1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. ماقیل حول السید
  6. /
  7. معجم الألفاظ قرآنیة
  8. /
  9. باب الخاء
خ ب ث

مادّة ( خ ب ث) تأتي بمعنى: الردي‏ء المنفور، والخبيث: مقابل الطيّب, ويعمّ الجواهر, والأعراض, والذوات, قال تعالى:  ومَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ[1].

وفي قوله تعالى: مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ[2], المراد بالخبيث: كلّ من كان منقادًا للشيطان, وتابعًا لهواه, ولم يتنوّر قلبه بنور الإيمان, فيسرع الى فعل الموبقات, وارتكاب الآثام, ويسعى إلى البغي, والفساد, والانقلاب على الأعقاب.

[1] إبراهيم: 26

[2] آل عمران : 179

خ ت ل

المختال: ذو الخيلاء، وهو التائه, المتبختر, المسخِّر لخياله، وهو أخسّ من المستكبر، لأنّ المختال مَن تمكّنت فى نفسه ملكة التكبّر، وسببه الإعجاب بالنفس, والجهل المركب، ومنه: الخيل لاختيالها, وإعجابها بنفسها مرحًا؛ والفخور: كثير الفخر؛ وهما- أي الاختيال, وكثرة الفخر- ترجعان إلى أمر واحد, وهو الكبر, والإعجاب بالنفس، الذي منشؤه الجهل المركّب، وزعمه كماله, وهما من رذائل الأخلاق قال تعالى:  إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُورًا [1].

[1] النساء: 36

خ ت م

الختم, والطبع: بمعنى واحد, وهو: تغطية الشي‏ء, والاستيثاق منه, لئلّا يدخله غيره.

وفي قوله تعالى: خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ[1], الختم على القلب: كناية عن عدم انتفاعه بالمعارف الربوبيّة, والحقائق الإلهيّة, وما يترتّب عليها في عالم الدنيا, والآخرة، فالختم, والطبع, وصيرورة القلب في الأكنّة, كلّها بمعنى واحد، وهو ما ذكره ـــ عزّ  وجل, في قوله تعالى: وجَعَلْنا عَلى‏ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وفِي آذانِهِمْ وَقْرًا وإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها[2]، وكذلك قوله تعالى: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ[3]. والمراد منه: أنّ من تمكّن منه الكفر, واستحوذ على قلبه, فلا يبقى فيه استعداد للإيمان, والهداية, وعلم اللّه تعالى أنّه لا يؤمن باختياره, وذلك بسبب ممارسته المعاصي, ومزاولته لارتكاب المحذورات، فتأثّر طبعه ونفسه بها, وصارت كالطبيعة الثانية له, فلا يرجى منه خير, وهذا هو المراد من الطبع, والختم, فيكون ذلك أمرًا طبيعيًّا, فهو سنّة اللّه في خلقه, ولذا عبّر عنه بالماضي, للدلالة على أنّه أمر مفروغ منه, وسنة قائمة في من كان كذلك.

وفي قوله تعالى : قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَـهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ[4], ختم القلوب: تغطيتها, حتّى لا يدخلها شيء فتتفكّر في أمرها, وتميّز الحق من الباطل, والحسن من القبيح, والخير من الشرّ, وصالح الأعمال, وطالحها, والنافع منها من الضارّ.

[1] البقرة :7

[2]  الأنعام : 25

[3]  المطففين : 14

[4] الأنعام : 46

خ ر ج

في قوله تعالى:  وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ[1], الأمر أَخْرِجُواْ تكوينيّ, خارج عن قدرة الانسان، كالموت, والحياة، قال تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا[2]، والملائكة من أسباب هذا الامر التكوينيّ, والقائمون بهذه المهمة، يفعلون ما أُمروا حقيقة على النحو المحكيّ، ولا ينافي ذلك أن تكون بعض الكلمات قد استعملت على سبيل الكناية, والاستعارة.

[1] الأنعام : 93

[2] النجم: 44

خ ر ق

مادّة (خ ر ق ) تدلّ على التصرّف في الشيء على سبيل الفساد, نحو: الثقب, وغيره، قال تعالى: فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا [1]. وهو ضدّ الخلق الذي هو: فعل الشيء بتقدير, ورفق، فيكون الخرق: فعل الشيء بغير تقدير ونظام، ومنه الخُرق (بالضم) وهو: الحمق، ومنه: الخرَق (بفتح الراء) بمعنى: الكذب, والاختلاق، يقال: خلق الكلمة, واختلقها, واخترقها: إذا ابتدعها كذبًا، وهذا هو المراد به في قوله تعالى :  وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ [2]. واستعمال كلمة (خرقوا) من أدقّ البلاغة التي يختص بها التنزيل، فإنّه يدلّ على معنى الشيء بما يدلّ على تزييفه، ومقابلة (خلقهم), الذي يدلّ على فعل الشيء بتقدير، تدلّ على أنّ (خرقهم) إنّما هو فساد محض, وباطل صرف.

