيره، ولها مراتب كثيرة, ودرجات متفاوتة. وتارة أخرى: تضاف إلى غيره تعالى، وهي الظلمة, والكدورة التي تحجب عن مبدأ النور.

وفي قوله تعالى:  صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ[1],  المراد بالصبغة: العقل الذي يُعبَد به الرحمن, ويُكتسَب به الجنان, الذي تجتمع فيه الشرايع الإلهيّة, وهو المعبّر عنه بالفطرة السليمة، وما سوى ذلك ليس من صبغة اللّه تعالى, فصبغة اللّه تعالى هي الطهارة عن كلّ دنس: روحيّ, ومعنويّ.

[1] البقرة : 138

ص د د

الصدّ: الصرف، وتستعمل قاصرة, بمعنى: أعرض، يقال: صرف نظره, أو وجهه, عن الشي‏ء: إذا أعرض عنه، قال تعالى: فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا [1].

[1] النساء : 55

ص د ف

الصدف: الإعراض بعد وضوح الحجة. وفي قوله تعالى : فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ[1], الدلالة على أنّه صرف عنها, ومنع الناس عن الإيمان, وردّهم أيضًا، فيكون في الصدف الصدّ بعد الإعراض، فقد حرموا أنفسهم من كلّ خير, وحرموا غيرهم أيضًا, فكانوا في التكذيب أظلم، لأنّهم جمعوا بين الضلال, والإضلال.

[1] الأنعام : 157

ص د ق

الصادق: المخبر بالشي‏ء على ما هو عليه, قال تعالى: الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ [1].

والصدّيق: مبالغة في الصدق، وفي قوله تعالى: وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا [2], الصدّيقين: الّذين طابق قولهم فعلهم، وظاهرهم باطنهم، فلا يصدر منهم إلّا الحقّ: اعتقادًا, وقولًا, وفعلًا, لصفاء سريرتهم, وعدم صدور الكذب منهم, وممارستهم الصدق، فألهموا الصواب، فميّزوا الحقّ من الباطل, والخير من الشرّ، فهم شهدوا الحقائق، فكانوا صادقين بالحقّ، فصاروا صدّيقين, شهداء الحقائق, والأعمال.

والصَدُقات: جمع صَدُقة بفتح الصاد, وضم الدال, وفي قوله تعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا[3], هي كالصُداق, بمعنى: المهر, وهو المال, أو أيّ شي‏ء له اعتبار عرفيّ, ولم ينه الشرع عنه, يملّكه الزوج المرأة عند الازدواج, لعادة استمرت بين الناس, وقررتها الشرائع السماويّة, إلا عند بعض المليين.

والصدَقَة: العطيّة المتبرَّع بها بقصد القربة.

[1] آل عمران : 17

[2] النساء : 69

[3] النساء : 4

ص ر ر

مادة (صرر) تأتي بمعنى: الشدّ, والضمّ, والقطع، وهذه الثلاثة متقاربة, ومتلازمة, ويصحّ أن يجعل الجامع الضمّ، وقد يستلزم القطع الضمّ, نحو ما إذا قطعت أجزاء الحيوان, فيضمّ بعضها إلى بعض, وتجعل في موضع واحد، وسمّيت الصرّة صرّة, لجمع الدراهم فيها.

وفي قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[1], المعنى: خذ أربعة من الطير, فضمّهنّ إليك, بأن تجمعها في مكان للمؤانسة, والمؤالفة، وأن يستشرقن بشوارق النفس القدسيّة, وتستعدّ للموهبة الإلهيّة, وهي الإيجاد بعد الإفناء, والسعي في الإتيان بدعاء أبي الأنبياء, وعلى هذا يكون الجار متعلّقا بـ (صرهنّ), من دون محذور, ولا حاجة إلى تضمين الكلام. وقيل: إنّ الجار متعلّق بـ (خذ), ولكنّه بعيد, ومخالف لفصيح الكلام.

