الدعاء: النداء، وقد يستعمل كلّ منهما في موضع الآخر، ومادة (د ع و) كثر استعمالها في القرآن الكريم، ولعلّ من ألطفها قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ[1]، ومن أشدّها هيبة, وتسخيرًا, قوله تعالى: خُشَّعًاأَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ[2]، وفي الحديث عن نبيّنا الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله): “يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها”[3]، وعنه (صلّى اللّه عليه, وآله): “مثل المؤمنين في توادّهم, وتراحمهم, وتعاطفهم، مثل الجسد, إن اشتكى منه عضو, تداعى له سائر الجسد بالسهر, والحمى”[4].
والكلمة مستعملة في جميع العوالم الإمكانيّة, والنشآت الربوبيّة، فاللّه تعالى هو مبدأ الدعوة إلى الحقّ, في تمام النشآت، وإليه ختمها في جميعها، فهو الحقّ المحض, ومُظهره, ومَظهره.
ويختلف الدعاء عن السؤال في أنّ الأخير بمنزلة الغاية للأول.
وفي قوله تعالى: فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها [5], الدعاء بمعنى: السؤال من اللّه تعالى, والطلب منه, كذلك في قوله تعالى: قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ [6].
وفي قوله تعالى: قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ[7], يرشد تَدْعُونَهُ الى رجحان الدعاء مطلقًا، وكونه من أهمّ الأسباب في نجح المطلوب، ونيل المقصود, وهو على قسمين:
أحدهما: اختياريّ صادر عن إرادة, وعلم, وفهم.
والآخر: تكوينيّ مودع في الفطرة.
وقد يتخلّف الأوّل عند الغافلين, ولكن الثاني حاصل على كل حال, ويظهر على الجوارح, ولاسيّما الإنسان, عند الشدائد المظلمة، وهو يعمّ الموجودات كلّها.
[1] الأنفال: 24
[2] القمر: 7ــــ 8
[3] النهاية في غريب الحديث – ج 2 – ص 120.
[4] صحيح مسلم – ج 8 – ص 20، الباب: 17 ، باب تراحم المؤمنين، (ح 4751).
[5] البقرة: 61
[6] البقرة: 68
[7] الأنعام : 63