[1] الكهف : 71

[2] الأنعام : 100

خ ز ن

خزن الشيء: إحرازه حتّى لا تناله الأيدي, والخزائن جمع خزينة, بمعنى: المخزون, أو جمع: خزانة, وهي اسم للمكان الذي تخزن فيه الأشياء الثمينة, وفي قوله تعالى: قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ [1], المراد منها: تلك التي لها ارتباط بشؤون خلقه, من النعم الباطنيّة, والظاهريّة, نحو: المعارف, والرزق, وقد بيّن عزّ وجلّ في مواضع متعددة من كتابه المجيد كثيرًا من مصاديقها, نحو قوله تعالى: قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا[2], وهو يدلّ على الرزق, ومن آثاره ما ورد في قوله تعالى : مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[3], وأنّ مصدرها (كن), الذي ورد في قوله تعالى: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[4],  فإنّه المبدأ الفيّاض القادر على كلّ شيء, وإنّما يتقدّر بحسب الاستعدادات, والقابليّات, وقد نبّه إليه تعالى بقوله: وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ[5],  فتكون خزائنه سبحانه: مقدوراته, تتّصف بالملاء فلا نقص فيها, والبقاء, والدوام, دون نفاد, والشمول بلا تقييد, وتحديد, فهي الكاملة التامّة بغير تناه, ومن دون حاجة الى غيره, ولا يعجزه بذل, وسماحة, ولا تنفد بإعطاء وَجود, وتختلف خزائنه بأنّها لا توجد إلا بتكوّنه إيّاها, وإليه يشير ما ورد في الحديث أنّ خزائنه عزّ  وجلّ (كن) .

[1] الأنعام:50

[2] الإسراء : 100

[3] فاطر : 2

[4] يس : 82

[5] الحجر : 21

خ س أ

الحدّ: الحاجز بين الشيئين، الذي يمنع اختلاط أحدهما بالآخر، فيمايز بينهما، وفي قوله تعالى:  تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[1]، المراد بها: تلك الأحكام التي شرّعها اللّه تعالى في المواريث، وغيرها، التي هي حدوده عزّ وجلّ، فلا يجوز التعدّي، والتجاوز عنها.

[1] النساء : 13

ح ذ ر

الخسأ: الطرد, والإبعاد عن مذلة وحقارة، ولذا يستعمل في طرد الكلب، ومن يراد إهانته, نحو: قوله تعالى للمجرمين في جهنم: اخْسَؤُا فِيها ولا تُكَلِّمُونِ[1], أي: ابتعدوا عن مذلّة, وسخط. وفي قوله تعالى:  فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ[2], الأمر تكوينيّ, كما في قوله تعالى:  إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[3].

وصيرورتهم قردة بحسب القلب, معلوم لا إشكال فيه، لأنّه المتيقن من جميع ما ورد في المقام من النصوص, والتفاسير, إنّما البحث في أنّهم هل مسخوا إلى صورة القردة أيضًا أو لا؟ نسب الأوّل إلى جمهور المفسّرين، ولا بأس به، لأن اللّه تعالى قادر على كلّ شي‏ء.

فإن قلت: صيرورتهم بحسب الصورة قردة, مخالفة لسنة اللّه تعالى في عباده, لابتنائها على الإمهال في الأخذ بالعقوبة، ولو مسخوا قردة, كيف يكون ذلك عبرة لغيرهم؟

قلت: أمّا الأوّل, فلإمكان أن تكون المعصية على حد لا تليق بالإمهال, فحكمته تعالى اقتضت الأخذ بها, وهي غير معلومة لغيره عزّ  وجلّ.

وأمّا الثاني, فلفرض بقاء التعرّف الإجماليّ بين الممسوخين, وغيرهم, فيصير ذلك عبرة للآخرين.