والإصرار على الذنب: أن لا يتخلّله الاستغفار، ولا يحدّث نفسه بالتوبة، قال تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ[2],  والإصرار على الصغيرة, كبيرة من الكبائر.

[1] البقرة : 260

[2] آل عمران : 135

ص ر ط

 الصراط: الطريق المؤدّي إلى المطلوب؛ وللصراط المستقيم مراتب من الوجود:

الأولى: مرتبة البيان, وإتمام الحجّة, وهي من اللّه تبارك وتعالى, وأنبيائه العظام, وأوصيائهم (عليهم السّلام), ويدخل في ذلك جميع الشرايع الإلهيّة, والرسالات السماويّة.

الثانية: مرتبة الاعتقاد.

الثالثة: مرتبة العمل

وهما من وظائف العبد, إلّا أنّ الثانية أشقّهما عليه.

الرابعة: مرتبة ظهوره في النشأة الآخرة, ومن هذه المرتبة الصراط في يوم القيامة, الذي لا بدّ من العبور عليه, للوصول إلى محل الخلود؛ فالعبور وضعيّ, لا تكليفيّ، إذ لا تكليف في يوم القيامة, وإن اختلف زمان العبور, وكيفيّته, تبعًا لاختلاف درجات العابرين, ومعنويّاتهم.

ص ر ف

التصريف: النقل, والتغيير.

وفي قوله تعالى: وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ[1], تصريف الرياح: تغييرها, وتبديلها, وتوجيهها بإرادة اللّه تعالى، فإنّ في ذلك دخلًا في بقاء النبات, والحيوان, بل في حياة الإنسان, من حيث المرض, والصحّة، وكدورة النفس, وصحوتها، وهو ما أثبته العلم الحديث.

وقد ذكر العلماء أنّ الرياح على طبايع مختلفة، منها: الصبا, ومحلها من مطلع الشمس، والجدي, عند الاعتدال، والشمال من الجدي الى مغرب الشمس، والدبور من سهيل إلى مغربه، والجنوب من مطلع الشمس إلى مغربها.

ومنها الأعاصير، والملقّحة للنبات، والعقيمة، والمتناوحة التي تهب من كل ناحية، ومنها الإستوائيّة الدافئة، والقطبيّة الباردة، والموسميّة، والتجاريّة التي تجري بها السفن، ومنها الهادئة التي تمنع خطر العواصف.

كلّ هذه الأقسام تجري, وتهبّ على وفق الإرادة الأزليّة, وبحسب الحكمة, والنظام, ممّا يدلّ على حكمة صانعها, ورحمة مدبّرها, ومنّه على خلقه.

وفي قوله تعالى : قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَـهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ[2], التصريف: توجيه للمعنى في الجهات التي تظهره أتمّ الإظهار, وهو يلازم التقرير, والتكرار, والانتقال من أسلوب إلى أسلوب آخر، وذلك لتقريب المعاني إلى الأفهام, فمرّة: يستعمل أسلوب الترغيب, والترهيب, وثانية: أسلوب البرهان, والدليل, وثالثة: أسلوب التنبيه, والتذكير.

وفي قوله تعالى : قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ[3], التصريف: التحويل من نوع إلى نوع آخر، أي: تحويل الدلائل, والبراهين, والآيات التدوينيّه, وجعلها على طرائق شتّى، من: وعد, ووعيد, وغيرها. ومن الآيات ما يرجع إلى حسّ, أو إلى عقل، فبيّنها لهم لعلّهم يُدركون الحقيقه, ويفهمون الحقّ, ويدركونه، فيرجعون إلى الإيمان، ويتركون العناد, واللجاج، فإنّ تصريف الآيات, واختلافها, يقتضي الفهم، فإن عزبت آيه فلم تعزب الأخرى، فضلًا عن أنّ الآيات من أهمّ الدلائل لمعرفة الحقّ, وأسبابه, وأدلّته.

