ش ح م
ش د د
أشدّ: في قوله تعالى: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً[1], يصحّ أن تكون بمعنى: التنويع, أي: بعض القلوب كالحجارة, وبعضها الآخر أشدّ منها، أو في بعض الحالات يكون القلب كالحجارة، وفي بعضها الأخرى يكون أشدّ, فحينئذ يصحّ الكلام بالنسبة إلى المتكلّم, أو السامع.
[1]البقرة : 74
ش ر ب
الشُرب: تناول الماء بالفم, وبلعه, قال تعالى: فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ[1].
[1] البقرة : 249
ش ر ي
الاشتراء: في قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ[1]. ليس المراد بالاشتراء: خصوص الشراء, مقابل سائر النقل والانتقال, بل المراد به التبديل.
[1] البقرة : 79
ش ط ر
الشطر يطلق على القسم المنفصل من الشيء، أي: النصف، والجزء, ومنه الحديث: “السواك شطر الوضوء”[1] ، وقوله (عليه السلام): “ من أعان على مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة وبين عينيه مكتوب : آيس من رحمة الله“[2]؛ وفي قوله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ[3], المراد به: النحو, والجهة.
ولم تستعمل هذه الكلمة في القرآن الكريم إلّا في تشريع القبلة إلى المسجد الحرام؛ قال تعالى: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ[4], وقال تعالى: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ[5], وقال تعالى: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ[6].
[1] النهاية في غريب الحديث – ج 2 – ص 401(شطر)
[2] من لا يحضره الفقيه – ج 4 – ص 94, والحديث للإمام الصادق (ع).
[3] البقرة : 144
[4] البقرة : 144
[5] البقرة : 149
[6] البقرة : 150
ش ط ن
الشطن: البعد, والتمرّد, والشياطين: المتمرّدون، وكلّما بعد الإنسان عن الخير, والصّلاح, وقرب من الباطل, والفساد, يقرب من الشيطان.
والشيطان: سواء كان من (شطن), أو (شطأ), بمعنى: المبتعد عن الحقّ, والعدوّ اللدود, ولفظه عبريّ الأصل.
والشيطان في الأديان الإلهيّة الكبرى مبعث الشر, متمثلًا في شخص خاصّ, وله أعوان من صغار الشياطين, يأتمرون بأوامره، وهو يغري الإنسان فيكون سببًا في غوايته على نحو الاقتضاء, لا الجبر, ولا يعدم اختياره، فيستطيع أن يدافع معه, وذلك بتوفيق من اللّه تعالى. وهو في الأصل كان في زمرة الملائكة صورة, تمرّد, وتكبّر, على اللّه تعالى, فسقطت منزلته, فأظهر حقيقته على ما حكى عنه الجليل في القرآن الكريم.
وقد ورد ذكره في عدّة من مواضع من التوراة, والإنجيل، وفي القرآن الكريم.
وفي قوله تعالى: وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ[1], المقصود بشياطينهم: رؤوسهم، ومن يدبّرهم في مذام الأخلاق, وشعب النفاق سواء, أكانوا من الإنس, أم الجنّ، نحو قوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ والْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا[2].
وفي قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَـاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قِرِينًا[3], المراد بالشيطان: إبليس وأعوانه الداخليّة، نحو: النفس الأمّارة, وهوى النفس؛ والخارجيّة, وهم شياطين الإنس, والجنّ.
[1] البقرة : 14
[2] الأنعام: 112
[3] النساء : 38
ش ع ر
ش ف ع
مادة (شفع) تأتي بمعنى ضمّ الشيء إلى غيره, لغرض يترتّب عليه، فالشفاعة هي انضمام المشفوع له إلى المستشفع, لنيل غرض لا يناله إلّا بها؛ وهي من الأمور الدائرة بين أفراد الإنسان, لتحقيق أغراض خاصّة, وإنجاح بعض المقاصد, وهي من الرّوابط الاجتماعيّة الوثيقة بين الحاكم, والمحكوم عليه.