[1]  المؤمنون : 108

[2] البقرة: 65

[3]  يس : 82

خ س ر

الخسران: ذهاب رأس المال، وهو في الإنسان خسارة الحقيقة الإنسانيّة, الجامعة لجميع الكمالات, وفي قوله تعالى:  فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ورَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ[1]؛ المعنى: أنّه لولا إمهال اللّه ـــ تبارك وتعالى ــــ لكم، وجريان سنته على عدم التعجيل في الأخذ بالمعاصي، وقبول توبتكم بعد ذلك, لكنتم من الخاسرين، أمّا الخسران بالنسبة إلى أصل الإيمان باللّه تعالى, فمعلوم, إنّه مستند إلى اختياركم، وأمّا الخسران بالنسبة إلى أصل الإنسانيّة, فلأنّها متقوّمة بالإيمان به جلّ شأنه، فالخسران يتحقّق حينئذ فيهم بالنسبة إلى النشأتين.

[1] البقرة: 64

خ ش ع

الخشوع, والخضوع: التواضع, والتذلّل, والمسكنة, في مقابل الاستكبار، وهما من الكمالات النفسانيّة, منبعثان من القلب على الجوارح. ويفترق الأوّل عن الثاني في إطلاقه على الصوت, والبصر، قال تعالى:  وخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا[1]، وقال تعالى: خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ[2], ويحصلان على القلب إمّا من الإخبات إليه تعالى, والخشية منه، وإمّا من تصور عظمة اللّه تعالى, والمداومة عليه.

وفي قوله تعالى:  وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ[3], الضمير يرجع إلى الصّلاة, فإنّها شاقة, وكبيرة عظيمة، لأنّ الوقوف بين يدي اللّه تعالى, مع الالتفات إليه صعب جدًا, إلّا على الخاشعين, المخبتين للّه, الذين نبذوا جميع ما سواه, وراء ظهورهم، وأنّهم في مقام الأنس بربّهم, فلهم به أشواق، ومنه تعالى لهم جذبات, فهانت عليهم متاعب الدنيا, وصعابها.

[1]  طه: 108

[2]  القلم: 43

[3] البقرة: 45

خ ش ي

الخشية: الخوف, ولكنها أعمّ منه موردًا، لإطلاقها على الجمادات أيضًا، وأخصّ منه مفهومًا, لأنّها الخوف المشوب بالتعظيم، بخلاف مطلق الخوف.

ولخشيته, والخوف منه تعالى, ـمراتب كثيرة جدًا, وبعض مراتبها, يختصّ بالعلماء باللّه تعالى, قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) في قوله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ[1], “يعني بالعلماء من صدّق فعلُه قولَه، ومن لم يصدّق فعلُه قولَه فليس بعالم”[2]؛ هذا بالنسبة إلى الفاعل المختار، وأمّا بالنسبة إلى سائر الموجودات من الجماد, والنبات, والحيوان, فلمّا كانت الخشية منه عزّ  وجل, من لوازم ربوبيّته العظمى, وقيمومته, فتتّصف جميع تلك الموجودات بالخشية منه تعالى، قال جلّ شأنه:  لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى‏ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ[3], ولم يدلّ دليل عقليّ, أو نقليّ, على أنّ مفاهيم الألفاظ لا بدّ من أن تختصّ بعالم الإنسان, وبما نتعقّله من المعاني، بل هي عامّة لجميع العوالم, كلّ بحسب وجوده، بل الأدلّة العقليّة, والنقليّة تدلّ على الخلاف.

وفي قوله تعالى: ولْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافًا خافُوا عَلَيْهِمْ[4]. الخشية:  قيل إنّها خوف, مع شائبة تعظيم وإكبار, وقيل: إنّها خوف في محلّ الأمل.

[1]  فاطر: 28

[2] الكافي 1 / 36 , كتاب: فضل العلم , باب: صفة العلماء , الحديث 2.

[3] الحشر: 21

[4] النساء: 9

خ ص م

الخِصام مصدر, يقال: خاصمته خِصامًا ومخاصمة، وقيل: إنّه في  قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ[1], جمع خَصْم, كصَعْب وصِعاب.

والخصيم: من يدافع عن الدعوى, ونحوها، سواء أكان من أطراف النزاع والخلاف، أم لم يكن، والذكر والأنثى فيه سواء, وفي الدعاء: :”اللهم, لك أسلمت, وبك آمنت، وعليك توكّلت, وبك خاصمت”[2]، أي: بما ألهمتني من الدليل, والبرهان, خاصمت المعاندين وأظهرت لهم الحجّة, قال الباقر (عليه السلام): “إذا سمعتم العلم فاستعملوه، ولتتّسع قلوبكم ، فإنّ العلم إذا كثر في قلب رجل لا يحتمله، قدر الشيطان عليه، فإذا خاصمكم الشيطان فأقبلوا عليه بما تعرفون، فإنّ كيد الشيطان كان ضعيفًا ، فقلت : وما الذي نعرفه؟ قال: خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله عزّ  وجلّ”[3], وفي قوله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا[4], فعيل بمعنى: فاعل، ويدلّ عليه قوله تعالى في ما يأتي:  ولا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ[5], وجمع الخصيم خصماء, ويشمل جميع ما يوجب تأييد الخائنين, وتقويتهم بالحجّة, والدفاع عنهم بالمجادلة, والميل إليهم.