[1] البقرة : 164

[2] الأنعام : 46

[3] الأنعام : 65

ص ع د

مادة (ص ع د) تدلّ على الارتفاع, والعلوّ، ومنه: وجه الأرض، لأنّه نهاية ما يصعد إليه من باطن الأرض، أو لصعوده, وارتفاعه فوق الأرض، فيشمل التراب, والحجر، قال تعالى: فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا[1]، أي: أرضا ملساء، وقال تعالى: وإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيدًا جُرُزًا[2]، أي: أرضا غليظة لا نبت عليها, وفي الحديث: إذا كان يوم القيامة جمع الله ــــ عزّ, وجلّ ـــ الناس في صعيد واحد”[3]، أي: في أرض واحدة, ملساء, لا نبت فيها.

ونُقل عن الزجّاج أنّه قال: “لا أعلم خلافا بين أهل اللغة في أنّ الصعيد وجه الأرض، سواء كان عليه تراب, أو لم يكن”، ونقل المحقّق في المعتبر عن الخليل, عن ابن الأعرابي ذلك أيضًا، ويدلّ عليه أيضا الحديث المعروف بين المسلمين عن نبيّنا الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله): “جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا”[4]، والمراد به: هو وجه الأرض، فلا يشمل المعادن وغيرها، وجمع الصعيد: صُعُدات، كطريق وطُرُقات، وقيل: صُعُد، كطريق وطرق، وفي الحديث: “إياكم والقعود بالصعدات”[5]، وهي فناء باب الدار, وممرّ الناس.

وقيل: الصعيد: الغبار الذي يصعد، أي: من الصعود، ولهذا قالوا لا بدّ للمتيمّم من أن يعلق بيده الغبار؛ ولكن ادّعى الزجّاج عدم الخلاف بين أهل اللغة في أنّه مطلق وجه الأرض, سواء كان عليه تراب, أو لم يكن.

ويصّعّد: أصلها: يتصعّد فاُدغمت التاء في الصاد، ويدلّ على المشقّة الشديدة, قال تعالى: فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ [6].

[1]  الكهف: 40

[2]  الكهف: 8

[3] الأمالي – ص 233

[4] من لا يحضره الفقيه – ج 1 – ص 240 – 241, ح 724.

[5] معاني الأخبار – ص 283

[6] الأنعام : 125

ص ع ق

الصاعقة: النار السماويّة الّتي تحدث من أسباب معروفة في علم الطبيعة، قال تعالى: ويُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ[1]، وقد يراد بها: الصوت الشديد الموجب للموت، قال تعالى: ونُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ ومَنْ فِي الْأَرْضِ[2]، وتأتي بمعنى: العذاب، نحو قوله تعالى: أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ[3].

والصاعقة, والفاقعة, متقاربتان، إلّا أنّ الأولى في الأجسام العلويّة, والثانية في الأجسام الأرضيّة.

واحتمالات الصاعقة في قوله تعالى:  وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ [4], هي:

الأوّل: أنّ تكون من العذاب الأخرويّ, جزاء لغيّهم, ولجاجهم؛ وفيه: أنّه خلاف ما في الكتب السماوية, من أنّ العذاب الأخرويّ متوقّف على أمور معينة.

الثاني: أنّ تكون نحو عذاب دنيويّ، جزاء لعنادهم, ولجاجهم. وفيه: أنّه خلاف ما جرت عليه عادة اللّه تعالى من التأنّي, والإمهال, في التعذيب, والتأخير فيه إلّا أن يخصص المقام.

الثالث: أنّ الصاعقة حصلت من آثار عظمته, وجلاله, وكبريائه, جلّ شأنه, فتكون من سنخ قوله تعالى: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَدًا[5], فهي أمر وضعيّ, تكوينيّ، وتأثير الأقوال، والأفعال غير المرضية للّه تعالى في عالم التكوين, يفاد من الكتاب العزيز, والسنّة المستفيضة، بل تدلّ عليه الأدلّة العقليّة.