ونسبة الشفاعة إلى اللّه عزّ, وجلّ, على نحوين:
الأول: توسّط الأسباب بينه تعالى, وبين غيره, فإنّه ــــ عزّ, وجل ــــ المبدأ, والمنتهى, وإليه يرجع الأمر كلّه, وهو المالك للخلق على الإطلاق, والربّ لهم, وله من الصفات العليا, الحسنى, والقيوميّة العظمى, التي يدبّر بها خلقه؛ وبينه تعالى, وبين خلقه أسباب عاديّة, وعلل وجوديّة, ووسائط كثيرة, فإنّه أبى أن يجري الأمور إلّا بأسبابه؛ وإطلاق الشفاعة على هذا النوع من السببيّة صحيح, ولا مانع منه عقلًا، بل يفاد ذلك من قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ[1], إذ أورد الشفاعة بعد خلق السّموات, والأرض, والتدبير لهما، فلا تكون إلّا في أمور التكوين, ويفاد من الآية أنّ الشفاعة بهذا المعنى هي من جملة تدبير الخلق, وتنظيم النظام الأحسن الربوبيّ، ويؤيّد ذلك أيضًا قوله تعالى: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [2]، فهذه هي الشفاعة التكوينيّة, أي: توسيط العلل, والأسباب الوجوديّة, بين مسبّب الأسباب, وخالق الأرض, والسّماء, وبين خلقه, المفتقر إليه.
الثاني: الشفاعة لديه تعالى, بمعنى: رفع العقاب عن عباده العاصين, أو زيادة الثواب لعباده المطيعين، فإنّ اللّه تعالى أرسل الرسل مبشّرين, ومنذرين, ومبلّغين صادعين بالحقّ, وأنزل معهم الكتاب المشتمل على الأحكام التشريعيّة الراجعة إلى مصالح العباد, ووضع الثواب للمطيعين, والعقاب على العاصين, وأقام الحجّة في العباد, وأتمّها عليهم: لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ ويَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ[3]، ولكنّه تعالى رأفة بخلقه, ورحمة بعباده, جعل الشفاعة لنفسه، وهو من شؤون رحمته المطلقة, الّتي وسعت كلّ شيء, وهذه هي الشفاعة في الجعل, والتشريع.
وبعد كون أصل الشفاعة بيده, وتحت استيلائه, وقدرته، له تبارك وتعالى أن يجعلها لمن يشاء من خلقه, ويريد, على وفق الحكمة البالغة, والعلم الأتمّ، وتدلّ على ذلك جملة من الآيات الشريفة, قال تعالى: يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ ورَضِيَ لَهُ قَوْلًا [4]، وقال تعالى: لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ ويَرْضى[5]، وإطلاق قوله تعالى: لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى[6]، يدلّ على أنّه لا بدّ في الشفاعة من إذنه في المشفوع له, والشفيع. وقال تعالى: ولا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وهُمْ يَعْلَمُونَ[7].
والمفاد من جميع ذلك: أنّ الشفاعة بجميع جهاتها, وخصوصيّاتها, لا بدّ من أن تكون تحت اختياره, وإرادته.
فالشفاعة على نحو ما تقدّم, مطابقة للعقل, والشرع, والعرف، فمن أنكرها بهذا المعنى, إنّما ينكر أمرًا وجدانيًا, يعترف به بجنانه, وينكره بلسانه.
والشفاعة في القرآن الكريم تدلّ عليها آيات كثيرة منطوقًا, ومفهومًا، نفيًا, وإثباتًا, في الدنيا والآخرة, وهي على طوائف:
الأولى: الآيات التي تدلّ على انحصار الشفاعة في اللّه, واختصاصها به عزّ, وجل, قال تعالى: قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[8], وقال تعالى: ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ ولا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ[9], وقال تعالى: لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ ولا شَفِيعٌ[10].
الثانية: الآيات التي تدلّ على العموم, وثبوتها لغيره عزّ وجل بإذنه ورضاه, وهي كثيرة منها: قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ[11], ومنها: قوله تعالى: ولا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى[12], ومنها: قوله تعالى: لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْدًا[13], ومنها: قوله تعالى: يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ ورَضِيَ لَهُ قَوْلًا[14]، ومنها: قوله تعالى: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ ويَرْضى[15].
الثالثة: الآيات الّتي تدلّ على ثبوت الشفاعة في الدنيا قال تعالى: مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها ومَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا[16], فإنّ سياقها يدلّ على أنّها في الدنيا.
الرابعة: الآيات التي تدلّ على نفي الشفاعة مطلقًا, أو في يوم القيامة, أو عن طائفة خاصة, قال تعالى: يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ[17]، وقال تعالى: أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ ولا خُلَّةٌ ولا شَفاعَةٌ والْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ[18], وقال تعالى: ولا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وهُمْ يَعْلَمُونَ[19], وقال تعالى: لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْدًا[20], وقال تعالى: ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ ولا شَفِيعٍ يُطاعُ[21], والمراد من الظّالمين: الكافرين, بقرينة قوله تعالى: والْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ[22].