[1] البقرة: 204

[2] مصباح المتهجد – ص 141

[3] الكافي – ج 1 – ص 45 , كتاب: فضل العلم , باب:استعمال العلم, حديث:7 .

[4] النساء: 105

[5] النساء: 107

خ ط أ

الخطأ: الفعل الخالي عن القصد بعنوانه الفعليّ، ويلحق به ما إذا كان فيه القصد إلى شي‏ء زعمًا، وهو على خلاف الواقع، كما إذا زعم أنّ المقتول كافر جائز القتل، وهو في الواقع مؤمن محقون الدم, والخطأ بحسب التقسيم العقلي على أقسام:

الأوّل: أن يريد غير ما يحسن فعله, وإرادته, فيفعله، وهذا هو الخطأ التامّ.

الثاني: أن يريد ما يحسن فعله، ولكن يقع منه خلاف ما يريد، فأصاب في الإرادة, وأخطأ في الفعل.

الثالث: أن يريد ما لا يحسن فعله, ويتّفق منه خلافه، فهذا المخطأ في الإرادة, والمصيب في الفعل.

وهذه اللفظة مشتركة ، والجامع أنّ من أراد شيئا فاتّفق منه غيره يقال: أخطأ؛ وإن وقع منه على نحو ما أراده يقال: أصاب.

والخطيئة: في قوله تعالى:  بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[1], الحالة الخاصة الحاصلة من مطلق الذنب, الموجبة للخلود, أو الشرك, أو ما يكون مثله, بقرينة الإحاطة, والخلود في النار. وذكر الخطيئة دون السيّئة إشارة إلى أنّ تكرّر السيئة, يوجب إحاطة الخطيئة, وصدورها منه, ولو لم تكن عن التفات تفصيليّ حينها, بعد أن كان أصل السبب عن عمد, واختيار منه.

وإحاطة الخطيئة بالإنسان على أقسام من أهمّها:

الأوّل: الشرك, والكفر باللّه تعالى, فإنهما يحيطان بالقلب, والجوارح، قال تعالى: مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ[2], وقال جلّ شأنه: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيم[3].

الثاني: متابعة الذنب للذنب حتى تستولي السيئة على مجامع قلبه, فتتبدّل فطرته الأوليّة إلى فطرة أهل النار, على فرض عدم تخلل التوبة, والندم, وما يوجب الكفران في البين,  قال تعالى: وذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا ولَهْوًا وغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا[4], وقد ورد عن نبينا الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله): “ما من عبد إلّا وفي قلبه نكتة بيضاء, فإذا أذنب ذنبًا, خرج في النكتة نكتة سوداء, فإن تاب ذهب ذلك السواد, وإن تمادى في الذنوب, زاد ذلك السواد حتّى يغطّي البياض, فإذا غطّى البياض, لم يرجع صاحبه إلى خير أبدًا, وهو قول اللّه ــ عزّ  وجل:  كَلَّا بَلْ رانَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ”[5].

الثالث: الاستخفاف, والاستهانة, بأوامر اللّه تعالى, ونواهيه, المؤدي إلى الاستهزاء بالدين, قال تعالى:  ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى‏ أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ [6]

وغير ذلك من الأقسام التي المناط فيها كلّه تبديل الذات المقتضية للسعادة إلى الشقاوة, في مرتبة الاقتضاء, فتتغيّر الذات من كثرة مزاولة السيئات, والمعاصي، وعدم المبالاة بها، كما يصير الجبان بكثرة مزاولة الحروب شجاعًا, فمقتضيات الذات تتغيّر بالملكات التي تحصل بتكرّر الأفعال.

[1] البقرة: 81

[2]  المائدة: 72

[3]  مريم: 37

[4]  الأنعام: 70

[5] الكافي – ج 2 – ص 273, كتاب: الايمان والكفر , باب: الذنوب , الحديث 20

[6]  الروم: 10

خ ط ب

الخِطبة, والمخاطَبة, والتخاطُب, بمعنى: المراجعة في الكلام، وتستعمل في طلب المرأة للنكاح من هذه الجهة, قال تعالى: وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ [1], ويصحّ استعمالها في الحالة الخاصّة الكلاميّة مطلقًا، والفارق القرائن الخاصّة، فيقال: خطب الخطيب على المنبر, وما يقال: خطب المرأة بمهر كذا, إلا أنّ من الخُطبة- بالضم- يأتي الخطيب, وفي الخِطبة – بالكسر- يأتي الخاطب.