وفي قوله تعالى: يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ[6],  الصاعقة: النار السماويّة الّتي تحدث من أسباب معروفة في علم الطبيعة.

[1]  الرعد: 13

[2]  الزمر: 68

[3]  فصلت: 13

[4] البقرة : 55

[5]  مريم: 91

[6] النساء : 153

ص غ و

الصغو: الميل, والاستماع، ومنه أصغى الى حديثه, أي: استمع، وأصغى الإناءَ, أي: أماله، ويقال : أصغى فلان، وصغوه معك, أي: ميله, وهواه .

ولم ترد هذه الكلمة في القرآن الكريم إلّا في موضعين: أحدهما: قوله تعالى: وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ[1], والآخر:   إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ [2]. ويفاد منهما أنّها تُستعمل في غير مرغوب.

[1] الأنعام : 113

[2] التحريم : 4

ص ف و

مادة (ص ف و) تأتي بمعنى: الخلوص عن كل شوب, ونقص, وتأتي بمعنى: الاختيار, لأنه لا يقع من اللّه تعالى إلّا بذلك.

والاصطفاء، والاختيار، والاجتباء, نظائر، وأصل الكلمة من الصفاء، وهو النقاوة من الدنس, والفساد، والطاء في اصطفى بدل من تاء الافتعال، مثل الاختيار، فيكون الاصطفاء: أخذ الشي‏ء صافيا من كلّ ما يكدّره, ويخالطه؛ ويختلف باختلاف الجهات التي تكون سببًا للصفاء، فقد يكون الاصطفاء من حيث الاختلاف مع غيره, والاندماج معه، فيكون بمعنى: الاختيار للرسالة، نحو: قوله تعالى في شأن موسى (عليه السّلام): إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وبِكَلامِي[1]، أو يكون الاصطفاء للملك, والسلطة، نحو: قوله تعالى في شأن طالوت: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ[2]، أو يكون باعتبار الانتساب إلى التوحيد, ونبذ الأوثان، قال تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ[3]، أو يكون باعتبار صنف على آخر، نحو قوله تعالى:  أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ[4]؛ أو من حيث التخلّص من الشرك, وكونه جامعًا للكمالات، نحو: قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى‏ لَكُمُ الدِّينَ[5]، أو باعتبار التخلّص من الشركاء في الملك، نحو ما في المأثور: “إن أعطيتم الخمس, وسهم النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) والصفي، فأنتم آمنون”[6].

والصفي: ما كان يأخذه النبي (صلّى اللّه عليه وآله), ويختاره لنفسه قبل القسمة، ويقال له: الصفية.

وقد تكون جهة واحدة في الاصطفاء، وربّما تجتمع أكثر من جهة، نحو ما في شأن إبراهيم (عليه السّلام): ولَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ[7]، فإنّ اختياره كان بسبب النبوّة, والملك, والتقدّم في الإيمان, والدعوة إليه, والإخلاص للّه تعالى.

وفي قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ[8], الأنسب هو الاصطفاء للرسالة, والولاية, والعبوديّة المحضة، التي هي أساس الكمالات الإنسانيّة، ويدلّ على ذلك قوله تعالى: عَلَى الْعالَمِينَ، فلو كان الاصطفاء بمعنى الانتخاب منهم، لكان الأنسب أن يقول: من العالمين، فهو نوع اختيار لهم, وتقديم على العالمين, باعتبار أمر خاصّ, فوق مقام النبوّة والصلاح, لا يشاركهم غيرهم فيه، وهو العبوديّة, والزعامة, والإمامة على الناس.

وجهة الاصطفاء تعرف من القرائن الحافّة بالكلام، فقد تكون متّحدة، وقد تكون متعدّدة , ومن هذه الجهات:

الأولى: قداسة الذات.