والمفاد من مجموعها: أنّ الشفاعة ثابتة للّه تعالى أصالة, وهو المالك لها, ولغيره تعالى بإذنه, ورضاه، ولا تكون في يوم القيامة إلّا لمن ارتضاه اللّه تعالى, وأذن له بالشفاعة, وهذا هو الذي تقتضيه القواعد العقليّة, لانحصار مالكيّة كلّ شيء فيه تعالى, وجميع تلك الآيات المباركة تدلّ على عدم ثبوتها لغيره عزّ وجل, اقتراحًا من الناس, ومن دون مشيّة اللّه تعالى, وارتضائه، فتُحمَل الآيات النافية للشفاعة على الشفاعة الاقتراحيّة للناس، أو على وقت دون وقت.
وفي قوله تعالى: وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء[23], المراد بالشفعاء: الأرباب الذين كانوا يعبدونهم من دون الله ليكونوا شفعاء عنده عزّ وجلّ، نحو ما حكى عنهم عزّ وجلّ: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [24]، فأصبحوا بذلك شركاء في العبادة؛ وكلمة الزعم نصّ هنا في الباطل, وإن استعمل في غيره في غير المقام.
[1] يونس: 3
[2] البقرة: 255
[3] الأنفال: 42
[4] طه: 109
[5] النجم: 26
[6] الأنبياء:28
[7] الزخرف: 86
[8] الزمر: 44
[9] السجدة: 4.
[10] الأنعام: 70
[11] البقرة: 255
[12] الأنبياء: 28
[13] مريم:87
[14] طه: 109
[15] النجم: 26
[16] النساءك 85
[17] طه: 109
[18] البقرة: 254
[19] الزخرف: 86
[20] مريم: 87
[21] غافر: 18
[22] البقرة: 254
[23] الانعام :94
[24] الزمر: 3
ش ق ق
مادة (ش ق ق) تأتي بمعنى: الثقب, والخرم، ويلزمهما الفصل, والتجزئة. واستعملت في القرآن كثيرًا، قال تعالى: ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا[1]، وقال تعالى: وإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ[2]، وقال تعالى: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وشِقاقٍ[3].
وللشقاق مراتب كثيرة, بالنسبة إلى الأصول, والفروع, والأخلاق، والشقاق بالنسبة إلى اللّه, ورسله, بمعنى: الكفر, والضلالة, فالكافر في شقّ, والمؤمن في شقّ، والمصلّي في شقّ, وتارك الصلاة في شقّ آخر، والعادل في شقّ, والفاسق في شقّ آخر, وهكذا؛ فكلّ شيء, وغيره, يمكن أن يكونا من شقّين, ولو كانا من صنف واحد في الجملة.
وفي أحاديث آخر الزمان: “ إنه لا بدّ من أن تكون فتنة يسقط فيها كلّ بطانة, ووليجة, حتى يسقط فيها من يشقّ الشعرة بشعرتين”[4]؛ أي: بحذاقته, وفكره.
[1] عبس: 26
[2] الحج: 35
[3] ص: 2
[4] كتاب الغيبة – ص 210, والحديث عن الإمام الباقر (ع).
ش ك ر
مادة (ش ك ر) كمادتي (ك ش ر)، و(ك ش ف), تأتي بمعنى: الإظهار، ويقابلها مادة (ك ف ر) التي تأتي بمعنى: الستر, ويختلف ذلك باختلاف المتعلّق اختلافًا كثيرًا؛ والجامع القريب في الأولى الإظهار، وفي الثانية الستر؛ فإظهار وحدانيّة اللّه تعالى، وصفاته الحسنى، وأفعاله العليا إيمان, وستر ذلك كفر، ولهما مراتب. وإظهار نعمه شكر, وسترها كفر، ويطلق عليه الكفران أيضًا.
والإظهار مرّة: بالاعتقاد، وثانية: بالقول، وثالثة: بالعمل, إمّا بفعل ما أوجبه اللّه تعالى, وإمّا بترك ما نهاه عنه تعالى، وقد قال عليّ (عليه السلام): “شكر كلّ نعمة الورع عن محارم اللّه “[1].