[1] البقرة : 235

خ ط و

الخطوة: تتبّع الأثر.

وفي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلًا طَيِّبًا وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ[1], خطوات الشيطان: جميع ما يدعو إلى الباطل, والضلال، وجميع مصائده, ومكائده في سبيل الانحراف عن الصراط المستقيم، وما يدعو إليه الرّبّ الرّحيم, والشرع القويم, لأنّه لا يأمر إلّا بالسوء, والفحشاء, قال تعالى:  ومَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ والْمُنْكَرِ[2]، فهو منشأ كلّ ضلال, وفساد؛ وهو المحرِّض على ارتكاب الجرائم, والآثام, فيكون كلّ ما هو خارج عن الشريعة المقدَّسة، سواء كان في الإعتقاد, أو الأعمال, من خطواته.

[1] البقرة: 168

[2]  النور: 21

خ ل د

الخلود: دخول المكث.

وفي قوله تعالى:  خالِدِينَ فِيها أَبَدًا[1],  وتأكيده بـ: أبدًا, زيادة المنّة، ولبيان أنّ نعيم الجنّة لا ينقطع، فتطمئنّ إليها نفوس المؤمنين، ويذهب عنها الخوف, والحزن، وقد دلّت عليه آيات اخرى.

[1] النساء: 57

خ ل ق

مادة (خ ل ق) تأتي بمعنى: التقدير المستقيم, سواء كان من شي‏ء, نحو: قوله تعالى: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ[1],  وقوله تعالى: خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ[2]، أو من غير شي‏ء, ولا مادّة, بل إبداعًا, نحو قوله تعالى:  اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ[3], بانضمام قوله تعالى: بَدِيعُ السَّماواتِ والْأَرْضِ[4], والثاني مختصّ به تعالى، بل الأوّل أيضًا, إذ لم يطلق في القرآن إلّا بالنسبة إلى عيسى (عليه السلام), قال تعالى: وإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي[5]، ولكنّه مقيّد في جميع ذلك بكونه بإذنه تعالى.

وهذه المادّة كثيرة الاستعمال في القرآن الكريم بهيآت شتّى, بالنسبة إلى الجواهر, والأعراض، والنبات, والحيوان, والإنسان, والدنيا, والآخرة.

وفي قوله تعالى على لسان عيسى (عليه السلام):  أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ[6]  المراد من الخلق: التصوير, وجمع الأجزاء، أي: أصوّر لكم من الطين ما يكون مثل الطير, وهيأته.

والخلق في قوله تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار[7],  إمّا بمعنى: المخلوق, فتكون الإضافة إمّا بمعنى: (في), أي: يتفكّرون في ما خُلق في السموات, والأرض, أو تكون الإضافة بيانيّة, أي: يتفكرون في المخلوق, الذي هو في السموات, والأرض؛ أو يكون بالمعنى المصدري, أي: يتفكّرون في إنشائهما, وإبداعهما.

وخلاق لم تستعمل في القرآن إلّا في موارد ثلاثة, كلّها مضافة إلى الآخرة.

الأوّل: قوله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ[8]، والثاني: قوله تعالى:  ولَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ[9]، والثالث: قوله تعالى: أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ[10]، وهو بمعنى: النصيب, وتقدير الخير.

[1] النحل: 4

[2] الرحمن: 15

[3] إبراهيم: 32

[4] البقرة: 117

[5] المائدة:110

[6] آل عمران : 49

[7] آل عمران : 191

[8] البقرة : 102

[9] البقرة- 102

[10] آل عمران- 77

خ ل ل

مادّة (خ ل ل) تدلّ على الحاجة, والفقر، ومنه سمّي الخليل خليلًا, لأنّ كلّ واحد من الخليلين محتاج إلى وصال الآخر, وغير مستغن عنه، وإلى هذا المعنى يمكن إرجاع بقيّة المعاني الّتي ذُكرت لهذه المادّة، فإنّ منها: الخِلال، أي: المودّة الّتي تتخلّل النفس, وتخالطها، حتّى تسلب منها الإرادة, إلّا ما كانت في جهة إرادة الحبيب، قال الشاعر:

قد تخلّلت مسلك الروح منّي

ولذا سمّي الخليلُ خليلا فإذا ما نطقت كنت حديثي

وإذا ما سكتّ كنت الغليلا

ومنها الخَل (بفتح الخاء)، بمعنى: أنّ كلا من الخليلين يُصلح خلل الآخر، لشدّة الوصال بينهما.