الثانية: جهات خارجيّة اختياريّة, أو تكوينيّة.

الثالثة: الخلوص في العبادة, والتقوى.

الرابعة: جميع ذلك.

وفي قوله تعالى: وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ عَلَى الْعالَمِينَ[9], المراد بالاصطفاء: أن اللّه اختارك بقبوله تعالى لك, ورضائه بك، وتقبّلها لعبادته عزّ وجلّ, حينما نذرت أمّها تحريرها له عزّ, وجلّ

والصفوان: في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ[10]: الحجر الأملس, وجمعه صفيّ, وقيل: إنّه جمع, واحده: صفوانة, كسعدان وسعدانة، ومرجان ومرجانة.

[1]  الأعراف: 144

[2] البقرة: 247

[3]  فاطر: 32

[4]  الصافات: 153

[5]  البقرة: 132

[6] النهاية في غريب الحديث – ج 3 – ص 40 (صفو)

[7]  البقرة: 130

[8] آل عمران : 33

[9] آل عمران : 42

[10] البقرة : 264

ص ل ب

الصلب: قتلة مؤذية، والكلمة مشتقّة من الصَلَب (بالتحريك), قال تعالى إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ[1].

[1] المائدة : 33

ص ل ح

مادة (صلح) تستعمل في مطابقة الواقع المطلوب من الشي‏ء، فصلاح الإنسان: مطابقة أعماله الجوانحيّة, والجوارحيّة, لمرضاة اللّه تعالى.

والصالح: من حكم له بالصلاح, ولا يكون كذلك إلّا إذا كان جامعًا للكمالات المعنويّة, وحقيقة العبوديّة, الجامعة للكمالات الإنسانيّة, فمن كان كذلك في الدنيا, يلزم أن يكون في الآخرة من الصالحين، فالحكمان من المتلازمين.

وقد وقع هذا التوصيف لجمع من أنبياء اللّه تعالى، منهم إبراهيم (عليه السّلام)، قال تعالى: وإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ[1]، وإسحاق, ويعقوب، قال تعالى: ووَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ نافِلَةً وكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ[2]، ويحيى (عليه السّلام)، قال تعالى:  وحَصُورًا ونَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ[3]، وقال تعالى في شأن جمع من الأنبياء: وزَكَرِيَّا ويَحْيى‏ وعِيسى‏ وإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ[4]، ولوط، قال تعالى: وأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ[5]، وإسماعيل, وإدريس, وذو الكفل، قال تعالى في شأنهم: كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ* وأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ[6]؛ وفي طلب سليمان الذي استجابه اللّه تعالى, قال جلّ شأنه حكاية عنه: وأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ[7]، ويونس صاحب الحوت، قال تعالى في شأنه: فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ[8] .

وفي قوله تعالى: وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ[9], إنّما خصّ تعالى الصلاح بالآخرة, وهو معدود في الدنيا من الصالحين, لأنّه يظهر فيها صلاح الصالحين, فيرى النّاس بأعينهم ما كانوا يسمعونه في الدنيا، أو لأنّ صلاح الآخرة ملازم لصلاح الدنيا تلازم المعلول, والعلة، أو لأنّ صلاح أنبياء اللّه تعالى, ولا سيّما هذا النبيّ العظيم الذي تعرفه جميع الملل والأديان, في الدنيا معلوم لكلّ أحد، وقد أراد سبحانه أن يبيّن صلاحه في الآخرة أيضًا.

