مادة (ثبت) في أي هيأة استعملت تدلّ, على اللزوم, والاستقرار, فهي ضدّ الزوال, والمحو. وهي كثيرة في القرآن الكريم, قال تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ[1]، وقال تعالى: وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا[2]، وقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ويُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ[3]، وقال جلّ شأنه: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ[4]، والمراد به: الاستقامة في الحقّ, وثبوت الأقدام, الذي هو الفاصل بين الإنسان, وغيره, والاستقامة من أعلى منازل السالكين إلى اللّه عزّ, وجلّ، وهي أوّل مقامات السير في الربوبيّة العظمى المطلقة, والأحديّة, الّتي لا يعقل تحديدها بحد.
والثُبات: جمع ثُبة، أصلها على وزن فُعَلة كحُطَمة، حذفت لامها, وعوّض عنها تاء التأنيث، ولامها إمّا واو، من ثبا يثبو، كحلا يحلو، أو ياء مشتقّة من (ثبيت على الرجل): إذا أثنيت عليه، فإنّك جمعت محاسنه، وهي الجماعة على تفرقة, أو منفردة, قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا[5].
والتثبيت: التقوية، وذلك بجعل الشيء ثابتًا, وراسخًا، قال تعالى: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا[6] أي: أشدّ تثبيتًا لإيمانهم, وقلوبهم, على طاعة اللّه.
[1] الرعد: 39
[2] الإسراء: 74
[3] محمد: 7
[4] ابراهيم: 27
[5] النساء : 71
[6] النساء : 66
المثقال: مِفعال من الثقل، وهو في الأصل مقدار من الوزن, قلّ, أو كثُر, قال تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا[1], وفي الحديث عن نبيّنا الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله): “ولا يدخل النار رجل في قلبه مثقال ذرّة من إيمان”[2].
[1] النساء : 40
[2] مسند احمد 1 / 416
الثمرة: اسم, يستعمل فيما يطعم ممّا يخرج من الأشجار، والجمع: ثمرات, وقد وردت في القرآن الكريم بهيآت مختلفة، قال تعالى: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ[1]، وقال تعالى: فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقًا لَكُمْ[2]، وقال تعالى: وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ومَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ[3], ثم اتّسع استعمالها في مطلق النفع، فقالوا: ثمرة العلم العمل الصالح، وثمرة العمل الصالح الجنّة، واتّسع الاستعمال فاستعملت في مطلق النتيجة، ولو كانت علميّة.
[1] الأنعام: 41
[2] إبراهيم: 32
[3] محمد: 15
المثاني: جمع مَثنى, مثل: المعاني جمع مَعنى, أي: ما كرّر فيه شيء، وفي قوله (صلّى اللّه عليه وآله): “أعطيت الطُوَل مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت المثاني مكان الزبور”[1]؛ والمراد من المثاني: السور التي تقصر عن المئين، أي: ما كانت على نحو مئة آية, أو أقلّ.
وفي ذلك أقوال أخر:
الأول: أنّها سمّيت بـ (المثاني), لتكرّرها في الصّلاة.
الثاني: إنّما سمّيت بذلك, لنزولها مرّتين مرّة بمكّة، وأخرى بالمدينة، لعظمة شأنها، ولكن المشهور على خلافه, ويقتضيه الاعتبار أيضا.
الثالث: أنّ المثاني جميع القرآن, وفاتحة الكتاب سبع آيات, من أعظم آيات القرآن قال تعالى: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثانِي والْقُرْآنَ الْعَظِيمَ[2].
ويصحّ أن يقال: إن المثاني من الأمور الإضافيّة، وإطلاقها على فاتحة الكتاب بكلّ معنى يُتصوّر بالنسبة إلى عنوان المثاني, صحيح, فهذه الأقوال من باب تطبيق الكلّيّ على الفرد.
[1] الكافي 2/601, كتاب: فضل القرآن, في تمثّل القرآن وشفاعته لأهله, ح 10.
[2] الحجر: 87
مادة (ث و ب) تأتي بمعنى: الرجوع في جميع متفرّعاتها، وسمّي الجزاء ثوابًا لأنّه رجوع العمل بوجوده الحقيقيّ, الواقعيّ, إلى العامل, قال تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * ومَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ[1]، وقال تعالى:هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ[2], وغلب استعمالها في مقابل العقاب.
والمثوبة: مصدر ميمي، يستعمل في مطلق الجزاء، ولكنّ استعماله في الجزاء الحسن أكثر، وقيل: استعماله في الإساءة للتهكّم، فهو يختصّ بالإحسان، ومنه قوله تعالى: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ[3].
واستعمل لفظ الثياب, ولم يستعمل اللباس, بالنسبة إلى أهل النار, قال تعالى: قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ[4]، وربّما يكون الوجه في ذلك, أنّ اللباس يدلّ على نحو اهتمام, وعناية باللابس, ولا يليق أهل النار بذلك.
[1] الزلزلة: 7 ــــــ 8
[2] المطففين : 36
[3] المائدة : 60
[4] الحج: 19