ومنها: الخَلَل (بالفتح)، وهو: الطريق في الرمل, لأنّ الخليلين احتاج كلّ واحد الى الآخر, فتوافقا من كلّ جهة.

ومنها: الخَلّة (بفتح الخاء) بمعنى: الخصلة, والخلق, لأنّهما يتوافقان في الخصال, والأخلاق، فإنّ جميع هذه المعاني ترجع إلى ما ذكرناه من شدّة الارتباط بينهما, واحتياج كلّ واحد منهما إلى الآخر، وهذا المعنى ينطبق على خليل اللّه (عليه السّلام), لوصل حبّه له جلّ شأنه, إلى درجة لم يكن له إرادة إلّا ما أراده اللّه تعالى، فتخلّق بأخلاق اللّه تعالى، وأمّا بالنسبة إليه عزّ وجلّ, فقد أحبّ إبراهيم (عليه السّلام) حبّا كاملًا, خالصًا من كلّ نقص, قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا[1].

وعلى أيّ حال فإنّ الخلّة, والحبّ, أمران وجدانيّان, لم يكادا يظهران إلّا للعارف المتألّه, الّذي بذل نفسه, ونفيسه, للّه تعالى، ولم تكن إرادة له إلّا ما يريده عزّ  وجلّ، نحو ما عرف بذلك خليل اللّه تعالى، وللخليل منزلة عظيمة, إلّا أنّها لا تصل الى منزلة الحبيب.

والخليل: فعيل بمعنى المفعول، كالحبيب الّذي هو بمعنى المحبوب.

[1] النساء : 125

خ م ر

مادة (خ م ر) تأتي بمعنى الستر، وسمّي المسكر خمرًا, لأنّه يستر القوة العاقلة, فلا تميّز بين الخير, والشر، والحسن, والقبيح. ومنها: الخِمار, لأنّه يستر رأس المرأة. والخمرة: السجادة الصغيرة, سمّيت بذلك لأنّها تستر الوجه عن الأرض، وفي الحديث: “كان النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) يسجد على الخمرة”[1].

وخمرت الإناء: إذا غطيت رأسها.

والخَمر: كلّ مايع مسكر، ويتخذ من أغلب الفواكه، ويختلف في درجات السكر, ويشمل كلّ أنواعها المتّخذة من العنب وغيره، وقيل :إنّ أصل الكلمة قد اشتُقّ من عمل التخمير، فيختصّ بالمسكر المائع، ويتعدّى الى الجامد منه أيضًا, لوجود العلّة؛ ولا دليل على الحصر في ما ذكره بعضهم من أنّه المتخذ من عصير العنب إذا اشتدّ، بل إنّ نزول قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[2], في وقت كان الغالب من الخمر متخذًا من التمر، ففي الحديث : “كانت الخمر يوم حرّمت بالمدينة فضيخ البسر, والتمر، فلمّا نزل تحريمها خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقعد بالمسجد – أي : مسجد الفضيخ – ثم دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها, فكفأها كلّها، وقال : هذه كلّها خمر, حرّمها الله, فكان أكثر شيء أُكفي في ذلك اليوم الفضيخ، ولم أعلم أكفي يومئذٍ من خمر العنب شيء, إلا إناء واحد, كان فيه زبيب, وتمر, جميعًا، فأمّا عصير العنب فلم يكن من يومئذٍ بالمدينة منه شيء”[3]، ولم يقل أحد باختصاصها بالمتّخذ من التمر، فالخمر تشمل جميع أنواع المسكرات.

[1] بحار الأنوار: 82/ 159, الباب: الثامن والعشرون: ما يصحّ السجود عليه, السجدة على تربة الحسين (ع).

[2] المائدة : 90

[3] وسائل الشيعة ج 25 ص 281, باب: أقسام الخمر المحرم

خ م ص

المَخْمَصة: المجاعة الّتي تورث ضمور البطن ، فيخاف معها الموت, قال تعالى:  فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[1], أي: فمن وقع في ضرورة من مجاعة, تعرض للإنسان, تلجؤه الى تناول شي‏ء من المحرّمات المتقدّمة، فلا إثم عليه.

والخِماص: جمع الخميص، وهو البطن الضامر، ومنه الحديث: “لو توكّلتم على الله حقّ توكّله, لرزقكم كما يرزق الطير, تغدو خماصًا وتروح بطانًا”[2]، أي: تغدو بكرة, وهي جياع, وتروح عشاء, وهي ممتلئة الأجواف.