وللصلاح, والعمل الصالح, شأن كبير في القرآن, والسنة, بل وفي حكم العقل, والمجتمع الإنسانيّ؛ ولم يرد في الكتاب الكريم في تعريفهما شي‏ء، ولعلّ وضوحهما عند النّاس أغنى عن التعريف, فإنّ معنى مادّة (ص ل ح), محبوب كلّ ذي شعور ولا سيّما إذا كان في مورد الصلاح الأبديّ؛ والمذكور إنّما هو الآثار المترتبة على العمل الصالح، مثل إنّه تعالى يرفعه، قال جلّ شأنه: والْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ[10], وإنّه يتولّى الصالحين، قال تعالى:  وهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ[11], وإنّه يرزق من عمل صالحًا بغير حساب، قال تعالى: ومَنْ عَمِل صالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ وهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ‏[12], وأنّ الصالح في مصاف الأنبياء, والصدّيقين, والشهداء, قال تعالى: ومَنْ يُطِعِ اللَّهَ والرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَداءِ والصَّالِحِينَ[13], وتلك الآثار المذكورة في الآيات المباركة إنّما تترتّب إذا كان الصلاح منبعثًا عن الذات, حتى تكون الذات مقتضية له؛ وذلك في ما إذا ارتسم من مواظبة الأعمال الصالحة, حتى حدثت ملكة في النفس من ارتكاب تلك الأعمال، لأن بين النفس, والأعمال, نحو تلازم في الجملة, فربّما تؤثر النفس في الأعمال على نحو الاقتضاء. وقد طلب خليل الرحمن من اللّه تعالى أن يجعله من الصالحين، فقال تعالى حكاية عنه: وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ[14].

والمراد به في الأنبياء صلاح الذات, والصفات, والأعمال، ليكونوا صالحين لاقتداء الأنام بهم، وبعبارة أخرى: الصلاح هو المرآة الأتم لأخلاق اللّه تعالى.

والصلاح, والتقوى, مع تحقّق الشرائط, من أهم أسباب القرب إلى اللّه جلّ جلاله، وبهما يكون العبد من المقرّبين, ويفوز بسعادة الدارين، والصلاح آخر مقامات الأولياء، وهو الارتباط الكامل بين العبد, والمعبود, ويتحقّق بامتثال الأوامر, واجتناب المناهي: سرًّا, وعلنًا، حتى ترتفع الاثنينيّة بين الباطن, والظاهر، وهو الإنسانيّة الكاملة التي دعا إليها القرآن الكريم, ورغّب إليها غاية الترغيب، وفيه تجتمع سعادة الدارين؛ وللصالحين درجات نورانيّة, ومقامات روحانيّة, لا حدّ لها، ولا يمكن درك هذه المنزلة العظيمة, ولا تحديدها بكلام؛ ولمثل ذلك فليعمل العاملون, وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

والصالح: الّذي صلحت حاله, واستقامت طريقته, وأمّا المُصلح، فهو الفاعل لما فيه الصلاح.

وفي قوله تعالى : وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ[15], الإيمان هو الاعتقاد بالحق, والتصديق بالقلب, المصاحب للعمل, والإصلاح: مطابقة الاعتقاد, والعمل, للشرع الحنيف, أو الدخول في الصلاح, فيصلح ما أفسده من الاعتقاد, والعمل, والأخلاق, فلا ينفع الإيمان إذا لم يكن مع صلاح, أو الدخول فيه.

[1]  النحل: 122

[2]  الأنبياء: 72

[3]  آل عمران: 39

[4]  الأنعام: 85

[5]  الأنبياء: 75

[6]  الأنبياء: 85 ـــ86

[7]  النمل: 19

[8]  القلم: 50

[9] البقرة : 130

[10]  فاطر: 10

[11] الأعراف: 196

[12]  غافر: 40

[13]  النساء: 69

[14]  الشعراء: 83.

[15] الأنعام : 48

ص ل د

الصّلد: الحجر الذي لا ينبت فيه شي‏ء لصلابته, قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ[1].

[1] البقرة : 264

ص ل و

الصلاة: الدعاء, والعطف, والرحمة, قال تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ومَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا[1], أي: يرحمكم, ويعطف عليكم, وقال تعالى: وصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ[2]، وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[3], أي: ينزل الرحمة, والعناية الخاصة عليه (صلّى اللّه عليه وآله).

