الخطأ: الفعل الخالي عن القصد بعنوانه الفعليّ، ويلحق به ما إذا كان فيه القصد إلى شيء زعمًا، وهو على خلاف الواقع، كما إذا زعم أنّ المقتول كافر جائز القتل، وهو في الواقع مؤمن محقون الدم, والخطأ بحسب التقسيم العقلي على أقسام:
الأوّل: أن يريد غير ما يحسن فعله, وإرادته, فيفعله، وهذا هو الخطأ التامّ.
الثاني: أن يريد ما يحسن فعله، ولكن يقع منه خلاف ما يريد، فأصاب في الإرادة, وأخطأ في الفعل.
الثالث: أن يريد ما لا يحسن فعله, ويتّفق منه خلافه، فهذا المخطأ في الإرادة, والمصيب في الفعل.
وهذه اللفظة مشتركة ، والجامع أنّ من أراد شيئا فاتّفق منه غيره يقال: أخطأ؛ وإن وقع منه على نحو ما أراده يقال: أصاب.
والخطيئة: في قوله تعالى: بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[1], الحالة الخاصة الحاصلة من مطلق الذنب, الموجبة للخلود, أو الشرك, أو ما يكون مثله, بقرينة الإحاطة, والخلود في النار. وذكر الخطيئة دون السيّئة إشارة إلى أنّ تكرّر السيئة, يوجب إحاطة الخطيئة, وصدورها منه, ولو لم تكن عن التفات تفصيليّ حينها, بعد أن كان أصل السبب عن عمد, واختيار منه.
وإحاطة الخطيئة بالإنسان على أقسام من أهمّها:
الأوّل: الشرك, والكفر باللّه تعالى, فإنهما يحيطان بالقلب, والجوارح، قال تعالى: مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ[2], وقال جلّ شأنه: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيم[3].
الثاني: متابعة الذنب للذنب حتى تستولي السيئة على مجامع قلبه, فتتبدّل فطرته الأوليّة إلى فطرة أهل النار, على فرض عدم تخلل التوبة, والندم, وما يوجب الكفران في البين, قال تعالى: وذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا ولَهْوًا وغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا[4], وقد ورد عن نبينا الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله): “ما من عبد إلّا وفي قلبه نكتة بيضاء, فإذا أذنب ذنبًا, خرج في النكتة نكتة سوداء, فإن تاب ذهب ذلك السواد, وإن تمادى في الذنوب, زاد ذلك السواد حتّى يغطّي البياض, فإذا غطّى البياض, لم يرجع صاحبه إلى خير أبدًا, وهو قول اللّه ــ عزّ وجل: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ”[5].
الثالث: الاستخفاف, والاستهانة, بأوامر اللّه تعالى, ونواهيه, المؤدي إلى الاستهزاء بالدين, قال تعالى: ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ [6]
وغير ذلك من الأقسام التي المناط فيها كلّه تبديل الذات المقتضية للسعادة إلى الشقاوة, في مرتبة الاقتضاء, فتتغيّر الذات من كثرة مزاولة السيئات, والمعاصي، وعدم المبالاة بها، كما يصير الجبان بكثرة مزاولة الحروب شجاعًا, فمقتضيات الذات تتغيّر بالملكات التي تحصل بتكرّر الأفعال.
[1] البقرة: 81
[2] المائدة: 72
[3] مريم: 37
[4] الأنعام: 70
[5] الكافي – ج 2 – ص 273, كتاب: الايمان والكفر , باب: الذنوب , الحديث 20
[6] الروم: 10