والخميصة: ثوب خز, أو من صوف معلّم، جمعها: خمائص, وكانت من لباس الناس قديمًا.

[1] المائدة: 3

[2] في عوالي اللآلي 4/57, الحديث: 200.

خ و ض

مادّة (خوض) تدلّ على الدخول في أمر لا أمان فيه، ومنه: الخوض في الماء بالدخول, والمشي فيه, ومرور الإبل في السراب, ووميض البرق في السحاب, ويطلق على الدخول في الباطل مع أهله, والاندفاع في الحديث, والاسترسال فيه, ولهذا كان أكثر ورودها في القرآن الكريم, في ما يذمّ الشروع فيه, قال تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ[1], وقال تعالى : فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ[2], وأشدّها وقعًا على الخائضين, قوله تعالى: فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ* الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ[3].

وفي قوله تعالى : وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ[4], المراد من الخوض في آيات الله تعالى: التكذيب, والردّ, والاستهزاء, وله مظاهر متعدّدة, نحو: الشروع في الآيات على سبيل الطعن فيها, أو الدخول في باطل الحديث, والتوغّل فيه, كلّ ذلك كان من عادة أهل الكفر, والعناد, ومنها: المراء, والجدال, والخصومة, اتّباعًا للأهواء, والتخليط في المفاوضة على سبيل العبث, واللعب, وغير ذلك, ممّا هو عادة أهل الشقاق, والنفاق, وقد ورد في الحديث عن أبي جعفر (عليه السلام): ” لا تجالسوا أهل الخصومات, فإنّهم الذين يخوضون في آيات الله”[5].

[1] التوبة : 65

[2] الزخرف : 83

[3] الطور : 11ــ 12

[4] الأنعام : 68

[5] الدر المنثور: 3/20

خ و ف

الخوف: توقّع الضرر, وهو قابل للشدّة, والضعف, وغالبه يرجع إلى الاعتقاد، وقد يحصل الخوف من مبادئ حقيقيّة, نحو: الخوف من عقاب اللّه تعالى, وعظمته, وقهاريته، وقد يحصل من مبادئ ظنيّة خياليّة.

وقوله تعالى:  لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ[1], أي: لا خوف عليهم ممّا هو الواقع, ولا هم يحزنون من المتوقّع, ونفي جنس الخوف, والحزن, يشمل جميع الأحوال, والأزمان, من: الدنيا, والبرزخ, والنشر, والحشر إلى عالم الخلود في الجنة, الذي هو عالم الكمال, ونشأته, وظهور الحقّ بالحقّ.

وفي قوله تعالى:  الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ[2], أي: أن لا يقيما أحكام اللّه تعالى, فيخافا أن يقعا في المعصية, بارتكاب المخالفة؛ والمراد: خوف الزوج, وإنّما ذكر خوف الزوجة معه, للاقتران بينهما في ذلك, وتأكّد تحقّق الخوف, وعدم كونه من مجرد دعواه فقط, فجعل اللّه تعالى ذلك الحقّ لها إشفاقًا عليها, لعلّها ترجع عما يوجب الفرقة؛ أو لبيان أنّ إقامة حقّ اللّه تعالى أهمّ من كلّ شي‏ء بالنسبة إلى كلّ من الزوجين, بل بالنسبة إلى كلّ أحد.

وفي قوله تعالى:  فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً[3], المراد من الخوف: العلم العادي, المعبّر عنه بالاطمينان، وإنّما عبّر بالخوف, لكون المورد, والمتعلّق, منشأ للخوف عرفًا؛ والمعنى: إن حصل لكم الاطمينان في عدم تسوية حقوقهن, وأن لا تعدلوا بين المتعدّدات, فانكحوا, وتزوجوا, واحدة منهن.

وفي قوله تعالى: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا[4], عبّر عزّ  وجلّ بخوف النشوز, والإعراض, دون أنفسهما, لأنّ موضوع الصلح يتحقّق من حين ظهور العلامات, والأمارات, الّتي يتعقّبها الخوف.

[1] البقرة: 262

[2] البقرة : 229

[3] النساء: 3

[4] النساء : 34

خ و ل

الخَول: المال, ونحوه, وقد وردت هذه المادّة في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع, أوّلها: قوله تعالى:  وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ[1], والثاني: فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ[2], والثالث: وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ[3], والتدبّر في هذه الآيات يفيد أنّ المراد بها: الإعطاء على نحو التعهّد, لا الملكيّة, فيقوم الإنسان به بالتدبير, والتصرّف.