واستعمل لفظ الصّلاة في ما هو المعهود من الأعمال في الشريعة الإسلاميّة, لوجود الدعاء, وطلب الرحمة فيها؛ وهذه العبادة الخاصّة كانت معهودة لدى الأنبياء السابقين, وأتباعهم في الشرايع القديمة, بل كانت عند الحنفاء في الجاهليّة, وقد أحكمها اللّه تعالى في هذه الشريعة في أفضل هيأة, وأتمّ عبادة، وهي أوّل ما علّمها اللّه تعالى لنبيّه الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله) مباشرة, من وراء الغيب ليلة المعراج, “إنّ أوّل ما يحاسب به العبد الصلاة, فإنْ قُبلت قبل ما سواها[4], وجعلها النبي (صلّى اللّه عليه وآله) عمود الدين, كلّ ذلك لما فيها من الأثر العظيم في تهذيب النفوس, والعروج بها إلى الملكوت. وقد ذكر اللّه تعالى من عظيم أثرها في قوله: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ والْمُنْكَرِ[5]، ولذلك أمر اللّه تعالى بإقامتها, والمحافظة عليها, والخشوع فيها, وأدائها في أوقاتها.

[1]الأحزاب: 43

[2]التوبة: 103

[3]الأحزاب: 56

[4] الكافي ــ ج3 ــ 268, كتاب: الصلاة, باب: من حافظ على صلاته, الحديث4.

[5] العنكبوت: 45

ص ل ي

صلى: النار يصلي صليا وصِليّا, وصلّى وصلى (بالقصر فيهما) :الاحتراق بالنار, ومقاساة حرها, وعذابها، وأصله يرجع إلى التسخّن بقرب النار, أو مباشرتها, ثم توسّع فيه, واستُعمل في الحرق, ومقاساة أهوال النار, قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [1].

[1]النساء: 10

ص و ر

الصُور: المفاد من مجموع ما ورد فيه أنّه سبب لنزع الأرواح, والصوَر, أو عودها  إلى الأجسام, ولعلّه من أجل ذلك سمّي بالصور, ويشهد له ما ورد: أنّ الصور فيه صورة الناس كلّهم, أو تشبيهًا بالصور الذي ينفخ فيه لاجتماع أفراد العسكر لأمر مهم, أو كونه مثله بما يناسب ذلك العالم, ويدلّ عليه قوله تعالى: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ[1]؛ وفي قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ[2], ذكره لإظهار قدرته في إفناء الخلائق, وإعادتهم, والفصل بينهم, والحكم التامّ عليهم, قال عزّ من قائل : فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ[3].

[1] المدّثر : 8

[2] الأنعام : 73

[3] يس : 54

ص و م

مادة (ص و م) تدل على السكون، والإمساك، وتستعمل في الجماد, والحيوان, والإنسان، يقال: صام الماء: إذا سكن, وركد، وصامت الخيل: إذا أمسكت عن السّير, والحركة, والاعتلاف، ومنه قول النابغة:

خيل صيامٌ وخيلٌ غيرُ صائمةٍ

       تحت العجاجِ وأخرى تعلك اللجما[1]

وصام زيد: إذا أمسك عن الطعام, أو الكلام، قال تعالى حكاية عن ابنة عمران: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا[2].

ومثل هذه المادّة مادّة (ص م ت) إلا أنّها تختصّ بالجارحة اللسانيّة.

وبهذا المعنى اللغويّ جُعلت مورد الاستعمال الشرعيّ, مع زيادة شروط, وقيود، وهو دأب الشارع في جميع موضوعات أحكامه, نحو: الصلاة، والزكاة، والحجّ، والبيع؛ وبذلك لا يخرج عن المصداق اللغويّ, قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[3].

[1] ديوان النابغة الذبياني ، ص 73

 [2]مريم: 26

[3] البقرة : 183

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"