والشكر: ما أنبأ عن عظمة المنعم, سواء كان بالقلب, أو باللسان, أو بالأركان، فالتفكّر في عظمته تعالى شكر له, وذكره باللسان, وفعل الصّلاة شكر له أيضًا، فالحمد أعمّ من الشكر من ناحية المتعلّق، لأنّه الجميل الاختياريّ, سواء أكان للحامد, أم لغيره، وأخصّ منه من ناحية المورد, لأنّ مورده اللسان فقط في الإنسان، والشكر بالعكس فإنّ متعلّقه الإنعام على الشاكر فقط, ومورده يعمّ القلب, واللسان, والأركان.
وقد ورد الشكر في القرآن بالنسبة إليه تعالى كثيرًا، قال تعالى: وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ[2]، وقال تعالى: وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ[3]، وقد يكون من اللّه عزّ وجل لعباده, قال تعالى: فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا[4]، وقال تعالى: وكانَ اللَّهُ شاكِرًا عَلِيمًا[5], والمراد بشكره تعالى: الجزاء على الخير, سواء كان في الدنيا، أو في الآخرة, أو فيهما معًا. ويقع من الخلق للخلق أيضًا, قال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي ولِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ[6].
وفي الفرق بين الحمد, والمدح, والشكر, والتسبيح, انظر( ح م د )
[1] بحار الأنوار – ج 68 – ص 56
[2] البقرة: 152
[3] البقرة: 172
[4] الإسراء: 19
[5] النساء: 147
[6] لقمان: 14
ش هـ د
الشهود: الحضور، سواء كان بالبصر, أو البصيرة، أو الواقع, فكلٌّ شهود، وهو من الصفات ذات الإضافة، فكما أنّ الشاهد يشهد المشهود, فهو حاضر لدى الشاهد.
وفي قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ[1], يمكن أن يكون المراد بالشهود: الحضور, مقابل الغيبة, والسّفر، ويعضده قوله تعالى: أَوْ عَلى سَفَرٍ؛ أو يكون المراد الأعمّ منه, ومن استجماع شرائط صحّة الصوم، ويعضده قوله تعالى: ومَنْ كانَ مَرِيضًا.
والشهيد من أسماء اللّه تعالى, وهو بمعنى: الحضور الفعليّ بالنسبة إلى جميع ما سواه، ولعلّ إطلاق الشهيد على من قتل في سبيل اللّه تعالى, إنّما هو لأجل حضوره لديه عزّ, وجلّ, متلبّسًا بما عاناه من الصعاب, والاضطهاد، أو حضور الملائكة لديه مبشّرين له بأعلى المقامات, وأرفع الدرجات, التي أُعدّت له، ويصحّ الحمل على المعنى العام, أي: حضوره لديه للانتصار, وحضور الملائكة لديه لبشارته بالجزاء، والمراد من حضوره تعالى هو توجّهه الخاصّ به؛ فالشهادة هي السفر من الخلق إلى الحقّ, ولا تختصّ بخصوص من بذل دمه في سبيل اللّه, بل تشمل كلّ من تحمّل الأذيّة مطلقًا في سبيله عزّ, وجلّ.
والقتل في سبيل اللّه تعالى, هو الشهادة في سبيله تعالى, والشهيد مشتقّ منها, إلّا أنّ الأول باعتبار أصل الحدوث, والثاني باعتبار الثبوت.
[1] البقرة : 185
ش هـ ر
مادة (شهر) تأتي بمعنى الظهور، وسمّي الشهر شهرًا لظهوره، وهو جزء من اثني عشر جزءًا, التي تحصل من دوران الأرض حول الشمس, سواء عُدّت بالأهلّة, أو بغيرها، وجمعه في القلة: أشهر، وفي الكثرة: شهور.
وقد ورد في القرآن الكريم: مفردًا, وجمعًا, في موارد كثيرة، قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ ولَا الشَّهْرَ الْحَرامَ ولَا الْهَدْيَ[1], وقال تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ[2]، وقال تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا [3], وتحديد الزمان بالأشهر قديم جدًا.
[1] المائدة: 2
[2] البقرة: 192
[3] التوبة: 36.
ش و ر
ش ي أ
المشيئة الإلهيّة تارة حتميّة, وأخرى اقتضائيّة، والأولى هي المراد في قوله تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ[1], والثانية هي المراد في تتمّة الآية: وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيد, وبذلك يرفع الجبر.
[1] البقرة : 253