[1] الأنعام:94

[2] الزمر: 49

[3] الزمر : 8

خ و ن

مادة( خ و ن) تدلّ على المخالفة, ونقض العهد، وهي خلاف الأمانة.

وقوله تعالى: وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا[1], أي: يخونونها, ويحملونها على ما يخالف الفطرة, والدين، فتشمل كلّ معصية، سواء كانت خيانة أو غيرها، إلى نفسه أو إلى غيره، فإنّ وبالها راجع إليها بالآخرة, لأنّ كلّ معصية تعدّ خيانة للنفس, كما تُعدّ ظلمًا لها.

والخوّان: فعّال من أبنية المبالغة، أي: كثير الخيانة، وهو يدلّ على استمرارهم عليها, وتعظيم الأمر فيها.

والخوّان: فعّال من أبنية المبالغة، أي: كثير الخيانة، ويدلّ على استمرارهم عليها, وتعظيم الأمر فيها.

والخائنة: في قوله تعالى:  وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى‏ خائِنَةٍ مِنْهُمْ[2], بمعنى: الخيانة، كالكاذبة، واللاغية، والقائلة، فتكون مصدرًا على وزن فاعلة، وقد يعبّر بصيغة الفاعل بالمصدر, وبالعكس أيضًا؛ وقيل: إنّها وصف لمحذوف, إمّا مذكّر, والهاء للمبالغة، نحو: راوية, لكثير الرواية؛ وإمّا مؤنّث بتقدير موصوف مؤنّث, نحو: الفرقة، والطائفة.

[1] النساء : 107

[2] المائدة: 13

خ و ي

مادة (خوي) تأتي بمعنى: الخلاء, والسقوط، وترك ما بين الشيئين خاليًا، يقال: خوى بطنه عن الطعام, أي: خلا بطنه، وخوى النجم, أي: سقط، وفي الحديث: ” كان عليّ (صلوات الله عليه) إذا سجد, يتخوّى كما يتخوّى البعير الضامر”[1], أي: يتجافى جميع أجزاء بدنه في السجود؛ يعني: لا يلصق أجزاء بدنه بعضها ببعض, ولا بالأرض, إلّا المساجد السبعة.

وفي قوله تعالى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى‏ قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى‏ عُرُوشِها[2]؛ جملة خاوِيَةٌ عَلى‏ عُرُوشِها, قد ذكرت في مواضع من القرآن الكريم، وفي الجميع كناية عن الخلوّ من الأهل.

أمّا خاوِيَةٌ في قوله تعالى: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ[3], فهي بمعنى: ساقطة؛ والجملة تحتمل معنيين:

أحدهما: سقوط السقوف, وانهدام الحيطان عليها.

والآخر: سقوط السقوف, وبقاء الحيطان، ومن يستظلّ بالحيطان دون السقوف؟. وكلّ منهما صحيح, وواقع في الخارج, ومشاهد في الدور الخربة, والقرى المندرسة.

[1] الكافي: ج 3 ، ص 321 – 322 , كتاب: الصلاة, باب: السجود والتسبيح والدعاء فيه في الفرائض والنوافل, الحديث 2.

[2] البقرة: 259

[3] الحاقة: 7

خ ي ر

الخير ضد الشرّ، ومعناه كلفظه مرغوب فيه, ومطلوب، وفي قوله تعالى:  قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[1], المراد به: حقائق الممكنات بجميع شؤونها, وأطوارها، حدوثًا وبقاء، وهو من الحقائق الواقعيّة التي لها مراتب كثيرة، متفاوتة جوهرًا, وعرضًا، اشتدادًا وضعفًا، هذا بالنسبة إليه تعالى؛ وأما بالنسبة إلى الإنسان، فهو خير اعتقاديّ, بحسب ما يختاره, ويقيسه بالنسبة إلى شي‏ء آخر، أو ما يتحقّق فيه رغبته, ومطلوبه، فقد يكون مطابقا للواقع، نحو: ما في الحديث: “رأيت الجنّة, والنار فلم أر مثل الخير, والشرّ”[2]، أي لم أر مثلهما, لا يميّز بينهما، فيبالغ في طلب الجنّة (الخير), والهرب من الشرّ (النار)، وقد يكون مخالفًا, قال تعالى: وعَسى‏ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وعَسى‏ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وهُوَ شَرٌّ لَكُمْ واللَّهُ يَعْلَمُ وأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ[3].

[1] آل عمران: 26

[2] النهاية في غريب الحديث – ج 2 – ص 91

[3]  البقرة : 216

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"